املإِ الأرضَ يا مُحمّدُ نُورا
املإِ الأرضَ يا مُحمّدُ نُورا / وَاغْمُرِ النّاسَ حِكمةً والدُّهورا
حجبتكَ الغيوبُ سِرّاً تجلى / يكشفُ الحُجْبَ كلَّها والسُّتورا
عَبَّ سيلُ الفسادِ في كلّ وادٍ / فتدفَّقْ عليه حتّى يغورا
جِئتَ ترمي عُبابَهُ بعُبابٍ / رَاح يَطوِي سُيولَهُ وَالبحورا
يُنقذُ العالمَ الغريقَ ويحمي / أُمَمَ الأرضِ أن تذوقَ الثُّبورا
زاخرٌ يَشملُ البسيطةَ مدّاً / ويَعُمُّ السَّبعَ الطِّباقَ هديرا
أنت معنى الوجودِ بل أنت سِرٌّ / جَهِلَ النّاس قبله الأكسيرا
أنت أنشأتَ للنُّفوس حَياةً / غَيَّرتْ كلَّ كائنٍ تغييرا
أنجب الدهر في ظلالك عصراً / نابه الذكر في العصور شهيرا
كيف تَجزِي جَميل صُنعِك دُنيا / كُنتَ بَعثاً لها وكنتَ نُشورا
وَلدتكَ الكواكِبُ الزُّهرُ فَجراً / هاشميَّ السَّنا وَصُبحاً منيرا
يَصدعُ الغيهبَ المُجَللَ بالوح / يِ المُلَقَّى ويَكشِفُ الدّيجورا
منطقُ القدرةِ التي تُرهقُ القا / درَ والعبقريَّ قُصورا
كُلُّ ذِمرٍ رَمَى النُّفُوسَ بوِترٍ / مِن حَظاياهُ رَدَّه موتورا
خَرَّتِ العُربُ من مَشارِفها العُل / يا تُوالِي هُوِيَّها والحدورا
بات فيها ملك البيان حريباً / يسلم الجند وَالحمى وَالثُّغورا
أنكرَ النّاسُ رَبَّهم وتَولَّوْا / يَحسبون الحياةَ إفكاً وَزورا
أين من شِرعةِ الحياةِ أُناسٌ / جعلوا البَغيَ شِرعةً والفجورا
تلك أربابُهم أتملك أن تن / فَع مِثقالَ ذرّةٍ أو تَضيرا
قهروها صِناعةً أعجبُ الأرْ / بابِ ما كان عاجزاً مقهورا
ما لدى اللاّتِ أو مُناة أو العز / زى غَنَاءٌ لمن يَقيسُ الأمورا
جاءَ دِينُ الهدى وَهبَّ رسولُ ال / لَهِ يَحمِي لواءَهُ المنشورا
ضَرَبَ الكُفرَ ضَربةً زلزلته / فَتداعى وَكان خطباً عسيرا
جَثمتْ حوله الحُصونُ وظنَّ ال / قومُ ظنَّ الغرورِ أن لن تطيرا
هَدَّها ذو الجلالِ حِصناً فحصناً / بالحصونِ العُلَى وَسُوراً فسورا
بالرسولِ الهادي وبالصفوةِ الأم / جادِ يَقضون حقَّه الموفورا
يُهرقون النّفوسَ تَلْقَى الرَّدَى المُهْ / راقَ مثل الغديرِ يَلقى الغديرا
إنّ في القتل للشعوبِ حياةً / وَارفاً ظِلُّها وخَيراً كثيرا
ليس مَن يركبُ الدّنيّةَ يَخشى / مَركبَ الموتِ بالحياةِ جديرا
أمِنَ الحقِّ أن تصُدَّ قُريشٌ / عن فتاها وأن تُطيلَ النّكيرا
سَلْ أبا جَهلها وَقوماً دعاهم / فاستجابوا جَهالةً وغرورا
أُولعوا بالأذى فألفوا رسولَ ال / لَهِ جَلْداً على البلاءِ صبورا
كُلما أحدثوا الذُّنوبَ كِباراً / وَجدوهُ لِكُلِّ ذنبٍ غفورا
ما بِهِ نَفْسُه فيغضبُ يُرضي / ها وَتُرضيهِ ناعماً مسرورا
إنّه اللّهُ لا سِواهُ وَدِينٌ / مَلَكَ النّفسَ وَاسترقَّ الشُّعورا
يَجِدُ النّاسَ وَالمقاديرَ فيهِ / وَيرى ما عداه شيئاً يسيرا
ما زكا سابقٌ من الرُّسلِ إلا / هو أزكى نَفْساً وأصفَى ضميرا
جاءه عمُّه يَقول أترضى / أن يُقيموك سيِّداً أو أميرا
وَيَصُبُّوا عليكَ من صفوةِ الما / لِ حَياً ماطراً وَغيثاً غزيرا
قال يا عمِّ ما بُعثتُ لدنيا / أبتغيها وما خُلِقتُ حَصورا
لو أتوني بالنّيرين لأعرض / ت أُريهم مطالبي والشُّقورا
إن يُشيروا بما علمتَ فإنّي / لأَدعُّ الهوى وأعصي المشيرا
دَونَ هذا دمي يُراقُ وَنفسِي / تُطعَمُ الحتفَ رائعاً محذورا
ما رأينا كالمطعمِ بن عديٍّ / جافياً واصلاً هَيوباً جَسورا
آثر الكُفر مِلّةً وأجارَ ال / دينَ مُستضعفاً يَدورُ شَطيرا
رَامَ بالطائفِ المُقامَ فأعيا / فانثنى يَطلبُ الأمانَ حَسيرا
وَكَّلَ اللّهُ بالنُّبوَّة منه / أسداً يَملأُ الفضاءَ زَئيرا
قائماً في السّلاحِ يَجمعُ حولَيْ / هِ شُبولاً تَحمِي الحِمَى وَنُمورا
يَمنعُ القومَ أن يصدّوا رسولَ ال / لَهِ عن بيتِه وَيَأبَى الخُفورا
نَقضَ الحِلفََ من قريشٍ فأمسَى / أسلمْتهُ العُرَى وكان مَريرا
عجباً للغويِّ يُعطيكَ منه / عَملاً صالحاً ورأياً فطيرا
ما رأينا من ظنِّ بالزرعِ شَرّاً / فحمَى أرضَهُ وصان البذورا
لو جَزَى الله كافراً أجرَ ما أح / سنَ يَوماً لَخِلتُهُ مأجورا
ظلَّ مُستخفِياً بغارِ حِراءٍ / يَعبدُ اللهَ عائذاً مُستجيرا
يَسمرُ القومُ في الضّلالِ ويُمسِي / للذي أطلعَ النُّجومَ سميرا
رَاكعاً ساجِداً يُسبِّحُ مَولا / هُ ويُزجِي التَّهليلَ والتّكبيرا
تَهتِفُ الكائناتُ يأخذُها الصّو / تُ تُحيِّي مكانَهُ المهجورا
نَالَ منها مَحلّةً لم ينلْها / صَوْتُ دواد حِينَ يَتلو الزَّبورا
نَبراتٌ قُدسيةٌ تَتَوالَى / نَغَماً رائعاً وتَمضِي زَفيرا
ربِّ طَالَ الخَفاءُ والدّينُ جَهرٌ / رَبِّ فاجعلْ مدَى الخفاءِ قصيرا
مَاجتِ الأرضُ حوله وتجلَّى ال / لَهُ يَنهَى بُركانَها أن يفورا
أُوذِيَ الدّينُ في الشِّعابِ وَردّتْ / يَدُ سعدٍ عَدوَّه مدحورا
رَقمتْ في الكتابِ أولَ سطرٍ / وأتمَّ الدَمُ المُراقُ السُّطورا
أدبر القومُ محنقين فلولا ال / لَهُ كادتْ رَحَى الوغَى أن تدورا
أَزمعَ الضّيفُ أن يَؤُمَّ سِواهُ / منزلاً كان صالحاً مبرورا
حَلّه الوحْيُ رَوضةً شَاعَ فيها / رَونقاً ساطعاً وفاحَ عَبيرا
ودعا الأرقمُ استجِبْ تلك داري / تَسَعُ الدّينَ مُحرَجاً محصورا
وافِها واجمعِ المصلّينَ فيها / عُصبةً إن أردتَ أو جُمهورا
وأتى ابنُ الخطابِ يُؤمنُ بالَّ / هِ ويختارُ دِينَهُ المأثورا
قال كلاَّ لن يعبُدَ اللّهُ سِرّاً / ويُرَى نُورُ دينهِ مستورا
اُخرُجوا في حِمَى الكتابِ أُسوداً / وَاطلعوا في سَنا النبيِّ بُدورا
ذلكم بَيتُكم فَصَلُّوا وطُوفُوا / لا تخافُنَّ مُشرِكاً أو كفورا
أجمعوا أمرهم وقالوا هو القت / لُ يُميطُ الأذَى ويَشفِي الصُّدورا
كذبوا ما دمُ الهِزبرِ أماني / يَ مَهاذيرَ يُكثِرونَ الهريرا
لا ورَبِّي فإنّما طَلبَ الكف / فارُ بَسْلاً وحاولوا محظورا
إنّ نفسَ الرسولِ أمنعُ جاراً / مِن طواغيتهم وأقوى مُجيرا
ما لهم هل رَمَى النبيُّ تُراباً / أم عَمىً في عُيونِهم مذرورا
ذَهلوا مُدّةً فلما أفاقوا / أنكروها دَهْياءَ عزّتْ نظيرا
يَنفُضون الترابَ مَن مَسَّ منّا / كُلَّ وجهٍ فَردَّهُ مَعفورا
أين كنّا ما بالُنا لا نَراهُ / ما لأوصالِنا تُحسُّ الفُتورا
أمِنَ الحادثاتِ ما يُذهلُ العا / قِلَ عن نفسِهِ ويُعمِي البصيرا
أين وَلّى لقد رمانا بِسحرٍ / فَسَكِرْنا وما شَرِبنا الخمورا
يا له مُصعَباً لوَ اَنّا أصبنا / هُ على غِرّةٍ لَخَرَّ عقيرا
رَاحَ في غِبطةٍ وَرُحنا نُعانِي / أملاً ضائعاً وَجَدَّاً عَثورا
خَيْبةٌ تترْكُ الجوانحَ حَرَّى / يا لها حَسرةً تُشَبُّ وتُورى
رَبِّ آتيتَه على القومِ نَصراً / فتباركَت حافظاً ونصيرا
أنت نجيتَه فهاجرَ يقضِي ال / حقَّ لا خائفاً ولا مذعورا
يَومَ ضَجّتْ جِبالُ مكّةَ ذُعراً / وَتَمنَّتْ هِضابُها أن تمورا
تتنزَّى أسىً وتُمسِكُها تم / نعُها من وَرائِه أن تسيرا
هِيَ لولاكَ لارتمتْ تقذفُ الصّخ / رَ وتُزجِي هَباءها المنثورا
هاجها من جَوى الفِراقِ وَحَرِّ ال / وجدِ ما هاجَ بيتَكَ المعمورا
كاد يهفو فَزِدْتَهُ مِنكَ رُوحاً / فَانْثَنى راجِحَ الجلالِ وَقورا
يا لها من مُحمّدٍ نظراتٍ / زَخَرتْ رَحمةً وجاشتْ سعيرا
نظراتٌ شجيّةٌ لا تَعدُّ ال / أهلَ أهلاً ولا تَرى الدُّور دورا
قال ما في البلاد أكرمُ من مك / كةَ أرضاً ولا أحبُّ عشيرا
فَاسْكُنِي يا هموم نَفِسيَ إن ال / لَهَ أمضى قضَاءَهُ المقدورا
إنني قد نَذرتُ للّهِ نفسي / والتقيُّ الوفيُّ يقضِي النُّذورا
نَقطعُ البِيدَ بعد صَحبٍ كرامٍ / قَطعوا غارِبَ العُباب عُبورا
كم رشيدٍ آذاه في اللهِ غاوٍ / زاده طائفُ الهوى تخسيرا
ضَرب الصّحبُ في البلادِ فأمسوا / لا يُصيبون صاحباً أو سجيرا
في ديارٍ لدى النجاشيِّ غُبْرٍ / ظلَّ فيها سَوادُهم مغمورا
وتَولَّى وللأمورِ مصيرٌ / يشترِي رَبَّهُ ويرجو المصيرا
يومَ يَمشِي الصِّدِّيقُ في نوره الزا / هي يُوالِي رواحه والبُكورا
يَنصُر الحقَّ ثائراً يمنعُ البا / طِلَ أن يستقرَّ أو أن يثورا
لا يُبالي غَيْظَ القلوبِ ولا يَحْ / فِلُ في اللهِ لائماً أو نذيرا
أقبلَ القومُ يسألون أتحتَ ال / تربِ أم جاورَ الطريدُ النُّسورا
نَفضوا الهَضْبَ والجِبال وشَقّوا ال / أرضَ طُرَّاً رِمالَها والصُّخورا
وَيحَ أسماءَ إذ يجيءُ أبو جه / لٍ عَلَى خدرها المصون مغيرا
صاحَ أسماءُ أين غَابَ أبو بك / رٍ أجيبي فقد سألنا الخبيرا
قَالتِ العلم عنده ما عَهِدْنا / أجَمَ الأُسْدِ تَستشيرُ الخدورا
فرماها بلطمةٍ تُعرِضُ الأجْ / يالُ عن ذكرِها صَوادفَ صُورا
قذَفتْ قُرطها بَعيداً ورضّتْ / من وُجوهِ النبيِّ وَجهاً نضيرا
غارَ ثَوْرٍ أعطاك ربُّكَ ما لم / يُعطِ من روعةِ الجلالِ القُصورا
أنت أطلعتَ للممالكِ دُنيا / ساطعاً نُورها وديناً خطيرا
صُنتَهُ من ذخائِر الله كَنزاً / كان من قبلُ عنده مذخورا
مَخفرُ الحقِّ لاجئاً يَتوقَّى / قام فيه الروحُ الأمين خفيرا
وقفتْ حوله الشّعوبُ حَيارى / من وراء العصورِ تدعو العصورا
يا حيارى الشعوب ويحكِ إنّ ال / حقَّ أعلى يداً وأقوى ظهيرا
لا تخافي فتلك دولته العُظ / مَى تناديك أن أعدِّي السريرا
جاءكِ المنقذُ المحرر لا يت / رك قيداً ولا يغادر نيرا
ورثَ المالكينَ والرُّسلَ الها / دين بالحق أولاً وأخيرا
الحكيمُ الذي يَهدُّ وَيبني / فيجيدُ البناءَ والتدميرا
والزعيمُ الذي يَسنُّ ويقضِي / لبني الدهرِ غُيَّباً وحضورا
تترامى الأجيالُ بين يديه / تتلقَّى النظامَ والدُّستورا
ليس في الناسِ سادةٌ وعبيدٌ / كَبُرَ العقلُ أن يَظلَّ أسيرا
خُلِقَ الكلُّ في الحقوق سواءً / ما قضى الله أمره مَبْتورا
كذبَ الأقوياءُ ما ظلمَ اللَ / هُ وما كان مُسرِفاً أو قَتورا
دَبَّرَ المُلكَ للجميع فَسوَّى ال / أمرَ فيه وأحكمَ التدبيرا
يا نصيرَ الضِعاف حَرِّرْ نفوساً / تتمنَّى الفكاكَ والتَّحريرا
ضجّتِ الكائناتُ هل من سفيرٍ / يتلافى الدُّنى فكنتَ السفيرا
رَبِّ آتيتنا هُدَاك وأنزلْ / تَ علينا كتابكَ المسطورا
فَلكَ الحمدُ وَافراً مُستمِراً / ولَك الفضلُ باقياً مذكورا
صَاحِبَ القائم المتوّجِ بالفُر / قانِ بُوركتَ صاحباً ووزيرا
أنتَ واليتهُ وعاديتَ فيه / من توخَّى الأذى وأبدى النفورا
أوَ لم تَتَخذْ أباك عدوّاً / وتُذِقْهُ الهوان كيما يحورا
إذ يقول النبيُّ لا تضربِ الشي / خَ وإن سبّني ودعه قريرا
إنما نِلتَ بالمساءةِ منه / والداً مُدبِراً وشيخاً ضريرا
ليت شعري أصبتَ حيّةَ وادٍ / تنفُث السُّمَّ أم أصبت حريرا
نَفثتْ سُمَّها فما هَزَّ رِضْوى / من وقار ولا استخفَّ ثَبيرا
خِفْتَ أن تُوقِظَ النبيَّ فما يُر / ضيكَ أن تضعفَ القُوى أو تخورا
أكرم الله رُكبتيك لقد أع / طاك سُبحانه فأعطى شَكورا
أيَّ رأسٍ حَملت يا حاملَ الإي / مانِ سمحاً والبِرَّ صَفْواً طَهورا
اتَّقِ اللهَ يا سراقةُ وانظر / هل ترى الأمر هيّناً ميسورا
أم تظنُّ الجواد تُمسكه الأر / ضُ وتلوي عنانه مسحورا
أم هو اللهُ ذو الجلالِ رماه / يُمسك الشرَّ راكضاً مستطيرا
غرّك القومُ فانطلقت تُرجّي / ه خسيساً من الجزاءِ حقيرا
وَضحَ الحقُّ فاعتذرتَ وأولا / كَ الرسولُ الأمين فضلاً كبيرا
فُزتَ بالعهدِ فَاغْتَنِمْهُ وَأَبْشرْ / بِسِوارَيْ كِسْرَى فُدِيتَ البشيرا
قُلْ لأهلِ النّياقِ أوتيتُ أجرِي / جَللاً فَابْتَغوا سِوَايَ أجيرا
ليس من رامَ رِفعةً أو سناءً / مِثلَ من رامَ ناقةً أو بعيرا
وأَتى بَعدهُ بُريدَةُ يرجو / أن يَنالَ الغِنَى وكان فقيرا
يركبُ اللّيلَ والنّهارَ وَيَطوِي ال / بِيدَ غُبْراً سُهولها والوعُورا
في رجالٍ من صحبهِ زَعموا الإغ / راءَ نُصحاً واسْتَحسنوا التَّغريرا
آثروا اللهَ والرسولَ ففازوا / وَارْتَضَوْها تجارةً لن تبورا
أسلموا وَارْتَأى بُريدةُ رأياً / ألمعيّاً وكان حُرّاً غَيورا
قال ما يَنبغِي لمثلِ رَسولَ ال / لَهِ أن يَأَلُوَ البلادَ ظُهورا
كيف تمشي بلا لواءٍ وقد أُو / تُيتَ من ربّكَ المقام الأثيرا
ليس لي من عمامتي ومن الرم / ح عَذيرٌ إذا التمست عذيرا
اخفقي يا عمامتي واعلُ يا رم / حي فقد خفت أن تعود كسيرا
ومشى باللواءِ بين يديه / يتلقَّى السنا البهيَّ فخورا
ما حديثٌ لأمّ معبدَ تسْتسْ / قيهِ ظمأى النفوسِ عذباً نميرا
سائلِ الشّاةَ كيف دَرّتْ وكانت / كزَّةَ الضَّرعِ لا تُرجّى الدُّرُورا
بركاتُ السَّمح المؤمَّلِ يَقرِي / أُممَ الأرضِ زائراً أو مزورا
مظهرُ الحقِّ للنبوّةِ سبحا / نكَ ربّاً فرد الجلال قديرا
يا حياةَ النُّفوسِ جِئتَ قُباءً / جِيئةَ الرُّوحِ تَبعثُ المقبورا
ارفعِ المسجدَ المباركَ وَاصْنَعَ / للِبرايا صَنِيعَك المشكورا
معقل يعصم النفوس ويأبى / أن يميل الهوى بها أو يجورا
أوصها بالصلاة فَهْيَ عِلاجٌ / أو سياجٌ يَذودُ عنها الشُّرورا
غَرسَ اللهُ دَوْحَةَ الدّينِ قِدماً / وقَضاها أَرومةً وجذورا
لو أردتَ النُّضارَ لم تَحملِ الأح / جارَ تُوهي القُوى وتَحنِي الظُّهورا
أرأيتَ ابنَ ياسرٍ كيف يَبنِي / أرأيتَ المُشيَّعَ الشِّمِّيرا
أرأيتَ البنَّاءَ يَسْتبِقُ القو / مَ صعوداً ويَزدهيهم سُؤورا
أرأيتَ الفَحلَ الأبيَّ جَنيباً / في يَد اللهِ والهِزبرَ الهَصورا
يَنصبُ النّحرَ للحجارةِ والطّي / نِ يُغِيرُ الحِلَى ويُغري النُّحورا
ما بنَى مِثلَهُ على الدَّهرِ غِرٌّ / رَاحَ يَبني خَوَرْنقاً أو سَديرا
يَجِدُ الحقُّ في البناءِ حُصوناً / ويَرى الطّيرُ في البناءِ وكورا
بُورِكَ الحيُّ حَيُّكم يا بني عم / رِو بن عَوْفٍ ولا يَزلْ مَمطورا
كُنتَ فيه الضّيفَ الذي يَغمُر الأن / فسَ والدُّورَ نِعمةً وحبورا
ما رأت مِثلكَ الديارُ ولا حي / يا لكَ القومُ في الضّيوفِ نظيرا
كَرِهُوا أن تَبِينَ عنهم فقالوا / أمَلالاً أزمعتَ عنّا المسيرا
قُلتَ بل يثربَ انتويتُ وما أَلْ / فَيْتُ نفسي بغيرها مأمورا
قريةُ تأكل القُرَى وتُريها / كيف تَلقى البِلَى وتشكو الدُّثورا
طَربَتْ ناقَتي إلى لابَتيْهَا / فَدَعُوا رَحْلَها وخَلُّوا الجريرا
رَحمةُ اللّهِ والسَّلامُ عليكم / آلَ عَوْفٍ كبيركم والصَّغيرا