المجموع : 4
أحضَر اللّيلُ منك عِقْداً وثَغْرا
أحضَر اللّيلُ منك عِقْداً وثَغْرا / حين وَلّى ليُعقِبَ الوَصْلَ هَجْرا
وأَردْتُ اختلاسَ قُبلةِ تَودي / عٍ وكُلٌّ في ناظري كان دُرّا
فتَحيَّرْتُ أحسَبُ الثَّغْرَ عِقْداً / من سُلَيمى وأحسَبُ العِقْدَ ثَغْرا
ولثَمتُ الجميعَ قَطْعاً لِشَكّي / وكذا يَفعَلُ الّذي يتَحَرّى
ولعَمْري ما الدُّرُّ كالثّغْرِ من سَلْ / مى ولكنْ طَرْفي أساء فغُفْرا
سحَر الطّيفُ ناظِريَّ فلمّا / نفَث الصُّبحُ حَلَّ ذاك السِّحرا
مَن رأَى قَطُّ بين ماءٍ ونارٍ / لخيالٍ في آخِر الّليلِ مَسْرى
مثْلَ طيفٍ قد زارني منك وَهْناً / وفؤادي حَرّانُ والعينُ عَبرى
بأبي مَن إذا تَقدَّمُ رِجْلٌ / لي إلى وَصْلِه تأخّرُ أُخرى
وإلى وجهِه إذا سافَرَ النّا / ظِرُ منّي خاف الغَيورَ فَورّى
كلّما عاد منه عندَ ادِّكارٍ / بَحّر الشّوقُ مُقْلتي فيه بَحرا
يومَ وافَى يَجُرُّ للحسنِ جَيشاً / قال لي قائل سَلِ اللهَ صَبرا
قلتُ دَعْني فجفْنُه الآن يَنضو / سيفَ لحظٍ فيقتلُ الصّبَّ صَبْرا
يا غزالاً إذا تَبسّمَ قُلنا / رَوضةٌ أَصبحتْ تُفتِّقُ زَهرا
ذابَ قلبي لثَغْرِه هل رأيتُمْ / بَرَداً قبلَهُ يُذوِّبُ جَمرا
لستُ أَنساهُ حين لاح لعيني / وهْو كالظّبْيِ يَنصِبُ الجيدَ ذُعرا
في نِطاقٍ مُفصَّلٍ من عيونٍ / وقلوبٍ كَسْوها منه الخَصرا
قلتُ كم ذا تُديرُ مُرِّ عِتابٍ / قال خيرُ الخُمورِ ما كان مُرّا
قلتُ يا رِيمُ إن يكن فُوكَ كأْساً / والثّنايا الحَبابَ والرّيقُ خَمرا
فأَدِرْه كُؤوسَ لثْمٍ عسى تَعْ / دو المطايا فأَجهَلُ الحالَ سُكرا
إن أَحسّتْ بسَيرِكم عَبراتي / لم تَدعْ للرّفاقِ في الأرضِ عَبرا
يا سحابَ الجفونِ جُودي بقطرِ الدْ / دَمعِ منّى صَدْراً من القلبِ قَفرا
أَصبحَ الحَيُّ مُنجدِينَ وأَمسَوا / ليس منهمْ بالغَورِ إلاّ الذِّكْرى
مُودِعينَ السُّجوفَ بِيضاً وسُمْراً / لهمُ والأكُفَّ بِيضاً وسُمرا
كُلُّ بيضاءَ إن نظرتَ إليها / نَسجَ الظَّعْنُ دونها الشَّمسَ سِترا
فسقَى اللهُ يومَ ساروا صباحاً / ساقَ حُرٍ إلى البُكا ساقَ حُرّا
غاض دَمعي كدمعِه وقديماً / كان لولا العِدا دموعيَ غُزرا
إنّما كنتُ في المَدامعِ منّى / ذاخِراً عسكراً من الدّمعِ مَجرا
راجِياً بالبكاء قطْعَ طريقِ الرْ / رَكْبِ يوماً إن أصبحَ الحَيُّ سَفرا
وعَد الدّمعُ إن أَرادوا بأحبا / بي مَسيراً أن يَجعلَ البَرَّ بَحرا
وأبَى أن يفيِ فقلتُ وحتّى / أنت يا دَمعُ قد تَعلّمتَ غَدرا
قسماً لا رجعتُ من بعدِ يَومي / غيرَ ذُخرِ الإسلامِ أَحفَظُ ذُخرا
غُرّةٌ للزّمانِ في الوجهِ منه / مَن رأَى قبلَهُ زماناً أَغَرّا
خَضِلُ الكَفِّ عادِمُ الكفْء خِرقٌ / يَفِرُ العِرْضَ دائماً لا الوَفْرا
سابِقٌ بالنّوالِ فالوْفدُ منه / بدَلَ المَدحِ يَنظِمونَ الشُكرا
فارِسٌ في مَواقفِ الجودِ ثَبْتٌ / تَقتُلُ المالَ كَفُّه والفَقرا
جاعِلٌ للوفودِ في الكَفّ يُسراً / يَتلقّاهمُ وفي الوجهِ بِشرا
فتراهُ إذا بدا من بَعيدٍ / للفتى بِشْرُهُ يُصحَّفُ يُسرا
كم نضا رأْيَه فثقّفَ عُوجاً / من رجالٍ به وقَوَّم صُعرا
كَيدُه للعدوِّ لا الطّعْنُ خَلْساً / يَتَّقي مثلَه ولا الضّرْبُ هَبرا
مَعرَكٌ يَصرعُ العِدا لا قَنا المُرْ / رانِ فيه ولا صفائحُ بُصْرى
ليثُ غابٍ تُريكَ منه لساناً / وبياناً كفّاه ناباً وظُفرا
وبكُتْبِ الأيّامِ يُفْدَى كِتابٌ / جاء منهُ يقبِّلُ الخَتْمَ نحرا
شمعةٌ تَحسدُ الشّموعُ سناها / ولهذا دموعُها الدَّهرَ تَتْرى
ذو وقارٍ يُبدي التّواضعَ دِيناً / ويَهُزُّ الأعطافَ راجيهِ كِبرا
لا يُحابي في حُكْمِه بل يُسَوِّي / بالورى نفسَه العظيمةَ فَخرا
لو عرَفْنا في الجودِ حُجْراً لكُنّا / قد ضرَبْنا عليه منه حَجرا
ماجِدٌ نَمتري سحائبَ عَشْراً / من يدَيه تُسْمَى أناملَ عَشرا
مَن يَقِسْهُ في مَجدِه بأبيه / لم يَخفْ في القياسِ نَقْضاً وكَسرا
يا ابنَ مَن زِنتَهُ وزانَكَ حقّاً / كَرماً باهِراً ونَفْساً ونَجرا
والكريمُ الأَغرُّ لا تَقبَلُ العل / ياءُ منه إلاّ الكرامَ الغُرّا
يا بني طاهرٍ بكمْ بَشّر اللّ / هُ على عهدهِ النّبِيَّ طُهرا
بين عَينَيْ عَينَيهِ قد بانَ منكمْ / كامِنُ النُّورِ للنّبِيِّ فَسُرّا
ورآه مُبشِّراً بكُم جا / ءَ فأَعطَى هُنَيدةَ للبُشْرى
فكأنّ النّبيَّ صلَّى عليه اللّ / لهُ رَبُّ العُلا وسلَّم تَتْرى
قد رأَى يوم ذاكَ كيفَ تَفِرّو / نَ جميعاً لدِينهِ اليومَ نَصرا
ففَداكَ الزّمانُ يا خيرَ أَهلي / هِ إذا الحادثاتُ قَدَّمْن نَذرا
بوجوهٍ من أَولياءَ وحُسّا / دٍ كخَلْطِ النِّثارِ بيضاً وصُفرا
أَيُّها اللائمُ المُخَطّي ومَحْوِي / عن بياضِ الفلا من العيسِ سَطرا
كم إلى كم أَجوزُ بحْرَ الفيافي / جاعلاً جَسْرتي عليه جِسرا
طامعاً في فُضولِ عيشٍ أَحُثُّ ال / عيسَ والعُمْرُ شَطْرُه الغَضُّ مَرّا
مثلَ عَوراءَ وهْي حَولاءُ تَلقَى ال / وِتْرَ شَفْعاً وتَملِكَ الشّفْعَ وِترا
عَزْمةٌ لم تَقِفْ من الدَّهرِ يَوماً / ونوىً لم تَدَعْ منَ الأرضِ شبرا
وزمانٌ ثنَى رجائيَ مَيْتاً / في مُلوكِ الوَرى وقَلبيَ قَبرا
لاعِبٌ بالمُلوكِ قد طرحَ الفِرْ / زانَ دَهراً لكنْ أساءَ القَمرا
كم تَمرَّسْتُ بعدَ قومٍ بقَومٍ / حِقَباً والأَخيرُ ما زال سِرّاً
كان دَهْري ليلاً فقيراً إلى أنْ / أَطلَعَ اللهُ للوَرى فيه بَدرا
عجَباً لي وللزّمانِ وجَدّي / والفتَى دائماً يُراشُ ويُبْرى
غِبتُ عنكْم ليلَ الشّبابِ على نُسْ / خةِ أقطارِه فَضّيعْتُ عُمرا
وإلى خِدْمتي لكم عُدْتُ لمّا / فَجّر الشّيبُ في الذّوائبِ فَجرا
كَمُضِلٍّ رَدَّ النّهارُ عليه / جَوهراً في الظّلامِ عنه استَسَرّا
قلتُ لمّا حطَطْتُ رَحْلِي إليه / حين أَهْوَى الحادي يَحُلُّ الضَّفرا
كان عَزْمي أنْ أَهجُرَ النّاسَ طُرّاً / فإذا بي نَزْلتُ بالنّاسِ طُرّا
خلَق اللهُ من لساني حُساماً / ثُمَّ أَجرَى مديحَكمْ فيه أُثْرا
دَأْبيَ الشُكْرُ ما حَيِيتُ لأنّي / ما أَعُدُّ الكُفْرانَ إلاّ كُفرا
فَبُرودُ الإحسانِ تَخلُقُ طَيّاً / إن طَوَوْها وليس تَخْلُقُ نَشرا
وإليك الغداةَ فاجتَلِها مِن / خِدْرِ فكْري يا عُمدةَ الدّين بكرا
وارْعَها فهْي كالمُوَصّاةِ للحس / ناءِ تَرضَى منك الكَفاءةَ مَهرا
من قَوافٍ إذا نَزلْنا بأَملا / كٍ أَقامتْ تُقرىَ النّوالَ وتُقْرا
لو حكَى الدّهرُ بعضَهنّ بقاءً / عاش من بعدِ عُمْرِه الدَّهرُ دهرا
يا سماءً رفيعةً من سَماحٍ / ليس يُخْلِي من قَطْرِها الدَّهرَ قُطرا
لم أَجِدْ من بني الزّمانِ نَجيباً / فلَعْمري قد كِدْتُ أُوهَمُ أَمرا
ثُمّ لمّا أيتُكمْ صَحَّ عِنْدي / أنّ للهِ في الخليقةِ سِرّا
نحنُ إهلالُنا بوَجهِكَ لليُمْ / نِ كَفانا وأنت من بَعدُ أدرى
اِفتتاحٌ سَعْدٌ بوَجْهِ أبى الفَتْ / حِ سعيدٍ والمَجدُ بالحُرِّ أحرى
فتَهَنَّ الشّهرَ الشّريفَ الّذي وا / فاك يُهدِي إليك حَمْداً وأجرا
أنت لم تَحْوِ مِثْلَك الخَلْقُ شَخْصاً / وهْو لم يَحْوِ مثْلَه العامُ شَهرا
يا كريماً سَهْلَ الخليقةِ سَمْحاً / ولقد تَخلُقُ الخَليقة وَعرا
أرأيت الهلالَ كيف تَبدَّي / خافياً يَتركُ النّواظِرَ حَسْرى
كسِوارٍ في مِعْصَمٍ من فتاةٍ / يَكْتَسِي فَضْلَ كُمِّها ثُمَّ يَعْرى
ثُمّ لمّا دَنا من الغَرْبِ جِدّاً / رمَقَتْهُ العيونُ يُمنَى ويُسرى
هكذا كلّما تَواضَعَ ذو قَدْ / رٍ من النّاسِ كان أرفعَ قَدرا
فابقْ يا أشرفَ البريّةِ طُرّاً / نَسَباً يَبهَرُ الملوكَ وصِهرا
ساكناً في بنى أبيكَ تُحاكِي / قَمَراً وُسِّطَ النُّجومَ الزُّهرا
وأبوكُمْ مُمَتّعٌ بعُلاكم / ما حَذا الصَّومُ في الأنامِ الفِطرا
قد تَولّى أبو الرَّجا
قد تَولّى أبو الرَّجا / عَمَلاً كان حَرَّرَه
وابْنُ وَزّانِكمْ أَتى / بعدَ ما شَقَّ مَبْعَره
فتَولَّى مَكانَهُ / فَحّةٌ منه مُنكَره
ثمّ لمّا تَنكَّروا / وجَرتْ منه مَشْوَره
سكتَ النّاسُ عنْهما / فهما الزَّوْجُ والمَرَه
خُذِ القلَمَ العالي إليك مُوقِّعاً
خُذِ القلَمَ العالي إليك مُوقِّعاً / خِلالَ فُصولي بالّذي يَمْتري شُكْري
وأَجْرِ اليدَ البيضاءَ في صَفَحاتِها / لِيُعجَبَ من نَظْمي ونَثْرِكَ بالدُّرّ
فمِفتاحُ آمالي أنامِلُك الّتي / تَحُلُّ بها من مَطْلَبي عُقَدَ الدَّهْر
وما أنا إلاّ سائرُ المدحِ فيكمُ / فما لي على أَبوابكمْ واقفَ الأَمر
وقد كنتُ أَروَى والثِّمادُ مَوارِدي / فما ليَ أَظْما بعدَ قُرْبى منَ البحر
فَعلَتْ هذِه الجفونُ الضَّواري
فَعلَتْ هذِه الجفونُ الضَّواري / بقلوبِ الرجالِ فِعْلَ القَماري
ظلَمتْ أُمُّ ذا الغزالِ وجارتْ / حين جاءتْ به على الأقمار
يا حياتي وأنتَ ضِدُّ حياتي / وقَراري وأنت غَيثُ قَراري
يا سَخيّاً بكلِّ ما لا يُريدُ الصْ / صَبُّ من جَفوةٍ ومن نَأْي دار
إن دَهراً نأَى بشَخْصِك عنّا / لَمُسِرٌّ عداوةَ الأغمار
بكَ عَيْشي إذا أردْتَ ومَوتي / قد جعَلْناك فيهما بالخِيار
ليس لي من دُنُوِّ دارِك إلاّ / ما لقلبي من خُطّةِ الاِخْتيار
بدَنٌ تحت قَبضةِ السُّقمِ مُلقىً / وفؤادٌ في مِخْلَبِ الاِفتكار
إنّ بينَ الإزارِ خَصْراً حكاني / فكأنّ الزُّنّارَ في الزُّنّار
صنَمٌ غيرَ أنّه يَفْتِنُ الكُلْ / لَ من المسلمينَ والكُفّار
رَبِّ خُذْ من طَرفْهِ السَّحّارِ / وامتَحِنْهُ بحُرقةِ الاِنتظار
وبوَجْدٍ كوَجْدِ حُسّادِ مَوْلا / يَ أبي نَصْرٍ الكريمِ النِّجار
الخليعِ العِذارِ جوداً وبأساً / لا كما قد عَهِدْتَ خَلْعَ العِذار
وأخو السَّبقِ في مدىً لا يُرى في / ه لغيرِ الرّجالِ من مِضْمار
مُزِجَتْ خَمرةُ الشّبيبةِ منه / بمِزاجَيْ سكينةٍ ووَقار
غيرَ ما رائحٍ بنَشوةِ إعْجا / بٍ ولا مُغْتدٍ بسُكْرِ يَسار
وسجايا لو مسّتِ الماءَ باعوا / منه وَزْنَ القِطْميرِ بالدِّينار
حيث فرْعُ السّناء غيرُ قَصيرٍ / ورداءُ البهاء غيرُ مُعار
وكأنّ الحديثَ عنه عطايا / هُ فما إن تُزادُ في إسفار
ففِداءٌ لأحمدَ النّاسُ إلاّ / أهلَه من حوادثِ الأقدار