طمع المرء في الحياة غرور
طمع المرء في الحياة غرور / وطويل الآمال فيها قصير
وحياة الإنسان ثوب معار / واجب أن يرده المستعير
يفرح المرء بالمسرات أحيا / ناً وهيهات أن يدوم السرور
ويريد الصفاء من ود دنيا / لم يزل في صفائها تكدير
طالما عوشرت فغرت وعزت / وبدت في السرور منها الشرور
ولكم واثق بها خدعته / وهو مغرى بحبها مغرور
ولكم قدر الفتى فأتته / نوب لم يحط بها التقدير
ضاع تدبير حازم لم يعنه / من له الأمر فيه والتدبير
ليت يوم الاثنين لم تبتسم لي / عن محياه لليالي ثغور
طلعت شمسه بيوم عبوس / حير الطير شره المستطير
وتجلى صباحه عن جبين / إثمد الليل فوق مذرور
صبح المجد في صبيحة ذاك الي / وم غبراء صيلم عنقفير
بلغ الدهر عندها ما تمنى / وعليها كان الزمان يدور
حادث ظلت الحوادث مما / شاهدته من جوره تستجير
ترجف الأرض حين تخبر عنه / وتكاد السماء منه تمور
طبق الأرض من مصاب أبي الغ / ارات خطب له النجوم تغور
فض ختم الحياة عنك حمام / لا يراعي إذناً ولا يستشير
وترقت إلى ثبير خطوب / شاخ تحت التراب منها ثبير
ما تخطى إلى جلالك إلا / قدر أمره علينا قدير
بذرت عمرك الليالي سفاهاً / فسيعلمن ما جنى التبذير
سوف يصحو سكران وقت ويلقى / سورة الخمر شارب مخمور
قل لصرف الردى بأي زمان / قدت صعباً إباؤه مشهور
وبأي الرقى توصلت / حتى سكن الصعب واستكان النفور
يا غياث الأنام هل من لقاء / تشتفي لوعة به وزفير
يا أمير الجيوش هل لك علم / أن حر الأسى علينا أمير
إن قبراً حللته لغني / إن دهراً فارقته لفقير
هل يداوى بلثم تربك داء / جره فقدك الأجاج المرير
عطل المدح والنسيب وقامت / قدم الرثاء وهي عثور
إن أقم فيك والرثاء جبان / فمديحي كما علمت جسور
يا أبا الوفد والضيوف تفضل / بقراهم وغيرك المأمور
وأجرهم أن يحجبوا عن ضريح / حل فيه منك العزيز المجير
فلعل العيان يشفي نفوساً / نغلت من همومهن الصدور
وبعيد عنك السلو بشيء / ولك الفكر موطن والضمير
سوف تمضي وحزننا مستجد / بعد ذا الشهر أشهر ودهور
لا يظن الزمان أنك تنسى / عظم الخطب فالسلو عسير
يحسن الصبر في البلاء وهذا / فادح ماعليه منا صبور
سخنت بالبعاد عنك عيون / كنت حياً وطرفهن قرير
أنست بالحداد فيك إلى أن / شجبت أوجه وطالت شعور
سهرت حسرة عليك ونامت / مقل في وفائها تقصير
لا تظن الأيام أنك ميت / لم يمت من ثناؤه منشور
لك رضوان زائر ولقوم / هلكوا فيك منكر ونكير
حفظت عهدك الخلافة حفظاً / أنت منها به خليق جدير
أحسنت بعدك الصنيعة فينا / فاستوت منك غيبة وحضور
وأبى الله أن يتم عليها / ما نوى حاسد لها أو كفور
ضيقوا حفرة المكيدة لكن / ضاق بالناكثين ذاك الحفير
وتجروا على القصور بقدر / وسراج الوفاء فيها ينير
حرم آمن وشهر حرام / هتكت منهما عرى وستور
لا صيام نهاهم لا إمام / طاهر ترب أخمصيه طهور
أخفروا ذمة الهدى بعد علم / ويقين أن الإمام خفير
وإذا ما وفت خدور البوادي / بذمام فما تقول القصور
غضب العاضد الإمام فكادت / فرقاً منه أن تذوب الصخور
أدرك الثأر من عداه بعزم / لم يكن في النشاط منه فتور
واستقامت بنصره وهداه / حجة الله واستمر المرير
إذا مضى كافل فهذا كفيل / أو وزير ولى فهذا وزير
دولة صالحية خلفتها / دولة عادلية لا تجور
نشرت ذكرها وأحيت علاها / هكذا هكذا يكون النشور
لو رأت عينه فعالك قرت / واستقرت بساكنيها القبور
كل ما أنت فاعل من جميل / فهو عنه مخلد مأثور
شرف باذخ ومجد رفيع / يستوي فيه أول وأخير
أعقب الدهر بؤسه بنعيم / رب حزن في الطي منه سرور
ما شكونا كسر النوائب حتى / قيل في الحال كسركم مجبور
نصر الناصر العلى بالعوالي / ولنعم المولى ونعم النصير
ملك طالما تمناه تاج / ورتاج ومنبر وسرير
لو خلا الدست قبله ومن وقار / خف شوقاً إليه دست وقور
ما شككنا وفي الظنون يقين / أن أمر الورى إليه يصير
لم يلقب ذخر الأئمة إلا / وهو كنز لملكهم مذخور
لم تزر بابه الوزارة إلا / وله العير قبلها والنفير
لم يحز رتبة الكفالة إلا / والليالي إليه فيها تشير
ما أراد الجلوس إلا تجلى / ملك أبلج وملك كبير
أشرق الدست منه عن نور وجه / يرجع الطرف عنه وهو حسير
هو شمس الهدى وأبناء رزي / ك نجوم من حوله وبدور
هم يمين على العدى حين يسطو / وهو قطب به رحاهم تدور
ركبوا صهوة العلى بصعود / مالهم من صعودهن حدور
الليوث التي رداها عنيد / والغيوث التي نداها بحور
سكنوا طائش القلوب وكانت / مرجل الشر والبلاء يفور
وأقاموا ميل الرقاب إلى أن / تركوها مهابة وهي صور
عززوا الملك من عيون الأعادي / بذكور تقلدتها ذكور
عميت عن كمالهم كل عين / أي طرف يضر وهو ضرير
حملوا ملكهم وحاطوا حماهم / فهم فوقه سوار وسور
أهل بيت إذا نصحتك عنهم / فهم اللب والأنام القشور
لم أعرهم شهادة مع أني / لمديحي من فضلهم أستعير
سادهم أبلج يفديه منهم / بأبيه صغيرهم والكبير
عادل أقسمت صروف الليالي / أنها في زمانه لا تغير
ساس أمر الورى بعزم وحزم / أغنياه عما يقول المشير
مستقل ثقل الخطوب اللواتي / تنحني تحت ثقلهن الظهور
رضيته النفوس طوعاً وكرها / واطمأنت على يديه الأمور
نصر الجود بأسه بالعطايا / فالندى للردى أخ ونصير
طالعوا سيرة الملوك ففيها / خبر الجود عنهم مسطور
وانظروها لتعلموا فضل ملك / ماله في بني الزمان نظير
إن مصراًً بعدله ونداه / بلد طيب ورب غفور
لا يقولن جاهل بالقوافي / ذهب الناقد السميع البصير
فالمرجى أبو شجاع خبير / بمقادير أهلهن خبير
كنت أخشى بأن يقول المنادي / أيها الضيف جف عنك الغدير
فابتداني بفضله قائلاً لي / لك ظل فيه المحل الأثير
ثم أدى اليد التي كل خل / حاسد لي من أجلها وغيور
ملك القلب واللسان فهذا / مضمر حبه وهذا شكور