جئت يا دهر بالرزية بكراً
جئت يا دهر بالرزية بكراً / غادرت مهجة الهدى وهي حرّى
انما اقصدت سهامك نفساً / يطلب الدين دخلها والوترا
لم تصب واحداً من الناس لكن / أوحد الناس في الفضائل طرّا
فهوى لا هوى من الشرع ركن / لم يزل باذخ الذرى مشمخرا
كل مصر اقام مأتم شجو / لمصاب العزيز في الناس قدرا
قسم الحزن للقلوب فكل / حاز سهماً لمقتل الصبر يبرى
وثوى حبرها الفقيد بقبر / من رأى القبر قبله ضم بحرا
مات لكن ذكره في خلود / انما المجد مجد من عاش ذكرا
اصبح الناس محرمين من اللذ / ات قد اشعروا المدامع نحرا
ازمع الصبر عنهم إذ رآهم / قد تراموا بجمرة الحزن نفرا
أو مض البرق ناعياً فاستهلت / سحب الدّمع فهي تبكيه عبرى
نعت الكهرباء جوهر فضل / كان للآملين كنزاً وذخرا
سلكه بين رنة واهتزاز / واصفاً في حشاه خوفاً وذعرا
كم نفوس في ربقة الحزن اضحت / وهي اسرى للبرق ساعة اسرى
سلكه قطع القلوب فهلا / قطع السلك فهو بالقطع احرى
هل درى لا استقل فيه عمود / انه قد نعى العميد الاغرا
ما عهدنا الحمام يفري شبا السيف / ويردي وسط العرين الهزبرا
عم آفاقها مصاب فقيد / عمها نائلا وجوداً وبشرا
يا فقيهاً له شرايع فضل / لم تزل في الزمان منهن ذكرى
كان للسمع من حديثك عقد / نظمته الرواة في السلك درّا
فغدا الدر في المسامع لما / نعي الفضل في الاضالع جمراغ
كم مقام شهدته فتجلت / ظلمة الشك مذ تجليت بدرا
فانثنى الخصم ليس يملك نبساً / وسطا النحل وهو يهدر هدرا
عادت الالسن الفصيحة خرساً / بك والاعين الحديدة حسرى
لك في المشكلات ثاقب فكر / كلما اظلمت تبلج فجرا
تفصل الحكم ناطقاً ببيان / ساطع يجتلى الكواكب زهرا
مثل سيل العقيق يجري فيلقي / درراً من معادن الحكم غرّا
ويراع إذا جرى فوق رق / حاز رق البيان نظما ونثرا
ليس ينفك ينتقي اللفظ فحلا / ويزف المعنى إلى السمع بكرا
وإذا حبر الكلام استمد الشهد / والخمرة السلافة حبرا
وحديث البيان قد صح عنه / فهو فوق الطروس ينفث سحرا
ولو ان المداد لم يك خمراً / ما وجدنا عقولنا وهي سكرى
اكبر الفيلسوف نقدك لمّا / ان رأى آية الكتاب الكبرى
ان يكن عاد للطبيعة عبداً / فلقد عدت بالشريعة حرّا
حجج صدعت بنور هداها / ليل شرك من الضلال اكفهرا
كنت نعم النصير للدين لما / هتف الدين قائلا لك نصرا
قال قوم بأن شبلي شميل / ليث غاب فقلت صادف بشرا