كل صَفو مع الحياة يُكدَّرْ
كل صَفو مع الحياة يُكدَّرْ / والنعيم المَوهوب قدْرٌ يُقدَّرْ
أَي عيش وَوصلةٍ وتدانٍ / لم يَزل حسنُه ولم يتغير
إن هذي الحَياة منزلُ ركبٍ / وَهيَ للموت لو تحققتَ معبر
مجمعٌ يزدَهي وَبينٌ قَريبٌ / وَلقاءٌ مع الخَيال مزوّر
ليس في أُنسها سِوى وَحشات / للهنا وَالسرورُ للحزن مصدر
أَي شيء من الوجود يرجَّى / أَين مَن مَرَّ إن تكن تتفكر
سل هيولى الزَمان حَتّى تَرى كَم / صُورةٍ في المَدى عليهِ تُكرر
وَاسأل الأغبر المشوّه فيها / أَي وَقت صَفا وَكَم ذا تنضّر
صاح ما العَيش من زَمانك إِلا / عَرَضٌ زائلٌ وَدهرُك جَوهر
لَو بَقي من مضى لغصَّ فضاءٌ / وَانتفى بالملا الخلا وَتقرّر
إنما تبلغ الحَياة لِحَدٍّ / بأخيها وَبَعد ذَلِكَ يُقبَر
مَولد المَرء لَو علمت بشيرٌ / بِوَفاة الوَليِّ مهما يبشَّر
ما أَب قد بقي أَبوه وَلا أم / مٌ لها نعمة البَقا تتيسّر
خففِ الحُزنَ فالفناء حقيقٌ / بجديد الوُجود وَالكُل يقهر
واصطبر أَيها العَزيز المفدّى / إن صبر الفَتى مع اليَأس أجدر
وَاذكر السالفين فيمن تَولّى / لترى ما صفى الزَمان لمعشر
وَإِذا لَم يكن من الحُزن بدٌّ / فارسل الدَمعَ فالمحاجر تعذر
وَإِذا لم تجد سِوى اليَأس حدّاً / فتبصّر فربَّ باكٍ تبصّر
كل جَمعٍ مروّعٌ بفراقٍ / كُلُّ نَظم متى تكامَل يُنثَر
فَتثبّت فكلُّ حي لموتٍ / وَتبصّر وَقَلَّ أن تتبصر
وَاحتسب ما أَصاب ذخراً وَهوِّنْ / فَمصابُ الحَزين بالحزن أَكبر
وَتعزّى ففي العَزاء ارتياحٌ / وَتأمل فإِن دَهرك أَغدر
وَاخش من حسرة الفؤاد انصداعاً / فهي من رأَفة بِها تَتَأَثّر
أَي أَمٍّ فقدتها فهي تُهدَى / لنعيم الجِنان تصبى وتحبر
فلها من زَخارف الخلد روحٌ / بين حور مع الحبور وَكَوثر
فَتثبّت لك البَقا يا عَزيزي / هكذا الدَهر صَفوة وَتكدّر
وَادّكر في الزَمان قَولي وَأَرخ / يَمتع اللَه في الفَراديس دِلْبَرْ