القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إلياس أبو شبكة الكل
المجموع : 8
أَيُّها الظُلمُ وَالخَنا وَالغُرورُ
أَيُّها الظُلمُ وَالخَنا وَالغُرورُ / يا خَداعاً تَعفُّ عَنهُ الشُرورُ
يا كُنوداً وَيا محاباةَ قَومي / يا صُدوراً يَدُبُّ فيها النُفورُ
يا خِصاماً يا مُنكراتَ بِلادي / يا رِياءً يا حِطَّةً يا فُجورُ
إِقرِبي ما اِستَطَعتِ من كُبِر نَفسي / أَنا صدري رحبٌ وَقَلبي كَبيرُ
ليَ نَفسٌ كَالبَحرِ ذات اِتِّساعٍ / فَلُبابٌ يُلقى بِها وَقشورُ
تَبصقُ الرجس عَن عفاف وَطُهر / وَاللآلي تَبقى بِها فَتَغورُ
لا يغرَّنكَ أَنَّني مُستَكنٌ / فَإِلى ثَورَةٍ سُكوتي يُشيرُ
وَاِستَريبي إِذا سَمِعتِ زَفيري / إِنَّ في صَدريَ الزَفيرَ زَئيرُ
إِقرَبي إِقرَبي فَآلامُ نَفسي / جمرَةٌ يستَطيرُ مِنها السَعيرُ
جَمرَةٌ في بُركانِها تَتَلَظّى / شاخِصاتٌ إِلى لَظاها الدهورُ
يا بِلادي كَفاكِ هزءاً بِنَفسي / إِنَّ نَفسي حسامُكِ المَطرورُ
لا تَقولي قَد أَحرَقَتها البَلايا / كلُّ نَفسٍ لَم تَحتَرِق لا تُنيرُ
أُترُكيني أُنشد أَغانِيَ حُبّي / أَنا بِالحُبِّ وَالأَغاني فَخورُ
إِنَّ شعري أَبقى من التاجِ عمراً / ذلِكَ التاج لِلزَوالِ يَصيرُ
كَم أَميرٍ وَكَم مَليكٍ تَوارى / وَطَوَته دُجنَّةٌ وَقبورُ
وَالمَعَرّي الضَرير ما زالَ حَيّاً / وَفَقيراً كانَ المَعرّي الضَريرُ
يا نفوساً تَطَوَّرَ البَأسُ فيها / أَينَ يَأوى حُسامُكِ المَشهورُ
لَيسَ يُجدي حِلمٌ وَلا اللينُ يُجدي / لِنُفوسٍ شعارُها التَدميرُ
خُلقَ المجدُ لِلقَديرِ فَجدّوا / لا ينالُ الرقيَّ إِلّا القَديرُ
وَرِدوا العِلمَ إِنَّ العِلمِ نوراً / وَاِنفُضوا الجَهلَ لَيسَ في الجَهلِ نورُ
هذهِ التُربَةُ الَّتي أَنشَأَتكُم / عاثَ فيها مسوَّدٌ مَأجورُ
فَاِنفُضوها فَفي ثُراها نُضارٌ / وَغِناكُم نُضارُها المَذخورُ
ما نُجيبُ الأَبناءَ إِن سَأَلونا / أَيَّ أَرضٍ أَنَرتُمُ يا بُدورُ
أَيَّ عارٍ خَلَّفتُمُ لِفِراخٍ / رغب الذلُّ فيهِم يا نسورُ
أَنُطيقُ الحيا وَنَحن شُيوخٌ / شَرفٌ في صُدورِنا وَشعورُ
عُجَّزٌ لا نَصيرَ يَدفَعُ عَنّا / ما نُقاسي ما لِلذُنوبِ نَصيرُ
اَيُّها الفَجر يا سِراجَ البَرايا / عَجَباً مِنكَ كلَّ يَومٍ تَزورُ
كَيفَ لم تَسأمِ الوجودَ المحابي / أَتُرى أَنتَ مِثلَهُ شَرّيرُ
أَيَّ يَومٍ زُيوتُ نورِك تَخبو / وَعَلى سُنَّةِ الضِياءِ تَثورُ
وَتَزجُّ الوجودَ في ظُلُماتٍ / مُستَبَدٌّ في بُردِها الديجورُ
إِنَّ هذا الوُجودَ أَمسى مُسِنّاً / وَشَقِيّاً أَمسى الوُجودُ الخَطيرُ
رثَّ فيهِ خُلق الرجال وَرَثَّت / نَزَواتُ العُلى وَرَثَّ الضَميرُ
لَيسَ فيهِ إِلّا خداعٌ وَزورٌ / وَبليّاتِهِ خداعٌ وَزورُ
خَلفَ التيسُ في ليثاً هَصوراً / وَيحَ تيسٍ يُنامُ عَنهُ الهصورُ
عَبثاً نرتَجي الصِيانَةَ ما لَم / تَتَمَزَّق عَن الرِياءِ الستورُ
قَد أَقَمنا عَلى الجَهالَة عَهداً / وَعلى الجَهلِ لا يُقيمُ البَصيرُ
أَوَلَسنا وَرّاثَ أَقدَم مجدٍ / في يَدينا صَليلُهُ وَالصَريرُ
أَوَلَسنا وَرّاثَ شَعبٍ أُنيرَت / بِتَعاليمُه الهداةِ العصورُ
عَبدوا الفَنَّ نَيِّراً وَعَبَدنا / تَرَّهاتٍ شِعارُها التَبذيرُ
ما تَبَقّى لَنا مِن الفَنِّ إِلّا / ذِكرَياتٌ هِيَ النِزاعُ الأَخيرُ
أُمَّةً كانَتِ البِلادُ فَأَمسَت / أُمَّةً ما دَرَت بِمَن تَستَجيرُ
يُستَبَدُّ الغَنِيُّ فيها وَيَعمى / عَنهُ كلُّ الوَرى وَيَشقى الفَقيرُ
في ذُراها وَفي السَواحِل يَجري / مِن عروقِ الجُدودِ ماءٌ نَميرُ
فَاِسجُدوا لِلأَثيرِ فيها وَصَلّوا / فَلُهاثُ الأَجدادِ هذا الأَثيرُ
حاذِرِ الحُبَّ إِنَّ في الحُبِّ شَرّا
حاذِرِ الحُبَّ إِنَّ في الحُبِّ شَرّا / فَهوَ نارُ القَلبِ تصهُر صَهرا
إِن يَكُن في الرِجال قَلبٌ غدور / فَقُلوبُ النِساءِ أَقرَبُ غَدرا
وَفَتاةٍ أَعارَها البَدرُ نوراً / فَأَضاءَت بَينَ الكَواكِبِ بَدرا
تَغمِزُ الكُحل في غضاضَة جَفنَي / ها دَلالاً فَيرجِع الكحلُ سِحرا
رامَ مِنها فَتى مراماً شَريفاً / كلُّ ما شاءَه الفَتى كانَ طُهرا
وَالهَوى شارِد البَصائِر أَعمى / ليسَ يَدري بِما بهِ العَقل أَدرى
قَد أَحبَّ الفَتيُّ فيها جمالاً / وَأَحَبَّت فيه ثَراءً وَقَدرا
ما مَضى بَعضُ أَشهُرِ الحُبِّ حَتّى / ماتَ عَن ثَروَةٍ أَبوهُ فَأَثرى
أُمهُ وَهيَ في العَفافِ مثالٌ / ردَعته عَنها فَظلَّ مُصِرّا
نَصَحتَه فَما أَرادَ اِنتِصاحاً / وَغَدا يَبذر الدَنانيرَ بَذرا
قالَ يا أُمِّ أَيُّ شَيءٍ معيبٌ / في غَرامي وَأَيُّ شَيءٍ أَضَرّا
أَنا أَهوى فيها فُؤاداً أَبرّاً / وَهيَ تَهوى فيَّ الفُؤادَ الأَبرا
فَأَجابَتهُ لا أَلومُك يا اِبني / فَرَبيعُ الشَبابِ بِالحُبِّ أَحرى
غَير أَنَّ الفَتاةَ لا خَيرَ فيها / فَجَمالُ الأَخلاقِ مِنها تَعَرّى
مِل إِلى غَيرِها إِذا رمتَ تَهوى / وَاِختَبِر قَبل أَن تَهوّرَ خُبرا
فَالصبياتُ قَد تكنَّ عهارى / وَأَزاهيرُ قَد تَكنَّ وتبرا
قالَ تِلكَ الفَتاةُ غرس فُؤادي / فَدَعيها في الحُبِّ تُزهِرِ زَهرا
إِنَّها لي وَلَن تَكونَ لِغَيري / وَعليَّ العُقبى إِذا جِئتُ وِزرا
هذهِ قِطعَةُ من الماسِ يا هِن / دُ وَذي قِطعَةٌ من الماسِ أُخرى
زَيِّني صِدرَكِ الجَميلَ وَسُرّي / فَغَداً تَنظُرينَ في الجَيد عشرا
وَاِرتَمي في ذِراعَها مُستَهاماً / فَتَمَنّى هُناكَ لَو نامَ شَهرا
فَهوَ سَكرانُ من غَرامٍ شَريف / وَهيَ بِالجَوهَرِ المُشَعشِعِ سَكرى
هِندُ إِنَّ الرَبيعَ في الحَقلِ بَسّا / مٌ وَعَرف الزهورِ يُنشَر نَشرا
فَاِنشُقيهِ فَفيهِ عطر زَكيٌّ / وَاِسكَبيهِ عَلى إِهابيَ عطرا
كلّ ما في الحَياةِ يَرنو إِلَينا / بِحنوٍّ عَساهُ أَن يَستَمِرّا
فَفُؤادي قَفرٌ بِغَير هِيامي / وَحَياتي بِغَير حُبِّيَ قَفرا
هِندُ يا هِندُ أَنشِدي ليَ أَيضاً / وَاِنظُري مَوكِبَ الدُجى كَيف مرّا
وَأَفاقَ الفَجرَ الجَميلُ عَلى صَو / تِكِ يُلقي عَلى غَرامِيَ فَجرا
مرَّ عام وَالحُبّ يَزدادُ يَوماً / بَعدَ يَومٍ وَالمالُ يَزداد هَدرا
وَعَدا الفَقرُ في طَريق هَواهُ / وَأَتاهُ الهَوى فَصادَفَ فَقرا
عِندَ هذا تَبَدَّلَت حالُ هِندٍ / وَاِستَمَرَّت إِلَيهِ تَنظُرُ شزرا
لَو أَتاها وَبَينَ أَضلُعُه العَط / فُ للاقى في صَدرِها الصَلبِ صَخرا
جاءَها في مَساءِ يَومٍ وَلكِن / قَبلَ اَن يَدخلَ اِختَشى وَاِقشَعرا
ذاكَ أَنَّ الفَتى تَسرَّق أَمراً / من حَديثٍ قَد دارَ في البَيتِ سِرّا
قالَت الأُمُّ أَنتِ وِقرٌ ثَقيلٌ / وَبَقاءُ الحَبيبِ أَثقَلُ وَقرا
فَمن الجَهلِ بَعد أَن سيمَ خسفاً / أَن يَكونَ الفَتى لأمِّكِ صِهرا
فَالجنينُ الَّذي دفنّاهُ بِالأَمسِ / اِجعَليهِ في سِرٍّ صَدرِك قَبرا
فَاِحذَري أَن يُقالَ إِنَّك عار / وَاِحذَري أَن يُقالَ إِنك عُرّى
دخل الصبُّ غَيرَ أَنَّ شراراً / كانَ في مُقلَتَيه يسعُر سعرا
فَاِعتَرى الأُمَّ عند مرآه ذعرٌ / وَرَأى في الفَتاةِ خوفاً وَذُعرا
قالَ عذراً يا هِندُ إِنَّ فُؤادي / أَخطَأَ السَيرَ معكِ يا هندُ عذرا
أَنا لم أَهوَ فيكِ عهراً لِأَني / طاهِرُ الذيلِ لَستُ أُدركُ عهرا
وَاِنثنى هائِماً عَلى نَفسِهِ الثَك / لى فَلَم يُستَفق وَلم يُستقرّا
وَسَرى السَقم بَعدَ ذلِكَ فيهِ / وَمَشى في العِظامِ يَنخُر نَخرا
وَلَدي لَيسَ عِندَنا اليَومَ فِطرٌ / وَمنَ الأَمسِ لَم نَذُق قَطُّ فِطرا
فَالخَوابي فَرَغنَ من كُلِّ شَيءٍ / وَمنَ الخُبزِ لا نُصادِفُ نَزرا
أُترِكيني يا أُمِّ لا تُزعِجيني / بِحَديثٍ قَد شاخَ حَتّى اِسبطرّا
فَأَنا كافِرٌ وَسَوفَ يَراني / كلُّ مَن مَرَّ بي أُزَوِّدُ كُفرا
وَمَضى وَالظَلامُ يسدلُ ستراً / فَوقَهُ وَالعَذابُ يسدلُ سَترا
ضَعضَعته ذِكرى أَمرَّت عَلَيهِ / جَنحَها وَاِستَفاقَ يَنفُثُ جَمرا
فَرَأى نَفسَهُ أَمامَ فَتاةٍ / أَنشَبَت من غَرامِها فيهِ ظِفرا
فَاِنتَسى ما مَشى عَلَيهِ وَأَحيا / حُبَّهُ عامِلُ الجَمالِ فَخرّا
حَدَّقَت فيهِ فَترَةً فَتَراءى / في لماهُ أَمامِها طَيفُ ذِكرى
فَتَناسَت وَحَوَّلَت عَنهُ جِفناً / كانَ بِالأَمسِ يَنثُرُ الحُبَّ نَثرا
هِندُ إِنّي عَطشان جُرعَةُ ماءٍ / فَشفاهي الصَفراءُ يا هِندُ حرّى
فَمشى في جَبينِها شبحُ الغَدرِ / وَفي عَينِها اِستَوى وَاِكفَهَرّا
وَأَتَتهُ بِكَأسِ خَمرٍ وَقالَت / إِشرَبِ الكَأسَ إِنَّ في الكَأسِ خَمرا
ثُمَّ قالَت في نَفسِها إِنَّ سُمّي / سَوفَ يُبقي سِرّي بِصَدرِكَ دَهرا
تَسأَلُ الغَيبَ أَن يُريها المَصيرا
تَسأَلُ الغَيبَ أَن يُريها المَصيرا / وَتُوالي بكاءَها وَالزَفيرا
تَستَغيثُ الإِلهَ حيناً فَلا تَس / مَعُ صَوتاً فَتَستَغيثُ النُذورا
وَإِذا خَيَّمَ الدُجى سَأَلتَهُ / بَعضَ نور فَلا تَرى فيهِ نورا
تَستَعين الرجا فَيَبدو لها اليَأ / سُ كَأَنَّ الرَجاءَ باعَ الضَميرا
أَيبسَ اللَيلُ في نَقاوَةِ خَدَّي / ها بحرِّ الأَنينِ تِلكَ الزُهورا
كُلَّما أَطلَقَ المَريضُ زَفيراً / خَشيت مِنهُ أَن يَكونَ الأَخيرا
حَجَبَت حزنَها وَراءَ اِبتِساما / تٍ لِتُخفي عَن أُمِّها المَقدورا
وَكَذا الأُمُّ بِالتَبَسُّمِ كانَت / تَحجُبُ الحُزنَ عَن بَنيها شهورا
غَيرَ أَن الفَتى تَجاهَل إيها / ماً فَأَعطى الآلامَ قَلباً كَبيرا
أَنكَرَ النومُ مقلَةَ الأُختِ حَتّى / آلَفَت رهبَةَ الدُجى وَالسَريرا
لَم تَحوّل عَنهُ النَواظِرَ إِلّا / عِندَما أَوشكَ الأَسى أَن يَثورا
أَيُّ قَلبٍ أَشَدَّ مِن قَلبِ أُختٍ / في أَشَدِّ الآلامِ ظلَّ صَبورا
أَيُّ روحٍ أَرَقَّ من روحِ أُختٍ / تَهبُ الجهدَ لا تُبالي العَسيرا
أَيُّ صَدرٍ أَحَنَّ مِن صَدرِ أُختٍ / في لَيالي الأَسى وَأَسمى شُعورا
حَملَ الداءَ مِن شَواطىءِ مِصرا
حَملَ الداءَ مِن شَواطىءِ مِصرا / وَأَتى زَحلَةً فَصادَفَ قَبرا
لَم تُرِعهُ طُيوفُ بَلواه لَو لَم / تَختَلِج في هَواهُ أَطهر ذِكرى
حينَ يَهوي الدُجى يَمُرُّ بِهِ الأَم / سُ عَلى جانِحيه يَحمِلُ جمرا
أَيُّ جَمرٍ أَحَرُّ من جَمرِ حُبٍّ / صادَفَ القَلبَ مَوقِداً فَاِستَقَرّا
إِن غَفا مَرَّتِ الفَتاةُ بِرُؤيا / هُ تُنادي رَبّاً وَتَلطُمُ صَدرا
تارَةً تفجر الدموع وَطوراً / تمسك الدمع في المَحاجِر قَسرا
تَتَخَطّى أَمام قَبرٍ جَديدٍ / نَثَرَت فَوقَهُ دُموعاً وَزَهرا
بَدَّل الحُزنُ وَجهَها فَهو لَم يَبق / كَما كانَ يَهرق الحُسنَ سحرا
وَإِذا ما اِستَفاقَ حَدّق في الظُل / مَةِ حيناً كَمَن تَوَقَّع أَمرا
وَأَجالَ العُيونَ في الغُرفَةِ الس / وداءِ عَلَّ الظَلامَ يَكشِفُ سِرّا
ثُمَّ أَصغى لِنَغمَةٍ في حنايا / هُ تَلوّى لِذِكرِها وَاِقشَعرّا
وَهوُ يَدري أَنَّ الرُؤى أَيقَظَتهُ / مِن شُجونٍ إِلى شُجونٍ أُخرى
ذاتَ لَيلٍ أَحَسَّ في رِئَتَيهِ / خلجَةً مرَّةً فَخفقاً أَمَرّا
وَتَراءَت لَهُ فَتاة هَواه / شَبحاً دامِياً فَأَوجَسَ ذُعرا
مُلّقيهِ بِحُسنِكِ المَأجورِ
مُلّقيهِ بِحُسنِكِ المَأجورِ / وَاِدفَعيهِ لِلاِنتِقامِ الكَبيرِ
إِنَّ في الحُسنِ يا دَليلَةَ أَفعى / كَم سَمِعنا فَحيحَها في سَرير
أَسكَرَت خدعَةُ الجَمالِ هرقَلاً / قَبل شَمشونَ بِالهَوى الشِرّيرِ
وَالبَصيرُ البَصيرُ يُخدَع بِالحُس / نِ وَينقادُ كَالضَريرِ الضَريرِ
ملقيهِ فَاللَيلُ سَكرانُ واهٍ / يَتَلّوّى في خِدرِهِ المَسحورِ
وَنسورُ الكُهوفِ أَوهنها الحُ / بُّ فَهانَت لَدَيهِ كَالشَحرورِ
وَعنا اللَيثُ لِلبوءَةِ كَالظَب / يِ فَما فيهِ شَهوَةٌ لِلزَئيرِ
شَبِقَ اللَيثُ لَيلَةً فَتَنَزّى / ثائِراً في عَرينِه المَهجورِ
تَقطر الحمّة المسعّرة الشَهّ / اءُ مِنهُ كَأَنَّهُ في هَجيرِ
يَضربُ الأَرضِ بِالبَراثِن غَضَبا / نَ فَيُصدي القنوط في الديجورِ
وَوَميضُ اللَظى يُغلف عَينَيهِ / فَعَيناهُ فوهَتا تنّورِ
وَنَزا مِن عَرينه تَشَظّى / حممٌ مِن لَظاه في الزمهريرِ
وَاللهاثُ المَحمومُ مِن رِئَتَيه / يُشعل الغابَ في الدُجى المَقرورِ
فَسَرى الذُعرُ في الذِئابِ فَفَرَّت / وَتَرامى إِلى عشاش النُسورِ
وَإِذا لبوة مخدِّرَة الحُس / نِ تَرَدَّت من كَهفِها المَحدورِ
تنضح اللّذةُ الشَهِيَّةُ مِنها / خَمرَةٌ من جَمالِها المَأثورِ
فَتنثّ العَبيرَ في مخدع اللَي / لِ فَتَشهى حَتّى عروقُ الصُخورِ
فَتَلاشى اللَهيبُ في سَيِّدِ الغا / بِ أَميرِ المغاوِرِ المَنصورِ
وَالعَظيمُ العَظيمُ تُضعِفُهُ أَن / ثى فَينقادُ كَالحَقيرِ الحَقيرِ
ملّقيهِ فَفي أَشِعَّةِ عَينَي / كِ صباحُ الهَوى وَلَيلُ القُبورِ
وَعلى ثَغرِكِ الجَميلِ ثِمارٌ / حَجَبَت شَهوَةَ الرَدى في العَصيرِ
ملقيهِ فَبينَ نَهدَيكِ غامَت / هُوَّةُ المَوتِ في الفِراشِ الوَثيرِ
هوَّة أَطلَعَت جَهَنَّمُ مِنها / شَهواتٍ تَفَجَّرَت في الصُدور
ملّقيهِ فَفي مَلاغِمك الحُم / رِ مَساحيقُ معدنٍ مَصهورِ
يُسَرِّبُ السمّ مِن شُفافَتِها الحَرّ / ى إِلى مَلمَسِ الرَدى في الثغورِ
خَيَّم اللَيلُ يا دَليلَة في الغا / بِ وَأَغفى حَتّى الشَذا في الزُهورِ
فَاِنشِقي فورَة الحَرارَةِ مِن جِس / مي وَغَذّي قواكِ مِن إِكسيري
أَنتِ حَسناءُ مِثل حَيَّة عَدنٍ / كَورودِ الشارونِ ذاتِ العُطورِ
وَكغُفر الوَعل الوَديع وَإِن كُن / تِ تناجينَ عَقرَباً في الضَميرِ
لَستِ زَوجي بَل أَنتِ أَنثى عُقاب / شرسٍ في فُؤاديَ المَسعورِ
فَاِشتَهي كُلّ لَيلَة مخلَبي / الدامي عَلى خزّ جِسمِكِ المَخمورِ
وَأَتى الصُبحُ ضاحِك الوَجهِ يَرغي / زَبَدُ النورِ في ضحاه الغَريرِ
أَينَ شَمشونُ يا صَحارى يَهوذا / أَينَ حامي ضَعيفِك المُستَجيرِ
أَينَ قاضيكِ دافِعُ الضيم طاغي / المُستَبِدّينَ صائِنُ الدُستورِ
أَعوَرَت شَهوَةٌ من الحُبِّ عَينَي / هِ وَكَم أَعوَرَ الهَوى مِن بَصيرِ
إِنَّ قاضي المُستَعبَدين لِعبدٌ / وَقضاةٌ عورٌ قضاةُ العورِ
حَفَلَت قاعَة العِقابِ بِجَمعٍ / من سُراة المسوّدين غَفيرِ
هُم رموزُ الشقاق وَالفِتَن الحم / راءِ وَالغَدر وَالزِنى وَالغُرورِ
أَقبَلوا يَشهَدونَ مصرعَ شَمشو / نَ عَلى لَذَّةِ الطّلا وَالزمورِ
أَيُدينُ الخاطي جناةٌ صَعالي / كُ وَيَقضي الفجورُ ذَنبَ الفجورِ
وَسَرَت خَمرَةُ الوَليمَةِ في الحَف / لِ لِتَقديسِ ساعَةِ التَكفيرِ
وَكَأَنَّ النَسيمَ شُوِّقَ لِلخَم / رَةِ فَاِنسَلَّ مِن شُقوقِ الخدورِ
وَلِنَقرِ الدفوفِ صَوتٌ غَريب / يَتَحَدّى صَوتَ العِقابِ الأَخيرِ
وَإِذا قينَةٌ تَخالجها السك / رُ عَلى مَشهَد من الجُمهورِ
فَتَثنَّت تضاجِعُ الجَوِّ نَشوى / مِن تَلَوّي قَوامِها المَحرورِ
رَقصَة المَوتِ يا دَليلَة هذي / أَم تُراها اِختِلاجَةً في الخمورِ
وَصغا الجَمعُ لِلأَسيرِ يُنادي / هِ بِشَتّى مَطاعِن التَحقير
هيه شَمشونُ أَيُّها الفاجِر الزِنديقُ / يا عَبدَ يهوهَ المَقهورِ
أَحَكيمٌ مِن العتاة تذرّي / شَعرَهُ قينَةٌ من الماخور
فَتَلوّى شَمشونُ في القيدِ حَتّى / حَلَّ فيهِ روحُ الإله القديرِ
فَنَزا نَزوَة الوَميضِ من الغَ / لِّ وَدَوّى كَنافِخ في صورِ
بَدّدي يا زَوابِع النارَ أَعدا / ءَ إِلهي وَيا جَهَنَّمُ ثوري
وَتَنَفَّس يا مَوقد الثَأر في صَد / ري وَأَغرِق نَسلَ الريا في سعيري
وَاِمصِصي يا دَليلَة الخُبثِ من قَل / بي فَكَم مَرَّة مصَصتِ قُشوري
وَاِرقُصي إِنَّما البَراكينُ تَغلي / تَحتَ رجلَيكِ كَالجَحيمِ النَذيرِ
وَتَغَنّي بِمَصرَعي فَكَثيراً / ما سَمِعتُ الفَحيحَ في المَزمورِ
أَصبَحَ اللَيثُ في يَدَيكِ أَسيراً / فَاِطرَحيهِ سخرِيَّةً لِلحَميرِ
وَاِجعَلي الغَلَّ رَمزَ كلّ صَريح / وَاليَواقيتَ رَمزَ كلّ غدورِ
إِن أَكن سُقت في غَرامِكِ شَرّاً / فَالبَرايا مطيّة لِلشُرورِ
غَير أَنّي أَجني مِن الجِيَفِ الجَر / داءِ مَهما قَذرتُ شَهدَ قَفيرِ
هيكَلَ الإِثم لَم أُبِح لَكَ ذُلي / شَبحَ الرَقِّ لَم أُسَلِّمك نيري
فَاِسقِطي يا دَعائِمَ الكَذِبِ الجا / ني وَكوني أُسطورَة لِلدُهورِ
محق اللَهُ فيَّ شرَّ ظَلامي / فَلتُضىء في الحَياةِ حِكمَةُ نوري
إِن تَكُن جَزَّتِ الخِيانَةُ شَعري / في ضَلالي فَقُوَّتي في شُعوري
زارِعَ الحَقلِ في البُكور
زارِعَ الحَقلِ في البُكور /
عَيشُكَ الدَهرُ أَخضَرُ /
أَنتَ في هَيكَلِ الزُهور /
فَيلَسوفٌ مُفَكِّرُ /
سَيِّدَ المنجَلِ الحَقير /
أَنتَ لِلنّاسِ سَيِّدُ /
مِن ذِراعَيكَ لِلفَقير /
حَبَّةُ القَمحِ تولَدُ /
ماؤُكَ الطاهِرُ الزَلال /
مِن سَواقيكَ يَقطُرُ /
كُلُّ ما تَقتَني حَلال /
بِاِسمِكَ الخَيرُ يُذكَرُ /
أَنتَ وجهٌ مُخَلَّدُ /
لِلجُدودِ المُخَلَّدين /
مِثلَهُم سَوفَ تُلحَدُ /
طاهِرَ العَينِ وَالجَبين /
يا بَعيداً عَن البَشَر /
أَنتَ لا تَعرِفُ الشُرور /
تَعرِفُ الماءَ وَالحَجَر /
وَالأَعاصير وَالزُهور /
ذلِكَ اليَومُ كَيفَ كانَ وصارا
ذلِكَ اليَومُ كَيفَ كانَ وصارا / كانَ بَرداً وَصارَ قاراً وَنارا
قُلتِ إِذ جَنَّدَت شَرائِعَها الأَر / ضُ عَلَينا لَن يَبلُغوا الأَوطارا
فَالنَعيمُ الَّذي خَلَقناهُ فينا / وَسَقَتهُ السَماءُ لَن يَتَوارى
إِن يَكُن جاءَ من جَهَنَّ خَطبٌ / فَلِكَي يَخبُرَ الهَوى الجَبّارا
يا حَبيبي سَيَملَأ الحُبُّ سجني / فَليَشيدوا الحُصونَ وَالأَسوارا
وَسَأبينكَ فيهِ جسماً وَروحاً / وَحَناناً وَعِفَّةً وَوَقارا
أَبِوَسعِ السُجونِ أَنَّ تحرُمَ القَل / بَ رؤاهُ وَتَحجُبَ التَذكار
سَأُنادي في عُزلَتي كُلَّ غَيمٍ / كُلَّ عِطرٍ سَرى وَطَيرٍ طارا
خَبِّري الأَرضَ يا عطورُ وَيا غَي / مُ وَيا طَيرُ وَاِنشُري الأَسرارا
خَبِّريها أَنّي أُحِبُّ حَبيبي / خَبِّريها أَنّي أُحِبُّ جَهارا
خَبِّري الأَرضَ خَبِّريها وَقولي / إِنَّ كوخاً أَشدُّ مِنها جدارا
إِنَّ بَيتاً عَلى الجَمالِ بَنينا / هُ لِتَأبى السَماءُ أَن يَنهارا
يا حَبيبي كَما حييتُ سَأَحيا / إِنَّ بي عِرقٌ يُحرِّقُ الأَبصارا
وَعَلى كُلِّ شَفرَةٍ من جُفوني / مِنكَ عِرقٌ يُحرِّقُ الأَبصارا
كُلَّما غَرَّقَ الظَلامُ عُيوني / أَطلَعَ الحُبُّ في دَمي أَنوارا
مُلِّيَ النورَ قَبلَ عَهدِ البُدورِ
مُلِّيَ النورَ قَبلَ عَهدِ البُدورِ / فَهوَ شطرٌ مِنَ الضِياءِ الكَبيرِ
أَطلَعَ اللَهُ في الحَياةِ رِجالاً / غَمَروا لُجَّةَ الظَلامِ بِنورِ
هُم بُدورُ الأَجيالِ هُمُ شُعراءُ ال / أَرضِ هُم كَهرَباءُ هذا الأَثيرِ
كُلَّما ذَرَ شاعِرٌ في سَماءٍ / شَعَرَ اللَيلُ بِاِنقِلابٍ خَطيرِ
إِنَّما الشاعِرُ الحَقيقِيُّ يَشقى / بمُجاجاتِ زَيتِهِ المَنذورِ
كَالمَناراتِ تَبعَثُ النورَ في اللي / لِ وَتَشقى في الشاطىءِ المَهجورِ
أَو دُخان مِنَ المَجامِرِ يَرقى / حامِلاً لِلنُفوسِ عِطرَ البَخورِ
هُوَ مِن نَزوَةِ النُبوغِ أَذانٌ / أَن يَرى البُؤسُ شُعلَةً في الصُدورِ
وَقَضاءٌ لِلعَبقَرِيَّةِ أَلّا / يَبسِمَ المَجدُ في جَناحِ النُسورِ
هكَذا الحِكمَةُ الخَفِيَّةُ شاءَت / فَهيَ تُخفي أَقباسَها في الضَميرِ
تَمنَعُ النورَ عَن عُيونِ السلاطِ / ينِ وَتُعطيهِ لِلعَرّي الضَريرِ
أَوحَشَ الرَوضُ في الخَريفِ فَلا تَس / معُ فيهِ أُغرودَةً لِلطُيورِ
وَالزُهورُ الَّتي تَنَشَّقتَ رَيّا / ها تَخَلَّت عَن خِدرِها لِلصُحورِ
وَسُقوطُ الأَوراقِ يَسلَخُ في الفَج / رِ بَقايا الآمالِ في المَصدورِ
أَينَ تِلكَ الزُهورُ يَنفَرِطُ الصَب / حُ عَلَيها بِاللُؤلُؤِ المَنشورِ
يَذبُلُ الزَهرُ في الخَريفِ وَيُنقي / لِبُذورِ الرَبيعِ بَعضَ عُطورِ
هكَذا الشاعِرُ المُحَلِّقُ إِذ يَم / ضي وَتَبقى آثارُهُ لِلدُهورِ
لَم يَمُت شاعِرُ اللَيالي فَعَينا / هُ تَشعّانِ في الكِتابِ الصَغيرِ
رُبَّ سِفرٍ أَضاسَ هَيكَلَ نورٍ / خَلَدَت فيهِ مُقلَتا شِكسبيرِ
رُبَّ سِفرٍ مَحا قُصورَ الدهاقي / نِ وَأَعلى بِالمَجدِ كوخَ الفَقيرِ
لا يَموتُ الفَيّاضُ وَالشِعرُ حَيٌّ / وَعَلى البُؤسِ بَسمَةٌ لِلثُغورِ
وَعَلى مَحجَرِ اليَتيمِ مِنَ القَلبِ / دِماءٌ مَحمومَةٌ بِالزَفيرِ
وقُلوبُ الشَبابِ تَنبِضُ لِلحُ / بِّ وَتَأوي إِلى عَذارى الخُدورِ
لا يَموتُ الفَيّاضُ ما دامَت الأَر / واحُ تَهتَزُّ لاِختِلاجِ الصَريرِ
وَجَمالُ الأَفكارِ مِن مُحرِقاتِ ال / قَلبِ يَمتَدُّ في شُعاعٍ طَهورِ
وَالسَماعُ الطافي عَلى وَتَرِ الشِع / رِ يُشيرُ الهَوى بِمُردٍ وَحورِ
يا خَيالاً في الصُبحِ خَدَّرَ أَجفا / ني وَنوراً في اللَيلِ كانَ سَميري
قُل لَهُم أَستَريحُ في قُصرِيَ المَم / لوكِ مِن بُؤسِ بَيتيَ المَأجورِ
رَبحَ السَيفُ فانِياتِ القَضايا / وَمَلَكتُ العُلى بِبَعضِ سُطورِ
مَلَكٌ في جُجُنَّتي يَتَمَنّى / مَبسِمُ الفَجرِ لَو يَكونُ سَفيري
دَولَتي بِالخُلودِ نيطَت لِأَنّي / لَم أَشِدها بِالعاجِ وَالبِرفيرِ
قُل لَهُم نِمتُ في الحَياةِ عَلى الشَو / كِ مِراراً وَمَرَّةً في سَريري
إِنَّ مَوتي عَلى الربابِ رُقادٌ / يَنتَهي بي إِلى صَباحٍ مُنيرِ
يَرقُدُ الشاعِرُ الكَبيرُ مِراراً / إِنَّما السِرُّ في الرِقادِ الأَخيرِ
قُل لَهُم تَحطِمونَ في الأَرضِ كَأسي / وَبِمَوتي تُقَدِّسونَ خُموري
عَقَّ زَهري الوَرى وَقَد يَتَمَنّى / قَطرَةً لِلنُّفوسِ مِن إِكسيري
زَهَرُ المَجدِ لا يُفَتَّحُ لِلشّ / اعِرِ إِلّا عَلى ضِفافِ القُبورِ
نَم قَريراً فَسَوفَ يَأتي صَباحٌ / يَمهُدُ الروحُ لاِنقِلابٍ كَبيرِ
وَغُصونُ الخَريفِ لا بُدَّ أَن تُم / سي غُصونَ الرَبيعِ بَعدَ شُهورِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025