المجموع : 3
عاصِفٌ يَرتَمي وَبَحرٌ يُغيرُ
عاصِفٌ يَرتَمي وَبَحرٌ يُغيرُ / أَنا بِاللَهِ مِنهُما مُستَجيرُ
وَكَأَنَّ الأَمواجَ وَهيَ تَوالى / مُحنَقاتٍ أَشجانُ نَفسٍ تَثورُ
أَزبَدَت ثُمَّ جَرجَرَت ثُمَّ ثارَت / ثُمَّ فارَت كَما تَفورُ القُدورُ
ثُمَّ أَوفَت مِثلَ الجِبالِ عَلى الفُل / كِ وَلِلفُلكِ عَزمَةٌ لا تَخورُ
تَتَرامى بِجُؤجُؤٍ لا يُبالي / أَمِياهٌ تَحوطُهُ أَم صُخورُ
أَزعَجَ البَحرُ جانِبَيها مِنَ الشَد / دِ فَجَنبٌ يَعلو وَجَنبٌ يَغورُ
وَهوَ آناً يَنحَطُّ مِن عَلُ كَالسَي / لِ وَآناً يَحوطُها مِنهُ سورُ
وَهيَ تَزوَرُّ كَالجَوادِ إِذا ما / ساقَهُ لِلطِعانِ نَدبٌ جَسورُ
وَعَلَيها نُفوسُنا خائِراتٌ / جازِعاتٌ كادَت شَعاعاً تَطيرُ
في ثَنايا الأَمواجِ وَالزَبَدِ المَن / دوفِ لاحَت أَكفانُنا وَالقُبورُ
مَرَّ يَومٌ وَبَعضُ يَومٍ عَلَينا / وَالمَنايا إِلى النُفوسِ تُشيرُ
ثُمَّ طافَت عِنايَةُ اللَهِ بِالفُل / كِ فَزالَت عَمَّن تُقِلُّ الشُرورُ
مَلَكَت دَفَّةَ النَجاةِ يَدُ اللَ / هِ فَسُبحانَ مَن إِلَيهِ المَصيرُ
أَمَرَ البَحرَ فَاِستَكانَ وَأَمسى / مِنهُ ذاكَ العُبابُ وَهوَ حَصيرُ
أَيُّها البَحرُ لا يَغُرَّنكَ حَولٌ / وَاِتِّساعٌ وَأَنتَ خَلقٌ كَبيرُ
إِنَّما أَنتَ ذَرَّةٌ قَد حَوَتها / ذَرَّةٌ في فَضاءِ رَبّي تَدورُ
إِنَّما أَنتَ قَطرَةٌ في إِناءٍ / لَيسَ يَدري مَداهُ إِلّا القَديرُ
إيهِ اِسبيرِيا فَدَتكِ الجَواري / مَنشَآتٍ كَأَنَّهُنَّ القُصورُ
يا عَروسَ البِحارِ إِنَّكِ أَهلٌ / أَن تُحَلّيكِ بِالجُمانِ البُحورُ
فَاِلبَسي اليَومَ مِن ثَنائِيَ عِقداً / تَشتَهيهِ مِنَ الحِسانِ النُحورُ
إيهِ إيطالِيا عَدَتكِ العَوادي / وَتَنَحّى عَن ساكِنيكِ الثُبورُ
فيكِ يا مَهبِطَ الجَمالِ فُنونٌ / لَيسَ فيها عَنِ الكَمالِ قُصورُ
وَدُمىً جَمَّعَ المَحاسِنَ فيها / صَنَعُ الكَفِّ عَبقَرِيٌّ شَهيرُ
قَد أُقيمَت مِنَ الجَمادِ وَلَكِن / مِن مَعاني الحَياةِ فيها سُطورُ
فَهيَ تَبدو مِنَ المَلائِكِ يَكسو / ها جَمالٌ عَلى حِفافَيهِ نورُ
أُمِرتُ بِالسُكوتِ مِن جانِبِ الحَق / قِ بِدُنيا فيها الأَحاديثُ زورُ
أَرضُهُم جَنَّةٌ وَحورٌ وَوِلدا / نٌ كَما تَشتَهي وَمُلكٌ كَبيرُ
تَحتَها وَالعِياذُ بِاللَهِ نارٌ / وَعَذابٌ وَمُنكَرٌ وَنَكيرُ
إِنَّ يَوماً كَيَومِ رِدجو وَمِسّي / نا وَكالَبرِيا لَيَومٌ عَسيرُ
ساعَةٌ مِنهُ تُهلِكُ الحَرثَ وَالنَس / لَ وَتَمحو ما سَطَّرَتهُ الدُهورُ
ذاكَ فيزوفُ قائِماً يَتَلَظّى / قَد تَعالى شَهيقُهُ وَالزَفيرُ
يُنذِرُ القَومَ بِالرَحيلِ وَلَكِن / لَيسَ يُغني مَعَ القَضاءِ النَذيرُ
وَكَذاكَ الأَوطانُ مَهما تَجَنَّت / لَيسَ لِلحُرِّ عَن حِماها مَسيرُ
شَمسُهُم غادَةٌ عَلَيها حِجابٌ / فَهيَ شَرقِيَّةٌ حَوَتها الخُدورُ
شَمسُنا غادَةٌ أَبَت أَن تَوارى / فَهيَ غَربِيَّةٌ جَلاها السُفورُ
جَوُّهُم في تَقَلُّبٍ وَاِختِلافٍ / غَيرَ أَنَّ الثَباتَ فيهِم وَفيرُ
جَوُّنا أَثبَتُ الجِواءِ وَلَكِن / لَيسَ فينا عَلى الثَباتِ صَبورُ
وَلَدَيهِم مِنَ الفُنونِ لُبابٌ / وَلَدَينا مِنَ الفُنونِ قُشورُ
أَنكَرَ الوَقفَ شَرعُهُم فَلِهَذا / كُلُّ رَبعٍ بِأَرضِهِم مَعمورُ
لَيسَ فيها مُستَنقَعٌ أَو جِدارٌ / قَد تَداعى أَو مَسكَنٌ مَهجورُ
كُلُّ شِبرٍ فيها عَلَيهِ بِناءٌ / مُشمَخِرٌّ أَو رَوضَةٌ أَو غَديرُ
قَسَّموا الوَقتَ بَينَ لَهوٍ وَجِدٍّ / في مَدى اليَومِ قِسمَةً لا تَجورُ
كُلُّهُم كادِحٌ بَكورٌ إِلى الرِز / قِ وَلاهٍ إِذا دَعاهُ السُرورُ
لا تَرى في الصَباحِ لاعِبَ نَردٍ / حَولَهُ لِلرِهانِ جَمٌّ غَفيرُ
لا وَلا باهِلاً سَليمَ النَواحي / لِلقَهاوي رَواحُهُ وَالبُكورُ
لَم يَحُل بَينَهُم وَبَينَ المَلاهي / أَو شُؤونِ الحَياةِ جَوٌّ مَطيرُ
لا يُبالونَ بِالطَبيعَةِ حَنَّت / أَم تَجَنَّت أَمِ اِحتَواها النَعورُ
عَصَفَت فَوقَهُم رِياحٌ عَواتٍ / أَم أَجازَت بِهِم صَباً أَم دَبورُ
قَد أَعَدّوا لِحادِثاتِ اللَيالي / عُدَّةً لا يَحوزُها التَقديرُ
نَضَّروا الصَخرَ في رُؤوسِ الرَواسي / وَلَدَينا في مَوطِنِ الخِصبِ بورُ
قَد وَقَفنا عِندَ القَديمِ وَساروا / حَيثُ تَسري إِلى الكَمالِ البُدورُ
وَالجَواري في النيلِ مِن عَهدِ نوحٍ / لَم يُقَدَّر لِصُنعِها تَغييرُ
وَلِعَ القَومُ بِالنَظافَةِ حَتّى / جُنَّ فيها غَنِيُّهُم وَالفَقيرُ
فَإِذا سِرتُ في الطَريقِ نَهاراً / خِلتُ أَنّي عَلى المَرايا أَسيرُ
أَفرَطَ القَومُ في النِظامِ وَعِندي / أَنَّ فَرطَ النِظامِ أَسرٌ وَنيرُ
وَلَذيذُ الحَياةِ ما كانَ فَوضى / لَيسَ فيها مُسَيطِرٌ أَو أَميرُ
فَإِذا ما سَأَلتَني قُلتُ عَنهُم / أُمَّةٌ حُرَّةٌ وَفَردٌ أَسيرُ
ذاكَ رَأيي وَهَل أُشارَكُ فيهِ / إِنَّهُ قَولُ شاعِرٍ لا يَضيرُ
في جِبالِ التيرولِ إِن أَقبَلَ الصَي / فُ نَعيمٌ وَإِن مَضى زَمهَريرُ
أَذكَرَتني ما قالَهُ عَرَبِيٌّ / طارِقِيٌّ أَمسى اِحتَواهُ شُلَيرُ
حَلَّ تَركُ الصَلاةِ في هَذِهِ الأَر / ضِ وَحَلَّت لَنا عَلَيها الخُمورُ
إِنَّ صَدرَ السَعيرِ أَحنى عَلَينا / مِن شُلَيرٍ وَأَينَ مِنّا السَعيرُ
قَد بَلَوتُ الحَياةَ في الشَرقِ وَالغَر / بِ فَما في الحَياةِ أَمرٌ يَسيرُ
مِن ثَواءٍ فيهِ المَلالُ لِزامٌ / أَو رَحيلٍ فيهِ العَناءُ كَثيرُ
سائِلوا اللَيلَ عَنهُمُ وَالنَهارا
سائِلوا اللَيلَ عَنهُمُ وَالنَهارا / كَيفَ باتَت نِسائُهُم وَالعَذارى
كَيفَ أَمسى رَضيعُهُم فَقَدَ الأُم / مَ وَكَيفَ اِصطَلى مَعَ القَومِ نارا
كَيفَ طاحَ العَجوزُ تَحتَ جِدارٍ / يَتَداعى وَأَسقُفٍ تَتَجارى
رَبِّ إِنَّ القَضاءَ أَنحى عَلَيهِم / فَاِكشِفِ الكَربَ وَاِحجُبِ الأَقدارا
وَمُرِ النارَ أَن تَكُفَّ أَذاها / وَمُرِ الغَيثَ أَن يَسيلَ اِنهِمارا
أَينَ طوفانُ صاحِبِ الفُلكِ يَروي / هَذِهِ النارَ فَهيَ تَشكو الأُوارا
أَشعَلتَ فَحمَةَ الدَياجي فَباتَت / تَملَأُ الأَرضَ وَالسَماءَ شَرارا
غَشِيَتهُم وَالنَحسُ يَجري يَميناً / وَرَمَتهُم وَالبُؤسُ يَجري يَسارا
فَأَغارَت وَأَوجُهُ القَومِ بيضٌ / ثُمَّ غارَت وَقَد كَسَتهُنَّ قارا
أَكَلَت دورَهُم فَلَمّا اِستَقَلَّت / لَم تُغادِر صِغارَهُم وَالكِبارا
أَخرَجَتهُم مِنَ الدِيارِ عُراةً / حَذَرَ المَوتِ يَطلُبونَ الفِرارا
يَلبَسونَ الظَلامَ حَتّى إِذا ما / أَقبَلَ الصُبحُ يَلبَسونَ النَهارا
حُلَّةً لا تَقيهِمُ البَردَ وَالحَر / رَ وَلا عَنهُمُ تَرُدُّ الغُبارا
أَيُّها الرافِلونَ في حُلَلِ الوَش / يِ يَجُرّونَ لِلذُيولِ اِفتِخارا
إِنَّ فَوقَ العَراءِ قَوماً جِياعاً / يَتَوارَونَ ذِلَّةً وَاِنكِسارا
أَيُّهَذا السَجينُ لا يَمنَعُ السِج / نُ كَريماً مِن أَن يُقيلَ العِثارا
مُر بِأَلفٍ لَهُم وَإِن شِئتَ زِدها / وَأَجِرهُم كَما أَجَرتَ النَصارى
قَد شَهِدنا بِالأَمسِ في مِصرَ عُرساً / مَلَأَ العَينَ وَالفُؤادَ اِبتِهارا
سالَ فيهِ النُضارُ حَتّى حَسِبنا / أَنَّ ذاكَ الفِناءَ يَجري نُضارا
باتَ فيهِ المُنَعَّمونَ بِلَيلٍ / أَخجَلَ الصُبحَ حُسنُهُ فَتَوارى
يَكتَسونَ السُرورَ طَوراً وَطَوراً / في يَدِ الكَأسِ يَخلَعونَ الوَقارا
وَسَمِعنا في مَيتِ غَمرٍ صِياحاً / مَلَأَ البَرَّ ضَجَّةً وَالبِحارا
جَلَّ مَن قَسَّمَ الحُظوظَ فَهَذا / يَتَغَنّى وَذاكَ يَبكي الدِيارا
رُبَّ لَيلٍ في الدَهرِ قَد ضَمَّ نَحساً / وَسُعوداً وَعُسرَةً وَيَسارا
يا اِبنَ عَبدِ السَلامِ لا كانَ يَومٌ
يا اِبنَ عَبدِ السَلامِ لا كانَ يَومٌ / غِبتَ فيهِ عَن هالَةِ الأَحرارِ
كُنتَ فيهِم كَالرُمحِ بَأساً وَليناً / كُنتَ فيهِم كَالكَوكَبِ السَيّارِ
يا عَريقَ الأُصولِ وَالحَسَبِ الوَض / ضاحِ وَالنُبلِ يا كَريمَ الجِوارِ
كُنتَ فَرعاً بِدَوحَةِ العِزِّ تَأوي / تَحتَ أَفنانِهِ عُفاةُ الدِيارِ
قَصَفَتهُ المَنونُ وَهوَ نَضيرٌ / مورِقٌ عودُهُ جَنِيُّ الثِمارِ
كُنتَ تَأسو جِراحَهُم وَتَقيهِم / وَتُقيلُ العِثارَ عِندَ العِثارِ
خانَ نُطقي وَلَم تَخُنّي دُموعي / لَهفَ نَفسي فَقَصَّرَت أَشعاري
غَيرُ بِدعٍ إِذا نَظَمتُ رِثائي / في صَديقي مِنَ الدُموعِ الجَواري
فَمِنَ الحُزنِ ما يَدُكُّ الرَواسي / وَمِنَ الحُزنِ ما يَهُدُّ الضَواري