المجموع : 3
نحن من أرضنا على منطاد
نحن من أرضنا على منطاد / جائلٍ في شواسع الأبعاد
طائرٍ في الفضاء عرضاً وطولاً / بجناح من القوى غير باد
أيها الأرض سرتِ سيرك مثنى / ذا نتاجين في زمان أحاد
فتقلبت في نهار وليل / ذا مضلٌ وذاك للناس هاد
في بلاد يكون سيرك تأوي / باً على أنه سرىً في بلاد
فيك دفع وفيك يا أرض جذب / لكِ ذا سائق وذا لك حاد
فلك دائر على الشمس طوراً / في اقتراب وتارة في ابتعاد
ليت شعري وما حصلت من الآ / راء إلاّ على خلاف السداد
لبقاءٍ تقلنا الأرض في تس / يارها أم تقلنا لنفاد
نحن في عالم تقصف فيه / عارض النائبات بالإرعاد
شأننا العجز فيه توجد أنّى / قذفتنا يد الخطوب الشداد
ضاع جذر الحياةعنا فخلنا / أنها كالأصمّ في الاعداد
شغلتنا الدنيا بلهوٍ ولعبٍ / فغفلنا والموت بالمرصاد
ضلّ من رام راحةً في حياة / نحن منها في معرك وجلاد
إنما هذه الحياة جروحٌ / أثخنتنا والموت مثل الضِماد
كل أسر يهون إن أطلقت أر / واحنا الموثقات بالأجساد
لا تملني إذا جزعت فإني / ما ملكت الخيار في إيجادي
طال عتبي على عدات الليالي / مثلما طال مطلها بمرادي
كدّرت عيشي الحوادثُ حتى / لا أرى الصفو غير وقت الرقاد
صاح ما دلّ في الأمور على الأش / كال إلا تفحّص الأضداد
فاعتبر بالسفيه تمس حليماً / وتعرف بالغي طرق الرشاد
واللبيب الذي تعلَّم إتيا / ن المعالي من خسّة الأوغاد
أيها الغِرّ لا تغرّك دنيا / ك بكون مصيره لفساد
خفّ من غاص في الغرور كما في / لجّة الماء حفّ ثقل الجماد
يا خليليّ والخليل المواسي / منكما من يقوم في أسعادي
خاب قوم أتوا وغى العيش عزلاً / من سلاحي تعاون واتحاد
قد جَفتَنا الدنيا فهلاّ اعتصمنا / من جفاء الدنيا بحبل وِداد
لو عقلنا لما اختشى قط محسو / دون وقع الأذاة من حسّاد
فمتاع الحياة أحقر من أن / يستفزّ القلوب بالأحقاد
أنا والله لا أريد بأن أو / قع شراً ولو على من يعادي
أن لي أن سمعت أنّة محزو / نٍ أنيناً مرجّعاً في فؤادي
إن نفسي عن همّها ذات شغلٍ / بهموم العباد كلّ العباد
لا أحبّ النسيم إلا إذا هب / ب على كل حاضر أو بادي
أيها الناس إن ذا العصر عصر ال / علم والجد في العلا والجهاد
عصر حكم البخار والكهربائي / ة والماكنات والمنطاد
بُنيت فيه للعلوم المباني / واقيمت للبحث فيها النوادي
فاض فيض العلوم بالرغم ممّن / ضربوا دونهنّ بالأسداد
إن للعلم في الممالك سيراُ / مثل سير الضياء في الأبعاد
أطلع الغربُ شمسَه فحبا الشر / قَ اقتباساً من نورها الوقاد
إن للعلم دولةً خضعت دو / ن علاها عوالم الأضداد
ما استفاد الفتى وإن ملك الأر / ض بأعلى من علمه المستفاد
لا تسابق في حلبة العزّ ذا العل / م فما للهجين شأو الجواد
إن أموات أمة العلم أحيا / ءٌ حياة الأرواح والأجساد
وكأيّن في الناس من ذي خمول / صار بالعلم كعبة القُصّاد
ربّ يوم وردت دجلة فيه / مَورداً خالياً عن الوراد
حيث ينصبّ في سكوتٍ عميق / ماؤها لاثماً ضغاف الوادي
وهبوب النسيم يكتب في الما / ء سطوراً مهتزّة في إطراد
ينمحي بعضها ويظهر بعضٌ / فهي تنساب بين خاف وباد
وتئنّ المياه لي بخرير / كأنين السقيم للعُوّاد
قمت في وجهها اردّد طرفي / ساكتاً والضمير منّي ينادي
واقفاً تحت سرحةٍ ناح فيها / طائر فوق غصنها الميّاد
منشداُ في النواح شعراً غَرِيز / ياًحزيناً كأنه إنشادي
جاوبته أفنانها بأنين / من حفيف الأوراق والأعواد
أيها الطائر المُرَجّع فوق الغص / ن هل أنت نائح أم شاد
بين ماءٍ جارٍ ولحن شجيّ / منك يا طائر استطير فؤادي
يا مياهاً جرت بدجلة تجتا / ز مروراً بجانبي بغداد
إن نفسي إلى الحقيقة عطشى / أفتشفين غلّةً من صاد
كنت تجرين والرُصافة والكر / خ خلاءٌ من رائح أو غاد
أيها الماء أين تجري ضياعاً / وحواليك قاحلات البوادي
فمتى تفطن النفوس فتحيا / بك سقياً موات هذي البلاد
لو زرعنا بك البقاع حبوباً / لحصدنا النضار يوم الحصاد
أنت والله عسجد ولجين / لو أتينا الأمور باستعداد
فاجرِ يا ماء إن جربتَ رويداً / بأناةٍ ومهلةٍ واتئاد
علّنا نستفيق من رقدة الفق / ر فنَغنَى بفيضك المزداد
سلكتك السما ينابيع في الأر / ض أمدتك أيّما امداد
فتفجرت في السفوح عيوناً / نبعت من مخازن الأطواد
وإذا ما انتهيت في جريان / عدت للبدء في متون الغوادي
هكذا دار دائر الكون من حي / ث انتهى عاد راجعاً للمبادي
حُقّ للدمع أن يكون نشيدا
حُقّ للدمع أن يكون نشيدا / في بكائي أبا أمين رشيدا
ألمعيّ تبوّع المجد حتى / حاز منه قريبه والبعيدا
وتعالى إلى أعاليه حتى / نال منه قديمة والجديدا
أنجبته أصول نخلة حتى / أطلعته للمجد طلعاً نضيدا
فنما في بواسق المجد فرداً / مستظلاً منهنّ ظلاَّ مديدا
كان شهماً إن جئته في الملمّا / ت وَقيذاً أوَيْت ركناً شديدا
شجاعاَ إن جئته يوم هج / تلق في الهيج بهمة صنديدا
وكريماً زكت سجاياه حتى / كان بدعاً في المكرمات فريدا
وفصيحاً إن أنشد القوم شعراً / كان في الشعر مفلقاً ومجيدا
إن شدا بالقريض لم تبصر السا / مع إلا مستحسناً مستعيدا
كان إطروفة الزمان ظريفاً / طربِاً شادياً رقيقاً سديدا
رقة فاقت النسيم إلى شدّ / ة بأس تفتّت الجلمودا
ساد في الناس يافعاً ثم كهلاً / ثم شيخاً في التجربات عميدا
جبلت نفسه على الخير حتى / لم تجده إلا لخير مريدا
بلغ المنتهى من المجد حتى / ليس في المستطاع أن تستزيدا
يا سليل الفقيد أعظم بمجدٍ / قد رزئناه في أبيك مجيدا
أنا شاطرتك الأسى بدموع / كنّ للحزن في الفؤاد وقودا
وتأملت منك حرّاً كريماً / خلفاً للفقيد ضاهى الفقدا
فلهذا أقول قول معز / لك يرجو عمراً طويلاً سعيدا
يا أمين الرشيد أودعك الرا / حل مجداً في الوارثين تليدا
كيف لا نرتجى وأنت أمين / أن تعيد المجد القديم جديدا
أن يكن مبدئين آباؤك الغرّ / فكن أنت يا أمين معيدا
أيها القوم مالكم في جمود
أيها القوم مالكم في جمود / أو ما يَستفِزّكم تَفنيدي
كلما قد هززتكم لنُهوض / عدت منكم بقَسوة الجُلمود
طال عَتبي على الحوادث فيكم / مثلما طال مطلها بالوُعود
فمتى سعيُكم وماذا التَواني / وإلى كم أُحثّكم بالنشيد
أنا غِرِّشد شاردات القوافي / أفَلم يُشجكم بها تغريدي
كنت قبلاً أُثني عليكم لأني / أبتغي الحَثَّ بالثناء الحميد
فاتّقوا اليوم صَولةً من يراع / واقفٍ في مواقف التنديد
أيها القوم نحن في عصر علم / جعل الحرب في طراز جديد
جعل الحرب تُدرس اليوم فَنّاً / مُغنياً عن شجاعة الصِنديد
إن للعم في حروب بني العص / ر لَيأساً يفوق بأس الحديد
إذ بدا بأسه الأشدّ فأنسى / كل بأس من الحديد شديد
أيها القوم فادخلوا المعهد الحر / بيّ طوعاً وانضوا ثياب الجمود
واستِدّوا لردِّ كل عدوّ / أنكر الحق ناقضاً للعهود
وأعِزّوا المُلك الذي نبتغيه / بجنود مبثوثة في الحدود
قد دعتكم أوطانكم فأجيبوا / دعوة الآمرين بالتجنيد
نحن لا نقصد الحروب ولكن / نبتغي الذَود عن تُراث الجدود
أرأيتم مُلكاً بغير جنود / إنما الملك قائم بالجنود
فاجمعوا الجيش في العراق ليرعى / ما به من طَريفكم والتَليد
ويردَّ العدوّ عنكم ويحمي / عيشكم من شوائب التنكيد
لا تقرّوا على الهوان وأنتم / عرب من بني الأُباة الصِيد
يكرهون الحياة إلاّ حياةً / ذات عزّ ببأسهم صَيهود
أشرف الموت عندهم هو موت / في صُها الخيل تحت خفق البُنود
وأعزّ الأعمار عمر قصير / تحت ظلّ من السيوف مديد
وأذلّ الحياة عندي حياةٌ / قد أهينت حقوقها بجُحود