هل لعاني الهوى من الأسْر فاد
هل لعاني الهوى من الأسْر فاد / أو لساري ليل الصّبابة هاد
قويَّ الشّوْق فاستقادَ دُمُوعي / ووهَى الصّبرُ فاستقالَ فؤادي
جنِّبوني خَطْبَ البعاد فَسَهْلٌ / كلُّ خَطْب سوى النّوَى والبعادِ
كنتُ في غفلة من البَيْن حتى / صاحَ يومَ الأثيل بالبين حادِ
نابَ عنهمْ غداةَ بانوا بقلبي / رائحٌ من لواعج الوجد غادِ
أَيُّها الصادرون ريّاً عن الورْ / د أما تَنْقَعونَ غُلّةَ صادِ
لم يكن طيفكُمْ يَضنُّ بوَصْلي / لو سَمحتُمْ لناظري بالرُّقادِ
قد حَلَلْتُمْ من مُهجتي في السُّويدا / ء ومن مُقلتي مَحَلَّ السّوادِ
وبَخلْتُمْ من الوصال بإسعا / في أما كنتمُ من الأجوادِ
وبعثْتُمْ نسيمَكُمْ يتلافا / ني فعادَ النّسيمُ من عُوّادي
سُمتوني تجلداً واشتياقاً / ومحالٌ تجمُّع الأضدادِ
أبقاءً بعد الأَحبّة يا قَلْ / بيَ ما هذه شُروطُ الوداد
ذابَ قلبي وسال في الدَّمعِ لمّا / دامَ مِن نار وَجدِهِ في اتِّقادِ
ما الدُّموعُ التي تُحَدِّرُها الأش / واقُ إلاّ فتائتُ الأكبادِ
أَين أَحبابيَ الكرامُ سَقَى الل / هُ عُهودَ الأحباب صَوْب العهادِ
حبّذا ساكنو فؤادي وعَهْدي / بهمُ يَسكُنونَ سَفْحَ الوادي
أَتمنّى في الشّام أَهلي ببغدا / دَ وأَينَ الشّآمُ من بغدادِ
ما اعتياضي عن حُبِّهم يعلمُ الل / هُ تعالى إلاّ بحُبِّ الجهادِ
واشتغالي بخدمة المَلك العا / دل محمد الكريم الجوادِ
أَنا منه على سرير سُرُوري / راتعُ العيش في مَراد مُرادي
قيَّدتني بالشّام منه الأيادي / والأيادي للحُر كالأقيادِ
قد وَرَدْتُ البحرَ الخضَمَّ وخلف / تُ ملوكَ الدُّنيا به كالثَّمادِ
هو نعْمَ الملاذُ من نائب الدَّه / ر ونِعْمَ المَعاذُ عند المَعادِ
الغزيرُ الإفضال والفَضْلِ والنا / ئلِ والعِلْمِ والتُّقى والسّدادِ
باذلٌّ في مصالح الدِّين طَوْعاً / ما حواهُ من طارف وتلادِ
وتَراهُ صَعْرَ المقالة في الشرِّ / ولكنْ في الخير سَهْل القِيادِ
جلَّ رُزْءُ الفرَنج فاستبدلوا من / هُ بِلُبسِ الحديدِ لُبْسَ الحِدادِ
فَرَّقَ الرُّعْبَ منه في أنْفسِ الكُفّ / ارِ بينَ الأَرواحِ والأَجسادِ
سطوةٌ زلزلتْ بسكُانها الأَر / ضَ وهَدَّتْ قواعدَ الأَطوادِ
أخَذَتْهُمْ بالحقِّ رَجْفةُ بأْس / تَركْتُهم صَرْعَى صُروفِ العوادي
خفضتْ في قلاعها كلّ عالٍ / وأعادتْ قلاعها كالوهادِ
أنفذَ اللّهُ حكمَهُ فهو ماضٍ / مظهرٌ سرَّ غيبهِ فهو بادِ
آيةٌ آثرَتْ ذوي الشِّرك بالهُل / كِ وأهلَ الإيمان بالإرشادِ
والأعادي جرى عليهم من التّد / ميرِ ما قد جرى على قوم عادِ
أشركتَ في الهلاكِ بينَ الفريقي / نِ دُعاةِ الإشراك والإلحادِ
ولقد حاربوا القضاء فأمضى / حكمه فيهم بغيرِ جلادِ
والإلهُ الرؤوفُ في الشّام عنّا / دافعٌ لطفُهُ بلاء البلادِ
أنتَ قُطْبُ الدُّنيا وأصحابُك الغُرُّ / مقام الأَبدالِ والأوتادِ
لم يَجدْ عندَكَ النِّفاقُ نَفاقاً / فَلِسُوقِ الفَسادِ سُوءُ الكَسادِ
والعَنُودُ الكَنُودُ ذو الغِشِّ غشّا / هُ رِداءَ الرَّدى عناءُ العنادِ
وبحقٍ أُصيبتِ الأَرضُ لمّا / مَكّنَتْ من مَقامِ أَهلِ الفسادِ
عَلِمتْ أنّها جَنَتْ فَغَراها / حَذرَاً من سُطاكَ شِبْهُ ارْتِعادِ