شرّفِ الوجهَ في تُرابِ زَرودِ
شرّفِ الوجهَ في تُرابِ زَرودِ / حيثُ لَيلى فثمّ مَهوى السّجودِ
واِخْلعِ النّعلَ في ثراهُ اِحتراماً / لا تضعْهُ على نُقوشِ الخُدودِ
واتّبعْ سنّةَ المُحبّينَ فيه / واِقْضِ نَدْباً لواجباتِ الكُبودِ
واِحْذرِ الصّعْقَ يا كليمُ فكم قد / صارَ دكّاً هناكَ قلبُ عَميدِ
واِنشُدِ الرّبْعَ من منازِلِ لَيلى / عن فؤادٍ من أضلُعي مَفقودِ
قد أضلَّ النُهى فضلّ لدَيْها / فاِهتدى في الضّلالِ للمَقصودِ
كم أتاها من قابِسِ نورَ وصلٍ / فاِصْطَلى دونَ ذاكَ نارَ الصُّدودِ
أيّها السائِرونَ نحو حِماها / حسبُكم ضوء نارِها من بَعيدِ
تلكَ نارٌ تَعشو العُيونُ إليها / فتمسُّ القُلوبَ قبلَ الجُلودِ
إن ورَتْ للقِرى فبالنّدّ تُورى / أو لحربٍ فبالوَشيعِ القصيدِ
لا تؤدي سلامَكُم نحوها الري / حُ ولا طَيفُها مطايا الهُجودِ
لم تصلْها حبائِلُ الفِكر والوهْ / مِ ولو وُصِّلَتْ بحبلِ الوَريدِ
شمسُ خِدْرٍ من دونِها كلُّ بَدْرٍ / حاملٌ في النِجادِ فجرَ حَديدِ
لم يزَلْ باسِطاً ذِراعَ هزَبْرٍ / بارزَ النّابِ دونَها بالوَصيدِ
ما رأينا الهِلالَ في معصَمِ الشّم / سِ ولا الشُهْبَ قبلَها في العُقودِ
صاح وا فاقَتي إلى كنزِ درٍّ / بأفاعي أثيثِها مرصودِ
سفرَتْ في بَراقِعِ الحُسنِ فاِعجَب / لجَمال محجَّبٍ مشهودِ
كم ترى حولَ حيّها في هَواها / من كِرامٍ تصرّعت بالصّعيدِ
منهم من قضى ومنهم شقيٌّ / سالمٌ للبَلاءِ لا للخُلودِ
وصلُها يمنحُ المحبَّ شَباباً / وجَفاها يُشيبُ رأسَ الوَليدِ
لا تلُمني إذا تفانَيْتُ فيها / ففنائي في الحبِّ عينُ وُجودي
يا سَقى اللّهُ بالحِمى أهلَ بدرٍ / كم به بين حيّهم من شهيدِ
هل نسيمُ الصَّبا على نارِهم مر / رَ ففيه أشُمُّ أنفاسَ عُودِ
أم عليهِ تَرى الملاعِبَ أم لا / ما عليهِ أملَتْ ذبولُ البُرودِ
أسرةٌ صيّروا الأساوِرَ فيهم / لأسارى القُلوبِ أيَّ قيودِ
كم أبادوا بالبيضِ آجالَ صِيدٍ / وبسُمرِ القَناء آجالَ صِيدِ
شُربُهم يومَ حربِهم من دَمِ الأس / دِ وفي سِلمهِم دم العُنقودِ
حبّذا عيشُنا بأكْنافِ حزوى / لا رَمى اللّهُ ربعَها بالهُمودِ
منزلٌ تنزِلُ الأساورُ منه / في قُرونِ المَها وأيدي الأُسودِ
ومحَلٌّ تحُلُّ منه المَنايا / بين أجفانِ عينِه والغُمودِ
قد حمَتْهُ أيِمّةُ الطّعنِ إمّا / بصُدورِ الرِّماحِ أو بالقُدودِ
لا أرى لي الزّمان يرعى ذِماماً / لا ولا نِسبةً لخيرِ جُدودِ
أصرِفُ العمرَ صرفَهُ بين كذبِ ال / وَعْدِ منه وصِدقِ يومِ الوَعيدِ
والدٌ ليتَهُ يكونُ عَقيماً / لم يلِدْ غيرَ فاجرٍ ومَكيدِ
أبغَضُ النّاسِ من بَنيه لديهِ / ماجدٌ عقّهُ بخُلْقٍ جديدِ
لم نؤمّلْ لولا وُجودُ عليٍّ / منه جُوداً لا ولا وَفاً بعُهودِ
سيّدٌ في الأنامِ أصبحتُ حُرّاً / منذ في جودِه تملّك جِيدي
علَويٌّ له نِجادٌ إذا ما / ذكروه يجُرُّ كلَّ عَميدِ
نسَبٌ في القريضِ يعْبقُ منه / طِيبُ آلِ النّبيّ عندَ النّشيدِ
نبويٌّ منه بكلِّ نَديٍّ / ينثُرُ النّاسِبونَ سِمْطَ فَريدِ
حازمٌ قوسُهُ إلى كلِّ قصدٍ / فوّقَتْ سَهْمَها يدُ التسديدِ
خدمَتْهُ الدُّنا فأوقاتُه البي / ضُ لديه وسودُها كالعَبيدِ
سيفُ حَتفٍ إلى نُفوسِ الأعادي / حملتْهُ حمائِلُ التأييدِ
ألِفَتْ جيشَهُ النّسورُ فكادت / قَبحُها أن تَبيضَ فوقَ البُنودِ
حيدَريٌّ إذا الأكارِمُ عُدّوا / كان منها مكان بيتِ القَصيدِ
ذو خِصالٍ حِسانُها باسماتٌ / عن ثَنايا ترتّلَتْ كالبُرودِ
شِيَمٌ كالفِرِنْدِ أصبحْنَ منه / قائِماتٍ بذاتِ نَصْلٍ جَديدِ
أنجُمٌ في القضاءِ تَحكي الدّراري / كم شَقيٍّ منها وكم من سَعيدِ
ويَمينٌ بنانُها زاخِراتٌ / بالمَنايا وبالعطاءِ المَزيدِ
لُجّةٌ في الكفاحِ تُنتجُ ناراً / لم تلدْها حواملُ الجُلمودِ
أوشكَتْ شُعلةُ المهنّدِ فيها / أن تُذيبَ الدّروعَ ذوبَ الجليدِ
حُبُكٌ فوقَها تُسمّى خُطوطاً / وهْيَ بحرٌ وتلك أمواجُ جودي
صدّقَتْ رأيَ قائِفٍ حين صارَتْ / قال فيها سياسةٌ للجُنودِ
مغرَمٌ في عِناقِ سُمرِ العَوالي / أوَ ظَنّ الرماحَ أعطافَ غِيدِ
عوّذَ المُلْكَ بأسُه بالمَواضي / فحماهُ من نزعِ كلّ مُريدِ
آمرٌ في أوامرِ اللَّهِ ناهٍ / عن مناهِيه حاكمٌ بالحُدودِ
يعرُجُ المدحُ للسماءِ فيأوي / ثمَّ منه إلى جَنابٍ مَجيدِ
عن عليٍّ يورَّثُ العِلمَ والحك / مَ وفصْلَ الخِطاب عن داوُدِ
تستفيدُ النّجومُ من وجهه النّو / رَ ومن حظّه قِرانَ السّعودِ
أينَها منهُ رفعةً ومحلّاً / ليس قدرُ المُفيدِ كالمُستفيدِ
يمُّ جُودٍ تُثني عليه الغَوادي / وكفاهُ فخراً ثناءُ الحَسودِ
حسَدَتْ جُودَه فللبرقِ منها / نارُ حُزنٍ وأنّةٌ للرعودِ
هو في وَجنةِ الزّمانِ إذا ما / نَسبوهُ إليه كالتّوريدِ
ألمعيٌّ يُبري النفوسَ المَعاني / بجُسومٍ من لؤلؤٍ مَنضودِ
سيّدي لا برحْتَ في الدّهرِ رُكناً / للمعالي وكعبةً للوُفودِ
لك من مُطلَقِ الفَخارِ خِصالٌ / غيرُ محتاجةٍ إلى التقييدِ
كلَّ يومٍ تأتي بصُنعٍ عَجيبٍ / خارجٍ عن ضوابِطِ التّحديدِ
فُصِّلَتْ فيكَ جُملةُ الفضلِ والفض / ل وعلمُ الأحكامِ والتجويدِ
عمرك اللَّه يا عليُّ ولا زلْ / تَ سرورَ الأنام في كلّ عيدِ
إنّ شهرَ الصّيامِ عنكَ ليَمضي / وهو يَثني عليكَ عِطفَ وَدودِ
قد تفرّغْتَ فيه عن كلّ شيءٍ / شاغلٍ للدُعاءِ والتحميدِ
وهجرْتَ الرُقادَ هَجراً جَميلاً / ووصلْتَ الجُفونَ بالتّسهيدِ
وعصَيْتَ الهَوى وأعْرَضْتَ عنه / اِمتثالاً لطاعةِ المَعبودِ
قوتُكَ الذِكرُ فيه والوردُ وِردٌ / إن دعاكَ الأنامُ نحو الوُرودِ
فاِسْمُ واِسْلَمْ وفُزْ بأجرِ صِيامٍ / فِطرُهُ فاطرٌ لقلبِ الحَسودِ
واِبقَ في نعمةٍ وحظٍّ سنيٍّ / وعُلاً لم يزلْ وعيشٍ رَغيدِ