المجموع : 4
قَرّبا لي يا صاحبيّ بعيدا
قَرّبا لي يا صاحبيّ بعيدا / وذَراني حتّى أَهيمَ وحيدا
ليس خَطْباً لو تُسعِداني عظيماً / أن تَعوجا لمُغْرَمٍ وتَعودا
ما تَجاوزْتُما المعاهِدَ إلاّ / إن تَناسَيْتُما بهِنّ العُهودا
فاحْبِسا العيسَ لا أَجَلْنَ نُسوعاً / تحتَ رَكْبٍ ولا حَملنَ قُتودا
بَلِّغاني منازلَ الحَيِّ أسألْ / ها متى فارقَتْ دُماها الغِيدا
واستَدِلاّ على الحمى نَشْرَ مِسكٍ / من مَجَرِّ الحسانِ فيه البُرود
وانْشُدا في ديارِهم تَجِدا لي / ثَمّ قلباً من الهوى مَعْمودا
إنّما أَصبحَ الفؤادُ فَقيداً / يومَ لم يَتْبَعِ الغرامُ فقيدا
أنشدَتْنا وُرْقُ الحمائمِ عند الصْ / صُبْحِ من شِعْرِها القديمِ قَصيدا
قَوّمَتْ وزْنَها وإن لم تُعلَّمْ / من عَروضٍ طويلَها والمديدا
وتَغنّتْ بكلِّ مَنظومةٍ عَجْ / ماءً تَجلو معنىً وتَحْلو نَشيدا
ما ابتدَتْها لكنْ إذا درسَ الشَّو / قُ فؤادي كان الحَمامُ مُعيدا
ظَلْتُ أهوى القدودَ وهْي من الأغ / صانِ تَعلو ما ظَلَّ يَحكي القدودا
أنكرتْ أنّني أَبِيتُ مَشوقاً / وكفَى الصَّبَّ بالنّجومِ شُهودا
يَشهَدُ النّجمُ أنّ طَرْفيَ طُولَ الْ / لَيلِ يُمسي بسَيْرهِ مَعْقودا
كلّما زادَ سِر وجْدي ظُهوراً / لابنةِ العامريِّ زادَتْ جُحودا
سال وادٍ مِنّى على النّحْرِ لمّا / قال وَشْكُ النّوى لعَينيّ جُودا
وكأنَّ الحبيبَ يومَ وداعي / ودُموعي للبَيْنِ تَحْكِي الفَريدا
عَلَّقَ العِقدَ فوق خَدِّي وأوصَى / أن يُخلَّى كذاك حتّى يَعودا
مَوقِفٌ ضَمَ شائقاً ومَشوقاً / لفِراقٍ وجازِعاً وجَليدا
ووُجوهاً غرائبَ الحُسْنِ بِيضاً / خَشِيَتْ رِقْبةً فأبدتْ صُدودا
من مَهاةٍ تُديرُ في النُقبِ عَيناً / وغزالٍ يَمُدُّ في الحَلْيِ جِيدا
رشَأٌ راقَني وأعمَلْتُ فِكْري / كيف أَصطادُه فكنتُ المَصيدا
حُبُّ تلك الخدودِ عَفَّرَ منّا / حين ساروا وسْطَ الطُّلولِ الخُدودا
وليالٍ جُعلْن بِيضاً وسُوداً / جعلَتْ عارِضَيَّ بِيضاً وسودا
مُستزيداً لِما أتانيَ منها / ولِعَهْدِي بِما مضَى مُستَعيدا
قلتُ للغيثِ حين أخلَى من الأرْ / ضِ وأبلَى بعد الخُلُوِّ زرودا
حين سار الخليطُ منها انتِجاعاً / كرَّ في إثْرِهم يُعفّي الجَديدا
شُقْتَهم نائياً وجُرْتَ أخيراً / فلعَمْري أَسأْتَ بُخْلاً وجُودا
لو تَعلَّمْتَ من يمينِ سديدِ الدْ / دولةِ الجُود لاغْتديْتَ سديدا
ولخَلَّفْتَ حين سِرْتَ ثناءً / ولأصبحْتَ كيف دُرْتَ حميدا
ماجِدٌ شُرِّفَتْ معاليهِ حتّى / جاوزتْ في عُلُوِّهنّ الجُدودا
جَلّ نَفْساً وجَلّ أَصْلاً فحاز ال / مجْدَ طُرّاً طريفَه والتّليدا
شادَ مجداً واللّهُ قِسمةَ عَدْلٍ / قَسَم النّاسَ سَيِّداً ومَسودا
جمع اللّهُ فيه ما لا يَرى النّاسُ / شبيهاً فيه له ونَديدا
أدباً كاملا وأَصْلاً كريماً / وندىً شامِلاً وبأْساً شديدا
يَحفَظُ الدِّينَ والمروءةَ في كُلْ / لِ مُقامٍ حِفْظَ العِقالِ الشَّرودا
وهما جانبانِ حِفْظُهما إلْ / لا لقَومٍ لا بُدَّ من أن يَؤودا
حَسَنُ العَهْدِ ليس يَرضَى بأنْ نَفْ / قِدَ يوماً إحسانَه المَعْهودا
فهْو يزدادُ من أخيهِ دُنُوّاً / كلّما نال من عُلاهُ مَزيدا
يَشمَلُ الآمِلين بالكرمِ الغَمْ / رِ وظِلُّ العُلا يكونُ مَديدا
كلّما حاذَروا طَوارقَ دهْرٍ / أَيقظُوهُ وباتُوا رُقودا
وإذا ما انتَدى رأيت وقوراً / يُمسِكُ الأرضَ حِلْمُه أن تَمِيدا
فعَوالي الآراء منه نُجومٌ / بات للمُلْكِ كلّهنّ سُعودا
وبيُمناهُ للخلافةِ ماضٍ / يَنثُرُ الدُّرَّ جائداً ومُجيدا
قلَمٌ ما يزالُ يُردِي عَدُوّاً / بشَبا حَدّهِ ويُعْلي وَدودا
اصطفاهُ بيتُ النّبوّةِ كي ين / طِقَ عنه مُؤيَّداً تَأْيِيدا
فهْو تُوحَي إليه آياتِ مَغْزا / هُ فيُبْدي إلى الكتابِ سُجودا
واذا سَدَّد الكُماةُ قَناهم / بين آذانِ خَيلِهم تَسْديدا
واستُلِذَّ الردى ويَعتَدُّ قومٌ / عدمَ النّفْسِ في المعالي وُجودا
بين سُمْرٍ في الرَّوعِ يَحشِين أَحشا / ءً وبِيضٍ منهم يَرِدْن الوَريدا
نَفَرٌ تحسَبُ القِسِيَّ ضُلوعاً / لهمُ الدّهرَ والدُّروعَ جُلودا
كلُّ ذِمْرٍ يُطاوِلُ الرُّمحَ باعاً / فهْو ما إنْ يَصِيدُ إلاّ الصِّيدا
وغلامٍ إذا بدا فوق مُهْرٍ / خِلْتَهُ فوق مَتْنِه مُوْتودا
رَدّ أرماحَهم بأُنبوبةٍ عَجْ / فاءَ مَبرِيّةٍ وفَضَّ الجُنودا
وكفَى كلَّ خُطّةٍ من ليالٍ / ذِكْرُ أهوالِها يُشيبُ الوَليدا
بلسانٍ إذا جَرى ذي بيانٍ / يَرقُبُ الخَلْقُ وعْدَه والوعيدا
تارةً يُطْفِيءُ الحروب وطَوْراً / للأعادي يَزيدُهنّ وُقودا
يَنتضيهِ للمُلْكِ كفُّ بليغٍ / يَدعُ الطِّرْسَ منه روضاً مَجودا
كم على النُّجبِ من معاشرُ أَنجا / بٍ يَقودون للمَطالبِ قُودا
والمطايا نَواحلٌ قد طَوتْها ال / بيدُ ضُمْراً ممّا طَوين البِيدا
حاملاتٌ إلى ذُراهُ وفوداً / في ذُراها أو راجعاتٌ وفودا
نظَموا العيسَ في الأزمّةِ نَظْمَ الدْ / دُرِّ في السِلْكِ نُضِّدتْ تَنْضِيدا
جَعلوها قلائدَ البِيدِ لا يُخْ / لون منهنّ جِيدَها تقْليدا
كلّما ألقتِ الفلاةُ عُقوداً / في ذُراها منهم كسَوها عُقودا
وإذا أَبدأوا إليه أَعادوا / صَدَراً ليس يَنْقَضي ووُرودا
فتَراهم كأنّهم نَفَسُ الحَيْ / يِ دواماً مُردَّداً تَرْديدا
قاصِدي ماجدٍ إذا قصَدوه / بَلَغوا من نَواله المَقْصودا
ورَّثَتْهُ العلا مُلوكٌ كرامٌ / مَهّد الدّهرُ مُلْكَهم تَمْهيدا
وهمُ القومُ سائدون جُدوداً / للبرايا وصاعدونَ جُدودا
كُلّما جَرَّدوا ظُبيً من غُمودٍ / بُدِّلَتْ من طُلي المُلوكِ غُمودا
وإذا دبّروا الممالك بالرأْ / يِ وقد همَّ كائدٌ أَن يكيدا
شَدَّدوا الأمرَ والمُدبِّرُ يُلْفَى / كاسْمِهِ حين يُسْلَبُ التّشْديدا
يا أَبا عبد اللهِ قد مَرَّ لي عن / ك زمانٌ أَصبحتُ فيه مَذودا
صَحَّ فيه وُدِّي وإن مَرِضَ الجِس / مُ وما حِدْتُ عن هواك مَحيدا
مَرْضةٌ وسْطَ غُربةٍ في بلادٍ / تركتْني من بينِ صَحْبِي فَريدا
فإذا ما نظَرْتُ لم أر حَولي / عائداتي إلاّ هُموماً حُشودا
كنتُ كالماء لي وكنتُ أنا الظّمْ / آنَ يَلْقَى سَبيلَه مَسْدودا
وإليك ارتحلْتُ من قَطَنِي النّا / زِحِ أزْجي بالشِّعْرِ حَرْفاً وخُودا
لم أزُرْ غيرَكم ولو لم أجِدْ ما / ءً تَيمّمْتُ بالفلاةِ صَعيدا
والّذي بيننا يَجِلُّ عنِ الإذْ / كارِ فاحفَظْ ذاك الذّمامَ الوكيدا
بي عَناءٌ ولى لديك اعِتناءٌ / لم يَزلْ لي إذا طَلبْتُ عَتيدا
هاكها عذْبةَ المقاطعِ يَحْكِي / كلٌّ بَيتٍ منهنّ ثَغْراً بَرودا
فاتّخِذْها لجِيدِ عُلياكَ عِقْداً / لا تَرى في نظامهِ تَعْقيدا
وانتقِدْها انتقادَ صَفْحٍ فكم جُوْ / وِزَ صَفْحاً ما لم يَكُنْ مَنْقودا
كم تَرى لي ما لا أقولُ مُجِيداً / فتَرى من تَكَرُّمٍ مُستَجِيدا
فأعِدْ بالعنايةِ النّظرَ العا / ليَ واردُدْ بالغَيظِ عنّي الحسودا
وتغَنّمْ صَوماً جديداً أتَى نَح / وك يَسعَى شَوقاً ويوماً سَعيدا
هو صومٌ وافَى ووجْهُك عِيدٌ / هل رأيتُمُ صَوماً يُفارِقُ عِيدا
فالْقَ أمثالَ ذاك وابقَ بلا مِثْ / لٍ جَزيلَ اللُّها مُفيتا مُفيدا
أضحَتِ الأرضُ جنّةً بك للنّا / سِ سُروراً فلا عَدِمْتَ الخُلودا
كلّما اشتَقْتُ يا خَليلَيَّ نَجْدا
كلّما اشتَقْتُ يا خَليلَيَّ نَجْدا / عَنَّ صَرْفُ الزّمانِ فازدَدْتُ بُعْدا
كلَّ يومٍ أزيدُ بالقلبِ إقْبا / لاً عليه يَزيدُ بالوجْهِ صَدّا
فمتى نَلْتَقي ونحن على ذا / أَيَّ قُرْبٍ رُمْنا إلى البُعْدِ أَدّى
قد بلَونا الهوى وكان شديداً / ولَقِينا النّوى فكان أَشَدّا
ووصَلْنا الحنينَ لو جَرَّ نَفْعاً / وأَدَمْنا البكاءَ لو كان أَجْدى
وقطَعْنا البلاد سَهْلاً وحَزْنا / وَبرَيْنا الرِّكابَ حَلاً وشَدّا
وانتظَرْنا الزّمانَ يوماً فيَوْماً / واعتنَقْنا الخطوبَ وَفْداً فَوفْدا
كُلُّ شَيءٍ لَقِيتُه دونَ نَجْدٍ / حين يَمَّمْتُه ولم ألْقَ نَجدا
غُربةٌ لم تدَعْ من العزْمِ فَضْلاً / ونوىً لم تدَعْ معَ العيسِ جَهْدا
غَرْبةُ الجَدِّ أَينَما أَتوجَّهْ / من تمادِي أيّامِها أَلْقَ سَعدا
إنْ تَعدَّى بها الزّمانُ علينا / فعلَى كم هذا الزّمانُ تَعَدّى
لا تَلُمْهُ فاللّومُ ينجَحُ في الحُرْ / رِ وكان الزمانُ مُذْ كان وَغْدا
يَصِلُ المالَ بالهوانِ لراجي / هِ وكان الهوانُ للحُرِّ طَردا
وأخو الهِمّةِ الأبيّةِ فيه / من بنيهِ يَختارُ عِزّاً وجُهدا
أيّها الرّاكبُ المُغِذُّ مُجِدّاً / وأَراه لعهدِ نجدٍ مُجِدّا
قُلْ لنجدٍ عنّا سقَى اللّهُ نجداً / قولَ مَن ضَمَّ منه في القلبِ وَجدا
أَنت والسّاكنوك فيما عَهِدْنا / هِجْتُما لي جوىً أعادَ وأَبدا
فإذا ذُمَّتِ العهودُ فإنِّا / ما ذمَمْنا منهم ولا منكَ عَهدا
فرعَى اللّهُ ذلك العهدَ عَهدا / وأَرى اللّهُ ذلك الحَيَّ سَعدا
وكسا اللّهُ ذلك العهَدَ رَوْضاً / وكسا اللّهُ ذلك الرَّوضَ وَرْدا
رُبَّ مُستَجهلِ العواذلِ فيه / بتُّ منه بمقلةٍ ليس تَهدا
قَمرٌ بِتُّ ساهراً فيه حتّى / كدْتُ أُفْني له الكواكبَ عَدّا
لو بخَدِّي منه يكون غليلي / لأبتْ مُقلتايَ أن تَتندّى
لم يكن قبلَ يُنجِزُ الوَعْدَ حتّى / أَنجَز الدهرُ منه للبَيْنِ وَعدا
جاء يومَ الوداعِ يُنشِدُ فيه / ما ترَى العيسَ في الأزِمّةِ تُحْدى
وبدا للنّوَى به مثْلُ ما بي / كم هوىً كان لازِماً فتعَدّى
وتقاضَيتُه وداعاً ولَثْماً / ليكونا لنا سلاماً وبَردا
فتأبَّى واعتادَه خجَلٌ أَل / هبَ منّي ومنه قلباً وخَدّا
ثُمَّ ولّى كالغصْنِ في مَرَحٍ يَفْ / تِلُ منّي ومنه جِيداً وقَدّا
بعد ما أَنفذَ الحشا بجفونٍ / سحَر القلبَ طَرْفُها حين ردّا
فكأنَّ الأستاذَ قابلَ عينَيْ / هِ بسِحرِ البيانِ منه فَأعْدى
الأديبُ الذي حوىَ الفضلَ طُرّاً / والرْئيسُ الّذي علا الخَلْقَ مَجدا
والجوادُ الّذي كفَى الفضلَ رِفْداً / والغمامُ الذي سقى الأرضَ عِدّا
كُلُّ مَن مَدَّ في الفصاحةِ باعاً / حَدَّ منها له ذوو الفَهْمِ حَدّا
وأَبو إسماعيلَ إن قال فَصْلاً / ببني إسماعيلَ طُرّاً يُفَدّى
أَجمَعتْ في البسيطةِ العُرْبُ والعُجْ / مُ على أَنّه تَوحَّد فَردا
لم تكُنْ يَعرُبٌ لِيُعْرِبَ عنها / معه النّاسُ أو يَعُدُّوا مَعَدّا
هو أَهدَى فِكْراً وأَشرَفُ ألفا / ظاً وأعلَى رأياً وأثقَبُ زَنْدا
ذو كلامٍ تقولُ يُختارُ لفظاً / عنده لو تَراه يَشتارُ شُهدا
الأجلُّ الأجلُّ يختارُ منه / حين يختاره الأسدّ الأسدّا
إن يشأْ عند ذاك يَنثُرُ دُرّاً / أو يشَأْ بعد ذاك يَنظِمُ عِقْدا
بِدَعٌ لم تَدعْ لوُسْعِ بليغٍ / صَرْفَ حَرْفٍ له بآخرَ نَقدا
مُعجِزاتٌ للنّاطِقين فلولا / ما لَهُ من ديانةٍ لتَحَدّى
يَبْتَني رُتبةً على كلِّ حالٍ / لِوَلّيٍ لها ويَكْبِتُ أَعدا
ويُمِدُّ الوزيرَ منها بنَصْرٍ / فيكونُ الرُّكنَ الأعزَّ الأشَدّا
فبِها زادَهُ على النّاسِ قُرْباً / وبها خَصَّهُ من النّاسِ وُدّا
وبإصْفائهِ إذا القومُ خانوا / وبتَدبيرِه إذا الأمرُ جَدّا
وبآرائه إذا ما استُضيئتْ / وبأقلامِه إذا ما استمَدّا
مَأثُراتٌ ما إن يُرَى حين تَتْلو / لك فيها نِدّاً ولا منك بُدّا
أيّها الماجِدُ الّذي فاقَ مَجْداً / والفتى الواهبُ الّذي طابَ وِرْدا
لي بسامي عُلاك إدْلالُ مثْلِي / إذ تلَقّيتُ في اعتمادِك رُشدا
لا بأنّي عَمِلتُ فيك قصيداً / بل بأَنّي أَعملْتُ نحوَك قَصدا
أنا مِمّن عشا إلى ضَوء آدا / بِك في العالمِين حتّى تَهَدّى
واقتدَى بالّذي رُوِي لك من شِعْ / رِك حتّى صار المُجِيدَ المُفَدّى
وسما طَرْفُه إليك من الشّو / قِ ولكنْ كانتْ لياليهِ نُكدا
فتعاطَى لك السُّرَى بعدَ لأْيٍ / وتجافَى لك الكرَى واستعَدّا
حمَل الحمدَ نحوَ بابِك فوق ال / عيسِ حتّى هدَى إليك وأَهْدى
يَفتِكُ الدّهرُ بي لأدنَى مَعاشٍ / رَخُصتْ مُهجتي على الدّهرِ جِدّا
فاغتَنِمْها من فُرصةٍ وانتهِزْها / تَستدِمْ لي ما ساعدَ العُمْرُ حَمدا
وتدارَكْ نَفْسي بها من يَدِ الأيْ / يامِ من قَبْلِ أن تَفوتَكَ فَقْدا
واصطَنِعْني بها فلم أر كالحُرْ / رِ تَراه لدى الصَّنيعةِ عَبدا
وارْعَ ما بيننا منَ الأدبِ المُدْ / ني وإنّ كنتَ أنت أعلى وأَهْدى
وابْقَ حتّى تكونَ مع كُّلِّ مولىً / لك عَوْناً على الزّمانِ وَردّا
وتَمتّعْ بلذّةِ العيشِ رَغْدا / وتعَجّلْ في عَهْدِ دُنياكَ خُلْدا
وإذا ما أعارَك اللّهُ منه / ثوبَ عُمْرٍ أمِنْتَ أن يُستَرَدّا
أنت للعيِد وهْو للنّاسِ عيدُ
أنت للعيِد وهْو للنّاسِ عيدُ / صاحبٌ مُسعِدٌ ويومٌ سعيدُ
إنّما تَسعَدُ الأنامُ لعَمْرِي / بالّذي تَستمِدُّ منك السُّعود
وعلى ذاك فاغتنِمْه نزيلاً / فهْو بينَ الأنامِ يومٌ جَديد
لك فيه وبَعْدَه كلَّ يوم / فَرحٌ طارِفٌ وعزٌّ تليد
ولك الدّهرُ إنْ رضِيتَ غلامٌ / ولك النّاسُ ان قَنِعْتَ عَبيد
كعبةٌ أنت والفِناءُ مَطافُ / واليدُ الرُّكنُ والحجيجُ الوُفود
فتحاياكَ مِدْحةٌ وثناءٌ / وضحاياك كاشِحٌ وحَسود
ومَساعيك للزَّمانِ حُلِيٍّ / وأياديك للكرامِ قُيود
عَرصاتُ كأنّها عرَفاتٌ / مِلْؤُها العُرْفُ والفَعالُ الحَميد
واسعاتٌ معَ اتّساعِ العطايا / فهْي بِيدٌ تُطوَى إليها البِيد
يا أَميناً للدّولتَيْن فكُلٌّ / لِذُراها برأيه التّشْييد
ماجِدٌ خصَّهُ بكُلِّ عَلاءٍ / واصطفاه ربُّ العلاء المَجيد
فيه حَزْمٌ وفيه للخَطْبِ عزْمٌ / فهوْ في عسكَريْنِ وهْو وحيد
كيف لا تَحْتمي جوانبُ مُلْكٍ / وله دونَهُنَّ هذي الجُنود
ثاقبُ الرأي لم يَخِبْ قاصدٌ منْ / هُ بحالٍ ولم يَفُتْ مَقْصود
في يدِ الدّولةِ العزيزةِ منه / أَبدَ الدّهرِ سَهْمُ رأيٍ سديد
فبِه لا يَزالُ يُصْمَى عَدُوٌّ / وبه لا يزالُ يُحمَي وَدود
وأَمامَ الإمامِ يُضْحي ويُمسي / بحُسامينِ وهْو عنه يَذود
قَلَمٍ يَقلِمُ الخطوبَ ورأْيٍ / بِهما يُبْدِيءُ العُلا ويُعيد
في نَواصي كِلَيْهِما للبرايا / كلُّ نُجْحٍ لمَطْلبٍ مَعْقود
قَلّدَتْه يدُ الخليفةِ تَخْصي / صاً وفخْرٌ في مِثْلِه التَّقْليد
وتَناهَى له إلى الأمَد الأق / صَى من النُّصح فهْو لا يَستَزيد
والمَراضي المُسترشِديّةُ لا يُد / رِكُ غاياتِهنَّ إلاَّ رَشيد
كم وفَى الّرأْيُ منه للقوم دَيْناً / حين ذُمّتْ من الرّجالِ العُهود
وكفَى المُلْك كلُّ طارقِ خَطْبٍ / كشفَتْ سِرَّها إليه الغُمود
وشَفاهُ مِمّا شكاهُ فأَمْسَوا / وهمُ دون ما أَرادوا هُمود
بين باغ والرُّمحُ حَشْو حَشاهُ / وعَدُوٍّ وَريدُه مَوْرود
ففَداهُ مَنْ لا يَنالُ مَداهُ / في عُلاهُ وللمعالِي حُدود
يا ابنَ عبدِ الكريم يا مَنْ غدا عِقْ / داً من المكرماتِ والدّهرُ جِيد
بك أمسَتْ لَيْلاتِيَ السّودُ بِيضاً / في زمانٍ أيّامُه البِيضُ سُود
أنا أشكو إليكَ يا مُشتكَي الأح / رار دَهْراً في خُلْقِه تَنْكِيد
قَبضَتْ خَطْويَ الهمومُ فمِنْ قل / بي لرِجْلي في منزلي تَقْييد
وعلى أنَّني أُقِلُّ حُضوري / فلك القَصْدُ بالهَوى والقَصيد
وفِراري إليكَ إن راب يومٌ / وبِلالي عليك إنْ جَفّ عُود
لك شُكْري وليس كلُّ لِسانٍ / ناشرٍ شُكْرَ مثْلِه مَحْمود
شمِلَ الغيثُ كلَّ عُودٍ بسُقْيا / هُ ولكنْ ما طاب إلاّ العُود
فأعِدْ نظرةً إلى عُلَقي أُخْ / رى وللفضل مُبْديءٌ ومُعيد
قبلَ أنْ يَبعُدَ القريبُ من الدّا / رِ يُقَرّب من المَرامِ البعيد
فإذا عشْتَ فالدّيارُ جِنانٌ / لذوي الفضْلِ والحياةُ خُلود
زِدْ بأيّامِك ابتهاجاً ومنها ال / عِيدُ باليُمْنِ واحدٌ مَعْدود
عيدُ نَحْرٍ وافاك عُطْلاً ومن رِفْ / دِك وافَى في النّحْرِ منهُ عقود
وافدٌ لا يزالُ بالسّعْد منه / صَدرٌ ليس يَنْقَضِي ووُرود
أنت في الدَّهر لا تزالُ مُقيماً / وهْو يَمضي مُردَّداً ويعود
أبداً تَستَجِدُّ منهُ بُروداً / تَكْتَسيهنّ حين تَبلَى بُرود
فالْقَ أمثالَهُ فَمِثلَك لم يَلْ / قَ وإن راقَه الجُموع الحُشود
هل رأى العيدُ قَطُّ قبلَك مَولىً / كُلُّ معنىً في جودِه مَوْجود
وجْهُه المُستَهلُّ والأنملُ العَشْ / رُ ففي كُلِّ لحظةٍ منه عِيد
ناحِراً للعُداةِ حتّى لوَحْشِ ال / بيد أيضاً بلَحْمِهم تَعْييد
يَقتُلُ الحاسِدين قَتْلاً نَداهُ / ويُرجّى قِراهُ نَسْرٌ وسِيد
فله في مواقفِ الجُود بَأْسٌ / وله في مَواقِف البأْس جُود
عشْ عزيزاً مُحقِّقاً ما تُرجِّي / في اللّيالي مُبلَّغاً ما تُريد
رائياً في ابْنكَ النّجيب من الآ / مال ما قد رأَتْه فيكَ الجُدود
كيف لا يَفْرِسُ المعاليَ شِبْلٌ / رشّحَتْه لَهُنّ تلك الأُسود
يا أبا عبدِ اللهِ دام لك اللّ / هُ مُعِيناً وحاطَك التّأييد
كلّما أمَّل الحسودُ لِنُعْما / ك انتِقاضاً أُتيحَ منها مَزيد
فوق وُسْعِ الورى بلَغْتَ من العِزْ / ز وللمجدِ بَعدُ فيك وُعود
هاكَ عَهدي فَلا أَخونُكَ عَهداً
هاكَ عَهدي فَلا أَخونُكَ عَهداً / يا مَليحاً لَدَيهِ أَمَسيَتُ عَبدا
لا وَحَقِّ الهَوى سَلوَتُكَ يَوماً / وَكَفى بِالهَوى ذِماماً وَعَقدا
إِنَّ قَلبي يَضيقُ أَن يَسَعَ الصَب / رَ لِأَنّي فَنَيتُ عَظماً وَجِلدا
وَفُؤادي لا يَعتَريهِ هَوى الغَي / رِ لِأَنّي مَلَأتُهُ بِكَ وَجدا
يا مَهاةَ الصَريمِ عَيناً وَجيداً / وَأَخا الوَردِ في الطَروَةِ خَدّا
وَشَقيقَ الخَنساءِ في الناسِ قَلباً / وَقَضيبَ الأَراكِ ليناً وَقَدّا
كَيفَما كُتتَ لَيسَ لي عَنكَ بُدٌّ / فَأَبِعني وُدّاً وَإِن شِئتَ صَدّا
وَمَلَكتَ الفُؤادَ مِنِّيَ كُلا / فَاِتلِفَن ما أَورَدتُ هَزلاً وَجِدا
يا لَيالي الوَصلِ كَم لَك عِندي / خَلَواتٌ مَعَ الغَزالِ المُفَدّى
كَم جَنَينا ثِمارَكَ وَهيَ عِندي / مِن يَدٍ كانَ شُكرُها لا يُؤَدّى
فَسَقَتكَ الدُموعَ مِن وابِلِ الغَي / ثِ مَديدَ البِحارِ جَزراً وَمَدّا
وبكَتْكِ دماً عُيوني من دمْ / عي بديلاً فهُنّ أغزرُ وِرْدا
هل لِماضيكَ عَودةٌ فلقد آ / نَ جَمالُ الحبيبِ أَن يَتَبدّى