القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : بَدَوِيّ الجَبَل الكل
المجموع : 3
زهوة الفتح و الشباب النّجيد
زهوة الفتح و الشباب النّجيد / من سقى الفجر من دماء الشهيد !
خضبت غرّة الصّباح فقد / نمّ عليها بالعطر و التوريد
قدر أنزل الكميّ عن السرج / و ألوى بالفارس المعدود
مصرع الشمس في الضحى هل ينال / الشمس في أفقها عثار الجدود
دم غازي ياحمرة الفجر فاسقي / و أرشفي من ضيائه و استزيدي
عرس في الجنان فالحور يطفرن / على ميعة الضياء البديد
سدرة المنتهى نعيم و أفياء / و أغرودة على أملود
و حنت فاطم تضمّ فتاها / لهفة الأمّ فوجئت بالوحيد
من رأى روعة الحنان أطلّت / من عيون و لألأت في خدود
و هفا بالنعيم غازي لبغداد / و للجند و القنا و البنود
إيه دنيا الرّشيد تفنى الحضارات / و تبقى كالدهر دنيا الرّشيد
صور للعلى القديم وضّاء / زوّقتها رؤى الخيال الشرود
صور للقديم تعرضها الدّنيا / ضياء و روعة في الجديد
هذه دجلة و هذي البساتين / و شدو القمريّة الغرّيد
و الأماسيّ و النخيل و ملاّح / طروب الحداء حلو النّشيد
و الليالي القمراء في النّهر / و الأنغام أصداء زورة و صدود
و القيان الملاح يخطرن في / الشطّ سكارى مرنّحات القدود
آهة بعد آهة من عريب / تخلق الظلّ للضحى المكدود
كلّما هلهلت صبا أو حجازا / ضاع حلم المتوّج المحسود
و جوار يمرحن في الزورق الساجي / و يضحكن عن نديّ برود
رفّ مجدافه على الماء و انساب / بأحلى معاصم و زنود
فانتشى من طيوفهنّ و جنّت / قطرات علقن بين النّهود
و القصور البيضاء و الحلم / اللذّ جلاه دخان ندّ و عود
حملته هفهافة العطر نشوان / إلى جنّة الخيال البعيد
همدت ثورة الشهيد و قرّت / يا دويّا مجلجلا في الهمود
إيه دنيا الرّشيد تفنى الحضارات / و تبقين من لدات الخلود
قصر هارون ما عهدت من الألاء / و العزّ و ازدحام الوفود
حمل التّاج مفرق الملك الطفل / و ما ناء بالجليل الشديد
تاج بغداد و الشام و لبنان / و بحر للروم طاغ عنيد
أيّها البحر ! بعض تيهك و اذكر / نسبا بيننا قديم العهود
لست للروم أنت للملك الطفل / نضار في تاجه المعقود
أيّها البحر ! أنت مهما افترقنا / ملك آبائنا و ملك الجدود
و انحنى الكون يلثم الملك الطف / ل و يفديه بالطّريف التليد
صاحب التّاج ! دمعة من دموع / الشام ذوّبت عطرها في قصيدي
و أنا الشاعر المدلّ على الدنيا / بغيب في حبّكم و شهود
هاشمي الهوى أحبّ فما دارى / و عادى على هواكم و عودي
حليت في نعيم جدّك أشعاري / و نمنمت في ذراه عقودي
حاطني بالحنان صقر قريش / و سقى دوحتي و نضّر عودي
لكم نعمة عليّ و ما كنت / لنعماء بيتكم بالجحود
فيّئ الشام باللواء و نضّر / شاطئيها بظلّك الممدود
ليس بين العراق و الشام حدّ / هدم الله ما بنوا من حدود
بايعت جدّك الشام فسلها / تتحدّث عن يومه المشهود
بيعه في رقابنا لأبي غازي / و للإبن بعده و الحفيد
قل كما قال للغمامة هارون / و في الجوّ زمزمات الرّعود
قل لها : أيّها الغمامة جودي / شاطئ الرّافدين أو لا تجودي
حوّمي ما أردت شرقا و غربا / في تجوم الكون الفسيح المديد
سترفّين مخصبا من سفوحي / أو تروّين ظامئا من نجودي
أمطري حيث شئت فالكون ملكي / و بنوه قبائلي و جنودي
لا تسلني عن الشام فقد حزّ / بجيد الشام عضّ الحديد
لوّحوا بالقيود فابتدر الموت / أباة تنمّروا للقيود
روّعوا الأمّهات في حلّك الليل / و راعوا صغراها في المهود
فتنمّر و اغضب لقومك و ارجم / بالشّهاب اللّمّاح كلّ مريد
و اغز بالجيش قبّة الفلك الدائر / و اقحم به عرين الأسود
جيشك الجيش لو تنكّر للنوم / لضاقت به جفون الرّقود
فإذا هجته ترنّحت الأعلام / و ازّيّنت لفتح جديد
و إذا هجته تلفّتت الدنيا / و همّت أفلاكها بالسجود
شقيت باليهود أرض فلسطين / و ضاقت رحابها باليهود
بنفايا الدنيا على كلّ وجه / منهم سبّة اللعين الطريد
أدب القوم بالسّياط و نزّه / سيف هارون عن دماء العبيد
بنت مروان لا تراعي و خلّي / عنك تهويل عدّة و عديد
أنت في ذمّة الوصيّ على التاج / و في ذمة المليك الوليد
أنت في ذمّة العراق و في / ذمّة أنجاده الأباة الصيد
قيل من للشآم قالت : أعزّ / العرب جارا و أومأت (للسعيد)
سأل الصبح عن أخيه المفدّى
سأل الصبح عن أخيه المفدّى / أيّها الصبح لن تشاهد سعدا
غيّب الدّهر من سيوف معدٍّ / مشرفيّا حمى وزان معدّا
كلّما عارضوا الصّوارم فيه / كان أمضى شبا وأصفى فرندا
حاسنوا غرّة الصباح بسعد / فعلمنا أيّ الصباحين أهدى
طلعة تفرح العيون و تسبيها / و تغزو القلوب كبرا و مجدا
و حديث كأنّه قطع الروض / تنوّعن أقحوانا ووردا
بدعة الظرف و الأناقة يرضيك / دعابا عفا و يرضيك جدّا
تنهل العين من بشاشة سعد / ريّها و العيون تروى و تصدى
الحضارات في شمائل سعد / إذا سمته الهوان تبدّى
مترف في رجولة و اعتداد / راع زيّا و راع وجها و قدّا
زعم الخصم أنّه مستبد / حبّذا الحكم عادلا مستبدّا
إنّ شرّ الأمور ظلم الجماهير / و أهون بالظلم إن كان فردا
من كسعد و للشباب هواه / قدرة تتعب الخيال و زهدا
يا صفيّ الأحزان تسقي البرايا / كأسها مرّة و تسقيك شهدا
رضيت نفسك الهموم رفيقا / اريحيّا على الشدائد جلدا
بورك الهمّ عبقريّا جوادا / لا كهمّ أعطى قليلا و أكدى
قل لمن يحسد العظيم ترفّق / إنّ خلف الأمجاد همّا و سهدا
من كسعد الملاحم جنّت / و تلقّى حدّ من الهول حدّا
و على راية الشام كميّ / يقحم الدرعين أشقر نهدا
هتكوا حرمة العرين فهاجوا / أسدا دامي البراثن وردا
حشدوا جندهم و أقبل سعد / يحشد البأس و العقيدة جندا
ضاحك الثغر و الضحى مكفهرّ / روّعوه قصفا و برقا و رعدا
و التقينا لا و إيمان سعد / ما تحدّوا بالموت إلاّ تحدّى
ضرب الظلم ضربة رنّحته / فتداعى مزمجرا فتردّى
زعموا أنّه جلاء و ما كان / جلاء بل كان خزيا و طردا
ما على العبد أن يسوّد عار / بدعة العار أن ترى الحرّ عبدا
من كسعد و للنديّ احتدام / جمرة الحرب عنفوانا و وقدا
حمم كالجحيم مستعرات / ردّها حلمه سلاما و بردا
ما حملت الجراح داء ملحّا / بل حملت الجراح غدرا و صدّا
حزّ في قلبك الوفيّ صديق / صار في الندوة الخصيم الألدّا
من يهزّ النديّ بعدك بالخطبة / عصماء تحشد البأس حشدا
ملهم حاضر البديهة تغريه / بأحلى ممّا اصطفى و أعدّا
مترف الفكر و البيان غنيّ / بالآلي يصوغ عقدا فعقدا
يجمع الحقّ و البيان على الخصم / فلمّا تملّك الأمر شدّا
يطعن الطّعنة العفيفة لا / تدمي و لكنّه أباد و أردى
برّأ الله قلب سعد من الحقد / وفاء للكبرياء و حمدا
و بنات الصدور يتعبها الذ / لّ خفاء عن العيون و وأدا
و القويّ النبيل يحنو على الدنيا / و يسمو بها وفاء و ودّا
حنّت الغوطة الرؤوم لسعد / و رواح له عليها و مغدى
طالما باكر الرياحين فيها / و سقاها الندى حنينا و وجدا
و شكى همّه فيا لك شكوى / نوّرت في الرّبى أقاحا و رندا
قال لي و الرّبيع غاف على الزّهر / يذيع الأحلام عطرا و ندّا
و الغروب النديّان في الغوطة المعطار / يحنو على الظلال فتندى
و قطيع من الشياه و رعيان / و أغنّية ترقّ فتردى
ما أحبّ الحياة في غوطة الشام / و أفجع الموت هجرا و فقدا
أيّ ورد للحسن تشتفّه عيني / و يبقى بقدرة الله وردا ..
هل رأت هذه الخمائل فبلي / من رآها عينا و ثغرا و خدّا
هي عندي شمائل و عطور / و قلوب تهوى و دلّ يفدّى
أعشق الحسن دوحة و غديرا / و بيانا سمحا و فجرا مندّى
ما رأى السقم قبل سعد حنانا / و حياء من السّقام و رفدا
كبقايا السيف اطمأنّت إلى الجفن / و راحت تبلى الهويني و تصدا
روعة الشمس في الغروب و لا أعشق / للشمس عنفوانا و رأدا
رنّح الشعر و الكريم طروب / ذكر سعد لا يبعد الله سعدا
و حدونا به المعاني فحنّت / حنّة العيس بالأغاريد تحدى
ما لسعد في الموت يزداد قربا / من فؤادي ما ازداد هجرا و بعدا
و إذا رفّ طيفه في خيالي / رفّ ريحانة من الله تهدى
أنت في خاطري و عيني و قلبي / و على الهجر لا أرى منك بدّا
صور لو ينال من حسنها النّور / لكانت بنور عينيّ تفدى
و أصون الطيوف بين جفوني / لو تطيق الجفون للطّيف ردّا
و أنا الصاحب الوفيّ فما خنت / حبيبا و لا تناسيت عهدا
لم يرعك الزّمان في حالتيه / و تحدّيته و عيدا و وعدل
ما وفيناك بعض حقّك فاعذر / إنّ عذر الكريم أسمى و أجدى
إنّ دين العظيم في كلّ شعب / لا يوفّى و حقّه لا يؤدّى ...
شغل الناس بالعظيم و أرضوا / نزوات النفوس هدما و نقدا
حسدوه على المزايا فكان ال / موت بين الأهواء و الحقّ حدّا
إنّ من ينكرونه و هو حيّ / ربّما ألهوه رمزا و لحدا
ما لأبنائنا تجنّوا علينا / و غفرنا ما كان سهوا و عمدا
أنكرونا على المشيب كأنّا / لم نكن قبلهم غرانيق مردا
حاسبونا على هنات المعالي / ثمّ غالوا بها حسابا و عدّا
نحن روّادكم طلعنا الثنايا / و زحمنا الصعاب غورا و نجدا
و بنينا لكم و نعلم أنّا / لن نملّى به بقاء و خلدا
أيّها النازل المقيم تعهّد / بالرضى و الحنان ركبا مجدّا
قل لشكري العظيم أشرقت في / السدّة يمنا و كبرياء و رشدا
يا أبا الدّولة الفتيّة تبنيها / و يلقى الباني عناء و جهدا
إن حضنت استقلالها و هو في / المهد فما اختار غير نعماك مهدا
لا تخف عثرة عليه و وهنا / بلغ الطفل في حماك الأشدّا
يا وريث الشموس من عبد شمس / ملكوا العالمين روما و هندا
بفتوح هنّ الملوك من العزّ / و بعض الفتوح غرثى عبدّى
أسلم القدس من يحجّ إلى القدس / و يتلو الإنجيل وردا فوردا
إن يناموا عنها نبّه الثأر / على الغوطتين أروع نجدا
مدن القدس كالعذارى سبوها / و أرادوا لكلّ عذراء وغدا
كالسّبايا لطمن خدّا و مزّقن / شفوف الحرير بردا فبردا
ضجّ سوق الرقيق في ندوة القوم / و نخّاسه طغى و استبدّا
يعرضون الشعوب عرض الجواري / عرّيت للعيون نحرا و نهدا
غيرة الله ! أين قومي و عهدي / بهم ينهدون للشرّ نهدا
نعشق القدّ للعوالي و أحببنا / لهنديّة الصوارم هندا
و دفنّا الكنوز يوم دفنّا / في ثراها الآباء جدّا فجدّا
رضي الله عن أخ لك كالسيف / المحلّى يروع نضلا و غمدا
أين سعد ؟ و لا ألوم اللّيالي / و هب الدّهر غاليا و استردّا
أيّ بدع إذا بكيت لسعد / إن بكى السيف حدّه ما تعدّى
لو رأى هذه الدّموع الغوالي / لبكى رحمة وحيّا و فدّى
غاب سعد عن العيون و ما / غاب ضياء يهدي القلوب فتهدى
ثورة في الحياة و الموت جلّت / ثورة الحقّ أن تقرّ و تهدأ
لا تعيدي ألحانه لا تعيدي
لا تعيدي ألحانه لا تعيدي / جلّ ذاك الهوى عن التقليد
نعم البلبل الأسير فقد عاد / إلى أفقه الفسيح المديد
شاعر لا يحدّه الكون ملّت / نفسه ضيق عالم محدود
و رأت جسمه على كرم العنصر / سجّان كنزها المرصود
فهي تقسو عليه تمعن في الهدم / و تأسى لركنه المهدود
فإذا هدّها الصراع اطمأنّت / و نجت في خيالها المصفود
لم يكن موته فراقا و لكن / هذه أوبة الخيال البعيد
عاد للفن ذلك النغم العذب / و آبت حنّانة التغريد
و انطوى في شذى الرّبيع و قد / ضمّ فنون العبير عطر الورد
قوّة من هوى و سحر رمتها / ربّة الشعر في يدي (كوبيد)
كلّما آذن الفناء تنادت / بوجود يطلّ خلف وجود
ملهم الشعر من هوى كلّ نفس / و لبنات كلّ قلب عميد
يتمت بعدك القوافي و ضجّت / باكيات بيومك المشهود
بعض نجواك للمشيب و إن / نزّهت نجواك عن أذى و حقود
يجمع الدّهر من غدائر بيض / حين يسطو و من غدائر سود
و لعلّ الردى أحنّ على الشعر / و أحنى على الصّريع الشهيد
رزئ الشعر فيك عبد الحميد / عبقري القديم عذب الجديد
غزل يسكر النفوس و يدني / ما نأى من خيالها المنشود
و أغان تعيد حبّا و عطرا / ما روته العصور عن داوود
فترشّف منهنّ خمر ثغور / و تنشّق فيهنّ عطر خدود
من قواف كأنّها بسمات / حاليات على شفاه اللغيد
قيّدت بالرويّ بعد انطلاق / نزوات الحنين و التّغريد
كلّما ردّد المغنّون رقّت / و هفا السامعون للترديد
و أطلّت منها فتون ثغور / و لبانات أعين و نهود
و جراحات كلّ قلب ظمئ / و ابتسامات كلّ ثغر برود
و المنى العاريات ألهبها / الشوق فجنّت و لوّحت بالبرود
و حنت تنشد الخلود ليغفو / بين أحضانها إله الخلود
عمر في القصيد من آل نعم / و سليمان قبله في النشيد
و المحبّون بسمة عند ثغر / يتملّى و معصم عند جيد
طال عهدي بالشعر إلاّ لماما / زورة الطيف بعد طول الصدود
و أنا شاعر الشباب و عندي / ما يشاؤون من منى و قصيد
لم أخن عهدهم فحبّي على ما / ألفوه و ذمّتي و عهودي
و الميامين آل جفنة و التّاج / عليهم أبوّتي و جدودي
لا تغرّنك ضحكة من حزين / ضحكات البروق سرّ الرّعود
حبّذا عهدنا على الغوطة الخضراء / و الحسن دائم التجديد
و ليال لنا على الرّبوة المئناف / سكرى نعيمها الموعود
نتهادى على عيون الأقاحي / و نعفو على شفاه الورود
أنشد الشعر و الشباب سكارى / من معيد منهم و من مستزيد
لا أبالي و قد قسوت على الظالم / عسف الدجى و عضّ الحديد
و لئن نالني الشباب بلوم / فبنعمى الشباب أورق عودي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025