قلَّ صبري على زمانٍ ألدِّ
قلَّ صبري على زمانٍ ألدِّ / وخُطوبٍ ألبَسَنْنَي غيرَ بُردي
وتقاليدَ لا تطاقُ وناسٍ / لا يُجيدون غيرَ لُؤمٍ وحِقْد
آنست مَنْ معي قوافٍ حِسانٌ / سوف تبقى أُنْسَ الشجييِّن بعدي
حملتْ همَّهُمْ ورُحْتُ غريباً / عنهمُ حاملاً هموميَ وحدي
أفرَشوني شوكَ القتاد وخصُّوا / بالرياحين كلَّ جِبْسٍ ووَغْد
وزَوَوْا كلَّ ما أودُّ احتكاراً / وأتوني بكل ما لم أودّ
وأجالوا أفراسَهُمْ في مَلاهٍ / ضربوا بينها وبيني بِسُدّ
ثم قالوا صفِ الحياةَ بلطفٍ / رغمَ أنَّ الحياةَ تجري بضدي
كيف يسطيعُ رسمَ شَكلِ المسرّاتِ / نزيلٌ في غرفة مثلِ لَحْد
تائه في حياته ليس يَدري / أيُّ بابٍ إلى السُّرورِ يُؤدّي
قد وصفتُ الشَّقاءَ أروعَ وَصفٍ / من بلاءٍ وخبرةٍ مستَمَدّ
وأرَيْتُ الناسَ الحياةَ جحيماً / قاذفاً أنْفُساً لطافاً بوقْد
فأروني رفاهةً ونعيماً / لأُريكم تصويرَ جنةِ خُلْد
صدماتُ الزمانِ تُبْقي خدوشاً / في أصَمٍّ من الجلاميدِ صَلدْ
أفتنجو من هذه الغَيرِ السودِ / خلايا دمٍ وقطعةُ جِلد
أكلتْ قلبيَ الهمومُ وهدّت / كلّ حولي واستنزفتْ كلَّ جهدي
فتراني وليس غيرُ اطِّلابٍ / لكفافٍ من المطاليبِ عندي
بدلاً من تقلُّبي في نعيمٍ / سابغ الظلِّ ذي أفانينَ رَغْد
هذه العيشةُ الرفيهةُ لا عركُ / زمانٍ ملآنَ بالنحس نَكْد
ما عسى تبلُغُ القناعةُ من نفس / طروبٍ لغيرِها مستعِد
أين من تستثيرُ طبعي بهزاتِ / التصابي منها وتقدَحُ زندي
من تشكي الغرامِ والوجدِ إني / ذو احتياج إلى غرامٍ ووجد
قد سئمتُ الجفافَ في العيش لارشفةُ / ثغرٍ ولا نعومةُ خدّ
وردةٌ من حديقةِ الشعرِ أُهديها / إلى مطعمي بقطفةِ ورد
ليس عندي أعزّ ُ منها وحسبي / أنني خيرُ ما تملكتُ أُهدي
اشتهي عُلْقةً بحبلِ غرامٍ / أوْجدِيها ولو بكاذبِ وعد
لست ادري فربّما كان نحسي / في غرامي وربّما كان سعدي
غيرَ أنيّ أُحسُّ أنَ شعوراً / تستفزينه بُقربٍ وبُعد
لا تَشِحّي ولا تجودي ولكنْ / اتركيني ما بين جَزْر ومَد
ثم قولي هاكَ الذي تبتغيه / ثم لمّا أقولُ هاتيه رُدّي
لوحةٌ مالها نظيرٌ وقوفُ العاشقِ / الصبِ بينِ أخذٍ وردْ
لا لأجلي لكنْ التّلهي / بقوافي حرّكي بعضَ وَجْدي
أَولا ترغبين أن يَتَغّنى / بمعانيكِ مُعْجَباً كلُّ فرد
رُبَّ جسمٍ يَبْلى به عبقريٌّ / لا يرى عن تَصْويرِهِ من مَردّ
حاشدِ الذهنً بالصبابةِ يأتي / من ضُروبِ البيان فيها بحشْد
وتراه عَفْوَ القريحةِ يَخْتارُ / أناشيدَ تُعْجِزُ المتصدِّي
سَهُلَتْ فهو مثلُ سيلٍ تَجارى / في مسيلٍ دَمْثٍ يُعيد ويُبدي
يَلمِسُ الشيخُ في قوافيه بُقيا / أثَرٍ من شبابهِ المسَتَردّ
ويُعيدُ الصِبا إليه وبلقى / في مريرِ الذكْرى حلاوةَ شُهْد
فهو يُسْدي إلى الوجودِ جميلا / وهو لولا الغَرامُ ما كانُ يُسْدي
ولقد تَضْمنُ البداعةَ في الفنِّ / وتخليدهِ بضاضةُ زند
ما عرفنا دعدّيةً تتصّبى / كلَّ نَفسٍ لولا تحكُّمُ دَعْد
لا جفافُ الحجاز أضرمَ تلك الروحَ / فيها ولا خشونةُ نجد
هي إلهامةٌ يَنِزّ لها الحبُّ / على الشاعرينِ من غير قَصْد