كل صنع مصور في الوجود
كل صنع مصور في الوجود / هو صنع المصوِّرِ الموجود
غير أنّ الإفرنج تعملُ فكراً / بمجاري التصويب والتصعيدِ
فكأنّ الأشكال ألقت إليها / قبل كون الأشياء بالإقليد
فتحوا مقفلاتِها بعقولٍ / قد ترقت لعالم التجريد
قل همُ لا تقس بهم من عداهم / بفنونٍ من مبدءٍ وَمعيدِ
المحيطون بالكواكب بيضاً / وأولو الزيج في الليالي السودِ
كل آنٍ لهم وكل زمانٍ / في الجديدين خلق فكر جديدِ
كيف تنقاد قلعة من حديدٍ / أو حديدٌ ينساب فوق حديدِ
أبدلوها من الصعيد حديداً / فاعتلت صهوة الحديدِ الحديدِ
سبحت في النحاس سبحاً طويلا / كسفين جرت بماء صديدِ
لم تُخدِّد وجهَ الثرى بخدود / وهي إذ ذاك آية الأخدود
قيدوا موضع الخلاخل منها / بقيودٍ فاطلقت بالقيودِ
وحصان تفحَّلت كحصان / أو كفحل عودٍ من البدنِ عيد
بيد هل كيف حُصِّنت إذ تخلت / بحصانين في الموامي البيد
عقدوها لمقربين ولما / يقربها لقرب حلّ العقود
أسرعت تطلب اختها بعنيقٍ / لِعناق وضم جيد لجيدِ
لم تخن عهدَ تربها بوعودِ / وهي إذ ذاك لم تفِ بالوعود
جعلوا مجمع اللقاء افتراقاً / بحدود فلم تقف بحدودِ
فالوراء القريب غير قريب / والأمامُ البعيد غير بعيدِ
أين منها البريد وهي على أر / بع تمشي وأين مشيُ البريدِ
والمليك الوقود هل كيف ين / قاد انسحابا كسوقة بمقودِ
بين ما عطلت بغير عديدٍ / إذا تعدت بعدّة وعديدِ
أقبلت ترعد الفرائص منها / فاصتطارت فرائس الرعديدِ
لا كمثل القطيع أوجع ضربا / في جلودٍ بقطعه من جلودِ