القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 20
نظرٌ لي السماء عَميق
نظرٌ لي السماء عَميق / يَتَحَرّى نهاية الأبعادِ
أَعلى الروح في الثريا أَمير / مثلما في الثرى عَلى الأجساد
إنما نحن ساكِنون بأرض / هي أدنى مراتب الإيجاد
إِنَّ في أَعماق السماء نجوماً / سابحات فيها بغير استناد
يَقرأ الفَيلَسوف فيها فصولاً / من كتاب الدهور والآباد
لَست أَنسى وَلا الدجنّة تنسى
لَست أَنسى وَلا الدجنّة تنسى / إِذ شجتني حمامة في الوادي
بنُواحٍ يَحكي نياحة ثكلى / نزلت بابنها الوَحيد العوادي
في رَبيع الشباب مات جَميلاً / فهيَ تَبكي وَحيدها وَتنادي
أَخرَجته وَاللَيل أسود داج / من فؤاد يحكي حَزين فؤادي
رددته لما أَرنَّت فجاء ال / لَيل يَبكي من ذلك الترداد
حجبت شخصها الدجنة عني / فهو إلا تسجيعها غير بادي
غير أني سمعتها تتغنى / موهناً فوقَ غصنها المياد
جاءَت الصحف حاملات نعيا
جاءَت الصحف حاملات نعيا / أَكبرته الأسماع في بغداد
فَبَكَت في بَغداد حقي عيونٌ / كانَ حقي منها مكانَ السواد
كانَ مندوبها وَكانَت تباهي / برجاحاته جميعَ البلاد
فَبَكينا شبابه وَبَكينا / جلداً فيه راسخ الأوتاد
بأبي أَنتَ من أَديب شجاعٍ / نامَ في اللحد بعد طول الجهاد
رقدة في ملحودة سبقتها / وقفات له بصدر النادي
ماتَ في ميعة الشباب إذ العز / م صَديق إذ الزَمان معادي
قد لبسنا ثوب الحداد عليه / أنا وَالعلم وَالحجى وَبلادي
إِنَّ حزني في أَرض بغداد بادي
إِنَّ حزني في أَرض بغداد بادي / كل يوم في شدة واِزديادِ
ربّ أَبدل لي قربها بالبعاد / إن بغداد وهي أم البلاد
كرهتها نَفسي وملَّ فؤادي /
أَنا مِن بَغداد وَبَغداد مِنّي / مبدياً ضجرة وَمنها التجني
وَلَقَد ساءَ بالعَواقِب ظني / نجني رب نجني رب إني
قَد سئمت الحَياةَ في بَغداد /
إنني عائشٌ بها بين قوم / ليس من نوع ما يسومون سومي
ليتهم ينتهون إذ طال لومي / ما أقاسيه ثَمَّ في كل يوم
شفّ جسمي وفتَّ في الأعضادِ /
لبَّثتني عوائقي تلبيثا / في ديار بالظلم فيهنَّ عيثا
بين قوم لا يَفقهون حَديثا / ساقهم للشقاء سوقاً حَثيثا
ما بهم من جهالة وَعناد /
كم لهم من صحائفٍ سوَّدوها / بخطايا منهم بها خلَّدوها
فتن إن تقادمت جدّدوها / كلما نارها انطفت أوقدوها
بالوشايات أيَّما إيقادِ /
إنني في يم تلاطَم شرّا / بين أَمواجٍ أزبدت لَيسَ يُدرى
أَي موج يَكون لي فيه قَبرا / إنما زورقي توسط بحرا
ثار فيه الأمواج كالأطواد /
كل يوم مصيبة تتجدد / ليَ فيها ومشكل يتولد
وعدوّ بشرّه يتوعد / بلدة عفتها على أنني قد
كان فيها لشقوتي ميلادي /
بلدة عمَّ جانبيها الخراب / ما بها عن قتل النفوس اجتنابُ
في حماها الذي دهاه اغتصاب / للعذارى من الدماء خضاب
في زمان الأعراس والأعيادِ /
ظهرت في عز الجمال وبانت / قبل هذا بأعصرٍ ثم هانت
وإلى الظلم والعذاب استكانت / أصبحت للشقاءِ أرضاً وكانت
في زمان الرشيدِ أرض رشادِ /
أصبحت بعد ذاك بغدادُ أرضاً / لنفوس من الجهالة مرضى
في رجالٍ لا يستطيعون نهضاً / أين بغداد في زمان تقضَّى
حيث كانت بغداد أرقى البلادِ /
أين تلك الآمالُ تلك الأماني / أين تلك الرياضُ تلك المجاني
أين تلك الربوع تلك المغاني / أين تلك الشبان تلك الغواني
أتواصوا جميعهم بالنفادِ /
أين ذهن قد كان يشبه برقاً / سرعةً في فهم الأمور وخفقا
حرقته نار التوقُّدِ حرقاً / إنك اليوم لو تفتش تلقى
جمرة منه في ركام الرمادِ /
وَيحَ قَلبي فإنه قد ريعا / حينَ سارَ الأظعان سيراً سَريعا
عَن ربوع كانوا لهنَّ رَبيعا / فالبسي إِذ قضوا وَبادوا جَميعا
لهم يا بَغدادُ ثوب الحداد /
لا تُقِم بالديار فهي خلاء / فارقتها الدُّمى وعزَّ اللقاءُ
ارتحل فالبقاءُ فيها شقاء / ذُمَّ في هذه الربوع بقاء
بعد سلمى وزينبٍ وسعادِ /
لبست من وشي النظام برودا / في زمانٍ قد انقضى لن يعودا
ليته دام ظلُّه ممدودا / هي كانت للعلم فيه عهودا
جاد تلك العهود صوبُ العِهادِ /
إن حكم الزمان في الناس ماضي / إنه لو علمت أحكم قاض
رضى المرءُ أو غدا غير راضي / كل ملك فإنه لانقراض
كل كون فإنه لفسادِ /
أَهل بَغداد بدَّلوا الصدق زورا / رب لا كانَ ذنبهم مغفورا
زَرَعوا للشرور فيها بذورا / أَيُّها الزارِعونَ فيها شرورا
سوف لا تحمدون يوم الحصاد /
أهلها لا كانوا هنالك أهلا / ذهلوا عن طريقة العلم ذهلا
وسعوا يطلبون بالعلم جهلا / أيها السائرون في الجهل مهلا
ستذمون سير هذا الوادي /
من يكن عالما فليس يُحقَّى / علماءُ البلاد أعلى وأكبر
إنهم كالجبال قدراً على الأر / ضُ وإن الجبال كالأوتادِ
بعد ربي من كل ما يُتصور /
بي وإن هان عند قَومي حَياتي / أَهلُ بَغداد قد رقوا دَرَجات
فَلَهم باسمي شهرة في الجهات / أَنا كالصفر لست شَيئاً بِذاتي
وأَزيد المقدار للأعداد /
ستثير الأيام فيها دخانا / ويزيد الفساد آناً فآنا
ليت من كان مفسداً لا كانا / كلما جئتها لِأُصلحَ شانا
سارع المفسدون للإفسادِ /
إن نفسي يا ويح نفسي تُحسُّ / ألما ما حسَّته تاللَهِ نفسُ
كبدٌ لي مقروحة لا تجس / يا طيب الأدواء إنك نَطس
هل تداوي القروح في الأكبادِ /
قد كسبنا علماً لنكسب قدرا / ما حسبنا أن يُحسب العلمُ وِزرا
في بلاد الجهل أمست مقرّا / هجرتها أفاضلُ الناس هجرا
بعد أن كانت كعبة القصادِ /
أَيُّها العلم أَنتَ في الشرق نكرُ / وأثامٌ وَأَنتَ في الغرب فخرُ
بك تؤذَى ناس وَناس تسر / فيك نفع وَفيك يا علم ضر
إنما أَنتَ جامع الأضداد /
حالة في بغداد لا ترتضيها / مذ خلت من علومها وذويها
ليس منها فيها سوى مدّعيها / قل لمن جاء يبتغي العلم فيها
عطلت من معلِّميه النوادي /
أهملوا إذ توهموا الغَيَّ رشدا / في حياة لهم جهاداً وجهدا
فأُعيضوا من ثروة الملك فقدا / جهلوا لا هداهمُ اللَه قصدا
أنه في الحياة كل الجهادِ /
إن أرضاً لها يقال العراق / قبحت من رجالها الأخلاقُ
كل ما فيهمُ فليس يُطاق / نخوة عن وقاحةٍ ونفاقُ
معَ لؤمٍ وصِلَّةٌ في تمادي /
إن حرية الكلام رداح / تتفانى في حبها الأرواحُ
غادة وصلها لغيري مباح / أعلى من يقول حقاً جناح
ربِّ قد طال كربتي واضطهادي /
وعدتني قرباً ولم تف وعدا / بل أراها تزيد في البعد بعدا
وجد الوحش في المعاهد معدى / بعد سعدي إن العدالة سعدي
ليت سعدي مقيمة في بلادي /
أيها العدل أنت أنت الحبيب / إن عيشي ما غبتَ ليس يطيبُ
ما لمن قد دعوته لا يجيب / كل هذا الصدود منه عجيب
أعدَته عن الوصال العوادي /
جئت يوماً إلى حِماه أخبُّ / فسباني منه الجمال الأحبُّ
فإليهِ ما زلت من ذاك أصبو / وله انقادَ فيه مِنّيَ قلب
كان لولا الغرام صعب القيادِ /
فاق منه الجمالُ كل جمال / لست أدري وحبُّه شغل بالي
البخل قد صد أم لدلال / أنا في حبه مريض فمالي
لا أراه يجئ في عوَّادي /
إن ذاك الحبيب جمُّ المحاسن / حبه في غيابةِ القلب كامن
وهو صعب الحصول غير مواطن / يطلب الناسُ أن ينالوه لكن
دون ما يطلبون خرطُ القتادِ /
ليس فيكم لا درَّ درُّ أبيكم / من يحامي عن حوضكم ويقيكم
فأملوا ذاك في ذراري بنيكم / واصبروا ربما سيولد فيكم
رجل باسل طويل النجادِ /
إنما حادث الليالي موالي / للأَعادي ما للأعادي وَما لي
كيدهم فوق طاقَتي واحتمالي / ارحميني يا حادِثات اللَيالي
لا تعيني عليّ كيد الأعادي /
أَنتَ يا عدل كالضياء وأجملْ / ما لآسٍ إلا عليك المعوّل
بك أحلام لَيلنا نتأول /
أَيُّها العدل إنما أَنتَ للقل / ب مراد وَفوق كل مراد
أَيُّها العدل أَنتَ بدر التَمام / قَد توارى لَيلاً وَراء الغمام
أَبدُ كيما تشقَّ جيب الظلام / كَم كِرام تحت التراب نيام
يشبهون السيوف في الأغماد /
ربِّ أنت الخبير أنت اللطيف / ربِّ إني كما علمت ضعيفُ
ربِّ إن السجون ربِّ تخيف / ربِّ يا ربِّ إن جسمي نحيف
ليس لي طاقة على الأصفادِ /
ويح نَفسي مِمّا تعانيه نَفسي / إن يَومي في بؤسه مثل أَمسي
أَنا بالموت وحده متأسي / عل عَيني إذا تبوأت رَمسي
تَستَطيب الرقاد في الألحاد /
ليَ في كربتي سبات عميقُ / أنظر الموت حين منه أُفيق
مثلما ينظر الصديقَ الصديق / إنه وحده عَلَيَّ شفيق
سينجيني من ذوي الأحقادِ /
للمنايا لو يعلم المرء فضل / إذ بها من همومها النفس تخلو
يتساوى هناك عزّ وذل / إن طول الرقاد في القبر يحلو
لي بعد العنا وطول السهادِ /
المَنايا لطف فلولا المَنايا / خلدت في الشقاء هذي البَرايا
بالمَنايا انقضاء كل القَضايا / في المَنايا نهاية للرزايا
للمَنايا عَلى البرايا أَيادي /
قل لمن مات ثاوياً قَرَّ عينا / إنك الآن قد تأَدَّيت دينا
حين لاقيت فقي كروبك حَينَا / إن للموت في الكروب علينا
منناً كالأطواق في الأجيادِ /
ليَ ظن أو أنهُ بعض وهم / يذهب الفيلسوف منه لذمي
أن سيرقى روحي لألمع نجم / وسيبقى في وهدة القبر جسمي
هل إلى الجسم حاجة في الوهادِ /
ليس في فسحة المجرة ضيق / إنها للأرواح نعم الطريقُ
هل لنفسي إذا تعالت مُعيق / نظرٌ لي إلى السماءِ عميق
يتحرى نهاية الأبعادِ /
حين يهتز في الفضاءِ الأثير / أين تمضي أمواجه وتسيرُ
لست أدري وهل بذاك خبير / أَعلى الروح في الثريا أمير
مثلما في الثرى على الأجسادِ /
حُسنُ هذي النجوم يا روح يقضى / إن في الجو مرتقى لك يُرضى
بعضها في نظامها فوق بعض / إنما نحن ساكنون بأرض
هي أدنى مراتب الإيجادِ /
ارتقى يا نفس ارتقى للسماء / والحقى بالشعري وبالجوزاءِ
ثم بيني للأرض بعد المساء / مثل نجم مغلفٍ بضياء
هو للمدلجين في الليل هادي /
لا تلاقين في السماء خصوما / لا ولا ظالما ولا مظلوما
ليس عيشٌ في جوِّها مذموما / إن في أعماق السماء نجوما
سابحات سبحاً بغير استنادِ /
سبحت في الفضاء عرضاً طولا / ساقها سائقٌ لها أن تجولا
معقبات بعد الطلوع أفولا / يقرأُ الفيلسوف فيها فصولا
من كتاب الدهور والآبادِ /
كل نجم منها بدون شبيه / دائر في بعدٍ بوجه وجيهِ
فلك جاز كل عقلٍ نبيه / المبادي مثل النهايات فيه
والنهايات فيه مثل المبادي /
رُبَّ ناهٍ في مصر وهو خليلي / حاسب دجلةً كوادي النيل
عاذل لي على البكا والعويل / ما لديه علم بخطبي الجليل
أنا في واد والعذول بوادي /
أنتم الناس أيها السعداء / ما أصابت بلادكم ضراءُ
لكم الروح إن قبلتم فداء / ما عليكم وأنتم قدراء
لو مددتم لنا يدا الإسعاد /
أَيُّها الناس مرَّ وقت المَلاهي
أَيُّها الناس مرَّ وقت المَلاهي / أَيُّها الناس إنما أنا ناهي
أَيُّها الناس قد دهتكم دواهي / أَيُّها الناس سارعوا لانتباه
أَيُّها الناس أنتم في رقادِ /
إنما العلم للممالك صونُ / وَعَلى الجهل لَيسَ يثبت كونُ
بين هَذا وَذاكَ لا شك بونُ / إن هَذا لَونٌ وَذلك لونُ
لا يَكون البياض مثل السوادِ /
اِستَنيروا بالعلم فالعلم نورُ / إِنَّما بِالعلوم تنفى الشرورُ
ضجرت من هَذا السكون القبورُ / انفضوا عنكم الخمول وَثوروا
أنا ناديت لَو يثير المنادى /
إنما العلم أَصلُ ما نَحتاجُ / فيه نفع لنا وَفيه اِبتهاجُ
فهو الرأس أَو عَلى الرأس تاجُ / أَو عَلى التاج درة أَو سِراجُ
مُستَنير كالكوكب الوقادِ /
أَنتَ في العلم بالَّذي سوف يأَتي
أَنتَ في العلم بالَّذي سوف يأَتي / يا سياسيُّ واحدُ الآحادِ
قل مَتى تنتفي الحروب الدوامي / ويشيع السلام بين العباد
بل متى تيقظ الورى من كراها / فتنام السيوف في الأغماد
قتلتنا الأَيام قتلاً ذَريعاً / وَاللَيالي لبسنَ ثوب الحداد
يلدز قد كانت أَجل بناء / شيدته ملوكُ الاستبداد
جامع للضدين من مثل بخلٍ / وندىً أَو بلادةٍ وسداد
قصر عبدالحميد هَذا ولكن / أَين تلك القصور من عهد عاد
إن تحت الرماد ناراً لو اَنَّ ال / ساسة اليوم فتشوا في الرماد
توشك النار أَن تَثور بأَيدٍ / آثماتٍ يعملن للإيقاد
فإذا شبت الملوك لظاها / أَكلتهم لَمَّاً مع الأجناد
ما إخال الحياة غير جهادِ
ما إخال الحياة غير جهادِ / طاحنٍ للشعوب والأفرادِ
وَنَصيب الضعيف أن يتلقَّى / حتفَه في غمار هذا الجهاد
كم عدو يودّ لي خذلاناً / وصديق يهم بالإنجاد
ولكل امرئ إذا خالط النا / س طويلاً أَحبة وأَعادي
وَلَقَد تنشأ الحياة فَتنمو / وَلَقَد تذهب الحياة بداد
ستبيد الأجساد من بعد حين / وتبيد الأرواح كالأجساد
إنما القبر بعد طول افتراق / ملتقى للأحفاد والأجداد
وَلعل الحياة في الأصل منها / ثورة في كهيربات الجماد
كم بأحشاء الليل ينبض قلب / فهو يَبدو ككوكب وقاد
لَيسَ يَدري حقيقة الكون من لم / يك في بدئه من الأَشهاد
إن للعالم الَّذي نحن جزء / منه كوناً مصيره لفساد
غير أن الفساد مبدأُ كونٍ / آخرٍ سوف ينتهي لمعاد
وإذا صحَّ أن يكون قديماً / فهو في غنية عن الإيجاد
وَهوَ من غير مبدأ في اِقتياسي / وهو من غير منتهىً في اعتقادي
ما تزال الدهور تجري من الآ / زال حتى تنصب في الآباد
إن لليل والنهار يكرا / ن جديدين خلفةً باضطراد
ما سواد يجيء بعد بياضٍ / كبياض يجيء بعد سواد
ولعل الشموس تسعى إلى المب / دأ في منحنىً من الأبعاد
وَهُوَ الكهرباء يدفعها بع / د انقسام فيه إلى أَضداد
وأَري أن للطَبيعة وجهي / ن استقلّا هما خفيٌّ وبادي
كذبوا إنني إلى اليوم ما قَل
كذبوا إنني إلى اليوم ما قَل / لدت غيري ما لي وللتقليدِ
حبذا الليل والنهار بعيني / إنّني مغرمٌ بكلِّ جديدِ
وجديد القريض قرب معاني / هِ وبعدٌ له عن التعقيدِ
وشعورٌ كأنّه فلق الصّب / حِ إذا فاض ضوؤُهُ من بعيدِ
لا تُرِد لِلشعور منّيَ حدّاً / فهو شيءٌ يسمو عن التّحديدِ
لا يضر اليقين إن
لا يضر اليقين إن / جحد اللَه جاحد
لا تقولوا ثلاثة / إنما اللَه واحد
إن في أوسع الفضاء نجوماً
إن في أوسع الفضاء نجوماً / لاقتراب تحركت وابتعاد
نثرنها يد الطبيعة جلت / عن شبيه في تلكم الأبعاد
من شموس تبدو وتخفى وتبدو / في طوال الدهور والآباد
أنا لولا خوفي من الناس أن يع / زوا كلامي للكفر والإلحاد
قلت سبحان هذه الزهر من آله / ة الكون وحدها والفساد
بارثات يفعلن غير مريدات / ومفعولهن غير مراد
أيها المؤمنون مالي أراكم
أيها المؤمنون مالي أراكم / قد حنقتم وارين ورى الزناد
قد رأيتم رأياً رأيت سواها / فكأنا كنا من الأضداد
اختلفنا كل اختلاف فما أن / يتساوى اعتقادكم واعتقادي
أيها القوم إن علمي بما ارتبتم / به في الرسوخ كالأطواد
أي شيء يضركم من حيادى / فاتركوني فيما أرى وحيادي
إنما ترتقي الشعوب بعلم / تقتنيه بالدرس لا باضطراد
أيها العلم يا مناي فداء / لك مالي من طارف وتلاد
أنا فيما أبديته من مقال
أنا فيما أبديته من مقال / مخطئ ليس لي أقل استناد
شهد اللَه والملائكة الأبرار / أني ركبت غير السداد
إنني قد أسأت ظني وربي / واقف للمسيء بالمرصاد
إنني قد ندمت غفرانك اللهم / من سوء مذهبي واعتقادي
عن سبيل الرشد حدت فارجعني / إلهي إلى سبيل الرشاد
إنني قد زرعت إثماً فويلي / ثم ويلي إن حان يوم الحصاد
ويح نفسي فقد سلكت طريقاً / ليس فيه إلى الحقيقة هادي
ويح نفسي من روع يوم التقاضي / ويح نفسي من هول يوم التنادي
سوف أبكي ملء العيون على ما / قلت حتى يبل دمعي نجادي
سوف أبكي على حياتي وأبكي / من زمان قضيت في بغداد
أنا لولا الرحمن والعفو منه
أنا لولا الرحمن والعفو منه / داخل في الجحيم بعد المعاد
إنما في سلاسل ذرعها سبعون / أمشي رسفا وفي أقياد
يوم يزجوني للجحيم تلظى / سبعة من أملاك ربي الشداد
نصبوا فوقها صراطاً يحاكي / شعرة أوشبا السيوف الحداد
ثم قالوا هذا طريقك فانهجه / وإن طال فوق ذاك الوادي
فتمشيت فوقه وهي تحتي / تتراءى حمراء ذات اتقاد
تتلظى كأنها بركان / ثار من بعد هجعة ورقاد
فهي ترمي من جوفها بشواظ / وشظايا حجارة ورماد
يضرع الخاطئون من تحت فيها / بصراخ يشق قلب الجماد
انفحونا ياعابرين بماء / إنما هذه النفوس صوادي
ثم ذاك الصراخ يضعف حتى / يختفي في زفيرها المتمادي
بدلتهم سمومها من بياض / كان يطرى الوجوه لون السواد
يا له من هول جسام ومرأى / يرسل الحزن منه للأكباد
رب ثبت رجلي رب وسلمني / عليه يا رب كل العباد
وأمامي على الصراط أناس / واصلوا السير في بطئ وعادي
ثبتوا عند عبرهم لتقاهم / في متون الأكباش كالأوتاد
يطلبون الوصول إن عبروه
يطلبون الوصول إن عبروه / لجنان تبيح كل مراد
من ثمار تجني ولحم طري / وشراب من سلسبيل براد
وجوار حور كواعب أبكا / ر وولد يزهون كالأولاد
تحتها أنهار على الأرض تجري / عسلاً قد صفوه للزهاد
إن فيها عيشاً يدوم رخيا / وسلاماً من الصروف العوادي
إن فيها لهواً وكأساً دهاقا / كل يوم سرورها في ازدياد
إن فيها تيناً ونخلاً وما / نا وأعناباً لذة للعباد
إن فيها أساوراً تتراءى / وهي من فضة على الأزناد
إن للمتقين فيها مفازا / ونعيماً ما إن له من نفاد
للمصلين المؤمنين برب / هو للكافرين بالمرصاد
ولمن صام الشهر من رمضان / فهو غرثان في النهار وصادي
ولمن جاء يبتغي حج بيت اللَه / والأجر من بعيد البلاد
ولمن أعطى ماله يتزكى / ولمن جاء طائعاً للجهاد
إن أجر المجاهدين كثير / ليس يحصى بالحصر والتعداد
فإذا ما حباهم اللَه نصراً / ملكوا بنت كل علج معادى
فسبوها وضاجعوها بلا عقد / عليها منهم ولا إشهاد
شهد اللَه أن ذلك حق / منه قد جاء في كتاب هادي
أنتِ في هجرنا وهذا الصدود
أنتِ في هجرنا وهذا الصدود / يا سليمى جاوزتِ كل الحدودِ
يا سليمى أفرطتِ في الصرم رفقاً / يا سليمى بالعاشق المعمود
لك جسم يكاد ينصبُّ لطفا / وفؤاد أقسى من الجلمود
ولِقلبي شوق إليك أراه / عن قريب يجرُّني للّحود
أسليمى لا تقطعي حبل وصلي / واقطعي إن أردت حبل وريدي
عجِّلي أن أموت فيك والَّا / فاسمحي لي بنظرة من بعيد
كيف جوّزت أن تفكي عهوداً / أنتِ أبرمتها أمام الشهود
بالذي قد جوّزته يا سليمى / قد لعمري أشمتّ قلب الحسود
علليني ولو بوعد فإني / يا سليمى لَقانعٌ بالوعود
ما ألذَّ العيش الذي قد تقضى / لو وجدنا لعهده من معيد
انقضت تلكم العهود فآهٍ / ثم آهٍ مني لتلك العهود
إن ممشوقة القوام سليمى / قد لعمري ضنّت فيا عينُ جودي
طال عتبي على زمانٍ رماني / بخطوبٍ يُشبن رأس الوليدِ
رُبَّ ليل سهرته في هواكم / حاضر الهمّ غائباً عن شهودي
أرقب النجم فيه نجم الثريا / بعيونِ ما ذقن طعم الهجود
لكروب يفللن حدّ المواضي / وهموم يأكلن قلب الحديد
ظلتُ فيه أرى النجوم إلى أن / وضح الصبح بادياً كعمود
أو كامنية بدت غبّ يأس / أو كوعد قد سر بعد وعيد
وفشا ضوءه فمزق ما قد / كان لليل من غلائل سود
إن تأييد نهضة العلم مجد
إن تأييد نهضة العلم مجد / فاز سعدٌ بهِ فلله سعدُ
وعد الناس بالفلاح فأوفى / وجزاءُ الذين يوفون حمد
إن خيراً به اقتنت مصر قبلاً / غير ما تقتني بهِ مصر بعد
كم له من مكارم زاهرات / أهل مصر من نورها تستمد
لو أردنا إحصاءها ما اقتدرنا / وكذاك النجوم ليست تُعد
مدَّ باعاً إلى الرياسة رحباً / هو مثل الفضاء ليس يُحدُّ
مدَّ باعاً ما مده من وزير / قبل سعدٍ وبعده لا يمد
باذلاً في نشر العلوم بمصرٍ / منه جهداً ما أن يضاهيه جهد
ليس في مصر مثل سعدٍ وزير / فهو كالسيف في الرجاحة فرد
نظر ينفؤ الغوامض لا يك / بو لَهُ في عواقب الأمر زند
وكذاك الذي يكون خفياً / بشعاع من نور رنتجن يبدو
فخرت مصر والمعارف فيها / بسريّ في مدحه الشعر يشدو
سرَّ مصراً منها أجد طرازٍ / حسب مصر ذاك الطراز الأجد
وعيون الذين ما اعترفوا من / ه بحسن الصنيع في مصر رُمد
هل يضر الشمس المضيئة أن يب / دُوَ في شانها من العمى جحد
رقيت مصر في نظارة سعد / درجات كما الزمانَ يودُّ
وسترقى به على ما لديها / من رقيّ فانها تستعد
همه أن تزيد مصر رقياً / فتراه وراء ذلك يعدو
ربّ حقق آمال سعدٍ وحققذ / ربّ ما فيهِ ربّ سعدٌ يجدِ
بخلاف العراق فهو لعمري / لضروبٍ من الجهالة مهد
بعد إذ كان موطناً لرجال / أيَّدوا العلم بينهم وأمدوا
مات من كان ينصر العلم فيهِ / والذي عاش فهو خصم ألدُّ
فمضى العلم واستقرَّ مكان ال / علم جهل والجهل للعلم ضد
كان للقاطنين في جانبي بغ / داد عيش وذل العيش رغد
مرّ ذاك العيش الذي طاب حيناً / وكذاك الحياة صاب وشَهد
فاستَردت ما نوّلته الليالي / والليالي تنيل ثم ترد
إن دهراً أعطى العراق رقياً / ثم رد الرُقيَّ منه لوغد
يؤلم القلب قلب من يتروى / أن هذا عهدٌ وذلك عهد
سلب المال من صنوف الرعايا / وعليهم منه بقايا بعد
ضعف الناس عن أداءِ البقايا / والذي ما غدا ضعيفاً سيغدو
ما لأهل العراق بد من الكر / بة أدُّوا الأموال أو لم يؤدوا
لم يكن في نوائب الدهر ظني / أنها هكذا بنا تستبد
رب في قلب مالكي أمرنا اجعل / رأفة لا تبيح أن يتعدوا
أو فبدلهمُ بأرحم منهم / إنهم ربّ عن سبيلك صدوا
أن قلب الذين وُلُّوا علينا / حجرٌ من أقسى الحجارة صلد
غربت عن بغداد شمس الترقي / فعراها بعد الحرارة برد
ما لأغنى أرضِ العراق مواتاً / أترى أن ماء دجلة ثمد
رفدتها ديالة من يسار / ومن الأيمن الفرات يمد
وتسير البواخر الشم فيها / ما خرات لها ذميل ووخد
ليس في الماء قلة نشتكيه / بل دها أهلها نوائب نكد
أن غصب الحق الصريح شديد / وسكوت الأحرار عنه أشد
لاغتراف الثراء من فيض مصر / كل يوم يأتي إلى مصر وفد
بلغت ثروة الطبيعة فيها / مبلغاً ما وراء ذلك حدّ
وهبتها وللطبيعة جود / من صنوف الخيرات ما لا يعد
ومن النيل قلدتها حساماً / فوقه من نسج الرياح فرند
أن سعداً بين المعارف والجه / ل الذي يجرف المعارف سدُّ
قلت لما حاز الوزارة أرَّخ / قد كفى مصر بالوزارة سعد
جاء غضبان بادي الازباد
جاء غضبان بادي الازباد / عابثاً بالاسداد والارصاد
ولقد مدته على ما اتاه / كثرة للثلوج في الاطواد
هبت الامهات في الذعر ليلا / يتعثرون فيه بالاولاد
ما حياة قديمها غير باد
ما حياة قديمها غير باد / لك الا تطور في الجماد
انها تبتني لها في نظام / كل ما يقضى حاجها من عتاد
واذا ما الجماد رثت قواه / ذهبت كلها الحياة بداد
وهي ليست اذا نظرت اليها / في جميع البقاع غير جهاد
ولقد يهلك الذي يتوقى / ولقد لا يعيش اهل الحياد
ولدتها الارض الكريمة بكراً / وسقتها السماء در العهاد
ليس منا الاجساد بالروح تحيا / انما يحيا الروح بالاجساد
انما الارض وهي ما نحن نسعى / فوقه بين رائح او غاد
كوكب مظلم يطوف من الشمس حثيثا / بكوكب وقاد
وعلى وجهيها نهار وليل / فهي لا تستغني عن الاضداد
كل ما في الوجود فهو لعمري / من نواميس الكون في اصفاد
ولعل الزمان في دوره يجمع / بين الآمال والآباد
وكأن المجر نهر مديد / وردته من النجوم صواد
وكأن الوجود فاض على الشطين / اذ عب سيله في الوادي
من قضى في تلك الشموس بان / تسبح في لا نهاية الابعاد
واحاطت بما هنالك اسرا / ر لعيني تجللت بسواد
من شداد الغموض فيها يحار العقل / والعقل بعض تلك الشداد
جل كون قد حف باللا تناهى / عن شبيه له وعن انداج
عالم يختفى وآخر يبدو / والذي يختفي عتاد البادي
وفساد يجيء من بعد كون / ثم كون يجيئ بعد فساد
ليس موت الآباء الا ضمانا / لحياة الابناء والاحفاد
انا في جوهري قديم على الار / ض وان كان حادثاً ميلادي
انا جزء من عالم ماله من / آخر ينتهي به او نفاد
غير الدهر كل عضو بجسمي / غير قلب الحب لي هو هاد
لم تكن مني الصبابة في شيخوختي / غير جمرة في الرماد
ولقد حاقت بي المصائب تترى / من اناس عاشرتهم في بلادي
ولمن في حياته خالط النا / س كثيراً احبة واعاد
أي ذنب لي ان تباعدت الشقة / بين اعتقادهم واعتقادي
كلما خالف الجماعة في الرأي / جريئ رموه بالالحاد
ثلة منهم العيون تريني / ما تكن الصدور من احقاد
عدني ان اردت من سعداء القوم / او عدني من الانكاد
انني في جميع ما انا آت / مكره ليس في يدي قيادي
انا هذا ولست اقوى على تغيير / ما في خلقي او استعدادي
انا بالشعر وحده اتسلى / انه كل طارفي وتلادي
واذا وافته المنية قبلي / فاحفروا حفرة له في فؤادي
واذا مت قبله فهو يرثيني / لو ظل حافظاً لودادي
ايها الناقد المهين لشعري / انت ما بالنزيه في النقاد
لا تحقر بنات فكري فتلكم / كل ما قد خلفت من اولاد
ما الذ الحياة لو هي دامت / غير ان المنون في المرصاد
حبذا عهد سالف لم اكن فيه / لغير الجمال بالمنقاد
قد انى يا منيتي ان تعودي
قد انى يا منيتي ان تعودي / بي الى حيث كنت قبل وجودي
هوني يا نفسي فعلك تسطي / عين عن هوة الردى ان تحيدي
ليت ان الحياة ترجع في يو / م الى جسم الميت الملحود
ليس من هذا الموت يا نفس بد / فهو للناس من تراث الجدود
يا اماني فارقيني ويا نفس / وداعا ويا حشاشة جودي
بعد ايام قد تقاربن مني / انا يا نفسي لا محالة مود
وسواء علي من بعد موتي / ان تبيدي معي وان لا تبيدي
وسواء أكنت احيا سعيدا / قبل موتي ام لم اكن بسعيد
واذا الشيخ بات يشكو الونى والوهن / فالموت عنه غير بعيد
سيقولون شاعر غاب في اللحد / وكم غاب مثله في اللحود
لا تخافي علي فالموت سهل / لا كما ينعتونه بشديد
لا تخافي فالموت ليس على الار / ض ولا في سمائها بجديد
سبقتني الى المقابر موتي / انا في الراحلين غير وحيد
من قضى نحبه ونام بقبر / لا يبالي طول الليالي السود
غير اني ما ان سئمت حياتي / وهبوطي وهادها وصعودي
اننا والفراق صعب سننفض / الى غير ملتقى وشهود
جمع الدهر حقبة شملنا ثم / رمته يداه بالتبديد
ما بلغنا من اللبانات يا نفسي / سوى النزر بعد جهد جهيد
انت يا ليلى كنت ماثلة لي / كل يوم في يقظتي وهجودي
انا ماض الى لقاء المنايا / بخطى ليس مشيها بوئيد
عانقيني قبل النوى لوداعي / وضعي الجيد ساعة فوق جيدي
وانظريني باعين باكيات / ترسل الدمع مثل در نضيد
لهف نفسي على صبابة عيش / هو لولاك لم يكن برغيد
ابنيني يا نفس فوق ضريحي / بقواف رقيقة واعيدي
عن لي يا هزار اغنية النو / م على قبري كي يطيب رقودي
ولعل الصبا تمر رخاء / فوق ملحودتي فتنعش عودي
لست ادري أللفناء سنمضي / بعد انا نموت ام للخلود
حبذا لو حظيت من بعد موتي / بحياتي التي انتهت من جديد
انني في شك وان ملأوا / سمعي بوعد يروونه ووعيد
لا تثق بالجمهور يا عقل يوما / ان رأي الجمهور غير سديد
ولعلي رجوت ما ليس يرجى / ولعلي حمدت غير حميد
بعد نومي على فراش وثير / عن قريب انام في اخدود
آه يا نفسي ان ذلك سهل / لو نسينا ما فيه من تجريد
يوم لا نبصر الربيع ولا نصغى / لانغام البلبل الغريد
شاعر الروض يرسل الشدو شجواً / جاثما فوق ناعم املود
يوم لا تطلع النجوم علينا / باسمات من السماء كخود
يوم لا يسفر الصباح لنا من / جانب الشرق قائما كعمود
يوم ايدي الردى تجردني من / كل مالي من طارف وتليد
انا يا صحبي واحداً كنت منكم / فاذكروني ولا تناسوا عهودي
انا في قبري اليوم عنكم بعيد / وانا عنكم فيه غير بعيد
واذا كان للفقيد بقلب / خافق مثوى فهو غير فقيد
خير غيث يسقى تراب حفيري / هو يا صاحبي عبرة من ودود
ولعّل البكاء غير مسل / ولعّل البكاء غير مفيد
تأكل الارض كل حي فلا / تبقى على بائس ولا مسعود
اسألوها هل امتلأت تقل من / شره في الجواب هل من مزيد
امم كلها تبيد فتأتي / امم اخرى بعدها للبيود
سوف يقفو ركب الى الموت ركبا / ثم لا اشدو خلفه بنشيدي
انني ان اهلك فمن لقريضي / يتغنى به ومن لقصيدي
حشروني والجامدين على ما / اخذوا من آبائهم في صعيد
انني منذ كنت اشدو بشعري / كان يوحي الي بالتحديد
انا لا ادعي الزعامة فيه / غير اني ابث فيه وجودي
قلت شعراً فكاد يأكل لما / سمعوه كالنار قلب الحسود
فدعوني مقلداً ينظم الشعر / كما كان في زمان الرشيد
كذبوا انني الى اليوم ما قلدت / غيري مالي وللتقليد
حبذا الليل والنهار بعيني / انني مغرم بكل جديد
وجديد القريض قرب معانيه / وبعد له عن التعقيد
وشعور كأنه فلق الصبح / اذا فاض ضوءه من بعيد
لا ترد للشعور مني حدا / فهو شيء يسمو عن التحديد
حبذا النقد لم يكن حين يغزو / نائلا من كرامة المنقود
لا اغالي فربما قلت شعرا / لم اكن في قرضي له بالمجيد
ليس في الارض شاعر قد نجافي / كل من قاله من التفنيد
منه بكر يطرى ومنه عوان / لم تحز رتبة الكعاب الخريد
قلته لا هيا به في شبابي / من هموم الهوى وبرح الصدود
يوم للغيد كنت اصبو ومن ذا / ليس يصبو الى الحسان الغيد
ثم ارهفته فكان سلاحي / ثم غنيته فكان نشيدي
ثم صيرته مجنا يقيني / في فروق من شر عبد الحميد
ثم اودعته حقائق تسمو / فاتي جامعاً لكل مفيد
حكم تهدم التقاليد قد كا / نت تراعى من اهلها للجمود
عاب في الروض العندليب غراب / قائلا صه فانت غير مجيد
فمضى العندليب في شدده / غير مبال بقول ذاك البليد
قائلا ليس للغراب بروض / زهره الغض باسم اغرودي
انا للورد قد تفتح اشدو / فهو ان اصغى تم لي مقصودي
يممي يا نفسي السماء فاني / لا ارى في الثرى طريق الخلود
هي ممتدة لغير تاه / وهي منبثة لغير حدود
اهتدى بالشعرى وبعد خفاها / من بياض للفرقدين استفيدي
انما خشيتي إلا لك في تلك / المحاني الكثيرة التجعيد
لا تهابي فلست اوّل روح / وغلت في هذا الفضاء المديد
لا تهابي فانت يا نفس بعدي / مثل صمصام ليس بالمغمود
ربما جاؤا يمنعونك فيها / عن وصول الى المقام الحميد
انهم قد يثبطونك عنهذ / بشهاب يلقونه من بعيد
فاصدميهم بما لديك من القوة / في صولة الكمي العنيد
واذا ما قسوا عليك فلاقيهم / بوجه اقسى من الجلمود
واذا ما والوك فيها فوالي / واذا ما عدوا عليك فذودي
ولقد كان الحق في كل جيل / ضائعاً بين سائد فذودي
ان تلك السماء كالارض هذي / حومة تدمى للكفاح الشديد
انت حاربت للتحرر اعوا / ماً طوالا فحاربي من جديد
انت في الارض ما تطأطأت حتى / تخضعى في السماء او تستقيدي
انما انت للتمرد لا للخسف / والرسف في ثقال القيود
واذا ما لاقيت سداً منيعاً / فاخرقيه بجرأة الصنديد
اسرعى واجتازي عوالم تبني / سدماً قد اسرفن في التحشيد
جاريات الى التوسع لا ير / ضين الا اخذ المكان البعيد
ليست الطالعات يفجأن الا / رسلا جئن من وراء الوجود
انما مستقر قافلة الار / واح في غير العالم المشهود
للذي يبتغي الولوج جريئا / ليس باب السماء بالمسدود
انت روح ترقى الى حيث شاءت / لا حجاب لها عن التصعيد
لا تخافي هلكا من الضرب فيها / انت روح والروح ليس بمود
انما العز من نصيب الذي يجرأ / والذل حصة الرعديد
انت ان تعزمى يهن كل صعب / لا ينال المراد غير المريد
احمد الباريء الذي يتساوى / عنده ايماني به وجحودي
قيل ان الشهيد يحيا لدي الرب / فمن ذا في الارض غير شهيد
انما هذه حقائق صرحت بها / صادعا بلا تمهيد
فاسمعيها ولا تبوحي بها للملأ / الاعلى حول عرش المجيد
كلنا مؤمن يسبح للرحمن / في ظل عرشه الممدود
انني ما سجدت يوما لغير الله / فالله وحده معبودي
اسألي اللَه ان يخفف سجني / في حفيري وان يفك قيودي
وسلام عليك يوم فراقي / وسلام على يوم همودي
هل لمن يرقدون في الالحاد
هل لمن يرقدون في الالحاد / يقظة بعد كل هذا الرقاد
ما لهم لازمين للترب لا يح / فزهم للحراك صوت المنادي
ألهم عودة كما يعد الدي / ن ام القوم ما لهم من معاد
وكأن الموتى على القرب منا / في قصيّ عنا من الابعاد
افترقنا وعنا من جديد / نلتقي في غياهب الآباد
لا تفيد الاكفان بيضا عليهم / ولعل البياض مثل السواد
حيرتك الحياة وهي لعمري / ليس الا تطوراً في الجماد
انها في الصميم منه وان لم / يك فيه ظهورها ذا اطراد
انها سير للتقدم فيه / انها فيه قوة للجهاد
انها الكهرباء تبني الذي تبني / على وحدة من الاضداد
انها تأتي الارض محمولة فو / ق شعاع للكوكب الوقاد
انها لا تموت بل تختفي كالجمر / في كومة لها من رماد
ما على انها خبت بدليل / حاسم كون وقدها غير باد
تخذ النوع في الورى للتعالي / سلماً من جماجم الأفراد
ما حياة الابناء في الارض الا / من حياة الآباء والاجداد
فلقد شاءت الحياة قديما / ان يعيش الآباء في الاولاد
احرصي يا حياة ان لا تموتي / فلك الكارثات بالمرصاد
ليس من يدرس الطبيعة بحا / ثا بناج من تهمة الالحاد
ان ارقى الاحياء في كل ارض / بشر بعضه على البعض عاد
ما رأيت الضعاف الا طعاما / لبني عمها الغلاظ الشداد
كبرت هذه الطبيعة حتى / وسعت لا نهاية الابعاد
ان تأملتها رأيت عليها / اثر القصد ظاهراً والسداد
استحب الحياة في ظلّ دهر / باسم لي وسهمه في فؤادي
اخبريني يا نفس من انا ماذا / انت مني ما مبدئ ما معادي
ما حياتي وغاية الله منها / ما وجودي والقصد من ايجادي
كيف جاءت تقوى الارادة فينا / ما علاقات الروح بالاجساد
علميني بما به لك علم / فلعلي يا نفس القى رشادي
انت يا عقل في جميع حياتي / سند ينتهي اليه اعتمادي
واذا كانت حاجة لي الى ها / د فيا عقل انت ذاك الهادي
قد تعودت ان اكون صريحا / فاقول الذي عليه اعتقادي
ان تكن مني الصراحة اثما / فهو جزء متممم لجهادي
فقد اخترت لي جهنم مثوى / وتركت الجنان للزهاد
انا هذا ولست اقوى على تغيير / نفسي يوماً او استعدادي
انا من جوى لست منحدرا / الا اذا شق حادث منطادي
لم ازل شاعراً هد ركني / كبر لي وفت في اعضادي
ولقد عاشرت الرجال طويلا / واذا الاصدقاء منهم اعاد
ولقد يدنو البعض منك فلا تد / ري أهذا مسالم أم معاد
انما هذه الدموع تهاوى / من عيون عصارة الاكباد
رب شعر على الاجادة فيه / كان منهم فريسة الاحقاد
انت لا تدري حين تسمع شعري / أبكاء ذا أم ترنم شاد
ايها الشعر انت عزي ولكن / في بلاد بعيدة عن بلادي
كم غريب في جنب دجلة راو / وقريب في جنب دجلة صاد
جرحوا في شيخوختي القلب مني / ثم ابقوا جرحي بغير ضماد
ان في جرحهم لقلبي عذاباً / دونه القتل بالسيوف الحداد
ربما نام ليله مستريحا / بعض من اخلدوا الى الجلاد
أي شيء يلقي بنفسك ريبا / من حديثي عن ذلك الاخلاد
لا تذم المضل للشك فيه / فلعل المضلّ للناس هاد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025