المجموع : 4
هل تركتم غير الجوى لفؤادي
هل تركتم غير الجوى لفؤادي / أو كحلتم عيني بغير السُّهاد
قد بعدتم عن أعين فهي غرقى / بدموعي ولي فؤادٌ صادي
ثم وكّلتم السهاد عليها / يمنع العين عن لذيذ الرقاد
مَن مجيري من الأحبة يجفون / وتعدو منهم عليَّ الغوادي
علموا أنني عليل ومن لي / أن أرى طيفهم من العواد
نزلوا وادي الغضا فكأن ال / دمع مني سيول ذاك الوادي
تركتني أظعانهم يوم بانوا / وحدا فيهم من البين حادي
بين دمع على المنازل موقو / فٍ وشمل مشتت بالبعاد
وفؤاد يروعه كل يوم / ذكر أيامنا الحسان الجياد
يا رفيقي وأين عهدك بالجزَع / سقاه الغمام صوب عهاد
وسقت دارنا بميثاء مزن / من ذوات الإبراق والإرعاد
تتلظى كأنَّما أوْقَدَتْها / زفراتي بحرّها الوقاد
فتظنّ البروق منها سيوفاً / مذهبات سُلَّت من الأغماد
موقراتٍ بما حملن من الماء / رواءً إلى الديار الصوادي
ملقيات أثقالها باذلات / ما لديها على الرُّبا والوهاد
فترى الروض شاكراً من نداها / نعمة بالأزهار والأوراد
تتوالى على ملاعبَ للِغز / لان فيها ومصرع الآساد
أربعٍ كلَّما وقفت عليها / كانَ طرفي فيها من الأجواد
ومناخٍ لنا يريق من الأجفان / غير الذي تريق الغوادي
فلنا فيه ما لهذي المطايا / حرقة في القلوب والأكباد
كنت أرجو برداً من الوجد لكن / ما لحر الغرام من إبراد
إنَّ في الظاعنين أبناءَ ودٍّ / لم يراعوا في الود عهد ودادي
أين ميعاد من هَوِيت هواه / ومتى نلتقي على ميعاد
وتمادى هذا الجفاء وما هذا / التجافي منه وهذا التمادي
لا أرى الدهر باسماً أو أراني / بعد رغم المنى أنوف الأعادي
منشداً في أبي الثناء ثناءً / خالد الذكر دائم الإنشاد
كم قصدناه بالقصيد وما زا / ل من الناس كعبة القصاد
ووردنا بحراً طمى وأُفيضت / من أياديه للأنام الأيادي
ووجدنا منه حلاوة لفظ / شق فيها مرائر الحساد
في لسان بحدِّهِ قد رمى / رؤوس الإلحاد بالأعضاد
فإذا سوّدت يداه كتاباً / فبياض العلى بذاك السواد
وصباح الحق المبين لعيني / ينجلي من سواد ذاك المداد
عارف بالغايات من مبتدأها / ولغايات كل شيء مبادي
وإذا المسلمون رامت هداها / كانَ من بينها الإمام الهادي
زاجر بالآيات عن منهج الغيّ / ومهدي إلى سبيل الرشاد
وارثٌ علم جده سيد الر / سل وسر الآباء في الأولاد
سؤدد في الأماجد السادة ال / غر قديماً والسادة الأمجاد
فاتك بالكلام في كل بحث / فتكات الحسام يوم جلاد
سعدت هذه البلاد بشهم / عزّ وجدان مثله في البلاد
جامع للعلوم شفع المعالي / مفرد الفضل واحد الآحاد
نال ما لم ينل سواه ومن / دون ورد الآمال خرط القتاد
والقوافي تروي أحاديث عل / ياه صِحاحاً قويّة الإسناد
كيف نحصي ما قد حويت وهل / تحصى نجوم السماء بالأرصاد
إن تُعدد مناقباً لك قوم / عجزت عن نهاية الأعداد
يا عماد الدِّين القويم وما زل / ت عظيم البنا رفيع العماد
إنَّما أنت آية الله للنا / س جميعاً ورحمة للعباد
وببغداد ما حللت مقيماً / فالمقام المحمود في بغداد
لم أزل أرتجيك في هذه الد / نيا وأرجوك بعدها في المعاد
أنا عمّا سواك أغنى البرايا / ولما يُرتجَ من الزهاد
طوقتني النعماء منك ونعما / ؤك مثل الأطواق في الأجياد
غمرتني مكارم منك تترى / يا كريم الآباء والأجداد
نائل من علاك كل مرام / بالغ من نداك كل مراد
حزت أجر الصيام والعيد وافا / ك بما تشتهي بخير معاد
كل عيد عليك عاد جديداً / فهو عيد من أشرف الأعياد
يا إمام الهدى ويا صفوة الله
يا إمام الهدى ويا صفوة الله / ويا من هَدَى هُداه العبادا
يا ابن بنتِ الرسول يا ابن عليٍّ / حيّ هذا النادي وهذا المنادى
قد أتينا بثوب جدّك نسعى / وأتيناك سيّدي وفّادا
فأتيناك راجلين احتراماً / واحتشاماً وهيبة وانقيادا
نتهادى به إليك جميعاً / وبه كانت المطايا تهادى
راميات سهم النوى عن قسيٍّ / قاطعات دكادكاً ووهادا
طالبات موسى بن جعفر فيه / وكذا القدوة الإمام الجوادا
من نبيٍّ قد شَرَّف العرشَ لمَّا / أن ترقَّى بالله سَبعاً شدادا
شرف في ثياب قبر نبيّ / عَطَّرتْ في ورودها بغدادا
ومزايا الفخار أورثتموها / شرف الجد يورث الأولادا
أنتم عِلَّةُ الوجود وفيكم / قد عَرَفنا التكوين والإيجادا
ما ركنتم إلى نفائس دنيا / ولقد كنتم بها أفرادا
وانتقلتم منها وأنتم أناس / ما اتخذتم إلاَّ رضا الله زادا
ولقد قمتمُ الليالي قياماً / واكتحلتم من القيام السهادا
إن يكونوا كما أذاعوا فمن ذا / مهّد الأرض سطوة والبلادا
ومحا الشرك بالمواضي غزاةً / وسطا سطوة الأسوة جهادا
حيث إنَّ الإله يرضى بهذا / بل بهذا من القديم أرادا
فجزيتم عن أجركم بنعيم / تتوالى الأرواح والأجسادا
وابتغيتم رضا الإله ولا ز / لتمُ بعزٍّ يصاحب الآبادا
أنتم يا بني البتول أناسٌ / قد صَعَدْتُم بالفجر سبعاً شدادا
آل بيت النبيّ والسادة الطُّ / هْرِ رجال لم يبرحوا أمجادا
فَضَلوا بالفضائل الخلق طرًّا / مثلما تَفْضلُ الظبا الأغمادا
ليس يحصي عليهم المدح منِّي / ولو أنَّ البحار صارت مدادا
أنتم الذخر يوم حشر ونشر / ومعاذاً إذا رأينا المعادا
كاظم الغيظ سالم الصدر عافٍ / وما هوى قطّ صدره الأحقادا
قد وقفنا لدى علاك وأل / قينا إلى بابك الرفيع القيادا
مع أنَّ الذنوب قد أوثقتنا / نرتجي الوعد نختشي الإبعادا
ومددنا إليك أيدي محتاج / يرجِّي بفضلك الإمدادا
وبكينا من الخشوع بدمع / هو طوراً وطوراً فرادى
قد وَفَدنا آل النبيَّ عليكم / زوّدونا من رفدكم إرفادا
بسواد الذنوب جئنا لنمحو / ببياض الغفران هذا السوادا
وطلبنا عفو المهيمن عنَّا / وأغظنا الأعداء والإلحادا
موطن تنزل الملائك فيه / ومقام يَسُرُّ هذا الفؤادا
أيُّها الطاهر الزكيّ أغِثْنا / وأنِلْنا الإسعاف والإسعادا
وعليٌّ أباك يا ابن عليّ / كي ينال المنى بكم والمرادا
مستزيداً بفضلكم حيث كنتم / منهلاً ما استزيد إلاَّ وزادا
فعليك السلام يا خيرة الخلق / سلامٌ يبقى ويأبى النفادا
زِيدَ لوماً فزاد في الحبِّ وجدا
زِيدَ لوماً فزاد في الحبِّ وجدا / مستهامٌ تخيَّل الغيّ رشدا
مازج الحبَّ مرَّة فأراه / أنَّ هزل الغرام يصبح جدَّا
ورمى قلبه بجذوة نارٍ / أَوْقَدته بلاعجِ الشَّوق وقدا
من غرامٍ رمى به كلّ مرمى / يتلظَّى فلم يجد عنه بدَّا
لو صغى للعذول ما كانَ أَمسى / دنفاً في شؤونه يتردَّى
يسأل الركب عن منازل نجد / ناشداً منه كيف خلّفتَ نجدا
يتشافى من عهدها بالأَحادي / ث ويرعى لها على النأي عهدا
فهو يقضي حقوقاً لها عليه / ويؤدِّي ما ينبغي أنْ يؤدَّى
يا ابن وُدّي وأَكثر الناس حقًّا / في التصابي عليك أكثر ودَّا
كفكف الدمعَ ما استطعت فإنِّي / لست أسطيع للمدامع ردَّا
وإذا ما دعوت للصَّبر قلبي / كانَ لي يا هذيم خصماً ألدَّا
زارني طارق الخيال ووافى / من سليمى يجوب غوراً ووهدا
كيف زار الخيال في غسق اللَّ / يل إلى أعيني وأنَّى تسدَّى
وتوالى حرّ الحشا وتولَّى / إذ تصدَّى لمغرمٍ ما تصدَّى
وشجتني والصبّ بالبين يشجي / أنيق في ظعون ظمياء تحدى
ورسوم من آل ميٍّ بوالٍ / أصبحَتْ فيه أعيُن الركب تندى
بعد ما كانَ للنياق مناخاً / ولعهد الهوى مراحاً ومغدى
زجر العيس صاحبي يوم أقبل / نَ عليها فقلت مهلاً رويدا
خَلِّنا والمطيّ نستفرغ الدم / ع لأطلالها ونذكر عهدا
ونعاني أسًى لأرسم دارٍ / شقيت من بعاد سَلمَى وسعدى
يا سقتها السماء وبل غوادٍ / حاملاتٍ للريّ برقاً ورعدا
كلَّما قطَّبتْ من الجوّ وجهاً / عاد فيها بياضه مسودَّا
من نياق ضوامر جاوز الوجد / بأحشائها من الحبِّ حدَّا
تترامى بنا لدار عليٍّ / ذي الصِّفات العلى ذميلاً ووخدا
كلَّما أصدرتْ أياديه وفداً / أوردت من غير جدواه وفدا
باذل من نفيس ما يقتنيه / من نوالٍ ما يخجل الغيث رفدا
أريحيٌّ تهدى إليه القوافي / والقوافي لمثل علياه تهدى
فيرينا السحاب يمطر وبلاً / ونريه الرِّياض تنبت وردا
ينظم المجد من مناقب علياه / بجيد الأنام عقداً فعقدا
ولآبائه الكرام الأَعالي / زادهم ربّهم نعيماً وخلدا
حضراتٌ تطوى إليها الفيافي / وتقدّ البيداء بالسَّير قدَّا
إنْ سرتْ من ثنائهم نفحات / عادَ فيها حرّ الهواجر بردا
فكأَنَّ السرّ الإِلهي منهم / لازمٌ في أهليه لا يتعدَّى
يا عليّ الجناب وابن عليٍّ / أكرم الناس أحسن الناس جدا
أنتَ أعلى يداً وأطول باعاً / في المعالي وأنتَ أثقب زندا
هل تدانى برفعة وعلاء / أو تضاهى فلم نجد لك ندَّا
مثلت لي أيديك وهي تهادي / مثل وبل الغمام بل هي أندى
لا أرى الوِرد بعد ظلّك عذباً / لا ولا العيش بعد جودك رغدا
كلَّما قلت أورد العدم نقصي / مدَّني بالنوال جودك مدَّا
يرتجي غيري الثراء وأرجو / منك بعد الثراء عزًّا ومجدا
فإذا زدتُ من جنابك قرباً / زدت عن خطَّة النوائب بعدا
كلّ يومٍ أنال منك مراماً / من بلوغ المنى وأبلغ قصدا
فإذا كنتَ راضياً أنت عنِّي / لا أُبالي أنْ يضمر الدهر حقدا
إنَّ نعماك كلَّما صيَّرتني / لك عبداً أرى لي الدهر عبدا
لست أقضي شكرانها ولو أنِّي / أملأُ الخافقين شكراً وحمدا
فاهنأ يا سيِّدي بأشرف عيدٍ / كلّ عام عليك يُرْزَق عَوْدا
ذَكّراني عَهْدَ الصبا بسعاد
ذَكّراني عَهْدَ الصبا بسعاد / وخَوافي الجوى عليَّ بوادي
ورَواحي مع الهوى وغدوّي / لا عداها يوماً مصبُّ الغوادي
وبياض المشيب سَوَّدَ حَظي / عِنْدَ بيض المها سوادَ المداد
يا ابن وُدِّي وللمودَّة حقٌّ / فاقضِ إن شئتَ لي حقوق الوداد
وأَعِدْ لي ما كانَ من برحاء / كنتُ منها في طاعة وانقياد
يومَ حانَ الوداع من آل ميّ / فأرانا تَفَتُّتَ الأَكباد
تركوا عَبرتي تصوب وَوَجدي / في هياجٍ ومهجتي في اتّقاد
هلْ علمْتُمْ في بينكم أنَّ عيني / لم تذق بعدكم لذيذ الرقاد
لا أذوق الكرى ولا أطعمُ الغم / ضَ ولا تَنثني لطيفٍ وسادي
واللَّيالي الَّتي تَمرُّ وتمضي / ألَّفَتْ بين مقلتي والسُّهاد
كلّ يومٍ أرى اصطباري عنكم / في انتقاص ولوعَتي في ازدياد
قد أخذتم منِّي الفؤاد فردُّوا / في تَدانيكم عَليَّ فؤادي
وأعيدوا ما كانَ منَّا ومنكم / وليَكُنْ ما جَرى على المعتاد
أينَ عهدي بهم فقد طال عهدي / فسُقي عهدهم بصَوب عِهاد
فمرضي في هواك زادني سقاماً / فَلَعلِّي أراك في عوَّادي
فَدموعي على هَواك غزارٌ / وفؤادي إلى رضابك صادي
يا عَذولاً يَظُنُّ أنَّ صلاحي / في سُلُوِّي وذاك عينُ فَسادي
أنا فيما أراه عنكَ بوادٍ / في هيامي وأنتَ عنِّي بواد
إنَّما أعينُ الظِّباء وما يج / هل منها مصارع الآساد
ما أراني من القوام المفدَّى / ما أراني من القنا الميَّاد
ولحاظٍ كأنَّهنَّ بقلبي / مُرهَفَات سُلَّتْ من الأَغماد
أيُّ قلبٍ عذَّبته بصدودٍ / ودُنُوٍّ نَغَّصَتْهُ ببعاد
لم يُفدْني تطلُّبي من ثِمادٍ / أبتغيه ورقَّةٍ من جَماد
ما لحظي من اغترابي وما لي / موُلعٌ بالاتهام والإِنجاد
ويَدُ البين طالما قَذَفَتْني / غُرَّةً في دكادك ووهاد
وتَقَلَّبْتُ في البلاد وماذا / أبتَغي من تَقَلُّبي في البلاد
ليتَ شعري وليتني كنتُ أدري / ما مرامي من النوى ومرادي
وببغدادَ من أُحاولُ فيها / أشْرَفُ الحاضرين في بغداد
وهو عبد الرحمن نجلُ عليٍّ / عَلَويُّ الآباء والأَجداد
التَّقيّ النَّقيّ قولاً وفعلاً / والكريمُ الجوادُ وابنُ الجواد
رفعَ اللهُ ذِكره في المعالي / من عَليِّ العُلى رفيع العماد
شَرَفٌ باذخ ورفعةُ ذكر / رَغِمَتْ عندها أُنوفُ الأَعادي
هكذا هكذا المكارم تروى / والمزايا من طارف وتلاد
ساد بالعلم والتُّقى سيّد النا / س فخاراً للسَّادة الأَمجاد
يَقتَني المالَ للنَّوال وإنْ كا / نَ لَعَمري فيه من الزهّاد
شرح اللهُ صدْرَهُ فأرانا / في سَواد الخطوب بيض الأَيادي
كم رَوَتْنا الرُّواة عنه حديثاً / صَحَّ عندي بصحّة الإِسناد
وأَعَدْتُ الحديثَ عنه فقالوا / ما أُحيلى هذا الحديث المعاد
فَيُريني حلاوة الجود جوداً / وأُريه حَلاوةَ الإِنشاد
عَلِمَ اللهُ أنَّه في حِجاهُ / مُفْرَدُ العَصْر واحدُ الآحاد
صَيْرَفِيُّ الكلام لفظاً ومعنًى / من بصير بذوقهِ نقَّاد
يعرف الفضل أهْلَهُ وذَووه / وامتياز الأَضداد بالأَضداد
إنْ تغابَتْ عنه أُناسٌ لأمرٍ / أَو عَمَتْ عنه أعينُ الحسَّاد
فكذاك البياض وهو نقيٌّ / مُبْتلى في نقائه بالسَّواد
يا بني الغوث والرُّجوع إليكم / حينَ تعدو من الخطوب العوادي
يكشف الله فيكم الضُّرَّ عنَّا / وبكم نَقْتَفي سَبيلَ الرَّشاد
كيفَ لا نستمدُّ من رُوحِ قوم / شُفَعَاء لنا بيوم المعاد
رضيَ الله عنهم ورضوا عنه / خيار العباد بين العباد
فولائي لهم وخالص حبِّي / هو ديني ومذهبي واعتقادي
فعلى ذلك الجناب اعتمادي / وإلى ذلك الجناب استنادي
فضلكم يشمل العُفاة جميعاً / ونداكم للصادر الوَرَّاد
إنَّ لله فيكم كنز عِلْمٍ / ما له ما بقيتم من نفاد
إنْ حدا هذه القصائد حادٍ / فلها من جميل فِعلك حادي
وعليكم تملي القوافي ثناءً / عطراتِ الأَنفاسِ في كلِّ ناد
وإذا ما أردْتُ مدحَ سواكُم / فكأنِّي اخترطت شوك القتاد
ربحت فيكم تجارة شعري / لا رماها في غيركم بالكساد
أنا في شكركم أروح وأغدو / فأنا الرَّائح الشكورُ الغادي