اِقْبِسِ النورَ من شُعاعِ الراح
اِقْبِسِ النورَ من شُعاعِ الراح / والثِمِ الحسْنَ في جَبينِ الصّباحِ
وابْعثِ اللّحْنَ من سَمائِكَ يا شعْرُ / ونافسْ به ذواتِ الجناحِ
وانْهبِ الحسْنَ من خُدودِ العذَارَى / واسرِقِ السِّحْرَ من عُيونِ المِلاحِ
وتَنَقَّلْ بيْنَ الخمائلِ جَذْلا / نَ طليقَ الهَوَى جَمِيمَ المِراح
واسقِنا من سُلافِك العَذْبِ إِنّا / قد سئمنا مرارةَ الأقداح
كم ثملنا برَشْفةٍ منكَ يا شعْرُ / فصرْنا رُوحاً بلا أشباح
ورأينا من الحقائقِ ما عزَّ / على كلِّ باحثٍ كدَّاح
وقرأنا في كلِّ شيءٍ رُموزاً / فوقَ طوق البيانِ والإِيضاح
ورَسَمنا بدائعَ الكونِ في لوْ / حٍ تعالى عن جَفْوَةِ الألواح
وفهِمنا لُغَى الطُّيورِ وأصْغَيْنا / لهمسِ الغُصون في الأدْواحِ
ورأيْنا البُرُوقَ تَضحَكُ في الرَّو / ضِ فتهفو لها ثُغورُ الأَقاحي
إِيهِ يا شعرُ أنتَ سَلْوايَ في الدنيا / إِذا ضاق بي فسيحُ البَراح
كم عناءٍ كشفتَ بعدَ نِضالٍ / وجَبينٍ مَسَحتَ بعدَ كِفاح
لا تَدَعْني يا شعرُ في ليلة الذِّرَى / وَأَطْلِقْ إِلى الخَيالِ سَارحي
غَنِّي باللِّقاءِ بعدَ شَتاتٍ / وبعطفِ الزَّمانِ بعدَ شِيَاحِ
غنني بالربيع يَخْطر في الرَّوْ / ضِ ويَعْطُو بمِئْزَرٍ ووُشاح
غنني غنني فقدَ عَيَّ نَابي / ونَبَا مِزْهَري عن الإِفْصَاح
كيف تَحوِي الأوتار ما يغمُرُ القلْبَ / ويَطْفُو به من الأفراح
غنِّ في ليلة البشائرِ يا شعْرُ / وغرِّدْ بصوتِك الصدَّاح
وَخُذِ الفنَّ من ترانيمِ إِسْحَا / قَ وبُعْدَ المَدَى عن ابن رَبَاح
وامْلأ الأُفْقَ بالنَّشيدِ تُرَدِّدْ / رَجْعَ أنغامِهِ جميعُ النَّواحي
مَاسَتِ الباسِقاتُ في ضِفَّةِ الوا / دِي وأَرْخَتْ شُعورَها للرِّياح
وَرَنا الزهرُ باسماً يَنْشُرُ النُّو / رَ ويهَفْوُ بثَغْرهِ الفَوَّاح
أسْكَرَتْهُ الذِّكْرَى فأصْغَى وأَصْغَى / يمَلأُ السَّمْعَ وهوْ نشْوانُ صاحي
مَالَ تيهاً كما تميلُ العَذارَى / هلْ على الزَّهر في الهوى من جُناحِ
إنَّ ذكرى الزَّفافِ أسعدُ ذكرَى / تملأُ النَّفْسَ من مُنىً وارتياح
سعِدتْ مصرُ بالمليكةِ فِيهِ / واستنارتْ بنورها الوضَّاح
شرفٌ باذِخٌ يتيهُ على الدُّنْيا / ومجدٌ من الصَّميمِ الصُّراح
نَبَتَتْ في مَنابتٍ أرضُها المِسْكُ / وفي ظلِّ عزَّةٍ وسمَاح
وبدتْ دُرَّةً من النُّبْلِ والمجدِ / فغضَّت منَ الدَّرارِي الصِّحاح
فهناءً فاروقُ يا مَوْثِلَ النِّيلِ / ويا يُمْنَ نَجْمِهِ اللَّمَّاحِ
أنتَ أنهضْتَ مصرَ تستَبِقُ الْخطْوَ / وتمضِي بِعَزْمَةٍ وطِماح
وَبَعثْتَ الآمالَ في كلِّ قلْبٍ / وغرَسْتَ الإِحسانَ في كلِّ رَاحِ
ذاكَ سِرُّ البيتِ الكريم وفيْضٌ / من عَطاءِ المَهيْمنِ الفتَّاح
آلَ بيتِ الْمُلْكِ المؤثَّلِ أنتمْ / شَرَفٌ مُشْرِقُ الأسارِيرِ ضَاحي
عَجَزَ الشِّعرُ أن ينالَ مَدَاكُمْ / وكَبَتْ دونَ وَصْفِكُمْ أمْداحي
كتَبَ اللّهُ في الخلودِ عُلاَكُمْ / مَالِمَا خُطَّ في السَّمَوَاتِ مَاحي
جَدُّكُمْ أَنْقَذَ البلادَ وأعْلَى / رايةَ الدِّينِ بالظُّبَا والرِّماح
حكمةٌ تأسرُ القلوبَ بصَفْحٍ / وإِباءٌ يَغْشَى الوَغَى بِصفاح
كم تَغَنَّى بفضله كلُّ مَغْدىً / وسَرَى ذِكْرُهُ بكلِّ مَرَاح
عاشَ فاروقُ والمليكةُ ذُخْراًج / وَمنَاراً للبرِّ والإِصْلاح
ولْتعِشْ قُرَّةُ البَصائِرِ فِرْياَ / لُ حياةُ النُّفوسِ والأرْوَاح