المجموع : 3
كان فجرٌ وكانَ ثمّ صباحُ
كان فجرٌ وكانَ ثمّ صباحُ / فيهِ للحسن غُدوة ورِواحُ
بكَرَتْ للرياض فيه عذارى / تزدهيهنَّ صبوةٌ ومراحُ
حين لاحَتْ لهنَّ هتافٌ / وعَلَتْ بالدعاءِ منهنَّ راحُ
قلنَ ما أجملَ الصباحَ فما حل / لَ على الأرضِ مثلُ هذا صباحُ
فتعالوا بنا نغنِّي ونلهو / فهنا اللهوُ والغناءُ يُتاحُ
وهنا جَدولٌ على صفحتيهِ / يرقصُ الظِّلُّ والسَّنى الوضَّاحُ
وعلى حافتيه قام يغني / نا من الطير هاتف صدَّاحُ
وفَرَاشٌ لَهُ من الزَّهرِ ألوا / نٌ ومن ريِّق الشعاعِ جناحُ
دَفَّ في نشوةٍ يناديه نُوّا / رٌ وعِطرٌ من الثرى فوَّاحُ
وهنا رَبوَة تلألأ فيها / خضرةُ العشبِ والنَّدى اللماحُ
ونسيمٌ كأنه النَفَسُ الحا / ئرُ تُصغي لهمسِهِ الأدواحُ
مثلَ هذا الصباحِ لم يَلِد الشر / قُ ولم تنجِب الشموسُ الوِضاحُ
لكأنَّا بالكونِ أعلامُ ميلا / دٍ وعرسٌ قامت له الأفراحُ
أيَّ حُسنٍ نرى فردَّدَ صوتٌ / شبهَ نجوى تُسرها أرواحُ
إنَّ هذا الصباحَ ميلادُ شاعرْ /
شاعَ في جوّهِ الخيالُ ورفَّ ال
شاعَ في جوّهِ الخيالُ ورفَّ ال / حسنُ والسِّحرُ والهوى والمراحُ
ونسيمٌ معطَّرٌ خفقتْ في / هِ قلوبٌ ورفرفت أرواحُ
ومنىً كلهنّ أجنحةٌ ته / فو ودنيا بها يَدِفُّ جناحُ
ومن الزهرِ حولها حلقاتٌ / طابَ منها الشذا ورقَّ النفاحُ
حَمَلَتْ كلُّ باقةٍ دمعَ مف / تونٍ كما تحمل الندى الأدواحُ
وهي في ميعةِ الصَّبا يزدهيها / ضَحكٌ لا تملّه ومزاحُ
وغناءٌ كأنَّ قمريةً سك / رى بألحانها تشيع الرّاحُ
أخلصتْ ودَّها المرايا فراحتْ / تتملّى فتشرقُ الأوضاحُ
كشفتْ عن جمالها كلَّ خافٍ / وأباحتْ لهنّ ما لا يُباحُ
مَعبدٌ للجمال والسحر والفت / نةِ يُغدى لقدسِه ويُراحُ
نام في بابه العزيزُ كيوبي / دُ ولكنْ في كفهِ المفتاحُ
إنْ يَنمْ فالحياةُ شدوٌ ولهوٌ / أو يُنبّهْ فأدمعٌ وجراحُ
دَخَلَتْ بي إليه ذاتَ مساءٍ / حيثُ لا ضجةٌ ولا أشباحُ
لم نكن قبلُ بالرفيقين لكن / هي دنيا تُتيحُ ما لا يُتاحُ
وجلسنا يهفو السكونُ علينا / ويرينا وجوهَنا المصباحُ
هتفت بي تراكَ من أنتَ يا صا / حِ فقلتُ المعذَّب الملتاحُ
شاعرُ الحبِّ والجمالِ فقالت / ما عليهِ إذا أحبَّ جُنَاحُ
واحتوى رأسيَ الحزينَ ذراعا / ها ومرتْ على جبينيَ راحُ
ورأت صُفرةَ الأسى في شفاهٍ / أحرقتها الأنفاسُ والأقداحُ
فمضت في عتابها كيف لم ند / رِ بما برَّحتْ بك الأتراحُ
إن أسأنا إليك فاليوم يجزي / كَ بما ذُقتَه رِضىً وسماحُ
ولك الليلةُ التي جمعتنا / فاغتنمها حتى يلوحَ الصباحُ
قلتُ حسبي من الربيع شذاهُ / ولعينيَّ زهرهُ اللمَّاحُ
نحنُ طيرُ الخيالِ والحسنُ روضٌ / كلُّنا فيه بلبلٌ صدّاحُ
فنِيَتْ في هواهُ منا قلوبٌ / وأصابتْ خلودَها الأرواحُ
شعراء الشباب خرَّ عن ال
شعراء الشباب خرَّ عن ال / أيكةِ شادٍ مخضباً بجراحهْ
مات في ثغرهِ النشيدُ وجفَّتْ / خمرةُ الملهَمين في أقداحِهْ
ضِفَّةُ النيلِ وهي بعض مغاني / هِ صحت تسأل الربى عن صداحهْ
أين منها صداه في ذروةِ الفجْ / رِ وهمس الأنداءِ حول جناحهْ
بُوغِتتْ بالصباحِ أخرسَ إلَّا / جهشةَ الشعرِ أو شجيّ نواحهْ
نبأٌ جاءني فأسلم عقلي / لضلالٍ هدَّدْتُهُ بافتضاحِهْ
لو رماهُ فَمُ القضاءِ بسمعي / خِلْتُهُ بعضَ لهوه ومزاحِهْ
فلسفتكَ الحياةُ يا حامل المصبا / حِ والأفقُ مائجٌ بصَباحِهْ
صف لنا صرعة الذّبال وماذا / قد أصاب الحكيم في مصباحِهْ
شاطئٌ فوق صدره يفهقُ المو / جُ وتهوي الصخور تحت رياحِهْ
ضلَّ في جنحِ ليلهِ زورقي الطا / في وضاع المجدافُ من ملَّاحِهْ
جزتَهُ أنت في خطى العاشق / الباسمِ يهفو الحنين ملءَ وشاحِهْ
قم فقد أقبلَ الشتاءُ وأومتْ / سنبلاتُ الوادي إلى أشباحِهْ
أَلَهُ في هُتافِكَ العذابِ داعٍ / يُنطِقُ الواجماتِ من أدواحِهْ
عَبرَ النهرَ والنخيلَ إلى أنْ / جاء مثوىً رقدتَ في صُفَّاحِهْ
حملَ العهدَ عن قلوبِ الحزانى / فدعا المعولاتِ من أرواحِهْ
الثلاثون لم تكن عمرَكَ السَّا / دِرِ في فتنةِ الصِّبا ومراحِهْ
إنها خفقة الفؤادِ وسهد الْ / عَينِ في حومة العلا وكفاحِهْ
إنها قِصةُ الصديقِ ومأسا / ةُ شهيدٍ مكلَّلٍ بنجاحِهْ