مَكسويني كَتَبتَ لِلناسِ دَرساً
مَكسويني كَتَبتَ لِلناسِ دَرساً / عَدَّهُ الدَهرُ مِن كِبارِ عِظاتِهْ
فيهِ سِرٌّ لِلعالَمينَ عَجيبٌ / تَستَحي الكيمياءُ مِن مُعجِزاتِهْ
يَهَبُ الروحَ كُلَّ شَعبٍ رَميمٍ / لَعِبَ الدَهرُ وَالبِلى بِرُفاتِهْ
فَهوَ في نَضرَةِ الحَياةِ فَتِيٌّ / يَتَهادى الشَبابُ في خُطُواتِهْ
يُمعِنُ النَهضَةَ الأَبِيَّةَ تَشأى / غايَةَ المَضرحِيِّ في نَهضاتِهْ
تَسكُنُ العاصِفاتُ عَن جانِبَيهِ / وَتَطيرُ الجِبالُ في هَبَواتِهْ
وَإِذا ما رَمى الزَمانُ بِخَطبٍ / خَطَبَتهُ دَماً سِهامُ رُماتِهْ
يَطلُبُ العِزَّ باذِخاً تَتَهاوى / هِمَمُ الطالِبينَ عَن قَذَفاتِهْ
تِلكَ لِلشَعبِ قُوَّةٌ وَحَياةٌ / تَملَأُ الخافِقينِ مِن سَطَواتِهْ
ما عَهِدنا الخُطوبَ تَرحَمُ شَعباً / يَقَظاتُ الخُطوبِ مِن غَفَلاتِهْ
يَفتِكُ الظُلمُ بِالضِعافِ وَتَنجو / مُهَجُ الأَقوِياءِ مِن فَتَكاتِهْ
مَنَعَ اللَيثَ أَن يُضامَ وَيُؤذى / ما تَخافُ الذِئابُ من وَثَباتِهْ
يا شَهيداً شَجا المَشارِقَ طُرّاً / ما شَجا الغَربَ من ضَجيجِ نُعاتِهْ
وَسَجيناً لَم يطعَمِ القوتَ حَتّى / طَعمَ المَوتَ مِن أُكُفِّ سُقاتِهْ
يَنصَبُ النَفسَ لِلعَذابِ وَيَلقى / ما يُذيبُ النُفوسَ مِن سَكَراتِهْ
إِذ يَرى قَومَهُ أَعَزَّ وَأَعلى / وَحَياةَ البِلادِ فَوقَ حَياتِهْ
أَنتَ لِلحُرِّ سُنَّةٌ وَكِتابٌ / يَستَفيدُ المِثالَ مِن صَفَحاتِهْ
صَفَحاتٍ تُؤتي النُفوسَ هُداها / بِالسَنا المُستَفيضِ مِن كَلِماتِهْ
فيهِ روحُ اليَقينِ لِاِبنِ هُمومٍ / يَستَزيدُ الزَمانُ مِن نَكَباتِهْ
صادِقِ العَزمِ وَالمُروءَةِ يَهوي / كُلُّ عالي الذُرى أَمامَ ثَباتِهْ
فيهِ عِزُّ الذَليلِ يُلقي عَلَيهِ / عِظَةَ الدَهرِ مِن أَجَلِّ ثِقاتِهْ
فيهِ ما يَنفَعُ المَمالِكَ مِن مَأ / ثورِ آياتِهِ وَمِن بَيِّناتِهْ
فيهِ ما يَدفَعُ المَهدِّدَ عَنها / وَيَرُدُّ المُسيءَ عَن سَيِّآتِهْ
هِدَّةُ البَرِّ كُلُّها مِن قُواهُ / وَجَحيمُ البِحارِ مِن مُنشَآتِهْ
قُل لِأَلفٍ مِنَ الأَئِمَّةِ يَقضي / أَلفَ شَهرٍ في صَومِهِ وَصَلاتِهْ
أَيُّ دينٍ لِصائِمٍ أَو مُصَلٍّ / في مُروآتِهِ وَفي مَكرُماتِهْ
دينُ حُرٍّ يَموتُ في السِجنِ جوعاً / وَيَرى العارَ أَن يَعيشَ لِذاتِهْ
نَكبَةٌ زُلزِلَت لَها دَولَةُ الحَق / قِ وَلِلحَقِّ دَولَةٌ مِن حُماتِهْ
لَو يَرى الناسُ ما أَرى حينَ أَودى / لَشَرعتُ الصِيامَ يَومَ وَفاتِهْ