اِنهِلالُ الدُموعِ يَشفي الكَئيبا
اِنهِلالُ الدُموعِ يَشفي الكَئيبا / إِن هِلالُ العُلا أَطالَ المَغيبا
كانَ فَألُ الهِلالِ فيهِ اِقتِراباً / فَمِنَ الحَقِّ أَن نعيبَ النَعيبا
غابَ في آبٍ عَن مَصلّاهُ مضنى / فَتَفاءَلتُ طامِعاً أَن يَؤوبا
تَعس الفَألُ في تَغَرُّبِهِ كا / نَ صَدوقاً وَفي الإِيابِ كَذوبا
ما حَسِبتُ القُبورَ تَستَودِعُ الأَق / مارِ فيها حَتّى دَفَنتُ الحَبيبا
يا غروبَ الدُموعِ فيضي إِذا ما / الشَمسُ مَطلَعاً وَمَغيبا
كانَ عَبد الغنيّ لِلعَينِ نوراً / وَلِقَلبي هُدىً وَلِلعَيشِ طيبا
كانَ شيبي بِهِ شَباباً فَلَمّا / بانَ عَنّي رَدَّ الشَبابَ مَشيبا
كُنتُ في غُربَتي كَأَنّي بِهِ في / وَطَني فَاِنقَضى فَعُدتُ غَريبا
لَم يَدَع فَقدُهُ لِمَغنايَ مَعنىً / فَخَلا آهِلاً وَضاقَ رَحيبا
أَخَطَأَتني الخُطوبُ ما أَخطَأَتهُ / ثُمَّ أَنّي أُصِبتُ لمّا أُصيبا
لَستُ أَنسى مَقامَهُ وَمَقامي / وَكِلانا مِثلُ القَتيلِ خَضيبا
أَنفُهُ يَنثُرُ العَقيقَ وَعَيني / تَنثُرُ الدَمعَ بِالعَقيقِ مَشوبا
ضَمَّني شاكِياً إِلَيَّ وَقَلبي / كُلَّما يَشتَكي يَطيرُ وَجيبا
فَكَأَنّي قَبَّلتُ مِنهُ هِلالا / وَكَأَنّي عانَقتُ مِنهُ قَضيبا
وَبِوُدّي لَو اِحتَمَلتُ فِداءً / عَنهُ ذاكَ الضَنى وَتِلكَ الكُروبا
لَم أطِق فيهِ حيلَةً غَيرَ أَنّي / مُذ قَضى نَحبَهُ أَلفتُ النَحيبا
إِنَّ تَأبينَهُ الَّذي هُوَ دَأبي / حَرَّمَ المَدحَ بَعدَهُ وَالنَسيبا
قُل لِصيدِ المُلوكِ أَنقَضتُ ظَهري / في رِضاكُم مِمّا أَقولُ ذُنوبا
وَعَسى اللَهُ أَن يَتوبَ عَلى المُذ / نِبِ مِن قَبلِ مَوتِهِ لِيَتوبا
فَصِلوني لِحُرمَةِ العِلمِ أَو لا / تَصِلوني لا مَدحَ لا تَشبيبا
ماتَ مَن كُنتُ أَقطَعُ البيدُ جَرّا / هُ وَأَرجو المُنى وَأَخشى الخُطوبا
وَعَظَتني الدُنيا مَواعِظَ شَتّى / وَأَقَلُّ العِظاتِ تَكفي اللَبيبا
فُصحاء الخِطاب في الخَطبِ تَعيا / وَكَفى أَعجَمُ الخُطوب خَطيبا
أَبلغُ الوَعظِ أَن تَرى اليَومَ عَيني / خَلِقاً مَن رَأَتهُ أَمس قَشيبا
مَن صَحا عَقلهُ وَصَحَّ سَلا عَن / حُبِّ دُنياهُ إِنَّهُ كانَ حوبا
زاهِدٌ في الحَياةِ أَفضَلُ عِندَ ال / لَهِ مِمَّن يَكونُ فيها رَغيبا
ما أَغَرَّ الحَياةَ لِلمَرءِ ما أَب / عَدَ آمالَهُ وَأَدنى شَعوبا
ما أَقَلَّ الوَفاءَ ما أَضعَفَ الطا / لِبَ في ذا الزَمانِ وَالمَطلوبا
هَل تَرى أَيُّها الشَموتُ بِرُزئي / آمِناً مِن زَمانِهِ أَن يَنوبا
قَدكَ هَب كُربَتي عِقاباً بِديني / أَبِتَقواكَ لَم تَمُت مَكروبا
بَل عِبادُ الإِلهِ نَحنُ يُعافي / مُحسِناً ذا وَيَبتَلي ذا مُثيبا
عَلِمَ اللَهُ كَيفَ عيشي / قَدَراً مِنهُ وَاِبتَلى أَيّوبا
وَاِبتَلى يوسُفاً لِيَملِكَ مِصراً / وَشَفى بَعدَ حُزنِهِ يَعقوبا
با حَبيبُ الإِلهِ لَولا المَنايا / لَشَفى مِنكَ ما أعلَّ الطَبيبا
يَومَ نادَيت فَرَّجَ اللَه كَربي / إِنَّني اِشتَقتُ مَسجِدي وَالأَديبا
وَلِدات سَبَقتهُم لَحِقوني / صارَ مَن كانَ غالِباً مَغلوبا
طالَ سُقمي فَاِرفَع دَواتي وَأَقلا / مي وَلا تَمحُ لَوحِيَ المَكتوبا
فَإِذا ما أَفَقتُ أَدرَكتُ مَن فا / تَ وَعادَت عَنقاؤُهُم عَندَليبا
وَلدي كَيفَ نَستَوي أَنا في حر / رِ الرَزيا وَأَنتَ في ظِلِّ طوبى
أَنتَ حَيثُ المُقَرَّبونَ فَأَبشِر / وَسَل اللَهَ أَن أَراكَ قَريبا
وَاِسقِني الماءَ يَومَ تروى وأصدى / نَصباً مِن خَطيئَتي وَلُغوبا
كَبِدي أَشفعُ لِسائِرِ الجِسمِ أَسلَم / مِن لَظى يَوم يَستَطيرُ لَهيبا
ما أَظُنُّ الكَريمَ يَرضى إِذا أَن / عَمَ بَعضي لِبَعضي التَعذيبا
كَم تَلَقَّيتُ في العروبَةِ ثَكلى / فَتَلَقَّيتَ أَنتَ بِكراً عَروبا
رُقتَها وَالسَقام قَد فضَّ تَفضي / ضَ المحيّا وَأَذهَبَ التَذهيبا
ثُمَّ قالَت دَعَوتَنا فَأَجَبنا / كَ وَلَسنا نُجيبُ إِلّا النَجيبا
فَتَبَوَّأ في الخُلدِ حَيثُ تَرى اللَ / هَ وَتَلقى نَبِيَّكَ المَحبوبا
حَيثُ وَفى نَصيبَكَ اللَه فَوراً / وَالمُنى أَن نُصيبَ فيكَ نَصيبا
لَهف نَفسي عَلَيكَ يا غُصنَ بانٍ / خَرَّ يَبساً لمّا تَثنّى رَطيبا
سَمتُهُ سَمتُ ذي تقىً وَعَفاف / لَو دَرى ما الهَوى أَنامَ الرَقيبا
مِن بَني القَومِ مَن يَشُبُّ عَفيفاً / وَمِنَ القَومِ مَن يَشُبّ
يَقِظٌ عَدَّتِ العُقول ذُكاءً / قَبَساً مِن ذكائِهِ مَشبوبا
قَبلَ أَن يَكتُبَ العُشورَ يَعيها / فَيَرى الناسُ مِنهُ أَمراً عَجيبا
وَلَقَد صُنتُهُ وَأَمسَكتُ عَن كُت / تابِهِ خَوفَ أَن يُعانَ دَؤوبا
فَإِذا العَينُ أَثَّرَت فيهِ مِن قَب / لُ لِكَي يَظفَرَ العِدى وَأخيبا
وَعَزيز عَلى العُلا أَن تَراهُ / أَنشَبَت فيهِ النائِباتُ نُيوبا
كَم سَأَلتُ الأَديبَ رِفقاً وَكَم لُم / تُ عَلَيهِ فَقالَ لا تَثريبا
إِنَّ أَترابَهُ اِهتَدوا بِهُداهُ / فَتَحَلَّت أَخلاقُهُم تَهذيبا
لا تَلُمني فَما ضَرَبتُ وَمَن ذا / يَضرِبُ الطائِرَ الذَكيّ الأَريبا
خَضَعَت بَعدَهُ رِقاب لِدات / كانَ فيهِم مُعَظَّماً وَمَهيبا
كانَ يَهدي قُلوبَهُم ثُمَّ وَلّى / فَعَموا الآنَ أَعيُناً وَقُلوبا
يا اِبنَ تِسع يَحكي اِبنَ تِسعينَ رَأياً / وُنهوضا يَفوتهُ وَوُثوبا
حُقَّ لي أَن أَشُقَّ قَلبي ثُكلاً / لا أُوَفّيكَ إِن شَقَقتُ الجُيوبا