القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي محمود طه الكل
المجموع : 3
إملأي الأرضَ من حدادٍ وغيهبْ
إملأي الأرضَ من حدادٍ وغيهبْ / مالَ نجمُ البيان عنكِ وغرَّبْ
وخبا من مصابحِ الفكر نورٌ / كان أمضى من الشهاب وأثقبْ
وطوى الموتُ هالةً كان يُنْمَى / كلُّ أفقٍ إلى سناها ويُنْسَبْ
يا سماءَ الخيالِ ما كلّ يومٍ / من بني الشعر تظفرينَ بكوكبْ
ذهبَ الشاعرُ الذي ردَّدَ الشر / قُ صدى شعره الجميلِ المحبّبْ
ومضى الناثرُ الذي صوَّرَ النفسَ / وجلّى سرّ الضميرِ المحجّبْ
الأديبُ العريقُ في لغة الضّا / د وقاموسُها الصحيحُ المرتَّبْ
لم يكن شاعرَ القديم ولا كا / ن لآداب عصرِهِ يتعصّبْ
كان يُعْنَى بكل فذٍ من القو / لِ ويُزْهى بِكلِّ حسنٍ ويعجبْ
شاعرُ الحبِّ والجمالِ وربُّ ال / منطقِ الحقِّ واليراعِ المؤدّبْ
شعرُه من ينابع السحر ينسا / بُ وفي عالم الحقيقة ينصبْ
عاطفيُّ القصيدِ يعبثُ بالأل / بابِ أسلوبهُ الرشيقُ ويلعبْ
وخيالٌ يسمو إلى ما وراءِ ال / كون من عالم اليقين ويذهبْ
يُنْفِذُ الفكر في مجاهل دنيا / هُ فيبدو له الخفيُّ المغيّبْ
ومعانٍ أرقُّ من نسمة الفجرِ / ولفظٌ من سلسل الخمرِ أعذبْ
وبيانٌ يسيلُ في كل نفسٍ / فعلهُ من غرائبِ السحر أغربْ
وقوافٍ كأنها نغماتٌ / هاجها الشجوُ في يراعٍ مثقّبْ
وكأنَّ الأوزانَ شتَّى مثانٍ / ترقص النفسُ وفقهن فتطربْ
بؤساءَ الحياةِ من لكمو اليو / مَ على الحادثات والعيشُ أخطبْ
ضاقت الأرضُ بالحنانِ وفاضتْ / بالأذى أبحراً تضجُّ وتصخبْ
فابحثوا في شعابها عن مقيلٍ / وانشدوا من منافِذ النَّجم مهربْ
قد فقدتم نصيرَكم وسُلبتم / عَضُداً شَدّ أن يُغال ويُسلبْ
عَقَلَ الموتُ مِقولاً منه عضباً / وطوى مهجةً وأطبق هيدبْ
وخلا اليومَ مِنْ شجاكم فؤادٌ / ذابَ من رحمةٍ لكم وتصبَّبْ
وغَفَتْ أعينٌ بكتكم بدمعٍ / لم تدَعْ منه ما يُراق ويُسكبْ
الرفيقُ الحاني على كلّ قلبٍ / أنشبَ البؤسُ فيه ناباً ومخلبْ
والخفيفُ الخطى إلى كل نفسٍ / مال عنها نصرُها وتنكَّبْ
فاذكروه على الليالي إذا ما / زحمَ الدهرُ ركنَكم وتألَّبْ
منْ لصرعى الهمومِ بعدَك يا حا / فظُ من للحزينِ من للمعذّبْ
كنتَ براً بهم وأحنى عليهم / من فؤاد الأب الشفيقِ وأحدبْ
عَجَبٌ صبرُهم على خطبك الدَّا / وي وصبرُ البأساءِ من ذاك أعجبْ
قُمْ وشاهد مآتمَ الشرقِ وانظرْ / كيف يُبكى البيانُ فيك ويُندبْ
قَسَماً لو يُرَدُّ هيجو إلى العي / شِ لألقى لكَ الزمامَ وقرَّبْ
ومشى في يمينه غارُ باري / سَ إلى رأسكَ الكريمِ وعصّبْ
وتمنّى الذي كتبتَ عن البؤ / س وردّ الأصيلَ دون المعرّبْ
فُجِعَتْ نهضةُ البلاد ببانٍ / شدّ من ركنها وشادَ وطنَّبْ
وحباها من شعرهِ وحجاهُ / ما أفادَ الجهادَ فخراً وأكسبْ
هزّ أشبالها الكماةَ وأحيا / أملاً في صدورهم يتوثبْ
لو شهِدتم غداةَ ثورتها الكب / رى لجَاجَ النفوسِ وهي تلهّبْ
لرأيتم في ثورةِ النفسِ منه / مُحنقاً من قساورِ الغيل مُغْضَبْ
لم يَزَل منه في المسامع صوتٌ / تتوقّى الظُّبى صداهُ وترهبْ
نافذٌ في الصميم من باطلِ القو / م كما ينفذُ السِّنانُ المذرّبْ
حافظَ الودِّ والذمامِ سلاماً / لم يَعُدْ بعدُ من يُوَدُّ ويُصحَبْ
كنت نعم الصديقِ في كل آنٍ / حين يُرجى الصديقُ أو حينُ يُطلبْ
لم تغَيِّرْكَ من زمانِكَ دنيا / وحياةٌ بأهلها تتقلّبْ
خُلُقٌ رضته على شرعةِ الصد / قِ وإن خانكَ الرجاءُ وكذّبْ
وإباءٌ حميتَهُ من صغارٍ / وبريق من المواعد خُلّبْ
وفؤادٌ لغير عاطفة الوج / دان لا يدَّني ولا يتقرّبْ
وضميرٌ لا يبلغُ المالُ منه / وبلوغُ النجومِ من ذاك أقربْ
ولسانٌ حفظته من سؤالٍ / لا يَمينُ الكلامَ أو يتذبذبْ
يلفظُ الروحَ صادياً وإذا لم / يَصف للماء موردٌ ليس يشرب
صفحاتٌ نقيةٌ بمدادِ السحق / في مجتلى العظائم تُكتبْ
خانني فيك منطقي وعصاني / قلَمٌ طالما أفاضَ وأسهبْ
آب بالشعر من مصابكَ يبكي / رزءَه فيك والرجاءَ المخيَّبْ
أنتَ من أمةٍ بهم بعثَ الله / هداهُ إلى الشعوبِ فثوّبْ
لم يزَلْ منكمو على الأرض ظِلٌ / وشعاعٌ هادٍ وغيثٌ مُصوّبْ
ويجوبُ الحياة في كل آنٍ / هاتفٌ منكمو وطيفٌ تأوَّبْ
حُضَّر في القلوب أنتم وإن كن / تُم على ملتقى النواظر غيَّبْ
قفْ من الليل مصغياً والعبابِ
قفْ من الليل مصغياً والعبابِ / وتأملْ في المزبداتِ الغضابِ
صاعداتٍ تلوك في شدقها الصخر / وترمي به صدورَ الشعابِ
هابطاتٍ تئنُّ في قبضةِ الري / حِ وتُرغي على الصخورِ الصلابِ
ذلك البحرُ هل تشاهدُ فيه / غيرَ ليلٍ من وحشةٍ واكتئابِ
ظلماتٌ من فوقها ظلماتٌ / تترامى بالمائجِ الصخَّابِ
لا ترى تحتهنَّ غير وجود / من عبابٍ وعالم من ضبابِ
أيها البحر كيف تنجو من الليْ / لِ وأين المنجي بتلك الرحابِ
هو بحرٌ أطمُّ لجّاً وأطغى / منك موجاً في جيئةٍ وذهابِ
أوَ ما تبصرُ الكواكبَ غرقى / في دياجيه كاسفاتٍ خوابي
وترى الأرضَ في نواحيه حيرى / تسألُ السحبَ عن وميض شهابِ
ويك يا بحرُ ما أنينك في ال / لَيل أنينَ المرَّوع الهيّابِ
إمضِ حتى ترى المدائنَ غرقى / وترى الكونَ زخرةً من عُبابِ
إمض عبر السماءِ واطغ على الأف / لاكِ واغمرْ في الجوِّ مسرى العقابِ
ذاك أو يهتكَ الظلامُ دياجيه / وينضو ذاك السوادَ الكابي
وترى الشمس في مياهكَ تُلقي / خالصَ التبر واللجين المذابِ
أقبلَ الفجرُ في شفوفٍ رقاقٍ / يتهادى في منظرٍ خلابِ
حُللٌ من وشائعِ النور زُهْرٌ / يتماوجن في حواشي السحابِ
وإذا الشَّاطىءُ الضحوك تغنى / حوله الطير بالأغاني العذابِ
ونسيمُ الصباح يعبث بالغا / بِ ويثني ذوائبَ الأعشابِ
ومن الشمس جمرة في ثنايا ال / موجِ يذكو ضرامُها غيرَ خابي
ومن البحر جانب مطمئنٌ / قُزَحيُّ الأديمِ غضُّ الإهابِ
نزلت فيه تستحمُّ عذارى / الضوءِ من كل بضةٍ وكعابِ
عارياتٍ يسبحن في اليم لكنْ / لفَّها الرغو في رقيقِ الثيابِ
خفراتٌ من الأشعة خودٌ / نسَّقتها أنامل الأربابِ
فإذا البحر يرقصُ الموج فيه / وإذا الطير صُدَّحٌ في الروابي
راقصاتِ الأمواج علِّمْنَ قلبي / رقصاتِ المغرِّدِ المطرابِ
وأفيضي عليه من سلسل الوح / يِ نميراً كالجدول المنسابِ
واستثيري عواطفي ودعيني / أسمعُ البحرَ أغنيات الشبابِ
لي وراءَ الأمواج يا بحرُ قلبٌ / نازحُ الدار ما له من مآبِ
نزعته مِنّي الليالي فأمسى / وهو مُلقىً في وحشة واغترابِ
ذكرياتٌ تُدني القصيَّ ولكنْ / أين مني منازل الأحبابِ
أنا وحدي هيمانُ في لجك الطا / مي غريقٌ في حيرتي وارتيابي
أرمق الشاطىء البعيدَ بعينٍ / عكفت في الدجى على التسكابِ
فسواءٌ في مسمعي من ذَراهُ / صدحةُ الطير أو نعيقُ الغرابِ
وسواءٌ في العين شارقةُ ال / فجرِ أو الليل أسودُ الجلبابِ
بيد أني أحسُّ فيكَ شفاءً / من سقامي ورحمةً من عذابي
أنت مهد الميلادِ والموتِ يا بحر / ومثوى الهموم والأوصابِ
فأنا فيك أطرحُ الآن آلا / مي وعبءَ الحياة والأحقابِ
ذكِّريني فقدْ نسيتُ ويا
ذكِّريني فقدْ نسيتُ ويا / رُبَّ ذكرى تعيدُ لي طَربي
وارفعي وَجهكِ الجميلَ أرى / كيفَ هذا الحياءُ لَمْ يَذُبِ
واسندي رأسَكِ الصغيرَ إلى / ثائرٍ في الضلوع مُضطربِ
ذلك الطفلُ هَدْهديهِ فما / ثابَ من ثورةٍ ومن صَخَبِ
وامنحي عينيَ النُّعاسَ على / خُصَلاتٍ من شعركِ الذَّهبي
ظمأي قاتلي فما حَذري / مَوردي منكِ مَوْردَ العَطَبِ
ثرْثِري واصنعي الدموعَ ولا / تحفِلي إنْ هَمَمْتِ بالكذبِ
بي نزوعٌ إلى الخيال وبي / للتمنِّي حنينُ مُغتربِ
وا عَجَبي منكِ إنْ نسيتِ وما / أسفي نافعٌ ولا عَجَبي
لم أزَلْ أرقبُ السماءَ إلى / أن أطَلَّ الشتاءُ بالسُّحُبِ
موعِدُنا كانَ في أصائلِهِ / ضِفَّة سُندسيَّةُ العُشُبِ
نرقبُ النيلَ تحت زورقنا / وخفوقَ الشِّراعِ عن كثبِ
وظلالَ النخيل في شَفَقٍ / سالَ فوق الرمالِ كاللَّهبِ
كأسُنا مترَعٌ وليلتُنا / غادةٌ من مضارِبِ العربِ
ويكِ لا تنظري إلى قدَحي / نظرَاتِ الغريبِ واقتربي
شفتاكِ النَّديتانِ بهِ / فيهما رُوحُ ذلك الحَببِ
شَهِدَ المنتَشِي بخمرهما / أنَّ هذا الرحيقَ من عِنبي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025