سقطَ السيفُ بعد طول الضرابِ
سقطَ السيفُ بعد طول الضرابِ / من يدِ المجد أحمرَ الجلبابِ
فهوَت أمةٌ عليه تُفَديهِ / بمنخوبِ شيبها والشبابِ
تتلوّى تحت المصاب وتصغي / لحديثِ الدموع في الأهدابِ
مأتمٌ في الخدودِ للأدمعِ الحمراء / ما بينَ مستهِلّ وخابِ
يتعَثّرن تارةً بالذي جفّ / وحينا يطفونَ طفوَ الحَبابِ
خطباءُ المآتمِ الخرسُ هذا / ذو اقتضابٍ وذاك ذو إسهابِ
كبقايا جيشٍ كسيح من الشهب / ترامى الشهاب إثرَ الشهاب
أبلغُ الشعرِ دمعةٌ تتلَظّى / فوق خدّ لا صفحةٌ في كتابِ
أطغى البحرُ ذو العباب على العربِ / فَلَفّ القصورَ بالأطنابِ
أم هو الحشر يوم زلزلت الأرضُ / على صوت بوقها الصخّاب
سأل السيل نفسه ما سيولٌ / من شعوب سدّت عليّ شعابي
كنشاوى مدهدهين أراقوا / فضلات الحلومِ في الأكوابِ
سكرةُ الحزن سكرةٌ ليس يصحو / المرء منها ما دام فوق الترابِ
تتغذّى بالذكريات وتنمو / بمآسي الأوطان والأحباب
إي أبا طارقوعهدكَ بالأيام / عهد الكفاحِ والأوصابِ
اي دائيك كان أفتك بالجسم / وأورى لثورة الأعصاب
عزمةٌ تقطع الحديد وجسمٌ / في قميص من الضنى والعذاب
تتلاقى عليه آمال شعبٍ / بين دفع من دهرها وانجذاب
ما رأينا طيفا أخفّ من الظلّ / على كاهليه شمّ الهضاب
ليس يزري القراب من رونق السيف / إذا كان عبقريّ الذباب
كم نحول يشفّ عن نفس جبار / جريءٍ الفعال ضخم الرغاب
قوّة الروح والعقيدة جيشٌ / من لهيب وقائد من صواب
حقّرت قوةّ الجسوم وأزرَت / بالسرايا وعسكرت في الروابي
يا دماء الشباب ما أنت إلا / ذائب الطيب يا دماء الشباب
أدفقي رحمةً ونورا وكوني / جدول السفح أو هزارَ الغابِ
لا تضنّي على الحراب وإن آذتك / بل عطري رؤوس الحراب
إملئيها شذى كما يملأ الورد / يد الجارحيه بالأطياب
قطرةٌ منك بسمة في فم الرفق / تردّ السيوفَ وهي نوابِ
كل حق لم تسقهِ لضَياعٍ / كلّ صرح لم تبنِهِ لتَبابِ
كم سياج من الحديد تعفّى / وسياجٍ باقٍ من الآداب
شرِقَت مقلَةُ المنابرِ بالدمع / ورقّ المحرابُ للمحرابِ
والليالي عوابسٌ والأماني / تائهاتٌ على الفساح الرحاب
والعناقيد من أغان ومن شعر / تتلوّى على الثرى المخضاب
فحنا قلبيَ الجريحُ عليها / كحُنُوّ الندى على الأعشاب
أنا منها وقلبُ لبنان في / قلبي وأهدابهُ على أهدابي