مَن لِثاوٍ في الأَهلِ يَشكو اِغتِرابَه
مَن لِثاوٍ في الأَهلِ يَشكو اِغتِرابَه / سَئِم العَيشَ عَذبَهُ وَعَذَابَه
ودَّ لَو تُطفئ المنونُ وَميضاً / مِن حَياةٍ برُوقُها خَلابَه
راحَ في اللَيل يَعقِد الأَمَل الضَخ / مَ فَلَما بَدا الضِياءُ أَذابَه
كُلّ يَومٍ لَهُ أَمانيُّ تَفنَى / وَرَجاءٌ تُذوي اللَيالي شَبابَه
تَتَهادى الآمالُ مِنهُ فَتَهوي / فَلَذاتٌ مِن نَفسِهِ الوَثّابَه
جَحَدُوا عِندَهُ المَواهِبَ حَتّى / لَم يُبالوا أَن يَجحَدوا وَهّابَه
يُرسِلُ النُورَ في عُيونِ الخَفافي / شِ فَتَأبى العُيونُ إلّا احتجابَه
ويَسوقُ اللحنَ الشجيَّ إلى الصُم / مِ فَتَأبى الأسماعُ إلا نُعابَه
وَيفيضُ العَذبَ الشَهيَّ عَلى أَف / واهِ مَرضى لا تَستَسيغ شَرابَه
وَلَكم نَفحَةٍ مِن الرَوضِ صدُّوا / عَن شَذاها وَاِستَروحوا أَحطابَه
أَكثَرُ الإنسِ لا تُحسُّ لَدَيهِ / مِن صِفاتِ الإِنسانِ إِلّا إِهابَه
حامِلٌ في أَديمِهِ نَفس عَجما / ءَ وَفي الشَكل مُشبِهٌ أَضرابَه
يا لَجهد قَد كانَ يَذكُو التِهاباً / أَخمَد الغَبنُ وَالعُقوقُ التِهابَه
وَفُؤادٍ قَد كانَ مَهدَ الأَماني / صارَ لَحداً تَسقي الدُموعُ تُرابَه
وَذكاء يُجزى عَلَيه جُحوداً / حينَ يُجزى الغبيُّ مِنهُم ثَوابَه
وَنُبوغٍ يَضيعُ بَينَ جَهولٍ / وَحَسودٍ بِالضَغنِ ضَلَّ صَوابَه
تَملأ الشَمسُ عَينَهُ فَيَراها / وَعَلَيها مِن الحقودِ ضَبابَه
كَم دَعِيٍّ قَلَّدتُموه خَطيرَ ال / أَمرِ فيكُم وَذُدتُم أَربابَه
وَغَبيٍّ يَحيا سَعيداً وَيَعزُو / نَ إِلَيهِ مِن كُلِّ فن لُبابَه
حِينَ يَشقى أَخو الذَكاءِ وَيَطوي / فيكُم العُمرَ حامِلاً أَوصابَه
لَم يُنافِق فَيَستَحقَّ لَدَيكُم / رَغَد العَيش مُحكِماً أَسبابَه
عَلِّموه الرِياءَ مِمّا عَلِمتم / وَخداعَ النُهى فَيقرَعَ بابَه
بَل دَعُوه وَشَأنَهُ لَن تَرَوهُ / بائِعاً نَفسَه وَلا آدابَه
إِنّ سَفكَ الدِماءِ أَوهى حِساباً / مِن دَمِ الفَضلِ تَحملونَ حِسابَه
إِنَّما العَبقَريُّ رُوحٌ مِن الل / هِ أَمينٌ يُوحي إِلَيكُم كِتابَه
إِن قَتل النُبوغ قَتلٌ لِشَعبٍ / وَعِنادٌ لِلّهِ فيمَن أَتابَه