حيَّ عنّي الحمى وحيَّ المصلَّى
حيَّ عنّي الحمى وحيَّ المصلَّى / وزماناً بالرقمتينِ تولّى
كان أغلى الأوقاتِ في النفسِ قَدْراً / فتلاشى زمانُه واضمحلا
ثمَّ لمّا نوى الفريقُ فِراقاً / نَهِلَ الحيُّ مِن دموعي وعَلاّ
مربعُ الوجدِ فيه أرسلتُ دمعي / بعدَ بُعدِ الأحبابِ وبلاً وطِلاّ
منزلٌ لم تُبَقَّ منه الغوادي / ودموعي والدهرُ إلا الأقلاّ
لستُ اسلو ما كانَ فيه من العيشِ / وحاشا المحبَّ أن يتسلّى
ما استحقَّ الفراقَ نجدٌ فنسلوهُ و / لا استوجبَ الحِمى أن يُمَلاّ
أيُّها الظاعنونَ هذي دموعي / بعدكمْ في الرسومِ تسقي المَحَلاّ
قد وقفنا فيها وكلُّ خليلٍ / بعزاليَّ دمعِه ما أخلاّ
وتذكرتُ مِن سنا الوصلِ نوراً / زالَ عنّي في الحالِ حين تجلّى
فهو مثلُ الشبابِ ما زارَ حتى / قيلَ سارتْ أظعانُه فاستقلاّ
أيُّها الهاجرونَ قد كان صبري / صارماً قبلَ هجركمْ لم يُفلاّ
أتُراكمْ ترضونَ بالهجرِ حقاً / للمحبَّ المشوقِ حاشا وكلاّ
أم تقيلونَهُ العثارَ امتناناً / منكمُ في الغرامِ أن كان زلاّ
اِنْ تراخى عنِ الغرامِ أُناسٌ / وتخلَّوا عنه فما يتخلّى
كيف ينسى أيامَ لهوٍ تقضَّتْ / بكمُ والزمانُ منها محلّى
هل إلى ذلكَ الزمانِ سبيلٌ / وضلالٌ أن تقتضي الشوقَ هلاّ
اِنْ يَفُتْني فاِنَّ حُزْني مقيمٌ / صارَ اِلباً عليَّ مذ صارَ كلاّ
أين ظبيُ الأراكِ طابا جميعاً / بين روضِ العقيقِ طيباً وظِلاّ
لي اليه تطلُّعٌ وحنينٌ / حيثما سارَ في البلادِ وحلاّ
بانَ عنّي وكنتُ وهو قريبٌ / ذا سرورٍ به وقِد حي المُعَلّى
فاسألا عن هجرِ مثلي اعتداءً / بعد ذاكَ الوصالِ كيف استحلاّ
يا فؤادي وكيف أدعو فؤاداً / يومَ بينِ الخليطِ هامَ وضلاّ
لستُ ارضى له الدناءَةَ خِدناً / فعلامَ ارتضى مِنَ الوجدِ خِلاّ
وبريقٍ قد باتَ يلمعُ وَهْناً / كالحُسامِ الصقيلِ في الرَّوعِ سُلاّ
بتُّ والبرقَ لا أمَلُّ دموعي / عندَ اِيماضِه ولا البرقُ ملاّ
مستهاماً ألقى الغرامَ بجسمٍ / منذ أبلاه هجرُه ما أبَلاّ
ذا عليلٌ من حرقةِ البينِ / والهجرِ بغيرِ اقترابِه لن يُبَلاّ
أيُّها الناظمونَ هذا قريضٌ / دقَّ في صنعةِ القريضِ وجَلاّ
يتمشَّى على السَّماكِ افتخاراً / ثمَّ يُضحي منه عليكمْ مطلاّ
وبغيضٌ اليَّ مَنْ ليس يدري / صنعةَ الشَّعرِ أن يكونَ مُدِلاّ
بقريضٍ إذا كسا الشَّعرُ عِزّاً / قائليهِ كساهُ هوناً وذُلاّ
ما تسمَّى في حلبةِ الشَّعرِ يوماً / سابقاً لا ولا استحثَّ فصلّى