إن تكن كربلا فحيوا رباها
إن تكن كربلا فحيوا رباها / واطمئنوا بها نشم ثراها
والثموا جوها الأنيق على ما / كان في القلب حريق جواها
واغمروها باحمر الدمع سقياً / فكرام الورى سقتها دماها
قلت للقلب حين فارق مغناها / ويشتاق بعد ذاك لقاها
كنت واصلتها ملياً قديماً / فلم اخترت بعد وصل جفاها
ما باحيائها علقت فتجفو / حيث محياك ساكنون ثراها
كان أدلى بها اليك قبور / كنت مغري الجشا بفرط هواها
فعلام البعاد بعد التداني / ورباها بمن عشقت رباها
بئسما أنت إذ تخيرت أهلا / من ذويها ومنزلاً من سواها
وتخيرت دونها في أناس / حظ عينك من لقاهم قذاها
فلك اللوم لا لغيرك شوقاً / قلت واهاً أم حسرة قلت آها
وبنفسي مودعون وفي العين / بكاها وفي القلوب لظاها
من بحور تضمنتها قبور / وبدور قد غيبنها رباها
ركبهم والقضا باضعانهم يسرى / وهادي الردى أمام سراها
والمساعي من خلفهم نادبات / والمعالي مشغولة بشجاها
ساكبات الدموع لا يتلاقى / بين أجفانها وبين كراها
وكأني بها عشية القى / سبط خير الورى الركاب لداها
يسأل القوم وهو أعلم حتى / بعد لأي ان صرحوا بسماها
إنها كربلا فقال استقلوا / فعلينا قد كر حتم بلاها
فلديها قبور مختلف الزوار فيها / صباحها ومساها
وبها تهتك الكرائم منا / ورؤوس الكرام تعلوا قناها
وتبدت شوارع الخيل والسمر / وفرسانها يرف لواها
تتداعى ثارات بدر ولما / يكفها كبد حمزة وكلاها
فدعى صحبه هلموا فقد أسمع داعي / المنون نفسي رداها
كنت عرضتكم لمحبوب أمر / ان ترو فيه غبطة وارتفاها
فاذا الأمر عكس ما قد رجونا / محنة فاجأت وأخرى ولاها
فأجاب الجميع عن صدق نفس / اجمعت أمرها وحازت هداها
ولا معنى به تقدست ذاتاً / وجلال به تعاليت جاها
لا نخليك أن نخلي الأعادي / تتخلى رؤسها عن طلاها
أو تنال السيوف منا غذاها / أو تروي الرماح منا ظماها
ثم مع ذاك لم يكن قد قضينا / من حقوق لزمننا ادناها
كيف تقضى العبيد من حق مولا / شكر نعماه نعمة أولاها
فجزاها خيراً فليت لنفسي / بعض حظ مما به قد جزاها
واستبانت على الوفى تتواصاه / واضحى كما تواصت وفاها
تتهادى إلى الطعان اشتياقاً / ليت شعري هل في فناها بقاها
ولقد أخبر الرواة حديثاً / صح لي عن طريقتي وهداها
أنه لم يصب حسيناً من القوم / جراح إلا عقيب فناها
لم تكن ترتقي إليه سهام / هون أن تفتدي حشاه حشاها
تتلقى نحورها البيض والسمر / ومقصودها لنحر سواها
ذاك حتى ثوت موزعة الاشلاء / صرعى سافي الرماح كساها
وامتطى الندب مهره لا يبالي / أشأنه منونه أم شآها
يتلقى القنا بباسم ثغر / متلقى العفاة حين يراها
مطمئناً حيث الألوف فراداها / سواء في عينه وثناها
تنفر الأسد خيفة ان تراه / وهي تدريه أنه ما يراها
تبتغي منهج الفرار واني / والعفرني هناك سد فضاها
مقرياً وافديه نسراً وذئباً / لحم أسد لحم الأسود قراها
فيف كف ردى العداة ندى / للوحش أفدى بداً رداها نداها
واذا ابن النبي هاج لحرب / اخصبت وحشها ورافت فلاها
وانبرت نبلة فشلت يدا رجس / رماها وكف علج براها
وهوى الأخشب الاشم فماجت / نقطة الكون ارضها وسماها
واتى ابن الضبابي ينضي حساماً / حيث مضت كف القضى منتضاها
ففرى بالحسام ثغرة نحر / طال ما طال مص طه لماها
وانثنى بالكريم في الرمح لا يشعر / حلماً ولا يفيق انتباها
معجباً بالذي اتاه من الخطب / وقد يعجب السفيه السفاها
ويله لو درى غداة تباهى / أي عظم وأي جلى اتاها
أي صدر بنعلة قد رقاها / أي نحر بنصله قد فراها
وانثنى المهر بالظليمة عاري / السرج ناع للمكرمات فتاها
واتت زينب الرزايا وقد كض / جوى الثكل قلبها وقواها
اذهل الثكل قلبها فتبدت / وهي لم تدر سافراً من خباها
طلبت صنوها فعز فتبدت / فانثنت بالجوى تنادي أباها
يا أبانا قد أدرك الوتر منا / عصبة الشرك واشتفت احشاها
ابرزت كامن الغليل وروت / من دمانا غليلها وصداها
لم تزل تقتضي الديون اللواتي / فيك حتى كان الطفوف قضاها
ما كفاها أكل الكبود باحد / عن حسين في كربلا مذ أتاها
ليتها إذ رمته بالقتل أمسى / غير قطع الكريم منه شفاها
وأرتضت ذبحه شفاء عن الراس / يعلى على رؤوس قناها
ما كفاها حمل الكريم عن الأسره / لنسوانه وذل سباها
لا ولا حملها أسارى بذل / دون ابرازها لعين عداها
باديات الوجوه اعوزها من / بعد سلب القناع سلب رداها
ينزوي وجوهها كل رآء / غير ان العفاف صان علاها
يتصفحن للأعادي وهيهات / لا مرقد خاب فيه رجاها
تترجى ابن حرة في البرايا / عله ان يرى فيحمي حماها
يا لقومي لعصبة عصت اللَه / وأضحى لها هواها الها
عجبت من فعالها الكفر ليت الدين / يوماً في كفرها ابقاها
ودعاها إلى شقاها يزيد / فاستجابت تاهت لعمري وتاها
اسخطت احمداً ليرضى يزيد / ويلها ما اضلها عن هداها
ثم مع ذاك ترتجي انها منه / فيا للرجال ما اعماها
يا ابن من شرف البراق وفاق الكل / والسبعة الطباق طواها
ورقى حيث لا مقرب يرقى / لا ولا مرسل هنالك فاها
قاب قوسين دق معنى فيا / لِلّه معنى مقام أو ادناها
ان تمنى العدا لك النقص بالقتل / فقد كان فيه عكس مناها
حاولت نيلها علاك فاعياها / وانا من الثرايا ثراها
فاتاحت لك السيوف فجاءت / لك تهدى من العلا اعلاها
اين من مجدك المنيع الأعادي / وبك اللَه في العناية باها
مجدك الفاخر الذي شيدته / آل عمرانها واخت سباها
وعليك اعتماد نفسي فيما / املته وما جنته يداها
وذنوبي وان عظمن فاني / بك يا ابن الكرام لا أخشاها
وبميسور ما استطعت ثنائي / والهدايا بقدر من أهداها