أَيُّ رُكنٍ وَهى مِنَ العُلَماءِ
أَيُّ رُكنٍ وَهى مِنَ العُلَماءِ / أَيُّ نَجمٍ هَوى مِنَ العَلياءِ
إِنَّ رُزءَ الإِسلامِ بِالحافِظِ العا / لِمِ أَمسى مِن أَعظَم الأَرزاءِ
أَقفَرَت بَعدَهُ رُبوعُ الأَحادي / ثِ وَأَقوت مَعالِمُ الأَنباءِ
أَيُّها المُبتَغي لَهُ الدَهرَ مِثلاً / أَتُرَجّي تعانق العَنقاءِ
كانَ ناديهِ كَالرِياضِ إِذا ما / ضَحِكَ النَورُ عَن بُكا الأَنداءِ
كانَ حَبراً يَقري مَسامِعَنا مِن / أَسوَدِ الحِبرِ أَبيَضَ الآراءِ
كانَ بَحراً مَن عامَ فيهِ حَباهُ / بِاللآلي الأَنيقَةِ اللآلاءِ
كانَ مِن أَعلَمِ الأَنامِ بِأَسما / ءِ رِجالِ الحَديثِ وَالعُلَماءِ
فَهيَ مِن بَعدُ في المَهارِقِ كَالأف / عالِ إِذ عُرِّيَت مِنَ الأَسماءِ
كانَ مِن وَصمَةِ التَغَيُّرِ وَالتَّص / حيفِ أَمناً لِخابِطِ العَشواءِ
كانَ في دينِهِ قَوِيّاً قَويماً / ثابِتاً في الضَرّاءِ وَالسَرّاءِ
كانَ عَلّامَةً وَنَسّابَةً لَم / يَخفَ عَنهُ شَيءٌ مِنَ الأَشياءِ
يا لَها مِن مُصيبَةٍ صَمّاء / لَم يَحِد سَهمها عَنِ الإِصماءِ
هَدَمَت ذِروَة المَعالي وَوارَت / جَسَدَ المَجدِ في ثَرى الغَبراءِ
قَد أَرانا سَريرُهُ كَيفَ كانَت / قَبلُ تُجلى أَسِرَّةُ الأَنبِياءِ
سَيَّرَت نَعشَهُ المُلوكُ وَأَملا / كُ السَّمَواتِ بِالبُكا وَالدُعاءِ
وَاِمتَرى حُزنُهُ مَدامِعَ أَهلِ ال / أَرضِ حَتّى جَرَت دُموعُ السَماءِ
حَسبُهُ أَنَّهُ بِهِ اِستُسقِيَ الغَي / ثُ فَجادَت بِهِ يَدُ الأَنواءِ
نَعَشَ اللَهُ نَعشَهُ وَسَقاهُ / رَحمَةً بِالغَمامَةِ الوَطفاءِ
قَد وَدَدنا أَنَّ العُيونَ اِستَهَلَّت / عِوَض الدَمعِ بَعدَهُ بِالدِماءِ
وَلِتِلكَ الدُموعُ كانَت نَجيعاً / قَصَرَتهُ حَرارَةُ الأَحشاءِ
وَلَقَد قَرَّتِ الأَعادي عُيوناً / طالَما أُغفِيَت عَلى الأَقذاءِ
كَم بِهِ جُرِّعَ العَدوُّ ذَعافاً / مِن أَفاويقِ البُؤسِ وَالبَأساءِ
لَم يَزَل يَرغَمُ العَدُوَّ وَيَسعى / رافِلاً في مَطارِفِ النعماءِ
مَن يَكُن شامِتاً فَلِلمَوتِ بِأَسٌ / لَيسَ يُثنَى بِالعِزَّةِ القَعساءِ
وَلَهُ وَثبَةٌ تذَلُّ لَها أُس / دُ الشَرى وَالجُيوشُ في الهَيجاءِ
مَن يَمُت فَلَيمُت مَماتَ أَبي القا / سِمِ عَن عِفَّةٍ وَطيبِ ثَناءِ
كَم حَوى لَحدُهُ مِنَ العِلمِ وَالحِل / مِ وَكَم ضمَّ مِن سَناً وَسَناءِ
إِن يَكُن في المَوتى يُعَدُّ فَقَد خَل / لَفَ عِلماً أَبقاهُ في الأَحياءِ
مودِعٌ في سَوادِ كُلِّ فُؤادٍ / بِتَصانيفِهِ بَياضَ وَلاءِ
وَإِلَيهِ تُنمى بَنوهُ وَطيبُ ال / أَصلِ مُستَأزَرٌ بِطيبِ الجَناءِ
لَكُمُ يا بَني عَساكِرَ بَيتٌ / سامِقٌ في ذُرى العُلى وَالعَلاءِ
لَم يَزَل مُنجِباً أَبوكُم فَما بُش / شِرَ إِلّا بِالسادَةِ النُجَباءِ
وَلَكُم في الأَنامِ صيتٌ رَفيعٌ / مُشرِفٌ فَوقَ قِمَّةِ الجَوزاءِ
فَتَعَزَّوا عَنهُ بِصَبرٍ وَإِن كا / نَ مَضى بِاِصطِبارِنا وَالعَزاءِ
نَحنُ نَبكي عَلَيهِ حُزناً وَكَم قَد / صافَحَتهُ في اللَحدِ مِن حَوراءِ
يا أَبا عُذرِ كُلِّ مَعنىً رَقيقٍ / جَلَّ قَدراً كَالدُرَّةِ العَذراءِ
صَبرُنا يا اِبنَ بَجدَةِ العِلمِ أَمسى / عَنكَ مُستَصعِباً شَديدَ الإِباءِ
عُلَماءُ البِلادِ حَلَّت حُباها / لَكَ يا مَن عَمَّ الوَرى بِالحِباءِ
ما عَسى أَن نَقولَ فيكَ وَقَد فا / تَت أَياديكَ جُملَةَ الإِحصاءِ
أَنتَ أَعلى مِن أَن تُعَدَّ بِوَصفٍ / بلَغَتهُ بَلاغَةُ البُلَغاءِ
أَنتَ أَولى بِأَن تُرَثّيكَ حَتّى / يُبعَثَ الخَلقُ أَلسُنُ الشُعَراءِ
فَعَلَيكَ السَلامُ ما لاحَ وَج ال / صُبحِ مِن تَحت طُرَّةٍ سَوداءِ
وَسَقى التُربَةَ الَّتي غِبتَ فيها / كُلُّ جَونٍ وَديمَةٍ هطلاءِ