المجموع : 5
قد أحاط الوجود بالأشياءِ
قد أحاط الوجود بالأشياءِ / وتبدى بها بغير خفاءِ
فهو فيها ومالها من وجود / غيره فالحلول محض افتراء
وهي فيه أيضا أحاطة علم / سابق في تقديره والقضاء
فافهموا يا عقول قول إمام / حقق الأمر رغبة الإقتداء
واعرفوا قول في إذا هي قيلت / ههنا في الإله رب السماء
كيف محض الوجوه بالعدم الصر / ف يكون امتزاجه في الثراء
إنما ذاك جاء في الذكر يتلى / وهو حق في مذهب الأولياء
كن غنيّاً في صورة الفقراءِ
كن غنيّاً في صورة الفقراءِ / لا فقيراً في صورة الأغنياءِ
ومرادي بالفقر ما كان فقراً / دنيوياً للأخذ والإعطاء
لا مرادي بالفقر لله ربي / ذاك فقر ما إن له من عناء
ذاك عز بدون ذل وعلم / فاصطبر إنه لخير بلاء
وتمسك بربك الحق واقنع / بالتجلي في سائر الأشياء
وانفض القلب من غبار الترجي / والتمني لجاههم والعلاء
إنما جاههم توهُّم عزٍّ / في هوان وشهرة في خفاء
وعلاهم محض استفالٍ وخفض / واحتقار عند البصير الرائي
وتحقق بما ترى يا أنا من / كل شيء تحقق العلماء
إن هذا مع الذي أنت فيه / هو سر الجميع عند الترائي
لا سواه وما السوى فيه إلا / عن عمود تنوع الأفياء
منعتني حقيقتي عن سواها / منع صادٍ رأى سراباً كماء
فتوقفت لا اكتراثاً وعجزاً / إنما النور طارد الظلماء
حضرة الغيب سترها الأشياءُ
حضرة الغيب سترها الأشياءُ / فهي عنه كأنها الأفياءُ
تختفي تارة وتظهر طوراً / للذي قربته كيف تشاء
والذي أبعدته يجهل هذا / كل أنوارها له ظلماء
قدرت ما تشاء من كل حكمٍ / أزلاً إذ به لها إيماء
ثم لما توجهت لترى ما / قدرته ووجهها تلقاء
صبغ الرسم بالوجود فقالوا / وأطالوا وعم ذاك العماء
لا تقل هذه التباسة عقل / ليس للعقل في اليقين بقاء
حرف همزٍ وشكل رمزٍ تبدى / حركت أرضَه عليه السماء
إنه إنه عظيم عظيم / هو هذا إذا استحال الإناء
وهو في العين ساكن فتراه / غينها شين فيه وهو افتراء
ومضت لقمة لآدم كانت / مضغتها بجوفها حواء
أحمد الاسم في السماء بعيسى / وبقومي محمد عنه جاءوا
كل حمد فذاك منه إليه / راجع حيثما تنزَّل ماء
ليس للروح عندنا بعد هذا ال / أمر في الحس ما تراه النساء
قوم عيسى ترهبوا ليزيلوا / وصفَهم بالذكور وهو الدواء
ولنا ملَّة الذكور بذكرٍ / منزل فهي ملة سمحاء
إنها الهمزة الشريفة قدراً / في انقلاب القلوب فهي التواء
وهي حرف لنا وما هي حرف / حيث إبدالها له إبداء
حركات من السكون تبدت / لفجور وللتقى إيحاء
عزة في مذلة وارتفاع / في انخفاض وما الجميع سواء
هذه هذه وهذا وهذا / والذي والتي وهم أولياء
قد تولاهم المفيض عليهم / فهم الأشقياء والسعداء
جل هذا المقام حضرة طه / سيد الرسل أنه لا يجاء
لكن الإنحراف في كل حرف / يقتضي قدر ما يطيق الوعاء
فابدل الهمزة التي أنت تدري / ألفاً ساكناً هم الألفاء
حرك الذت آلة الأسماءِ
حرك الذت آلة الأسماءِ / فتنصَّت لطيب هذا الغناءِ
يا غناء هو الحوادث تبدو / ثم تخفى سريعة الإيحاء
هو مثل الأصوات في إيقاع / وانتظام لسامعٍ ولرائي
لمعُ برقٍ إلهامُ كلِّ وليٍّ / وحي حق لسائر الأنبياء
فتأمل كلامنا وتحقق / بالتجلي واخرج من الظلماء
فالتجلي إن قمت يوماً به لا / بك تعرف من أنت بالأضواء
هذه هذه معارف قوم / هم كتاب الله العزيز العلاء
جاء عن أحمد النبي إلينا / ثم كُنَّاهُ معشرَ الأولياء
فيه أنَّا نقوم بالشرع صدقاً / مع ما عندنا من الإصغاء
لتقادير ربنا نافذات / بالورى في سعادة أوشقاء
فاسمعوا يا عقول هذا وكفوا / عن جمود لمائكم في الإناء
واعلموا أنكم بخلق جديد / كل وقت كالبارق المترائي
أمر رب علا وجل وهذا / واحد في ظهوره والخفاء
وهو خلق لقوله كان أمر ال / لَهِ يعني مقدرات القضاء
آمنوا إن جهلتم العلم منا / أو فلا تؤمنوا هما بالسواء
عندنا ليس عندكم واستفال / في السوى لا يقاس بالإرتقاء
واحذروا تنكروا من الجهل قولا / قاله صادق من العلماء
صح قولي إن السماع دواءُ
صح قولي إن السماع دواءُ / لجميع الأمراض فيه شفاءُ
لكن النفع عند أصحاب ذوق / وطباع سليمة لا جفاء
ينشط المرء من عقال إذا ما / صرخ الناي حيث راق الغناء
فاستمع يا نديم إن كنت مثلي / مطلق الحال ليس فيه خفاء
وتنصت للدف والعود لما / يتوالى عليهما الإطراء
والذي يلتهي بذلك غر / ليس يدري ما ذلك الإيحاء
هو سر يبدو من الغيب جهر / لقلوب الرجال فيه انتشاء
يسكر العقل بالذي منه يبدو / فتفيض العلوم والأنباء
إن علم الإله يملأ قلباً / فارغاً عنه زالت الأشياء
وهو قلب للعارفين صحيح / صقلته عنايةٌ واهتداء
ملأ الله منه كل البرايا / والبرايا قد عمهن الفناء
عدم كله وربي وجود / هم له العرش فوقه الإستواء
يتجلّى بنا ونحن شهود / باطلٌ نحن كلنا وانمحاء
لكن القدرة القديمة أبدت / لانتفاء لنا وفيها البقاء
منه لطف ورحمة شملتنا / وعطاء ورأفة واعتناء
دار كاس السماع منه علينا / فيه للكشف والتجلي احتواء
فإذا دندن الرباب أجابت / نغمة الدف فاستقر العناء
وصريخ النايات قد شاكلتها / نقرات للطبل فيا الهناء
قم تأمل وزد بربك علماً / ما له في علومهم أكفاء
كل علم مما سوى الله جهل / فتنت في الورى به الجهلاء
غير علم الإله ما هو علم / إنما الظن ذاك والإدعاء
ولهذا ترى التكبر فيمن / علمه الكون وهو شيء هباء
والذي يعرف الإله تراه / دام فيه تواضعٌ وانحناء
حاصل الأمر كله ليس غير ال / علم بالله أهله العلماء
هكذا جاءنا الكتاب وجاءت / سنة المصطفى وتم الوفاء