لا قَبْلنا في ذا المصابِ عزاءَ
لا قَبْلنا في ذا المصابِ عزاءَ / أحسنَ الدهرُ بَعدَها أو أساءَ
إن نهينا فيه عن الدمع مَأقا / أو خفَضنا النحيبَ كان رياءَ
حسراتٍ يا نفسِ تفِتُك بالصب / ر وحزناً يقلقلُ الأحشاءَ
ووجيباً ملءَ الضلوع إذا فا / ض إلى المقلتين صار بكاءَ
فزفيرا بين الجوانح يفت / ضُّ متى شاء عَبرةً عذراءَ
وحنينا يشوقُ فاقدةَ النِّي / بِ فتنسَى صريفَها والرُّغاءَ
ومُناخا من لوعةٍ واكتئاب / يستجيبُ الحمامةَ الوَرقاءَ
ودموعا يخجَلن من شَبهَ الما / ءِ فيُصبَغنَ بالحياءِ دماءَ
من عيونٍ قد كنَّ قبلُ عيونا / ثم صارت بفقده أنواءَ
ملقياتِ العُوَّار فيهنّ سَجْلا / جاعلاتِ القذَى لهنَّ رِشاءَ
وإذا ما الأُسَى أشرنَ على القل / بِ بيأسٍ فاستفهموا البُرَحاءَ
يَفقِد الناسُ قد علمنا عظيما / وخطيرا منهم وليسوا سَواءَ
كيف نسلو من فارقَ المجدَ والسّوء / دَدَ والحزمَ والندَى والعَلاءَ
والسجايا الذي إذا افتخر الدُّ / رُّ ادّعاها مَلاسةً وصفاءَ
والمحيَّا الذي له تشخص الأب / صارُ حُسنا وبهجةً وضِياءَ
والأيادِي البيضَ المصافِحةَ الإع / دامِ حتّى تُحيلَه إثراءَ
والمعالى المحلِّقاتِ مع النَّس / رَيْن يُشرقنَ بُكرة ومَساءَ
ووقارا لو أنه أدَّبَ الهُو / جَ من العاصفاتِ عُدنَ رُخاءَ
خَرِستْ ألسن النُّعاةِ وودّت / كل أُذْنٍ لو غودرت صمَّاءَ
جهِلوا أنهم نعَوا مُهجةَ المج / دِ المصفَّى والعزّةَ القَعساءَ
حين قالوا وليتَهم كتَموا الحا / دث عنّا أو جمجَموا الأنباءَ
ظعنتْ بابن يوسُفٍ قُلُص الأ / يّام تطوِى الإدلاجَ والإسراءَ
ليس تَلوِى على مُناخٍ ولا تط / لُبُ وِردا ولا تطيعُ حُداءَ
بعد ما كنّ كالعبيدِ من الطا / عةِ والسمعِ والليالى إماءَ
زنيةُ الدِّين عُرّىَ الدينُ منها / وحُلِىُّ الدنيا جفا الأعضاءَ
لو أرادت عِرسُ المكارم بعلاً / عدِمتْ بعدَ فقدهِ الأكفاءَ
من إذا ا الحقوق للهِ نادت / قاضيا راعيا أجاب النداءَ
وإذا ما إليه مُدَّتْ يدُ الب / رِّ أهان البيضاءَ والصفراءَ
من تردَّى بهيبةٍ رأت التص / ريحَ عَجزا فأومأت إيماءَ
يُوقدِ القومُ نارهم في جدالٍ / فإذا قال أخمدوا الضوضاءَ
من يكن أيتمَ الذرارِى إذا ما / ت فهذا قد أيتمَ الفقراءَ
ما درى حاملوه أنهُمُ عن / همْ أزالوا الأظلالَ والأفياءَ
أدرَجوا في الرِّداء نَصلا ولفُّوا / في السَّحولِىِّ صَعدةً صمّاءَ
يُودِعون الثرى كما حَكَم ال / له بكُرهٍ غمامةً غرّاءَ
ولو أن الخيارَ أضحى إليهم / ما أحلُّوا الغمامَ إلا السماءَ
يا لها من مصيبةٍ عمّت العا / لمَ طرّا وخصَّت العظماءَ
ما علمنا الضَّرّاءَ أحيت فعاثت / في الورى أم أماتت السرَّاءَ
غيرَ أنّا نرى لها كلَّ نفْس / لهِفاتٍ تَنفَّسُ الصُّعَداءَ
ما رأينا يوما كيوم تولَّي / تَ يؤمُّ الأمواتَ والأحياءَ
يَتبَعُ الناسُ ذلك النورَ أرسا / لاً كما يتبعُ الخميسُ اللّواءَ
أرجُلٌ في الصَّعيد تنتعلُ التُّر / بَ وهامٌ تعمَّمُ الحصْباءَ
فنظَنَّى الحِمامُ أنّك أزجي / تَ إليه كتيبةً شهباءَ
أو مشتْ نحوه القبائلُ يطُلْب / ن إليه بأن يكنَّ الفِداءَ
أنت من معشرٍ أبىَ طيِّبُ الذك / ر عليهم أن يُشمتوا الأعداءَ
فهمُ كالأنام يَبلُون أجسا / ماً ولكن يخَلَّدون ثناءَ
لم يُطيقوا أ يدفعوا نوب الأ / يّامِ عنهم فسيَّروا ألأسماءَ
عُقِلتْ فوق تُربك السحبُ إما / ماخضاً بالقُطارِ أو عُشَراءَ
تارةً بالضَّريبِ ترغُو وطو / را بزُلالٍ يفجِّرُ الأطْبَاءَ
فاغراتِ الأفواهِ تحسَبها طا / لَ سُراها فأكثرتْ ثُؤَباءَ
فهي تَسقىِ ثراك قَطرا ومن زا / رك يَسقى ترحُّما ودُعاءَ
كلُّنا للتردى ولم تُخلَق الأَع / لالُ إلاّ ما بيننا سفراءَ
وإذا كانت الحياةُ هي الدا / ءَ المعنىِّ فقد عدِمنا الشفاءَ
إنما هذه الأمانىُّ في النَفْ / س سَرابٌ لا يَنقَعُ الأظماءَ
وأُسودُ الأيامِ لا ترتضى الأج / سامَ قوتاً وتأكلُ الحَوْباءَ
كم بُزاةٍ شُهْبٍ تَحصَّنُ بالج / وّ فتهوِى إلى الثرى أَصداءَ
غبرَت هذه الليالي فلو يُس / ئلن أنكرن ما دها الأذواءَ
نحن في عَتبها الذي ليس يُجدى / مثلُ من حكَّ جِلدةً جَرباءَ
كلَّما كُرِّر الملامُ عليها / في الإساءات زادها إغراءَ
جَلَداً أيُّها الأجلُّ أبو القا / سم والعَوْدُ يحمِل الأعباءَ
أبدا أنت في النوائب لبّا / سٌ من الصبر نَثرةً حَصداءَ
خُلُقٌ فيك أن تُنجِّى من الكر / ب نفوسا وتكشِفَ الغَمّاءَ
ما كرهتَ الأقدارَ قطُّ ولو جا / ءت ببؤسَى ولا ذممتَ القضاءَ
ولك العزّة التي دونها السي / ف نفاذا وجُرأةً ومضاءَ
وفَعالٌ إذا وزنَّاه بالوع / دِ إذا قلتَ لم نجد إقواءَ
أُحُرِس الأقربين يحرسُك اللَّ / هُ رواعِ الأهلينَ والأبناءَ
فالجيادُ العِتاقُ لا تَبلغُ الغا / يةَ حتّى تستصحبَ الأفلاءَ
وظباءُ الفلاةِ إن راعها القا / نصُ زفَّت فاستدنت الأطلاءَ
وجديرٌ بمن شرَى عُتُقَ المج / د فأعلىَ أن يُحرِزَ العلياءَ