المجموع : 3
قُل لِغُصنِ البانِ الَّذي يَتَثَنّى
قُل لِغُصنِ البانِ الَّذي يَتَثَنّى / تَحتَ بَدرِ الدُجى وَفَوقَ النَقاء
رُمتُ كِتمانَ ما بِقَلبي فَنَمَّت / زَفَراتٌ تَغشى حَديثَ الهَواء
وَدُموعٌ تَقولُ في الخَدِّ يا مَن / يَتَباكى كَذا يَكونُ البُكاء
لَيسَ لِلناسِ مَوضِعٌ في فُؤادي / زادَ فيهِ هَواكَ جَفني اِمتِلاء
فُكَّ حُرّاً لِلوَجدِ قَيدَ البُكاءِ
فُكَّ حُرّاً لِلوَجدِ قَيدَ البُكاءِ / فَاِعذُريني أَولا فَموتي بِدائي
لَو أَطَعنا لِلصَبرِ عِندَ الرَزايا / ما عَرَفناهُ شِدَّةً مِن رَخاءِ
أَسرَعَ الشَيبُ مُغرِياً لي بِهَمٍّ / كانَ يَدعوهُ مِن أَحَبِّ الدُعاءِ
ما لِهَذا المَساءِ لا يَتَجَلّى / أَحَياءً مِنهُ سِراجَ السَماءِ
قَرِّبا قَرِّبا عِقالَ المَطايا / وَاِحلُلا غِبها عِقالَ الثَواءِ
تُسعِدَنَّ الأَقدارُ جُهدي وَإِلّا / لَم أَمُت في ذا الحَيَّ مَوتَ النِساءِ
حُرَّةٌ قَد يَستَرعِفُ المَرءُ مِنها / مَنسِماً أَو مُستَنعِلاً بِالنَجاءِ
أُنفِذَت في لَيلِ التَمامِ وَحَنَّت / كَحَنينٍ لِلصَبِّ يَومَ التَنائي
وَالدُجى قَد يَنهَضُ الصُبحُ فيهِ / قائِماً يَنشُرُ ثَوبَ الضِياءِ
مَن لِهَمٍّ قَد باتَ يُشجي فُؤادي / ما لَهُ حالُ دَمعَتي مِن خَفاءِ
إِخوَةٌ لي قَد فَرَّقَتهُم خُطوبٌ / عَلَّمَت مُقلَتي طَويلَ البُكاءِ
إِن أَهاجوا بِآلِ أَحمَدَ حَرباً / بِبَنيكُم لا تَحلُبوا في إِنائي
وَتَحَلّوا عِقدَ التَمَلُّكِ مِنكُم / بِأَكُفٍّ قَد خُضِّبَت بِالدِماءِ
وَخَليلٍ قَد كانَ مَرعى الأَماني / وَرِضى أَنفُسٍ وَحَسبِ الإِخاءِ
غَرَّقَتني في لُجَّةِ البَينِ عَنهُ / فَتَعَلَّقتُ في حِبالِ الرَجاءِ
غَيرَ أَنّا مِنَ النَوى في اِفتِراقٍ / وَلِقاءٍ لِذِكرِنا في البَقاءِ
وَفُراقُ الخَليلِ قَرحٌ مُمِضٌّ / وَبِهِ يَعرِفونَ أَهلَ الوَفاءِ
حاذِقُ الوُدِّ لي بِما سَرَّ نَفسي / كانَ طَبّاً وَعالِماً بِالشِفاءِ
مُرسِلُ الجودَ مِنهُ في كُلِّ سُؤلٍ / يَكلَأُ المَجدَ بَينَ عَينِ السَخاءِ
يَعرِفَنَّ المَعروفَ طَبعاً وَيُثني / بِيَدِ الجودِ في عِنانِ الثَناءِ
يَخفِرَن عَزمَهُ بِقَلبٍ مُصيبٍ / يَتَلَظّى مَن فيهِ نارُ الذَكاءِ
يَكتُمَنَّ الأَسرارَ مِنهُ وَفيهِ / كَكُمونٍ لِلعودِ تَحتَ اللِحاءِ
وَتُفَلُّ الخُطوبُ مِنهُ بِرَأيٍ / قَد جَلاهُ بِالعَزمِ أَيَّ جَلاءِ
إِن يَحُل مِن بَيني وَبَينِكَ بَينٌ / فَلَكَم مِن نَأيٍ سَريعِ اللِقاءِ
رُدَّ عَنّي تَفويقَ سَهمِكَ حَسبي / فيكَ أَقصِر تَفويقَ سَهمِ الدُعاءِ
فَبِها يُستَحَثُّ دُرُّ الأَماني / وَبِها يُطلَقَنَّ كَيدُ العَناءِ
رُبَّ يَومٍ بِعامِرِ الكَأسِ ظَلنا / نُفرِغَنَّ المُدامَ فيهِ بِماءِ
في دُجى لَيلِنا وَطَيِّ الحَواشي / مُدنَفُ الريحِ في قَصيرِ النَقاءِ
تَسقُطَنَّ الأَمطارُ حَتّى تَثَنّى ال / نورُ وَاِبتَلَّ في جَناحِ الهَواءِ
فَتَرى لِلغُدرانِ في كُلِّ خَفضٍ / مُستَقِرّاً كَمُزنَةٍ في سَماءِ
زَمَنٌ مَرَّ قَد مَضى بِنَعيمٍ / وَصَباحٌ أَسَرَّنا في مَساءِ
وَاِجتَمَعنا بَعدَ التَنائي وَلَكِن / لا يُري العالَمينَ عَينَ الرَخاءِ
أَنا مُذ غِبتَ قَد أَروحُ وَأَغدو / مِن سُرورِ الدُنيا بِوُدٍّ خَلاءِ
لا أَرى في الأَنامِ جَمعَ وَفِيٍّ / وَغُرورٍ مُخاتِلٍ في وَفاءِ
فَضَماني إِلَيكَ ذِكرٌ وَشُكرٌ / وَعَلى رَبِّ العَرشِ حُسنُ الجَزاءِ
فَتَنَتنا السُلافَةُ العَذراءُ
فَتَنَتنا السُلافَةُ العَذراءُ / فَلَها وُدُّ نَفسِهِ وَالصَفاءُ
روحُ دَنٍّ لَها مِنَ الكَأسِ جِسمٌ / فَهيَ فيهِ كَالنارِ وَهوَ هَواءُ
وَإِذا مَجَّتِ الأَباريقُ بِالمُز / نِ بِها شائِبٌ وَشابَ الماءُ
وَكَأَنَّ الحَبابَ إِذ مَزَجوها / وَردَةٌ فَوقَ دُرَّةٍ بَيضاءُ
وَكَأَنَّ الَّذي يَشُمُّ ثَراها / كَوكَباً كَفُّهُ عَلَيهِ سَماءُ