المجموع : 23
ليس حمدُ الجفون في مَرْيها النوْ
ليس حمدُ الجفون في مَرْيها النوْ / مَ ولا نَفيِها أَذى الأَقذاءِ
إنما حمدُها إذا هي حالتْ / بين طرفِ العيونِ والبُغَضاءِ
أحمدُ اللَّه نيةً وثناءَ
أحمدُ اللَّه نيةً وثناءَ / غُدوةً بل عَشيَّةً بل مساءَ
بلْ جميعاً وبين ذلك حمداً / أبديّاً يُطبِّقُ الآناءَ
حَمْدَ مُستعظمٍ جلالاً عظيماً / من مَليكٍ وشاكرٍ آلاءَ
مَلِكٌ يقدحُ الحياة من الموْ / تى ويَكفي بفضله الأحياءَ
صاغنا ثم قاتنا ووَقانا / بالتي نتَّقي بها الأَسواءَ
من بناءٍ يَكِنُّنا ولَبُوسٍ / ودواء يحارب الأدواءَ
ثم أهدى لنا الفواكه شتّى / والتحياتِ جَلَّ ذاك عطاءَ
عَظُمت تلكمُ الأيادي وجَلَّتْ / فاذكر المَوز واتركِ الأشياءَ
إنما الموزُ حين تُمْكَنُ منهُ / كاسمه مبْدلاً من الميم فاءَ
وكذا فقدُه العزيزُ علينا / كاسمه مبْدلاً من الزاي تاءَ
فهو الفوزُ مثلما فقدُهُ المو / تُ لقد بان فضلُه لا خَفَاءَ
ولهذا التأوِيلِ سَماه موزاً / مَنْ أفاد المعانيَ الأسماءَ
رَبِّ فاجعله لي صبوحاً وقَيْلاً / وغَبوقاً وما أسأت الغذاءَ
وأرى بل أبُتُّ أن جوابي / لا تُغالط فقد سألتَ البقاءَ
يَشهَد اللَّه إنه لطعامٌ / خُرَّميٌّ يُغازل الأحشاءَ
نكهةٌ عذبةٌ وطعم لذيذٌ / سَاعدا نَعمةً إلى نَعْماءَ
وتخالُ انْسرابهُ في مجاري / هِ افتراعَ الأبكارِ والإغفاءَ
لو تكونُ القلوبُ مأوى طعامٍ / نازَعتْهُ قلوبُنا الأحشاءَ
إنني لَلْحقيق بالشِّبَعِ السا / ئغِ من أكلِهِ وإن كان ماءَ
مِن عطايا أبي محمدٍ المح / مودِ ظَرفاً وحكمةً وسخاءَ
وجمالاً مُنَمَّقاً وجلالاً / ووفاءً مُحقَّقاً وصفاءَ
ذلك السيدُ الذي قتل اليأ / سَ بأفضاله وأحيا الرجاءَ
سرّني برَّني رعاني كفاني / جازَهُ السوءُ إنه ما أساءَ
وتخطَّته كلُّ بأساءَ لكن / صادمتْ مِن ورائه الأعداءَ
وتعالتْ به سماءُ المعالي / أو ترى مجدَه السماءُ سماءَ
مَلِكاً يَلْبَسُ الطويل من العُم / رِ ويَحْظى ويَجْبُرُ الأولياءَ
وأما والذي حباني بزُلفا / يَ لديه أليَّةً غرَّاءَ
لأكدَّنَّ للمدائح فيه / فِكَري أو أردَّها أنضاءَ
ومَعَاذَ الإله لا مدحَ يأتي / فيه كَرْهاً بل مُعفياً إعفاءَ
وترانا في مدحهِ كيف كنّا / كالمُعَنَّى في أن يُضيء الضياءَ
يا أخي أين رَيْعُ ذاك اللِّقاءِ
يا أخي أين رَيْعُ ذاك اللِّقاءِ / أين ما كان بيننا من صفاءِ
أين مصداقُ شاهدٍ كان يحكي / أنك المخلصُ الصحيحُ الإخاءِ
شاهدٌ ما رأيت فعلك إلا / غير ما شاهدٍ له بالذكاءِ
كشفَتْ منك حاجتي هَنواتٍ / غُطِّيتْ برهةً بحسن اللقاءِ
تركتْني ولم أكن سَيِّئَ الظن / نِ أسيءُ الظنونَ بالأصدقاءِ
قلت لمّا بدتْ لعينيَ شُنْعاً / رُبَّ شوهاءَ في حَشا حسناءِ
ليتني ما هتكتُ عنكن سِتراً / فثويتُنَّ تحت ذاك الغطاءِ
قلن لولا انكشافُنا ما تجلَّت / عنك ظَلمَاءُ شُبْهةٍ قتماءِ
قلت أعجبْ بكنَّ من كاسفاتٍ / كاشفاتٍ غَواشِيَ الظلماءِ
قد أَفدتُنَّني مع الخُبْر بالصّا / حِبِ أنْ ربَّ كاسفٍ مُستضاءِ
قلن أعَجِبْ بمُهْتَدٍ يتمنَّى / أنه لم يزل على عمياءِ
كنتَ في شُبْهَة فزالت بها عن / ك فأوسعتنا من الإزراءِ
وتمنيت أن تكون على الحي / رةِ تحت العَماية الطَّخْياءِ
قلت تاللَّه ليس مثلي مَنْ وَد / دَ ضَلالاً وحيَرةً باهتداءِ
غير أنِّي ودِدتُ سترَ صَديقي / بدلاً باسْتفادة الأْنباءِ
قُلْن هذا هوىً فعرّجْ على الحق / قِ وخلِّ الهوى لقلْبٍ هواءِ
ليس في الحقِّ أن تودّ لخلٍّ / أنَّهُ الدهرَ كامنُ الأدواءِ
بلْ من الحقِّ أن تُنقِّر عنْهن / نَ وإلَّا فأنت كالبُعَداءِ
إن بَحْثَ الطَّبيبِ عنْ داءِ ذي الدَّا / ءِ لَأُسُّ الشِّفاءِ قبل الشفاءِ
دُونك الكَشْفَ والعتابَ فقوِّم / بهمَا كُلَّ خَلَّةٍ عَوْجاءِ
وإذا ما بدا لَكَ العُرُّ يوْماً / فَتَتَبَّعْ نِقابَه بالهِناء
قُلْتُ في ذاك مَوْتُكُنَّ وما المو / تُ بمُستعذب لدى الأحْياءِ
قُلْن ما الموتُ بالكريه إذا كا / ن بحقٍّ فلا تزدْ في المراءِ
يا أخي هَبْكَ لم تهبْ ليَ من سَع / يك حظاً كسائر البُخلاءِ
أَفَلا كان منك ردٌّ جميلٌ / فيه للنّفس راحةٌ من عَناءِ
أجَزاءُ الصَّديق إيطاؤُهُ العِش / وة حتَى يظلّ كالعشْواءِ
تاركاً سعْيَه اتِّكالاً على سَعْ / يكَ دون الصِّحاب والشُّفعاءِ
كالَّذي غرَّه السَّراب بما خي / يَل حتَّى هراق ما في السِّقاءِ
يا أبا القاسم الذي كنت أرجو / ه لدهْري قَطَعْتَ مَتْن الرَّجاءِ
بِكرُ حاجاتِ من يعُدُّك للشِد / دَةِ طوراً وتارةً للرَّخاءِ
نمتَ عنها وما لمثلك عُذْرٌ / عند ذي نُهيةٍ على الإغفاءِ
قَسَماً لو سألتُ أخرى عَواناً / لتَنمَّرْتَ لي مَعَ الأعداءِ
لا أجازيك من غروركَ إيا / يَ غروراً وُقِّيت سُوء الجزاءِ
بل أَرى صِدْقك الحديثَ وما ذا / ك لبخلٍ عليك بالإغضاءِ
أنتَ عيني وليس من حق عَيني / غَضُّ أَجفانها على الأقْذاءِ
ما بِأمثالِ ما أتيت من الأم / ر يَحُلُّ الفتى ذُرا الْعلْياء
لا ولا يكْسب المحامِد في النا / س ولا يشتري جميلَ الثناءِ
ليس من حلَّ بالمحلِّ الذي أن / ت به من سماحةٍ ووفاءِ
بَذَلَ الوعْدَ للأخلَّاءِ سَمْحاً / وأبى بعد ذاك بذلَ العطاءِ
فَغَدا كالْخلافِ يُورقُ للعي / ن ويأبى الإثمار كل الإباءِ
ليس يرضى الصديقُ منك ببشر / تحت مَخْبوره دَفينُ جَفاءِ
يا أخي يا أخا الدَّماثة والرق / قَة والظَّرف والحِجا والدهاءِ
أتُرى الضَّربة التي هي غيبٌ / خُلْفَ خمسين ضربةً في وَحَاءِ
ثاقِب الرأي نافذ الفكر فيها / غير ذي فَتْرة ولا إبْطاءِ
وتُلاقيك شيعةٌ فيظلّو / ن على ظهر آلةٍ حَدْباءِ
تَهزمُ الجمع أوحديّاً وتُلْوي / بالصَّناديد أيَّما إلواءِ
وَتحُطُّ الرِّخَاخَ بعد الفَرازي / ن فتزداد شدةَ استعلاءِ
رُبَّما هالني وحيَّر عقلِي / أخْذُكَ اللّاعبين بالبأساءِ
ورضاهم هناك بالنِّصف والرُّب / ع وأَدْنى رضاكَ في الإِرباءِ
واحتراسُ الدُهاة منك وإعصا / فُكَ بالأقوياءِ والضعفاءِ
عن تدابيرك اللِّطاف اللَّواتي / هُنَّ أخفى من مُستسرِّ الهباءِ
بل من السِّر في ضمير مُحبٍّ / أدَّبتْهُ عقوبةُ الإفْشاءِ
فإخالُ الذي تُديرُ على القو / م حُروباً دوائرَ الأرحاءِ
وأظُنُّ افتراسَك القِرْنَ فالقر / ن منايا وشيكةَ الإرداءِ
وأرى أنّ رقعةَ الأَدَمِ الأحْ / مر أرْضٌ عَلَّلتها بدماءِ
غلطَ الناسُ لست تلعب بالشِّط / رنج لكن بأنفُس اللُّعباءِ
أنت جِدِّيها وغيرك من يل / عب إن الرِّجال غيرُ النِّساءِ
لك مكرٌ يدبُّ في القوم أخفى / من دبيب الغذاء في الأعضاءِ
أو دبيب المَلالِ في مُسْتهامَيْ / ن إلى غاية من البغضاءِ
أو مَسيرِ القضاء في ظُلمِ الغي / ب إلى من يُريده بالتَّواءِ
أو سُرى الشيب تحت ليل شباب / مُستحير في لِمِّة سَحماءِ
دبَّ فيها لها ومنها إليها / فاكْتَسَتْ لون رثَّة شَمْطاءِ
تَقْتُلُ الشَّاه حيث شِئت من الرُّق / عة طَبَّا بالقِتْلة النّكراءِ
غير ما ناظرٍ بعيْنك في الدَّس / تِ ولا مقبلٍ على الرُّسلاءِ
بل تراها وأنتَ مُستدبرُ الظَّه / ر بقلبٍ مُصوَّرٍ من ذكاءِ
ما رأينا سِواك قِرْناً يُولِّي / وهو يُرْدي فوارس الْهيجاءِ
رُبَّ قَوْم رأوْكَ رِيعُوا فقالوا / هل تكونُ العيون في الأقفاءِ
والفُؤادُ الذكيُّ للمطرق المُع / رِضِ عينٌ يَرى بها من وراءِ
تقرأ الدَّستَ ظاهراً فتُؤدي / ه جميعاً كأحْفظ القُرّاءِ
وتُلَقَّى الصوابَ فيما سوى ذا / ك إذا جار جائرُ الآراءِ
فترى أن بُلغةً معها الرَّا / حةُ خيرٌ من ثَروةٍ وشقاءِ
رؤيةٌ لا خلاج فيها ولولا / ذاك لم تأبَ صحبة ابنِ بُغاءِ
وهو موسى وصاحبُ السيف والجي / ش ورُكْنُ الخِلافة الغلباءِ
بعتَه واشتريت عيشاً هنيئاً / رابح البيع كيَّساً في الشراءِ
وقديماً رغْبتَ عن كل مَصْحو / بٍ من المُتْرفينَ والأمراءِ
ورَفَضْتَ التجارةَ الجمَّة الرِّب / حِ وما في مِراسها من جَداءِ
وهَذَى العاذلُونَ من جهة الرِّب / حِ فخلَّيتهم وطولَ الهُذاءِ
أعْرَضَتْ عنهُمُ عَزَائمُك الصُم / مُ بأُذنٍ سميعة صمّاءِ
حين لم تكْترثْ لقول أخي غِش / شٍ يُرى أنه من النُّصحاءِ
وإذا صحَّ رأيُ ذي الرأي لم تن / ظر بعيني مَشُورةٍ عَوْراءِ
لمْ تبعْ طيب عيشةٍ بفضولٍ / دُوَنها خبثُ عيشةٍ كدْراءِ
تعبُ النَّفس والمهانةُ والذل / لَةُ والخوفُ واطِّراحُ الحياءِ
بل أطعتَ النُّهى فَفُزت بحظٍّ / قَصُرتْ عنه فِطنةُ الأغْبياءِ
راحةُ النفس والصِّيانةُ والعف / فَةُ والأمنُ في حياء رَواءِ
عالماً بالذي أخذتَ وأعطي / تَ حكيماً في الأخذ والإعْطاءِ
جَهبَذَ العَقل لا يفوتك شيءٌ / مِثلُهُ فاتَ أعينَ البُصَراءِ
غيرَ مُستنزِلٍ عن الوضَح الأط / لس بالزائف الصبيح الرُّواءِ
قائلاً للمشيرِ بالكدحِ مهلاً / ما اجتهادُ اللَّبيبِ بعد اكتفاءِ
قرّبَ الحِرْصُ مركباً لشقيّ / إنما الحرصُ مركبُ الأشقياءِ
مرحباً بالكفافِ يأتي هنيئاً / وعلى المُتعِبات ذيلُ العفاءِ
ضَلةً لامرئٍ يُشمِّرُ في الجم / ع لعيش مُشَمِّرٍ للفناءِ
دائباً يكنز القناطير للوا / رِث والعُمرُ دائباً لانقضاءِ
حبذا كثرةُ القناطير لو كا / نت لربِّ الكنوزِ كنزَ بقاءِ
يَغْتدي يَرْحم الأسيرُ أسيراً / جاهلاً أنه من الأُسَراءِ
لا إلى الله يذهب الحائرُ البا / ئرُ جهلاً ولا إلى السراءِ
يَحسَبُ الحظَّ كله في يديه / وهو منه على مدى الجَوزاءِ
ليس في آجلِ النَّعيم له حظ / ظٌ وما ذاقَ عاجلَ النَّعماءِ
ذلك الخائبُ الشقي وإن كا / ن يُرى أنّهُ من السُّعداءِ
حَسْبُ ذي إرْبةٍ ورأيٍ جَليٍّ / نَظَرتْ عينه بلا غُلواءِ
صحةُ الدينِ والجوارح والعرْ / ضِ وإحرازُ مُسكة الحوباءِ
تلك خيرٌ لعارِف الخير مما / يجمعُ الناسُ من فضولِ الثراءِ
ولها من ذَوي الأصالة عُشَّا / قٌ وليسوا بتابِعي الأهواءِ
ليس للمكثر المُنغَّص عيشٌ / إنما عيشُ عائشٍ بالهَنَاءِ
يا أبا القاسم الذي ليس يخفَى / عنه مكنُونُ خُطَّةٍ عَوْصاءِ
أتَرَى كل ما ذكرتُ جليّاً / وسواهُ من غامض الأنحاءِ
ثم يَخْفَى عليك أنّي صديقٌ / رُبَّما عزَّ مِثلُه بالغَلاءِ
لا لَعَمرُ الإله لكن تعاشي / تَ بصيراً في ليلةٍ قَمراءِ
بل تعامَيْتَ غير أعمى عن الحق / قِ نهاراً في ضَحوةٍ غرّاءِ
ظالماً لي مع الزمانِ الذي ابتَز / زَ حقوقَ الكرام للُّؤماءِ
ثَقُلتْ حاجتي عليك فأضحتْ / وهي عبءٌ من فادحِ الأعباءِ
ولها محمِلٌ خفيفٌ ولكن / كان حظّي لديك دونَ اللَّفاءِ
كان مقدارُ حُرمتي بك في نف / سك شيئاً من تافِه الأشياءِ
فتَوانَيْت والتواني وَطيءُ ال / ظَهرِ لكنَّه ذَميمُ الوِطاءِ
كنت ممن يرى التشيُّعَ لكنْ / مِلتَ في حاجتي إلى الإرْجاءِ
ولعَمْرِي لقد سعيتَ ولكن / نَك عذّرت بعد طول التواءِ
فتَنزَّه عن الرياء فتعذي / رُك في السعيِ شُعبةٌ من رِياءِ
ليس يُجدي عليك في طلب الحا / جاتِ إلا ذو نيةٍ ومضَاءِ
ظلمت حاجتي فلاذتْ بحقْوَيْ / ك فأسلمتها بكف القضاءَ
وقضاءُ الإله أَحوط للنا / س من الأمهات والآباءِ
غير أن اليقين أضحى مريضاً / مرضاً باطِناَ شديدَ الخفاءِ
ما وجدتُ امْرَأً يرى أنه يو / قِن إلّا وفيه شَوْبُ امْتِراءِ
لو يصحُّ اليقينُ ما رَغِبَ الرا / غبُ إلّا إلى مَليكِ السماءِ
وعَسيرٌ بلوغُ هاتِيكَ جداً / تلك عُليا مَراتِب الأنبياءِ
كنتُ مستوحشاً فأظهرتَ بَخساً / زادني وحشةً من الخلطاءِ
وعزيزٌ عليَّ عَضِّيكَ باللو / م ولكنْ أصبتَ صدري بداءِ
أنت أدْوَيتَ صدر خِلِّك فاعذر / هُ على النَّفثِ إنه كالدواءِ
لا تلومنَّ لائماً وضع اللَّو / ماءَ في كُنه موضع اللَّوماءِ
إنْ تكن نفحةٌ أصابتك من عَذ / لي فعمّا قدحتَ في الأحشاءِ
يا أبا بكرٍ المُشارَ إليه / بانقطاعِ القَرين في الأُدباءِ
قد جعلناك حاكماً فاقض بالحق / قِ وما زلتَ حاكم الظرفاءِ
تأخذ الحقَّ للمُحقِّ وتنهى / عن ركوب العَداء أهلَ العداءِ
ليس يؤتى الخَصمانِ من جَنَفٍ في / ك ولا من جهالةٍ وغباءِ
هل ترى ما أتى أخوكَ أبو القا / سم في حاجتي بعينِ ارتضاءِ
لي حقوقٌ عليه أصبح يلْوي / ها فَطالِبْهُ لي بوشْك الأداءِ
لست أعتدُّ لي عليه يداً بي / ضاءَ غير المودة البيضاءِ
تلك أو أنني أخٌ لو دعاه / لمُهمٍّ أجاب أُولى الدعاءِ
يتقاضى صديقَهُ مثل ما يب / ذل من ذات نفسه بالسواءِ
وأُناديك عائذاً يا أبا القا / سم أفديك يا عزيزَ الفداءِ
قد قضينا لُبانةً من عتاب / وجميلٌ تَعاتُبُ الأكفاءِ
ومعَ العَتْب والعتابِ فإني / حاضرُ الصفح واسعُ الإعفاءِ
ولك الوُدُّ كالذي كان من خِل / لك والصدرُ غيرُ ذي الشّحناءِ
ولك العذر مثل قافيتي في / ك اتساعاً فإنها كالفضاءِ
وتأمّلْ فإنها ألِفُ المد / دِ لها مَدّةٌ بغيرِ انتهاءِ
والذي أطلق اللسان فعاتَبْ / تُك عَدِّيكَ أوَّلَ الفُهماءِ
لم أخفْ منك غلطةً حين عاتب / تُك تدعو العتابَ باسم الهجاءِ
وأنا المرءُ لا أسومُ عتابي / صاحباً غيرَ صَفوةِ الأصفياءِ
ذا الحِجا منهُمُ وذا الحِلمِ والعل / مِ وجهلٌ ملامةُ الجُهَلاءِ
إن من لام جاهلاً لَطَبيبٌ / يتعاطى علاج داءٍ عياءِ
لستُ ممّن يظلُّ يربَع باللوْ / مِ على منزلٍ خلاءٍ قَواءِ
قد بُلينا في دهرنا بملوكٍ
قد بُلينا في دهرنا بملوكٍ / أدباءٍ عَلِمْتُهمْ شعراءِ
إن أجدنا في مدحِهم حسدونا / فحُرِمنا منهُمْ ثوابَ الثناءِ
أو أسأنا في مَدْحهم أنَّبونا / وهَجَوْا شعرَنا أشدَّ هجاءِ
قد أقاموا نفوسَهم لذوي المدْ / حِ مُقامَ الأندادِ والنظراءِ
عاقنا أن نعود أنك أوْليْ
عاقنا أن نعود أنك أوْليْ / تَ أموراً يضيق عنها الجزاءُ
غمرتْنا منك الأيادي اللَّواتي / ما لِمعْشارِها لدينا كِفاءُ
فنهانا عنك الحياءُ طويلاً / ثم قد ردنا إليك الحياءُ
ولَمَا حَقَّ إن قَرُبْتَ التنائي / ولَمَا حَقّ إن بَرَرْتَ الجفاءُ
غير أنّا أَنضاءُ شُكرٍ أُريحتْ / وقديماً أريحتِ الأنضاءُ
وظَمِئنا إلى الشراب وأنت الْ / بحرُ يَروى في جانبيه الظِّماءُ
فاسقنا من شرابك الرائق العذْ / بِ ولا تَحمِنا سَقتكَ السماءُ
من عتيقٍ كأنه دمعةُ المه / جور يبكي وعينهُ مَرْهاءُ
يقدحُ الصبحَ في الظلام ويأبى / أن يُرى في فِنائه الإمساءُ
سَبغتْ نِعمةٌ ودام صفاءُ
سَبغتْ نِعمةٌ ودام صفاءُ / ووقاك الحوادثَ الأكْفاءُ
يا ابن من جلَّ أمره وأجلَّتْ / هُ ولاةُ العهود والخلفاءُ
لم يُصَفِّ الدواءُ جسمَك إلا / عن صفاءٍ كما يكون الصفاءُ
فلأعدائك البشاعةُ منه / ولك النفعُ دونهم والشفاءُ
أسقط المدحَ فيك أن لم يُبِنْ من / ك خفياً وهل بصبحٍ خفاءُ
فالبس العفو والمُعافاة ثوباً / وعلى الكارهينَ ذاكَ العَفاءُ
ووقاكَ الإلهُ ما تتوقَّى / في بقاءٍ للنفس فيه اكتفاءُ
فُوكَ مَجْنى حِجاً ووجهك شمسٌ / ويميناك مُزنةٌ وَطْفاءُ
أيها القاسمُ القسيمُ رُواءَ
أيها القاسمُ القسيمُ رُواءَ / والذي ضمَّ ودُّهُ الأهواءَ
والذي ساد غيرَ مُستنكَرِ السُّؤ / دُدِ في الناس واعتلى كيف شاءَ
قمرٌ نجتليهِ ملءَ عيونٍ / وصدورٍ بَرَاعةً وضياءَ
لم يزل يجعلُ المساءَ صباحاً / كلما بُدِّل الصباحُ مساءَ
قتل اليأس وهو مستحكم الأمْ / ر وأحيا المطامعَ الأنضاءَ
وارتضاهُ الأميرُ حين رآه / وارتأى فيه رؤيةً وارتياءَ
قال رأسُ الرؤوس لما رآه / وصف البدرُ نفسَه لا خَفَاءَ
بَشَّرَ البرقُ بالحيا وسنا الصب / ح بأن يَقلبَ الدُّجى أضواءَ
كلُّ شيء أراه منك بشيرٌ / صَدَّق الله هذه البُشراءَ
وإذا ما مَخابرُ الناس غابتْ / عنك فاستَشْهِدِ الوجوهَ الوِضاءَ
قال بالحق فيه ثم اجتباهُ / واصطفاهُ وما أساء اصطفاءَ
فغدا يُوسعُ الرعيَّةَ عَدلاً / غير أني لقيتُ منه اعتداءَ
أجميلٌ بك اطِّراحِي وقد قد / دَمتُ في رأيك الجميلِ رجاءَ
وَليَ الطائرُ السعيد الذي كا / ن بريداً بدولةٍ زهراءَ
ما تعرَّفتَ مُذْ تَعيَّفتَ طيري / غير نَعماء ظَاهرتْ نعماءَ
ثم أدنيتني فزادَك يُمْنِي / من أميرٍ مؤيَّدٍ إدناءَ
وتناولتَني ببرِّ فبرَّتْ / ك يد الله ثَرَّةً بيضاءَ
وكذا كلّما نويتَ لمولا / كَ مزيداً أوتيتَهُ والهناءَ
أنا مولاك أنت أعتقتَ رِقِّي / بعدما خِفتُ حالةً نكراءَ
فعَلام انصراف وجهِك عني / وتَناسيكَ حاجتي إلغاء
كان يأتينيَ الرسولُ فيُهدي / لِي سروراً ويَكبتُ الأعداءَ
فقطعْتَ الرسول عنِّيَ ضَنّاً / باتِّخاذِيهِ مَفْخَراً وبهاءَ
إن أكن غيرَ مُحسنٍ كلَّ ما تطْ / لبُ إني لَمُحْسنٌ أجزاءَ
فمتى ما أردتَ صاحبَ فحصٍ / كنتُ ممن يُشارك الحكماءَ
ومتى ما أردتَ قارض شعرٍ / كنتُ ممن يُساجلُ الشعراءَ
ومتى ما خطبتَ مني خطيباً / جلَّ خطبي ففاق بي الخُطباءَ
ومتى حاول الرسائلَ رُسْلي / بلَّغَتْني بلاغتي البُلغاءَ
غيرَ أني جعلتُ أمري إلى صف / حِكَ عن كل عورةٍ إلجاءَ
أنت ذاك الذي إذا لاح عيبٌ / جعل السِّترَ دونَهُ الإغطاءَ
أنا عارٍ من كلِّ شيء سوى فَضْ / لكَ لا زلت كِسوةً وغِطاءَ
ولقائي إياك ماءُ الحياتيْ / نِ فلا تَقْطَعَنَّ عني اللقاءَ
سُمْنيَ الخَسْف كلّه أَقبلِ الخس / فَ بشكر ولا تَسُمْني الجفَاءَ
ليس بالناظِرَيْن صبرٌ عن الوج / ه الذي يجمع السَّنا والسناءَ
منظرٌ يملأ القلوبَ مع الأب / صارِ نُوراً ويَضْرحُ الأقذاءَ
ليت شِعري عن الفِراسِيِّ والزج / جاجِ هل يرعيان مني الإخاءَ
فيقولان إنّ موضعَ مولا / ك عَميراً أشفُّ منه خلاءَ
يا لَقَوْمٍ أأثقلَ الأرضَ شخصي / أم شكْت من جفاءِ خَلقي امْتِلاءَ
أنا من خَفَّ واستدقَّ فما يُث / قِلُ أرضاً ولا يسدُّ فضاءَ
إن أكن عاطلاً لديك منَ الآ / لاتِ حاشاك أن تجورَ عَثاءَ
فلأكن عُوذةً لمجلسك المُو / نِقِ أرْدُد عينَ الردى عمياءَ
أنا مولاك بالمحبة والمَيْ / ل فحمِّل عواتقي الأعباءَ
وأنا المرءُ لا يُحمَّلُ إلّا / شُكرَ آلائكُم لكم آلاءَ
أَدْنِ شخصي إذا شَدَتْ لك بستا / نُ وغنت غناءها غَنَّاءَ
فاستثارت من اللحودِ المغني / نَ فأضحى أمواتُهم أحياءَ
يا لإحضارها مع ابن سُرَيْجٍ / مَعْبَداً والغريضَ والمَيْلاءَ
وتلتها عجائبٌ فتغَنّتْ / مُشبهاتِ اسمها صُيابا ولاءَ
فحكتْ هذه وتلك يَمينَي / كَ إذا ما تبارتا إعطاءَ
وأبىَ الله عند ذلك أشبا / هَ غناءٍ مُعلِّلٍ إغناءَ
ما مُغَنٍّ غَنَّاكِ نِدَّاً لمُغْنٍ / رِفْدُهُ يجمع الغِنى والغناءَ
ذا ولا تَنْسَني إذا نَشَرَ البُس / تانُ أصنافَ وَشْيهِ وتَراءى
وحَكَتك الرياض في الحسنِ والطِّي / بِ وإن كانَ ذاك منها اعتداءَ
وتغنَّى القُمْريُّ فيها أخاه / وأجابت مُكَّاءةٌ مُكَّاءَ
وَأَبَدَّتْكَ لحظها قُضُبُ النر / جس ميلاً إليك تحكي النساءَ
بُقعةٌ لا تَني تُفاخر عطَّا / راً وتُشْجي بوَشْيِها وَشَّاءَ
لم تزل تستعيرُ منك جَمالاً / تكتسيه وتستميرُ ثَناءَ
فجمالٌ لمنظرٍ وثناءٌ / لمَشمٍّ يحكي ثَناكَ ذكاءَ
واهْوَ قُربي إذا شَرعت على دِجْ / لةَ في ظل ليلةٍ قَمْراءَ
وحكت دجلةُ انْهِلالَك بالنا / ئل والعلم واكتستْ لألاءَ
وأعارتْ هواءَ دارِكَ ثوباً / من نَداها فَكانَ ماءً هواءَ
فحكى منك نَعمة الخُلُقِ النا / عم في كُلِّ حالةٍ إثناءَ
وأجاب الملّاحُ في بطنها المل / لاحَ يَحْتَثُّ بالسَّفين الحُداءَ
وادَّكِرْني إذا استثرتَ سحاباً / ذات يومٍ عشيةً أو ضَحاءَ
فتعالتْ فَوّارَةٌ تحسدُ الخض / راءُ إغداقَ مائِها الغبراءَ
كلما أخلفتْ سماءٌ زماناً / خلّفت فيه ديمةً هَطْلاءَ
سَحْسَحَتْ ماءها عَلَى كل أرضٍ / بعدما صافحت به الجوزاءَ
فحكت كفّك التي تَخْلُفُ المُزْ / نَ علينا فتُرغمُ الأَنواءَ
وتأمَّلْ إذا لَحَظْتَ بعينيْ / ك صحونا لا تعرف الانتهاءَ
وحكْتكَ الصَّمَّانُ في سَعَةِ الصدْ / رِ وإن كان صدرُكَ الدهناءَ
جعل الله كلَّ ذاك فداءً / لكَ إن كان للفداء كِفاءَ
لو بذلنا فداءك الشمسَ والبدْ / رَ لقال الزمانُ زيدوا فداءَ
لا تَجاهلْ هناك يا من أبي اللَّ / هُ عليه أن يشبه الجُهَلاءَ
حُسنُ علمي إذ ذاك بالحَسَنِ المَوْ / قِع مما يُروي القلوبَ الظِّماءَ
وارتفاعي عن الجُفاةِ المُسَوِّيْ / نَ بِشَدْوِ المُجيدة الضوضاءَ
مُوجِبٌ أن أكون أدنى جليس / لك أعلو بحقِّيَ الجلساءَ
أرَكيكاً رأيتَ عبدك صِفْراً / لا جَنىً فيه أم جنَى شَنْعاءَ
لا تدعْ مَغْرِسَ الكريم من الغَرْ / سِ خَلاءً من الكريم قَواءَ
أين مثلي مُفاتشٌ لك أم أيْ / ن نديمٌ تَعُدُّهُ نُدماءَ
شهد الله والموازينُ والقِس / ط جميعاً شهادةً إمضاءَ
أنَّ رأيي لذو الرجاحةِ وزناً / دَعْ يميني وزِنْهُ والآراءَ
أنت شهمٌ مُحصِّلٌ فاترك الأس / ماءَ للبُلْه واكشفِ الأنباءَ
ما تقصَّيتَ ما لديَّ ولا استقْ / صيتَ فاجعل إقصاءَكَ استقصاءَ
وانتبهْ لي من رقدةِ الملك تَعْلَمْ / أن لله مَعْشراً علماءَ
وتذكّر مَعاهِدي إنك المرْ / ءُ الذي ما عَهِدْتُهُ نَسَّاءَ
وارعَ لي حُرمةَ المودَّةِ والخد / مةِ والمدحِ تُعْجِبِ الكرماءَ
وجديرونَ بالرعايةِ قومٌ / جعلتْهم رُعاةُ ملْكٍ رِعاءَ
قد تجرعتْ من جَفائك لما / سُمْتَني ذاك شَربةً كدراءَ
ولقد يَقْلبُ الكريمُ من السا / دات نَعماءَ عبدِه بأساءَ
ظالماً أو مُقَوِّماً ثم يرعا / هُ ويَقْنَى حُرِّيّةً وحياءَ
فإذا زالت المَسرَّةُ عادتْ / وإذا ما تحسَّر الظلُّ فاءَ
فلماذا رمى هناكَ صَفاتي / أصفيائي عَدِمْتُهم أصفياءَ
إنما كان حقُّ مثليَ أن يُر / حَمَ لاقَوْا أعداءهم رُحماءَ
بل رأوا رحمةَ الأعادي ولاقَو / هم مِلاءً بعَسْفهم أوفياءَ
وجزاهم ربُّ الجزاء على ذا / لك ما يُشبه اللئيمَ جزاءَ
معشرٌ كنتُ خلتهم قبل بلوا / يَ أَوِدَّاءَ صِفْوةً أصدقاءَ
صادفوا نكبتي فكانت لديهم / للقلوبِ المِراضِ منهم شفاءَ
وأَظَنُّوك أن ذاك وفاءٌ / من مَوالٍ يُصَحِّحون الولاءَ
فبدا منهمُ بلاءٌ ذميمٌ / أشبعوه خيانةً ورياءَ
ما أتى منهمُ نذيرٌ بعَتْبٍ / فَيُلَقَّى هناك داءٌ دواءَ
لا ولا جاء بعد ذاك بشيرٌ / برِضاً ثابتٍ يقيم الذَّماء
لا ولا جاء بين ذاك وهذا / مُتَرَتٍّ يُعلَّلُ الحَوْباءَ
لم يُواسُوا ولم يُؤسُّوا خليلاً / سوءةً سوءةً لهم سَوآءَ
مَنعوا خيرهم ولا تأمن الضُّر / رَ من المانعين منك الجَداءَ
فأتى شرُّهم على كلِّ بُقيا / لا لَقوا من مُلمَّةٍ إبقاءَ
خَلَفوني خلافةَ الذئب في الشا / ء وكانوا في جهل حقِّيَ شاءَ
وإذا ما حَماك عُودٌ جَناه / فاخْشَ من حدِّ شوِكه أنكاءَ
وكأني غداً أراهم وكلٌّ / ينشر العذرَ طاوياً شَحناءَ
سَعَر اللَّه في الجوانح منهم / سَعْرَةَ النار تكلُمُ البَغْضاءَ
لا عَدَتْهم هناك هاتيك ناراً / وأصابتْ من شخصيَ الإخطاءَ
حَرَّقتْهم وأرّقتْهم ولا زا / لت وبالاً عليهمُ ووباءَ
رَتَعوا في وخِيمة الغيب مني / لا تَلَقَّى مَنِ ارْتعاها مَرَاءَ
أظهروا للوزير جهلاً وغدراً / وعماهُم يُراهُمُ أُدباءَ
فجلَوا عورةً لطرفٍ جَليٍّ / حَسِبوا شمسَه تَغَشَّت عَماءَ
جعلوا العبدَ كُفءَ مولاه فانظر / هل تراهم لعاقل أكفاءَ
ما تَعدَّوا بذاك أنْ وَزنوني / بك ضَلَّت عقولُهم عقلاءَ
غَفْلةً فوقَ غفلةٍ ثم سَهْواً / فوق سهوٍ عَدِمْتُهم أذكياءَ
فَلَهُم لائمون فيما أتَوهُ / ورأوه لا يَعْدَموا اللَّوماءَ
خذلوني وطأطئوا البدرَ جهلاً / وتَظنَّوْهُ يخبط الظَّلماءَ
لا عفا اللَّه عنهم بل عَفَاهُم / وزَوَى العفوَ عنهمُ لا العَفاءَ
ما أُلاك الإخوان كلّا بلِ الخُو / وَان قاسُوا أمثالهم خُلطاءَ
آفتي فيك أنْ رأَيتَ محبَّاً / لا يرى عنك بالغنى استغناءَ
لا تَطاوَلْ بحسنِ وجهِك والدو / لةِ واذكر من شانِئيك الفناءَ
واحتشمْ أن يراك مُعطيك ما أع / طاك تَجزِي نَعْماءه خُيَلاءَ
وارتفعْ أن يراك تكسو الفتى الحُر / رَ إذا ما ملكتَهُ الإزراءَ
إن من أَضعفِ الضِّعاف لدى اللَّ / ه قويّاً يستضعف الضعفاءَ
ولأهلِ العقول فِيه رجاءٌ / وعزاء يقاوم العَزَّاءَ
وتَعلَّمْ متى حَميت على عب / دك تلك المياه والأَكْلاءَ
أنَّ للَّهِ غيرَ مَرْعاك مرعىً / يَرْتعيه وغيرَ مائِك ماءَ
وتيقَّنْ متى جنيتَ على عب / دك ضَيْماً وضَيعة وعَناءَ
أنَّ للَّه بالبريَّةِ لُطْفاً / سَبَقَ الأُمهاتِ والآباءَ
قد أطلتُ العتابَ جداً وأكثر / ت فضولي لكنَّ لي شركاءَ
مَن دعاني إلى الذي كان مني / فهو مثلي جَلِيَّةً لا امتراءَ
أنا ذو القصد غير أني متى آ / نَستُ جوراً رأيتَ لي غلُواءَ
والحليمُ العليم من يُحسن الإي / قاد بدءاً ويحسن الإطفاءَ
والطبيبُ اللبيب من يُتبِع الدا / ءَ دواءً يشفيه لا الداءَ داءَ
وعسى قائلٌ يقول بجهلٍ / إنما يطلب الغِنى والغِناءَ
ولهذين مَطلبٌ عند قوم / لست أُلفَى لرَحْلِهم غَشّاءَ
والغنى واسع بكفَّيْ جوادٍ / يَرزُقُ الأغنياء والفقراءَ
ليَ خمسون صاحباً لو سألتُ ال / قوتَ فيهم ألفيتهُم سُمَحَاءَ
أتُرى كلَّ صاحبٍ ليَ منهم / يمنعُ الشهرَ بُلْغَتي إجْراءَ
ليَ في درهمين في كل شهرٍ / من فئامٍ ما يطرُدُ الحَوْجاءَ
والغناء الشديد شدواً وضرباً / سَحْنةٌ قد ملأتُ منها الإناءَ
وبِحَسْبي عرفانُ آل بُنانٍ / وَبُنانٌ شِرْباً معيناً رَواءَ
ظلْتُ عشراً كواملاً في مغاني / ه أُغَنَّى وأسْمَعُ الأَنجاءَ
فلْيقم كاشحي بنقضِ الذي قل / تُ وإلّا فليُطرقِ اسْتِحياءَ
أو فرَغماً له هناك ودَغْماً / ألحمَ اللَّهُ أنفَه البَوْغاءَ
لا تقدّر بحسنِ وجهِك صَيْدي / بعد نَفْري كما تَصيد الظِّباءَ
صدْ بذاك المَها تَصِدْها وهيها / تَ تصيدُ المُصمِّمَ الأَبّاءَ
أنا ليثُ الليوثِ نفْساً وإن كن / تُ بجسمي ضئيلةً رَقشاءَ
إنني إنْ نفرتُ أمعنتُ في النَّف / رِ ومثلي عمن تَناءَى تناءَى
لستُ باللُّقْطةِ الخسيسةِ فاعرفْ / ليَ قَدْرِي واسألْ به الفُهماءَ
وانتفع بالعُلا بذهِنك واذمُمْ / كلَّ ذهن لا ينفع الذُّهَناءَ
قد بغى قبلَك الدعيُّ فلم أح / فلْ بأنْ كان باغياً بغّاءَ
بل تَصبَّرتُ وانتظرت من اللَّ / ه نآداً تُصيبه دَهْياءَ
فاعتبر بابن بلبلٍ إنَّ فيه / عِبرةً لامرئٍ أعدَّ وعاءَ
والعلاء بنُ صاعدٍ قبلَ هذا / قد حمى دون رائدي الأَحْماءَ
فارمِ بالطَرْفِ شخصَه هل تراه / وادْعه الدهرَ هل يُجيب دُعاءَ
ليس إلّا لأنني كنتُ شمساً / قابلتْ منه مُقْلةً عَشْواءَ
فأَرانيه ناصِري وأباه / وله الحمدُ مُثلْةً شَوْهاءَ
أنا عبدُ الإنصاف قِرْنُ التَّعدِّي / فاسْلكِ القَصْدَ بي وَعدِّ العَداءَ
أنا ذو صفحتين ملساءَ حسنا / ءَ وأخرى تَمَسُّها خَشْناءَ
خاشعٌ تارةً وجبّارُ أخرى / فتراني أرْضاً وطَوراً سماءَ
لا بحولٍ ولا بقوّةِ رُكْنٍ / غير لُبسي تَجلُّداً وحياءَ
أنا جَلْدٌ على عِناد الأَحاظِي / وأبيٌّ أنْ أَرْأمَ النَّكْراءَ
فمتى شئتَ فامتحنِّي وأَولى / بك عفوٌ يُقابل استعفاءَ
أنا ذاك الذي سَقَتْهُ يدُ السُّقْ / م كؤوساً من المُرارِ رِواءَ
ورأيت الحِمام في الصُّوَر الشُّنْ / عِ وكانت لولا القضاءُ قضاءَ
ورماه الزمان في شُقَّة النف / سِ فأَصْمَى فؤادَه إصْماءَ
وابتلاهُ بالعُسْر في ذاك والوَحْ / شةِ حتى أملّ منه البلاءَ
وثَكِلْتُ الشبابَ بعد رضاعٍ / كان قبلَ الغِذاء قِدْماً غذاءَ
كلُّ هذا لقيتُه فأبتْ نف / سيَ إلّا تَعزُّزاً لا اخْتِتاءَ
وأَرى ذِلّتي تُريك هَواني / ودُنوِّي يَزيدُني إقصاءَ
ومتى ما فزعتُ منك إلى الصَّبْ / رِ فناديتُه أجاب النداءَ
ومتى ما دعوتُ ربي على الده / رِ وظلمِ الخُطُوب لبّى الدعاءَ
وإباءُ الهوانِ عَدْوَى أتتْني / منك والعبدُ يَقْبل الإعداءَ
أنت علَّمتَني إباءَ الدَّنايا / يا مليكي فما أسأتُ الأَداءَ
وعزيزٌ عليَّ أنْ قلتُ ما قل / تُ ولكنْ حرَّقْتَني إحْماءَ
أنت شجعتني على الصدق في القو / ل وأرْكبتَ جنبيَ العوصاءَ
قد نَفَثتُ الأدواءَ نَفْثَ وليٍّ / والعدوُّ المُكَمِّنُ الأَدواءَ
أنت أعلى من أن تُقَوِّلَ أعدا / ءَك قولاً يُضرِّب الأولياءَ
إنَّ وزني في الرأي وزنٌ ثقيل / فاسألِ الرأيَ عنه لا الأهواءَ
يا جواداً هجا مَديحيه بالحر / مان ما اسطاع لا تكن هجّاءَ
إنَّ بخس الثواب إن دام ظلماً / قَلَب المدحَ ذاتَ يومٍ هجاءَ
ليس من قائِل المديح ولكنْ / من أناسٍ تدعوهم الغوغاء
أو من المنكرين وعْظَ المحقِّي / نَ وإن لم يُلَقَّبوا شعراءَ
وبرغمي هناك تسمع أُذنا / ي وَلكنْ من يَضبطُ الدهماءَ
والتكاليف لا تُحَدّ اتساعاً / وكثيرٌ من ينصر البُعَداءَ
كم رأيتُ المُكلَّفين جنوداً / ينصرون الأباعد الغُرباءَ
ولحى اللَّهُ مسمِعاً ليَ فيكم / يَتوخَّى بمُسخِطٍ إرضاءَ
ولَمَا سرَّ جائعاً رِفْدُ كفٍّ / أَطعمتْه من شِلْوهِ أعضاءَ
لو سوايَ استمال مال إليه / وَلأَلْقى لناره حَلْفاءَ
لكن اللَّهُ شاهدٌ أنَّ نفسي / تمنح السيفَ عند ذاك انْتِضاءَ
ليَ عَينٌ هواي فيكم يُريها / منْ جَلاهَا بلومكم إقذاءَ
وجميلُ المقالِ فيكم وحظي / من جَداكم مما أراه سَواءَ
وأرى حَرَّ أن تُلاموا حريقاً / وأرى حرَّ ظُلمكم رَمْضاءَ
فاظلموا جُهدَكم فلن تستطيعوا / أبداً أن تُوغِّروا الأحْشاءَ
رَسَخَ الحبُّ في عظامي وجارى / في عروقي من قبلِ ذاك الغذاءَ
ومن الجَوْر أن تُجازَى يدٌ بي / ضاءُ من مخلصٍ يداً سوداءَ
كم أُعَنَّى فلا أُسيء عتاباً / كم أُمَنَّى فلا أسيء اقْتِضاءَ
فاستِوائي إذا رأيتُ استواءً / والْتِوائِي إذا رأيت الْتِواءَ
أين عنّي سعادةٌ من سعيدٍ / جَدِّكم لا برحتُمُ سُعَداءَ
أين عنّي سلامة من سليما / نَ تَقيني بدرعِها أنْ أساءَ
أين عنّي قَسْمُ الوزير أبي القا / سم أحرارَ ماله أنصباءَ
أين عنّي إحسانُ صِنْوَينِ قدَّا ال / حسنَ قدّاً تَسَمِّياً واكْتِناءَ
ما توهَّمْتُ أنَّ حَقّي عليكم / آل وهْبٍ يُجَشِّمُ استبطاءَ
يا ابن من لم يزل يخوض الوزارا / ت ومن قبل يخلُف الوزراءَ
قد مضى أكثر الشتاء وجاء الصي / فُ يعدو فلا تَزِدْهُ التِظاءَ
يا عليماً بما أكابِدُ فيه / لا تُعاونْه إنَّ فيه اكتفاءَ
أنا راجٍ جميلَ رَدْعِك إيَّا / ه فلا تَجعلنَّهُ إغراءَ
لا تُعِنْ نارَه على الشَّيِّ والطب / خ كَفَى طابخاً بها شَوّاءَ
الأمانَ الأمانَ منك ومنه / جَنِّباني لظَاكما الكَوّاءَ
بل إذا ما عدا فأَعْدِ عليه / لا تكونَنَّ مثلَه عَدّاءَ
لا تُعاقبْ بما التَّواءُ أخوه / أعِقاباً تريد بي أم تَواءَ
إن تأرَّى عليَّ عتبُك والصي / فُ وحاشايَ كان ذاك الجَلاءَ
لا تَدَعْني سُدىً فَتَرْقِيَ منِّي / حيّةً لا تُطاوع الرَّقّاءَ
لا عَدِمْتُم بحلمكم آل وهب / مِن وَلِيٍّ تَسَحُّباً واجْتراءَ
ليت شعرِي من ناكه بِهجائي
ليت شعرِي من ناكه بِهجائي / من هَجاني له من الشعراءِ
مَنْ عَذيرِي يا قومِ من أَشْبهِ الأُم / مَة بابن الكَرّاعة القَطْعاءِ
يشتري باسته هجائي لقد قا / متْ عليه عداوتي بالغلاءِ
مَهْرُه كُفْءُ عُقْرِه بل كثيرٌ / ذلك المهرُ لاسْتِه البَخراءِ
يا ابن بُورانَ يا جُعلتَ فدائِي
يا ابن بُورانَ يا جُعلتَ فدائِي / عِشْتَ في غبطةٍ وفي نَعْماء
بَخْبَخٍ بَخْبَخٍ لأمِّك ما أسْ / وَرَ هِمّاتها إلى العليَاءِ
ناقضَتْ مريمَ العفافَ فلما / قاومَتها سَمَتْ إلى حَوّاءِ
فانتحتْ في الزنا تُكاثر حوا / ءَ عديدَ البنات والأبناءِ
كيف أهجو امرأً كريماً لئيماً / واحدَ الأمِّ خِلْفةَ الآباءِ
كيف أهجو مذبذباً بين شتى / لا إلى هؤلا ولا هؤلاءِ
كيف أهجو من فيه مجتمعُ الأَن / ساب طُرّاً وملتقَى الأحياءِ
إنما أَستطيب كَدَّك في شِع / رِك يا ابن الخبازة البَظْراءِ
فكأني أراك في عَكِرِ الفك / ر تُوالي تَنفُّسَ الصُّعداءِ
مُجْلبَاً مُغْبِراً كأنك في شي / ءٍ أَلاَ ضيعةً لذاك العَناء
وكأني أراك تهتف إيهٍ / تزجر الشعرَ حضرةَ الغوغاءِ
مستميلاً أسماعَهم لهجائي / بنُباحٍ مُلحَّن بعُواءِ
قد أصاخُوا وأنت تَيْعَرُ كالتي / سِ وهم ضامِزون مثلُ الشاءِ
فاهجُني إنما هجاؤك عندي / ضَحكاتٌ تَزيد في السرّاءِ
أنا في غبطة بها وسرورٍ / ملءَ صدري وأنت في بُرَحاءِ
ومحالٌ أن يسعدَ السعداءُ ال / دهرَ إلّا بِشِقْوةِ الأشقياءِ
أنا هاجيك ما سَكتَّ ومُعفي / ك إذا ما هجوتَني من هجائي
ليس يُنجيك من يدَيَّ سِوى ذا / ك ولو كنتَ في بروج السماءِ
ويميناً لألعبنَّ بأشلا / ئِك بين الإشْواء والإصْماءِ
هاجياً مادحاً ومتّخذاً إي / ياكَ ملهىً وعُرْضةَ استهزاءِ
قل لعبد القويِّ أنت قويٌّ
قل لعبد القويِّ أنت قويٌّ / فاتَّقِ اللَّهَ وَيْكَ في الضعفاءِ
نحن جُمٌّ وأنت أَقْرَنُ واللَّ / هُ حَسيبُ القَرْناء للَجمّاءِ
لو علمتَ الخفيَّ من كلّ علمٍ / جامعاً بينه وبين البِغاءِ
أعجبَ الناسَ ما وَعَيْتَ وقالوا / عسلٌ طيبٌ خبيثُ الوِعاء
ما لَقينا من ظَرفِ ضرطةِ وهبٍ
ما لَقينا من ظَرفِ ضرطةِ وهبٍ / صَيَّرت أهلَ دهرِنا شعراءَ
هي عندي كجودِ فضلِ بن يحيى / غيرَ أنْ ليس تَنْعشُ الفُقراءَ
ليت شعري عن خالدٍ كيف أمسى
ليت شعري عن خالدٍ كيف أمسى / من حُكاكِ اسْته وحرِّ هجائي
جَمعتْ شِقْوةُ الشقيِّ عليه / كلَّ خزْيٍ وكلَّ داءٍ عَياءِ
لو علمتَ الذي يُقاسي من الأَمْ / رين عَزّيتَه صباحَ مساءِ
أَيُّهذا المُسائِلي عن سعيدٍ / وشقيٍّ ولاتَ حينَ خفاءِ
أنا في الأرض محنةٌ فاتِخذْني / محنةَ الأشقياء والسُّعداءِ
من تحامَى عداوتي فسعيدٌ / ومُعادِيَّ أوّلُ الأشقياءِ
سوءةً سوءةً لك ابنَ البراءِ
سوءةً سوءةً لك ابنَ البراءِ / يا بديلَ الخِراءِ عند الخِراء
شغلتك الذنوبُ عنّا فأعرض / تَ عن الصالحات للفَحْشاءِ
تركب الشُّقرَ غيرَ ساعٍ لمجدٍ / بل لعارٍ وسُبّةٍ شَنْعاءِ
ذاك ظني ولستُ أدري يقيناً / تَعْتلي أو تنوءُ بالأَعْباءِ
ليت شعري أمركبٌ أنت في الهي / جاءِ أم من فوارس الهيجاءِ
أم كلا المعنيَيْنِ فيك جميعاً / حين تحلو بالقِصة العَوْراءِ
إن يكن كلُّ ذاك فيك فهذا / مذهبٌ من مذاهبِ الفقهاءِ
لا يَرَوْن الجروحَ إلا قصاصاً / وَرَعاً منهُمُ وعدلَ قضاءِ
بل يَقُصُّون قبل أن يُوقِعوا الجر / حَ ركوباً للسنَّةِ البيضاءِ
يُسْلِفون القِصاصَ مَن جَرَّحوه / قبل أن يجرحوه وزن السِّواءِ
ليت شعري أذاك حكمُ أبي مو / سى بُغاءٍ أم ذاك حكم البِغَاءِ
لا تلمنا وإنْ أسأنا ثناءً / أنت مستأهل لسوءِ الثناءِ
قل لعبدِ القويِّ تَبّاً لعلمٍ
قل لعبدِ القويِّ تَبّاً لعلمٍ / لم يجد غيرَ عالمٍ بَغّاءِ
سوءةً سوءةً لعالمِ علمٍ / جامعٍ بينه وبين البِغاءِ
زعم الناسُ خالداً بَغّاءَ
زعم الناسُ خالداً بَغّاءَ / كَذَبوا القولَ وافْتَرَوْهُ افتراءَ
إنما صادفوه يَلْمَس غُرمو / لاً فواراه في استِهِ استحياءَ
فلَحَوْه فيه فصار لجَاجاً / وهو شيخٌ يُراغِم الأعداءَ
فلْيكفُّوا عن الجِدال وإلا / فليكونوا له إذاً نُظراءَ
لم يُصفِّ الدواءُ جسمَكَ إلا
لم يُصفِّ الدواءُ جسمَكَ إلا / عن صفاءٍ كما يكونُ الصفاءُ
فلأعدائِك البشاعة منه / ولكَ النفعُ دونَهم والشفاءُ
لو تلفَّفتَ في كساءِ الكسائي
لو تلفَّفتَ في كساءِ الكسائي / وتلبَّستَ فروة الفرَّاءِ
وتَخلَّلتَ بالخليل وأضحى / سيبويه لديك رَهْنَ سِباءِ
وتكوّنتَ من سوادِ أبي الأس / ود شخصاً يُكنى أبا السوداءِ
لأَبَى اللَّهُ أن يَعدّك أهلُ ال / علمِ إلا من جملة الأغبياءِ
وإذا ما تحلَّتِ الأرضُ بالنَّر
وإذا ما تحلَّتِ الأرضُ بالنَّر / جس باهتْ به نجومَ السماءِ
صرَّحتْ عن طَويّة الأصدقاءِ
صرَّحتْ عن طَويّة الأصدقاءِ / واضحاتُ التجريب والابتلاءِ
وأبى المخْضُ أنْ يُكَشِّفَ إلا / عن صريحٍ مهذَّبٍ أو غُثَاءِ
ليس للمُضْمَرِ الدخيل من الصَّا / حب غير التَّكْشيف والاجتلاءِ
وخَبيءُ الفؤاد يعلمه العا / قلُ قبلَ السماع بالإيماءِ
ولهذا اكتفى البليغُ من الإس / هاب فيما يريد بالإيحاءِ
وظنونُ الذكيِّ أَنْفذ في الحق / قِ سهاماً من رؤية الأغبياءِ
وإذا كنت لا تُؤَثِّل إلا / درهماً جائزاً على البُصراءِ
وكذا لستَ تعرفُ الشيء إلا / بعد فحصٍ من أمره وابتلاءِ
وهما يُمْتعان وقتاً من الده / ر ويُفنيهما وشيكُ المَضاءِ
فالصديق المأمون للزمن الفا / دح والمرتجى لدى البُرَحاءِ
والذي أنت وهْو في جوهر النفْ / س جميعاً مِن تربة وهواءِ
وكماءٍ مزجتَه بمُدامٍ / فاستقرّا تَجَنُّساً في وعاءِ
لم يكن فيهما من الفضل إلا / فاصلاتُ الألقاب والأسماءِ
ثم شيءٌ عرفْتَهُ بالتَّجَاري / ب وأخلصتَه بكشف الغطاءِ
إنما تُبْرز الجوَاهِرُ ما في / ها إذا ما أَمَعْتها بالصِّلاءِ
لا يَغُرَّنَّكَ المُماذِقُ بالظا / هر في حال مدة الالتقاءِ
من كلام يُوشَى بمدح جميلٍ / وحديثٍ كالقهوة الصَّهباءِ
ويمينٍ كَعَطِّكَ البُرْدَ لا تنْ / ظر في سُقمها وفي الإبراءِ
عبْدُ عَيْن فإن تغَيَّبْتَ عنه / أَكَل اللحم وارتعى في الدماءِ
وإذا ما أردته لقتيلٍ / لحق الوُدُّ منه بالعَنْقاءِ
ولقد قال سَيِّدٌ من أُولي الفض / ل ومن سِرِّ صفوة الأصفياءِ
ليس أهلُ العراق لي بصحابٍ / إنْ هُمُ جانبوا طريقَ الوفاءِ
إنما صاحبي المُشارك في القُل / ل وذو البذل والندى والحياءِ
لا يلَهِّيهِ عنه خفضٌ ولا ين / ساه عند المُرْبَدَّةِ الشَّوْهَاءِ
مَالُهُ كَنْزُهُ إذا خَفَتَ الغي / ثُ وضاقت خلائق السُّمَحاءِ
وانتفى الشيخ من بنيه ولم تع / طف على بَكْرِهَا أعفُّ النساءِ
حكمةٌ ما ورثتُها عن حكيمٍ / فيلسوفٍ من عِتْرة الأنبياءِ
ليس شيء يُفيدُه المرء في الده / ر على حين فقره والثراءِ
هو خيرٌ من صاحبٍ ورفيقٍ / مُسْعِدٍ في الجَليَّةِ البَهْماءِ
ليس بين الصديق والنفس فرقٌ / عند تحصيل قسمة الأشياءِ
يَا سَمِيَّ الوصيِّ يا شِقَّ نفسي / وأخي في الملمَّة النَّكراءِ
يا أخاً حَلَّ في المكارم والسؤْ / دَدِ أعلى مَحَلِّ أهل السَّناءِ
لم يُقَصِّرْ به اعتيادٌ ولم يق / عد بِه مولدٌ عن استعلاءِ
وَلَهُ بَعْدُ مِنْ مآثره الزُّهْ / رِ خِلالٌ تُرْبي على الحصباءِ
عَجَمَ الدَّهْرُ خلْفَتَيْن وسوَّى / بين حالَيْ رخائه والبلاءِ
كرمُ الخِيْم والنِّجَارِ وتيكُمْ / شيمَةٌ شارفٌ من النبلاءِ
وبيانٌ كأنه خرَزُ النا / ظم في جيد طَفْلةٍ غيداءِ
وطباعٌ أرقُّ من ظُبَةِ السي / ف وأمضى من رِيقة الرقشاءِ
تتراءى له العيون فتلقا / ه نِقاباً بدائها والدواءِ
فيصلٌ للأمور يأتي المعالي / بارتقاء فيها وحُسْن اهتداءِ
وغريمٌ أمضى من الأجل الحتْ / م عصيمٌ بأُربَةٍ بَزْلاءِ
وهو إلفُ الحجا وتِرْبُ المساعي / وعَقيدُ الندى وحِلف البهاءِ
وهو بعلٌ للمكرمات فما ين / فكُّ بين العَوَان والعذارءِ
حافظٌ للصديق إن زَلَّت النعْ / لُ به أو هوى عن العَلياءِ
وجوادٌ عليه بالمال والنف / س وبذلِ العَقيلة الوَفْراءِ
لا يُؤاتي على اقْتسَارٍ وَلا ين / هَضُ إلا بالعزة القعساءِ
غير أنَّ الزمان أقْصدَنِي في / ه بسهمَيْ تفرُّقٍ وانْتئَاءِ
لا أراه إلا على شَحَطِ الدا / ر وإما عن مدة شَقَّاءِ
فإذا ما رأيْتُهُ فكأني / بين أثناء روضةٍ مَرْجاءِ
يتجلَّى عن نَاظِرَيَّ عَشَا الجَهْ / ل بألفاظه العذَابِ الطِّرَاءِ
وأحاديثَ لو دَعَوْتَ بها الأعْ / صَمَ لَبَّى من حسن ذاك الدعاءِ
طِبْتَ خِلّاً فاسلمْ على نَكد الده / ر وعش آمناً من الأَسْواءِ
لا رُزئْنَاكَ عَاتباً طلب العُت / بَى بِإعْفَا مَعَاتِب الأُدَبَاءِ
بكلام لو أن للدهر سمعاً / مالَ من حسنه إلى الإصغاءِ
ولوَ اَنّ البحارَ يُقذَفُ فيها / منه حرفٌ ما أَجَّ طعم الماءِ
وهْو أمضى من السيوف إذا هُز / زَتْ وأَوحَى من مُبْرَمَاتِ القَضاءِ
وهْو يَشفي الصدور من جنَف الحق / د ويُغْضي من مقلة زرقاءِ
يكْتَسِي مُنشدوه منه رداءً / ذا جمال أكرِمْ به من رداءِ
لا تَعَايَى به الرواةُ ولم يُسْ / لِمْهُ مَسْمُوعُه إلى استثناءِ
ليس بالمُعْمِل الهَجين ولا الوَحْ / شِيِّ ذي العُنْجُهيَّةِ العَثْوَاءِ
بل هو الباردُ الزُّلالُ إذا وا / فق من صائم حلول عَشاءِ
تَخْلُقُ الأرضُ وهو غضٌّ جديدٌ / فَلكيٌّ من عنصر الجوزاءِ
عَتْبُ إلْفٍ أرقُّ من كَلِم الأم / مِ وإن كان من ذرى خَلْقاءِ
إن يَكُنْ عَنَّ مِنْ أخيك فَعَالٌ / جارَ فيه عن مذهب الأوفياءِ
جَلَّ في مثله العتابُ وعَالَى / أن يُوَازَى بزَلَّةِ العلماءِ
فَبِحقٍّ أقول عَمَّرَكَ اللَّ / ه طويلاً في رِفْعَةٍ وعلاءِ
ولَكَ القولُ لا لنا ولك التَّسْ / ليمُ منَّا لمذهب الحكماءِ
إن خيراً من التَّقَصِّي على الخِل / لِ سَماحٌ في الأخذ والإعطاءِ
واغتِفارٌ لهفوةٍ إنْ ألمَّت / واطِّرَاحُ التفسير والانتفاءِ
ليس في كل زلَّةٍ يسع العذْ / رُ وفي ضِيقهِ انتكَاسُ الإخاءِ
ما رأيتُ المِراء يوجِبُ إلا / فُرقةً ما اعتمدتَ طول المراءِ
وعَرُوسٍ قد جُهِّزتْ بطلاقٍ / عاتبتْ في وَليدَةٍ شَنْآءِ
إن طول العتاب يَزْدرِعُ البغ / ضاءَ في قلب كَاره البَغْضاءِ
لم أقل ذا لأَنْ عَتبْتُ ولكن / شجرُ العَتْبِ مُثْمرٌ للجفاءِ
ليس كلُّ الإخوان يجمع ما يُرْ / ضيكَ من كل خلَّةٍ حسناءِ
فيه ما في الرجال من خَلَّةٍ تُحْ / مدُ يوماً وخَلَّةٍ سَوآءِ
أيُّ خلٍّ تراه كالذهب الأح / مر أو كالوذِيلة الزهراءِ
أين من يحفظ الصديقَ بظَهْرِ ال / غيب من سوء قِرفة الأعداءِ
فات هذا فلن تراه يد الدَه / ر فَأنْعِمْ في إثْره بالبكاءِ
مثلاً ما ضَرْبتُه لك فاسمع / وتَثَبَّتْ جُزيتَ خيرَ الجزاءِ
كلُّ شيء بالحس يُعرف أو بال / سَمع أو بالأدلَّة الفُصحاءِ
فله موضعٌ وفيه طَباخٌ / لبلاغٍ ذي مدة وانقضاءِ
ولكل من الأخلاء حالٌ / هوَ فيها كفءٌ من الأكفاءِ
أي شيء أجلُّ قدراً من السي / فِ ليوم الكريهة العزَّاء
فأبِنْ لي هل يصلح السيفُ في العز / زَاءِ إلا للضربةِ الرَّعلاءِ
والوَشيجُ الخَطِّيُّ وهو رِشاءُ ال / موتِ يومَ الزلزال والبأساءِ
هل تراه يُراد في حومة المأ / قِطِ إلا للطعنة النجلاءِ
فكذاك الصديقُ يصلح للسا / عة دون الإصباح والإمساءِ
فتمسَّكْ به ولا تَدَعنْهُ / فتراه خَصماً من الخُصماءِ
وهما يُذْخران للحال لا الإحْ / وال بين الفؤاد والأحشاءِ
وصغار الأمور رِدْفٌ لذي الرُّت / بة منها والفخرِ والكبرياءِ
وملوكُ الأنام قد أحوج اللَّ / هُ عُرا ملكها إلى الدَّهماءِ
ولوَ اَنَّ الملوكَ أفردها اللَّ / ه من التابعين والوُزَعاءِ
لَبدتْ خَلَّةٌ وثُلَّثْ عُروش / واسْتوت بالأخِسَّة الوُضعاءِ
ولَمَا كان بين أكمل خلق ال / لاهِ فرقٌ وبين أهل الغباءِ
حَلقُ الدرعِ ليس يُمسكُ منها / سَرْدها غيرُ شكَّة الحِرباءِ
ولهذا الإنسانِ قد سخَّر الرح / منُ ما بين أرضه والسماءِ
وبحَسْب النعماءِ يُطَّلَبُ الشك / رُ كِفاءً لواهب النعماءِ
ثم لم يُخْلِهِ من النقص والحا / جة والعجز قِسمةً بالسَّواءِ
ليكونَ الإنسانُ في غاية التعْ / ديلِ بين السراء والضراءِ
فاصْطبرْ للصديق إن زلَّ أو جا / رَ برجلٍ عن الهُدى نَكْباءِ
فهو كالماء هل رأيتَ مَعين ال / ماء يُعْفَى من نُطفةٍ كَدْراءِ
وتَمتَّع به ففيه مَتاعٌ / وادّخارٌ لساعةٍ سَوْعاءِ
أيُّ جسم يَبقى على غِيَر الده / ر خَلِيَّاً من قاتل الأدواءِ
أيّما روضةٍ رأيتَ يدَ الأي / يام في عبقريةٍ خضراءِ
أوَ ما أبصرتْ لك الخيرُ عينا / ك رُباها مُصفَرَّةَ الأرجاءِ
إنما هذه الحياةُ غرورٌ / وشقاءٌ للمَعْشر الأشقياءِ
نحن فيها رَكبٌ نؤمُّ بلاداً / فكأْن قد أُلْنا إلى الإنتهاءِ
ما عسى نَرتجي ونحن مع الأم / وات يُحْدَى بنا أَحَثَّ الحُداءِ
فإذا أعرض الصديقُ وولَّى / لِقِفار لا تُهْتَدى فَيْفَاءِ
ورمى بالإخاء من رأس عَلْيا / ءَ إلى مُدْلَهِمَّة ظَلْماءِ
لم يُراقب إلّاً ولم يَرجُ أن يأ / تيَ يوماً يمشي على استحياءِ
فاتركَنْهُ لا يهتدى لمبيتٍ / بنُباحٍ ولا بطولِ عُواءِ
إنما تُرْتجى البقيّةُ ممن / فيه بُقيا وموضعٌ للبقاءِ
واشدُدَنْ راحتيكَ بالصاحب المُس / عِدِ يومَ البَليسة الغمّاءِ
والذي إن دُعي أجاب وإن كا / ن قِراعَ الفوارِس الشجعاءِ
كأبي القاسم الذي كلُّ ما يم / لكُ للمعتفينَ والخُلطاءِ
والذي إن أردتَه لمَقامٍ / جاء سَبْقاً كاللِّقوةِ الشَّغواءِ
وإذا ما أردتَهُ لجِدالٍ / جاء كالمُصْمَئلَّة الدَّهياءِ
فإذا دَلَّ جاء بالحُجّةِ الغَر / رَاء ذاتِ المعالم الغراءِ
مُنْجحُ القيل ما علمتُ وحاشا / لخليلي من تَرْحةِ الإكداءِ
أرْيَحيٌّ بمثلهِ يُبْتنى المج / دُ وتسمو به فروعُ البناءِ
باسطُ الوجهِ ضاحكُ السن بسَّا / مٌ على حين كُرْهِهِ والرّضاءِ
وثَبيتُ المَقام في الموقف الدَّح / ض إذا ما أضاق رحبُ الفضاءِ
وله فكرةٌ يعيد بها الأم / وات في مثل صورة الأحياءِ
فتراها تَفْري الفَرِيَّ وكانت / قَبله لا تُحيرُ رجعَ النداءِ
ليس يرضى لها التحرُّك أو يُب / رِزُها في زلازلِ الهيجاءِ
فترى بينها مُقارعة الأب / طالِ راحت من غارةٍ شعواءِ
بتدابيرَ تَفلِقُ الحجرَ الصلْ / د وتَشفي من كل داء عياءِ
يَهزم الجيشَ ذكرهُ فتراهم / جَزَرَ الهام عُرْضةَ الأصداءِ
يتلقّاهُمُ بسيفٍ من الفك / رِ ورمح من صَنعة الآراءِ
وسيوفُ العقول أمضى من الصَّم / صام في كفِّ فارسِ الغبراءِ
فترى القوم في قليبٍ من المو / ت أسارى لدَلوه والرِّشاءِ
وله حَرْشَفٌ يُديرُ قُداما / هُ زحافاً كالفَيلَق الشهباءِ
والمغاويرُ بالياتٌ كما عا / يَنْتَ مَوْرَ الكتيبة الجأواءِ
وهي خُرْسُ البيان من جهة النُّط / ق فصاحُ الآثار والأنباءِ
أيُّ شيءٍ يكونُ أحسنَ منه / فارساً ماشياً على العَفْراءِ
في حروبٍ لا تُصطَلى لتراتٍ / وقتال بغير ما شَحْناءِ
وقتيلٍ بغير جُرمٍ جناه / وجريحٍ مُسَلَّمِ الأعضاءِ
وصريعٍ تحت السنابك ينجو / برِماقٍ ولات حين نجاءِ
وهْو في ذاك ناعمُ البال لا يف / صل بين القتيل والأُسَراءِ
وتراهُ يحثُّ كأسَ طِلاءٍ / باقتراحٍ لقُبْلةٍ أو غناءِ
لا يُدانيه في الشجاعة بِسطا / مُ بن قيس وفارسُ الضحياءِ
حلَّ من خُلَّتي محلَّ زُلالِ ال / ماء من ذات غُلَّةٍ صَدْياءِ
بودادٍ كأنه النرجسُ الغض / ضُ عليلاً بمِسكةٍ ذَفْراءِ
راسياً ثابتاً وإن خَلَت الدا / رُ جنابا وامتدَّ عهدُ اللقاءِ
لستُ أخشى منه الغيابَ ولا تخ / شاه في حال قربنا والعَداءِ
حبذا أنتُما خليلا صفاءٍ / لا يُدانيكما خليلا صفاءِ
لكما طوعُ خُلَّتي وقِيادي / ما تغنت خَطباءُ في شَجْراءِ
ذاك جُهدي إذا وَدِدتُ وإن أق / در أكافِئْكُما بخيرِ كِفاءِ
وحباءُ الوداد بالمنطق الغض / ضِ يُجازَى به أَجلُّ حِباء
لا عَدِمْتَ السرورَ يا بن أبي بَكْ
لا عَدِمْتَ السرورَ يا بن أبي بَكْ / رٍ وأُعْقبْتَ صحةً من دوائِكْ
وأطال الإلهُ عمرك في عز / زٍ يسوءُ الجميعَ من أعدائِكْ
عاليَ القدر نافذَ الأمر والنَّه / ي تَسُرُّ الجميعَ من أوليائِكْ
رُمتُ إذ قيل لي أخذتَ دواءً / لَطَفاً عالياً بقدرِ اعتلائِكْ
فإذا ما ملكتُهُ مُسْتَقَلٌّ / لك لا بل لخادمٍ بفنائِكْ
وإذا الشكرُ والثناء هُمَا أف / ضلُ شيءٍ يُهْدَى إلى نُظرائِكْ
فبعثتُ الدعاء والشكر فاعرفْ / فضلَ عِلْقَيْن أخبرا عن علائِكْ