تلك أعلامنا وهذا الثواءُ
تلك أعلامنا وهذا الثواءُ / قف لنبكي إن كان يغني البكاءُ
قف نجرِّرْ قديمَ وجدٍ بذكرى / ههنا كان قومنا القدماء
إيه عيش الديار لو أبت أو لم / يَعرُ أيامك العزاز انقضاء
إيه جمعٌ لو لم يفرقه صرفٌ / كنت تزهى لو لم يخنك الوفاء
إيه عهد الشباب والعمر غضٌّ / والليالي بأهلها وضّاء
خبريني وأنت لا تخبريني / ولها العذر إنها بكماء
ليت شعري وأي واد وشِعبٍ / طاب للقوم تربُه والهواء
هذه أرضهم وهذا حماهم / بارحوا فاغتدوا وهم نزلاء
تركوا موطنا فحلوا السوى فاس / توطنوه أم هم به غرباء
يا لها وقفةً على الرسم أضحى / لا يجيب النداء إلا النداء
لا تروِّعْ عن الرغاء المطايا / فالمطايا حنينهنَّ الرغاء
لا تُرَعْ إنها تفي بهواها / ليس تنسى وجينَها الوجناء
ذكرت عهدها القديم فحنت / ولها الشكر إنها عجماء
خلها ترو وادياً بدموعٍ / طالما قد غذاها منه الكلاء
خلها خلها تنوح وتبكي / كلنا في ادكارِ عهدٍ سواء
فهواها مؤالف وربوض / وهوانا الأحباب والاحياء
وكلانا مكلف بنُواح / حيث شط الأليف والأصفياء
لهف نفسي على مرابع أنسي / كيف بادت وقد علاها العفاء
غير الدهر حسنها وشبابي / إنه غير راحم عدّاء
لم يرق عينه نعيمٌ مقيمٌ / راقه البين بعده والشقاء
كنت أهوى البقاء واليوم أرجو / بعض ذاك اللقا وأين اللقاء
رُبَّ ليلٍ بجمع شمل نضير / ذي سواد له اليدُ البيضاء
رب قَدِّ إذا تمايل عُجباً / هجرت غصنَها به الورقاء
رب وجهٍ إذا تبدى كبدرٍ / حسنت أرضها عليه السماء
رب خالٍ متى علا وردَ خدٍّ / هام روضٌ وَجنّت السوداء
رب لحظٍ إِذا رنا وَهوَ ساجٍ / أَوجبت سلبَ عقلِها الكهرباء
رب صدرٍ من خالص النور تهوَى / لَو حكته الجنة النضراء
رب ثغر عن كَوثر الخُلد ينبي / تتشهى رضابَه الصَهباء
رب شعر أَمدَّ من طول حزني / تتمنى سوادَه الليلاء
رب صب هوى الجَمال فَأَضحى / مستهاماً تُبيدُه البَيداء
عجباً لِلنَوى تفرّق جَمعاً / طال ما جمّعت لَهُ الأَهواء
ما علمنا لذلك العيش قدراً / وَبِهَذا تحوّل النعماء
إيه نفس اقصري فَقَد بَعُد العَه / دُ وَأَسمت رقيَّها العَنقاء
ليسَ ماض يُرَدّ أَو مُقْبِلٌ يُد / رَى ولا الحال يزدهيها البَقاء
فاترك الهَمَّ ما استطعت وسلّ ال / نفس إِذ يقتل الرَشادَ العَناء
والزم الصَبر وَاستعنه فيا كم / نعَّمت بالَ صابرٍ بأساء
كَيفَ تَرجو دَوام حال محال / ما استطاعَت بلوغه الحكماء
كَيفَ تَهوى الثبوت منها وَعَنها / تَتَلقّى التلوّن الحرباء
انظر الوَجه وَاعرف الكنه مِنهُ / وَتزّود تُقاك فهوَ النَماء
إِن أَيامنا لَهنَّ مَع الدَه / ر اِنتِهاءٌ كَما لَهنَّ اِبتداء
وَالحَليم الرَشيد مَن باتَ فيها / لَيسَ تَهوي بِعَقله الأَشياء
فَسماء الوُجود منا عليها / سحبٌ بعضها لبعض غِشاء
أمة أمة تَزول وَتَأتي / فَلذا يَبدو وَكْفُها وانجلاء
وَرِياض الحَياة تزهر منا / بِنَضير وَتَيبس الخَضراء
هَكذا هَكذا حَياةٌ وَمَوتٌ / يَتوالى وشدةٌ وَرَخاء
فَإِذا لَم يَكُن سِوى الترك حَد / فَالهَوى باطل إِذا لا مراء
وَإِذا لَم تَفدك شَكوى سِوى ما / قَدّر اللَه فليصُنك الحَياء
وَإِذا ما المخاف عمَّ مصاباً / ثِق بِمَولاك فَالأمور قَضاء
وَإِذا ما الرَجاء أَغلق باباً / لذ بِخير الأَنام فَهوَ الرَجاء
كَم رِجال سَعوا إِليه فَنالوا / عم أكدارَهم صَفىً وَصَفاء
حرّروا الرق حين صاروا عَبيداً / لحماه فَهُم بِهِ سُعَداء
وَبقدر افتقارهم لعطاه / حسدتهم فَذلت الأَغنياء
وَيعز الهَوان بَينَ يَديهِ / عظَّمَتهم أَو هانَت العظماء
وَبذل الخُضوع عزّوا وَسادوا / رفعتهم لِهامِها العَلياء
فَاصلح القَلب وَاخلص السَير وَاقصد / تَلقَ مَولى لَهُ اللوا وَالوَلاء
ذاكَ جار إذا رَجَوت مجيرٌ / فَاعزم القَصد يحمك الاحتماء
ذاكَ نُور إِذا دجا الخَطب فَاطلب / يَتَجلّى فَتنجلي الظَلماء
كُن ضَعيفاً حَقير ذا الحَي تَشرُفْ / فَإليهِ يُشرِّفُ الانتِماء
لا تَخف ابن رابش هم أَصارو / ه أَبا الفَضل إنهم أَقوياء
فَالعَطا ابنه ومن يرتجيه / ابن أَوسٍ لأنهم كرماء
يا أَبا طرفة افتخر في حماهم / أَنتَ عَبدٌ وَالحادثات إماء
إِن عاراً عَليك حملانُ همٍّ / وَلَكَ اللَه وَالنَبي أَولياء
ته عَلى الحادِثات إِنكَ مِنهُ / في ذمام تَقلُّك الشماء
يا مطيّ الرجا استريحي فهَذا / ما قَصدنا وَعيشةٌ خَضراء
لا تَخاف المَسير هَذا مَقام / تَبتَغيهِ لتَكرُمَ الضعفاء
يا مطيّ الرَجاء قَد فارق الإع / ياء قرّي وَحُطَّت الأَعباء
قَد حمدت السَرى فَأَنتَ عَتيق / وَليسرّ الإنضاء وَالإضناء
قَد أَرحنا الرَجاء لَما استرحنا / هَكذا الشَرط بَيننا وَالجَزاء
مرجع الأَمر مَوطن النَفس هَذا / تَتَقي مَن يَحتله الأسواء
إِن قوت القُلوب فيهِ مقيتٌ / وَلصادِ الفؤاد مِنهُ اِرتواء
مَهبط الوَحي مَظهر السر نُور ال / حَق مِنهُ الهُدى بِهِ الاهتداء
يا نبي الهُدى وَأَنتَ سَميع / جل داءُ العَنا وَعز الدَواء
غال حَزمي الهَوى وَعَزمي الأَماني / هال عَقلي البَلا وَجسمي البَلاء
رَدَّني الغيُّ عَن رَشاد مُبين / حَيث وَلَّى بيقظَتي الإغفاء
وَانقَضى العُمر بَينَ لَهو وَلَغو / ما أَفادا ولَيسَ ثمّ اقتضاء
ثم ذا اليَوم وَالصَباح صَباح / وَكَذا اللَيل وَالمَساء المَساء
لَم تغير سِوى شؤوني وَلم يَم / ضِ سِوى العُمر وَالجَميعُ هباء
بعت أَيامها بخسران نفسي / وَلَقد كانَ في السَماح الثراء
كُل وَقت يَغر حَتّى كَأَني / خلت أَبقى وَقَد مَضى النظراء
إِن تُحَذِّرْ نُهىً يَغِرَّ هيامٌ / لَم يُمكِّن تحذيرَها الإغراء
ما عَلى النَفس لَو أَصابَت هداها / فَنجت مثل ما نجَى الأتقياء
كُل حين يمر تدنو مِن الأم / وات داري وتبعد الأحياء
وَأَنا جاهل الحقيقة لاهٍ / أَتردّى وَهكَذا الجهلاء
كم لآمالنا الطوال اِبتداءٌ / وَلا جالنا القصار اِنتِهاء
يا طَبيب الأَرواح أَمرض رُوحي / سوءُ فعلي وفي يديك الشفاء
يا ضياء اليَقين أَنتَ تَقيني / إِن دَهى الخَطب أَو عرت دَهياء
بِكَ نام الأَنام تَحتَ أَمان / نَشرته الشَريعة الغَراء
بِكَ عَم الوُجود جُودٌ عَميم / نَضَّرت وَجهَها بِهِ الغَبراء
لَكَ ذلت جَبابرٌ وَطغاة / بِكَ عَزت أَجلَّةٌ حُنفاء
أَنتَ سر الوُجود ديناً وَدُنيا / لَيسَ في جاهك العَظيم اِمتِراء
أَنتَ أُرسلتَ وَالخَلائق شَتّى / مَهملاتٌ وَكلُّهم غَوغاء
فَاِغتَدوا أَحباباً بِأخوة دين / بَعد حين مَضى وَهُم أَعداء
جِئتنا بِالبُرهان فَاتّضح الحق / ق لذي أَعين فَبان الخَفاء
عم إنساً وَعَم جنّاً نداك ال / مُرتَجى بَل قَد نالَت الصماء
عمت الأُمَهات قَبل المَوالي / د مَعاليك حَيث خَص الجداء
نُقطة الكَون كُنت أَنتَ ولا شَك / ك وَكلاً جَميعنا أَجزاء
لَيتَ شعري فما حقيقتك القص / وى التي رُدَّ دونَها العُقَلاء
أَيّ شَمس هِيَ الحَقيقة إِن كا / ن الَّذي في العُيون هَذا الضياء
إِن عَيناً لَم تُبصر الرُشد مِن نُو / رك عَينٌ كَميهةٌ عَمياء
كَيفَ نطق الحَيوان وَالجذع اذ حن / ن وَفي الكَفِّ سبَّحت حَصباء
لَيتَ شعري أَحلّ في تِلكَ رُوح / أَم بِلا رُوح تَنطق الخَرساء
آية اللَه أَظهرت معجزاتٍ / لِلنبي الكَريم فيما يَشاء
وَلَكَم مثلَها عَجائبُ تترى / يَنقضي دُونَ حَصرِها الإحصاء
وَالَّذي قَد رقى إِلى العَرش قُرباً / كَيفَ تَرقى رُقيَّهُ الأنبياء
وَالَّذي قَد أَثنى الإِلهُ عَلَيهِ / كَيفَ تَسطيع مَدحه الشعراء
فَلتكن أَبحرُ الوجود مِداداً / وَليَكُن صحفَ كاتبيها الفَضاء
وَلتَعش ما تَشاء وَالوَقت دَهر / لَن يرجَّى لِذَلكَ استقراء
إِنَّما قَد تَقول جهد مقلٍّ / وَهوَ عَرض يَمده الإلتجاء
يا نبي الهُدى أَقلْها عثاراً / لَم يُقِلني من حملها الإعياء
وَارضني مِنكَ لِلمَراحم أَهلاً / لتروح الأَرواح وَالبرحاء
وَاقض لي بِالقبول وَالعَفو وَاصفح / ليتمَّ المنى وَيَبدو الهَناء
يا نَبي الهُدى عَليك سَلام / لا اِبتِداء لَهُ وَلا إنتِهاء