المجموع : 5
كَيفَ قوَّضتُم بِناءَ القَضاءِ
كَيفَ قوَّضتُم بِناءَ القَضاءِ / في سَبيلِ النجاةِ بِالحَسناءِ
يا قضاةً ظَلمتُمُ العَدلَ حَتّى / تَرحَموا الحُسنَ في عُيونِ النِساءِ
قَد عَهِدنا أَنَّ الجَمالَ حسامٌ / مُرهَفُ الحدِّ باتِرٌ ذو مضاءِ
ما عَهِدناهُ أَنَّهُ الشَرعُ حَتماً / جائِرٌ في الوَرى عَلى التعساءِ
فَإِذا كانَ قاضِياً ذلِكَ الحُس / نُ يدينُ العباد تَحتَ الخفاءِ
أَجلَسوهُ عَلى المَنَصَّةِ جَهراً / وَاِستَعيضوا بهِ عَن الزُعَماءِ
يُصبح العَدلُ حينذلِكَ فحشاً / وَيَغورُ الوُجودُ في الفَحشاءِ
وَالفَقيرُ الضَعيفُ يَمسي ذَليلاً / وَتصيرُ الأَحكامُ لِلأَغنياءِ
كَم بَريءٍ في السِجنِ أَمسى شَقِيّاً / من ضَحايا الشَرائِعِ العَمياءِ
وَلكَم مجرمٍ يَعيثُ فَساداً / هُوَ في شَرعِكُم مِنَ الأَبرِياءِ
يا قَضاةً وَالعَدلُ أَعظَمُ ركنٍ / لِمَسيرِ النظامِ في الغَبراءِ
كَيفَ كفَّنتُمُ الشَبابَ بِقانو / نٍ تَوارى ملوّثاً بِالدماءِ
ما دَرى الناسُ قَبلَ ذلِكَ أَنَّ ال / عدلَ رهنٌ لِلأَعينِ النَجلاءِ
وَلَهُ مُهجَةٌ أُصيبَت بِسَهمٍ / مِن هَوى مرغريت في الأَحشاءِ
أَي جَمال النِساءِ أوليتَ حُكماً / فَاِحتَكِم ما تَشاءُ في الضّعفاءِ
إِن تَكُن سافِكاً فكُن مُستَبِدّاً / لا تَخَف ما هُناكَ غَير القَضاءِ
إيهِ برناسُ هَيكَلُ الشُعَراءِ
إيهِ برناسُ هَيكَلُ الشُعَراءِ / وَمصلّى الكَهّانِ وَالأَنبِياءِ
لا دهاكَ الفَناءُ بَعد بَقاءٍ / خالِدٌ أَنتَ في ضَميرِ البَقاءِ
لا رَأى الدَهرُ غارَ رَأسِك يَذوي / بَعدَ هذا النضور هذا البَهاءِ
إِنَّ غاراً عَلى ذراكَ لمجدٌ / خَلَّدته نَوابِغُ القُدَماءِ
حكمَةٌ أَنتَ في الوُجودِ وَنورٌ / لِعقولِ الجَهّالِ وَالحُكَماءِ
سكبَ الفَجرُ في مَراشِفِها ال / حُمرِ رَحيقَ الخُلودِ لِلشُعَراءِ
إيه برناس وَالعَرائِسُ تَشدو / فيكَ أُغنيَّةَ الهَوى وَالرَجاءِ
سَكبَ الفَجرُ في مَراشِفِها ال / حمرِ رَحيقَ الخُلودِ لِلشُعراءِ
هَيكَلَ الفَنِّ وَالجَمالِ سَلامٌ / وَسَلامُ يا هَيكَلَ البُؤَساءِ
سَجد المَجدُ تَحتَ قَوسِكَ سكرا / نَ سجودَ الفَقيرِ لِلأَغنِياءِ
قُل لِأَبنائِكَ الَّذينَ اِستَمَدّوا / شُعلَةَ الوَحيِ مِنكَ كَالكَهرُباءِ
إِنَّما البُؤسُ في تُرابي ثَراءُ / فَرِدوا المَجدَ من بحارِ ثَرائي
وَدَعوا الغَيرَ يَبحَثونَ طَويلاً / في وُحولِ الغِنى عَن الإِثراءِ
فَلَكم من لَآلىء النور كَنزٌ / فَاِنثُروهُ على طَريقِ الإِباءِ
إِنَّما الشاعِرُ الحَقيقِيُّ قَلبٌ / ذابَ حُبّاً عَلى شُعاعِ الفِداءِ
هو روحُ من السَماءِ اِستَمَدَّت / حِكمَةَ الفَنِّ من دِماغِ السَماءِ
هو بانٍ يوَدّ تَقويضَ رُكنٍ / شَيَّدَته مَظالِمُ الزُعَماءِ
وَبناءُ العَلى عَلى ذلِكَ الرك / نِ وَتِلكَ الأَنقاضِ أَقوى بِناءِ
هوَ قيثارَهُ الشعور تُناجي / بِنَشيد الأَوتارِ سرَّ الضِياءِ
فَالضِياءُ الأَكيدُ في مقلَة الشا / عِرِ لا في النُجومِ أَو في ذُكاءِ
هو نسرٌ لهُ جناحا إِلهٍ / طائِرٌ في مَدينَةِ التعساءِ
ناثِرٌ دَمعَة العزاءِ عَلى الأَر / ضِ لتَشفي تَعاسَةَ الضُعَفاءِ
هو روح الخَليل في النجمَة الزه / راء تَمتَصُّ عُنصر الزَهراءِ
لتروّي بهِ الفُنون وَتحيي / مَيِّت الشِعر في عُروقِ الرُواءِ
أَي خَليلَ البِلادِ وَفَّيتَ قِسطاً / من فُروضٍ عَلَيكَ لِلعَلياءِ
فَاِشدُدِ العَزمَ لِلنجاء وَأَكمِل / ذلِكَ الشَوطُ يا رَبيبَ النجاءِ
ما تَرى في البِلادِ بَعد اِغتِرابٍ / أَسوى البُؤسِ وَالبَلى وَالشَقاءِ
إِنَّ صَدراً حنَوتَ طفلاً عَلَيهِ / لهوَ صَدرٌ مهشَّمُ الأَعضاءِ
كلَّ ما في البِلادِ أَمسى غَريباً / شَوَّهتَهُ مناكِلُ الغُرَباءِ
فَبلبنان أَيمُ المَجدِ ثَكلى / وَهيَ تَبكي مصيبَةَ الأَبناءِ
هيَ تَبكي الأُلى أَبادَهُم الظُل / مُ وَوارَتهُم يَدُ البَغضاءِ
بَرِئَت مِنهُم المَظالِمُ لكِن / أَنكَرَت أَنَّهُم مِن الأَبرِياءِ
شُهداءُ العلى قَضت وَبَقينا / في حَياةٍ كَثيرَةِ الأَدواءِ
إِن أَطَلَّت من كوَّةِ المَوتِ تبصر / نَزَواتِ الأَرواحِ في الأَحياءِ
يا قبوراً تربَّعَ الوَحيُ فيها / لَيسَ مَن فيكِ صائِراً لِلفَناءِ
كلّ جيلٍ يَجثو أَمامك بِالمَج / دِ وَيَرمي عَلَيكِ زهرَ البقاءِ
يا سَمير الأَبراجِ في مُنتَهى الأَج / واءِ ماذا في مُنتَهى الأَجواءِ
وَعَذارى الفَضاءِ ماذا أَسَرَّت / لَكَ لَمّا أَضَفتَها في الفَضاءِ
كلّ لَيلٍ تَزورُها فَتُناجي / كَ طَويلاً في خِدرِها المُتَنائي
كَيفَ فرجيل وَالمَعرّي وَهو / ميروس في ذلِكَ المَكان الهَوائي
طَرِبَت بِعَلبَكُّ بِالوَلد البَ / رِّ وَبشَّت لَهُ ثُغورُ الظِباءِ
وَأَطَلَّت من الهَياكِلِ سكرى / نَظَراتُ الكَهّانِ وَالأَنبِياءِ
وَجثا الشعرُ لِلَّصلاةِ جثّو ال / مُؤمِنينَ العُفاةَ وَالأُمَناءِ
يا نَديمُ الرُؤى عَلَيكَ سَلامٌ / وَسَلامٌ يا سَيِّدَ الشُعَراءِ
كَم سَهِرتُ الساعاتِ في الظلماءِ
كَم سَهِرتُ الساعاتِ في الظلماءِ / أَرصدُ النُجمَ في فَسيحِ الفَضاءِ
وَزَفيرُ الفُؤادِ يَعلو تباعاً / فَتوافيهِ مُقلَتي بِالبُكاءِ
شاعِر الحُبِّ قيل عَنِّيَ قبلاً / لكِن اليَومَ شاعِرُ البُؤَساءِ
بِسمَ المرجُ لِلرَّبيعِ وَجَفَّت / أَدمُعُ الغَيثِ في عُيونِ الشِتاءِ
وَتعالى عَرفُ الأَزاهرِ لَمّا / اِنفَرَجَت عَن مَباسِمِ العَذراءِ
قرب ذاكَ الغَديرِ في المَرجِ طيفٌ / شاحِبُ الوَجهِ بارِزُ الأَعضاءِ
نَسجَ الجوعُ فَوقَ عَينَيهِ سَتراً / لا نَراهُ في أَعيُنِ الأَحياءِ
يَتَخَطّى إِلى الأَمامِ قَليلاً / ثُمَّ يَعدو بِسُرعَةٍ لِلوَراء
فَكَأَنَّ الحِمامَ يَبحَث عَنهُ / وَهوَ يَرجو النَجاةَ بِالالتِجاءِ
بائِسٌ وَالحَياةُ تَأنَفُ مِنهُ / كَبَقايا الحُطامِ في الدأماءِ
إِنَّهُ بدعَةٌ مِن اللَهِ لكِن / أَنكَرَتهُ جَماعَةُ الأَغنِياء
لا عَزاءَ يُنسيهِ بَعضَ عَذابٍ / في لَيالي شَقائِهِ السَوداءِ
غَيرُ نُجمِ الفَضا تُطِلُّ عَلَيهِ / كَعُيونِ السَما مِن العلياءِ
حامِلاتٍ سِرَّ الحَياةِ غَريباً / فَيَرى فيهِ روح سرِّ الضِياءِ
يَتَعَزّى إِذ ذاكَ بَعضُ عَزاءٍ / ما تَراهُ يُفيدُ بَعض العَزاءِ
تارَةً يسمعُ الغَديرَ يُغَنّي / فَيُوافيهِ صَوتُهُ بِالغِناءِ
وَغِناءُ الغَديرِ ماءٌ قراحٌ / وَغِناءُ الفَقيرِ رَجو غذاءِ
تَتَراءى لهُ الكَواكِبُ طَوراً / كَدَنانيرَ أُلقِيَت في الهَواءِ
فَيمدُّ اليَدَين لَهفاً إِلَيها / غَير أَنَّ الفَضا من البُخلاءِ
طَرَدته مَدينه الفَحشِ وَالظُل / مِ فَآواهُ مَهبَط الفُقَراءِ
ذلكَ المَهبَط الَّذي عاشَ فيهِ / هوميروسُ الكَبيرُ في الشعراءِ
حَشرَجَت روحُه صَباحَ نَهارٍ / بِعَذابٍ فَقاءَها في المَساءِ
وَعَلى الزَهرِ أَدمُعٌ مِن عُيونِ ال / فَجرِ ما جُفِّفَت بِنورِ ذُكاءِ
فَكَأَنَّ الدُموعَ مُضطَرِباتٍ / في اللَيالي مراشِفُ الضُعَفاءِ
تصرخ اللَهُ في الأَعالي اِنتِقاماً / من أُولي الجور من أُولي الإِثراءِ
أُغرُبي يا مَدينَةَ العارِ إِنَّ ال / مرجَ مَهدٌ لِدَولَةِ الأَنبِياءِ
هُو مَأوى الزُهورِ وَالزَهرُ طهرٌ / نَثَرته في المَرجِ روحُ السَماءِ
أُغرُبي يا جَهَنَّماً فَوقَ أَرضٍ / ما رَأَينا فيها سِوى الفَحشاءِ
فَالشَياطينُ مِن بَني الأَرضِ أَقوا / مٌ همُ سادَةٌ من الزُعَماءِ
كَثُرَ الإِثمُ في الوُجودِ فَيا ر / بّ تَرَحَّم وَاِعطُف عَلى التُعَساءِ
هَل خَلَقتَ الغَنِيَّ لِلمَجدِ / وَالبائِسَ أَوجدتَهُ تُرى لِلشَقاءِ
أَيُّ داءٍ يشفُّهُ أَيُّ داءِ
أَيُّ داءٍ يشفُّهُ أَيُّ داءِ / يا إِلهي يا مُنقِذَ الأَبرِياءِ
أَيُّ داءٍ يشفُّهُ فَعَلى عَينَي / هِ طَيفٌ ذو جَبهَةٍ سَوداءِ
كُلُّ لَيلٍ يَمُرُّ يَسلُبُ مِنهُ / زَهراتٍ تَعهَّدَتها دِمائي
قيلَ لي إِنَّهُ سَيَشفى وَلكِن / مُقلَتاهُ تَوارَتا في غِشاءِ
في غِشاءٍ يشفُّ عَن بَعضِ روحٍ / لَيسَ فيهِ لِلأُمِّ بَعضُ رجاءِ
لَونُهُ أَمسِ غَيره اليَومَ إِنَّ ال / داءِ يَمحو عَنهُ جَمالَ الفَتاءِ
ربِّ رُحماكَ لا تُذلَّ فُؤادي / بِحَبيبي وَلا تَجهَّم مَسائي
ربِّ لا تضرب الحَزينَةَ بِالثَك / لِ وَلا تَبلني بِهذا البَلاءِ
لا تَدَعني يا رَبُّ أَحمل أَوجا / عي أَمامَ الباقينَ من أَبنائي
لا تلطِّخ بِاليَاسِ بيض شعوري / يا عزاءَ الأمومَةِ البَيضاءِ
وَأَصاخَت حيناً لِتَسمَعَ صَوت اللَ / هِ وَاللَهُ معرِضٌ في السَماءِ
فَكَأَنَّ السَما بناءُ نحاسٍ / وَكَأَنَّ الظَلامَ عرشُ قَضاءِ
وَكَأَنَّ النُجومَ في شُرفَةِ اللَي / لِ شموعُ الأَكفانِ لِلأَحياءِ
وَعيونُ المَريضِ تَزدادُ نَزعاً / كُلَّما اِزدادَ روحه في الضياءِ
قَوِّني يا مُقَسِّمَ الأَعباءِ
قَوِّني يا مُقَسِّمَ الأَعباءِ / وَأَعِنّي عَلى اِحتِمالِ شَقائي
أَنا يا رَبِّ في يَدَيكَ فَصُنها / فَاِتِّكالي عَلَيكَ كُلُّ عَزائي
إِن تَكُن تَحرُمُ العَزاءَ المُحبي / نَ فَماذا تَرَكتَ لِلشُعَراءِ
رَبِّ صُنها وَأَبقِها لِيَ ظِلّاً / مِن حَنانٍ يَمتَدُّ في صَحرائي
وَاِرفَعِ الأَلسُنَ الخَبيثَةَ عَنها / وَالأَذى في اللَواحِظِ السَوداءِ
أَنتَ يا رَبِّ ما خَلَقتَ جَمالاً / مِثلَها في المَلائِكِ الأَنقِياءِ
أَنتَ يا رَبِّ ما خَلَقتَ وَفاءً / كَالَّذي قاتَ حُبَّها في النِساءِ
أَنتَ يا رَبِّ ما خَلَقتَ نِساءً / مِثلَ لَيلى نَقِيَّةَ الأَحشاءِ
هيَ يا رَبِّ فِلذَةٌ مِنكَ في الحُ / بِّ جَرَت مِن دُموعِكَ الخَضراءِ
أَفَتُمسي يَبساً وَفيكَ رَبيعٌ / دائِمُ الطِيبِ طَيِّبُ الأَنداءِ
يا إِلهي قَرِّب إِلَيَّ البَعيدَي / نَ وَأَبعِد عَنِّيَ أَذى أَقرِبائي
رَبِّ حَوِّل عَينَيَّ عَن كُلِّ حَيٍّ / رَبِّ سَكِّر سَمعي عَن الأَنباءِ
أَأَرى صورَةً وَأَسمَعُ صَوتاً / قَبلَ أَن يَرجعَ الحَبيبُ النائي