القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 199
أيها الطلعة التي أخذتنا
أيها الطلعة التي أخذتنا /
بسناها عنا وقد أعدمتنا /
ثم لما معارج القرب فتنا /
قبضة النور من قديم أرتنا / في جميع الشئون قبضاً وبسطا
قد ورثنا الكمال جداً فجدا /
وبنا الشوق للأحبة جدا /
إن من أسفرت هي الفرع حدا /
وهي أصلٌ لكل أصلٍ تبدى / بسطت فضلها على الكون بسطا
من رآها فعن سواها لقد عف /
وبها جسمه غداة الهوى خف /
فهو عنها بلطفه في الورى شف /
وهي وترٌ قد أظهرت عدد الشف / ع بعلم فجلّ حصراً وضبطا
هي روح قريرة العين شكلا /
نحن صرنا لها شراباً وأكلا /
سرها بالغذا لنا هوَ يكلا /
ولدت شكلها فأنتج شكلا / بشرياً أقام للعدل قسطا
نحن في الغيب لم نزل في يديها /
ونراها إذ أظهرتنا عليها /
كل قلب لها يشاق إليها /
وهو عبد قد حررته لديها / بيديها وكم أفاض وأعطى
إنني للمنى لها مستحق /
وفؤادي فيما ادعاه محق /
أي عبد حواه سحق ومحق /
حققته بحقها فهو حق / جاء بالحق ينظم الخلق سمطا
كل شيء له من الغيب سر /
بتجليه للقلوب مسر /
والذي يدريك الحقائق حر /
لنقوش النفوس حقق والرو / ح أرته في اللوح شكلاً ونقطا
أيها القلب في بيوت الهدى قر /
وإلى الله من سواه به فر /
حضرة الروح ليس يعرفها الغر /
عالمٌ منه آدمٌ علِمَ السر / ر وعلْمَ الأشياء رسماً وخطا
هي أضحى بها العليم جهولا /
حين وافت تجر فينا الذيولا /
وهي إن رمت منصفاً أن تقولا /
هي ناسوت أنسنا والهيولا / شمس سر العروس بكرٍ وشمطا
سر أمر يعزى الجميع إليه /
وقلوب الأنام طوع يديه /
كلنا كالجفون من عينه /
طلسم حارت العقول عليه / كنزُ بحرٍ قد شط في الدرك شطا
نحن قوم إلى مجاليه هدنا /
ومعانيه ساعة ما فقدنا /
نتملى به متى ما أردنا /
إن شهدناه في الجمال شهدنا / لجميل غدا له الحسن مرطا
جل وجه به تجلى علينا /
ففقدنا بنوره ما لدينا /
إن شهدناه بالجمال اكتفينا /
أو نظرناه في الجلال رأينا / أسداً فاتكاً من الأُسْدِ أسطى
طلعة للذي تريد أعانت /
ولأهل السوى بجهل أهانت /
ولها فوق كل شيء أبانت /
تاج فضل له الجحاجح دانت / وإليه رأس المفاخر وطَّى
يا وحيد الوجود لا زال عنه /
يظهر الكون ما له فيه كنه /
والهدى والظلال قل من لدنه /
كل شيء معناه والكل منه / وعليه مبناه ماختلَّ شرطا
جهله في القيود للعقل مسجن /
وتجليه للأحبة مشجن /
ليس في الإنس علمه لا ولا الجن /
واحد الشخص وهو مختلف الجن / س يقينا من أنكر الحال أخطا
إن ترده فكن عن الكون زاهد /
ولكم مات في هواه مجاهد /
وإذا رمت أن ترى منه شاهد /
فتفهم تعلم وجاهد تشاهد / يا مريدي ومن مزيديَ تُعطى
إن هذا النظام ألطف جسم /
والذي قد سما بذات ورسم /
حيث كنَّى فقال في حسن وسم /
وأنا عاجز محمد إسمي / لأجل الأنام قد صرت سبطا
وأنا العبد للغني بقربي /
من سليل الصديق فقت بشربي /
واثقا بالنبي أفضل عرْب /
فعليه صلى وسلم ربي / مع صحب والآل من جل رهطا
لبسنتني مليحة الغيب مِرطا
لبسنتني مليحة الغيب مِرطا / وبها قد تعلق القلب قرطا
ذات وجه يلوح من خلف ستر ال / شيء فهو المكشوف وهو المغطّى
حسنه أدهش العقول فحارت / أخذ الكل بالظهور وأعطى
يتجلى وتارة يتحلى / فنرى في الوجود قبضاً وبسطا
نظم العالمين عقدَ لآل / أمره لا يزال للعقد سمطا
من رآه أصاب فيما رآه / والذي قد رأى السوى فيه أخطا
هو شمس وما سواه ظلال / وهو بدر لظلمة الغير غطى
أحكم الأمر فهو بالحكم باد / في جميع الشئون حَلاً وربطا
يا قريب اللقا بعيد التجافي / لِمْ توافي رهطاً وتهجر رهطا
نحن هدنا إليك ممن سواك ال / آن فاجعل لنا من الأمر قسطا
وتدارك نواظراً وقلوباً / أعجمتها الأوهام شكلاً ونقطا
إنما أنت أنت والحكم شيء / منك وهو الجميع عدَّاً وضبطا
دخل القلب دير عشق سُليمى / يحتسي من لقائها الإسفنطا
فرأى ثم نسوةً طالعات / من بحار الجمال يسكنَّ شطا
ناظرات من الظبا بعيون / ناعسات من البواتر أسطى
في قدود كأنهن رماح / جعلت قتل من بها هام شرطا
كل هيفاء ينفخ الطيب منها / كيف كانت تجول رفعاً وحطا
أمر الله أن تطاع بحسن / راسم بالغرام في القلب خطا
بدر تمٍّ على قضيبٍ تثنّى / في كثيبٍ بها عن المشي أبطا
هي شمس الضحى وبدر الدياجي / قد فنينا بها رضاء وسخطا
ثغرها بث عن صحيح البخاري / وأنا مسلم وقلبي موطَّا
إن عبد الغنيْ لها الآن اسمٌ / لقطته حواضنُ الكون لقطا
فهي طيف الخيال في نور طه / سيد الرسل كاشط السر كشطا
فعليه الصلاة منه وآل / وصحاب ما الريح صافح خمطا
أو تغنَّى على الأراك حمامٌ / وسرى بارقُ الحمى يتمطَّى
طاء طيب الطباع في الأقساطِ
طاء طيب الطباع في الأقساطِ / طهرتني للمشي فوق البساطِ
وجعلنا نوراً لها هو يمشي / صار في ناسه به بانضباط
والذي يعرف الموازين يدري / كيف يمشي على متون الصراط
طيبة فاحت الروائح منها / فهي كالبحر والتغاير شاطي
والذي ينشق المعارف يحظى / بأواني مملوءة وبواطي
طعم هذا حلو وذا غير حلو / وهي تسقي بصيِّبٍ غير خاطي
نحن عن شمس أمره كالشعاعِ
نحن عن شمس أمره كالشعاعِ / بافتراق في سرعة واجتماعِ
يتجلى بنا فنعرف منه / ما عرفنا منا بغير نزاع
وهو في أكمل الدنو إلينا / وهو عنا في غاية الإرتفاع
قربنا منه كلما كان شبراً / كان قرب منه لنا كذراع
ثم قرب الذراع إن كان منا / فلنا منه كان قرب الباع
هكذا أخبر المبلغ عنه / بانكشاف من وحيه واطِّلاع
يا بني قومنا السراة إليه / بنفوس إلى لقاه جياع
وعيون إذا الظلام أتاها / شخصت نحو برقه اللماع
ههنا مغرم به قذفته / عنه أشواقه لخير بقاع
بقعة النفس فهو دار حبيب ال / قلب مفروشة بحسن الطباع
فرأى الباب مقفلاً فأتاه ال / فتح منه بالذلِّ والإتضاع
ومشى عنه فيه يقصد ذاتاً / هي ملء العيون والأسماع
فتعالت عليه حتى تدانى / سامعاً من جهاتها صوت داع
وبها خاض دونها بحر نور / ما له ساحلٌ بغير شراع
وسطا سطوة الشجاع وهل يق / تحم المعركات غير الشجاع
ثم أضحى من بعد ذاك وهذا / مثل ما كان أسر أمر مطاع
فهو ما تطلبونه وهو أيضاً / ما تركتم له حذار خداع
عظم الأمر ثم زا التباساً / عند من لم يكن عن الحق واعي
فانقلوا قصة المحبة عني / يا نداماي وافهموا أوضاعي
هو هذا الذي ترون ولكن / نملنا فيه عندكم كالسباع
قد تبدّى فأين أهل الترائي / وتغنّى فأين أهل السماع
صبغة الله بالوجود أجادت / صنعة الإبتداع والإختراع
هوْ شراب وما سواه سراب / شربه للشفا من الأوجاع
خَصَّ قوماً به وباعد قوماً / ليس يوم اللقا كيوم الوداع
نشأة الروح بالغروب الطلوعِ
نشأة الروح بالغروب الطلوعِ / مثل برق على الطلوع لموعِ
صادر عن توجه الأمر فيه / أمر حق منجَّزٍ مقطوعِ
وبه جسم كل حي وميت / دائماً في تكوُّنٍ مطبوعِ
وتأمل هنا أنابيب ماء / جاريات أو التهاب الشموعِ
وردة كالدهان ذات بطون / وظهور مع الأصول الفروع
قائم كل ذا بأسماء ذات / تتعالى عن مدركات الجموع
ذات حق ما ثم في الكون إلا / هي والكون بالتجدد روعي
هي ذاتٌ لها صفاتٌ وأفعا / ل ولا غير عند أهل الخشوع
فلهذا نقول نحن بأنا / هي أي عين فعلها المجموع
لا بأنا أيْ ذاتها إذ جنونٌ / عينُ هذا المقال للمخدوع
وإذا كان فعلها مثل برق / لامع في صدورها والرجوع
ما له في العيان قط وقوفٌ / صح أنا هي استمع مسموعي
ولهذا حقيقتي همت فيها / قال شيخي وما رآها ولوعي
فأنا كالمجاز عنها وقالوا / صح نفي المجاز عند الخضوع
ما اصطكاك الأجرام عند السماعِ
ما اصطكاك الأجرام عند السماعِ / عبث فليعي كلامي واعي
ولهذا قال الإله تعيها / إذنٌ قد وعت بقصد انتفاع
رنة بعد رنة بعد أخرى / صور تنجلي على الأسماع
يدرك الغافل الظواهر منها / والفهيم الذي له طول باع
وله الإعتبار في كل شيء / قرب شبر له وقرب ذراع
سامع كله بروح شريف / لا بإذنٍ للنفس ذات النزاع
يترقى به المريد علوماً / من دعاوى الهوى وحكم الطباع
قد أفادته طاعة الله هذا / بكمال اقتدا وحسن اتِّباع
مقتف أثر سنة وكتاب / فعل أسلافه أولى الإجماع
هذه حالنا وحال شيوخ / قد دعانا منهم على الغيب داعي
إن شمسي من طاقتي في طلوعِ
إن شمسي من طاقتي في طلوعِ / كل وقت قد أعدمت مجموعي
وهي أيضا من كل طاقة عبد / تتجلي كمثل برق لموع
قف بنا ساعة رويدك يا من / هو بي سائر بغير رجوع
وتعطف على ذواتٍ سكارى / بك ما بين يقظة وهجوع
يترجّون نظرة تحتويهم / بكمال السجود بعد الركوع
ثم سقهم إلى حماك قبولا / واسقهم منك رائق الينبوع
يا حبيب القلوب أشكوك مني / شغفاً في فؤاديَ الموجوع
أعطشتنا الأغيار فاصبغ دجاها / بشعاع من نور تلك الشموع
إننا عصبة أتيناك أسرى / وجهِك الحقِّ بالجوى والولوع
نقتفي أثْرَ من مضى فعسى أن / يهتدي بالأصول قلب الفروع
يا ابنة الحي إنني لك جارٌ / وربوعي بقرب تلك الربوع
رحمة لا أقلَّ من نظرات / تمنحينا من الجمال المنوع
إنني ههنا طريح ديار / قفرة في مذلة وخضوع
كلما قلت لي دنا وصل ليلى / كان هذا دنو طيف هجوع
حرف عين العمى إلى النور داعي
حرف عين العمى إلى النور داعي / وله صولة بأمر مطاع
هو هذا به وما هو هذا / قاطع للرجا وللأطماع
ها بلا ها وها هو الشان دان / وبعيد في عالم الإختراع
عاين الكل منه ما عاينوه / وهو في غاية من الإرتفاع
بانحراف الشئون عنه تبدى / فهو يتلى بألسن الأسماع
نفحة في رياض أوج التجلي / ما وعاه سواه في الغيب واعي
إن شمسي من طاقتي في طلوعِ
إن شمسي من طاقتي في طلوعِ / كل وقت قد أعدمت مجموعي
وهي أيضاً من كل طاقة شيءٍ / تتجلى به كبرق لموع
كل شيء فانٍ بها وهي حقٌّ / ظاهر لا سواه في المسموع
يا ابن قومي أهل الفهوم ويا من / يتوخى شروعه كشروعي
خذ كلامي وحقق القول منه / لا تكن أنت عنه بالمخدوع
لم يزل آدم وآدم مخلو / ق على صورة الإله خضوعي
صورة الله كل أوصافه مع / كل أسمائه على المشروع
وهي وهو الإله فرد حقيقيْ / ليس فيه تعدد للجموع
وعليه قد كان آدم ستراً / حاجباً في أصوله والفروع
فاعرف الستر وهو أنت وحاذر / ما ورا عين سترك الممنوع
إن روحي بجسمها مصبوغَهْ
إن روحي بجسمها مصبوغَهْ / وهي في قالب به مفروغَهْ
كل جسم كذاك صبغة روح / عند تحقيق ذي الكمال بلوغَهْ
يا لغيب محقق وهو حق / ليس عنه لعاقل زيغوغَهْ
عرفته العقولُ وهو خفي / حيث صارت بحكمه ممضوغه
لكن الكشف لا يكون إذا لم / يألف العقل عن سواه فروغه
وإذا لم يجد من الكون أصلاً / كل فرع منه أسال صموغه
دمغت حجة الإله علينا / فغدت كل حجة مدموغه
حيث مصنوعة به هي كانت / وهي مخلوقة لنا ومصوغه
يطلع العقل إن أراد على ما / شاء أو شاء كف عنه بزوغه
ليس إلا التسليم للعقل يبقى / سبباً للنجاة فاترك هبوغه
تعس الكلب ما على الله حكم / لمتى في الشكوك يبدي ولوغه
إنما الحكم منه في كل شيء / وجميع الأشيا به ملدوغه
قف على أيمن الحمى كوقوفي
قف على أيمن الحمى كوقوفي / وتأمل بطرفك المطروفِ
كسفت بالظهور شمسي فما كا / نت صلاتي إلا صلاة الكسوف
ثم لما انجلت رأيت خضوعي / لي وشاهدت واصفي موصوفي
وانمحت في الوجود نقطة عيني / إنها لم تكن سوى مالوفي
شق فجري فقمت حتى أصلي / قيل لي فانتظر أذان الصروف
فسمعت الصلاة خير من النو / م ينادي بها بلالي بجوفي
هو صلَّى إليَّ لا أنا صلَّيْ / تُ إليه واذكر صلاةَ الخسوف
يا خليليَّ بالأجارع حطّا / فعسى ربة الستائر توفي
وقفا بي على معالم سلع / فالنقى فالعقيق طاب وقوفي
شمتُ من أيمن المنازل برقاً / لامعاً في وجودي المخطوف
وتغنت على أراكة كوني / ذات طوق بلحنها الموصوف
فهي طوراً كاسي وطرواً نديمي / كل مصغٍ لها من الداء عوفي
حبسوها لما استطابوا غناها / إنما الظرف طاب بالمظروف
هي محبوبتي لدي وعندي / ومعي وهي واحدي وألوفي
وهي عيني إذا بدت وهي غيري / حين تخفى فائْمَنْ بهذا المخوف
وكذاك الزجاج إن قابلته ال / شمس جاءت من لونه بصنوف
وشخوص المرآة عبرة مثلي / وظلال الأراك داني القطوف
قمر وهي في الحقيقة شمس / نوره من ضيائها مستوفي
كل شيء قلْ هالكٌ صاحِ إلا / وجهه راغماً جميع الأنوف
أصدق الشعر قلْ ألا كلُّ شيءٍ / ما خلا الله باطلٌ قولَ صوفي
وكذاك الإجماع ليس لشيء / أثر في شيء سوى المعروف
خذ بطبق الكتاب والسنة الغر / راء واتبع إجماع تلك الألوف
واقتحم معرك الحقيقة واضرب / في جيوش العدى بحد السيوف
واخرق الحجب واسحق الكون وامحق / أو تردد بين الرجا والخوف
وتحقق بالمظهرين وكن في ال / حالتين الشجاع بين الصفوف
كن فتى رقَّ فاسترقَّ المعاني / ثم صافي ذات الستور فصوفي
كنت بالأمس عند نفسي كثيفا
كنت بالأمس عند نفسي كثيفا / وأنا الآن صرت شيئاً لطيفا
خف جسمي وخفت الروح مني / فوجدت الصخر الثقيل خفيفا
وبدت هكذا العوالم عندي / كلها تالداً لها وطريفا
فاعجبوا يا عقول من وصف أمري / لطَّفتي معارفي تلطيفا
ولقد صرت واحداً وكثيراً / ولقد جئت بالجميع لفيفا
صبغة الله وهي خلق وأمر / ألفت فرقة الورى تأليفا
كالمعاني تلوح في كلمات / لعقول نوت لها تعريفا
والذي قام بالجميع بعيد / وقريب لا يقبل التكييفا
جل وجه رأيته فمحاني / نوره الحق إذ إليه أضيفا
رتب في وجوده نحن عنه / قد ظهرنا به له توصيفا
معه ما لنا وجود لأنا / قد وجدنا به إذا الجهل عيفا
وهي ذكري أئمة الحق يجرو / ن قوياً في شأوها وضعيفا
بهجة النور بعد وقت الكسوفِ
بهجة النور بعد وقت الكسوفِ / فتعجب لواصف موصوفِ
حرفوه فصححوه جهاراً / وهو صف في عين كل الصفوف
فقده وجده بعزة ذات / طبعه خارج عن المألوف
حرف لفظ وحرف رقم وحفظ / وحروف تألفت بحروف
كل من باعه به يشتريه / واحد وهو ألف ألف ألوف
أنا بالله عارفُ
أنا بالله عارفُ / ومن البحر غارفُ
بحر علم مقدس / منه تبدو المعارف
سفن كلنا به / طاف فيهن طائف
يا أماناً لكل من / منه قد خاف خائف
كن أماناً لجملتي / حيث تبدو المخاوف
وتلطف ودلني / بك إني المؤالف
لا تكلني إلى السوى / فالسوى أنت كاشف
كل من كان معرضاً / عنك فهو المخالف
أنت لا نحن كلنا / نحن ما أنت قاذف
يقذف الله قلت بال / حق وهي اللطائف
يا أخلايَ وافقوا / أمركم لا تخالفوا
واحذروا أن تغركم / بفلاها التنائف
كم نفوس تحيرت / ودهتها الكثائف
وإلى الحق ما اهتدت / وبها العقل واقف
ماء حق صفا ولا / شيء فيه يخالف
كدر كلنا به / فليزلنا المكاشف
بالصفا والوفا ولا / عنه يصرفه صارف
إنما الحق غيبنا / حارفي الوصف واصف
أعط طرفا له وللكون طرفا
أعط طرفا له وللكون طرفا / تلقَ في الكون أقحواناً وطرفا
لك عينان عين غيب تراه / وتراه الأخرى فتصرف صرفا
أنا عبد الغني لمعة برق / بعدها لمحة تلوح وتخفى
هكذا دائماً لأنيَ روح / نفخُ أمرٍ من الإله مصفى
ظاهر في كثيف جسم تجلّى / فيه روح وهو اللطيف الموفَّى
كل شيء مثلي كثيف لطيف / وإذا ما عرفت زادك لطفا
فاترك الكل عنك وانظر إليه / بالوجود الحق الذي فيك يلفى
تعرف الكل بالوجود جهاراً / فهو أعلى منهم وأجلى وأكفى
يا ابن ودي هي الحقيقة أمر / واحد صار ذلك الأمر ألفا
بظهور في كل شيء مراد / للإله الذي تحققت كشفا
ظاهرا ذاك لا يزال ولكن / شمسه قد كشفتها عنك كسفا
صحن صحناء واسع الأطرافِ
صحن صحناء واسع الأطرافِ / وهو صحن لذي التقى والعفافِ
حضرة للذي تولى عليها / وهي أبهى منازل الأشراف
من دعانا لها يجل مقاماً / فاضل الذات كامل الأوصاف
مشرفاتٌ جهاتها بسناها / خالص الود صادق الحب صافي
صدره واسع لمن جاء يسعى / لحماه من سائر الأضياف
لا يزال الكمال يقطر منه / نوره في سمائه غير خاف
وهو شهم مهذب يتسامى / كل وقت عن كل شيء منافي
وله من عناية الله باع / طال فوق الرؤوس والأكتاف
وإذا ذات كل شيء تبدت
وإذا ذات كل شيء تبدت / عنده حقق التقرب وصفَهْ
لحمى ذلك الغزال شهود / يحرسون الذي يحاول خطفَهْ
وهو إنساننا وحيوان قوم / وجنين من قبل ذاك ونطفه
صدق الشرع فاعل وهو فعل / فتأمل وللتحقق عطفه
كل شيء لنا على التحقيقِ
كل شيء لنا على التحقيقِ / من عدو مخالف وصديقِ
ومضر ونافع وهو إما / خادم حال وسعة أو ضيق
حكم كلها جميع أموري / وأمور الورى بحكم دقيق
يا ابن ودي هي الشئون تجلت / فتحلت بها صفات رفيقي
تقتضي دورة الشقاء لقوم / ولقوم سعادة التوفيق
طبق ما يعلم الإله قديماً / نفسه في نفوس كل فريق
حيرة بل هداية أنتجتها / صبغة الغيب عند أهل الطريق
فاعلمونا أو فاجهلونا هنا لا / جهل والكل علم حق حقيقي
هو جمع وإن تفرق قومي / فأنا لا أقول بالتفريق
يا لأمر مقدس غاب عنا / يقذف الخلق من مكان سحيق
نتفانى به فنفنى فنبقى / منه نشتمُّ طيب مسكٍ فتيق
قيدتنا التوجهات علينا / منه كيف اقتضت بحكم طليق
وهدانا إليه برق التجلي / في دياجي إمكاننا بالبريق
فشربنا هواه ممن وجدنا / عنده بالدنان والإبريق
وأقمنا على المحبة نلقى ال / غير عنها بحفظ عهد وثيق
كيف يا قوم يوصف المخلوقُ
كيف يا قوم يوصف المخلوقُ / بوجود وأصله ممحوقُ
عدم كله وقد قدَّرته / أزلاً قدرةٌ عليه تحوق
فهو شأن مقدر من قديم / لم يكن للوجود فيه طريق
ولقد جاءت النصوص بهذا / في كتاب وسنة ذا مسوق
وإذا كان هكذا الأمر قل لي / كيف وصف الوجود فيه يليق
والذي بالوجود يوصف ماذا / أين يا عقل أنت والتحقيق
فإذا الخلق قيل نفس وجود / لا بوصف الوجود ذا مرموق
قلت إن الوجود في كل شيء / واحد كلهم به مطروق
طبق ما قيل أنه هو جنس / وهو للإشتراك فيه يسوق
وَلْيَكُ الفرق ظاهراً بذوات / وشخوص سوى الوجود تروق
وإذا كانت الذوات وجوداً / وكذاك الشخوص زالت فروق
وغدا الكل واحداً ومحال / ذاك في العقل ليس فيه وثوق
فافهموا يا عقول ذا القول وادروا / وادركوا ما ترونه واستفيقوا
أهملوني من جهلهم بي وهذا
أهملوني من جهلهم بي وهذا / وصف قومي ما بينهم متناسق
وهو إهمال ربهم لهمو فل / يستعيذوا بالله من شرِّ غاسق
وأنا ناظر لهم فكأني / مصحف قد أقيم في بيت فاسق

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025