المجموع : 199
أيها الطلعة التي أخذتنا
أيها الطلعة التي أخذتنا /
بسناها عنا وقد أعدمتنا /
ثم لما معارج القرب فتنا /
قبضة النور من قديم أرتنا / في جميع الشئون قبضاً وبسطا
قد ورثنا الكمال جداً فجدا /
وبنا الشوق للأحبة جدا /
إن من أسفرت هي الفرع حدا /
وهي أصلٌ لكل أصلٍ تبدى / بسطت فضلها على الكون بسطا
من رآها فعن سواها لقد عف /
وبها جسمه غداة الهوى خف /
فهو عنها بلطفه في الورى شف /
وهي وترٌ قد أظهرت عدد الشف / ع بعلم فجلّ حصراً وضبطا
هي روح قريرة العين شكلا /
نحن صرنا لها شراباً وأكلا /
سرها بالغذا لنا هوَ يكلا /
ولدت شكلها فأنتج شكلا / بشرياً أقام للعدل قسطا
نحن في الغيب لم نزل في يديها /
ونراها إذ أظهرتنا عليها /
كل قلب لها يشاق إليها /
وهو عبد قد حررته لديها / بيديها وكم أفاض وأعطى
إنني للمنى لها مستحق /
وفؤادي فيما ادعاه محق /
أي عبد حواه سحق ومحق /
حققته بحقها فهو حق / جاء بالحق ينظم الخلق سمطا
كل شيء له من الغيب سر /
بتجليه للقلوب مسر /
والذي يدريك الحقائق حر /
لنقوش النفوس حقق والرو / ح أرته في اللوح شكلاً ونقطا
أيها القلب في بيوت الهدى قر /
وإلى الله من سواه به فر /
حضرة الروح ليس يعرفها الغر /
عالمٌ منه آدمٌ علِمَ السر / ر وعلْمَ الأشياء رسماً وخطا
هي أضحى بها العليم جهولا /
حين وافت تجر فينا الذيولا /
وهي إن رمت منصفاً أن تقولا /
هي ناسوت أنسنا والهيولا / شمس سر العروس بكرٍ وشمطا
سر أمر يعزى الجميع إليه /
وقلوب الأنام طوع يديه /
كلنا كالجفون من عينه /
طلسم حارت العقول عليه / كنزُ بحرٍ قد شط في الدرك شطا
نحن قوم إلى مجاليه هدنا /
ومعانيه ساعة ما فقدنا /
نتملى به متى ما أردنا /
إن شهدناه في الجمال شهدنا / لجميل غدا له الحسن مرطا
جل وجه به تجلى علينا /
ففقدنا بنوره ما لدينا /
إن شهدناه بالجمال اكتفينا /
أو نظرناه في الجلال رأينا / أسداً فاتكاً من الأُسْدِ أسطى
طلعة للذي تريد أعانت /
ولأهل السوى بجهل أهانت /
ولها فوق كل شيء أبانت /
تاج فضل له الجحاجح دانت / وإليه رأس المفاخر وطَّى
يا وحيد الوجود لا زال عنه /
يظهر الكون ما له فيه كنه /
والهدى والظلال قل من لدنه /
كل شيء معناه والكل منه / وعليه مبناه ماختلَّ شرطا
جهله في القيود للعقل مسجن /
وتجليه للأحبة مشجن /
ليس في الإنس علمه لا ولا الجن /
واحد الشخص وهو مختلف الجن / س يقينا من أنكر الحال أخطا
إن ترده فكن عن الكون زاهد /
ولكم مات في هواه مجاهد /
وإذا رمت أن ترى منه شاهد /
فتفهم تعلم وجاهد تشاهد / يا مريدي ومن مزيديَ تُعطى
إن هذا النظام ألطف جسم /
والذي قد سما بذات ورسم /
حيث كنَّى فقال في حسن وسم /
وأنا عاجز محمد إسمي / لأجل الأنام قد صرت سبطا
وأنا العبد للغني بقربي /
من سليل الصديق فقت بشربي /
واثقا بالنبي أفضل عرْب /
فعليه صلى وسلم ربي / مع صحب والآل من جل رهطا
لبسنتني مليحة الغيب مِرطا
لبسنتني مليحة الغيب مِرطا / وبها قد تعلق القلب قرطا
ذات وجه يلوح من خلف ستر ال / شيء فهو المكشوف وهو المغطّى
حسنه أدهش العقول فحارت / أخذ الكل بالظهور وأعطى
يتجلى وتارة يتحلى / فنرى في الوجود قبضاً وبسطا
نظم العالمين عقدَ لآل / أمره لا يزال للعقد سمطا
من رآه أصاب فيما رآه / والذي قد رأى السوى فيه أخطا
هو شمس وما سواه ظلال / وهو بدر لظلمة الغير غطى
أحكم الأمر فهو بالحكم باد / في جميع الشئون حَلاً وربطا
يا قريب اللقا بعيد التجافي / لِمْ توافي رهطاً وتهجر رهطا
نحن هدنا إليك ممن سواك ال / آن فاجعل لنا من الأمر قسطا
وتدارك نواظراً وقلوباً / أعجمتها الأوهام شكلاً ونقطا
إنما أنت أنت والحكم شيء / منك وهو الجميع عدَّاً وضبطا
دخل القلب دير عشق سُليمى / يحتسي من لقائها الإسفنطا
فرأى ثم نسوةً طالعات / من بحار الجمال يسكنَّ شطا
ناظرات من الظبا بعيون / ناعسات من البواتر أسطى
في قدود كأنهن رماح / جعلت قتل من بها هام شرطا
كل هيفاء ينفخ الطيب منها / كيف كانت تجول رفعاً وحطا
أمر الله أن تطاع بحسن / راسم بالغرام في القلب خطا
بدر تمٍّ على قضيبٍ تثنّى / في كثيبٍ بها عن المشي أبطا
هي شمس الضحى وبدر الدياجي / قد فنينا بها رضاء وسخطا
ثغرها بث عن صحيح البخاري / وأنا مسلم وقلبي موطَّا
إن عبد الغنيْ لها الآن اسمٌ / لقطته حواضنُ الكون لقطا
فهي طيف الخيال في نور طه / سيد الرسل كاشط السر كشطا
فعليه الصلاة منه وآل / وصحاب ما الريح صافح خمطا
أو تغنَّى على الأراك حمامٌ / وسرى بارقُ الحمى يتمطَّى
طاء طيب الطباع في الأقساطِ
طاء طيب الطباع في الأقساطِ / طهرتني للمشي فوق البساطِ
وجعلنا نوراً لها هو يمشي / صار في ناسه به بانضباط
والذي يعرف الموازين يدري / كيف يمشي على متون الصراط
طيبة فاحت الروائح منها / فهي كالبحر والتغاير شاطي
والذي ينشق المعارف يحظى / بأواني مملوءة وبواطي
طعم هذا حلو وذا غير حلو / وهي تسقي بصيِّبٍ غير خاطي
نحن عن شمس أمره كالشعاعِ
نحن عن شمس أمره كالشعاعِ / بافتراق في سرعة واجتماعِ
يتجلى بنا فنعرف منه / ما عرفنا منا بغير نزاع
وهو في أكمل الدنو إلينا / وهو عنا في غاية الإرتفاع
قربنا منه كلما كان شبراً / كان قرب منه لنا كذراع
ثم قرب الذراع إن كان منا / فلنا منه كان قرب الباع
هكذا أخبر المبلغ عنه / بانكشاف من وحيه واطِّلاع
يا بني قومنا السراة إليه / بنفوس إلى لقاه جياع
وعيون إذا الظلام أتاها / شخصت نحو برقه اللماع
ههنا مغرم به قذفته / عنه أشواقه لخير بقاع
بقعة النفس فهو دار حبيب ال / قلب مفروشة بحسن الطباع
فرأى الباب مقفلاً فأتاه ال / فتح منه بالذلِّ والإتضاع
ومشى عنه فيه يقصد ذاتاً / هي ملء العيون والأسماع
فتعالت عليه حتى تدانى / سامعاً من جهاتها صوت داع
وبها خاض دونها بحر نور / ما له ساحلٌ بغير شراع
وسطا سطوة الشجاع وهل يق / تحم المعركات غير الشجاع
ثم أضحى من بعد ذاك وهذا / مثل ما كان أسر أمر مطاع
فهو ما تطلبونه وهو أيضاً / ما تركتم له حذار خداع
عظم الأمر ثم زا التباساً / عند من لم يكن عن الحق واعي
فانقلوا قصة المحبة عني / يا نداماي وافهموا أوضاعي
هو هذا الذي ترون ولكن / نملنا فيه عندكم كالسباع
قد تبدّى فأين أهل الترائي / وتغنّى فأين أهل السماع
صبغة الله بالوجود أجادت / صنعة الإبتداع والإختراع
هوْ شراب وما سواه سراب / شربه للشفا من الأوجاع
خَصَّ قوماً به وباعد قوماً / ليس يوم اللقا كيوم الوداع
نشأة الروح بالغروب الطلوعِ
نشأة الروح بالغروب الطلوعِ / مثل برق على الطلوع لموعِ
صادر عن توجه الأمر فيه / أمر حق منجَّزٍ مقطوعِ
وبه جسم كل حي وميت / دائماً في تكوُّنٍ مطبوعِ
وتأمل هنا أنابيب ماء / جاريات أو التهاب الشموعِ
وردة كالدهان ذات بطون / وظهور مع الأصول الفروع
قائم كل ذا بأسماء ذات / تتعالى عن مدركات الجموع
ذات حق ما ثم في الكون إلا / هي والكون بالتجدد روعي
هي ذاتٌ لها صفاتٌ وأفعا / ل ولا غير عند أهل الخشوع
فلهذا نقول نحن بأنا / هي أي عين فعلها المجموع
لا بأنا أيْ ذاتها إذ جنونٌ / عينُ هذا المقال للمخدوع
وإذا كان فعلها مثل برق / لامع في صدورها والرجوع
ما له في العيان قط وقوفٌ / صح أنا هي استمع مسموعي
ولهذا حقيقتي همت فيها / قال شيخي وما رآها ولوعي
فأنا كالمجاز عنها وقالوا / صح نفي المجاز عند الخضوع
ما اصطكاك الأجرام عند السماعِ
ما اصطكاك الأجرام عند السماعِ / عبث فليعي كلامي واعي
ولهذا قال الإله تعيها / إذنٌ قد وعت بقصد انتفاع
رنة بعد رنة بعد أخرى / صور تنجلي على الأسماع
يدرك الغافل الظواهر منها / والفهيم الذي له طول باع
وله الإعتبار في كل شيء / قرب شبر له وقرب ذراع
سامع كله بروح شريف / لا بإذنٍ للنفس ذات النزاع
يترقى به المريد علوماً / من دعاوى الهوى وحكم الطباع
قد أفادته طاعة الله هذا / بكمال اقتدا وحسن اتِّباع
مقتف أثر سنة وكتاب / فعل أسلافه أولى الإجماع
هذه حالنا وحال شيوخ / قد دعانا منهم على الغيب داعي
إن شمسي من طاقتي في طلوعِ
إن شمسي من طاقتي في طلوعِ / كل وقت قد أعدمت مجموعي
وهي أيضا من كل طاقة عبد / تتجلي كمثل برق لموع
قف بنا ساعة رويدك يا من / هو بي سائر بغير رجوع
وتعطف على ذواتٍ سكارى / بك ما بين يقظة وهجوع
يترجّون نظرة تحتويهم / بكمال السجود بعد الركوع
ثم سقهم إلى حماك قبولا / واسقهم منك رائق الينبوع
يا حبيب القلوب أشكوك مني / شغفاً في فؤاديَ الموجوع
أعطشتنا الأغيار فاصبغ دجاها / بشعاع من نور تلك الشموع
إننا عصبة أتيناك أسرى / وجهِك الحقِّ بالجوى والولوع
نقتفي أثْرَ من مضى فعسى أن / يهتدي بالأصول قلب الفروع
يا ابنة الحي إنني لك جارٌ / وربوعي بقرب تلك الربوع
رحمة لا أقلَّ من نظرات / تمنحينا من الجمال المنوع
إنني ههنا طريح ديار / قفرة في مذلة وخضوع
كلما قلت لي دنا وصل ليلى / كان هذا دنو طيف هجوع
حرف عين العمى إلى النور داعي
حرف عين العمى إلى النور داعي / وله صولة بأمر مطاع
هو هذا به وما هو هذا / قاطع للرجا وللأطماع
ها بلا ها وها هو الشان دان / وبعيد في عالم الإختراع
عاين الكل منه ما عاينوه / وهو في غاية من الإرتفاع
بانحراف الشئون عنه تبدى / فهو يتلى بألسن الأسماع
نفحة في رياض أوج التجلي / ما وعاه سواه في الغيب واعي
إن شمسي من طاقتي في طلوعِ
إن شمسي من طاقتي في طلوعِ / كل وقت قد أعدمت مجموعي
وهي أيضاً من كل طاقة شيءٍ / تتجلى به كبرق لموع
كل شيء فانٍ بها وهي حقٌّ / ظاهر لا سواه في المسموع
يا ابن قومي أهل الفهوم ويا من / يتوخى شروعه كشروعي
خذ كلامي وحقق القول منه / لا تكن أنت عنه بالمخدوع
لم يزل آدم وآدم مخلو / ق على صورة الإله خضوعي
صورة الله كل أوصافه مع / كل أسمائه على المشروع
وهي وهو الإله فرد حقيقيْ / ليس فيه تعدد للجموع
وعليه قد كان آدم ستراً / حاجباً في أصوله والفروع
فاعرف الستر وهو أنت وحاذر / ما ورا عين سترك الممنوع
إن روحي بجسمها مصبوغَهْ
إن روحي بجسمها مصبوغَهْ / وهي في قالب به مفروغَهْ
كل جسم كذاك صبغة روح / عند تحقيق ذي الكمال بلوغَهْ
يا لغيب محقق وهو حق / ليس عنه لعاقل زيغوغَهْ
عرفته العقولُ وهو خفي / حيث صارت بحكمه ممضوغه
لكن الكشف لا يكون إذا لم / يألف العقل عن سواه فروغه
وإذا لم يجد من الكون أصلاً / كل فرع منه أسال صموغه
دمغت حجة الإله علينا / فغدت كل حجة مدموغه
حيث مصنوعة به هي كانت / وهي مخلوقة لنا ومصوغه
يطلع العقل إن أراد على ما / شاء أو شاء كف عنه بزوغه
ليس إلا التسليم للعقل يبقى / سبباً للنجاة فاترك هبوغه
تعس الكلب ما على الله حكم / لمتى في الشكوك يبدي ولوغه
إنما الحكم منه في كل شيء / وجميع الأشيا به ملدوغه
قف على أيمن الحمى كوقوفي
قف على أيمن الحمى كوقوفي / وتأمل بطرفك المطروفِ
كسفت بالظهور شمسي فما كا / نت صلاتي إلا صلاة الكسوف
ثم لما انجلت رأيت خضوعي / لي وشاهدت واصفي موصوفي
وانمحت في الوجود نقطة عيني / إنها لم تكن سوى مالوفي
شق فجري فقمت حتى أصلي / قيل لي فانتظر أذان الصروف
فسمعت الصلاة خير من النو / م ينادي بها بلالي بجوفي
هو صلَّى إليَّ لا أنا صلَّيْ / تُ إليه واذكر صلاةَ الخسوف
يا خليليَّ بالأجارع حطّا / فعسى ربة الستائر توفي
وقفا بي على معالم سلع / فالنقى فالعقيق طاب وقوفي
شمتُ من أيمن المنازل برقاً / لامعاً في وجودي المخطوف
وتغنت على أراكة كوني / ذات طوق بلحنها الموصوف
فهي طوراً كاسي وطرواً نديمي / كل مصغٍ لها من الداء عوفي
حبسوها لما استطابوا غناها / إنما الظرف طاب بالمظروف
هي محبوبتي لدي وعندي / ومعي وهي واحدي وألوفي
وهي عيني إذا بدت وهي غيري / حين تخفى فائْمَنْ بهذا المخوف
وكذاك الزجاج إن قابلته ال / شمس جاءت من لونه بصنوف
وشخوص المرآة عبرة مثلي / وظلال الأراك داني القطوف
قمر وهي في الحقيقة شمس / نوره من ضيائها مستوفي
كل شيء قلْ هالكٌ صاحِ إلا / وجهه راغماً جميع الأنوف
أصدق الشعر قلْ ألا كلُّ شيءٍ / ما خلا الله باطلٌ قولَ صوفي
وكذاك الإجماع ليس لشيء / أثر في شيء سوى المعروف
خذ بطبق الكتاب والسنة الغر / راء واتبع إجماع تلك الألوف
واقتحم معرك الحقيقة واضرب / في جيوش العدى بحد السيوف
واخرق الحجب واسحق الكون وامحق / أو تردد بين الرجا والخوف
وتحقق بالمظهرين وكن في ال / حالتين الشجاع بين الصفوف
كن فتى رقَّ فاسترقَّ المعاني / ثم صافي ذات الستور فصوفي
كنت بالأمس عند نفسي كثيفا
كنت بالأمس عند نفسي كثيفا / وأنا الآن صرت شيئاً لطيفا
خف جسمي وخفت الروح مني / فوجدت الصخر الثقيل خفيفا
وبدت هكذا العوالم عندي / كلها تالداً لها وطريفا
فاعجبوا يا عقول من وصف أمري / لطَّفتي معارفي تلطيفا
ولقد صرت واحداً وكثيراً / ولقد جئت بالجميع لفيفا
صبغة الله وهي خلق وأمر / ألفت فرقة الورى تأليفا
كالمعاني تلوح في كلمات / لعقول نوت لها تعريفا
والذي قام بالجميع بعيد / وقريب لا يقبل التكييفا
جل وجه رأيته فمحاني / نوره الحق إذ إليه أضيفا
رتب في وجوده نحن عنه / قد ظهرنا به له توصيفا
معه ما لنا وجود لأنا / قد وجدنا به إذا الجهل عيفا
وهي ذكري أئمة الحق يجرو / ن قوياً في شأوها وضعيفا
بهجة النور بعد وقت الكسوفِ
بهجة النور بعد وقت الكسوفِ / فتعجب لواصف موصوفِ
حرفوه فصححوه جهاراً / وهو صف في عين كل الصفوف
فقده وجده بعزة ذات / طبعه خارج عن المألوف
حرف لفظ وحرف رقم وحفظ / وحروف تألفت بحروف
كل من باعه به يشتريه / واحد وهو ألف ألف ألوف
أنا بالله عارفُ
أنا بالله عارفُ / ومن البحر غارفُ
بحر علم مقدس / منه تبدو المعارف
سفن كلنا به / طاف فيهن طائف
يا أماناً لكل من / منه قد خاف خائف
كن أماناً لجملتي / حيث تبدو المخاوف
وتلطف ودلني / بك إني المؤالف
لا تكلني إلى السوى / فالسوى أنت كاشف
كل من كان معرضاً / عنك فهو المخالف
أنت لا نحن كلنا / نحن ما أنت قاذف
يقذف الله قلت بال / حق وهي اللطائف
يا أخلايَ وافقوا / أمركم لا تخالفوا
واحذروا أن تغركم / بفلاها التنائف
كم نفوس تحيرت / ودهتها الكثائف
وإلى الحق ما اهتدت / وبها العقل واقف
ماء حق صفا ولا / شيء فيه يخالف
كدر كلنا به / فليزلنا المكاشف
بالصفا والوفا ولا / عنه يصرفه صارف
إنما الحق غيبنا / حارفي الوصف واصف
أعط طرفا له وللكون طرفا
أعط طرفا له وللكون طرفا / تلقَ في الكون أقحواناً وطرفا
لك عينان عين غيب تراه / وتراه الأخرى فتصرف صرفا
أنا عبد الغني لمعة برق / بعدها لمحة تلوح وتخفى
هكذا دائماً لأنيَ روح / نفخُ أمرٍ من الإله مصفى
ظاهر في كثيف جسم تجلّى / فيه روح وهو اللطيف الموفَّى
كل شيء مثلي كثيف لطيف / وإذا ما عرفت زادك لطفا
فاترك الكل عنك وانظر إليه / بالوجود الحق الذي فيك يلفى
تعرف الكل بالوجود جهاراً / فهو أعلى منهم وأجلى وأكفى
يا ابن ودي هي الحقيقة أمر / واحد صار ذلك الأمر ألفا
بظهور في كل شيء مراد / للإله الذي تحققت كشفا
ظاهرا ذاك لا يزال ولكن / شمسه قد كشفتها عنك كسفا
صحن صحناء واسع الأطرافِ
صحن صحناء واسع الأطرافِ / وهو صحن لذي التقى والعفافِ
حضرة للذي تولى عليها / وهي أبهى منازل الأشراف
من دعانا لها يجل مقاماً / فاضل الذات كامل الأوصاف
مشرفاتٌ جهاتها بسناها / خالص الود صادق الحب صافي
صدره واسع لمن جاء يسعى / لحماه من سائر الأضياف
لا يزال الكمال يقطر منه / نوره في سمائه غير خاف
وهو شهم مهذب يتسامى / كل وقت عن كل شيء منافي
وله من عناية الله باع / طال فوق الرؤوس والأكتاف
وإذا ذات كل شيء تبدت
وإذا ذات كل شيء تبدت / عنده حقق التقرب وصفَهْ
لحمى ذلك الغزال شهود / يحرسون الذي يحاول خطفَهْ
وهو إنساننا وحيوان قوم / وجنين من قبل ذاك ونطفه
صدق الشرع فاعل وهو فعل / فتأمل وللتحقق عطفه
كل شيء لنا على التحقيقِ
كل شيء لنا على التحقيقِ / من عدو مخالف وصديقِ
ومضر ونافع وهو إما / خادم حال وسعة أو ضيق
حكم كلها جميع أموري / وأمور الورى بحكم دقيق
يا ابن ودي هي الشئون تجلت / فتحلت بها صفات رفيقي
تقتضي دورة الشقاء لقوم / ولقوم سعادة التوفيق
طبق ما يعلم الإله قديماً / نفسه في نفوس كل فريق
حيرة بل هداية أنتجتها / صبغة الغيب عند أهل الطريق
فاعلمونا أو فاجهلونا هنا لا / جهل والكل علم حق حقيقي
هو جمع وإن تفرق قومي / فأنا لا أقول بالتفريق
يا لأمر مقدس غاب عنا / يقذف الخلق من مكان سحيق
نتفانى به فنفنى فنبقى / منه نشتمُّ طيب مسكٍ فتيق
قيدتنا التوجهات علينا / منه كيف اقتضت بحكم طليق
وهدانا إليه برق التجلي / في دياجي إمكاننا بالبريق
فشربنا هواه ممن وجدنا / عنده بالدنان والإبريق
وأقمنا على المحبة نلقى ال / غير عنها بحفظ عهد وثيق
كيف يا قوم يوصف المخلوقُ
كيف يا قوم يوصف المخلوقُ / بوجود وأصله ممحوقُ
عدم كله وقد قدَّرته / أزلاً قدرةٌ عليه تحوق
فهو شأن مقدر من قديم / لم يكن للوجود فيه طريق
ولقد جاءت النصوص بهذا / في كتاب وسنة ذا مسوق
وإذا كان هكذا الأمر قل لي / كيف وصف الوجود فيه يليق
والذي بالوجود يوصف ماذا / أين يا عقل أنت والتحقيق
فإذا الخلق قيل نفس وجود / لا بوصف الوجود ذا مرموق
قلت إن الوجود في كل شيء / واحد كلهم به مطروق
طبق ما قيل أنه هو جنس / وهو للإشتراك فيه يسوق
وَلْيَكُ الفرق ظاهراً بذوات / وشخوص سوى الوجود تروق
وإذا كانت الذوات وجوداً / وكذاك الشخوص زالت فروق
وغدا الكل واحداً ومحال / ذاك في العقل ليس فيه وثوق
فافهموا يا عقول ذا القول وادروا / وادركوا ما ترونه واستفيقوا
أهملوني من جهلهم بي وهذا
أهملوني من جهلهم بي وهذا / وصف قومي ما بينهم متناسق
وهو إهمال ربهم لهمو فل / يستعيذوا بالله من شرِّ غاسق
وأنا ناظر لهم فكأني / مصحف قد أقيم في بيت فاسق