المجموع : 85
حّبذا طِيبُ وقتِنا المأنوس
حّبذا طِيبُ وقتِنا المأنوس / بين شَدْوِ الغِنا وحثّ الكؤوسِ
من مُدامٍ بها يعِيش التصابي / وتُداوَى معلِّلات النفوسِ
غرُبت في الشفاهِ ماءً ولكِن / طلعت في الخدود مثلَ الشموسِ
وكأن النجوم في غَسَقِ اللي / لِ جُمَان يلوح في آبِنوسِ
نحن في روضة يقصِّر عنها
نحن في روضة يقصِّر عنها / كلُّ وصفٍ وتشتهيها النفوسُ
بين وردٍ وسوسَنٍ وبَهَارٍ / سعودٍ قد جانبتها النحوس
وترى النرجِس الذكيّ إذا ما / حرّكته الرياح وهو يمِيسُ
كعَذَارَى تخالهنّ سُكَارى / يتعانقن والوجوه شموس
قُضُب من زُمُرّدٍ حامِلاتٌ / فضة فوقها اللُجَين كؤوس
ولنا قهوة كلونِ خدودٍ / ناعماتٍ قد شفّهنّ البوس
رِيحها ريح عنبرِ الشحر لما / أَحكمتها وعتَّقتها المجوسُ
قد دعانا إلى الصِبَا الناقوسُ
قد دعانا إلى الصِبَا الناقوسُ / حين حنَّتْ إلى الصَبُوحِ النفُوسُ
ونسِم الهواءِ قد رَقَّ حتى / كاد يخفَى نهوضه المحسوس
وكأنّ الصباح والليل لمّا / أَسفر الفجرُ أسْعُدٌ ونحوس
حبّذا الراح كلَّما شيَّع الرا / حَ بألفاظِهِ الغزالُ الأنيس
فاستَحثّ الكؤوسَ وهي صباح / وسقانا المدام وهي شموس
عَيْنَ شمس لا عاينتِك الشموس
عَيْنَ شمس لا عاينتِك الشموس / منزِل مقفر ورَبْع دَرِيس
يرجِع الطَرْفُ خاسِئاً وحسِيرا / وتقاسِي الكروبَ فيه النفوسُ
عسكرت فِيهِ للأفاعِي جيوش / وثوى للذئابِ فيه خَميسُ
فهو عار إلا مِن الشؤمِ والشر / ر فلا حلَّ أرضَه التقدِيس
آهِ مِن منزِلٍ طوى إِيناسَهْ
آهِ مِن منزِلٍ طوى إِيناسَهْ / وأطالت أيَّامُه إِنحاسَهْ
كالح الأرضِ خافِتِ الريح جَهْم الن / نبتِ لم تُنْطِقِ النوى إخراسه
كيف أَستعمِل الطلاقة ما بي / ن ربوعٍ أسماؤها العبَّاسه
عانقْت لامَ صُدْغها صادُ لثمي
عانقْت لامَ صُدْغها صادُ لثمي / فأرتها المرآةُ في الخد لِصّا
فاسترابت بما رأت ثم قالت / أكتابا أرى ولم اَرَ شخصا
ودَعَتْني لمحوِه فتمكَّن / ت من الوجنتين لَمْساً وقرصا
ثم قالت ألا امْحُهُ محو من يج / هد في محوِه ومن يتقصّى
قلت بالقشط يمَّحِي قالت اقشط / بالثنايا وأتْبع القشط مَصّا
قلت إن الذي أمرتِ به فر / ضٌ علينا مؤكّد ليس يُعصى
ورأت إثر ما محوت فقالت / كان لصّا فصار والله فَصّا
قلت إن الفصوص تطبع باللّث / م على خدِّ كلُِّ من كان رَخْصا
يا غزالاً إذا شَكَوْ
يا غزالاً إذا شَكَوْ / تُ إليه تَصَلّفا
وإذا رُمْتُ وصلَه / صَدَّ عنّي وسَوَّفا
وهو من بَعْدِ ذا يَسُلْ / لُ بعَيْنيه مُرْهفا
ليته جاد لِي الغَدا / ةَ بوعدٍ وأَخْلَفا
ما محا الذنبَ عن ذوي الاقترافِ
ما محا الذنبَ عن ذوي الاقترافِ / قَطُّ كالاعتذار والاِعترافِ
قد قبِلْنا اعتذارَك المحضَ لمّا / جِئْتَ مُسْتَجْدِياً لعَفْوٍ معافِ
وصَفَحْنا عن زَلَّةٍ لم تكنْ مِن / كَ مُراداً ولا أَتَت عن خِلافِ
إن عِلمِي بمحض وُدِّك مُغْنٍ / لك عِندي عن اعتِذارك كافِ
غَيرَ أَن اللبِيبَ من لم يَنَمْ عن / شُبُهاتِ الأُمورِ والاختلاف
حُكْمُ من قَدَّم النباهةَ أن يَغْ / دو برأْيٍ جَزْلٍ وفِكرٍ صافِ
لو أتى الذنْبُ منك في غيرِ سهوٍ / لقبِلنا الإنصاف والانتصافِ
قد علمنا بأنّك المخلِصُ الحا / فظ لِلغيبِ والولِيُّ المصافي
لك عندي فقَرَّ عينا من المُكْ / نَة ما لا تُحْصِيه مِنّي القوافي
ليس نصرِي لك الغداةَ بِنَاءٍ / عنك منّي ولا حِفاظِي بعافِ
كم سَقَينا عِداك عِنْدَ الإمام ال / عَدْلِ إذ فَنَّدُوا بِسُمّ ذعافِ
وكَسَوْنا رِيشاً جناحَيْك لمّا / عِريا مِن قوادمٍ وخوافِ
وأَنا في الجميلِ عنك لنفسِي / شاكرٌ حامدٌ وجازٍ مُكافِ
إنّني ناظرٌ إليك بعَيْنَيْ / مَنْ صَفَا وُدُّهُ صفاءَ السُّلافِ
ومُراعٍ لحُسْنِ حالك حتّى / لا أرى غَرْسَها سريعَ الجفافِ
هَزَّني للصَّبوحِ صُبْحٌ تَبَدَّى
هَزَّني للصَّبوحِ صُبْحٌ تَبَدَّى / مِن خِلال الدّجى كَغُرَّةِ طِرْف
ونَسِيمٌ مُضَمّخٌ بعَبِير الرْ / روضِ يُحْيي من الخُمارِ ويشفِي
خَذلته القُوَى وحَرّكَهُ الجَوْ / وُ بِلينٍ من الهواءِ ولطف
فهو بَرْدٌ على جَوَى كلِّ قلبٍ / وعبِيرٌ يفوح في كل أَنْفِ
كلّما هبّ هبّ فينا نشاطٌ / وارتياحٌ لكلِّ عَزْفٍ وقَصْفِ
وكأَن الهلال في الغَرْبِ يَحكي / مُتَوَفَّى دعا به المُتَوفِّى
وكأنّ السحابَ إذ نثر القَط / ر محِبّ يبكِي على بَيْن إلف
فاسقياني فقد تكامل حسن ال / يوم يا صاحِبَيَّ في كلِّ وصفِ
وأدِيرا المُدَام صِرْفا وإلاّ / فاسقِياني إن شئتما غَيْرَ صِرفِ
في كؤوسٍ تكاد تُخْطِئها الأع / ين لُطْفا من رِقَّةِ الْمُسْتَشَفِّ
حاملاتٍ من المدامةِ سِراً / دقّ عن حِسِّ كل سمعٍ وطرف
إن تشفِّيت من زماني شفيت الن / نفسَ فيه والله لِي بالتَشفّي
ربَّما اسْتَبْعَد المؤمِّل أمراً / وهو مِن قربِه كأخذٍ بكفِّ
أنا باللهِ واثقٌ وَهْوَ بي أَع / لم منّي بما أُحب وأُخفي
لما أمت إِذْ بعدتَ عند انطلاقِكْ
لما أمت إِذْ بعدتَ عند انطلاقِكْ / إنني لست مُدْنَفاً لِفِراقِكْ
غير أنّ الحِمَامَ يا مُهْجَتِي لم / يَسْتَطِعْ أن يَفُكَّني من وَثاقك
قاسَمَتْني النّوى وصالكَ حتّى / لكأنّ الفراقَ مِن عُشّاقك
وأرى البين واهِباً حُسْنَ عَيْنَيْ / ك لِوَشْكِ النّوى وطِيب عناقِكْ
كيف صبري وقد غدوتُ بأرضٍ / لا أرى فوقَها سنا إشراقِكْ
يومُنا ليّن الحواشِي رقيق
يومُنا ليّن الحواشِي رقيق / ليس فيه لغيرها مستفيق
جاوب الناي فيه زيراً وبَمًّا / وأطاع الصدِيق فيه الصديق
فكأنّ الغِناءَ روضةُ خَدٍّ / وضروبُ الأوتارِ فيها شقِيق
قُضِيت فِهِ كلُّ لَذَة نَفْسٍ / وانتهَتْ للحقوق فيهِ الحقوق
عِدِيني بوعد تستريح صَبابتي
عِدِيني بوعد تستريح صَبابتي / إِلَيْهِ وأرجوه وإن لم يكن حقّا
أعلّل نفسِي بانتظار وفائه / وأَشفِي به وَسْواسَ قلبي وما أَلْقَى
فإني رأيت الغيثَ يَبْعَثُ رَعْدُه / سَحَاباً وبَرْقاً ثم يتلوهما دَفْقا
وهَلْ طُرْفة أحلَى وأَلْطَفُ مَوقِعاً / مِن الوَعْدِ يُحْيي العاشِقون به العِشقا
خَدُّها روضَةٌ ولكنْ للصُّدْ
خَدُّها روضَةٌ ولكنْ للصُّدْ / غ بها عَقْرباً يَصُون الشقيقا
ما لمعشوقها شِفاءٌ سوى اللثْ / م لها والعناق حتى يُفيقا
من أعان الْهُمُوم والدهرَ وَالبَيْ
من أعان الْهُمُوم والدهرَ وَالبَيْ / نَ على نفسِهِ بحزنٍ وضيقِ
فأَنا أدفع الثلاثَة عنّي / بثلاثٍ رواتِقِ للفُتوق
والرزايا ليستْ تُداوَى بشيء / كمدام وقَينةٍ وصديقِ
فاسقِنيها على سنا وجهك الغَضْ / ضِ فإني إليه عين المشوقِ
ما ترى كيف زيّن الحسن خدّي / ك بليلٍ على بساطِ عقيقِ
من شقيقٍ مطرّزٍ بِعذارٍ / وعِذار موشّح بشقيق
إن أفاق الفؤاد منك فلا أَصْ / بَحَ مما يَسُوءه بمُفِيق
رُبَّ ليلٍ وصَلْتُه بصَبوحٍ
رُبَّ ليلٍ وصَلْتُه بصَبوحٍ / وصباحٍ وصلته بغَبوقِ
ونَعيمٍ جَذَبْتُ طِيبَ التّصابِي / فيه جَذْبَ الصّدودِ للمعشوق
وكؤوسُ المدامِ تحمل منها / نَسَمَ المِسكِ في لميع البروقِ
لا أحِبُّ الحياةَ إلا لأمري / ن مدى اللهوِ أو قضاءِ الحقوق
كيف أَسْلُو والدَّمْعُ غَيْرُ مُفيقِ
كيف أَسْلُو والدَّمْعُ غَيْرُ مُفيقِ / والأَسَى جائِلٌ مكانَ الرِّيقِ
وسقاني اجتماعُنا بِرُبا البِر / كَةِ فقد الصِّبا وفَقْدَ الرِّحيقِ
بدّلتنا بها الشَّآمَ ليالٍ / حكمت بالبِعاد والتفريق
يا زماني بِمصرَ عُدْ لِي / بين رأسِ الخليج والمعشوق
حيث تَلْقَى الصَّبا الرياضَ فَتُهْدِي / مسْكَها في ذَرى النّسيم الرٌقِيقِ
حَيّ شَرْباً تَفَرّدوا بالرّحِيق
حَيّ شَرْباً تَفَرّدوا بالرّحِيق / ونفوساً حَنَّتْ إلى المعشوق
كلَّما دارتِ المدامُ عليهمْ / سَلَكوا لِلعلوم كُلَّ طَريق
وتعاطَوا على الكؤوسِ حديثاً / مُحْكَمَ النَّصّ مُؤْنِقَ التّنْمِيقِ
سَبَقُوا كُلَّ سابِقٍ للمعالي / واستدلّوا بكل فَهْمٍ دقيق
لست أنبيك بافتِقادِي لأني
لست أنبيك بافتِقادِي لأني / شاغل مهجتي بخلقٍ سِواكا
لا ولا أنني أُفَرّغ قلبي / ساعةً يا نِزار مِن ذِكراكا
غير أَني إذا تَهَيّمني الشو / قُ طلبت الشفاءَ في رؤياكا
لا أراني الإله غَيْرَك مَوْلىً / لا ولا اجتاحني بوشكِ نواكا
أنا لو رُمت شكرَ بعضِ أيادِي / ك لأَعْيا عَلَيّ إدراك ذاكا
أَما تَرَى الرعدَ بكَى فاشْتَكَى
أَما تَرَى الرعدَ بكَى فاشْتَكَى / والبرق قد أومض فاستضحكا
فاشرب على غَيْم كَصِبْغِ الدجى / أضحكَ وجهَ الأرضَِ لمّا بكى
وقد حكَى العودُ أَنِينَ الهوى / لكِنّه جوّد فيما حكى
وانظر لماءِ النيلِ في مدّهِ / كأنما صُنْدِل أو مُسِّكا
وهاكها تشبِه فِكَر الذي / نظّمها في لفظِه أو حكى
عنّ لِي أن أُقَبِّلَكْ
عنّ لِي أن أُقَبِّلَكْ / فارضَ مِنّي بذاكَ لَكْ
ليس أَنِّي أردتُ ذا / لك عمداً لأُخْجِلَكْ
إنما لاح بدر وج / هِك عِندِي بِلا فَلَكْ
فَتَخَيَّرتُ قُبْلَةَ النْ / نورِ من ذلِك الحلك