القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 178
يا يراع الأديب غنّ لشعب
يا يراع الأديب غنّ لشعب / فتح العين منه بعد التَغاضي
للحَياة الرقيُّ في كل يوم / غرض ماجد من الأغراض
رب ذي علم قد أَصاب ثراء / بعد أَن كانَ بادي الإنفاض
وإذا سنة المعيشة شذت / فيك فالحظ فوق كل اِعتراض
ما بياض يجيء بعد سواد / كَسواد يجيء بعد بياض
أَنا أستنهض الشعوب بشعري / وَعَسى أَن يفيدها اِستنهاضي
أُمَم المشرقين منتفضات / من هوانٍ بهن أَي اِنتفاض
لا شفاء هناك إلا بعلم / فهو الطب للنفوس المراض
حفظ اللَه دولة العلم دَهراً / من زوال نخافه وانقراض
قد عرفنا بالعلم أن ذوي العل / مِ هم القائمون بالإنهاض
وَعلمنا أن الحَياة سباق / فوق أَرض من الهوى مدحاض
وَعلمنا أن الخمول طَويلاً / مرض مزمن من الأمراض
وَإِذا الامر ضاقَ يوماً تمطّى
وَإِذا الامر ضاقَ يوماً تمطّى / طالباً بعد الضيق فيه اِنفراجا
وإذا سيم الشعب يوماً هواناً / فَهو يبدي عَلى المهين اِحتجاجا
أمة تكسر الرتاج إذا ما / وَجدت دون ما تريد رتاجا
وإذا لم تُقرن بعلمٍ بَناتُ ال / عَقل منا لَم تأَتِ يوماً نتاجا
قد تقدمنا برهة ثم إنا / قد رجعنا وَراءَنا أَدراجا
رب من جاء ينظم الشعر رخواً
رب من جاء ينظم الشعر رخواً / ساقطاً حبلُ وزنه محلولُ
عكر اللفظ ما عليه صفاءٌ / تافه المعنى ما عليه قبول
يعقد العزم أن يطير مع الطي / رِ ولكن جناحه مشكول
يا مجاريَّ إن تحتي جواداً / لا تجاريه في السباق الخيول
أَدهم عنده من الليل جلد / ومن الصبح غرَّة وحجول
ليس بي في المقال عنك عياء / كيف يعيا الفصيح حين يقول
إنني والهزار فرعان من أص
إنني والهزار فرعان من أص / ل كلانا قد مارس الأشعارا
وكلانا بثَّ الصبابة إلا / أنني قد صرحت وهو أشارا
وكلانا أجاد نظم القوافي / غير أني قد فقت فيها الهزارا
فأنا أخبر الأنام بحبي / وهو بالحب يخبر الأطيارا
أنا فيه محرك ليراعى / وهو فيه يحرك المنقارا
أنا قد طرت في سماء المعاني / وهو في جو روضة قد طارا
وجناح الهزار ريش قليل / وجناحي فكري الَّذي لا يُجارى
أعشق الزُّهرَ في السماء فأشدو / وَهوَ في الأَرض يعشق الأزهارا
هو في نظمه يقلد طيراً / سبقته وإِنَّ فيَّ ابتكارا
يصف الحب وحده ثم إني / أصف الناس والهوى والديارا
وقصارى أنغامه الوجد أما / نغماتي فما لهن قُصارى
إنه شاعر يكرر ما قا / ل وإني لا أحمد التكرارا
شعره في الحياة وقف عليه / فهو إن عاش عاش أو بار بارا
وقريضي يعيش بعدي طويلاً / ويجوب البلاد والأمصارا
شاعر بالعراق ينظم شعرا
شاعر بالعراق ينظم شعرا / فيرى دون نشر ما قال عسرا
فيهادي به على البعد مصرا / حيث يَلقى الشعر المهذب نشرا
ان مصراً ريحانة الأمصار /
تبلغ النفس عند مصرَ مناها / طيَّب اللَه بالسلام ثراها
بلدة صيِّب النجاح سقاها / يجد الحرُ مأمناً في ذُراها
أنت يا مصر ملجأَ الأحرارِ /
يا ربوعَ الهوى عليك السلام / أنت للفنس مقصدٌ ومرامُ
في حماك النزيلُ ليس يضام / لأولى العلم في ذراك احترام
واعتبار في الجاه أي اعتبار /
قد رمتني الأحداث فارحم إلهي / بدواهٍ أَلممن إثر دواهي
ما لآلام روعِها من تناهي / آهِ من روعة الحوادث آهِ
إنها أذهبت جميلَ اصطباري /
ليت شعري أَحالُ همي تحول / وظلام الكروب عني يزول
ُأم كذا في الحياة كربي يطول / أنا كالسيف فيهِ بانت فلول
يعد أن سُلَّ وهو ماضي الغرار /
إنني في طبيعتي عصبيّ / ليَ حسٌّ سامٍ وقلبٌ أَبيُّ
ما تذللت منذ أني صبيّ / ليس يرضى بأسره عربيُّ
معشرَ التاء أطلقوا من إساري /
لي طبعٌ عن الإسارة ينبو / وفؤاد إلى الحضارة يصبو
ولسانٌ رطبٌ وشعرٌ عذب / وبِحارٌ غدا فخاريهِ ثلب
فاسأَلوا ان جهِلتمُ عن نجارى /
خلق الشعر لي أخاً وخدينا / فإذا ما حزنت كان حزينا
مر عمر فيه جميعاً حيينا / فاتل شعري تكسب بحالي يقينا
إن شعري مخبر عن شعارى /
كَنَسيم في آخر الليل يسري / أو كطلٍّ يَروق فوق الزهر
أنا منه إن لم يرق متبري / رققت حرقة الكآبة شعري
وكَذا النور أَصله من نار /
قد أبى الشعر أن يعيش مهانا
قد أبى الشعر أن يعيش مهانا / بعد عز أو أن يكون جبانا
هو إن سالموه نادى بسلم / وهو إن حاربوه خار الطعانا
إنه تارة يكون حماماً / يتغنى وتارة أفعوانا
وإذا ضيم عند قوم عَداهم / مبدلاً من ذاك المكان مكانا
أحسن الشعر ما يكون عن القل / بِ وآلامه لنا ترجمانا
إن أردت الغناء كان غناء / أو أردت البيان كان بيانا
إنه بلبل يغرد شجواً / جعلوا أقفاصاً له الأوزانا
يحسن الشاعر المبرز شدواً / مثلما الطير يحسن الألحانا
إن ميزان الشعر في كل قوم / مارسوه أن يجذب الإنسانا
وهو إن لم يعرب لهم عن شعور / كان ممن يقوله هذيانا
كنت مثل الهزار أَشدو بشعري
كنت مثل الهزار أَشدو بشعري / كل يوم في نبعة ذات ساق
ولقد كنت قد بنيت بجهد / لي عشاً في مجمع الأوراق
فأحال الغربان تهدم منه / ما بنته يدي بلا إشفاق
رخص الشعر في بلاد قد اِنحط / طت كما قد غلا بقطرٍ راقي
رب شعر أَنفقته في سبيل ال / حق حتى أَضر بي إنفاقي
لست بالشعر أَبتَغي لي كسباً / أَو أَداوي يوماً به إملاقي
أَيُّها الشعر أَنتَ لست متاعاً / يُشتَرى أَو يباع في الأسواق
أَنتَ في العلم بالَّذي سوف يأَتي
أَنتَ في العلم بالَّذي سوف يأَتي / يا سياسيُّ واحدُ الآحادِ
قل مَتى تنتفي الحروب الدوامي / ويشيع السلام بين العباد
بل متى تيقظ الورى من كراها / فتنام السيوف في الأغماد
قتلتنا الأَيام قتلاً ذَريعاً / وَاللَيالي لبسنَ ثوب الحداد
يلدز قد كانت أَجل بناء / شيدته ملوكُ الاستبداد
جامع للضدين من مثل بخلٍ / وندىً أَو بلادةٍ وسداد
قصر عبدالحميد هَذا ولكن / أَين تلك القصور من عهد عاد
إن تحت الرماد ناراً لو اَنَّ ال / ساسة اليوم فتشوا في الرماد
توشك النار أَن تَثور بأَيدٍ / آثماتٍ يعملن للإيقاد
فإذا شبت الملوك لظاها / أَكلتهم لَمَّاً مع الأجناد
لَيسَ يبدو من الحقيقة نورُ
لَيسَ يبدو من الحقيقة نورُ / لعيون عن حسها هي عورُ
وإذا اِسودَّت الليالي على النا / س تساوي الأعمى بها والبصير
يا سماء العراق خانتك أَقما / رٌ لليل العراق كانت تنير
اختبرت الرجال من كل صنف / فإذا الناس كافرٌ أَو شكور
ما تساوى الإنسان في كل عصر / فهو إما عبد وإما أَمير
تتوالى على الرعايا رَزايا / فتكاد السماء منها تمور
لهف نَفسي على قطيع عليه / قد سطت في الليل البهيم نمور
ربما تذهب الرَزايا خفيفا / ت وقد تعقب الأمور أمور
وإذا عمت المعارف قوماً / قل فيهم مع الزمان الشرور
ليس ثَوراتٍ ما تشاهده بل / هنّ في جلدة العراق بثور
خربت بالنيران فيه بيوت / واستجدت مكانهن القبور
أَلقوم كآبة وشقاء / ولقوم سعادة وسرور
قل لقوم قد طأطأوا بعد كبرٍ / أَين ذاكَ الهوى وَذاك الغرور
إنني في طلاب حق بلادي / لم أَرد ما أَراده الجمهور
لا تخون العقول أَصحابها في / ما تراه وقد يخون الضَمير
قيل لي قف فقلت غير ملبٍّ / أَنا إن لم أَسر فمن ذا يسير
لا أَعادَ الرحمن أَيامَ كربٍ / عشت فيها والدائرات تدور
ثقل الإثم في العراق كثيراً / فَلماذا العراق ليس يغور
بعد أَن أَبدَت السياسة في القط / رِ عياء لا ينفع التدبير
وإذا الحق لم يصن لذويه
وإذا الحق لم يصن لذويه / أخذ القوم يحدثون هياجا
إن للشعب والسياسة طب / مثلما للأفراد منه مزاجا
ساكت أَنت والأعادي تقولُ
ساكت أَنت والأعادي تقولُ / وَمضرٌّ بك السكوت الطَّويلُ
مضغتك الأفواه بالذم والثل / بِ فَلِلَّه شلوُكَ المأكول
لا دفاع عما لحوك عليه / في اِنتقاداتهم ولا تأويل
أَعياء وَلَيسَ فيك عياء / أم ذهول وَلَيسَ فيك ذهول
أَينَ ذاكَ النضال عن حرم العل / مِ وَتلك النبال تلك النصول
أَينَ ذاكَ الشعر الرقيق المنقى / أَين ذاكَ النثر النفيس الجَميل
لك في الذب من لسانك سيف / شهد اللَه أنه مصقول
وَيراع إن أحجمت في مكر / صافنات الأقلام فهو يجول
وقواف تسيل في كل واد / طفحت منها دجلة وَالنيل
لم تطأطئ إلى الشهادة رأساً / فهي منها لها عليها دَليل
سامك القوم حين سالمت خسفاً / لَيسَ يَبقى عليه إِلّا الذَليل
القوافي يا شاعر العصر فانظم / بين أَيديك واقفات مثول
إن تسالم بها فتلك أَغانٍ / أَو تحارب بها فتلك نصول
أَيُّها اللائمي على الصمت إيهاً / أَو ما قد دريت أني عليل
كَيفَ يَقوى على مناضلة الأق / ران عضو نضو وجسم نحيل
قبل عشرين حجة جاء داء / نازلاً بي وذاك ضيف ثقيل
هُوَ داء مبيته في نخاعي / إن داء النخاع داء وبيل
فَتَهاوَنَت في البدايات فيه / راجياً أن وطأه سيزول
فَمَضَت تلكم السنون ودائي / ذلك الداء نفسه لا يحول
وَتَداويت عند كل طَبيب / ونصيبي من التداوي نحول
كنت في أولي أَقاويه حتى / خار جِسمي فقلت صبراً جميل
ثم صافحته أَداريه باللي / ن كَما صافح الخليل الخليل
لا تجردني في الوَغى لقراع / فأَنا اليوم صارم مفلول
هد جِسمي وفل عزمي وحزمي / مرض مزمن وداء دخيل
بين أحناء دجلة والفرات
بين أحناء دجلة والفرات / حَييَ البؤس فوق أَرض مواتِ
بعد أن كانَت في القَديم جناناً / باسقات الأشجار مشتبكات
وَرياضاً أَنيقة وحياضاً / مترعات وأَنهراً جاريات
وَبَساتين فوقها الطير تشدو / بشجيّ الألحان والنَغمات
وَرياحين من جميع صنوف ال / زهر تُهدي روائحاً عطرات
فترى الناس ينسلون إليها / رتعاً في مروجها الخضلات
فتحيِّى وجوههم نفحات ال / طيب محمولة على النسمات
موقف لِلغَرام في كل صوب / جامع للفتيان والفتيات
ولديهِ ملاعب لظباءِ / حاليات كثيرة اللفتات
جنة عند جنة عند أُخرى / هكذا يمتددن متصلات
تَحتَوي أَنواعاً من الزهر شتّى / وتعي أصنافاً من الثمرات
ادخلوها يا أَهلها بِسَلامٍ / وكلوا ما شئتم من الطيبات
غادرتها أيدي الجهالة قفراً / بعد تلك الرياض والجنات
من رأى الأرض في العراق مواتاً / ذهبت منه نفسُه حسرات
إن بين النهرين والأرض تشقى / لجناناً تبدَّلت فلَوات
حييت بالعمران دهراً طويلاً / ثُمَّ ماتَت من بعد تلك الحياة
كل كون فانه لفسادٍ / كل جمعٍ فإنه لشتات
أين أنهارها التي كن فيها / جاريات قبلاً على الجنبات
نهر عيسى وبيطر ورُفيل / وَدجيل وطابق والصراة
ما رأينا كمثل دجلة سطراً / لو قرأنا صحائف الكائنات
لا وَلا كالفرات في الأرض نهراً / منعشاً للحيوان أَو للنبات
دجلة دجلة فلم تتغير / وكذاك الفرات عين الفرات
ما نضا الماء غير أن رجال ال / سعي ماتوا في الأعصر الخاليات
وانتهت سلطة البلاد لقوم / خلقوا للرُّشى واللسرقات
خلقوا للفساد والظلم والتخ / ريب والنهب بعد والغارات
خلقوا لو أنا اِنتبهنا قليلاً / في سبيل ارتقائنا عثرات
قد سكنَّا وليتنا ما سكنَّا / في بلاد كثيرة الأزمات
في بلاد نسام فيهن خسفاً / ونطيل السكوت كالأموات
فكأَنَّ الأحرار فيها عبيد / وكأَنَّ الأباة غير أباة
لهف نفسي على صروح جسام / زارَها الهادِمون بعد البناة
لهف نفسي على شباب رماها / ساعد الحيف في فم النكبات
ليت شعري حتام نحن رقود / في فراش النسيان والغفلات
اِرتقت سلم التقدم ناس / ووقفنا في أَسفل الدرجات
فخروا بالعلوم إذ رفعتهم / وفخرنا بالأعظم النخرات
ركدت ريحكم ركوداً ثقيلاً / فسكنتم والناس في حركات
أَيُّها القوم إنكم قد جهلتم / أنكم أمسيتم بوقت الغداة
كم إلى كم كهولُكم في رقادٍ / كم إِلى كم شبابُكم في سبات
أَيُّها القَوم أَيُّها القوم أَنتم / أُمَّةٌ ساقطون في مهواة
استَعينوا بالعلم فالعلم في كل / لِ زمان مفرج الكربات
وهو كالماء غاسل للجهالا / ت وكالنور ماحقُ الظلمات
إن تكونوا يا قوم تنتظرون ال / موت من ربكم لنيل النجاة
فاِعلَموا أن غمرة الموت تأتي / أَيُّها القوم آخر الغمرات
أَيُّها الظلم هل زمانك ماضٍ / أَيُّها العدل هل أَوانك آتي
قل لبغداد قد هُضمت فنوحي / إنما أَنت في أسار الطغاة
يكشف العار عنك حر ولكن / أين حر مر أخو عزمات
يا ابنة القوم قد أصابنيَ الضر / رُ فأسبلت للأسى عبراتي
لا تَلومي على البكاء حزيناً / قومه اخضوضعوا لحكم العداة
لا يرى ثورة لهم قد تميط ال / ضر عنهم وتذهب الويلات
فَسأَبكي قومي وأَبكي بلادي / وقبور الآباء والأمهات
ثم أَبكي بحرقة ثم أَبكي / هكَذا هكَذا ليوم الممات
لَيسَ يرقى الإنسان إلا إذا نا
لَيسَ يرقى الإنسان إلا إذا نا / لت رقياً إناثه والذكورُ
أَيُّها الحق لا عدمتك حقاً / أَنتَ لي أَنتَ في العراق ظهير
سل من العلم ما جنى الجهل في الما / ضي على المصلحين فهو الخَبير
أَمَلي أَن يعود ذاكَ الماضي
أَمَلي أَن يعود ذاكَ الماضي / غامراً لي بسيبه الفياضِ
وَيَعود الرَبيع غضاً فأَمشي / جانياً للأزهار بين الرياض
وأَرى أَنوار الربى من جديد / جالياً عيني بالوجوه الغضاض
وَأَرى الشعب في طريق هداه / ساحباً فضل ذيله الفضفاض
ما شفى الماء منذ حين غليلاً / لعطاش من بعد تلك الحياض
لا نَرى إلا أَنجماً زاهرات / لو نظرنا إلى سماء الماضي
قَد رأَينا الصروح منهدمات / فأَخذنا نَبني على الأنقاض
سيرى الناس والليالي حبالى / ما عَسى أَن يلدن بعد المخاض
سَيَكون العراق جنة قوم / ما بهم من مقت ولا إبغاض
وحدة بين الشعب أَحكمها اللَ / هُ فليست خليقة بانتقاض
من نصارى ومسلمين وهود / كل حزب منهم عن الكل راضي
أَيُّها المُلك لا تخف من زوال / أَنت في ذمة السيوف المواضي
قَد قَضى باستقلاله الشعب حاجا
قَد قَضى باستقلاله الشعب حاجا / فهو اليوم جاءَ يُبدي ابتهاجا
جاعلاً يومه من الدهر عيداً / ومن العيد للعلى معراجا
إن يوماً فيه استقل ليوم / كان فيه هتافه عجاجا
إنها نهضة العروبة جمعا / ء إلى ما ترى إليه احتياجا
أَخرجتها من حمأة الذل أَيد / قادرات لهاشم إخراجا
أَمطرتنا من بعد محل طويل / ديمة كان ماؤُها ثجّاجا
فاِكتَسى حكم الذات رأساً وصدراً / بعد أَن كان نطفة أَمشاجا
هتف الناس اليوم للعيد طراً / وَبَدا القطر مائجاً رجراجا
أَدرك الشعب ماله من حقوق / بعد أَن خاضَ للحقوق العجاجا
وَعَسى أَن أَعيش حتى أَرى في / وطني ما يزيد قَلبي اِبتهاجا
هزأوا بالبنات والأمهاتِ
هزأوا بالبنات والأمهاتِ / وأَهانوا الأزواج والأخواتِ
هَكَذا المسلمون في كل صقع / حجبوا للجهالة المسلمات
سجنوهنَّ في البيوت فشلوا / نصف شعب يهمّ بالحركات
منعوهن أن يرين ضياءً / فتعودن عيشة الظلمات
دفنوهن قبل موت مُريح / في قبور سود من الحجرات
في بيوت لزمنها كقبور / أظلمت كم سكبن من عبرات
إن هَذا الحجاب في كل أَرض / ضرر للفتيان والفتيات
إنه فلتةٌ من الطبع في الإن / سان والطبع فيه ذو فلتات
لَم يكن وضعه من الدين شيئاً / إنما قد أَتى من العادات
طالَما قد وقفت أدرأ عنهن / نَ الرَزايا فَيا لها وقفات
رب عَذراء لست تسمع منها / عند تحديثها سوى الزفرات
وَلَها في حجابها نظرات / يا لَها في الحجاب من نظرات
وَفَتاة كزهرة الروض حسناً / ذبلت وهي في رَبيع الحياة
ناهد في شبابها وأدوها / ضحوة بين دجلة والفرات
وَإِذا ما شكت هنالك كرباً / لَم تجد من يصغي لتلك الشكاة
إن هَذا الحجاب قبر كثيف / حال بين الفتاة والنسمات
إن هَذا إثم أقبّحه ما / جاءَ حض عليه في الآيات
تلك أعمالهم من الجهل عدُّو / ها على سوئها من الحسنات
ثمرات من غرسهم قد جنوها / بئس ما قد جنوه من ثمرات
أيها المدلجون في جنح ليل / إنكم أَخطأتم طريق الحياة
زوَّجوها من غير ما هي ترضى / من غلام غمر أخي سيئات
إنها تبدي رقةً وهو يقسو / لَيسَ هَذا الفَتى لتلك الفتاة
الخبيثون للخبيثات في الشر / عة والطَيبون للطيبات
أيها المسكتي عن القول ما أن / ت بذي قدرة على إسكاتي
عانَقَتني لَيلى لوشك الفراقِ
عانَقَتني لَيلى لوشك الفراقِ / فَتلاقَت دموعنا في العناقِ
في أصيل للشمل فيه شتات / لدواع وللدموع تلاقي
لَو يصح التَشبيه قلت دموعي / يتبادرن مثل خيل السباق
لَم أَكُن قد عشقت وحديَ لَيلى / إن لَيلى كثيرة العشاق
غير أني أحس في القلب مني / بهواها كمثل نار حُراق
وَلَقَد تنظرون صورة لَيلى / كخيال في دَمعي الرقراق
كلنا مشتاق إليها ولكن / لا تضاهي أَشواقكم أَشواقي
كلكم قد فزتم برحمة لَيلى / غير أني منيت بالإخفاق
تَعتَري جسمي هزة حين تبدو / أو تلاقي أَحداقها أَحداقي
أَنت يا لَيلى كل ما أَتمنا / ه لِنَفسي أيام عمري الباقي
كنت بي برة وكان وثوق / ليَ بالعهد منك والميثاق
لي على حبي للعراق شهود / من دموعي وَقَلبي الخفاق
ربطتني أواصر محكمات / ببلادي ولن أحل وثاقي
ليس بي ما يريب عند بكائي / غير أني مفارق لرفاقي
إن حبي لمن أفارق فيها / يَتَجلى في دَمعيَ المهراق
لَيسَ لي من بعد العراق مقر / غير مصر ومصر أخت العراق
في رحيلي عن العراق إلى مص / ر مصابي معادل لاشتياقي
الوداع الوداع يا أهل ودي / فأَرى أن قد حان وقت الفراق
لست أَدري أراجع أنا يوماً / أم لحتفي قبل الرجوع ملاقي
طالَ لَيلي وَطالَ فيه شَقائي / واختلافي مع الأسى واتفاقي
كانَ ضغط الدجى عليه شديداً / فأتى الصبح مؤذناً بانفلاق
سوف تنسونني وتنسون عهدي / وتجف الدموع في الآماق
وَلَقَد تسمعون من مصر صوتي / في قصيد تذيع في الآفاق
لَيسَ صوت من الأعالي سيأتي / مثل صوت يأتي من الأعماق
إن أعدائي في العراق كثير / كلهم فيه آخذ بخناقي
سأولي ربوع بغداد ظهري / تاركاً خيرها لأهل النفاق
أزهقوا روح الحق فيما أتوه / أي نفع لهم من الإزهاق
ومن الصعب أن أداريَ ناساً / قد تنافي أخلاقهم أخلاقي
أصلح اللَه ثلة شتموني / وأطالوا في موطني إرهاقي
إنني قد صفحت عنهم فَلا أح / مل حقداً لهم على الإطلاق
لَيسَ قصدي مِمّا ذكرت عتاباً / غير أني أوردته في السياق
قد رحلنا عن العراق جميعاً / أنا والشعر والهوى باتفاق
حسُن الشعر في السفار رفيقاً / زاكي الأصل طيب الأعراق
حبذا الشعر يسلم اللفظ من حش / وٍ به والمعنى من الإغراق
يشبه المعنى الساقط اللفظ خوداً / رفلت في ثوب لها اخلاق
إنما أكثر القريض سيفنى / وَقَليل منه على الدهر باقي
كثرت أنجم السماء ولكن / لا تساوي لناظر في ائتلاق
كنت مثل الهزار أشدو بشعري / كل يوم في نبعة ذات ساق
وَلَقَد كنت قد بنيت بجهد / ليَ عشاً في مجمع الأوراق
فأَحال الغربان تهدم منه / ما بنته يدي بلا إشفاق
رخص الشعر في بلاد قد انحط / طت كما قد غلا بقطرٍ راقي
رب شعر أنفقته في سبيل ال / حق حتى أضرَّ بي إنفاقي
لست بالشعر أَبتَغي لي كسباً / أَو أداوي يوماً به إملاقي
أَيُّها الشعر أَنت لست متاعاً / يُشتَرى أَو يباع في الأسواق
أنت تنحو من المنى
أنت تنحو من المنى / برزخا أيّ برزخ
انت تستصرخ الغنى / وَالغنى غير مصرخ
الفَتى جاءَ كلّ ما
الفَتى جاءَ كلّ ما / هو مفض إلى السقم
وَلَقَد يندم الفَتى / يوم لا ينفع الندم
قلّ من ينظر الحقيقة إلا
قلّ من ينظر الحقيقة إلا / مثلما يقتَضيه منه هواه
أكثر الناس لا يرى غير ما كا / ن مريداً أَو ما يريه سواه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025