المجموع : 178
يا يراع الأديب غنّ لشعب
يا يراع الأديب غنّ لشعب / فتح العين منه بعد التَغاضي
للحَياة الرقيُّ في كل يوم / غرض ماجد من الأغراض
رب ذي علم قد أَصاب ثراء / بعد أَن كانَ بادي الإنفاض
وإذا سنة المعيشة شذت / فيك فالحظ فوق كل اِعتراض
ما بياض يجيء بعد سواد / كَسواد يجيء بعد بياض
أَنا أستنهض الشعوب بشعري / وَعَسى أَن يفيدها اِستنهاضي
أُمَم المشرقين منتفضات / من هوانٍ بهن أَي اِنتفاض
لا شفاء هناك إلا بعلم / فهو الطب للنفوس المراض
حفظ اللَه دولة العلم دَهراً / من زوال نخافه وانقراض
قد عرفنا بالعلم أن ذوي العل / مِ هم القائمون بالإنهاض
وَعلمنا أن الحَياة سباق / فوق أَرض من الهوى مدحاض
وَعلمنا أن الخمول طَويلاً / مرض مزمن من الأمراض
وَإِذا الامر ضاقَ يوماً تمطّى
وَإِذا الامر ضاقَ يوماً تمطّى / طالباً بعد الضيق فيه اِنفراجا
وإذا سيم الشعب يوماً هواناً / فَهو يبدي عَلى المهين اِحتجاجا
أمة تكسر الرتاج إذا ما / وَجدت دون ما تريد رتاجا
وإذا لم تُقرن بعلمٍ بَناتُ ال / عَقل منا لَم تأَتِ يوماً نتاجا
قد تقدمنا برهة ثم إنا / قد رجعنا وَراءَنا أَدراجا
رب من جاء ينظم الشعر رخواً
رب من جاء ينظم الشعر رخواً / ساقطاً حبلُ وزنه محلولُ
عكر اللفظ ما عليه صفاءٌ / تافه المعنى ما عليه قبول
يعقد العزم أن يطير مع الطي / رِ ولكن جناحه مشكول
يا مجاريَّ إن تحتي جواداً / لا تجاريه في السباق الخيول
أَدهم عنده من الليل جلد / ومن الصبح غرَّة وحجول
ليس بي في المقال عنك عياء / كيف يعيا الفصيح حين يقول
إنني والهزار فرعان من أص
إنني والهزار فرعان من أص / ل كلانا قد مارس الأشعارا
وكلانا بثَّ الصبابة إلا / أنني قد صرحت وهو أشارا
وكلانا أجاد نظم القوافي / غير أني قد فقت فيها الهزارا
فأنا أخبر الأنام بحبي / وهو بالحب يخبر الأطيارا
أنا فيه محرك ليراعى / وهو فيه يحرك المنقارا
أنا قد طرت في سماء المعاني / وهو في جو روضة قد طارا
وجناح الهزار ريش قليل / وجناحي فكري الَّذي لا يُجارى
أعشق الزُّهرَ في السماء فأشدو / وَهوَ في الأَرض يعشق الأزهارا
هو في نظمه يقلد طيراً / سبقته وإِنَّ فيَّ ابتكارا
يصف الحب وحده ثم إني / أصف الناس والهوى والديارا
وقصارى أنغامه الوجد أما / نغماتي فما لهن قُصارى
إنه شاعر يكرر ما قا / ل وإني لا أحمد التكرارا
شعره في الحياة وقف عليه / فهو إن عاش عاش أو بار بارا
وقريضي يعيش بعدي طويلاً / ويجوب البلاد والأمصارا
شاعر بالعراق ينظم شعرا
شاعر بالعراق ينظم شعرا / فيرى دون نشر ما قال عسرا
فيهادي به على البعد مصرا / حيث يَلقى الشعر المهذب نشرا
ان مصراً ريحانة الأمصار /
تبلغ النفس عند مصرَ مناها / طيَّب اللَه بالسلام ثراها
بلدة صيِّب النجاح سقاها / يجد الحرُ مأمناً في ذُراها
أنت يا مصر ملجأَ الأحرارِ /
يا ربوعَ الهوى عليك السلام / أنت للفنس مقصدٌ ومرامُ
في حماك النزيلُ ليس يضام / لأولى العلم في ذراك احترام
واعتبار في الجاه أي اعتبار /
قد رمتني الأحداث فارحم إلهي / بدواهٍ أَلممن إثر دواهي
ما لآلام روعِها من تناهي / آهِ من روعة الحوادث آهِ
إنها أذهبت جميلَ اصطباري /
ليت شعري أَحالُ همي تحول / وظلام الكروب عني يزول
ُأم كذا في الحياة كربي يطول / أنا كالسيف فيهِ بانت فلول
يعد أن سُلَّ وهو ماضي الغرار /
إنني في طبيعتي عصبيّ / ليَ حسٌّ سامٍ وقلبٌ أَبيُّ
ما تذللت منذ أني صبيّ / ليس يرضى بأسره عربيُّ
معشرَ التاء أطلقوا من إساري /
لي طبعٌ عن الإسارة ينبو / وفؤاد إلى الحضارة يصبو
ولسانٌ رطبٌ وشعرٌ عذب / وبِحارٌ غدا فخاريهِ ثلب
فاسأَلوا ان جهِلتمُ عن نجارى /
خلق الشعر لي أخاً وخدينا / فإذا ما حزنت كان حزينا
مر عمر فيه جميعاً حيينا / فاتل شعري تكسب بحالي يقينا
إن شعري مخبر عن شعارى /
كَنَسيم في آخر الليل يسري / أو كطلٍّ يَروق فوق الزهر
أنا منه إن لم يرق متبري / رققت حرقة الكآبة شعري
وكَذا النور أَصله من نار /
قد أبى الشعر أن يعيش مهانا
قد أبى الشعر أن يعيش مهانا / بعد عز أو أن يكون جبانا
هو إن سالموه نادى بسلم / وهو إن حاربوه خار الطعانا
إنه تارة يكون حماماً / يتغنى وتارة أفعوانا
وإذا ضيم عند قوم عَداهم / مبدلاً من ذاك المكان مكانا
أحسن الشعر ما يكون عن القل / بِ وآلامه لنا ترجمانا
إن أردت الغناء كان غناء / أو أردت البيان كان بيانا
إنه بلبل يغرد شجواً / جعلوا أقفاصاً له الأوزانا
يحسن الشاعر المبرز شدواً / مثلما الطير يحسن الألحانا
إن ميزان الشعر في كل قوم / مارسوه أن يجذب الإنسانا
وهو إن لم يعرب لهم عن شعور / كان ممن يقوله هذيانا
كنت مثل الهزار أَشدو بشعري
كنت مثل الهزار أَشدو بشعري / كل يوم في نبعة ذات ساق
ولقد كنت قد بنيت بجهد / لي عشاً في مجمع الأوراق
فأحال الغربان تهدم منه / ما بنته يدي بلا إشفاق
رخص الشعر في بلاد قد اِنحط / طت كما قد غلا بقطرٍ راقي
رب شعر أَنفقته في سبيل ال / حق حتى أَضر بي إنفاقي
لست بالشعر أَبتَغي لي كسباً / أَو أَداوي يوماً به إملاقي
أَيُّها الشعر أَنتَ لست متاعاً / يُشتَرى أَو يباع في الأسواق
أَنتَ في العلم بالَّذي سوف يأَتي
أَنتَ في العلم بالَّذي سوف يأَتي / يا سياسيُّ واحدُ الآحادِ
قل مَتى تنتفي الحروب الدوامي / ويشيع السلام بين العباد
بل متى تيقظ الورى من كراها / فتنام السيوف في الأغماد
قتلتنا الأَيام قتلاً ذَريعاً / وَاللَيالي لبسنَ ثوب الحداد
يلدز قد كانت أَجل بناء / شيدته ملوكُ الاستبداد
جامع للضدين من مثل بخلٍ / وندىً أَو بلادةٍ وسداد
قصر عبدالحميد هَذا ولكن / أَين تلك القصور من عهد عاد
إن تحت الرماد ناراً لو اَنَّ ال / ساسة اليوم فتشوا في الرماد
توشك النار أَن تَثور بأَيدٍ / آثماتٍ يعملن للإيقاد
فإذا شبت الملوك لظاها / أَكلتهم لَمَّاً مع الأجناد
لَيسَ يبدو من الحقيقة نورُ
لَيسَ يبدو من الحقيقة نورُ / لعيون عن حسها هي عورُ
وإذا اِسودَّت الليالي على النا / س تساوي الأعمى بها والبصير
يا سماء العراق خانتك أَقما / رٌ لليل العراق كانت تنير
اختبرت الرجال من كل صنف / فإذا الناس كافرٌ أَو شكور
ما تساوى الإنسان في كل عصر / فهو إما عبد وإما أَمير
تتوالى على الرعايا رَزايا / فتكاد السماء منها تمور
لهف نَفسي على قطيع عليه / قد سطت في الليل البهيم نمور
ربما تذهب الرَزايا خفيفا / ت وقد تعقب الأمور أمور
وإذا عمت المعارف قوماً / قل فيهم مع الزمان الشرور
ليس ثَوراتٍ ما تشاهده بل / هنّ في جلدة العراق بثور
خربت بالنيران فيه بيوت / واستجدت مكانهن القبور
أَلقوم كآبة وشقاء / ولقوم سعادة وسرور
قل لقوم قد طأطأوا بعد كبرٍ / أَين ذاكَ الهوى وَذاك الغرور
إنني في طلاب حق بلادي / لم أَرد ما أَراده الجمهور
لا تخون العقول أَصحابها في / ما تراه وقد يخون الضَمير
قيل لي قف فقلت غير ملبٍّ / أَنا إن لم أَسر فمن ذا يسير
لا أَعادَ الرحمن أَيامَ كربٍ / عشت فيها والدائرات تدور
ثقل الإثم في العراق كثيراً / فَلماذا العراق ليس يغور
بعد أَن أَبدَت السياسة في القط / رِ عياء لا ينفع التدبير
وإذا الحق لم يصن لذويه
وإذا الحق لم يصن لذويه / أخذ القوم يحدثون هياجا
إن للشعب والسياسة طب / مثلما للأفراد منه مزاجا
ساكت أَنت والأعادي تقولُ
ساكت أَنت والأعادي تقولُ / وَمضرٌّ بك السكوت الطَّويلُ
مضغتك الأفواه بالذم والثل / بِ فَلِلَّه شلوُكَ المأكول
لا دفاع عما لحوك عليه / في اِنتقاداتهم ولا تأويل
أَعياء وَلَيسَ فيك عياء / أم ذهول وَلَيسَ فيك ذهول
أَينَ ذاكَ النضال عن حرم العل / مِ وَتلك النبال تلك النصول
أَينَ ذاكَ الشعر الرقيق المنقى / أَين ذاكَ النثر النفيس الجَميل
لك في الذب من لسانك سيف / شهد اللَه أنه مصقول
وَيراع إن أحجمت في مكر / صافنات الأقلام فهو يجول
وقواف تسيل في كل واد / طفحت منها دجلة وَالنيل
لم تطأطئ إلى الشهادة رأساً / فهي منها لها عليها دَليل
سامك القوم حين سالمت خسفاً / لَيسَ يَبقى عليه إِلّا الذَليل
القوافي يا شاعر العصر فانظم / بين أَيديك واقفات مثول
إن تسالم بها فتلك أَغانٍ / أَو تحارب بها فتلك نصول
أَيُّها اللائمي على الصمت إيهاً / أَو ما قد دريت أني عليل
كَيفَ يَقوى على مناضلة الأق / ران عضو نضو وجسم نحيل
قبل عشرين حجة جاء داء / نازلاً بي وذاك ضيف ثقيل
هُوَ داء مبيته في نخاعي / إن داء النخاع داء وبيل
فَتَهاوَنَت في البدايات فيه / راجياً أن وطأه سيزول
فَمَضَت تلكم السنون ودائي / ذلك الداء نفسه لا يحول
وَتَداويت عند كل طَبيب / ونصيبي من التداوي نحول
كنت في أولي أَقاويه حتى / خار جِسمي فقلت صبراً جميل
ثم صافحته أَداريه باللي / ن كَما صافح الخليل الخليل
لا تجردني في الوَغى لقراع / فأَنا اليوم صارم مفلول
هد جِسمي وفل عزمي وحزمي / مرض مزمن وداء دخيل
بين أحناء دجلة والفرات
بين أحناء دجلة والفرات / حَييَ البؤس فوق أَرض مواتِ
بعد أن كانَت في القَديم جناناً / باسقات الأشجار مشتبكات
وَرياضاً أَنيقة وحياضاً / مترعات وأَنهراً جاريات
وَبَساتين فوقها الطير تشدو / بشجيّ الألحان والنَغمات
وَرياحين من جميع صنوف ال / زهر تُهدي روائحاً عطرات
فترى الناس ينسلون إليها / رتعاً في مروجها الخضلات
فتحيِّى وجوههم نفحات ال / طيب محمولة على النسمات
موقف لِلغَرام في كل صوب / جامع للفتيان والفتيات
ولديهِ ملاعب لظباءِ / حاليات كثيرة اللفتات
جنة عند جنة عند أُخرى / هكذا يمتددن متصلات
تَحتَوي أَنواعاً من الزهر شتّى / وتعي أصنافاً من الثمرات
ادخلوها يا أَهلها بِسَلامٍ / وكلوا ما شئتم من الطيبات
غادرتها أيدي الجهالة قفراً / بعد تلك الرياض والجنات
من رأى الأرض في العراق مواتاً / ذهبت منه نفسُه حسرات
إن بين النهرين والأرض تشقى / لجناناً تبدَّلت فلَوات
حييت بالعمران دهراً طويلاً / ثُمَّ ماتَت من بعد تلك الحياة
كل كون فانه لفسادٍ / كل جمعٍ فإنه لشتات
أين أنهارها التي كن فيها / جاريات قبلاً على الجنبات
نهر عيسى وبيطر ورُفيل / وَدجيل وطابق والصراة
ما رأينا كمثل دجلة سطراً / لو قرأنا صحائف الكائنات
لا وَلا كالفرات في الأرض نهراً / منعشاً للحيوان أَو للنبات
دجلة دجلة فلم تتغير / وكذاك الفرات عين الفرات
ما نضا الماء غير أن رجال ال / سعي ماتوا في الأعصر الخاليات
وانتهت سلطة البلاد لقوم / خلقوا للرُّشى واللسرقات
خلقوا للفساد والظلم والتخ / ريب والنهب بعد والغارات
خلقوا لو أنا اِنتبهنا قليلاً / في سبيل ارتقائنا عثرات
قد سكنَّا وليتنا ما سكنَّا / في بلاد كثيرة الأزمات
في بلاد نسام فيهن خسفاً / ونطيل السكوت كالأموات
فكأَنَّ الأحرار فيها عبيد / وكأَنَّ الأباة غير أباة
لهف نفسي على صروح جسام / زارَها الهادِمون بعد البناة
لهف نفسي على شباب رماها / ساعد الحيف في فم النكبات
ليت شعري حتام نحن رقود / في فراش النسيان والغفلات
اِرتقت سلم التقدم ناس / ووقفنا في أَسفل الدرجات
فخروا بالعلوم إذ رفعتهم / وفخرنا بالأعظم النخرات
ركدت ريحكم ركوداً ثقيلاً / فسكنتم والناس في حركات
أَيُّها القوم إنكم قد جهلتم / أنكم أمسيتم بوقت الغداة
كم إلى كم كهولُكم في رقادٍ / كم إِلى كم شبابُكم في سبات
أَيُّها القَوم أَيُّها القوم أَنتم / أُمَّةٌ ساقطون في مهواة
استَعينوا بالعلم فالعلم في كل / لِ زمان مفرج الكربات
وهو كالماء غاسل للجهالا / ت وكالنور ماحقُ الظلمات
إن تكونوا يا قوم تنتظرون ال / موت من ربكم لنيل النجاة
فاِعلَموا أن غمرة الموت تأتي / أَيُّها القوم آخر الغمرات
أَيُّها الظلم هل زمانك ماضٍ / أَيُّها العدل هل أَوانك آتي
قل لبغداد قد هُضمت فنوحي / إنما أَنت في أسار الطغاة
يكشف العار عنك حر ولكن / أين حر مر أخو عزمات
يا ابنة القوم قد أصابنيَ الضر / رُ فأسبلت للأسى عبراتي
لا تَلومي على البكاء حزيناً / قومه اخضوضعوا لحكم العداة
لا يرى ثورة لهم قد تميط ال / ضر عنهم وتذهب الويلات
فَسأَبكي قومي وأَبكي بلادي / وقبور الآباء والأمهات
ثم أَبكي بحرقة ثم أَبكي / هكَذا هكَذا ليوم الممات
لَيسَ يرقى الإنسان إلا إذا نا
لَيسَ يرقى الإنسان إلا إذا نا / لت رقياً إناثه والذكورُ
أَيُّها الحق لا عدمتك حقاً / أَنتَ لي أَنتَ في العراق ظهير
سل من العلم ما جنى الجهل في الما / ضي على المصلحين فهو الخَبير
أَمَلي أَن يعود ذاكَ الماضي
أَمَلي أَن يعود ذاكَ الماضي / غامراً لي بسيبه الفياضِ
وَيَعود الرَبيع غضاً فأَمشي / جانياً للأزهار بين الرياض
وأَرى أَنوار الربى من جديد / جالياً عيني بالوجوه الغضاض
وَأَرى الشعب في طريق هداه / ساحباً فضل ذيله الفضفاض
ما شفى الماء منذ حين غليلاً / لعطاش من بعد تلك الحياض
لا نَرى إلا أَنجماً زاهرات / لو نظرنا إلى سماء الماضي
قَد رأَينا الصروح منهدمات / فأَخذنا نَبني على الأنقاض
سيرى الناس والليالي حبالى / ما عَسى أَن يلدن بعد المخاض
سَيَكون العراق جنة قوم / ما بهم من مقت ولا إبغاض
وحدة بين الشعب أَحكمها اللَ / هُ فليست خليقة بانتقاض
من نصارى ومسلمين وهود / كل حزب منهم عن الكل راضي
أَيُّها المُلك لا تخف من زوال / أَنت في ذمة السيوف المواضي
قَد قَضى باستقلاله الشعب حاجا
قَد قَضى باستقلاله الشعب حاجا / فهو اليوم جاءَ يُبدي ابتهاجا
جاعلاً يومه من الدهر عيداً / ومن العيد للعلى معراجا
إن يوماً فيه استقل ليوم / كان فيه هتافه عجاجا
إنها نهضة العروبة جمعا / ء إلى ما ترى إليه احتياجا
أَخرجتها من حمأة الذل أَيد / قادرات لهاشم إخراجا
أَمطرتنا من بعد محل طويل / ديمة كان ماؤُها ثجّاجا
فاِكتَسى حكم الذات رأساً وصدراً / بعد أَن كان نطفة أَمشاجا
هتف الناس اليوم للعيد طراً / وَبَدا القطر مائجاً رجراجا
أَدرك الشعب ماله من حقوق / بعد أَن خاضَ للحقوق العجاجا
وَعَسى أَن أَعيش حتى أَرى في / وطني ما يزيد قَلبي اِبتهاجا
هزأوا بالبنات والأمهاتِ
هزأوا بالبنات والأمهاتِ / وأَهانوا الأزواج والأخواتِ
هَكَذا المسلمون في كل صقع / حجبوا للجهالة المسلمات
سجنوهنَّ في البيوت فشلوا / نصف شعب يهمّ بالحركات
منعوهن أن يرين ضياءً / فتعودن عيشة الظلمات
دفنوهن قبل موت مُريح / في قبور سود من الحجرات
في بيوت لزمنها كقبور / أظلمت كم سكبن من عبرات
إن هَذا الحجاب في كل أَرض / ضرر للفتيان والفتيات
إنه فلتةٌ من الطبع في الإن / سان والطبع فيه ذو فلتات
لَم يكن وضعه من الدين شيئاً / إنما قد أَتى من العادات
طالَما قد وقفت أدرأ عنهن / نَ الرَزايا فَيا لها وقفات
رب عَذراء لست تسمع منها / عند تحديثها سوى الزفرات
وَلَها في حجابها نظرات / يا لَها في الحجاب من نظرات
وَفَتاة كزهرة الروض حسناً / ذبلت وهي في رَبيع الحياة
ناهد في شبابها وأدوها / ضحوة بين دجلة والفرات
وَإِذا ما شكت هنالك كرباً / لَم تجد من يصغي لتلك الشكاة
إن هَذا الحجاب قبر كثيف / حال بين الفتاة والنسمات
إن هَذا إثم أقبّحه ما / جاءَ حض عليه في الآيات
تلك أعمالهم من الجهل عدُّو / ها على سوئها من الحسنات
ثمرات من غرسهم قد جنوها / بئس ما قد جنوه من ثمرات
أيها المدلجون في جنح ليل / إنكم أَخطأتم طريق الحياة
زوَّجوها من غير ما هي ترضى / من غلام غمر أخي سيئات
إنها تبدي رقةً وهو يقسو / لَيسَ هَذا الفَتى لتلك الفتاة
الخبيثون للخبيثات في الشر / عة والطَيبون للطيبات
أيها المسكتي عن القول ما أن / ت بذي قدرة على إسكاتي
عانَقَتني لَيلى لوشك الفراقِ
عانَقَتني لَيلى لوشك الفراقِ / فَتلاقَت دموعنا في العناقِ
في أصيل للشمل فيه شتات / لدواع وللدموع تلاقي
لَو يصح التَشبيه قلت دموعي / يتبادرن مثل خيل السباق
لَم أَكُن قد عشقت وحديَ لَيلى / إن لَيلى كثيرة العشاق
غير أني أحس في القلب مني / بهواها كمثل نار حُراق
وَلَقَد تنظرون صورة لَيلى / كخيال في دَمعي الرقراق
كلنا مشتاق إليها ولكن / لا تضاهي أَشواقكم أَشواقي
كلكم قد فزتم برحمة لَيلى / غير أني منيت بالإخفاق
تَعتَري جسمي هزة حين تبدو / أو تلاقي أَحداقها أَحداقي
أَنت يا لَيلى كل ما أَتمنا / ه لِنَفسي أيام عمري الباقي
كنت بي برة وكان وثوق / ليَ بالعهد منك والميثاق
لي على حبي للعراق شهود / من دموعي وَقَلبي الخفاق
ربطتني أواصر محكمات / ببلادي ولن أحل وثاقي
ليس بي ما يريب عند بكائي / غير أني مفارق لرفاقي
إن حبي لمن أفارق فيها / يَتَجلى في دَمعيَ المهراق
لَيسَ لي من بعد العراق مقر / غير مصر ومصر أخت العراق
في رحيلي عن العراق إلى مص / ر مصابي معادل لاشتياقي
الوداع الوداع يا أهل ودي / فأَرى أن قد حان وقت الفراق
لست أَدري أراجع أنا يوماً / أم لحتفي قبل الرجوع ملاقي
طالَ لَيلي وَطالَ فيه شَقائي / واختلافي مع الأسى واتفاقي
كانَ ضغط الدجى عليه شديداً / فأتى الصبح مؤذناً بانفلاق
سوف تنسونني وتنسون عهدي / وتجف الدموع في الآماق
وَلَقَد تسمعون من مصر صوتي / في قصيد تذيع في الآفاق
لَيسَ صوت من الأعالي سيأتي / مثل صوت يأتي من الأعماق
إن أعدائي في العراق كثير / كلهم فيه آخذ بخناقي
سأولي ربوع بغداد ظهري / تاركاً خيرها لأهل النفاق
أزهقوا روح الحق فيما أتوه / أي نفع لهم من الإزهاق
ومن الصعب أن أداريَ ناساً / قد تنافي أخلاقهم أخلاقي
أصلح اللَه ثلة شتموني / وأطالوا في موطني إرهاقي
إنني قد صفحت عنهم فَلا أح / مل حقداً لهم على الإطلاق
لَيسَ قصدي مِمّا ذكرت عتاباً / غير أني أوردته في السياق
قد رحلنا عن العراق جميعاً / أنا والشعر والهوى باتفاق
حسُن الشعر في السفار رفيقاً / زاكي الأصل طيب الأعراق
حبذا الشعر يسلم اللفظ من حش / وٍ به والمعنى من الإغراق
يشبه المعنى الساقط اللفظ خوداً / رفلت في ثوب لها اخلاق
إنما أكثر القريض سيفنى / وَقَليل منه على الدهر باقي
كثرت أنجم السماء ولكن / لا تساوي لناظر في ائتلاق
كنت مثل الهزار أشدو بشعري / كل يوم في نبعة ذات ساق
وَلَقَد كنت قد بنيت بجهد / ليَ عشاً في مجمع الأوراق
فأَحال الغربان تهدم منه / ما بنته يدي بلا إشفاق
رخص الشعر في بلاد قد انحط / طت كما قد غلا بقطرٍ راقي
رب شعر أنفقته في سبيل ال / حق حتى أضرَّ بي إنفاقي
لست بالشعر أَبتَغي لي كسباً / أَو أداوي يوماً به إملاقي
أَيُّها الشعر أَنت لست متاعاً / يُشتَرى أَو يباع في الأسواق
أنت تنحو من المنى
أنت تنحو من المنى / برزخا أيّ برزخ
انت تستصرخ الغنى / وَالغنى غير مصرخ
الفَتى جاءَ كلّ ما
الفَتى جاءَ كلّ ما / هو مفض إلى السقم
وَلَقَد يندم الفَتى / يوم لا ينفع الندم
قلّ من ينظر الحقيقة إلا
قلّ من ينظر الحقيقة إلا / مثلما يقتَضيه منه هواه
أكثر الناس لا يرى غير ما كا / ن مريداً أَو ما يريه سواه