المجموع : 34
اِقْبِسِ النورَ من شُعاعِ الراح
اِقْبِسِ النورَ من شُعاعِ الراح / والثِمِ الحسْنَ في جَبينِ الصّباحِ
وابْعثِ اللّحْنَ من سَمائِكَ يا شعْرُ / ونافسْ به ذواتِ الجناحِ
وانْهبِ الحسْنَ من خُدودِ العذَارَى / واسرِقِ السِّحْرَ من عُيونِ المِلاحِ
وتَنَقَّلْ بيْنَ الخمائلِ جَذْلا / نَ طليقَ الهَوَى جَمِيمَ المِراح
واسقِنا من سُلافِك العَذْبِ إِنّا / قد سئمنا مرارةَ الأقداح
كم ثملنا برَشْفةٍ منكَ يا شعْرُ / فصرْنا رُوحاً بلا أشباح
ورأينا من الحقائقِ ما عزَّ / على كلِّ باحثٍ كدَّاح
وقرأنا في كلِّ شيءٍ رُموزاً / فوقَ طوق البيانِ والإِيضاح
ورَسَمنا بدائعَ الكونِ في لوْ / حٍ تعالى عن جَفْوَةِ الألواح
وفهِمنا لُغَى الطُّيورِ وأصْغَيْنا / لهمسِ الغُصون في الأدْواحِ
ورأيْنا البُرُوقَ تَضحَكُ في الرَّو / ضِ فتهفو لها ثُغورُ الأَقاحي
إِيهِ يا شعرُ أنتَ سَلْوايَ في الدنيا / إِذا ضاق بي فسيحُ البَراح
كم عناءٍ كشفتَ بعدَ نِضالٍ / وجَبينٍ مَسَحتَ بعدَ كِفاح
لا تَدَعْني يا شعرُ في ليلة الذِّرَى / وَأَطْلِقْ إِلى الخَيالِ سَارحي
غَنِّي باللِّقاءِ بعدَ شَتاتٍ / وبعطفِ الزَّمانِ بعدَ شِيَاحِ
غنني بالربيع يَخْطر في الرَّوْ / ضِ ويَعْطُو بمِئْزَرٍ ووُشاح
غنني غنني فقدَ عَيَّ نَابي / ونَبَا مِزْهَري عن الإِفْصَاح
كيف تَحوِي الأوتار ما يغمُرُ القلْبَ / ويَطْفُو به من الأفراح
غنِّ في ليلة البشائرِ يا شعْرُ / وغرِّدْ بصوتِك الصدَّاح
وَخُذِ الفنَّ من ترانيمِ إِسْحَا / قَ وبُعْدَ المَدَى عن ابن رَبَاح
وامْلأ الأُفْقَ بالنَّشيدِ تُرَدِّدْ / رَجْعَ أنغامِهِ جميعُ النَّواحي
مَاسَتِ الباسِقاتُ في ضِفَّةِ الوا / دِي وأَرْخَتْ شُعورَها للرِّياح
وَرَنا الزهرُ باسماً يَنْشُرُ النُّو / رَ ويهَفْوُ بثَغْرهِ الفَوَّاح
أسْكَرَتْهُ الذِّكْرَى فأصْغَى وأَصْغَى / يمَلأُ السَّمْعَ وهوْ نشْوانُ صاحي
مَالَ تيهاً كما تميلُ العَذارَى / هلْ على الزَّهر في الهوى من جُناحِ
إنَّ ذكرى الزَّفافِ أسعدُ ذكرَى / تملأُ النَّفْسَ من مُنىً وارتياح
سعِدتْ مصرُ بالمليكةِ فِيهِ / واستنارتْ بنورها الوضَّاح
شرفٌ باذِخٌ يتيهُ على الدُّنْيا / ومجدٌ من الصَّميمِ الصُّراح
نَبَتَتْ في مَنابتٍ أرضُها المِسْكُ / وفي ظلِّ عزَّةٍ وسمَاح
وبدتْ دُرَّةً من النُّبْلِ والمجدِ / فغضَّت منَ الدَّرارِي الصِّحاح
فهناءً فاروقُ يا مَوْثِلَ النِّيلِ / ويا يُمْنَ نَجْمِهِ اللَّمَّاحِ
أنتَ أنهضْتَ مصرَ تستَبِقُ الْخطْوَ / وتمضِي بِعَزْمَةٍ وطِماح
وَبَعثْتَ الآمالَ في كلِّ قلْبٍ / وغرَسْتَ الإِحسانَ في كلِّ رَاحِ
ذاكَ سِرُّ البيتِ الكريم وفيْضٌ / من عَطاءِ المَهيْمنِ الفتَّاح
آلَ بيتِ الْمُلْكِ المؤثَّلِ أنتمْ / شَرَفٌ مُشْرِقُ الأسارِيرِ ضَاحي
عَجَزَ الشِّعرُ أن ينالَ مَدَاكُمْ / وكَبَتْ دونَ وَصْفِكُمْ أمْداحي
كتَبَ اللّهُ في الخلودِ عُلاَكُمْ / مَالِمَا خُطَّ في السَّمَوَاتِ مَاحي
جَدُّكُمْ أَنْقَذَ البلادَ وأعْلَى / رايةَ الدِّينِ بالظُّبَا والرِّماح
حكمةٌ تأسرُ القلوبَ بصَفْحٍ / وإِباءٌ يَغْشَى الوَغَى بِصفاح
كم تَغَنَّى بفضله كلُّ مَغْدىً / وسَرَى ذِكْرُهُ بكلِّ مَرَاح
عاشَ فاروقُ والمليكةُ ذُخْراًج / وَمنَاراً للبرِّ والإِصْلاح
ولْتعِشْ قُرَّةُ البَصائِرِ فِرْياَ / لُ حياةُ النُّفوسِ والأرْوَاح
نَغَمُ الشعرِ في رُبا جَنَّاتِهْ
نَغَمُ الشعرِ في رُبا جَنَّاتِهْ / أسكت ابنَ الغُصونِ في دَوْحاتِهْ
مال سَمْعُ الدنيا إليه وأصغَتْ / هاتفاتُ المُنَى إلى هاتفاته
وَتَرٌ صاغه الإلهُ وألقَى / نَغَماتِ الفِرْدَوْسِ في نَغَماته
ورنينٌ من السماءِ تمنَّى / كلُّ طَيْرٍ لو أنَّهُ من لَهاته
صُنْتُه أنْ يهونَ والفنُّ يسمو / حينَ تسمو به نفوسُ حُماته
وتقلدتُه حساماً لمصرٍ / تتوقى الخطوبُ وَقْعَ شَابته
وهززتُ الشبابَ للسبقِ فانث / الوا سِراعاً على هدَى مِشْكَاتِهْ
ما مدحتُ الكريمَ إلاّ لأدعو / بمديحي إلى كريمِ صِفاته
أنا بالمجدِ مُولَعٌ وبأهلي / ه وبالباقياتِ من ذِكْرَياته
أعشَقُ النُبْلَ في جلالةِ معنا / هُ وأهوَى الإقدامَ في عَزَماته
قد رأيتُ العَلاَء في اسم عَليٍ / ورأيتُ التوفيق خيرَ سِماته
فشدا باسمهِ قَريضي كما يَشْ / دو طليقُ الْجَناحِ في رَوْضاته
وإذا كرّم الرجالُ ابن توفي / قٍ فقد كرّموا النبوغَ لذاته
بَسَماتُ الربيع في بَسَماته / وسنا الصبح من سنا قَسَماته
كوكبي الذكاءِ لو صدع اللي / لَ لجلَّى بنورِه ظُلُماتِه
باحثٌ لا يصيدُ في مَهْمَهِ الع / لم سوى الشارداتِ من آبداته
رأيُه مِجْهَرٌ فما غابَ أمرٌ / كيفما دقَّ عن مدَى نَظَراته
لَمَحاتٌ كأنّها خاطفُ الب / رقِ وأين البُروقُ من لمحاته
إن رمَى الشكَ رأيُهُ فَرّ حيْرا / ن يجِرُّ الذيولَ من شُبُهاته
ما رأى عَبْقَرٌ ولا جِنُّ وادي / ه كهذا الذكاءِ في معجزاته
وشبابٌ كأنه ناضرُ الريح / انِ في حسنهِ وفي نَفَحاته
صانه النبْلُ أن يُمَسَّ له ذَيْ / لٌ وأدَّى الإيمانُ فرض ذكاته
غرس اللّهُ نبتَه فنما نَضْ / راً وآتَى الشَّهِيَّ من ثمراتِه
يمتطي العْبقَرِيُّ ناجيةَ العز / مِ حثيثَ الْخُطا إلى غاياته
لا يَرَى الطرْفُ منه إلاّ غُباراً / عجز الطرْفُ انْ يَرَى قَصَباته
يتمنَّى الشُيوخُ لو بذلوا العُمْ / رَ لِقاءَ القليلِ من ساعاته
عُمُرُ المرءِ بالجليلِ من الأع / مالِ لا بالكثيرِ من سنواته
بُؤرَةُ الضوءِ كم بها من شُعاعٍ / ملأ الأفْقَ في جميعِ جهاته
ورحيقُ الأزهارِ كم ضمَّ من رَوْ / ضٍ شَذِيِّ الشَّميمِ في قَطَراته
جمع الفضلَ حين فرقه النا / سُ وآواه بعدَ طولِ شَتاته
دائراتُ المعارفِ اجتمعت في / ه ففتِّش عنهن في صَفحَاتِه
كم لُغاتٍ جرَآ بها لفظُه العَذْ / بُ سليماً كأنَّها من لغاته
هو في الطبِّ من كِبار نُحاته / وهو في النحوِ من كِبارِ أُساته
وهو في حَلْبَةِ البيانِ أديبٌ / تسمَعُ السحرَ في رُقَى نَفَثَاته
وهو إن شئتَ حافظٌ لغويٌّ / كلماتُ القاموسِ من كلماته
نسخةٌ للسانِ في صدرِه الوا / عي طبعُها على طَبَعاته
يعرِفُ الأَيْهُقَانَ والثولَ والذع / لوقَ والسَيْسَبَي ونوع نباته
أنا أخشَى جدالَه كلّما صا / لَ عنيفَ الجدال في صَوْلاته
مجمع الضاد يرفع الرأس في / زهو بآرائه وصدق أناته
حَسْبُ دهرٍ جنَى على الناسِ أنْ كا / ن عليٌّ يُعَدُّ من حَسَناتِهْ
معملُ المَصْلِ وهو فتحٌ مبينٌ / بعضُ ما نال مصرَ منَ مَأْثُراته
فتَكاتُ المكروبِ ألقتْ سلاحاً / للسريعِ السديدِ منَ فَتكاتِه
يصرَعُ الموتَ ثابتَ العزمِ مِقْدا / ماً جريئاً في عزمِه وثباته
كم حبا الناسَ من حياةٍ أمدَّ الل / هُ للمجدِ والعُلا في حياته
نال أسمَى الألقابِ والفضلُ فضلٌ / كيفما قد رفعتَ من درجاته
إنْ نَبا خَدُّكَ المُصَعَّرُ عنِّي
إنْ نَبا خَدُّكَ المُصَعَّرُ عنِّي / مُذْ نَبا هَجْوِيَ المَبرِّحُ عَنْكَا
فبجهلٍ قابلتَ ما كان منِّي / وبحلمٍ قابلتُ ما كان منكا
ولو استطعتُ لابتدعتُ كُفوفاً / من هِجاءٍ تَصُكُّ وجَهكَ صَكّا
ولفكَّكْتُ من أساريرِكَ الكِبْ / رَ بقولٍ من وَخْزَةِ الموتِ أنْكَى
إنّنا مَعْشَرٌ نَرى الذلَّ في الو / دِّ لغيرِ اللّهِ المهيمنِ شِرْكا
قد رأينا في المالِ والذلِّ فَقْراً / ورأينا في العِزِّ والفقر مُلْكا
حَنّ شِعري إلى اللّقاءِ وأنَّا
حَنّ شِعري إلى اللّقاءِ وأنَّا / أَينَ ألقاكَ ليتَ شعري وأنَّى
ضَربتْ بينَنا المنونُ بِسُورٍ / حَجبتهُ العقُول عَنْها وعَنَّا
تتلاقَى بِه الدموعُ حَيارَى / وتَغُوصُ الظنونُ فيه فَتضنى
كم حوَى مِن ورائه زَهراتٍ / وغُصُوناً رَيّا المَعاطفِ لُدنَا
كم حوى من ورائِه عبقري / اتٍ ورأياً عَضْبَ الشباةِ وذهْنَا
كم حَوى مِن صحائفٍ لم تُتمَّمْ / وأناشيدَ لم تَعِشْ لتُغَنَّى
وأمانٍ زُغبٍ تطير إلى القَب / ر خِمَاص الحشى فُرادى ومَثْنَى
حَجَبَ السورُ خلفَه لي رجاءً / خانَه الدهرُ في صِباهُ وأخْنَى
أسكتَتهُ قوارعُ الموتِ لحناً / ولوتْهُ زَعازعُ الموتِ غُصنَا
هُو في البدرِ حينما يطلعُ البد / رُ وفي الروضِ حينَما يتَثَنَّى
ما بُكاءُ الأطفالِ أجدى عليهِ / لاَ ولاَ الصبرُ والتجلُّدُ أغنَى
فيه أسْعدتُ كلَّ باكٍ بِدَمعي / وأعرتُ الثكلى الحزينَةَ جفْنَا
كلَّما مرّت النوادبُ صُبحاً / ضربَ القَلبُ بالجَناحِ وحنَّا
يا شباباً فقدتُ فيه شَبابي / أدْركِ الوالهَ الشجي المُغنَّى
قد وأدتُ الرجاءَ في هذه الدنيا / فلا أرتجِي ولا أتَمنّى
وخنقتُ السنينَ أو ما علاها / فرأيتُ الميلادَ مَوْتاً ودَفْنا
مَنْ يُعمر يجد أخلاّءَهُ في الأر / ضِ أوفَى مِمَّن عليها وأحنَى
يذهب الأمسُ بالرجال فيُنسَوْن / وتَمضِي القُرون قرنا فقرنا
رِيشَةٌ في مهامهِ البيد طارَت / أيْنَ طارت اللّهُ أعلمُ مِنّا
وخضَمُّ الماضِي يَعُجُّ بمن في / ه ويغْشى قوْماً ويغمرُ مُدنَا
وظُعونُ المنونِ منذُ سليل الطي / نِ تَطوي الصحراءَ ظعنا فظعنَا
سُفن تلتقِي على شاطىء الغي / بِ لتَلقي هُناكَ سُفناً وسفنَا
ما لنا غيرَ أن نقولَ حيارى / بلسان الدموع كانُوا وكُنَّا
لا تقل إنّ صالحَ الذكرِ يبقى / كل شيءٍ في الدهرِ يبقى ليفْنَى
ما غنائي بالذكر يبقى جميلاً / حين أمسى تحت الصفائح رَهْنَا
ما رجائي والسيف أضحى حُطاماً / أن أرى بعده نِجاداً وجَفنَا
قد فقدنا أنطونَ بالأمس والحز / ن على فقده يُجدِّدُ حُزنَا
أخذته فُجاءةُ الموتِ أخذاً / رِيعَ مِن هولهِ الصباحُ وجُنَّا
ما حنى الرأسَ مرةً لِعظيمٍ / فأبى أن يراهُ لِلسِّنّ يُحنَى
أنجمٌ أشرقت فأطفأها المو / تُ كما تُطفأ المصابيح وهْنَا
ما على الدهر لو تريّث حِيناً / أو على الدهرِ مَرّةً لو تأنَّى
كلّ يوم نرثي ونندبُ حتّى / صار ندب الرجال في مصر فنا
ورحا الموتِ لا تني تملأ الأر / ضَ ضجيجاً وتنثر الناس طحْنَا
نَسي الشعرُ في صراع الرزايا / رنّةَ الكاسِ والغزالَ الأغَنَّا
شغَلته مآتمٌ ونعوشٌ / عَنْ هَوى زَينبٍ وعَن وَعد لُبنى
كم سلَوْنا عَن صاحبٍ بحبيبٍ / فإذا بالحبيبِ يُخلفُ ظنَّا
نتداوى مِن لاعجِ الشوقِ بالش / وقِ ونطوي أسى لننشر شجنا
ماتَ أنطونُ وانقَضت دولةُ المج / دِ وكانت به تعزّ وتغنَى
وغدا عَبْقرٌ وواديه أضغا / ثاً وعادت رَجاجة العقْلِ أفنَا
ورأينا الأقلامَ يَشققن صدراً / بعده حَسرةً ويقرعْنَ سِنَّا
نندبُ الكاتبَ الذي يرسل القو / لَ قويَّ الأداءِ معنى ومَبنَى
لا ترى لفتةً به تجبهُ الذو / قَ ولا لَفظةً تخدش أذْنَا
موجِزٌ زاده الوُضوحُ جمالاً / والتخلِّي عن الفَضالاتِ وزْنَا
أين ذاكَ الخلق المسيحَ كأن لم / يكُ بالأمسِ يملأ الأرضَ حُسنَا
والبشاشات أينَ مِنِّي سناها / والأفاكيهُ مِنْ هُناك وهنا
والسياسات والدهاء الذي كا / نَ سِلاحاً حيناً وحيناً مِجَنّا
أينَ ذاكَ الصدر الذي يحملُ الع / بءَ عظيماًن وليس يحملُ ضِغْنَا
كم غزتْهُ الخُطوبُ دُهمَ النواصي / وهو أصفى من الصباح وأسنَى
يا أخي هَلْ يليقُ أن تدخلَ البا / بَ أمامي وأنت أصغرُ سنَّا
قِفْ تأخّر قد كنت تُعلي مكانِي / ما جَرى ما الذي نَبا بك عنَّا
كنتَ بالأمس كنت بالأمسِ رُوحاً / مَرحاً ضاحِكاً وصَوْتاً مُرِنّا
كنت مَعنىً من الشباب وإن / شاخَ وعزْماً لم يعرف الدهر وهنَا
تملأُ الأرضَ والزمانَ حياةً / هادىءَ النفسِ وادِعاً مطمئنا
تبذلُ الخيرَ لم يُكدَّر بمنٍّ / وكثيرُ مِنّا إذا مَنَّ مَنَّا
مجمعُ الضادِ كنتَ للضادِ فيه / عَلَماً يُحسِر العيونَ ورُكنَا
كنتَ مِصباحَنا المنيرَ إذا غمّ / ت سبيلٌ وطالَ ليلٌ وجَنَّا
كنتَ يومَ الجِدالِ بالحجةِ البيضا / ءِ تمحو سحائبَ الشكِّ وكنّا
عِفّةٌ في اللّسانِ صَيّرت الأي / امَ تشدو بمدحِك اليومَ لُسْنَا
تبلغُ الغايةَ القصيّةَ ما أدْ / مَيتَ جُرحاً ولا تعمدتَ طَعنَا
كلُّ قِرْنٍ لدى النضال يرى في / كَ لمعنى الوفاءِ للحق قِرنَا
حَسْرتَا للفتى إذا قارَب الشوْ / طَ طوتْهُ المنونُ غَدْراً وغبْنَا
كلّما مدّ للكمالِ يديهِ / صَدّ عنهُ الكمالُ كِبراً وضَنَّا
إنْ قوِينا عَقْلاً ضعُفنا جُسوماً / ورأينا في الموتِ بُرءاً وأمْنَا
وشئونُ الحياةِ شتّى ولكنْ / حُبُّنا للحياةِ أعظمُ شأنَا
لو يعيشُ الإنسانُ عُمْرَ السُلحفا / ةِ لأغنَى هذا الوجودَ وأقنَى
ما الذي نرتجيه والعُمْرُ طَيفٌ / إنْ فتحنَا العينين بانَ وبنّا
نحنُ في هذه الحياة ثِمارٌ / كُلُّ شيءٍ إن أدْرَكَ النضْجَ يُجْنَى
يا أخي هل تُجيبُ إن هتف الش / وقُ حبيباً صدْقَ الوفَاءِ وخِدْنَا
إن أكنْ فيكَ داني القلبِ بالأم / سِ فروحي لروحِك اليوم أدْنَى
أتراني إنْ حان حَيْني قَميناً / أن أرى في ذَراك ظِلاً وسَكْنَا
نَمْ قريراً فإنَّ في ضجعةِ القب / رِ سَلاماً للعاملين ويُمْنَا
وجَدَ الساهرُ المجدُّ وِساداً / ورأى الطائرُ المحلِّقُ وَكْنَا
إنْ يكنْ في الحياةِ مَعنىً مِن الصفْ / وِ فَما للحياةِ بَعْدَكَ معْنَى
اقتبالُ الربيعِ في بَسَماتِهْ
اقتبالُ الربيعِ في بَسَماتِهْ / نبَّه الكونَ بعدَ طولِ سُباتِهْ
ينْثُرُ الزَّهرَ كالدنانيرِ غضّاً / أيْنَ حُرُّ النُّضارِ من زَهَراتهْ
قد سئِمْنا دُجَى الشتاءِ فجئنا / نرشُفُ النورَ من سنَا لمحاتهْ
وخلعنا الدِّثارَ مثلَ أسيرٍ / حُلّ من قَيْده ومن وخزاتهْ
قد ظنناه في الشتاءٍ وِقاءً / فجمعنا الشتاءَ في طَيّاتهْ
تبخلُ الكفُّ أن تُشير من البْر / دِ ويخشَى المقرورُ من لفَتاتهْ
جَمَدتْ صَوْلةُ اللسانِ وكادتْ / تجمُدُ الهاتفاتُ من كلماتهْ
واختفَى الطيرُ واختفَى كلُّ صوتٍ / مَوْصِليِّ الأداءِ في لَهَواتهْ
ورأينا الأشجارَ يسلُبها الحس / نُ سَنا حَلْيِه وسِحْرَ شِياتِهْ
مال فيها برأسِه كلّ فرْعٍ / باحثاً في الترابِ عنْ وَرَقاتهْ
يهرَمُ الدهرُ في الشتاءِ ويلْقَى / ما مَضَى في الربيعِ من صَبواتهْ
هو تَختُ الوجودِ غنَّى به الطيْ / رُ فهزَّ الغصونَ في دَوْحاتهْ
سايرته الأزهارُ تهفو يميناً / وشمالاً على هوى نغماته
وإذا صفَّقَ الغديرُ انثنى الغُصْ / نُ نضيرَ الشبابِ في رَقَصاتهْ
هاتِ عهدَ الشبابِ إنْ غاصَ في الما / ء وإنْ غابَ في السماء فهاتهْ
هَمَساتُ الشبابِ في النفس أحلى / من حديثِ الهوى ومن هَمساتهْ
نارُه تطرُدُ الهمومَ فتمضِي / خافقاتِ الجَنانِ من جَمَراتهْ
نارُه تصهرُ العزيمةَ سيفاً / تتوقّى السيوفُ وَقْعَ شَباتهْ
ما أحَيْلى وثوبَه وهْو ماضٍ / يتحدَّى الزمانَ في فَتَكاتهْ
نَفحاتُ الشبابِ أين تولَّت / لَهْفَ نفسي على شذى نفحاتهْ
قَدحٌ قد حَلَتْ أوائلُهُ رَش / فاً وذقنا المرّيْنِ في أُخْرَياتهْ
ما أراني من غيرهِ غير ثوبٍ / ضمَّ أردانَه على عِلاّتهْ
ربَّ شيخٍ في عالَمِ الطبِّ حيٌّ / ويراه الزمانُ من أمواتهْ
الشبابُ الشبابُ نورٌ من الل / هِ وريحٌ تهُبُّ من جَنَّاتهْ
يا شبابَ الحِمَى ويا جنده الأحْ / رارَ إن فتَّشَ الحمى عن كُمَاتهْ
زاحِموا في وليمةِ الدهر أرْسَا / لاً ولا تكتفوا بجَمْع فُتاتهْ
الطُّموحُ الحياةُ والمجدُ في الدّن / يا مُبَاحٌ لِطالِبي قَصبَاتهْ
لا ينالُ الفَتَى مَدى المجدِ إلاّ / بمَضاءٍ يُرْبي على وَثَباتهْ
الذراعُ الأزَلُّ والساعدُ المفْ / تُولُ ذُخْرُ الشبابِ في أَزماتهْ
تسخَر الريحُ بالضعيفِ من النَّب / تِ وتخشَى القويَّ من باسقاتهْ
املِكوا الدّهرَ إنّه لا يُوَاتي / غيرَ عَزْمٍ يَفُلُّ من عَزَماتهْ
علَّمتْنا الأيامُ أنّ الذي يُحْ / سنُ يَلْقَى الجزاءَ عَنْ حَسَنَاتهْ
ذهب النومُ فالَّذي يُغْمضُ العَيْ / نَينِ يا تَعْسَه ويَا وَيلاَتِهْ
أسرِعوا فالزمانُ ماضٍ وكَمْ مِنْ / مبطىءٍ قد طَوَاه في عَجلاتهْ
واطرُقوا البابَ كلُّ بابٍ كفيلٌ / بولُوجٍ لمن دَرَى دقَّاتهْ
قد يطولُ السري على المدلج السا / ري فيُدنيه من مدَى غاياتِهْ
لا تُنالُ العُلا بلَيْت ولكنْ / وعُكوفِ الفَتَى على مِرْآتهْ
آلةُ الفَوْزِ همّةٌ تطحَنُ الصخ / رَ وتسمُو للنَّجْمِ في سَبَحاتِهْ
ابتنوا للعُلا وللنيلِ مجداً / واسكُبوا من حياتكم في حياتهْ
لكُمُ في مليكِكم خيرُ داعٍ / تستجيبُ المنَى إلى دَعَوَاتهْ
قُدوةٌ للشباب قد عَرَف الجي / لُ طريقَ الحياةِ من خُطُواتهْ
مرَّةً سامقاً على صهوة الْخَيْ / ل وأخرَى مطامِناً في صلاتهْ
لم نَرَ البَدْرَ قبله يعتلي العَرْ / شَ ويُمْسِي الجلالُ من هَالاَتهْ
أو شهدنا نوراً على الأرض يمشي / الهدى واليقينُ من مشكاتِهْ
أو عهدنا تاجاً على مَفْرِقِ الشم / س يُشِعُّ الإيمانُ من خَرَزاتهْ
كن كما شئتَ أيها الشِّعْرُ فنَّا / ناً فلن تستطيع لمحَ صِفاتهْ
هو خَلْقٌ من الكمالِ المصفَّى / من رآه الكمالَ بذاتهْ
النَّدى والحنانُ في بسماته / والعلا والجلالُ في قسماتهْ
يا مليكاً أعلى الحديثَ من المجْ / دِ وأحيا قديمه من رفاتهْ
إن عيد الجلوس أشرق في الكَوْ / نِ شروقَ الربيع في روضاتهْ
المنى اليانعاتُ من ثَمرَاته / وجَمَالُ الزمانِ في لحظاتهْ
يزدهي النيلُ بالمليكِ المرجَّى / خيرِ أبطالِهِ وحامي حُماتهْ
إن تكنْ مصرُ قبله هِبةَ النِّي / لِ فقد صارَ نيلُها من هِباتهْ
أَيُّ هَذَا المِكْرُوبُ مَهْلاً قَلِيلاَ
أَيُّ هَذَا المِكْرُوبُ مَهْلاً قَلِيلاَ / قَدْ تَجَاوَزْتَ في سُراكَ السبِيلاَ
لَسْتَ كَالْواوِ أنتَ كَالْمِنْجَلِ الْحَصَّادِ / إِنْ أحْسَنُوا لَكَ التمْثِيلاَ
ما غَلَبْتَ النفُوسَ بِالْعَزْمِ لَكِنْ / هَكَذَا يغْلِبُ الْكَثِيرُ الْقَلِيلاَ
أَنْتَ في الْهِنْدِ في مَكانٍ خَصِيبٍ / فَلِمَاذَا رَضِيتَ هذا الْمُحُولاَ
أَنْتَ كَالشيْبِ إِن دَهِمْتَ ابْنَ أُنْثَى / لم تُزَايِلْ جَنْبَيْهِ حَتَّى يَزُولاَ
حارَ بنشنج فِيكَ يَابْنَ شَعُوبٍ / ونَقَضْتَ الْمُجَرَّبَ الْمَعْقُولاَ
عَقَدَ الأَمْرَ فابْتَكَرْتَ لَهُ الْحَلَّ / وما كانَ عَقْدُهُ مَحْلُولاَ
قامَ يَغْزُوكَ بَيْنَ جَيْشِ الْقَوارِيرِ / فَوَلَّى بِجَيْشِهِ مَخْذُولاَ
وَتَرَكْتَ الْحُمُوضَ تَجْرَعُها الأَرْ / ضُ وجَرَّعْتَنَا الْعَذَابَ الْوَبِيلاَ
وبموشَى أرَادَ حَصْرَكَ بِالْجُنْدِ / وَهَلْ تَحْصُرُ الْجُنُودُ السُيولاَ
يا ثَقِيلَ الظِلال آذَيْتَ بِالْما / لِ وَبالنَّفْسِ فَالرحِيلَ الرَحيلاَ
مَنْ يبِتْ عِنْدَهُ الْهِزَبْرُ نَزِيلاً / كانَ مِنْ قَبْلِ زادِهِ مَأكُولاَ
رُبَّ طفلٍ تركتَ مِنْ غَيْرِ ثَدْيٍ / يَضْرِبُ الأَرْضَ ضَجَّةً وعَوِيلاَ
وَفَتاةٍ طَرَقْتَها لَيْلةَ الْعُرْ / سِ وَقَبْلَ الْحَلِيلِ كُنْتَ الْحَلِيلاَ
كَحلُوا جَفْنَها فَكَحَّلْتَ فيها / كُلَّ جَفنٍ أَسىً وَسُهْداً طَوِيلاَ
خَضَّبَتْها يَدُ الْمَوَاشِطِ صُبْحاً / فَمَحاهُ الْمُطَهِّرُونَ أصِيلاَ
ما رَحمتَ الْعُيُونَ تِلْكَ اللَّوَاتِي / تَرَكَتْ كلَّ عاشِقٍ مَذْهُولا
لَوْ رَآها جِبْرِيلُ أسْتَغْفِرُ اللّهَ / لأَلْهَتْ عَنْ وَحْيِهِ جِبْرِيلاَ
يا قَتِيلَ الْفِينيك يَكْفِيكَ قَتْلا / كَ فَأَغْمِدْ حُسامَكَ الْمَسْلُولا
إِنَّ في مِصْرَ غَيْرَ مَوْتِكَ مَوْتاً / تَرَكَ الأَرْوَعَ الأَعَزَّ ذَلِيلاَ
فَارْتَحِل بَارِدَ الْفُؤَادِ قَريراً / مُرْوِياً مِنْ دَمِ الْعِبَادِ الْغَلِيلاَ
أصديقي يودُّ أني أساء
أصديقي يودُّ أني أساء / وعدوِّي يُظن فيه الوفاءُ
عُكِس الحال لا محالة لكن / ربّما أنجد الغريقَ الماء
لَمحَ البِشْرُ باسماً بالأماني
لَمحَ البِشْرُ باسماً بالأماني / وشدا الصفوُ صادحاً بالأغاني
طَرَبٌ هزَّ كلَّ عِطْفٍ وجيدٍ / فكأنّ الوُجودَ من ألحان
إزْدَهِي مصرُ وامْلئي الكون تيهاً / بالأمير النبيل من إيران
أمةٌ مجدُها أطلَّ على الشم / س فحيّا سناءَه الفَرْقدان
قَهَرَتْ صَوْلَةَ الزمان وكانتْ / قَبَسَ النور في شبابِ الزمان
إنّ مصراً وإنّ إيرانَ في المج / د تليداً وطارفاً أَخَوان
أكبرَ ابنُ الحُسين أهرامَ مصرٍ / وشَدا البُحْتُرِيُّ بالإيوانِ
سَعِدا بالقِران في عزَّة الملْ / ك وفي ظلِّ دوْحِه الفَيْنان
فالتقَى بالرضا وبالفوز تاجا / ن وبالوُدِّ والصفا أُمتانِ
دُرّةٌ من كنوز مصرَ أضاءتْ / فوق تاج الملوك من ساسان
ونباتٌ زَكا بروض فؤادٍ / بين ظلين من ندى وحنان
إنّ عهدَ الفاروق عهدُ سُعودٍ / باسمُ الثغْرِ ناضرُ الأفنان
ملِك زانه الجلال وطافتْ / حوْله هالةٌ من الإيمان
قد سَرَى حُبُّه إلى كلِّ قلبٍ / وجرَى حمدُه بكلِّ لسان
لستِ من شأنه ولا بعضِ شانِهْ
لستِ من شأنه ولا بعضِ شانِهْ / كبح الشيْبُ والنُهى من عنانِهْ
فاذهبي ما سلا الفؤادُ ولكن / ساقه يأسُه إلى سُلوانه
وبدار الفِردوسِ من جانبوا الإث / مَ لعجز النفوسِ عن إتيانه
قد تولى الشبابُ ريحانةُ الح / بِّ فمن لي بالحبِّ أو ريحانه
آه من حَيْرةِ المشيبِ سواءٌ / هو في بَوْحِه وفي كتمانه
إن كتمناهُ قهقه الدهرُ جذلا / نَ ومدّ الخبيثُ طرفَ لسانه
أو أبحناهُ راعنا كلَّ يوْمٍ / شُرُفاتٌ يهوين من بنيانه
ورأيْنا الغِيدَ الأماليدَ حُلْماً / ضنّ بالملتقَى على وسنانه
كلُّ شيءٍ له أوانٌ يوفِّي / ه وفوْتُ الشباب قبل أوانه
كم نعمنا به زماناً فلمّا / طاح عشنا في ذكريات زمانِهْ
طائرٌ كان إن تغنَّى إلى الرو / ضِ شجا الحالياتِ من أغصانه
عسجديُّ الجناحِ ودّ العذارَى / لو خضبن البَنانَ من ألوانه
وتمنَّى الأصيلُ لو نال يوماً / لمحةَ الحسن من سنا لمعانه
أين تصفيقُه وأين مجالي / ه وأين الرخيمُ من ألحانه
جالَ في الأفْق جوْلةً ثم ولَّى / هل يعود الشادي إلى جَوْلانهْ
ومضى خافقَ الْجَناح ولم يت / رُكْ لقلبي منه سوى خفقانه
وحواه الماضي الْخِضمُّ وأبقَى / ذكرياتٍ تطفو على شُطْئانه
مرّةً نستريح شوْقاً لذِكرا / ه وحيناً نَجِدُّ في نسيانه
أنا عزمي من آل صخرٍ ورأسي / لقي الويلَ من بني شَيْبانه
ولنفسي مُنى الشبابِ وإن أد / رج وجهي الشبابَ في أغصانه
ما أُحَيْلَى الصبا فهل لمحةٌ من / هُ ومن زهْوهِ ومن ريعانه
بان بالأمس ركبُه فتطلّع / تُ أعُدُّ الطيوفَ من أظعانه
وبدا في طليعة الركب طيْفٌ / لجَّ منه الفؤَاد في تحنانهْ
هاج ذِكرَى دارِ المعارف والغص / نُ رطيبٌ والعمرُ في عنفوانِهْ
جمعتنا روْضاً جَنىً وظلالاً / تتدانى القطوفُ من أفنانه
فشدوْنا عنادلاً هزّت الده / رَ وكادت تُلهيه عن حَدثانه
وصحا الشرق ناشطاً يجبَه الدن / يا وينفي النعاسَ عن أجفانه
وكتَبنا في رْوعةٍ وبيانٍ / يُقسمُ السحرُ إنه من بيانه
من إمامٍ وشاعرٍ وأديبٍ / معجزاتُ الفنونِ طوْعُ بنانه
جمعتنا دارُ المعارف أحرا / راً فكنَّا للعلم من عُبْدانه
إنّ عُنوانَها جهابذُ مصرٍ / وجلالُ الكتابِ في عنوانهْ
مصنعٌ من ثقافةٍ وضياءٍ / كلُّ قطرٍ يعشو إلى نيرانه
يُنضج الخبزَ للعقول نقيّاً / لم يُروَّع بالبخسِ في ميزانه
كلّما دار دورةً نهض العق / لُ وألقى العتيقَ من أكفانه
طَبَعاتٌ فيها من الحسن طبعٌ / قيمةُ المرءِ في مدَى إحسانه
وإذا راعك الجمالُ لفنٍ / عبقري فاسألهُ عن فنَّانه
نجمع الدرَّ توْأماً وفريداً / ثم نأتي به إلى دَهْقانه
قُلْ كما شئت في مديح شفيقٍ / والكرام الثقاتِ من أعوانه
باعثُ الفِكر مثلهُ ناشرُ الفك / رِ له فضلُه ورفعةُ شانِهْ
أيُّ نفع للمسك في حُقّةِ المس / كِ وللمال في يَدَيْ خزّانِهْ
ينشَطُ الفكرُ بالذيوع ويزكو / وزكاء اليَنبوعِ في جريانه
يا ابن متري بلغتَ مدحي وهذا / منزلُ النجمِ أو قريبُ مكانه
صنتُ شعري عن أن يهونَ وبعضُ الش / عِر يسعى لذلِّه بهوانه
يصغرُ الفنُّ حينما تصغُر النف / سُ وينحطُّ من رفيع قِنانه
إن شعري أجرُ النبوغِ فما ب / ضَ لغير المُجيدِ في مَيْدانه
أشفيقٌ سِرْ بالشبابِ حثيثاً / أملُ الشرقِ في يَدَيْ شُبّانه
قد قرأنا في اقرأ صحائفَ أبدت / صفحاتِ الربيع في إبّانِهْ
نهضت بالشريفِ من لغة الضا / دِ وجاءت بالسحر من تبيانه
فهناءً دار المعارف لا زِلْ / تِ منارَ الحِجا ومجلَى افتتانه
لقِيَ الشرقُ في ذَراكِ ملاذاً / مُذْ بعثتِ الحياة في أوطانه
هَنِّ إيرانَ بالقِرانِ ومِصْرَا
هَنِّ إيرانَ بالقِرانِ ومِصْرَا / واملأِ الكونَ بالبشائرِ عِطْرَا
وانثُرِ الشِّعْرَ للعروسينِ زَهْراً / وانظمِ الزَّهْرَ للعروسين شِعْرا
بَزَغَتْ في مشارقِ المجدِ شَمْساً / وبدَا في مطالِع السعدِ بَدْرا
شَرَفٌ يبهَرُ السماءَ وعِزٌّ / يمتطي هامةَ الكواكبِ زُهْرا
سَطعَ الفوْزُ والرضا بين تاجَيْ / نِ أعادا للشرقِ عزَّاً وذِكْرا
وتلاقَى مجدٌ بناه بنو الني / لِ بمجدِ بناه دارا وكِسْرَى
تهنئات البلاغ وهي ولاء / صوّرتها يد الطبيعة زهرا
حينما نِلتَ آبداتِ المعالي
حينما نِلتَ آبداتِ المعالي / وشفَيْنا المُنَى وكانتْ عِطَاشَا
قال لي الشعرُ قمْ وسجِّلْ وأرِّخْ / أيُّ بُشْرَى غدا الجميلُ باشا
فجعت مصر يوم نعي عليِّ
فجعت مصر يوم نعي عليِّ / بالأديب الفهّامة الألمعيِّ
شاعرٌ لازم القريض إلى أن / كان يوم الفراق حرف رويّ
وقضى واجبين يوم قضى نحبا / وأعظم بالواجب المقضيّ
واجب الشعر والوفاء مدى / العمر فطوبى لشاعر ووفيّ
إن جهد الرثاء لوعة راث / في مضامين شعره مرثيّ
لست أوفيه وصفه إنّ وصفاً / لعليٍّ يغني غناء السميّ
علم في الديار صنّاجة في الحفل / ركن في المجمع اللغويّ
وسراج في مفرق الرأي هاد / وجمال وبهجة في النديّ
وزميل سمح الزمالة برّ / وأخ بالإخاء جد حفيّ
ذلك الشاعر الذي ثكلته / مصر في يوم مأتم وطنيّ
لم تزل تسمع المراثي حتى / سمعت في الرثاء صوت نعيّ
تتنزى على زعيم أمين / وأديب جزل البيان سريّ
لستُ أوفيه حقّه إنه حقّ بي / ان عن البيان غنيِّ
وارثُ الأصمعيّ في لغة الضا / د وفي الشعر وارث البحتريّ
والأديبُ الذي له فطنة المصر / يّ زانت سليقة البدويّ
والمربي الذي تعهّد جيلاً / عهد علمٍ منه وعهد رقيّ
وأخو النشأتين شرقاً وغربا / من قديمٍ باقٍ ومن عصريّ
كم شهدناه في شواهد نص / ورأيناه في تعارض رأي
وسطا بين ممعن في وقوف / عند ماض وممعن في مضيّ
قائلاً ناقلاً سميعاً مجيبا / حسن تبيانه كحسن الصفيّ
يا عليّاً له مان عليٌّ / بين دانٍ من جيله وقصيّ
إن شعراً سمعته يوم ودّع / ت سيملي وداع حيّ فحيّ
سوف يبقى مستشهداً بمعانيه / وفاء لكل حرّ أبيّ
ولك القول حيث قلت غذاء / ودواء شاف لقلب الشجيّ
سوف يبقى لمنشدٍ وطروبٍ / وفخورٍ وناصحٍ ونجيّ
سوف يبقى مجدّداً لك ذكرا / حيث يُروي في العالم العربيّ
أنت أحييته تراثاً على الده / ر فعش في تراثه الأبديّ
في ربيع الزمانِ جَادَ زماني
في ربيع الزمانِ جَادَ زماني / بلقاء الأحبّة الإخوانِ
وانتشى القلبُ بالحنانِ وبالح / بِّ وحلوِ الهوى وصفوِ الأماني
وهفَا للرياضِ تعبقُ بالمس / كِ وأصغى لهمسةِ الأغصان
ودعاني الحنينُ فاشتغلَ الفك / ر وزادَ الوجيبُ لمّا دعاني
وتركتُ العنانَ للشعرِ يسمو / عربيَّ اللّسانِ من عدنان
فانبرى يسبق السحابَ ويُضفي / بسمةَ الكونِ فوق ثغرِ الزمان
وامتطى صهوةَ الرياحِ جريئاً / وتحدّى الطيورَ في الطيران
كُنْ معي يا قريض تُلهمني الف / نَّ فأشدو بأروع الألحان
كمْ رأيْنا على مدى كلّ عصرٍ / كيفَ تُذكي قريحة الفنان
طِرْ بِنا إلى رشيد ورفرف / بجناحَيْنِ مِنْ هوى وحنان
لنحيي الأحبابَ جاءَتْ تُحييّ / شاعرَ العُرْبِ سيِّدَ الأوزان
ضمّهم على الوفاءِ لقاءٌ / فتباروُا في حلبةِ الميدان
وأعادوا إلى الحياةِ عُكَاظاً / تنشر الشعرَ عبقري المعاني
يا تلاميذه وعارفي الفضلِ جِئْتُم
يا تلاميذه وعارفي الفضلِ جِئْتُم / لتحيّوا عليَّ في المهرجان
خبروني بربكم أيْنَ ولَّى / أيْنَ أصداء صوته الرنّان
هو في الزهر نفحةٌ من أريجٍ / عرفتها جوانبُ البستان
هو في الطيْر نغمةٌ ولهاةٌ / صوتها العذب فاق صوْت الكمان
هو في البيدِ واحةٌ من نعيمٍ / طوّقتها سواعِدُ الكثبان
هو في البحرِ موْجةٌ تتهادى / فاحتوتْها الرمالُ بالأحضان
هو في النيلِ نسمةٌ تُنعِشُ الرو / حَ وتحكي نضارةَ الشطئان
أصحيحٌ طوى المماتُ عليّاً / فطوى شاعراً فريد البيان
لم يمتْ مَنْ سعى الخلودُ إليه / وجرى ذِكرهُ بكلِّ لسان
هو حيٌّ يُطلُّ من كلِّ بيتٍ / دبَّجته عصارةُ الوجدان
كلما شدّني المزارُ إليه / طالعتني صحائِفُ الديوان