المجموع : 30
أَدِرْهَا قَبْلَ تَغْرِيدِ الْحَمَامَهْ
أَدِرْهَا قَبْلَ تَغْرِيدِ الْحَمَامَهْ / فَمَا يَنْفِي الْهُمُومَ سِوَى الْمُدَامَهْ
مُعَتَّقَةً إِذَا سَلَكَتْ ضَمِيراً / مَحَتْ عَنْهُ الْكَلالَةَ وَالسَّآمَهْ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ أَصْبَحَتِ الْغَوَادِي / لَهَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلامَهْ
فَكَمْ فِي الأَرْضِ مِنْ مَجْرَى غَدِيرٍ / وَكَمْ فِي الْجَوِّ مِنْ مَسْرَى غَمَامَهْ
فَبَادِرْ صَفْوَةَ الأَيَّامِ تَغْنَمْ / لَذَاذَتَهَا وَلا تَخْشَ الْمَلامَهْ
وَلا تَحْزَنْ عَلَى شَيءٍ تَوَلَّى / فَإِنَّ الْحُزْنَ مِقْرَاضُ السَّلامَهْ
أَنَا فِي الدَّهْرِ ضَائِعٌ بَيْنَ فَهْمٍ
أَنَا فِي الدَّهْرِ ضَائِعٌ بَيْنَ فَهْمٍ / فَاتِكٍ حَدُّهُ وَجدٍّ كَهَامِ
حُزْتُ عِلْمَاً وَمَا رُزِقْتُ قَبُولاً / فَكَأَنِّي مَجَلَّةُ الأَحْكَامِ
أَيُّهَا الشَّاعِرُ الْمُجِيدُ تَدَبَّرْ
أَيُّهَا الشَّاعِرُ الْمُجِيدُ تَدَبَّرْ / وَاجْعَلِ الْقَوْلَ مِنْكَ ذَا تَحْكِيمِ
لا تَذُمَّ اللَّئِيمَ وَامْدَحْ كَرِيماً / إِنَّ مَدْحَ الْكَرِيمِ ذَمُّ اللَّئِيمِ
مَنْ لِعَيْنٍ إِنْسَانُهَا لا يَنَامُ
مَنْ لِعَيْنٍ إِنْسَانُهَا لا يَنَامُ / وَفُؤَادٍ قَضَى عَلَيْهِ الْغَرَامُ
أَقْطَعُ اللَّيْلَ بَيْنَ حُزْنٍ وَدَمْعٍ / وَسُهَادٍ وَالنَّاسُ عَنِّي نِيَامُ
لا صَدِيقٌ يَرْثِي لِمَا بِتُّ أَلْقَا / هُ وَلا مُسْعِدٌ فَأَيْنَ الْكِرَامُ
لَمْ تَدَعْ لَوْعَةُ الصَّبَابَةِ مِنِّي / غَيْرَ نَفْسٍ غِذَاؤُهَا الآلامُ
رَقَّ طَبْعُ النَّسِيمِ رِفْقاً بِحَالِي / وَبَكَى رَحْمَةً عَلَيَّ الْحَمَامُ
وَبِنَفْسِي لَوْ كُنْتُ أَمْلِكُ نَفْسِي / قَمَرٌ نُورُهُ عَلَيَّ ظَلامُ
تَسْتَطِيبُ الْقُلُوبُ فِيهِ الرَّزَايَا / وَتَلَذُّ الضَّنَى بِهِ الأَجْسَامُ
صَنَمٌ حَامَتِ الْقُلُوبُ عَلَيْهِ / فَانْظُرُوا كَيْفَ تُعْبَدُ الأَصْنَامُ
غَيَّرَتْهُ الْوُشَاةُ فَازْوَرَّ عَنِّي / وَهْوَ مِنِّي بِنَجْوَةٍ لا تُرَامُ
زَعَمُونِي أَتَيْتُ ذَنْبَاً وَمَا لِي / يَعْلَمُ اللَّهُ فِي هَوَاهُ أَثَامُ
سَوْفَ يَلْقَى كُلُّ امْرِئٍ مَا جَنَاهُ / وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأَحْكَامُ
يَا نَدِيمَيَّ عَلِّلانِي فَلَنْ تَهْ / لِكَ نَفْسٌ قَدْ عَلَّلَتْهَا النِّدَامُ
رُبَّ قَوْلٍ يَرُدُّ لَهْفَةَ قَلْبٍ / وَكَلامٍ تَجِفُّ مِنْهُ الْكِلامُ
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ تَرَاهُ سَلِيمَاً / وَهْوَ دَاءٌ تَدْوَى بِهِ الأَفْهَامُ
قَدْ لَعَمْرِي بَلَوْتُ دَهْرِي فَمَا أَحْ / مَدْتُ مِنْهُ مَا تَحْمَدُ الأَقْوَامُ
صَلَفٌ لا يَبُلُّ غُلَّةَ صَادٍ / وَمَرَاعٍ هَشِيمُهَا لا يُشَامُ
أَطْلُبُ الصِّدْقَ فِي الْوِدَادِ وَأَنَّى / يَصْدُقُ الْوُدُّ وَالْعُهُودُ رِمَامُ
كُلَّمَا قُلْتُ قَدْ أَصَبْتُ خَلِيلاً / أَضْحَكَتْنِي مِنْ غَدْرِهِ الأَيَّامُ
فَتَفَرَّدْ تَعِشْ بِنَفْسِكَ حُرّاً / رُبَّ فَرْدٍ يَخْشَاهُ جَيْشٌ لُهَامُ
وَاحْذَرِ الضَّيْمَ أَنْ يَمَسَّكَ فَالضَّيْ / مُ حِمَامٌ يَفِرُّ مِنْهُ الْحِمَامُ
ضَلَّ قَوْمٌ تَوَهَّمُوا الصَّبْرَ حِلْمَاً / وَهْوَ إِلَّا لَدَى الْكَرِيهَةِ ذَامُ
يَحْسَبُونَ الْحَيَاةَ فِي الذُّلِّ عَيْشاً / وَهْوَ مَوْتٌ يَعِيشُ فِيهِ اللِّئَامُ
يَا نَدِيمَيَّ فِي سَرَنْدِيبَ كُفَّا
يَا نَدِيمَيَّ فِي سَرَنْدِيبَ كُفَّا / عَنْ مَلامِي فَلَيْسَ يُغْنِي الْمَلامُ
أَنَا فِي هَذِهِ الدِّيَارِ غَريبٌ / وَغَرِيبُ الدِّيَارِ لَيْسَ يُلامُ
وَاذْكُرَا لِي فُسْطَاطَ مِصْرَ فَإِنِّي / بِهَوَاهَا مُتَيَّمٌ مُسْتَهَامُ
أَيُّ شَيءٍ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ
أَيُّ شَيءٍ يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ / وَالْمَنَايَا خَصِيمَةُ الْحَيَوَانِ
قَدْ بَلَوْنَا كَيْدَ الزَّمَانِ وَلَكِنْ / شَغَلَتْنَا عَنْهُ ضُرُوبُ الأَمَانِي
فَلَكٌ لا يَزَالُ يَجْرِي عَلَى النَّا / سِ بِضِدَّيْنِ مِنْ عُلاً وَهَوَانِ
فَهْوَ طَوْرَاً يَكُونُ كَالْوَالِدِ الْبَرْ / رِ وَطَوْرَاً كَالنَّاقِمِ الْغَضْبَانِ
لَيْسَ يُبْقِي عَلَى وَلِيدٍ وَلا كَهْ / لٍ وَلا سُوقَةٍ وَلا سُلْطَانِ
كَيْفَ يَرْجُو الإِنْسَانُ فِيهِ خُلُوداً / بَعْدَ مَا قَدْ مَضَى أَبُو الإِنْسَانِ
أَيْنَ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا مُنْذُ دَارَتْ / كُرَةُ الأَرْضِ وَهْيَ ذَاتُ دُخَانِ
أُمَمٌ أَخْلَدَتْ إِلَى الدَّهْرِ حِيناً / ثُمَّ ضَاعَتْ فِي لُجَّةِ النِّسْيَانِ
حَصَدَتْهَا يَدُ الْمَنُونِ فَصَارَتْ / خَبَراً فِي الْوُجُودِ بَعْدَ عِيَانِ
فَتَرَسَّمْ مَعَالِمَ الأَرْضِ وَاسْأَلْ / فَعَسَى أَنْ يُجِيبَكَ الْهَرَمَانِ
أَثَرٌ دَلَّ صُنْعُهُ أَنَّ هُرْمِي / سَ بَنَاهُ مِنْ أَبْدَع الْبُنْيَانِ
خَافَ ضَيْعَ الْعُلُومِ حِينَ أَتَتْهُ / بَيِّنَاتٌ دَلَّتْ عَلَى الطُّوفَانِ
فَبَنَاهُ مِنَ الصُّخُورِ اللَّوَاتِي / جَلَبَتْهَا الْقُيُونُ مِنْ أُسْوَانِ
طَبَقَاتٌ فِي جَوْفِهَا حُجُرَاتٌ / ضُمِّنَتْ كُلَّ حِكْمَةٍ وَبَيَانِ
بَقِيَتْ بَعْدَ صَانِعِيهَا فَكَانَتْ / أَثَرَاً نَاطِقاً بِغَيْرِ لِسَانِ
سَوْفَ تَبْلَى مِنْ بَعْدِ حِينٍ وَيُمْحَى / ذِكْرُ هُرْمِيسَ مِنْ سِجِلِّ الزَّمَانِ
إِنَّمَا هذِهِ الْحَيَاةُ غُرُورٌ / تَنْقَضِي بِالشَّقَاءِ وَالْحِرْمَانِ
لَيْسَ فِيهَا سِوَى خَيَالاتِ وَهْمٍ / تَمْتَرِيهَا قَرَائِحُ الأَذْهَانِ
خَطَرَاتٌ قَدْ ضَمَّنُوهَا كَلاماً / فَلْسَفِيّاً لَمْ يَقْتَرِنْ بِمَعَانِي
كُلُّ حَيّ يَظُنُّ أَمْرَاً وَلَكِنْ / أَيْنَ مِنْهُ مَحَجَّةُ الْبُرْهَانِ
قَدْ عَرَفْنَا مَا كَانَ مِنَّا قَرِيباً / وَجَهِلْنَا مَا لا تَرَى الْعَيْنَانِ
فَدَعِ الْقَوْلَ فِي التَّفَلْسُفِ وَاخْضَعْ / لِجَلالِ الْمُهَيْمِنِ الدَّيَّانِ
أَنَا يَا دَهْرُ عَالِمٌ بِمَصِيرِي / فِيكَ لَكِنَّنِي جَمُوحُ الْعِنَانِ
قَدْ تَمَادَيْتُ فِي الْغَوَايَةِ حَتَّى / كَبَحَ الدَّهْرُ شِرَّتِي وَثَنَانِي
لاعَبَ السُّكْرُ قَدَّهُ فَتَثَنَّى
لاعَبَ السُّكْرُ قَدَّهُ فَتَثَنَّى / وَدَعَاهُ فَرْطُ السُّرُورِ فَغَنَّى
رَشَأٌ تَعْبُدُ النَّوَاظِرُ مِنْهُ / وَاحِداً فِي الْجَمَالِ لَيْسَ يُثَنَّى
أَنْبَتَ الْحُسْنُ فَوْقَ خَدَّيْهِ وَرْدَاً / لَيْسَ إِلَّا بِغَمْزَةِ اللَّحْظِ يُجْنَى
لَمْ يَزَلْ يَرْضَعُ السُّلافَةَ حَتَّى / غَابَ عَنَّا كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَّا
فَأَنَمْنَاهُ فَوْقَ مَهْدٍ وَثِيرٍ / بُرْهَةً كَيْ يُفِيقَ ثُمَّ انْصَرَفنَا
فَلَبِثْنَا هُنَيْهَةً ثُمَّ لَمَّا / خَفَّ مِنْ سُكْرِهِ وَأَقْبَلَ قُمْنَا
وَأَدَرْنَا الْكُؤُوسَ حَتَّى تَوَلَّتْ / أَنْجُمُ اللَّيْلِ مِنْ أُحَادَ وَمَثْنَى
يَا لَهَا لَيْلَةً أَبَحْنَا بِهَا اللَّهْ / وَ إِلَى وَرْدَةِ الْغَدَاةِ وَتُبْنَا
أَوَّلُ النَّفْسِ نُطْفَةٌ أَخْلَصَتْهَا
أَوَّلُ النَّفْسِ نُطْفَةٌ أَخْلَصَتْهَا / شَهْوَةٌ صَاغَهَا مِزَاجٌ دَفِينُ
قَذَفَتْهَا إِلَى الْبُطُونِ ظُهُورٌ / وَحَوَتْهَا بَعْدَ الظُّهُورِ بُطُونُ
ثُمَّ أَرْسَى بِهَا هُبُوطٌ يَلِيهِ / حَرَكاَتٌ مِنْ بَعْدِهِنَّ سُكُونُ
فَهْيَ طَوْرَاً تَكُونُ فِي عَالَمِ الْغَيْ / بِ وَطَوْرَاً فِي مِثْلِ ذَاكَ تَكُونُ
مُبْتَدَاهَا وَمُنْتَهَاهَا سَوَاءٌ / وَهْيَ مَا بَيْنَ ذَاكَ حَيٌّ مَهِينُ
فَعَلامَ الْبُكَاءُ فِي إِثْرِ دَارٍ / بِالرَّزَايَا فِنَاؤُهَا مَشْحُونُ
تَتَفَانَى الرِّجَالُ حِرْصَاً عَلَيْهَا / وَهْوَ حِرْصٌ أَدَّى إِلَيْهِ الْجُنُونُ
حَارَ فِيهَا أَرِسْطَطَالِيسُ قِدْماً / وَنَعَاهَا الْحَكِيمُ أَفْلاطُونُ
إِنَّ لِي صَاحِبَاً وَلا بُدَّ مِنْهُ
إِنَّ لِي صَاحِبَاً وَلا بُدَّ مِنْهُ / قَلَّ صَبْرِي بِهِ وَزَادَتْ شُجُونِي
أَحْمَقٌ لا يَكَادُ يَفْقَهُ قَوْلاً / مِنْ حَدِيثٍ وَالْحُمْقُ نِصْفُ الْجُنُونِ
كُنْ كَمَا شِئْتَ مِنْ رَشَادٍ وَغَيٍّ
كُنْ كَمَا شِئْتَ مِنْ رَشَادٍ وَغَيٍّ / كُلُّ حَيٍّ بِمَا جَنَاهُ رَهِينُ
كُلُّنَا لِلْفَنَاءِ أَوْ تَصْعَق الأَرْ / ضُ وَتَأْتِي بَعْدَ الشُّؤُونِ شُؤُونُ
يَسْتَفِزُّ الْحَلِيمَ رَوْنَقُهَا الْبَا / هِرُ حَتَّى يَخِفَّ وَهْوَ رَكِينُ
ذَهَبَا غَيْرَ ذُكْرَةٍ سَوْفَ تَفْنَى / بَعْدَ ضنٍّ وَكُلُّ شَيْءٍ يَحِينُ
فَاحْتَقِبْ سِيرَةَ الْمَحَامِدِ فَالذِّكْ / رُ حَيَاةٌ لِمَنْ طَوَتْهُ الْمَنُونُ