القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 47
كم تجنيتَ يا مليحَ النفورِ
كم تجنيتَ يا مليحَ النفورِ / وأطلتَ الجفا على المهجورِ
لا ترُعْهُ فقدْ كفى ما يقاسي / من أنينٍ ولوعةٍ وزفيرِ
يجدُ العمرَ في هواكَ قصيراً / وزمانُ الصدودِ غيرُ قصيرِ
من ليالٍ تمرُّ مرَّ سنينٍ / وشهورٍ تمرُّ مرَّ دهورِ
قائماً في دُجَاهُ يرتقبُ الفجرَ وير / مي الدُّجى بدمعٍ غزيرِ
وتكادُ النجومُ تهوي إذا ما / بثَّ شكواهُ للعليمِ القديرِ
يتلاعبنَ في المجرَّةِ كالحو / رِ تراقصنَ في مياه غديرِ
خانَهُ قلبُهُ فباتَ جَزُوعا / وفؤادُ المحبِّ غير صبورِ
ولقد كانَ في هواكَ عزيزاً / يتأبى على الظباءِ الحورِ
ملكَ الحبَّ والصبابةَ والشو / قَ وربّ الإيوانِ ربّ السريرِ
فوقَ كسرى وفوقَ قبصرَ في المل / كِ وفوقَ الرشيدِ والمنصورِ
فإذا شاءَ أنزلَ البدرَ قسراً / وإذا شاءَ كانَ عندَ البدورِ
تتهاداهُ بالعيونِ ظباءٌ / ناقماتٌ على الغزالِ الغريرِ
أسكنتهُ الضميرَ حتى رأتهُ / يتهادى من كبرهِ في الضميرِ
وتباكينَ حينَ سار غراماً / فمشى فوقَ لؤلؤٍ منثورِ
فتحفظ بمهجتي يا مليكاً / شبَّ فيها مواهُ نارُ السعيرِ
إن خطبَ الصدود منكَ وإن طا / لَ على عاشقكَ غيرُ عسيرِ
غيرُ قلبي أراهُ يسطيعُ صبرا
غيرُ قلبي أراهُ يسطيعُ صبرا / وسوى علتي من الحبِّ تبرى
أنا لم يبقَ بينَ جنبيَّ إلا / كبدٌ من لوعةِ الشوقِ حرَّا
فدعوا اللومَ إنما هو لؤمٌ / وقديماً ولدتْ والعينُ عبرى
ما عليكم من الغرامِ إذا ما / كانَ حلوَ المذاقِ أو كانَ مرَّا
إن تكنْ تصغرُ المصئبُ فالنف / سُ ترى فيكم المصائبُ كُبرى
كرجالِ الوباءِ في طلعةِ الطا / عونِ أيامَ زلزلَ الويلُ مصرا
سفهاءُ كمثلِ ما افتضحَ العر / ضُ لئامٌ كالعسرِ لم يبقِ يسرا
والذي أثقلَ الرواسي أني / لأرى ظلكم على الأرضِ صخرا
لا يغرَّنَّ من يلومني الصم / تُ فإني رأيتُ في الصمتِ أجرا
أإذا نالَ من كريمٍ سفيهٌ / أتقيموا لهُ السفاهةَ عذرا
ليتَ هذا الزمانَ يرجعُ يوماً / من زمانِ الصبا ويأخذ عمرا
يومَ كانَ الفؤادُ كالروضةِ الغنا / ءِ تجني يد الهوى منهُ زهرا
والليالي كالطيرِ ناحتْ فخلنا / ها تغني وهنَّ يبكينَ قسرا
والأماني على الهوى حائماتٌ / مثلَ سربِ القطا إذا جئنَ نهرا
وإذا همَّ أن تنولني يمنى يدي / هِ همتْ بسلبي يسرى
أنا يا دهرُ لم أسئْ لكَ يوماً / فلماذا أساءني الهمُّ دهرا
قد رآني مما تحمَّلَ صدري / لو أتاني السرورُ لم يلقَ صدرا
ولعمري لم أمشِ في الأرضِ إلا / قامَ بي أن تحتَ رجليَّ قبرا
يا نجومَ السماءِ ما لكِ تزهي / نَ كلانا قد باتَ يعشقُ بدرا
إن تعيني على همومِ الليالي / فاحملي شطرها وأحملُ شطرا
أجدُ الهمَّ كلما نقصتهُ / ساعةً بالرجاءِ زادتهُ أخرى
وبنا حسرةٌ تزجُّ لها الأر / ضُ فهل أنتِ في سمائكِ حَسْرى
ما على من هويتِ لو حملَ البر / قَ سلاماً واستودعَ الريحَ سرا
هو أدرى بما أحاولُ منهُ / وأنا بالذي يحاولُ أدرى
ألفَ الصدَّ والتجافي غدراً / وأذى الصب والتجني كبرا
من يحييهِ والنسيمُ إذا هبَّ جفا / ني والصبحُ أطولُ هجرا
وصحابي إذا افتقرتُ إليهم / زادنب الأغنياءُ عني فقرا
خلقَ اللهُ ذا الجمالَ متاعاً / غيرَ أنَ الجميلَ بالتيهِ مَغْرى
وأرى الصدَّ لذةً وشقاءً / ومن النفعِ ما إذا زادَ ضرَّا
فاحذري يا نجومُ بدركِ إني / أجدُ الحسنَ صارَ في الناسِ سرا
هجرتني الملاحُ من غيرِ ذنبٍ
هجرتني الملاحُ من غيرِ ذنبٍ / وأعانتْ عليَّ دهري الملاحُ
قاتلاتُ النفوسِ حرَّمها اللهُ / وهل من أجلهنَّ تباحُ
وتمادينَ في عذابي حتى / ما لليلي من بعدِ ليلى صباحُ
يا فؤادي اصطبرْ فإن هي إلا / غدوةٍ بعدها يكونُ الرواحُ
كم أناسٍ يصدُّ عنهم أناسٌ / جمعَ الموتَ بينهم فاستراحوا
علمَ اللهُ أنني بكَ صبٌّ
علمَ اللهُ أنني بكَ صبٌّ / ولذكرى حماكَ ما عشتُ أصبو
يا خليفَ الوفا أما ليَ عذرٌ / يغفرُ الذنبَ إن يكنَ لي ذنبُ
قد سعوا بي إليكَ بالعيبِ فالعي / بُ وما لي سوى المحبةِ عيبُ
وأرادوا أن يلزموا القلبَ صبراً / لهم الويلُ هل لذي الحبِّ قلبُ
أتَخذت السحابَ داركَ في الجو / فليست تجيئنا منكَ كُتْبُ
أم فما أوجبَ القطيعةَ والبغ / ضا وقلبي كما عهدتَ محبُّ
لو سألتَ النسيمَ عني لأمسى / بزفيري على حماكَ يَهِبُّ
أو أذنتَ السحابَ ان تذكرَ الدم / عَ لباتتْ من الدموعِ تَصُبُّ
أو تعرضتَ للحمامِ بذكري / طالَ منهُ على جفائكَ عتْبُ
سقمي قاتلي وأنتَ طبيبي / ما لسقمي سوى رضائكَ طِبُّ
كنتُ أرجوكَ أن تعينَ على اله
كنتُ أرجوكَ أن تعينَ على اله / مّ إذا أنتَ للهمومِ معينُ
ثمَّ أصبحتَ بالودادِ جواداً / وفتى الجودِ بالودادِ ضنينُ
فإذا كنتَ قد ظننتَ غروراً / إنما أنتَ جوهرٌ مكنونُ
فبهذي الفعالِ والخلقِ السو / ءِ وتبينتَ أن فعلكَ شينُ
أصبحي يا همومُ فينا وبيتي
أصبحي يا همومُ فينا وبيتي / ما لهمٍّ على الرضا من ثبوتِ
قد بلونا الصدودَ حتى ألفنا / هُ كإلفِ العييِّ طولَ السكوتِ
وغدونا معَ الزمانِ كما شا / ءَ وشاءتْ فواجعُ التشتيتِ
تترامى بنا رياحُ الرزايا / كلَّ يومٍ ترامي العنكبوتِ
لا رعى اللهُ من يحبُّ على الغدِ / رأغنّاً أو ذاتَ حليٍ صموتِ
أحرامٌ يا نفسُ أم أحفظَ الودَّ / إذا ما أضاعهُ من هويتِ
ليسَ قلبي لغيرِ من يحفظُ القل / بَ سواءَ أبيتِ هذا أو رضيتِ
فإذا ما الحبيبُ أعرضَ عني / فاهجريهِ هجرَ الطلاقِ البَتُوتِ
واطلبي جانبَ الفخارِ وأعلي / ما بناهُ الجدودُ لي أو فموتي
كتبوها مثل الحواجبِ نونا
كتبوها مثل الحواجبِ نونا / وأروها قوامهَا في الكتابِ
ثم مازالتِ المشايخُ حتى / علموها الدلالَ في الكُتَّابِ
طلعتْ والظلامُ يحسدهُ الصبحُ فخل
طلعتْ والظلامُ يحسدهُ الصبحُ فخل / نا في الأرضِ شمسَ السماءِ
ورأتْ أكبدَ الورى في ثراها / فمشتْ من دلالها في الهواءِ
نفرتْ والظباءُ ذاتَ نفارِ
نفرتْ والظباءُ ذاتَ نفارِ / وتجنتْ عليهِ ذاتَ السوارِ
لم يكن يعرف الهوى فرآها / ورأى زهرة الهوى في الإزارِ
ورنتْ عينها إليهِ بأن لا / تتبعنا فمرَّ في الآثارِ
يتوارى عن العيونِ وإن لم / يكُ عن كاتبيهِ بالمتواري
ويدورُ الهوىبلحظيهِ ما بي / نَ يمينٍ تخوفاً ويسارِ
وهي تختالُ كالغصونِ إذ ما / لَ بهنَّ النسيمُ في الإسحارِ
أو مهاةِ النقا إذا رأتِ القا / نصَ لكنها بغيرِ انذعارِ
يحسبُ الناسُ طيبها نفسُ الصب / حِ على زهرةِ روضةٍ معطارِ
ويظنونها من الحورِ لولا الحو / رُ محجوبةٌ عن الإبصارِ
ويخالونَ وجهها قمرَ الأف / قِ على ما بأوجهِ الأقمارِ
ويقولونَ فتنةٌ قد برَّها اللَّ / هُ سبحانه فجلَّ الباري
خطرتْ تخطفُ القلوبَ وقد سلَّ / تْ سيوفاً من لحظها البتّارِ
في دلالٍ تجرُّ مثلَ الطواوي / سِ على عجبهنَّ فضلُ الإزارِ
والثرى كلُّهُ قلوبٌ ضعافٌ / خشيتْ صولةَ الهوى الجبارِ
والفتى يتبعُ الفتاةَ وقد أم / سى بما مسَّ قلبهُ غيرُ دارِ
ورأى قصرها فطارَ وطارتْ / وادعى وادعتْ حقوقَ الجوارِ
وأتتهُ يلوحُ في وجهها البش / رُ وحيتْ تحيةَ استبشارِ
ينثني خلفها من الخُرَّدِ العي / ن ِرياحينٌ طبنَ كالأزهارِ
هنَّ رباتُ كلِّ ذاتِ جمالٍ / ولها وحدها خلقنَ جواري
فنشرنَ الكؤوسَ وانبعثَ الله / و وقامتْ قيامةُ الأوتارِ
وحكى صوتهنَّ أصواتَ داو / دَ فهبتْ سواجعُ الأطيارِ
وتراخى الظلامُ فانفجرَ الصبحُ / وسالتْ ذكاءُ سيلَ النضارِ
وبكى الغيدُ رحمةً لفتاهنَّ / ولكن بمدمعٍ غيرَ جاري
ثمَّ ودَّعنهُ فقامَ حزيناً / ينثني بينَ ذلّةِ وانكسارِ
ولو أنَّ الهوى يمسُّ قلوبَ الأُس / دِ ذلتْ نفوسُ تلكَ الضواري
لا وذاتِ السوارِ ما نقضَ العهدَ / ولا خانهُ لا وذاتِ السوارِ
صانَ أسرارها وباحتْ بما في / صدرها من ودائعِ الأسرارِ
وأصاختْ إلى الوشاةِ فلجتْ / في التجني ولجَّ في الاعتذارِ
واستعارَ الزمانُ ايامَ ذاكَ الأُ / نسِ والدهرُ لا يردُ العواري
ونأتْ دارها فباتَ بلا قلبٍ / ولا مسعدٌ سوى التذكارِ
وجنونُ المحبِّ يومَ تراهُ / في ديارٍ وقلبهُ في ديارِ
جاءَها خاطباً وبينَ يديهِ
جاءَها خاطباً وبينَ يديهِ / لاحَ عِزريلُ منذراً وقريبا
وتصدى لها فصدتْ وقالتْ / قبحَ الشيخُ أن يكون حبيبا
قال هذا المشيبُ نورٌ فقالتْ / أوقدوا في السراجِ هذا المشيبا
قال إني أبو العجائبِ قالتْ / وعجيبٌ أن لا تكون عجيبا
يا أبا الهولِ يا أخا الهرمِ الأك / برِ حسبي فقد كفاكَ عيوبا
يا نذيرَ المماتِ يا وجعةَ القلبِ / متى كنتَ للقلوبِ طبيبا
أنتَ كالبدرِ غيرَ أنكَ ممحو / قٌ وكالشمسِ أوشكتْ ان تغيبا
وجديرٌ بمن يؤملُ في المو / تِ حياةً يحيى بها أن يخيبا
يا أنيسي ذرِ الحزينَ حزيناً
يا أنيسي ذرِ الحزينَ حزيناً / بعضَ ما سامهُ الهوى يكفيهِ
دعهُ يبكي فذو الهمومِ جديرٌ / أن ما في فؤادهِ يبكيهِ
أتمنى وكيفَ لا أتمنى
أتمنى وكيفَ لا أتمنى / أن لي في الأنامِ خلاً وفيَّاً
وفؤاداً مطهراً يلمحُ الده / رَ وأهليهِ راضياً مرضيَّاً
ذاكَ المجدُ خافقاً بعدَ موتي / ونعيمُ الحياةِ ما دمتُ حيَّا
للحسانِ الدلالُ والخيلاءُ
للحسانِ الدلالُ والخيلاءُ / ولكِ الأمرُ بعدُ يا حسناءُ
فاطلعي كيفَ شئتِ بدراً وشمساً / وصباحاً ما دامَ فينا الضياءُ
كلُّ بدرٍ لهُ سماءٌ ولا يع / رفُ للحسنِ كالبيوتِ سماءُ
لا تغرنْكِ من ترينَ من العج / مِ فما الشرقُ والشمالُ سواءُ
كلُّ بيتٍ لهُ قطينٌ وإن كا / نَ تساوى في كلِّهنَّ البناءُ
هي في قومها وأنتِ في قو / مكِ والنفسُ بعدها أهواءُ
إن ظِرفَ اللسانِ في لغةِ الأه / لِ وعنوانُ قومهنَّ النساءُ
وإذا ما الأمهاتُ أحببنَ شيئاً / ورثتْ حبَّها لهُ الأبناءُ
وإذا الفتاةُ شبّتْ على الله / وِ فباللهوِ بعدَ ذاكَ تُساءُ
إنما البنتُ زوجةٌ ثمَّ أمٌّ / ثمَّ يبقى الحديثُ كيفَ تشاءُ
وهي كالماءِ كلما قطَّروهُ / زادَ حسناً ورقَّ بعدُ الماءُ
لستُ أدري وليتني كنتُ أدري / نحنُ بينَ الأمواتِ أم أحياءُ
أي هذين في الرجالِ أهنَّ الأ / مهاتُ النسا أمِ الآباءُ
صورةُ الغربِ والنفوسُ من الشر / قِ فهمْ في ديارهم غرباءُ
أينَ حقُّ البلادِ أينَ ذكاءُ القل / بِ أينَ النفوسُ أينَ الدماءُ
إنما ضيَّعَ البلادَ وأهلي / ها قديماً نساؤها الضعفاءُ
كوكبٌ أبدلتهُ ايديي الليالي
كوكبٌ أبدلتهُ ايديي الليالي / من سماءِ العلى سماءَ المعالي
مشرقٌ بيننا نهاراً وليلاً / منذ أمسى نهارنا كالليالي
هو حلمٌ وإن شهدناهُ فالغف / لةُ نومٌ لأعينِ الجُّهَّالِ
إنَّ قومي في الناسِ قومٌ نيامٌ / فلذا يحلمونَ بالآمالِ
لم نزلْ عاشقينَ للغربِ حتى / زارنا اليومَ منهُ طيفُ الخيالِ
أيها الغربُ علمِ الشرقَ أنَّ ال / علمَ لا شيءَ فيهِ صعبُ المنالِ
كلُّ شيءٍ يجوزُ لكنْ على قد / رِ العقولِ اختلافنا في الحالِ
ويحَ قومي حتى جمادُ أوروبا / نالَ من رزقِ خيلنا والبغالِ
أيهذا الترامُ أنتَ دليلُ الأ / فْقِ في الأرضِ وشرقها والشمالِ
قيلَ فوقَ المريخِ ناسٌ فلما / أنكروا جاءهم بهذا المثالِ
قرأتْ من حديدكَ الناسُ سطراً / إنَ قولَ الرجالِ في الأعمالِ
ولهُ القضبُ أحرفٌ فوقها الأ / سلاكُ شكلٌ لموضعِ الإشكالِ
كلُّ دارٍ تدورُ فيها أراها / غضةً ذاتَ بهجةٍ وجمالِ
فبنوها الغذا وتلكَ عروقُ ال / جسمِ تجري بهِ إلى الأوصالِ
ليتَ شعري أكانتِ الأرضُ أفقاً / سودوا وجههُ من الأهوالِ
وهو فوقَ القضبانِ بعضُ الدراري / عكسوهُ فسارَ فوقَ الهلالِ
أم هو النفسُ والخطوطُ / خيوطُ العمرُ تمضي بها إلى الآجالِ
فهي مهما يمدُّ فيها سواءٌ / تنتهي من قصيرةٍ وطوالِ
أم هو القلبُ فوقهُ كهرباءٌ / الوجدُ إن مسَّها جرى من خيالِ
طائفاً ينشدُ الذي ضلَّ منهُ / واقفاً كلَّ لحظةٍ لسؤالِ
ذلكَ الجدُّ وهو عندَ رجالِ الشر / قِ شيءٌ كلعبةِ الأطفالِ
نفرةٌ ثمَّ تعطفُ الحسناءِ
نفرةٌ ثمَّ تعطفُ الحسناءِ / وقصارى إبائهنَّ الرِّضاءُ
وذواتُ الهوى يصلنَ ولكنْ / من حقوقِ الوصالِ هذا الجفاءُ
فتأبِّي وإنما لذّةُ الحبِّ / إذا كانَ في الحبيبِ إباءُ
ما يشينُ الوصالَ أن التجافي / في حواشيهِ نقطةٌ سوداءُ
وإذا الخالُ كانَ في الخدِّ حسناً / فتمامُ الملاحةِ الخُيلاءُ
غضبٌ بعدهُ الرضا وكلما مرّ / مذاقُ السقامِ يحلو الشفاءُ
إنَّ في الحسنِ للحسانِ لعذرا / فاسلبوا المالَ يسمح البخلاءُ
أوَ لا يُعذر الجمالُ إذ ما / نظرتْ في مرآتِها الحسناءُ
سائليها يا ربَّةَ الحلي عني / ألداءِ الفؤادِ منها دواءُ
واذكري أننا على اليأسِ نرجو / ومن اليأسِ قد يكونُ الرجاءُ
أو ليسَ السماءُ يأتي عليها / كل يومٍ صبحٌ ويأتي مساءُ
وضياء النهار فيها ابتسامٌ / وظلام المساء فيها بكاء
أنحلوني وأسقموا
أنحلوني وأسقموا / حسبيَ اللهُ منهمُ
أي ذنبٍ جنيتُ ح / تى بهِ اليومَ أُعدمُ
أنا يا حسرتي أنا / لم أكن قبلُ أعلمُ
كانتِ العينُ تأخذُ ل / سرَّ والقلبُ يكتمُ
وتوخمُ كلَّ شي / ءٍ فساءَ التوهمُ
يا فؤادي أبعد ما / قُضِيَ الأمرُ تندمُ
مقلةٌ تبعثُ العتا / بَ وأخرى تسلمُ
في محيا غدا يشي / رُ إلى خدهِ الفمُ
وَلكم يحجبُ الذي / في القلوبِ التبسمُ
وعلى البحرِ يضحكُ ال / موجُ والقاعُ مظلمُ
أهِ هيهاتَ ما لما / تجرحُ العينَ مرهمُ
لم يُصبْ قَطُّ بالهوى / عاشقٌ ثم يسلمُ
إن يكن طبعاً أن تمي
إن يكن طبعاً أن تمي / نوا فَقِدماً مُنِيتُ
أو رأيتم أن لا / تعينوا فإني عنيتُ
أو رغبتم أن لا تبا / لوا ففيكم بليتُ
ما أراني أحيا كذا / فاسمحوا لي أموتُ
كانَ ذاكَ الصديقُ فيما رأينا
كانَ ذاكَ الصديقُ فيما رأينا / سحباً فوقها سماً سوداءُ
خابَ فيهِ الرجا وليسَ ببدعٍ / كلُ ميتٍ يخيبُ فيهِ الرجاءُ
يا سفيهَ اللسانِ إن أنتَ لم تس / تحِ مني ففي لساني حياءُ
عجنتْ لي الرواةُ أخلاقكَ السو / ءَ طينها يكونُ البناءُ
كم حفرنا الترابَ من ذلكَ الوج / هِ فقلْ لي أليسَ في الوجهِ ماءُ
قُتِلَ الحبُّ يا ليالي الودادِ
قُتِلَ الحبُّ يا ليالي الودادِ / فاسلمي بالقلوبِ والأكبادِ
مهجةٌ تتلظى غراماً ولكنْ / ألفُ قلبٍ يغلي من الأحقادِ
وصدورٌ كالنارِ غطّىَ عليها / من سوادِ الرياءِ شبهُ الرمادِ
وهمومُ الحياةِ تخلقُ للقل / بِ وأيُّ امرئٍ بغيرِ فؤادِ
ما أمِنَّا الزمانَ إلا كما يأ / منُ إبليسَ زاهدُ الزهادِ
كلُّ يومٍ يصيحُ بالناسِ صوتاً / كضجيجِ الساعاتِ في الميعادِ
أينَ من يأمنُ العواديَ والنا / سُ بأجناسهم ثمارُ العوادي
من تَدَعْهُ فريثما يدركُ النض / جُ وربُّ البستانِ بالمرصادِ
وقتيلٌ من كانَ في الغابِ حيّاً / تتولاهُ أعينُ الآسادِ
إنما الناسُ من يوقّرهُ النا / سُ وإن كانَ أمرهمْ للنفادِ
إن ذكرَ الذينَ شادوا وسادوا / لم يزلْ راسخاً معِ الأطوادِ
وإذا المرءُ أودعَ الأرضَ سرّاً / نبشتْ سرّهُ يدُ الآبادِ
إن تشأ أن ترى حديثكَ بعدَ ال / موتِ فانظرْ إلى حديثِ العبادِ
كم تُرينا الأيامَ من عبرٍ شتّى / كأنَّ الأيامَ في استعدادِ
وأراها في عبرةٍ قد طوتها / كانطواء المليونِ في الأعدادِ
في مليكٍ كساهُ أمسٌ جلالاً / فغدا اليومَ بالي الأبرادِ
كانَ فوقَ السريرِ فانقلبَ الد / هرُ فأمسى بهِ على الأعوادِ
وقضى العمرَ يومَ عيدٍ فلما / ماتَ ضنتْ أيامهُ بالحدادِ
ومن الهمِ أن ترى أدمعَ ال / موتِ من غيرِ أدْمعِ الميلادِ
شُدَّ ما يؤخذُ الظلومُ إذا ما / سارَ في الناسِ سيرةَ استبدادِ
إنما أنفسُ الأنامِ سيوفٌ / إن تحركْ سالتْ من الأغمادِ
أينَ من كانَ في الثغورِ ابتساماً / وهو اليومَ مضغةُ الحسادِ
أينَ من كانَ للبلادِ رجاءً / وهو اليومَ عبرةٌ في البلادِ
سطروا ذكرَهُ على صحفِ التاري / خِ من سوءِ فعلهِ بمدادِ
وأروهُ أن الفسادَ وإن طا / لَ فعقبى أمورهِ للفسادِ
لم يكن يجهلُ الرشادَ ولكنْ / عميَ الحبُّ عن سبيلِ الرشادِ
وأضلُّ الهوى هوى ملكُ الأر / واحِ يبغي محاسنَ الأجسادِ
إنَّ للتاجِ ربةً لا تزين التا / جَ إلا بطلعةِ الأولادِ
لا كتلكَ التي هي الصدفُ الفا / رغُ نحساً لطالعِ الصيَّادِ
عذلوهُ فيها فكانَ مريضاً / ساخراً بالطبيبِ والعُوَّادِ
وإذا كانَ للخطيئةِ عذرٌ / أيُّ عذرٍ لمخطئٍ في التمادي
أبعدوها عن القلوبِ فلم ير / ضَ وصعبٌ تجاورُ الأضدادِ
هو ألقى في النارِ فحماً فلما / أجَّ لم يختطفْ سوى الوقّادِ
ليسَ للملكِ من يسوقُ هواها / حاملِ التاجِ مثلَ سوقِ الجيادِ
أنضجتهُ بالحبِّ حتى إذا ما / بلغَ النضجُ أطعمتهُ الأعادي
وأرتهُ العينانِ أنَّ بياضَ ال / حظِّ قد شابهَ الهوى بسوادِ
جردتْ من لحاظها فاتكاتٍ / جرّأتْ كلَّ تكلُّمِ الأجنادِ
ليتها حينَ لم تقدْهُ لمجد / لم تخلَّ الزمامَ للقوَّادِ
ليتها حينَ أسهرتهُ عليها / ما جزتهُ بمثلِ هذا الرقادِ
قَتَلَتْهُ بِبَغيِها وتَلَتْهُ / وأرى البغيَ جامعاً كالودادِ
أيّ أيدٍ قد بدلت ذلكَ الدر / بحبِ الرصاصِ فوقَ الهوادي
أوما خافتِ الكواكبُ أنْ تس / قطَ من غيرةٍ على الأجيادِ
ما لتلكَ اللحاظِ وهيَ حدادٌ / أصبحتْ في العدوِ غيرَ حدادِ
لم تؤثر في قلبهِ نظراتٌ / ربما أثرتْ بجسمِ الجمادِ
قتلوا ظبيةَ القصورِ ولكنْ / قتلةَ الصائدينَ حيةُ وادي
حسبوها فأراً وهمْ قططُ البي / تِ فلم يأكلوهُ قبل الطرادِ
وكذا يقدمُ اللصوصُ إذا ما / أبصروا الرأسَ مالَ فوق الوسادِ
ما أرى هذهِ الشهامةَ إلّا / حمقاً من فظاظةِ الأكبادِ
عربدوا في الدمِ المراقِ وما الو / حشُ إذا اغتالَ يترك الدم بادي
يا نسيم الربى وفيك التحايا
يا نسيم الربى وفيك التحايا / أنا ميت من طول صدٍّ وهجر
وأرى هذه التحية روحاً / فانفخ الروح يا نسيم بصدري

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025