القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِيليا أَبو ماضي الكل
المجموع : 27
ما لقلبي يلجّ في الخفقان
ما لقلبي يلجّ في الخفقان / لا أنا عاشق و لا أنا جان
أبتغي أن أقول شيءا فيعصاني / لساني و السحر تحت لساني
أنا كالطائر الذي اندفق السحر / عليه فغصّ بالألحان
أو كفلك في البحر أوفى عليها / عارض بعد عارض هتّان
غلبتني عواطف الصّحب حتّى / صرت في حاجة إلى ترجمان
أين في موكب القريض لوائي / قد طواه بيانهم و طواني
أيّها المادحون خمري رويدا / منكم الخمرة التي في دناني
من أنا ؟ ما صنعت ؟ كي تعصبوا بالتاج / رأسي و أيّ شأن شأني ؟
لا افتخار لنحلة حقلا / فعادت من زهرة بالمجّاني
أنا من روضكم قطفت أزاهيري / و من بحركم غرفت جماني
إن أكن فرقدا فأنتم سمائي / أو هزارا فأنتم بستاني
أيّ بدع إن أخرج الحقل للناس / صنوف النبات في نيسان ؟
ليس لي من قصائدي غير أوزان / و ليست أصيلة أوزاني
أصدق الشعر في الحياة و فيكم / ليس غير الأظلال في ديواني
ما هو الشعر ؟ . إنّني ما رأيت / اثنين إلاّ وفيه يختصمان
قال قوم " وحيّ ينزّله الله / " و قوم " نفث من الشيطان "
ضلّ هذا وذا فما حفز الانسان / شيء للشعر كالإنسان
يعشق المرء ذاته في سواه / و يحبّ " الإنسان " في الأكوان
أنا من أجله بنيت قصوري / و فرشت الدروب بالرّيحان
أنا من أجله سكبت خموري / وشددت الأوتار في عيداني
أنا من أجله رجعت من الروضة / في راحتيّ بالألوان
و استعرت التهليل من جدول / الوادي و ضحك الرضى من الغدران
و من الشمس في الأئل / و الإصباح ذوب اللّجين و العقيان
و حملت الجلال من أرض ( سوريا ) / إليه و السحر من لبنان )
نحن أهل الخيال أسعد خلق / الله في حالة الحرمان
كم زهدنا بثروة من نضار / قنعنا بثروة من أماني
وانطوينا موكب من ضياء / و سطعنا في غمرة من دخان
نتراءى على الصعيد صعاليك / و لكن أرواحنا في العنان
إن ظمئنا وعزّ أن نرد الماء / روانا تصوّر الغدران
و إذا غابت النجوم اهتدينا / بالرؤى بالرجاء بالإيمان
لا يعدّ الورى علينا اللّيالي / نحن قوم نعيش في الأزمان
ردّ عنّي الكؤوس يا أيّها السّاقي / فروحي نشوى بخمر المعاني
بالقوافي ( جداولا ) من وفاء / و الأغاني ( خمائلا ) من حنان
زهد الناس حين دارت عليهم / بالتي في كؤوسهم و القناني
أيّها اللّيل أنت أبهى من الفجر / و إن كنت أسود الطيلسان
بالوجوه الزهراء بالأنفس السمحاء / من يعرب و من غسّان
بملوك البيان بالأدب الرائع / بالمنشدين بالألحان
بالغواني فديتهنّ فأسمي الشعر / و الفنّ في الحياة الغواني
هذه الشمس هل رأى الناس / وجها مثلما في البهاء و اللّمعان
تتجلّى لنا على اليسر و العسر / و نمشي في نورها الفتّان
قد نسينا شعاعها و سناها / عندما أشرقت وجوه الحسان
قسّم الدهر - أنت يا ليل شطر / من حياتي و العسر شطر ثان
أنت عصر مستجمع في سويعات / ودنيا رحيبة في مكان
قد تلاقت فيك القلوب على الحبّ / تلاقي الأجفان بالأجفان
لا تقولوا دقائق و ثوان / ذاهيات فالعمر هذي الثّواني
أنا ما عشت سوف أذكر بالشّكر / جميل الرّفاق و الأخوان
و إذا متّ في غد فسيأتيكم / ثنائي من ظلمة الأكفان
فتنته محاسن الحرّيّة
فتنته محاسن الحرّيّة / لا سليمى و لا جمال سميّه
هي أمنية الجميع و لكن / أرهقته الطبيعة البشريّة
و عجيب أن يخلق المرء حرّا / ثمّ يأبى لنفسه الحرّيّة
غادة ما عرفت قلبا خليّا / من هواها حتّى القلوب الخليّة
غرست في فؤاده الحبّ طفلا / فنما الحبّ و الفؤاد سويّه
ثمّ لمّا فشى الغرام و ذاعت / عنهما في الورى أمور خفيّة
حجبوها يسلو و لكن / كان قيسا و كانت العامريّة
بات يشكو النّوى الشّقيّ و تشكو / مانعيها من أن تراه الشّقيّة
مستهام قضى زمانا طويلا / في عناء من القيود القويّة
و عليه من الزمان رقيب / عاشق للسيادة الوهميّة
و لكلّ مطامع و أماني / يبذل النفس دونها للمنيّة
و يراها لديه أشرف شيء / و هي أدنى من الأكور الدنيّة
زعموا أنّه المليك المفدّى / بالرعايا من شرّ كلّ بليّة
إنّما تفتدي الرعيّة ملكا / باذلا نفسه فدى للرعيّة
ظلم القوم من توهّمه القوم / نصيرا للأمّة الروسيّة
و إذا أحرج الضّعاف قويّ / نسيت ضعفها النفوس الأبيّة
سألتني و قد رجعت إليها
سألتني و قد رجعت إليها / و على مفرقي غبار السنينا :
أيّ شيء وجدت في الأرض بعدي ؟ / قلت : إنّي وجدت ماء و طينا
جمع الحسن و الدمامة و الإق / دام و الخوف و النهى و الجنونا
و الرجاء الذي يصير به الفد / فد روضا و شوكه نسرينا
و القنوط الذي يعرّي من الأو / راق في نشوة الربيع الغصونا
ووجدت الهوى كما كان قدما / ثقة تارة و طورا ظنونا
و شبابا سكران من خمرة الوهم / يخال المحال أمرا يقينا
فإذا شاخت الرؤى و تلاشت / وصحا بات جزمه تخمينا
لا يزال الإيمان نوعا من / الرّهبة و الحسن للغرور خدينا
لا يزال الغنيّ يختال في الأر / ض و إن كان جاهلا مأفونا
كلّ من قد لقيت مثلك يا نف / سي في ما تبدين أو تخفينا
فانظري مرّة إليك مليّا / تبصري الأوّلين و الآخرينا
خبّروني ماذا رأيتم؟ أأطفا
خبّروني ماذا رأيتم؟ أأطفا / لاً يتامى أم موكبا علويّا ؟
كزهور الربيع عرفا زكيّا / و نجوم الربيع نورا سنيا
و الفراشات وثبة و سكونا / و العصافير بل ألذّ نجيّا
إنّني كلّما تأمّلت طفلا / خلت أنّي أرى ملاكا سويا
قل لمن يبصر الضّباب كثيفا / إن ّ تحت الضّباب فجرا نقيّا
أليتيم الذي يلوح زريّا / ليس شيئا لو تعلمون زريّا
إنّه غرسة ستطلع يوما / ثمرا طيّبا وزهرا جنيّا
ربّما كان أودع الله فيه / فيلسوف أو شاعرا أو نبيّا
لم يكن كلّ عبقريّ يتيما / إنّما كان اليتيم صبيّا
ليس يدري لكنّه سوف يدري / أنّ ربّ الأيتام ما زال حيّا
عندما يصبح الصغير فتيّا / عندما يلبس الشباب حليّا
كلّ نجم يكون من قبل أن / يبدو سديما عن العيون خفيّا
إن يك الموت قد مضى بأبيه / ما مضى بالشّعور فيم وفيّا
و شقاء يولّد الرفق فينا / لهو الخير بالشّقاء تريّا
لا تقولوا من أمّه ؟ من أبوه ؟ / فأبوه و أمّه سوريّا
فأعينوه كي يعيش و ينمو / ناعم البال في الحياة رضيّا
ربّ ذهن مثل النهار منير / صار بالبؤس كالظّلام دجيّا
كم أثيم في السجن لو أدركته / رحمة الله كان حرّا سريّا
حاربوا البؤس صغيرا / قبل أن يستبدّ فيهم قويّا
كلّهم الجريح الملّقى / فلنكن كلّنا الفتى " السّامريّا "
لا أحبّ الإنسان يرضخ للوهم
لا أحبّ الإنسان يرضخ للوهم / ويرضى بتافهات الأماني
إنّ حيّا يهاب أن يلمس النور / كميت في ظلمة الأكفان
وحياة أمدّ فيها التوقّي / لا توازي في المجد بضع ثوان
ألشجاع الشجاع عندي من أمسى / يغنّي والدمع في الأجفان
بات والكأس في الظلام
بات والكأس في الظلام / في حديث ولا كلام
هي في صمتها تضيء / وهو في صمته يضام
شاعر أنفق الصّبا / من غرام إلى غرام
ذاهل النفس بالرؤى / عن حطام وذي حطام
وعن الفقر والغنى / وعن الحرب والسلام
بالشفاه التي طفا / بين أهدابها الأوام
بالغواني تطيعه / والغواني لها احتكام
بالشّذى وهو فائح / والشذى وهو بالكمام
بالسحاب الذي يسحّ / وبالخادع الجهام
بالأغاريد والبلابل / والنور والخزام
حوله الكون في وغى / وهو والكون في وئام
ما له الآن وحده / ساكن العرق كالنيام
ساهر غير أنه / خادر الروح والعظام
صامت مثل كتبه / وكدنيا بلا أنام
أترى عضّه الطوى؟ / لا ففي بيته طعام
لم تزل كأسه لديه / وفي كأسه مدام
وله تضحك البروق / ويبكي الحبا السجام
وله ترتعي الكواكب / في مسرح الظّلام
وله تلبس الرّبى / برد النور والغمام
وله يعبق الشّذى / وله تعصر المدام
وله يلمع النّدى / وله يسجع الحمام
وله الغادة المليحة / والفارس الهمام
كلّها كلّها له / وعلى غيره حرام
وهو ساه كأنما / بسواها له مرام
وجهه غير وجهه / أم على وجهه لشام
كالتماثيل حوله / من نحاس ومن رخام
لا اكتئاب ولا رضّى / لا بكاء ولا ابتسام
ليله ما أمرّها / ليلة اليأس ألف عام
بقي الحسن إنما / مات في الشاعر الهيام
فإذا الكون عنده / جدث كلّه رمام
و ثقيل كأنّه برد كانو
و ثقيل كأنّه برد كانو / ن قليل الحياء جمّ الكلام
ليس يدري بأنّه ليس يدري / إنّ بعض الأنام كالأنعام
يتمنى يابعد ما يتمنّى / لو جرى ذكره على الأقدام
و الذي أطمع اللّئيم و أغراه / بسبّ الكرام حلم الكرام
و الذي صيّر الكريم حليما / كرهه أن يعدّ صنو الطّغام
منع البوم أن يصاد و يرمى / كونه غير صالح للطعام

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025