المجموع : 37
أيها النيلُ يا حبيبَ الرياحين
أيها النيلُ يا حبيبَ الرياحين / عيونُ الأزهارِ نسجُ عيونك
حسدتكَ الأنهارُ حين أتاها / أن آمونَ من هواك وطينك
إملأ الشاطئَينِ حُبّا وشعرا / فجناحُ الهوى شراعُ سفينك
لَثَمَ الدهرث راحيتكَ / وغنى عبقري الألحان تحت غصونك
أينَ مِنْ مُقْلَتِي الكَرَى يا ظَلَام
أينَ مِنْ مُقْلَتِي الكَرَى يا ظَلَام / أَنْصَفَ الليل والخَلِيُّونَ نامُوا
مَسَحَتْ راحةُ الكَرَى أعيُنَ الناس / فَنَامَتْ وَنَامَ فيها الغرامُ
وأنا تذكرُ الضِّيَاءَ عُيُونِي / مثلما يَذْكُرُ الغُصُونَ الحَمامُ
يا نسيمَ الدُّجى اللطيفِ احتَمِلنِي / لِيَ عهدٌ عند النسيمِ لِزَامُ
كُلُّنا ناحِلٌ فأنت بَرَاكَ الله / لَكِنْ أنا بَرَانِي السَّقَامُ
اِحْتَمِلنِي وَلَا تَخَفْ بِي مَلَاماً / مَا عَلَى صَانِعِ الجَميلِ مَلامُ
اِحِتَمِلنِي تَحمِلْ بَقِيَّةَ رُوحٍ / تَرَكَتْهَا لِشَقْوَتِي الآلامُ
يا نسيم الدُّجُى الحَرِيرَ تَمَوَّجْ / أَطْيَبُ الماءِ ما سَقَاهُ الغَمَام
آه ياهندُ لوترينْ
آه ياهندُ لوترينْ / موقفي بين حائطينْ
لايحيران أخرسينْ / وعلى الخدِ دمعتينْ
انصف الليل والأنامْ / كلهم كلهم نيامْ
وأنا يشهد الغرامْ / بعتُ للسُهد ناظرينْ
أبدا" ساهر" كئيبْ / لا صديق ولا حبيبْ
ومع الليل لي نحيبْ / كنحيب الحمامتينْ
ولقد خيم السكون / ونجوم السما عيون
فتمنيت أن نكون / في سما الحب نجمتين
ليتنا والهوى أمانْ / بالجناحين طائرانْ
فأذا ضمنا مكانْ / ضمً قلبين عاشقينْ
يا لأحلامي العِذابْ / ذابلاتٌ مع الشبابْ
فكأًن المنى ضبابْ / يتلاشى بِنفختينْ
لَم يعُد في السراجِ زيتْ / وكما ينطفي انطفيتْ
فأنا الأن مثل ميْتْ / مالهُ غيرُ ساعتينْ
أترى يذكرونه أم نسوه
أترى يذكرونه أم نسوه / هم سقوه الهوى وهم أسكروه
عللوه فكان أقتل شيء / ذلك الصد بعدما عللوه
عمرك الله هل عرفت فؤاداً / كفؤادي عليه جار ذووه
ليتهم يذكرون ليلة كنا / و الهوى نحن أمه و أبوه
و عيون النجوم ترنو إلينا / و لسان الدجى يكاد يفوه
و النسيم الخفيف يلهو بثوبينا / كطفل أهلوه ما هذبوه
ورشفنا كأس الحميا فباحت / بالذي في الصدور منا الوجوه
قلت أهواك يا ملاكي فردت / مقلتاه لكن تلعثم فوه
سقطَ السيفُ بعد طول الضرابِ
سقطَ السيفُ بعد طول الضرابِ / من يدِ المجد أحمرَ الجلبابِ
فهوَت أمةٌ عليه تُفَديهِ / بمنخوبِ شيبها والشبابِ
تتلوّى تحت المصاب وتصغي / لحديثِ الدموع في الأهدابِ
مأتمٌ في الخدودِ للأدمعِ الحمراء / ما بينَ مستهِلّ وخابِ
يتعَثّرن تارةً بالذي جفّ / وحينا يطفونَ طفوَ الحَبابِ
خطباءُ المآتمِ الخرسُ هذا / ذو اقتضابٍ وذاك ذو إسهابِ
كبقايا جيشٍ كسيح من الشهب / ترامى الشهاب إثرَ الشهاب
أبلغُ الشعرِ دمعةٌ تتلَظّى / فوق خدّ لا صفحةٌ في كتابِ
أطغى البحرُ ذو العباب على العربِ / فَلَفّ القصورَ بالأطنابِ
أم هو الحشر يوم زلزلت الأرضُ / على صوت بوقها الصخّاب
سأل السيل نفسه ما سيولٌ / من شعوب سدّت عليّ شعابي
كنشاوى مدهدهين أراقوا / فضلات الحلومِ في الأكوابِ
سكرةُ الحزن سكرةٌ ليس يصحو / المرء منها ما دام فوق الترابِ
تتغذّى بالذكريات وتنمو / بمآسي الأوطان والأحباب
إي أبا طارقوعهدكَ بالأيام / عهد الكفاحِ والأوصابِ
اي دائيك كان أفتك بالجسم / وأورى لثورة الأعصاب
عزمةٌ تقطع الحديد وجسمٌ / في قميص من الضنى والعذاب
تتلاقى عليه آمال شعبٍ / بين دفع من دهرها وانجذاب
ما رأينا طيفا أخفّ من الظلّ / على كاهليه شمّ الهضاب
ليس يزري القراب من رونق السيف / إذا كان عبقريّ الذباب
كم نحول يشفّ عن نفس جبار / جريءٍ الفعال ضخم الرغاب
قوّة الروح والعقيدة جيشٌ / من لهيب وقائد من صواب
حقّرت قوةّ الجسوم وأزرَت / بالسرايا وعسكرت في الروابي
يا دماء الشباب ما أنت إلا / ذائب الطيب يا دماء الشباب
أدفقي رحمةً ونورا وكوني / جدول السفح أو هزارَ الغابِ
لا تضنّي على الحراب وإن آذتك / بل عطري رؤوس الحراب
إملئيها شذى كما يملأ الورد / يد الجارحيه بالأطياب
قطرةٌ منك بسمة في فم الرفق / تردّ السيوفَ وهي نوابِ
كل حق لم تسقهِ لضَياعٍ / كلّ صرح لم تبنِهِ لتَبابِ
كم سياج من الحديد تعفّى / وسياجٍ باقٍ من الآداب
شرِقَت مقلَةُ المنابرِ بالدمع / ورقّ المحرابُ للمحرابِ
والليالي عوابسٌ والأماني / تائهاتٌ على الفساح الرحاب
والعناقيد من أغان ومن شعر / تتلوّى على الثرى المخضاب
فحنا قلبيَ الجريحُ عليها / كحُنُوّ الندى على الأعشاب
أنا منها وقلبُ لبنان في / قلبي وأهدابهُ على أهدابي
جرت فى الموت والحياة عليا
جرت فى الموت والحياة عليا / ومحوت الضياء من ناظريا
كنت أنشودة الخلود على ثغرى وهمس السماء فى أذنيا /
كنت دنياى فاضمحلت وحلماً / من شعاع الصبا قضى حين حيا
يا خيال الحبيب لم تبق منى / غير حزنى وغير دمعى حيا
أمسح القبر بالجفون وفاءً / لغرامى وإن أساء إليا
أإذا رمت قبلة من حبيبى / عثرت قبل لمسها شفتيا
ضحك الحظ مرة لى / فى الحلم فلما انتبهت لم أر شيا
إيه لبنان! والجداول تجري
إيه لبنان! والجداول تجري / فيك بردا فتنعش الظمآنا
إيه لبنان! والنسيم عليلا / يتهادى فيعطف الأغصانا
حبذا السفح معبدا لصغار ال / طير تشدو لربها الألحانا
خافقات الجناح للشمس آنا / خافقات الفؤاد للحب آنا
آمنات في السفح كاسرة الج / و فلا تأتلي به طيرانا
فترف الأديم تختلس الح / ب وتظمى فتقصد الغدرانا
وإذا الشمس ودعت , ودعت تل / ك السواقي والزهر والأفنانا
/
عجبوا أن يموت في ريّقِ العُمر / ويطوي كالبرق سفرَ حياته
هوَ العمرُ ما نَعُدّ لهُ الأيام / أم بالشهيِ من ثمراتِه
غاية السابق الجواد من الدنيا / بلوغُ البعيدِ من غاياته
ما عليه إن جازها وكفَتهُ / وثبةٌ في السباق من وثباتِه
أيلامُ الورد الجنيّ إذا جفَ / رحيقُ الجمال في وجناتِه
وإذا كان عمرهُ بعضَ يومٍ / وتمشّى الذبولُ في ورقاتِه
غايةُ الورد أن يُضَمّخَ هذا / الجوّ بالمستحبّ من نفحاته
أفذّنبُ الهزارِ إن هامتِ / الأقفاصُ بالساحراتِ من آياته
توقِظُ الروضَ من كراهُ وتجلو / بسماتِ الضحى على زهراتِه
غاية الطائر المغردِ من / دنياه أنشودةٌ على هضباته
عُطّل السبق بعد فوزي وجفّ / العطر من بعد طرسهِ ودواته
وتعرّى روضُ البيان من السجع / وجاسَ الخريف في جنباته
ليتَ شعري ماذا جنينا على الغربِ
ليتَ شعري ماذا جنينا على الغربِ / لنُشوى على يديهِ ونُقلى
ألأَنّا من أفقِنا تطلُع الشمسُ / فتعطي الغداء حباً وبقلا
ألأَنّا من صدرِنا ولِدَ الحُبُ / الذي شيّد الحضارةَ قبلا
إن يكن ذاك ذنبنا وهو لله / فهلاّ عاقبتم الله هلا
قد وفينا لكم على زأرَة الليث / وشحذ المنون سيفاً وحبلا
ووفينا وحاصدُ الجوعِ يُردي / من حقول النفوس حقلا فحقلا
ووفينا حتى تركنا وفاء الناس / هزءاً وصادقَ احب هزلا
فاشهدي يا سماء كيف نجازى / وانظري يا نجومها كيف تجلى
إيه لبنان أين غرّتُكَ البيضاء / أين العربين كيف اضمحَلا
لا أرى كيفما تلفّت إلا / نظراً يائِساً وزندا أشلا
ربّ من يدّعي الهدايةَ لا يملِكُ / رأيا ولا يكّم عقلا
تُبصِرُ الناس تحت إمرَته الحمقاء / اسرى مكبّلين وقَتلى
كلَ يومٍ له من اللهو عيدٌ / كرثاءٍ على ضريحكَ يُتلى
شرفُ الفتح أن تحطم قيدا / عن رقابِ الورى وتنشُر عدلا
زهرةَ الوردِ صدرُ هند لكِ العرشُ
زهرةَ الوردِ صدرُ هند لكِ العرشُ / فهل تطمعينَ بعدُ بعرشِ
أم هوَ المستطاعُ يُزهَدهُ فيه / زهرةَ الورد ليتَ عرشَكِ نعشي
جفنه علم الغزل
جفنه علم الغزل / ومن العلم ما قتل
فحرقنا نفوسنا / في جحيم من القبل
ونشدنا ولم نزل / حلم الحب والشباب
حلم الزهر والندى / حلم اللهو والشراب
هاتها من يد الرضى / جرعة تبعث الجنون
كيف يشكو من الظما / من له هذه العيون
يا حبيبي أكلما / ضمنا للهوى مكان
أشعلوا النار حولنا / فغدونا لها دخان
قل لمن لام في الهوى / هكذا الحسن قد أمر
إن عشقنا فعذرنا / أن في وجهنا نظر
رَقَدَت ترشِفُ الكرى مُقلتاها
رَقَدَت ترشِفُ الكرى مُقلتاها / مثلما ترشف العطاش المياها
صاعدات أنفاسها هادئات / كصلاة الأطفال طهر شذاها
تحلم الحلم لؤلؤيا فتمليه / طهورا على الصبا شفتاها
وأزاح النسيم عن صدرها الثوب / فلاحا ولا تقل نهداها
شكّ في نفسه الملاك فلا يدري / إذا كان صبّها أم أخاها
ألهميني يا ربّة الشعر شعرا
ألهميني يا ربّة الشعر شعرا / كالنور والنار
كالهوا كالأطيار كالفكرِ حرا / يلفحُ الأدهار
كالأهازيجِ في الوَغى تترجّع / إن ثائرٌ ثار
كدويِّ الأمواج إذ تَتَدَفّع / بعيدةَ الأغوار
ربةَ الشعر ألهميني قصيدا / ترجُع الأطيار
ألهميني شعرا طليقاً جديدا / يوزّع الأنوار
واسألي الزهر أن تكون دموعا / واسألي الأزهار
أو مريها بأن تكون شموعا / طويلةَ الأعمار
أنا لو كنتُ يا سُليمى نسيما
أنا لو كنتُ يا سُليمى نسيما / لَقَطَعتُ السرى وجبُبتُ السهولا
وحملتُ الهوى إليكِ جريحا / وتراميتُ في يديك عليلا
غير أني كما علمت ضعيف / حمّلته الأيام عبئا ثقيلا
إن ما يقدرُ النسيم عليهِ / بات صعبا علَيَّ بل مستحيلا
أيها الرائدُ المُؤَمّل يا مَن
أيها الرائدُ المُؤَمّل يا مَن / باسمهِ هودجُ العروبةِ يُحدي
يصرَع السيف في غمارٍ من لمجد / فلا يرتضي سوى الدم غمدا
أنت أغنيةُ السيوفَ إذا / ثارت لتبني مجدا وتَهدِمَ مجدا
وصدى الحدو من خلالِ الأداهير / إذا صلصَلَ الحديدُ وشدّا
يا لَيْلُ قد وشَّحتني بالأسى
يا لَيْلُ قد وشَّحتني بالأسى / ما عِشْتُ لا أطرح هذا الوِشاح
يا ظُلْمةً في خاطري مثْلُها / للهِ ما أكثف هذا الجناح
أحالني الهمُّ إلى ليلةٍ / ماطرة تعْصفُ فيها الرياحْ
كأنَّ هذا اللَّيل قد ملَّني / أو أنَّه اشتاق لوجه الصَّباح
مرحباً مصر مرحبا كُلٌّ أهلٍ
مرحباً مصر مرحبا كُلٌّ أهلٍ / لك أهلُ وكُلُّ صدرٍ محلُّ
ليس تألو الرِّياض أن توقِظ الزَّهر / وأن تجمع الشَّذا ليس تألو
لِتُريق الأريج سكباً وتهتا / ناً على وجه مِصرَ حين يطلُّ
مرحبا مِصْرُ يا شقيقتنا البك / ر ويحلو تَرْديد مصْر ويغلو
نحن فرْعان ألَّف الشَّرق قلبيْ / نا على الحُبِّ والحضارة أصْل
معجزات الزَّمان منكم ومنِّا، / زِنَّ جيد الوجوه والدَّهْرُ طفل
هرمٌ تجْثِمُ العظائم فيه / وسفينٌ على البحار يُدلُّ