القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 32
يا ابنتي إنني لأشعر أني
يا ابنتي إنني لأشعر أني / ملأت مهجتي شموس منيره
أشرقت فرحتان عندي فهذي / لعماد وهذه لأميره
أنتما فرقدان وهو جدير / بالذي ناله وأنت جديره
اغنما كل ما يطيب وفوزا / بالمسرات والأماني الوفيره
وافرحا بالذي يطيب ويرجى / عيشةٌ نضرة وعين قريره
لمن الصمتُ والفؤاد المشرد
لمن الصمتُ والفؤاد المشرد / أين من أسكر الربى حين غَرّد
طائر أم رأت عيون الأماني / حُلُماً مثل غيره قد تبدد
أم قناع قد مزقته الليالي / عن هوى دون طائل فتجرد
وبدا شاحباً كيوم قتيل / لم يكد يلثم الصباح المورَّد
ليت شعري إلام إطراق رأسي / وانحنائي على جريح موسد
حبذا الريف والخلائق فيه
حبذا الريف والخلائق فيه / ضاحكات الوجوه تفترّ سحرا
من يراه وقد تبين فيه / زمراً في الزّحام تحشر حشرا
يحسب الضيق آخذاً في حماه / بخناق ويحسب القوم أسرى
وهم النور والمحبة والقل / ب طليقاً مع النسائم حُرا
منظر تلمح البساطة فيه / وترى طيبةً وبشراً وطهرا
منظرٌ تلمح السعادة فيه / لا تقل لي أرى شقاء وفقرا
انظر الجرّة التي خلفوها / وانظر النيل ضاحكاً مفترا
عبدوا النيل مذ قديم وألقوا / كل عام له عروساً بكرا
مصر سحر ورقة وصفاء / لِمَ لا يعبد المحبون مصرا
يوم أبحرتُ فوق متنك تهوي
يوم أبحرتُ فوق متنك تهوي / بيَ أمواجك الغضاب وتعلو
راعني حولُك الرهيب فخارت / عزماتي ولم يعد ليَ حول
وترنحتُ بين جنبيك تلهو / بي فتطغَى آناً وتهدأ آنا
كانت القطرة الضئيلة من لُج / جِك أمضى مني وأخطر شانا
وأنا اليوم أجتليك من الشاطئ / تُزجي الأمواج مثل الجبال
فإذا بي أثور مثلك يا بح / ر وتنزو الأمواج في أوصالي
هو روحي الذي يحاكيك في البأ / س ولكن يؤوده عبء جسمي
فإذا ما اجتلاك والجسم غفلا / نُ توخّاك في مضاء وعزم
هو روحي الذي يحاكيك يا بح / ر ويخشى قلبي الجزوع أذاكا
ضعضع الجسم عزم روحي المُعَنَّى / يا أخا الروح بُث فيه قواكا
إيه سونيا أنت الرضا والحنان
إيه سونيا أنت الرضا والحنان / كيف ضاءت بكِ الليالي الحسان
وغدا الدهر لحظة من سلام / وإذا كل ما عليه أمان
لا أرانا فيه خُدعنا إذا ما / بك عز الهوى وفات الهوان
كيف أنساك إذ نسيتُ شقائي / وعذابي وليس بي أشجان
وإذا بي أرى لعينيك دنيا / خير ما فكرت به عينان
قلتُ للبحرِ إذ وقفتُ مساء
قلتُ للبحرِ إذ وقفتُ مساء / كم أطلتُ الوقوفَ والإصغاءَ
وجعلتُ النسيمَ زاداً لروحي / وشربتُ الظلالَ والأضواءَ
وكأنَّ الأضواءَ مختلفاتٍ / جعلت منكَ روضةً غنَّاءَ
مرَّ بي عطرُهَا فأسكرَ نفسي / وسرى في جوانحي كيفَ شاءَ
فاطَّرحتُ الهمومَ والأعباءَ / ونسيتُ العذابَ والبرحاءَ
وكأني أرى بعين خيالي / ساهرَ المقلتين يغضي حياءَ
وكأن الوجودَ لم يحوِ إلا / حُسنَه والطبيعةَ الحسناءَ
نشوة لم تطل صحا القلبُ منها / مثلَ ما كانَ أو أشدّ عناءَ
إنما يفهم الشبيهُ شبيهاً / أيها البحر نحنُ لسنَا سواءَ
أنتَ باقٍ ونحن حَرب الليالي / مزقتنا وصيرتنا هَباءَ
أنت عاتٍ ونحنُ كالزَّبَدِ الذا / هبِ يعلو حينا ويمضي جفاءَ
وعجيبٌ إليكَ يمَّمتُ وجهي / إذ مللتُ الحياةَ والأحياءَ
أبتغي عندك التأسي وما تملكُ / ردَّا ولا تجيبُ نداءَ
كل يوم تساؤلٌ ليت شعري / مَن ينبِّي فيحسنُ الأنباءَ
ما تقولُ الأمواجُ ما آلم الشم / سَ فولَّت حزينةً صفراءَ
تركتنا وخَلَّفَت ليلَ شكٍّ / أبَدِيٍّ والظلمةَ الخرساءَ
يا لهذا الجلالِ والأبدِ المجهولِ / يزدادُ حيرةً وخفاءَ
روعتني ضآلةُ الناسِ فيه / فبكيتُ الحياةَ والأحياءَ
وبكيتُ الغرورَ والأملَ الوا / سعَ والسخطَ والرضا والرياءَ
ما تُرجِّيه ريشةٌ في مهب الريحِ / تَلقى الإعصارَ والأنواءَ
ما يرجيه ذلك القبسُ الخا / بي وشيكاً كأنه ما أضاءَ
والخَيالُ الذي تراءى وولَّى / غيرَ وانٍ كأنه ما تراءى
نحن ألعوبةُ القضاءِ ومن / يملك أمراً ومن يردُّ القضاءَ
ولعلَّ القضاء يسخر مني / حين أبكي وما عرفتُ البكاءَ
فليدعني القضاءُ أبكي لأشفى / لم تَدَع ذلةُ الهوى كبرياءَ
لاح خلفَ الدموعِ وجهُ حبيبٍ / لا أرى غيرَه لقلبي عزاءَ
قلتُ للقلبِ جاءَ ريك فانهل / كم ظمئنا فما وجدنَا الماءَ
لم تُثِبنَا الحياةُ إلا بهذا / حسبنا وجهُه الجميل جزاءَ
أين شطُّ الرجاء
أين شطُّ الرجاء / يا عبابَ الهموم
ليلتي أنواء / ونهاري غيوم
أعولي يا جراح / أَسمعي الديَّان
لا يهم الرياح / زورقٌ غضبان
البلَى والثقوب / في صميم الشراع
والضنَى والشحوب / وخيالُ الوداع
في احتدامِ النار / واصطخابِ الأنين
تضحكُ الأقدار / ترقصُ السكين
كل يومٍ يروح / في احمرارِ الجروح
كل صبحٍ يلوح / فجرُه مذبوح
اسخري يا حيَاة / قهقهي بالرعود
الصبا لن أراه / والهوَى لن يعود
الأمانِي غرور / في لَظَى البركان
والدجى مخمور / والردَى سكران
وخليعُ العباب / موجُه العربيد
دارَ بالأكواب / ويلَ هذا العيد
راحَتِ الأيام / بابتسامِ الثغور
وتقَضَّى الظلام / في عناق الصخور
كانَ رؤيا منام / كأسُكِ المسحور
يا ضفافَ السلام / تحتَ عرشِ النور
اطحني يا سنين / يا حراب
كلّ برقٍ يبين / كذاب
اسخري يا حياة / قهقهي يا غيوب
الصبَا لن أراه / والهوى لن يؤوب
هذه دَارُهَا فلا تَدَعَاني
هذه دَارُهَا فلا تَدَعَاني / آهِ يا صاحبيَّ ممَّا عراني
أتقولانِ قد تسليتُ عنها / ومسحتُ الدموعَ من أجفاني
فَلِمَ الرجفةُ التي في دمائي / ولم الرعدةُ التي في كياني
وانفاقُ الحياةِ واضحكُ الأيامِ / مني واكذبةُ السلوانِ
أسكبُ الدمعَ مرةً ثم أغدو / ذلكَ الساخرَ الخليَّ الهاني
أسكبُ الدمعَ مرةً ثم أمضي / أنا أحببتُ مرةً في زماني
أنا أحببتُ مرةً وبلوتُ / الموتَ ألفاً لو كنتما تعلمانِ
ضِحكتي ثورتي وقهقهةُ / السخرِ عندي تمرد البركانِ
أنتَ حي برغمِ عادِ الفناءِ
أنتَ حي برغمِ عادِ الفناءِ / لا يُصاغُ الرثاءُ للأحياءِ
هذه الهجرةُ التي عَزَّ معنا / ها على الآخرينَ والخلصاءِ
زورةٌ في معارجِ النور تلقى ال / وَحي فيها والشعرَ كالإسراءِ
مَن يقل ماتَ حافظٌ ضلَّ رأياً / البلى لا يكونُ للشعراءِ
لا تقولوا قَضَى ولا تندبوه / هذه رجعةُ الغريبِ النائي
إنما الشاعرُ العظيمُ غريبٌ / في ديارِ الأجدادِ والآباءِ
جَسَدٌ في الثرى وروحٌ شريدٌ / في الأعالي محلِّقٌ في السماءِ
ولقد رُدَّ ذا الغريب عن / الدنيا إلى أصلِه في الجوزاءِ
كيف يفنى من عَطَّرَ الخلدُ / برديه وفي شعرهِ نسيجُ البقاءِ
إيهِ يا خدنَ مصطفى كاملٍ / والعَهدُ عهدُ الخطوبِ والإيذاءِ
وصديقاً لا ينثني ووفياً في / الزمانِ الضنينِ بالأوفياءِ
وشقِيَّا ينسى تَفَاقُمَ بلواه / ويبلَى لغيره في الشقاءِ
وفقيراً يرى الغنَى والأماني / في اعتصامِ النفوس بالكبرياءِ
إذا العبقريُّ رامَ أمراً تَوَخَّى / سُبُلاً فوقَ قدرةِ الأقوياء
ورأى السقمَ علةَ الواهي الخا / ئف والبؤس حجة الضعفاءِ
أتراهم في ذروة الخلدِ فوا / لك عنا الجديدَ في الأنباءِ
حومةُ الموتِ استصرخت / مصطفى الثاني فأبلى بها أجلَّ البلاءِ
واللواءُ الخصيبُ كم زادَ حبَّا / فانثنَى ظافراً عزيزَ اللواءِ
طالعاً مطلعَ الهلالِ إذا ما / لاحَ في جنحِ ليلةٍ قمراءِ
انطوى ذلكَ البساطُ الذي / مُدَّ وفُضَّت مجالسُ الندماءِ
وليالي الصفاء تمضي عجالاً / والمنايا بالموتِ غيرُ بطاءِ
وحبيبٌ يمرُّ إثرَ حبيبٍ / ليتَ شعري ما بعدَ هذا الثناءِ
والنوى كالردَى عذابٌ ولكن / يمسكُ القلبُ حُلمَه باللقاءِ
الليالي يا مَا أَمرّ الليالي
الليالي يا مَا أَمرّ الليالي / غيبت وجهَكَ الجميلَ الحبيبَا
أنتَ قاسٍ معذِّبٌ ليتَ أني / أستطيعُ الهجرانَ والتعذيبَا
إن حبي إليكَ بالصفحِ سَبَّا / قٌ وقلبي إلَيكَ مهما أُصيبَا
يا حبيبي كانَ اللقاءُ غريباً / وافترقنَا فباتَ كلٌّ غريبَا
غير أني أستنجدُ الدمعَ لا / ألقَى مكانَ الدموعِ إلا لهيباً
آه لو ترجعُ الدموعُ لعيني / جفَّ دمعي فلستُ أبكي حبيبَا
أنتَ مَن بدَّلَ الوجودَ لعيني / أنت صيرتَهُ جمالاً وطيبا
أنتَ من بدَّلَ السماء لعيني / أنتَ صيرتها ابتساماً رحيبا
أنتَ يا رقةً تذيبُ القلوبَا / وتذيبُ الصخرَ الأصمَّ المذيبَا
غير أني إليكَ جئتُ من اللي / لِ وقد حانَ للدجى أن أؤوبَا
يا جزيلَ الهبات والإنعامِ
يا جزيلَ الهبات والإنعامِ / زدتَ لطفاً باللطفِ من أنعامِ
وجلوتَ الظلام حتى تقَضَّى / ما على الكون مسحةٌ من ظلامِ
وجلوتَ الجمالَ والسحرَ والفجرَ / على ضوءِ ثغرِهَا البسَّامِ
وجلوتَ الزهورَ تَندَى علينا / فكأني أرى الربيعَ أمامي
يا حفيفَ النسيمِ يا رقَّةَ الوردِ / تجلَّى في ناضر الأَكمامِ
أنا إن قلتُ للجمالِ سلاماً / فقليلٌ لذا الجمالِ سلامي
وسلامي على البراءةِ والطهرِ / ومعناهما الرفيعِ السامي
وسلامي على سنَى وسناءٍ / كجمالِ البدورِ عند التمامِ
وسلامي على عذوبَةِ نفسٍ / وصفاءٍ كمسعدِ الأحلامِ
وسلامي على العيونِ اللواتي / هنُّ للفنِّ مصدرُ الإِلهامِ
جلالُ الدهور إِمَّا تقضَّت / وجمالُ السنين والأَعوامِ
خالداتٌ بما يُخَلِّدنَ فينا / من فنونٍ تفردت بالدوامِ
إيه إِنعام والقصائد تَترى / أنتِ سرُّ الإِبداعِ في الأقلامِ
وَضَحَ الوحي مثلما وَضَحَ الحبّ / فما في القلوبِ من إبهامِ
إيه إنعامُ والمحاسنُ كُثرُ
إيه إنعامُ والمحاسنُ كُثرُ / ما لمن لم يقم بوصفِكِ عذرُ
خلق الله ذلك الحسنَ لكن / للذي يخلقُ المفاتنَ سرُّ
سرَّه أنَّ كلَّ حسن له الشعرُ / تبيع فالمجدُ حسنٌ وشعرُ
وأنا الشاعرُ الذي قد تصباه / فريدٌ من المباهجِ نَضرُ
أينما وَجَّهَ المشاهدُ عينيه / فسحرٌ يتلوه سحرٌ فسحرُ
فمن الخدِّ للجبينِ إلى العينينِ / للثغرِ من معانيكِ سِفرُ
يقرأ الناظرونَ فيه عجيباً / إِن تولَّى سطر تتابَعَ سطرُ
ما على الحسنِ إن تمرّ حياةٌ / في تجليه أو يضيع عمرُ
رُب حسنٍ من الوداعة يبدو / فيه عطفٌ وفي حناياه بِرُّ
ولقد تحسب الوداعة ضعفاً / ولها دولة ونهي وأمرُ
فَمُرِينَا إِنعام من غيرِ أمرٍ / نحن أسراكِ ما بأسراكِ حرُّ
ومُرِي الدهرَ يُصبح الدهرُ عبداً / واضحكي في فم المنى يفتَرُ
ومري الروضَ يصبح الروضُ في / نانَ وينمو وردٌ ويورقُ زهرُ
ومري الطيرَ يسجع الطيرُ جذلانَ / ويشدُو غصنٌ ويطربُ وَكرُ
ومري القلبَ يخفق القلبُ فرحانَ / وتحنو روحٌ ويطربُ صدرُ
ومري الجمرَ يصبحِ الجمرُ كالماء / وتعنو نارٌ ويخضعُ جمرُ
ومري البحرَ يهدأ البحر أمواجاً / ويعنو موجٌ ويهجعُ بحرُ
إيه إنعام هذه صولة الحسنِ / التي تَحطِمُ القويَّ وتذرو

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025