القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو حَيّان الأندَلـُسي الكل
المجموع : 30
عُج بِشَيخِ النُحاة وَالأدباءِ
عُج بِشَيخِ النُحاة وَالأدباءِ / وَإِمامِ الأَئِمَةِ الفُضَلاءِ
تَجِدِ الريمَ راتِعاً في حِماهُ / قَد حَماهُ حَتّى مِن الرقباءِ
يا إِماماً لَمّا تَزَل مُسدِياً لي / نِعَماً قَد جَلَت عَن الإحصاءِ
لَو يحلُّ الغَزالُ غَير حِماكُمُ / لانتَصَفنا بِسُنَّةِ الشُعَراءِ
إِن يَكُ القَلبُ غَيرَ راضٍ بِهَذا / فَلِساني عَلَيك رَطبُ الثَناءِ
ضَلَّ عَقلي بِصَدِّ ريمِك حَتّى / لكأني أَسيرُ في الظَلماءِ
أَيُّ بَحرٍ يَفيضُ مِن عَبَراتي / أَيُّ جَمرٍ يَشُبُّ مِن أَحشائي
لَيسَ جَمعُ الأَضدادِ عِندي مُحالاً / إِنَّني جامِع لِنار وَماءِ
بِأَبي أَحوَر الجُفونِ رَبيبٌ / طارَ عَقلي بِهِ وَطالَ عَنائي
إِن تبدّى فَحَسبُ طَرفي مِنهُ / نَظرَة وَهيَ لَو تَدوم شِفائي
وَلَئِن غابَ شَخصُهُ قُلت نَفسي / اصبِري فَالبَهاءُ عِندَ البَهاءِ
إِنَّ جِسمي مُقَيَّدٌ بِالضَريحِ
إِنَّ جِسمي مُقَيَّدٌ بِالضَريحِ / وَفُؤادِي وَقفٌ عَلى التَبريحِ
وَلِعَيني إِذا ذَكَرتُ نُضاراً / مردٌ مِن دِماءِ قَلب جَريحِ
راحَ عيدٌ وَبعدُ عيدٌ كَبيرٌ / وَنضارٌ تَحتَ الثَرى وَالصَفيحِ
لا أَرى فيهِما وَجيهَ نُضارٍ / يا لَشَوقي لِذا الوَجيهِ المَليحِ
وَنُضارٌ كانَت أَنيسي وَحُبّي / وَنضارٌ كانَت حَياتي وَروحي
وَنُضارٌ أَبقَت بِقَلبي حُزنا / لَيسَ يَنفَكُّ أَو أُوافِي ضَريحي
لَم يَكُن لِلنضارِ يَوماً نَظيرٌ / في ذَكاءٍ لَها وَعَقلٍ رَجيحِ
وَحَياءٍ وَحُسنِ مَلقىً وَخطٍ / بارِعٍ نادِرٍ وَلَفظٍ فَصيحِ
نَظَرت في العُلومِ فقهٍ وَنَحوٍ / وَحَديثٍ عَن الرَسولِ صَحيحِ
وَلَكَم طالَعَت تَواريخَ ناسٍ / فَاستَفادَت عقلَ الحَكيمِ النَصيحِ
قَد قَضَت نَحبَها نُضارُ وَراحَت / وَلَها الذكرُ بِالثَناءِ الصَريحِ
سُطِرَت في الرُواةِ عَن سَيِّدِ الخَلقِ / فَيا طِيبَ ذِكرِها وَالمَديحِ
إِن تَكُن قَد تَقدَّمَت وَبَقينا / بُرهَةً في زَمانِنا المَسفوحِ
فَعَلى إِثرِها نَروحُ وَنَرجُو / عَفوَ رَبٍّ عَن الذُنوبِ صَفوحِ
سَمح الدَهرُ بِالحَبيبِ الودودِ
سَمح الدَهرُ بِالحَبيبِ الودودِ / فَحَظينا مِنهُ بِأُنسٍ جَديدِ
جَمَعتنا لُيَيلَةٌ هِيَ عِندي / لَيلَةٌ أَشرَقَت بِبَدرِ السُعودِ
أُوقدَ الشَمعُ وَالمَصابيحُ فيها / وَتبدّى نورُ المحيا السَعيدِ
وَبَدا الفَرقُ بَينَ نارٍ وَنورٍ / واضحاً لائِحاً لعقلٍ سَديدِ
تِلكَ نارٌ مآلها لانطفاءٍ / وَحَبيبي أَنوارُهُ في مَزيدِ
حالَ بَيني وَبَينَهُ اِثنان ظُلماً / فَقَنِعنا بِرُؤيةٍ مِن بَعيدِ
أعمِلُ الفِكرَ في اِقترابٍ كَأَني / بَرهَمِيٌّ مجرّبٌ في الهنودِ
فَإِذا الحاجِزانِ راحا وصرنا / مِن قَريب في أُنسِ وَصلٍ مَديدِ
أشهدُ الأنسَ مِن غَزالٍ رَبيبٍ / وَأَرى المَوت في مَحاجرِ سودِ
أَلحظُ البدرَ وَهوَ نُصبُ عِياني / وَأُناجيهِ آمِنا مِن صدودِ
فَإِذا الدُرُّ ما تَساقَط لَفظاً / لَو تجسَّدنَ كُنَّ عِقدَ الجيدِ
وَإِذا السحرُ كامِناً في عُيونٍ / كَم مُعنّى بِها قَتيلٍ شَهيدِ
إِنَّ قَلبي وَمِقوَلي قَد أَرَقّا
إِنَّ قَلبي وَمِقوَلي قَد أَرَقّا / لِلمُقِرّ الأَسمى الشهابيِّ أَحمَد
مِن لِساني ذكرانِ ذكرُ دُعاءٍ / ثُم ذكرٌ بِهِ الثَناءُ مُخَلَّد
وَبِقَلبي حُبّانِ حُبُّ طباعٍ / ثُمَ حُبٌّ لِجُودِهِ قَد تَأَكَّد
أَبطَحِيٌّ فَخارُهُ عُمريٌّ / مَحيَوِيٌ لَهُ المَكارِمُ تُسنَد
هُوَ سِرُّ المُلوكِ في كُلِّ أَمرٍ / فَعَلَيهِ خَناصِرُ المُلكِ تُعقَد
حُبُّهُ وَاجِبٌ عَلى كُلِّ مَن آ / مَنَ بِاللَهِ وَالرَسولِ مُحَمَّد
لابنِ فَضلِ الإِلهِ فَضلٌ عَلينا / وَتَمامُ الإِحسانِ وَالعَودُ أَحمَد
حَفِظَ اللَهُ ساعَةً مَزَجَتني
حَفِظَ اللَهُ ساعَةً مَزَجَتني / بِحَبيبي فَنَحنُ مَزجاً كَشُهدِ
وَلَحا اللَهُ ساعَةً فَرَّقَتنا / وَحَشَت في حَشايَ أَعظَمَ وَقدِ
صِرتُ كَالشَمعِ مُحرِقاً ذا اصفرار / وَهوَ كَالأَريِ لَو يُباحُ لِوردِ
ذو لِحاظٍ بِهِ سَقامُ فتورٍ
ذو لِحاظٍ بِهِ سَقامُ فتورٍ / لِصِحاحِ القُلوبِ مِنهنَّ كَسرُ
فَلأَنفاسِهِ وَثَغرٍ وَريقٍ / نُسِبَت مِسكَةٌ وَدُرٌّ وَخَمرُ
وَلقَدٍّ وَشعرِهِ وَالمُحيّا / أَشبَهَت خُوطةٌ وَلَيلٌ وَبَدرُ
أَسُهادٌ وَأَدمُعٌ وَزَفيرُ
أَسُهادٌ وَأَدمُعٌ وَزَفيرُ / بَعضُ هَذا عَلى المُحبِّ كَثيرُ
ما تَذَكَّرتُ وَصلَ حُبّيَ إِلّا / كادَ قَلبي شَوقاً إِلَيهِ يَطيرُ
سَكَنوهُ وَأَودَعُوهُ غَراماً / عَجَباً فيهِ جَنَّةٌ وَسَعيرُ
يا بَها دُرٍّ سُدتَ إِذ كُنتَ مَولىً
يا بَها دُرٍّ سُدتَ إِذ كُنتَ مَولىً / لإِمامٍ أَضاءَ للدينِ بَدرا
لا أُهنِّيكَ بِالمَلابسِ فَاعلَم / بَل أُهَنّي بِكَ المَلابسَ تَترى
إِن تَكُن خِلعَةً تَزينُ فَهَذِي / زِنتَها وَاكتَسَت بَهاءً وَدُرّا
إِنَّ قاضي القُضاةِ مَن يَصطَفيهِ / نالَ عِندَ المُلوكِ جاها وَقَدرا
شَرَفَ الدينِ قَد تَشَرَّفَ قَدري
شَرَفَ الدينِ قَد تَشَرَّفَ قَدري / بِنظامٍ يَبأى عَلى كُلِّ شِعرِ
سِلكُ دُرٍّ سَلَكتَ فيهِ طَريقاً / أَعجَزَ الناسَ في نِظامٍ وَنَثرِ
لا عَجيبٌ مِن كَون لَفظِكَ دُرّاً / أَنتَ بَحرٌ وَالبَحرُ يَرمِي بِدُرِّ
هُوَ فَرقٌ ما بَينَ ضادٍ وَظاءٍ / وَهوَ جَمعٌ ما بَينَ زَهرٍ وَزَهرِ
أَيُّ سِلكٍ بِهِ الزَمانُ تَجلّى / أَيُّ سِحرٍ أَربى عَلى كُلِّ سِحرِ
ما لِقَلبي مُقَسَّم الأَفكارِ
ما لِقَلبي مُقَسَّم الأَفكارِ / وَكَأن قَد حُشِيَ بِجَمرَةِ نارِ
قَد دَهَتني مِن الزَمانِ خُطوبٌ / ضاقَ عَن حَملِها جَميلُ اِصطِباري
دَمعُ عَيني لِفَقدِ حَيّانَ وَحَيّا / نَ وَحيّانَ وَالنُضارَينِ جارِ
أَتُراها مِن الغَمامِ اِستمِدَّت / أَو أُمِدَّت مِن زاخِراتِ البِحارِ
خَمسَةٌ تُشرِقُ المَنازِلُ مِنهُم / أُدرِجوا تَحتَ ظُلمةِ الأَحجارِ
شَغِفَت بِالقُرآنِ وَالنَحوِ وَالخَطِّ / وَفاقَت بِهِ جَميع العذارِ
وَاعتَنَت بِالحَديثِ سَمعاً وَكَتباً / فَرَوَت جُملةً مِن الآثارِ
مُسند الدارِمي وَمُسنَدَ عَبدٍ / وَالصَحيحينِ مُسلِماً وَالبُخاري
وَالنِسائي وَمُعجمَ الطَبَراني / ثَم نصفا مِلمُعجمِ الكُبّارِ
وَلها رِحلَةٌ لِمَكَّةَ فيها / سَمِعَت مِن شُيوخِنا الأَبرارِ
خَرَّجَت أَربَعينَ عَن أَربَعينَ اك / تَتَبَتها عَن سادَةٍ أَحبارِ
وَهيَ في سُقمِ مَوتِها أَسمَعَتنا / وَأَجازَت جَمعاً مِن الخضّارِ
ثُمَ راحَت لَمّا قَضى اللَهُ فيها / بِثَناءٍ وَطَيِّب التَذكارِ
وَدَهاني مِن بَعدِ ذَلِكَ فَقدِي / أُمَّ حَيّانَ خِيرَةَ الأَخيارِ
كانَت أُنسِي في وَحدَتي وَاغتِرابي / وَمَنامي وَيَقظَتي وَسِفاري
وَنَديمي في رِحلَتي وَمُقامي / وَزَميلي في حُجَّتي وَاعتِماري
كُنتُ أَرجو بِأَن تَعيشَ وَتَبقى / حينَ سُقمي تَدورُ بِي وَتُداري
لَم تَكُن زَوجَةً وَلَكن كَأُمٍ / وَأَنا كَابنِها صَغيرُ الصِغارِ
كانَت الروحَ بَينَ جَنبيَّ راحَت / فَحَياتي صارَت كَثَوب مُعارِ
دَعَت اللَهَ أَن تَموتَ سَريعاً / في حَياتي في عِزَّةٍ وَاستِتارِ
فَأَجابَ الإِلهُ مِنها دُعاءً / وقَضَت نَحبَها لِدارِ القَرارِ
فَسَقى اللَهُ قَبرَها غَيرَ عاثٍ / وَحَباها بِدِيمَةٍ مِدرارِ
جَنَّةٌ أُنشِئَت لَما تَشتَهي النَف
جَنَّةٌ أُنشِئَت لَما تَشتَهي النَف / سُ وَتلتذُّهُ عُيونُ البَصيرِ
أَرضُها مَرمرٌ وَأَصداف دُرٍّ / جَلبُوها مِن نابياتِ البُحورِ
سَقفُها أَغرَقُوهُ بِالذَّهَبِ العَينِ / وَحيطانُها كسوا بِالحَريرِ
ثُمَ أَبوابُها مُطعَّمَةٌ بال / عاجِ وَالآبنوسِ وَالبَلُّورِ
بُدِّلَت بِالمِياهِ أَنهارُ خَمرٍ / وَبِحورِ الإناثِ حور الذُكورِ
مِن شَبابٍ مُعذَّرينَ وَمُردٍ / يُحسِنونَ الرُقادَ فَوقَ السَريرِ
بِمناطيقِ عَسجَدٍ زَيَنوها / بِلآلٍ تَنُوسُ فَوقَ الخُصورِ
فيَدورُ الفِتيانُ فيها عَلَيهم / بِأَباريقَ مِن عَتيقِ الخُمورِ
مِن بَني يافِثٍ أَبي التُركِ نَشأً / صُوِّروا في أَحاسِنِ التَصويرِ
صُورٌ كَالشُموسِ تَلمَعُ نُوراً / لَبِسوا في الوَغى جُلودَ النُمورِ
فَهُم في الجِلادِ أَشبالُ أُسدٍ / وَهُم في المِهادِ أَشباهُ حورِ
أَعجَميونَ كَالوُحوشِ طِباعاً / آنَسَتهُم لَطائِفُ التَدبيرِ
وَانتِقالٌ مِن تاجرٍ لِرَئيسٍ / في نَعيمٍ وَنضرَةٍ وَسُرورِ
بِعُيونٍ لُخصٍ سَبَت وَأُنوفٍ / ذُلُفٍ وَالوجوهُ مثلُ البُدورِ
وَشُعورٍ إِذا هُمُ ضَفَروها / كُنَّ كَالأَيمِ وارِداً لِلغَديرِ
فَإِذا هُمُ حَلُّوا الشُعورَ تَغَطَّت / صَفَحاتُ البُدورِ بِالدَّيجورِ
أَيُّ دينٍ يَبقَى لِمَن صارَ مُغرىً / بِالحُمَيّا وَبِالغَزالِ الغَريرِ
وَاصطكاكِ الشِفاه بِاللَثمِ رَشفاً / وَاحتِكاكِ الصُدورِ فَوقَ الصُدورِ
وَاجتماعٍ بِقائِم النَهدِ خَودٍ / وَاستِماعٍ لِلعُودِ وَالطُنبورِ
هَذِهِ عيشَةُ المُلوكِ فَمن يُح / رَمُ هَذا يَعيشُ في تَعسِيرِ
إِنَّ ذا العيدَ فيهِ غابَت نُضارُ
إِنَّ ذا العيدَ فيهِ غابَت نُضارُ / وَأَخوها فَما لِقَلبي قَرارُ
أَدمُعي تَرتَمي عَلى الخَدِّ سَكباً / وَفُؤادي مُضطَرِمٌ فيهِ نارُ
صَحِبا مِن ودادِها وَسطَ قَلبي / كُلَّ وَقتٍ لَهُ إِلَيها اِدِّكارُ
وَأَخاً خَيِّراً عَفيفاً حَييّاً / قَد زَكا فَرعُهُ وَطابَ النِجارُ
أَوحَشَت مِنهُمُ الدِيارُ وَسارُوا / بِهِمُ تَأَنَسُ الرُبا وَالقِفارُ
حمِلَت مِنهُم الجمالُ جمالاً / ساطِعاً مِنهُ لِلوَرى أَنوارُ
أَشرَقَت بِالنَهارِ مِنهُم شُموسٌ / وَتَجَلَّت في لَيلِهم أَقمارُ
عَبِقَت مِن شَذاهُمُ الأَرض لَمّا / وَطِئُوها فَتُربُها مِعطارُ
قاصِدينَ الحِجازَ لِلحَجِ راحُوا / لَهُمُ الذِكرُ وَالقُرآنُ شِعارُ
بَلَغُوا كَعبةَ الإِلَهِ وَحَجُّوا / فَبِها حُطَّت عَنهُم الأَوزارُ
ثُمَ زارُوا لِلمُصطَفى خَيرَ قَبرٍ / فيهِ خَيرُ الخَلائِقِ المُختارُ
حَنَّ قَلبي لِصالِحٍ وَلَعَمري / إِنَّ تَرحالهُ لَفِيهِ اِعتِبارُ
حَجَّ طِفلاً مَع أُمِّهِ وَأَبيهِ / نالَ ما لَم تَنَلهُ قَطُّ الصغارُ
هُم أُناسٌ حَجُّوا وَزارُوا وفازُوا / ساعدتهُم في ذَلِكَ الأَقدارُ
وَأَنا الشَيخ أَخَّرتني ذُنوبي / فَعَسى أَن يُسامِحَ الغَفّارُ
خَلَّفوني وَحدي غَريباً فَريداً / كُلَّ حينٍ يَشُوقُني التَّذكارُ
أَتُراني أَحيا أُشاهِدُ حَيّانَ / وَتَبدُو لِناظِرَيَّ نُضارُ
زَهرتا مُهجَتي وَنُورا فُؤادِي / وَأَنيساي إِن عَراني اِفتِكارُ
فارَقاني شَهراً وَشَهراً وَشَهراً / ما لِقَلبي عِلى الفِراقِ اِصطِبارُ
يا نَسيمَ الصَبا أَلا احمِل سَلامي / للأَحبّاءِ حَيثُ شَطَّ المزارُ
قُلتُ لِلنَفسِ وَهيَ ذاتُ اِضطّراب / اِستَكِني فَقَد تَقَضّى السِفارُ
قَد أَتانا مُبَشِر بِالتَداني / وَغَداً تَجمَعُ الحَبيبَ الدِيارُ
قُل لِقاضي القُضاة شَيخِ البَرايا
قُل لِقاضي القُضاة شَيخِ البَرايا / يا إِماماً حَوى الفَرائدَ طُرّا
كُنتُ قَد سُمتُ في القَلائد بَيعا / فَأَتى الهَيثَمي لِذَلِكَ نُكرا
إِنَّ بَيني وَبَينها نسبة العر / بِ لِذاكَ اِهتَزَزتُ للعُربِ ذِكرا
إِن تَكُن نُسخَةٌ سِواها لَدَيكُم / فَلتَجُد وَاغتَنِم ثَناءً وَشُكرا
كَم مَديحٍ في جدِّكُم لعَليٍّ / وَحَبيبٍ قَد طَبَّقَ الأَرض نَشرا
مَن يَك القاسِمُ الهُمام أَباهُ / طابَ بَينَ الأَنامِ فَرعاً وَنَجرا
أَيُّها الناسُ قَد غَنِيتُ بِروحي
أَيُّها الناسُ قَد غَنِيتُ بِروحي / عَن سِواها فَلَستُ أَصحَبُ شَخصا
قَد أراني وَحدِي أَزيد كَمالاً / وَإِذا ما صَحِبتُكُم زِدتُ نَقصا
سَألَ البَدرُ هَل تَبدّى أَخوهُ
سَألَ البَدرُ هَل تَبدّى أَخوهُ / قلتُ يا بَدرُ لَن تُطيقَ طُلُوعا
كَيفَ يَبدو وَأَنتَ بِاللَيلِ بادٍ / أَو بَدرانِ يَطلُعانِ جَميعا
يا بَخيلاً حَتّى بِرَجعِ سَلامٍ
يا بَخيلاً حَتّى بِرَجعِ سَلامٍ / زارَني مِن خَيالِكَ الصبح طَيفُ
حينَ وافى يشُقُّ جُنحَ الدَياجي / قُلتُ أَهلاً بِزائِرٍ هُوَ ضَيفُ
كُلَما رُمتُ قُربَهُ قَد تَناءى / وَاحتفاءً بِهِ بَدا مِنهُ حَيفُ
قُلت كَيفَ الخَلاصُ مِن حُبِّ ريمٍ / قَد سَباني وَلَيس يَنفَعُ كَيفُ
بِقَوامٍ قَد هُزَّ لي مِنهُ رُمحٌ / وَبِطَرفٍ قَد سُلَّ لي مِنهُ سَيفُ
فَدُموعٌ تهمي وَحَرُّ لَهيب / فَبِعيني مشتى وَبِالقَلبِ صَيفُ
كانَ زَرعي ودادُه أَرتَجيهِ / فَإِذا الزَرعُ جاءهُ مِنهُ هَيفُ
وَأَراهُ فَزِدتُ فيهِ وِداداً / وَيَراني فَزادَني مِنهُ عَيفُ
قسماً بِالمَقامِ وَالرُكنِ وَالبيت / وَما ضَمَّهُ الآلُ وَخَيفُ
إِنَّ حُبّي لخالصٌ ذو صَفاءٍ / وَمحباتُ ذا الوَرى الكلِّ زيفُ
ذابَ قَلبي لِحادثٍ طَرَقَه
ذابَ قَلبي لِحادثٍ طَرَقَه / حينَ قالوا ماتَ الفَتى صَدَقَه
وَجَرَت مُقلَتي عَلَيهِ دَماً / فَهيَ صارَت في دَمعِها غَرِقَه
لَهفَ نَفسي عَلَيهِ مِن رجُلٍ / كَأنَّ رَبّي مِن فِطنَةٍ خَلَقَه
ذو ذَكاءٍ يَحكي ذُكاءَ سَناً / وَحياءٍ مِنهُ نَدى حَدَقَه
وَاعتناءٍ بِالنَحو مشتغلٌ / لِخَفاياه في النُقول ثِقَه
حينَ زانَ العِذارُ وَجنَتَهُ / وَكَساها رَيحانَةً وَرَقَه
وَبَدا بَين صَحبهِ قَمراً / وَأَضاءَت أَنوارُه أفُقَه
وَغَدا بَينَ أَهلِهِ عَلَما / شَرَّفَ اللَهُ باسمِهِ فِرَقَه
جا إِلَيهِ مِن رَبِّهِ قَدَرٌ / وَسَقاه حِمامَهُ رَنِقَه
أَنا مَع صاحبيه في أَلمٍ / وَأَسىً وَالقُلوب محترِقَه
صاحَبوني ثَلاثَةٌ نَسقاً / في اجتهادٍ سنينَ مُتَّسِقَه
في كِتابِ التَسهيلِ بحثهُم / أَيُّ بَحثٍ فيهِ غَدوا طَبقَه
فَمَضى واحدٌ لطيَّتِهِ / كانَ في الخَيرِ سالِكاً طُرُقَه
لَم يُؤخَّر عَن هالِكٍ أَجل / إِنَّ ذا عمرهُ الَّذي رُزِقَه
إِن يَكُن جسمُهُ ثَوى جَدَثاً / فإلى عَدنِ روحُه سَبقَه
في نَعيمٍ وَفي مَقرِّ عُلىً / بَينَ حورٍ لَهُنَّ فيهِ مِقَه
قَدَّسَ اللَهُ سِرَّ تُربَتِهِ / وَسَقاهُ مِن سُحبِهِ غَدقَه
شمسُ حُسنٍ قد أطلَعَت
شمسُ حُسنٍ قد أطلَعَت / قمراً لاحَ في الفَلَك
ليسَ للأُنسِ ينتمي / بل له صورةُ المَلَك
ما ترى نورَ وجههِ / ساطِعاً قد جَلا الحَلَك
كلُّ قلبٍ لحُسنِهِ / في هواه قد انسَلَك
مَلَك الناسَ كُلَّهُم / وسبا قلبَ من مَلَك
وأبُوه هوَ الذي / طُرُقَ الخيرِ قد سَلَك
يا فريداً محمدٌ / مشبِهٌ في الجمالِ لَك
دلِّلَنهُ وكُن لهُ / مثلَ من كانَ دَلَّلَك
واحفِظَنهُ ورَبِّه / فهوَ بالشِّبهِ جَمَّلَك
إِنَّ للنَفس في الكَرى أَمجالا
إِنَّ للنَفس في الكَرى أَمجالا / نَشأةُ القادِرِ الحَكيمِ تَعالى
هِي نَفسٌ إِظلامُها مستمرُّ / وَهيَ روحٌ أَنوارُهُ تَتَلالا
فَهُما واحِدٌ هما اِثنانِ بِالوَص / فِ نساءٌ في هَيكَلٍ وَرِجالا
أَودَعَ اللَهُ قُوَّةَ العَقلِ فيها / فَهيَ في النَومِ تُبصِرُ الأَشكالا
بَينَما المَرءُ نائِماً في مقر / جابَت الأَرض سَهلَها وَالجِبالا
بَينَ رُؤيا تَجيءُ مثلَ سَنا الصُبحِ / وَرُؤيا أُخرى تَجيء خَيالا
فَهيَ تَسري ما بينَ عُلوٍ وَسفلٍ / وَهيَ في الدَنِّ لا تَرومُ اِنتِقالا
واصَلَت دَنَّها زَماناً فلَما / فارَقَتهُ كُرهاً أَبَت اِتِصالا
وَهيَ أَضحت إِلى البَقاءِ تسامَت / وَهوَ أَمسَى إِلى الترابِ اِستحالا
سيعيدُ الإِلهُ نَفساً لجسمٍ / عاجِلاً بين ذا وَتلكَ اِتِصالا
وَادّعى الفَيلَسوفُ وَهوَ كَذوبٌ / أَنَّ عَودَ الجُسومِ صارَ مُحالا
وَسَواءٌ إِعادَةٌ وَابتداء / عِندَ رَبّي وَالعَودُ أَهون حالا
كُلُّ ما شاءهُ إلَهُ البَرايا / كَونَهُ فَهوَ كائِنٌ لا مَحالا
وَاختِلافُ الأَنامِ في النَفسِ جَهلٌ / لا يَزيدُ البحّاث إِلا ضَلالا
هِيَ خَلقٌ وَلَيسَ يَعلمُ خَلقٌ / كُنهَها إِنَّها عَجيبٌ فَعالا
وَادّعى علمَه بِها فَلسفيٌّ / بِكَلامٍ قَد أَوهَمَ الجُهّالا
وَادّعى أَنَّها قَديمةُ ذاتٍ / قِدَمَ الرَبِّ جَلَّ رَبي جَلالا
ما سَلامُ الغُيّابِ هَذا السَلامُ
ما سَلامُ الغُيّابِ هَذا السَلامُ / بَل عِناقٌ مُواصَلٌ وَالتزامُ
وَاصطكاكُ الشِفاهِ باللَثمِ حَتّى / يَشفي الصبَّ من صَداهُ التِثامُ
أَتَظُنُّ الكَلامَ يُبري كِلاماً / ما بِكلمِ الحَبيبِ تَبرا الكلامُ
إِن تَكُن عِفتَ قُبلَةً وَعِناقا / فَلَقد عِفتَ ما يُبيحُ الكِرامُ
أَيُّهذا الَّذي نَوى الحَجَّ مَهلا / أَنتَ مَحجوجُ مَن بَراهُ السَقامُ
قَد غَدا مُحرِماً مُلَبّي حُسنٍ / مِنكَ لَمّا دَعاه زادَ الهِيامُ
شاحِبُ اللَونِ غائِرُ العَينِ ممّا / شَفَّهُ الحبُّ والهٌ مُستَهامُ
معملُ الفِكرِ في مَهامِهِ شَوقٍ / بِمطِيٍّ يَحُثُّهُنَّ الغَرامُ
سائِرٌ نَحوَ مَكَّة الحُسن مِنكُم / فَأَتاها وَقَد بَدَت أَعلامُ
كَعبة الحُسنِ مِن مُحيّاكَ تُجلى / فَبِها دائِماً يَطُوفُ الأَنامُ
كُلُّ أَركانِها يَمانِيُّ يُمنٍ / فَبِكُلٍّ مِنها يَكونُ اِستلامُ
قَد صَفا وَقتُهُم بِسَعيِ نُفُوسٍ / لِحِماكُم وَعَرَّفوا وَاِستَقاموا
وَمُناهم أَن قَد رَمَوا جمراتٍ / بِمناكُم يَشُبُّهُنَّ ضِرامُ
لا تَخَف مِن صَدىً يغرّ وَمن قو / تِ مَكانٍ يَلَذُّ فيهِ المُقامُ
فَعُيونٌ كَزَمزمٍ إِن وَرَدتُم / وَقُلوبٌ لَكُم بِهِنَّ مُقامُ
وَأَفاضُوا لَمّا أَفاضُوا إلَيكُم / أَدمُعاً كُلُّها رِهامٌ سِجامُ
عَمَروا أَنفُساً بِوُدٍّ صَحيحٍ / مِن هَواهُم فَما عَلَيهم ملامُ
وَطَوافُ الوَداعِ قاضٍ عَلَيهم / فَعَلى الوَصلِ وَالحَياةِ السَلامُ
أَتراهُم يَوماً يَزُورون مَيتاً / قَصَدوا هَجرَهُ فَزادَ الحِمامُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025