المجموع : 37
قُمْ نقبل ثغرَ الجهادِ وجيدهْ
قُمْ نقبل ثغرَ الجهادِ وجيدهْ / أشرقَ الكونُ يومَ جدَّدَ عيدهْ
لاتقلْ خانتِ القوافي فحسبُ / الشعر منها أبياتها المعدودة
يتهادينَ في غلائلَ كالوردِ / ويهبطنَ من سماءٍ بعيدة
شهدَ الله ما لمسْنَ جبيناً / من ترابٍ إلا كتبنَ خلودهْ
أيهاذا اللواءُ من خضرةِ الأرزِ / كساها دمُ الجهادِ ورودهْ
قد نشدناكَ عندَ كلَّ قناةِ / وعلى كل أيكةٍ غرِّيده
قل لمن حدَّد القيودَ رويداً / يعرف الحقَّ أن يفكَّ قيودهْ
نحنُ والموتُ صاحبان على / الدهرِ، حشدنا أرواحنا وبنودهْ
نحنُ لا نحسبُ الحياةَ حياةً / أو نفدي أوطاننا المعبودهْ
لن نراها إن لم نمت في هواها / أمةً حرَّة ودنيا جديدة
أيها البلبل المغرد في الليل
أيها البلبل المغرد في الليل / على كل أخضر مياد
أنا أدري بالطيرِ حين تغنّي / كم جراح سالت على الأعواد
سل ضفاف الهوى اأنبتنَ غصنا / كحبيبي أو طائرا كفؤادي
كلما هلهل الأغاني عليها / قبلته وأنكرت كل شاد
خلق الله للهوى قبلة الروح / وراء الخدود والأجيادِ
نحنُ عرسان للغناء وللشعرِ / جلتنا مواكبُ الأعيادِ
أنا نايُ الهوى الذي اخترعَ اللهُ / وأنتَ الفريد من إنشادي
حفظَ الله مهجةَ الشعر في الشرقِ
حفظَ الله مهجةَ الشعر في الشرقِ / ووقّاهُ عادياتِ زمانِه
هبةٌ من مواهب الله للضاد / ونعمى حلت على لبنانِه
بسماتٌ على شفاه الحزانى / ومدام طافت على ندمائه
وكسا الأرز حاليات قوافيهِ / وغنى الهوى على قضبانه
كان ريحانةَ المناذرةِ الغُرِ / وراح الأرواح في غسّانه
ما زها مفرقٌ بتاجٍ إذا لم / يزهُ بالخالداتِ من تيجانِه
حل في ذروة العروبة حتى / حضنَنتهُ الآياتُ من قرآنِه
يتمضى حينا على الوتر الشادي / وحينا على شبا مرّانِه
وأحايين في لمى غزلانه / وأحايين في لها فرسانِه
يتمنى الملوك لو أنعم الله / عليهم بسكرة في حانه
ليت شعري ماذا أساء إلى الأيام / حتى أمعنَ في عدوانه
فهوى من سمائه كاسف اللون / إلى هوة الشقا وهوانه
كلما هم أن يطاطيء للدهر / ثناهُ العريقُ من عنفوانِه
مؤثرٌ أن يموت في كوخهِ الفاني / على الباقيات من ديوانه
كسراج في جوف دير قديم / هرقت روحهُ على جدرانه
يشهق الشهقة الخفيفة في الفجر / ويفني أنفاسهُ بدخانه
ايها الجدول الوديع الذي / تسمُرُ زهر الدجى على تحنانه
يتمنين لو جعلن حُلِيّا / في يديه أو حكمة في لسانه
أيها المدمع الحنون الذي لولاه / ما افتر مبسم عن جمانه
كنت إن جف مدمعي في جفوني / أستعير الدموع من أجفانه
وقفة عند قصر يلدز ليلا
وقفة عند قصر يلدز ليلا / والورى بين هجد ورقود
رقدوا في المهود لكنما الأنفس / منهم في قبضة من حديد
كل فجر تهب من نومها الأم / وتهفو إلى سرير الوليد
حيث ترمي بنفسها وتناديه / بفجر من الحياة جديد
ثم تجثو أمامه وتنادي / رب صنه من ظلم عبد الحميد
لا سلام عليك يا قصر مني / لا ولا جادك الحيا ببرود
زال عهد السجود يا أمم الأرضِ / فهذا عهد السلام الوطيد
لا بلغنا ذرى الحضارة إن لم / يمح عصر الإخاء عصر العبيد
الصبا والجمال ملك يديك
الصبا والجمال ملك يديك / اي تاج أعز من تاجيك
نصب الحسن عرشه فسألنا / من تراها له فدل عليك
فاسكبي روحك الحنون عليه / كانسكاب السماء في عينيك
كلما نافسَ الصبا بجمال / عبقري السنا نماه إليك
ما تغنى الهزارُ إلا ليلقي / زفراتِ الغرامِ في أذنيك
سكرَ الروضُ سكرةً صرعتهُ / عند مجرى العبير من نهديكِ
قتل الورد نفسه حسدا منك / وألقى دماه في وجنتيك
والفراشات ملت الزهر لما / حدثتها الأنسام عن شفتيك
رفعوا منك للجمال إلها / وانحنوا سجدا على قدميك
قل لوكر النسور قدستَ وكرا
قل لوكر النسور قدستَ وكرا / كل يوم تهدي إلى الأفق نسرا
عبقريَّ الجناحِ أقرَبُ مرماهُ / السماكان إن أرادَ مقرّا
مارد القلب واللسان إذا ما / هيجَ هزّ الفضاءَ عزفاً وزأرا
يحمل الحق مشعلا بين عينيه / فإن يحترق فقد مات حرا
إيه وكر النسور لم يحضن الأرز / وليداً أبرّ منكَوأجرا
ما ادلَهَمّت سماءُ لبنان إلا / أطلعت منك في دياجيهِ فجرا
تؤثر الموت أو تعيش عزيزا / ما رناً شامخاً ووجها أغرا
فخر بيروت أن تمُدَّ جناحيكَ / عليها أعظم بذلك فخرا
جعل الله كل عمرك عيدا / حملت كل ساعة منه بشرى
ما نسينا يا صرح تلك الليالي / يوم كانت أم الحوادث بكرا
كم نظرنا من كوتيك إلى الكون / وهل تعرف الطفولة شرا
نحلم الحلم كالصباحِ افتراراً / وكزهر الرياض لونا وعطرا
اكبر الهم أن نجوز امتحانا / آخر الشهر أو نؤلف سطرا
خلق الطير للغناء فغنّى / ما ترى الروض قد ترنّحَ سُكرا
غن يا طير غن عنك وعنا / إن أحلى الغناء ما كان شعرا
وحسود لا يعطمُ الغمضَ عينيهِ
وحسود لا يعطمُ الغمضَ عينيهِ / كأنَ الكرى عليه حرام
يلطم الوجه حين يهتف باسمي / فكأنيفي عنقه آثام
ألتقيه بمهجة تذرف الحب / ووجه يحلو له الابتسام
مهجةٌ كالرياض يغمرُها النورُ / ويرتدُّ عن سماها الظلام
وترَ الشعرِ فيك ما ابتكرَ الله / نسيمٌ وجدولٌ تمتامُ
كم تهادى على رفارفك الخضر / وغنى الشباب والأحلامُ
كيفَ أنساكِ يا خيالاتِ أمسي
كيفَ أنساكِ يا خيالاتِ أمسي / ذكرياتِ الصبا وأحلام نفسي
كيفَ أنسى الأيام صفواً وأُنسا / كيف أنسى
ميُّ هلا ذكَرتِ تلكَ السّنينا / بأبي أنت كيف لا تذكرينا
كم نشقنا تُقىً هناك وقُدساً / كيف أنسى
أفلا تذكرين ذاكَ الغديرا / والأفانينَ حولَهُ والزهورا
والسنونو يحدثُ الماء همسا / كيف أنسى
أفلا تذكرين عند المغيب / يوم وافت سلمى كطيرِ غريب
فأرتنا إذ غابتِ الشمسُ شمسً / كيف أنسى
يوم كنا في الحقل نمرحُ زهوا / وسليمى معنا وهندٌ وسلوى
فصرفنا النهار قطفاً وغرسا / كيف أنسى
يوم كنا نقرا هجاء وكرجا / وسليمى تمحو الأساطِرَ غثنجا
وهي تملي عليّ فسي الحب درسا / كيف أنسى
يوم سمّى الرفاقُ سلمى العَروسا / وأرادوا بأن أكون العريسا
فاعتَقنا وقد جعلناهُ عُرسا / كيف أنسى
كيف أنسى وقد كبِرنا قليلا / وذكرنا ما كان ذكرا جميلا
وعرفنا الدنيا نعيما وبؤسا / كيف أنسى
لستُ أنسى ما عشتُ يومَ الفراقِ / وجراحا حمراً بتلك المآقي
وبُكاها وقولها سوف تنسى / كيف أنسى
من معيدٌ إليّ ذاك الزمانا / ومعيدٌ سلمى إليّ الآنا
لترى أنني وقد متُّ بأسا / لست أنسى
أيها الأغنياء إن غناكم
أيها الأغنياء إن غناكم / شيّدته سواعد الفقراءِ
القصور التى تقيمون فيها / من بناها لكم سوى الفقراء
والطعام الذي تلذون من هم / صانعوه لكم سوى الفقراء
والرياحين في الجنائن من هم / غارسوها لكم سوى الفقراء
والحليب الذي رضعتم صغارا / كان من صدر معظم الفقراء
أيهاذا الجراد زادُكَ مبذولٌ / فأطبِق بالعشبة الخضراء
إهبط الحقل والتهم ما تراهُ / وانشر الموت فهو عدلُ جزاء
أنشرِ الموت ما استطعتَ / فلا تبقى ولا يبقى بعدنا ذو ثراء
ساعدوا الحربَ والجرادَ علينا / نحن نحيا بمعجزات السماء
لا تقولوا وساوس من فقير / دوّخته طوارق الأرزاء
إن للفقر ثورة لو علمتم / تسبح الناس دونها في الدماء
يا عيوناً أوحَت إلينا الغَراما
يا عيوناً أوحَت إلينا الغَراما / أجنوناً سقيتنا ام مداما
آيةُ الحبّ أن تضلّي ربيعاً / لفؤادي وأن يظَلّ هُياما
أيها الدوح دوح دمّر إني / لستُ أنسى تلكَ الليالي اليتامى
يا بساطَ الهوى ويا وترَ الشعر / سلاماً ويا شقيق الندامى
سألتني وكفّها فوقَ قلبي / عمرَكَ الله هل تُحِبُّ الشآما؟
قلتُ حبّا زَقَّ الحمامَةِ للفَرخِ / فلم لا تكون ذاك الحماما
حكمة الدهر أن نعيش سكارى
حكمة الدهر أن نعيش سكارى / فاجمعا لي الكؤوس والأوتارا
واجلواها دُنْياً ممتعة الحس / ن كما تجلوان احدى العذارى
هي كالورد تحمل الشوق والعط / ر وان خيّر اللبيبُ اختارا
انما ذاك يرفع الصوت في النا / دي وهذا يلقي عليها ستارا
فانهب العيش لا أبالك نهباً / واطرح عنك وجهك المتسعارا
لست مهما عُمرتَ غير جناح / حطّ في الدّوح لحظة ثم طارا
هبك جبران يلبس الأدب السحر / فيأتى بالمعجزات كبارا
يغسل الأنفس الجريحة بالدمع / فيكسو تلك الجراح افترارا
يسكب النفس والبيان على / الطرس فيطوى على الظلام افترارا
يرسل الفكرة النقية عذرا / ء ويرخى الضحى عليها إزارا
يتعلى حتى يجوز مدى الوهم / وحتى يهتك الأسرارا
أفترجو شفيت من مرض الغفلة / أن يضفروا لرأسك غارا
هبك جبران وهو إنجيل هذا / العصر فاضت آياته أنوارا
ذلك الإرث من فلاسفة الأجيال / حابت به الحظوظ نزارا
ذلك الجدول الذى يملأ الوادى / اخضرارا والضفتين ازدهارا
تستحم النفوس فيه فلا / تبرح إلا جوانحاً أطهارا
وتود النجوم لو سمر / الليل فظلت لشجوه سمارا
هبك جبران يرسم الفكر ألواحا / تطوف العقول فيها سكارى
تَتَنَزّى أرواحها خلَلَ الخطِ / كما ثار في الحديد الأسارى
ولكادت لروعة الفن ترفض / وراحت تشق عنها الإطارا
يبعث الدارجين في الأعصر الغبر / وكانوا على رحاها غبارا
فإذا هم مواثل نفضوا الأرماس / عنهم ومزقوا الأدهارا
مت إذا شئت أن تكون أديبا / أو فبدّل بغَيرِ لبنان دارا
بلد قسمت حظوظ بنيه / فأصبنا من بيضها الأصفارا
أنفاً للبلاد أن تحمل العارَ / رضينا أن نعتب الأقدارا
ليس ما ترشح الشفاه ابتساما / لو تاملت بل جراحا حرارا
أيها العبقريّ يا شرف الأرز / كفى الأرز إن ذكرت فخارا
ويح لبنان كلما ذر نجم / فيه ولى عن أفقه وأنارا
ضمك الأرز فكرة وترابا / ليته ضم غصنهُ والهزارا
يا ليالي الجهاد ما أنت إلا
يا ليالي الجهاد ما أنت إلا / ذكريات يسوغها الفكر نهلا
كبقايا حلم علقن بذيل الليل / حتى أطل فجر فجلى
أو كصمصامة تكشف الأبطال عنها / ما بين أسرى وقتلى
رقدت في قرابها يبسط النصر عليها / من المعامع ظلا
أو كقيثارة علاها غبار المجد غنت / عرس البطولة قبلا
فاستراحت على جدار من التاريخ / تستعرض المواكب جذلى
قبسة منك يا ليالي فما البدر بأضوا / ولا الصباح بأجلى
اعصفي في النفوس أنشودة الأمس / فتمشي إلى المكارم عجلى
نشء لبنان هذه راية الأرز / فإما الفداء بالنفس أو لا
قم نخشن منا اليدين فلا / نحصد حقلاً إلا ونزرع حقلا
الأكف اللذان من شغف الغيد / فحدد منهن للحق نصلا
شقيت أمة إذا الجد ناداها / تلوت على الأسرة كسلى
أي فتى الأرز هب نستبق الفجر / بفجر من ناظريك أطلا
أغل مهر العلى إذا كنت شهماً / هان من نام في الطريق وذلا
لَبِسَ الكبرياء والحسن بردا
لَبِسَ الكبرياء والحسن بردا / وانبرى يلفحُ الهوى واستبدّا
فابسطي يا سماءُ كفّك عمرا / واجعلي حولهُ الملائكَ جندا
ومري القفرَ أن يفيضَ عيونً / تفرشُ الطرق ياسميناً ووردا
إيه ريحانةَ الرياحين فيضي / مرحاً واملإي الجوانحَ وجدا
إمسحي جبهةَ الظلام تفض نورا / ومُرّي على الصخور فتندى
حملضت كل روضةٍ أجملَ الزهر / وصاغت منها لجيدكِ عقدا
واغتدى كلُّ جدولٍ يتمنّى / وانبرى كلّ بلبُلٍ يتصدّى
عرسٌ للرياض للطير للأنهار / لم يبقِ للمباهجِ مجدا
قطّعت شرعها الكواكبُ كي / تنسُجَ برداً وكي تلازمَ خدا
وانحنَت كلّ نخلَةٍ كجناحٍ / أخضرِ الريشِ ودّ لو كان زندا
عشتَ فالعَب بشعرها يا نسيمُ
عشتَ فالعَب بشعرها يا نسيمُ / واضحكي في خدودها يا نجوم
من ملاكٌ في بردَتَيها مقيم / جسدٌ طاهرٌ وروحٌ كريم
سكب الله دمعةً فإذا هي / نفس ليلى بلطفها المتناهي
أيباهي بحسنه متباه / وهي ليلى وذاك قول الإله
شعرها قطعة من الليل والخد / قبلته شمس الضحى فتورّد
وعلى صدرها متى تتنهّد / موجة هزّت الصغيرين في المهد
إن مشت فالقلوب تحت خطاها / لا تبالي نعيمها من شقاها
إن قلبا تدوسه قدماها / ودماه تبلّ ذيلَ رداها
يا لها ثورةً تأجّجُ في صدركَ
يا لها ثورةً تأجّجُ في صدركَ / تردي الظنون فيها الظنونا
بسمةُ الهزءِ أين منها أبو بحر / وفولتير سيدا الهازئينا
فأحايين لا أرى لك دنيا / وأحايين لا أرى لك دينا
لست أدري أأنت في وصفِكَ النفسَ / مصيبٌ أم الحكيمُ ابنُ سينا
أيراها ورقاء من رفرفِ الخلد / وتبقى لديك ماء وطينا
سر ذي النفس لا مدارهُ روما / أدركتهُ ولا شيوخُ أثينا
هل رأيت النجوم تزداد نوراً / كلما احلولك الدجى وفتونا
هكذا الفكرُ يصدعُ الليل بالنور / غذا لم تك العيون عيونا
سابحٌما يشاءُ في بحرهِ الهادي / كما يدفعُ الشراع السفينا
أيبالي من عنده البعد والقرب / سواءٌ أن يعجزَ المعجزينا
قد تحدّ الأبعاد من نافذِ الطرف / فينهار متعَبا مستكينا
عثراتُ العيون نصف حياة المرء / مهما يكن رصيناً رزينا
ربّ شاكٍ فقدَ العيون ولا / ينفكّ يهدي العيون للمبصرينا
الهوى والشباب والأمل المنشود
الهوى والشباب والأمل المنشود / توحي فتبعث الشعر حيّا
الهوى والشباب والامل المنشود / ضاعت جميعها من يديّا
يشرب الكأس ذو الحجى ويبقّي / لغد في قرارةِ الكأس شيّا
لم يكن لي غدٌ فأفرغتُ كأسي / ثم حطّمتها على شفتيّا
أيها الخافق المعذب يا قلبي / نزحت الدموع من مقلتيّا
أفحتم على ارسال دمعي / كلما لاح بارق في محيّا
يا حبيبي لأجل عينيك ما القى / وما اول الوشاة عليّا
أأنا العاشق الوحيد لتلقي / تبعات الهوى على كتفيّا
إسقني من لماك أشهى من الخمر / وتم ساعةٌ على راحتيا
أنا ماض غدا مع الفجر فاسكب / نغمات الخنان في أذنيّا
بَلّغُوهَا إذاأتَيْتُمْ حِمَاهَا
بَلّغُوهَا إذاأتَيْتُمْ حِمَاهَا / أنني مت في الغرام فداها
وَاذْكُرُونِي لهَابِكُلّ جَمِيلٍ / فَعَسَاهَا تَبْكِيعَليَّ عَسَاهَا
وَاصْحَبُوهالِتُرْبَتي، فَعِظامي / تَشْتَهي أنْتَدُوسَهَا قَدَمَاهَا
لَمْ يَشُقْني يَوْمُالقِيامَةِ، لَوْلا / أمَلي أنّنيهُنَاكَ أرَاهَا
وَلَوَ انَّالنَّعِيمَ كانَ جَزَائي / فِي جِهادي وَالنّارَكانَتْ جَزَاها
لأتَيْتُ الإلَهَزَحْفاً، وعَفّرْتُ / جَبينيَ كَيْأسْتَمِيلَ الإلَهَا
وَمَلأتُ السَّمَاءشَكْوَى غَرَامي / فَشَغَلْتُالأبْرَارَ عَنْ تَقْوَاهَا
وَمَشَى الحُبُّ فيالمَلائِكِ، حَتّى / خَافَ جِبْرِيلُمِنْهُمُ عُقْبَاهَا
قُلْتُ: يا رَبّ، أيُّذَنْبٍ جَنَتْهُ / أيُّ ذَنْبٍ لَقَدْظَلَمْتَ صِبَاهَا
أنتَ ذَوّبْتَ فيمَحاجِرِها السّحْرَ / وَرَصّعْتَبِاللآلىء فَاهَا
أنْتَ عَسّلْتَثَغْرَها فقُلوبُ النَّاس / نَحْلٌ أكْمَامُهَاشَفَتَاهَا
أنتَ مِنْ لَحْظِهَاشَهَرْتَ حُساماً / فَبَرَاءٌ مِنَالدّمَاء يَدَاهَا
رَحمةً رَبّ، لَستُأسألُ عَدْلاً / رَبّ خُذْني إنْأخطأتْ بِخُطَاهَا
دَعْ سُلَيْمَى تكونُحَيثُ تَرَانِي / أوْ فَدَعْنِي أكُونُحَيثُ أرَاهَا
أيها الغائب الذي في فؤادي
أيها الغائب الذي في فؤادي / حاضرٌ كيفَ حالُ قلبكَ بعدي
أينَ عيناك تنظراني وكفّي / فوقَ قلبي ودمعتي فوقَ خدّي
شبحٌ طائفٌ كستهُ يد الليل / ببردٍ كوجههِ مسوَدّ
همسَت نجمَةٌ بأذن أخيها / همسَ ثغرِ الندى بمسمَعِ ورد
ما ترى يا أخيّ شخصاً على الغبراء / يمشي لكن على غير قصد
حفيظَ الله قلب أختي من الحب / فهذا في الحب أصغرُ عبد
عُرسٌ ماجت البشائرُ فيه
عُرسٌ ماجت البشائرُ فيه / وتوالت صبابةً وعناقا
واستثار الأرواح في الملإِ الأعلى / فأتلَعنَ نحوضهُ الأعناقا
يتضاربنَ بالجوانح تزحاما / ويمعِنّ في الفضاءِ سباقا
ومشى بالدنان حورٌ وولدانٌ / عصَرنَ الخدود والأحداقا
ونَثَرنَ الأزهار مما كسا الروضَ / ومما كسا القدود الرشاقا
وهزَزنَ النهودَ من خلَلِ الوشيِ / ولَملمن ما أحاط الساقا
فتغنى وشبَب المتنبي / وتصابى الصابي أبو إسحقَ
مرحبا روح حافظ دونكِ الخلدُ / عيونا وأكؤُساً ورفاقا
وأكليل من زنود وأجياد / كما هجت جدولا رقراقا
شاعر النيل خذ بناصية النجم / وداعب جبينهُ البراقا
وتملّ الأحلام في الكاس غرقى / عاريات وبعضها عشاقا
أو فعد للحقول دغدغ بها / الزهر ونبّه في صدرها الأشواقا
أنت والنيل ضفتان لمصرٍ / تنبتان الأذواق والأرزاقا
شاعر يحصد الهموم وينمي / في الندامى بشاشة واطلاقا
وهل الشعر غير ما امتلك / النفس فحلى كاسا وحل وثاقا
ما نسينا لك القصائد حمرا / قطع الشرق دونها الأطواقا
فغسلت الجراح بالسلسل العذبد / وصيرت كل خلف وفاقا
ودوى صوتك النذير بمصر / فإذا الشرق عنده يتلاقى
لاهثا في الحديد رنحهُ الظلم / كما رعت حالما فاستفاقا
أو كسربٍ من الحمام نهيك / أثخَنتهُ يد النوى إرهاقا
يزرعُ الريش في المفاوز جمرا / مثل زرع العواصل الأوراقا
وقديما بكى العباقر لبنانٌ / وروّى الآداب والأخلاقا
وكسا يعربا سموطا من الإبداع / زادت جبينه إشراقا
كم محب على ثرى مصر منّا / ذوّب الروح في الهوى وأراقا
فمن الغي أن تدور بنا الكأس / فلا نلتقي ولا نتساقى
لبستْ بعدكَ السوادَ العواصمْ
لبستْ بعدكَ السوادَ العواصمْ / واستقلّتْ لكَ الدموعَ المآتمْ
ودّ لو يفتديكَ صقرُ قريشٍ / بالخوافي، من الردى، والقوادم
دارَ هولُ المصابِ حتى احتوى / الكو نَ، كما دار بالأصابع خاتم
فإذا البحرُ مثقلُ الصدْرِ بالأَحْ / زانِ، والأفقُ شاحبُ الوجهِ ساهم
وإذا أنتَ ، لا ترى غيرَ رأسٍ / مُطرِقٍ وارمِ المحاجرِ واجم
أسْنِدوا «البيتَ» بالصدور، فقد ما / دَ، وخانتْ جدرانهنَّ الدَّعائم
وامنعوا «القبرَ» أن يلمَّ به النا / عي، فينعى إلى «الرسول» القاسم
عرفتْ قدركَ العيونُ فأغضتْ / واستعارتْ لها عيونَ الفواطم
فطغى مصرعُ «الحسينِ» على الشَّرْ / قِ، وشُدّتْ على الرماح العمائم
واكتسى مفرقُ الجهادِ جمالاً / بالأكاليل من ذؤابة هاشم
فيصلَ العُرْبِ، ما هززناكَ / إلا بالجفونِ المقرَّحات السواجم
بالمنى الذابلاتِ، بالأمل الدا / مي، بثُكل الهوى، بفقد المراهم
فهززنا، لما هززناكَ، دنيا من / جمالٍ وجنَّةٍ من مَراحم
قل لتلك العهودِ في رَهَج الحَرْ / بِ، وفي سكرة القنا والغلاصم
قد لمحناكَ في عيون الثعالي / ولمسناكَ في جلود الأراقم
َّثونا عن الحقوق فلمّا كبَّر / النصرُ ، أعوزتْنا التراجم
نفحتْنا بها الحروبُ سلاماً / ورمانا بها السلامُ أداهم
قُلْ - وقُيتَ العِثارَ - في ندوة القَوْ / مِ، متى أصبح الحليفُ مُخاصِم؟
أين ذاك الهيامُ في أول الحبْ / بِ، وتلك الموشّحاتُ النواعم؟...
كدتُ أخشى عليكمُ تلفَ النفْ / سِ ببان اللِّوى وظبْي الصرائم
علِّمونا كيف الشفاءُ من الحبْ / بِ، فما يستوي جهولٌ وعالمْ
واذكروا عهدَنا القديم، فقِدماً / بخل الدهرُ بالصديق الملائمْ..
إنَّ تحت الصدورِ جذوةَ مَوْتو / رٍ، وخلف الحدودِ زأْرَة ناقم
ليس في الدهر أوَّلٌ وأخيرٌ / فالبداياتُ كنَّ قبلاً خواتم
لو أفاد العتابُ، ملنا على النفْ / سِ بما لا تطيقهُ نفسُ نادم
أخذتنا الدنيا بما زيّنتْهُ من أمانٍ، / ونحن بعدُ براعمْ
وعلِقْتم من عهدهم بسرابٍ / كمْ سُمومٍ تحت الشفاهِ البواسم
هفوةٌ ، جرَّها الزمانُ علينا لا / ملومٌ أنا، ولا أنا لائم
ذلك الليلُ في السنين الخوالي / سوف يغدو فجرَ السنين القوادم
للتجاريب في الأمور يداها رُبَّ / بانٍ ما كان بالأمس هادم
رجَّةٌ ، أجفلَ الكواسرُ منها ورمى / الذُّعرُ في العرين الضراغم
واشرأبّ الوجودُ، ينظر للنَّسْ / رِ على ذروة العروبة جاثم
مدَّ فوق الثرى جناحاً وألقى / شامخاً ما له من الموت عاصم
حاملاً ملء ثوبه من جراحا / تِ الليالي، ومنْ غبار الملاحم
يُطبق الناظِرَيْن، إلا بقايا من / شعاعٍ حول المحاجر هائم
هكذا مصرعُ النسورِ: وِسادٌ / من جلالٍ وقبةٌ من طلاسم
قد حملنا الشآمَ من طرفيهِ / فوق بحرٍ من الأسى مُتلاطِم
وسفحنا في «دجلةٍ» قلبَ «لبنا / نَ»، وأجفانَه الهوامي الهوائم
خذْ بهمس القلوبِ في أذن الحُبْ / بِ، ودعْ عنكَ كاذباتِ المزاعمْ
نَسِيَتْ نوحَها الحمائمُ في الدَّوْ / حِ، فجاءت تُصغي إليَّ الحمائم
ومن النَّوْح ما يهزّكَ للعَطْ / فِ، ومنه المدمدِماتُ الهوادم