المجموع : 55
تَذَكُّري لِلبِلى في قَعرِ مُظلمَةٍ
تَذَكُّري لِلبِلى في قَعرِ مُظلمَةٍ / أَصارَني زاهِداً في المال وَالرُتبِ
إِني أُسَرُّ بِحالٍ سَوفَ أُسلبها / عَمّا قَريبٍ وَأَبقى رِمّةَ التُربِ
خَرَجتُ أَمشي إِلى شَخصٍ فَحَدَّثني
خَرَجتُ أَمشي إِلى شَخصٍ فَحَدَّثني / قَلبي بِمجلسِ مَن يَهوى وَما كَذَبا
فَجئتهُ فَرَأَيتُ الغُصنَ مُعتَدِلاً / وَالظَبيَ مُلتفتاً وَالبَدرَ مُرتَقَبا
مَن أَعلَمَ القَلبَ أَنَّ الحُبَّ مَجلسُهُ / هُناكَ أعلمهُ سرٌّ لَهُ جَذَبا
قَد كُنتُ أُنكِرُ عِلمَ الغَيبِ مِن أَحَدٍ / حَتّى رَأَيتُ فُؤادي يعلَمُ الغيبا
صَبابةُ المَرءِ بِالأَحداثِ مُذهِبَةٌ
صَبابةُ المَرءِ بِالأَحداثِ مُذهِبَةٌ / لِلدين وَالمالِ فَاحذَر صُحبَةَ الحَدَثِ
كَفى مِن الذَمِّ وَالتَنفيرِ أَنَّهُمُ / سَمَّوهُ باسمِ الَّذي يُبدِيهِ مِن خَبَثِ
هَديةٌ قَد أَتَت مِن جِلَّقٍ جَمَعَت
هَديةٌ قَد أَتَت مِن جِلَّقٍ جَمَعَت / فَواكها عَرفُها قَد نَمَّ تُفّاحا
فَالطُرقُ تَعبقُ مِن نَشرٍ لَها أَرَجٌ / كَأنَّما المِسكُ في أَبياتِنا فاحا
جادَت بِها كَفُّ عُمرِ الجودِ مُبتَذلٍ / لِلمالِ ما اِنفَكَّ للإحسانِ مُرتاحا
مُبرِّزٍ في عُلومٍ معملٍ أَبَداً / فِكراً لِمُستَغلق الإِشكالِ فَتّاحا
عَقلاً وَنَقلاً فَمَن يبرز يناظِرُهُ / يُبصِر ذكاءً لِزندِ العلمِ قَدّاحا
غَدا عَلى مَفرِقِ الأَيامِ تاجَ عُلاً / يُعارِضُ الشَمسَ تَعلاءً وَإِيضاحا
جَليلُ قَدرٍ جَلالُ الدينِ وَالدُهُ / قاضي القُضاة فَمنهُ نورُهُ لاحا
شَمسٌ أَضاءَت وَأَبناء أَشعَّة ما / تلقي إلَينا ضِياءً مِنهُ وَضّاحا
إِنَّ الزَمانَ بِتاجِ الدينِ مُزدَهِرٌ / يَكادُ مِن طَرَبٍ يَهتَزُّ أَفراحا
شَهمٌ أَبِيٌ صَفوحٌ وَهوَ مُقتَدِرٌ / رَيان علماً غَدا للناسِ مِصباحا
يَظَلُّ من ضَلَّ عَن طُرقِ السَماحِ بِهِ / يُهدى وَيُكسى بِنورِ العلمِ أَوضاحا
هُوَ الخَطيبُ وَنَجلٌ للخَطيبِ وَصُن / وٌ للخَطيبِ يَفوقُ الناسَ إِفصاحا
إِنَّ المَديحَ لَمَكسُوٌّ بِكُم شَرَفاً / إِذ كُنتُمُ الروحَ وَالأَمداح أَشباحا
لا زِلتَ في نِعَمٍ تَترى عَلى نِعَمٍ / تَغدو بِنُعماكَ أَجساماً وَأَرواحا
وَالقَلبُ قَد كانَ خَفَّاقاً فَسَكَّنَهُ / جَدواكَ واِرتاحَ لما شَمَّ تُفَّاحا
لَنا غرامٌ شَديدٌ في هَوى السودِ
لَنا غرامٌ شَديدٌ في هَوى السودِ / نَختارُهُنَّ عَلى بيضِ الطلا الغِيدِ
لَونٌ بِهِ أَشرَقَت أَبصارُنا وَحَكى / في اللَونِ وَالعَرفِ نَفح المِسكِ وَالعودِ
لا شَيءَ أَحسنُ مِن عاجٍ تركِّبُهُ / في آبنُوسَ وَلا أَشفى لِمبرودِ
لا تَهوَ بَيضاءَ لَون الجصِّ وَاسمُ إِلى / سوداءَ حَسناءَ لَون الأَعيُنِ السودِ
في جِيدِها غَيَدٌ في قَدِّها مَيَدٌ / في خَدِّها صَيَدٌ مِن سادَةٍ صِيدِ
مِن آلِ حامٍ حَمَت قَلبي بِنارِ جَوىً / مِن هَجرِها وَابتَلَت عَيني بِتَسهِيدِ
فَالقَلبُ في حَرَقٍ وَالعَينُ في أَرَقٍ /
طالِع تَواريخَ مَن في الدَهر قَد وُجِدوا
طالِع تَواريخَ مَن في الدَهر قَد وُجِدوا / تَجِد خُطوباً تُسَلّي عَنكَ ما تَجِدُ
تَجِد أَكابِرَهُم قَد جُرِّعوا غُصَصاً / مِن الرَزايا بهاكم فُتِّتَت كَبِدُ
عَزلٌ وَنَهبٌ وَضَربٌ بِالسياطِ وَحَب / سٌ ثُمَ قَتلٌ وَتَشريدٌ لِمَن وُلِدوا
وَإِن وُقِيتَ بِحَمدِ اللَهِ شَرَّتَهُم / فَلتحمد اللَهَ فَالعُقبى لِمَن حَمِدُوا
علِقتُهُ سَبَجِيَّ اللَونِ فاحِمَةُ
علِقتُهُ سَبَجِيَّ اللَونِ فاحِمَةُ / ما ابيضَّ مِنهُ سِوى ثَغرٍ حَكى الدُرَرا
قَد صاغَهُ مِن سَوادِ العَينِ خالِقُهُ / فَكُلُّ عَينٍ إِلَيهِ تُدمِنُ النَظَرا
كَأَنَّما هُوَ مرآةٌ تُقابلُهُ / مِنَ الوَرى أَنفُسٌ قَد أُودِعَت صُوَرا
تِلكَ اللَواتي غَدَت في الحُسنِ مُشرِقَةً / لَفاقَتِ النَيِّرَينِ الشَمسَ وَالقَمَرا
تَقَسَّمت لَونَهُ الأَبصارُ وَالِهَةً / في حُسنِهِ فَإِذا إِنسانُها بَصَرا
لَولا سَوادٌ بِها مِنهُ لَما نَظَرَت / وَلَم يَكُن عاشِقٌ بِالعَينِ قَد سُحِرا
نُوبِيُّ جِنسٍ فُؤادي مِنهُ في نُوَبٍ / مُستَعجِمٌ أَفصَحَت في وَصفِهِ الشُعَرا
مِن آلِ حامٍ أَخي سامٍ وَيافثِهِ / بِحُسنِهِ استعبَدَ السامِينَ وَالخَزَرا
مُكَمَّلُ الخَلقِ مِن فَرقٍ إِلى قَدَمٍ / مُذَلَّلُ الخُلقِ مِطواعٌ إِذا أُمِرا
قالوا وَفَدتَ مِن البَيتِ الحَرامِ وَمِن
قالوا وَفَدتَ مِن البَيتِ الحَرامِ وَمِن / زِيارَةِ المُصطَفى للعَودِ مُختارا
فَزارَكَ الناسُ أَرسالاً وَبَعضُهُم / قَد اِزدَراكَ اِنتخاءً مِنهُ ما زارا
وَما اِزدراكَ سِوى غَمرٍ أَخي حَسَدٍ / يَرى بِكَ الشَمسَ إِحراقاً وَإنوارا
لَو أَنَّهُ كُنتَ رِجساً مِن مُسالَمَةٍ / وَافى مِن القُدسِ كانَ الغُمر زوّارا
إِن يُترَكُوا فَقَديماً زارَ أَكبَرُهُم / قَدراً وَأَكثَرُهُم في الشَرعِ آثارا
المالِكي وَالحَنِيفِيُّ اللَذانِ هُما / في العَصرِ كانا أَجَلَّ الناسِ مِقدارا
التابعانِ الإِمامَينِ اللَذَينِ هُما / أَصلُ الشَريعةِ إِخباراً وَتَنظارا
الأَصبَحِيُّ وَنُعمانٌ فَلا بَرِحا / يَسقِي ضَريحَهُما الرَحمَنُ مِدرارا
يا صَبوة قَد أَتَتني آخر العُمُرِ
يا صَبوة قَد أَتَتني آخر العُمُرِ / تَذكر القَلب ما قَد كانَ في الصِغَرِ
إِني كَلفت بِريم قَد تَقنصني / إشراك مقلته
أَباحَ لي قَطفَ وَردٍ يانِعٍ نَضِرٍ / وَرَشف شهدٍ شَهيّ عاطرٍ خَصِرِ
يا حُسنَه وَأَريجَ الراح في فَمه / كَالمسك ذُرَّ عَلى صافٍ مِن الدُرَرِ
وَحَبَّذا زَغَبٌ في وَجنَتَيهِ بَدا / هُوَ السياجُ عَلى رَوضٍ مِن الزَهَرِ
وَرد يُضاعف حبيه مُضاعَفة / وَنَرجس زين بالتذييل وَالحوَرِ
وَفيهِ مَعنى لَطيف لَيسَ يُدركه / إِلا فَتى مُؤثر للعقل لا الصُوَرِ
تَوكَّدَت بَينَ روحينا مُناسَبَةٌ / لِذَلِكَ اِتَفَقا في الوِرد وَالصَدَرِ
وَفي تَعانُق جسمينا تَرى عَجَباً / إِثنان قَد ظَهَرا فَرداً لِذي النَظَرِ
وَقَد غنيت بِهِ عَن كُل غانِيَةٍ / مَن أَدرَك العَين لا يَعتَدُّ بِالأثَرِ
يا أَيُّها المَولى الَّذي جُودُهُ
يا أَيُّها المَولى الَّذي جُودُهُ / كَالبَحرِ في تَيارِهِ الزاخِرِ
وَمِن ضِياءٍ وَجهُهُ مُشرِقٌ / مِن بَدأةِ الأَمرِ إِلى الآخِرِ
دَخِرت وُدّي لَكُمُ دائِماً / ما لِسواكُم أَنا بِالداخِرِ
وَقَد فَخَرتُ بِانتِمائي لَكُم / أَعزِز بِعَبدٍ بِكُمُ فاخِرِ
لَولا نَدى إِحسانِكم في الوَرى / كُنتُ كَعَظمٍ هامِدٍ ناخِرِ
وَإِنَّ بَحرَ جُودكُم مُفعَمٌ / يَجري بِفُلكٍ لِلنَدى ماخِرِ
وَمَن يَحِد عَن بابِ إِحسانِكُم / يَعِش كَعَبدٍ خاسِرٍ داخِرِ
يَضحَك أَو يَهزَأُ مِن فِعلِهِ / كَم ضاحِكٍ مِنهُ بِهِ ساخِرِ
أَباحَنا وَصلَهُ المَحبوبُ في دارِه
أَباحَنا وَصلَهُ المَحبوبُ في دارِه / وَلاحَ كَالشَمسِ حُسناً وَقتَ إِبدارِه
فَقُلتُ للنَفسِ هَذا وَقتُهُ دارِه / أورِد لَهُ عَسجَداً مِن قَبلِ إِصدارِه
أَفدي بِروحي ابنَ ابني إِنَّهُ قَمَرٌ
أَفدي بِروحي ابنَ ابني إِنَّهُ قَمَرٌ / لَهُ مِن الحُسنِ تَكوين وَتَصويرُ
سَرى لَهُ الحُسنُ مِن شَمسٍ لَهُ وَلَدَت / بَدراً لَهُ في سَماءِ المَجدِ تَنويرُ
فيهِ حَلاوةُ أمٍّ وَاعتِزازُ أَبٍ / فَخَلقُهُ فيهِ تَيسيرٌ وَتَفسيرُ
سَمَّوهُ بِاسمِ نَبيٍّ لا نَظيرَ لَهُ / في الأَنبياءِ فَمَحمودٌ وَمَشكورُ
يُؤملُ المَرءُ آمالاً وَيَقطَعُها
يُؤملُ المَرءُ آمالاً وَيَقطَعُها / أَمرٌ يُفّرق بَينَ النَفسِ وَالنَفسِ
فَكُن مَعَ القَدَرِ المَحتوم وَارضَ بِهِ / تَريح نَفسَك مِن فكرٍ وَمِن هَوَسٍ
وَفي ابن سَهلٍ وَأَمثالٍ لَهُ عِبَرٌ / يَغنى بِها العَقلُ عَن حِرصٍ وَعَن حَرَسِ
كانَ اِقتَنى كتباً في العِلمِ نادِرَةً / كَيما يَخُصّ بِها ناساً بِأَندَلُسِ
فَعاقَهُ قَدرٌ عَما يُؤمّلُهُ / وَحَلَّ رَمساً بعيدَ الأَهلِ وَالأنسِ
أَنيسُهُ فيهِ قُرآنٌ يَردّدُه / وَحجةٌ وَاعتمارٌ مِنهُ في الخَلَسِ
وَما رَأَينا لَهُ في الناسِ مُشبهَه / أَتقى وَأَبعَد مِن ذامٍ وَمِن دَنَسٍ
وَكَم لَهُ صدقاتٍ بِالحِجازِ وَفي / مِصرٍ وَفي الشامِ تُسديها لملتَمسِ
سَرى وَفي طيبة إِذ أَهلُها غَرِقوا / أَعطى وَأجزلَ في النعمى لِمُبتَئِسِ
صَوّامُ هاجرةٍ قوّامُ داجِيَةٍ / تَلاءُ آيٍ مِن القُرآنِ في الغَلَسِ
يا رَوضَةً لابنِ سَهلٍ حَلَّها رجل / ما أَن رَأَينا لَهُ شِبهاً مِن الأنسِ
يا فرقة أَبدلتني بِالسُرور أَسى
يا فرقة أَبدلتني بِالسُرور أَسى / وَأَسهَرت ناظِراً قَد طالَما نَعَسا
أَنّى يَكونُ اِجتِماعٌ بَينَ مُفترِقٍ / جسمٌ بِمِصرَ وَروحٌ حَلَّ أَندلُسا
أَهدى لَنا غُصُناً مِن ناضِرِ الآسِ
أَهدى لَنا غُصُناً مِن ناضِرِ الآسِ / أَقضى القُضاة حَليفُ الجودِ وَالباسِ
لَما رَأى سَقَمي أَهداهُ مَع رَشَأٍ / حُلوِ التَجَنّي فَكانَ الشافِيَ الآسي
ما لِليَراعَةِ لا رِيعَت بِحادِثَةٍ
ما لِليَراعَةِ لا رِيعَت بِحادِثَةٍ / استَعجَمَت وَلِحِبري الآنَ قَد جَمُسا
وَلِلقَوافي قَفَت مالي فَلا أَدبٌ / يُملى وَلا نَشَبٌ يُريح مُبتَئِسا
فَصفحةِ الطِّرسِ مِن دَرّي مُعَطَّلَةٌ / وَرَسمُ جُوديَ إِذ قَلَّلتُ قَد دَرَسا
وَقَد ذَوت زَهَراتُ الشِعر وا أَسَفا / لَمّا غَدا ماءُ فكري غائِراً يَبَسا
كَأَنَّني لَم أُعَمِّر مُنتَدى أَدبٍ / وَلَم أَجُل لِلصِبا في حَلبَة فَرَسا
سَدَدتُ بابَ القِرا عَن كُلِّ مُلتمِس / إِن كُنتُ أَسكُنُ بَعدَ العامِ أَندَلُسا
وَرُبَّ ذِي حَنَقٍ تَغلي مَراجِلُهُ / ناراً فَيشعِلُ من فيهِ لَنا قَبَسا
رَأى سُموي وَما أُوتيتُ مِن شَرَفٍ / فَرامَ هَتكَ حِمىً مازالَ مُحتَرَسا
حِمىً حماهُ حَمِيُّ الأَنفِ ذو كَرَمٍ / كَالأَسجَمِ اِنهَلَّ أَو كَالضَيغَمِ اِفتَرَسا
مفَوَّهٌ إِن دَعا حُرَّ الكَلام أَتى / بديعُهُ نَحوَهُ مُستَعجِلا سَلِسا
فَمِن قَلائد يَعلُو الدُرُّ جَوهَرَها / وَمِن فَرائد يَجلُو نورُها الغَلَسا
أَعجِب بِهِ مِن خَطيبٍ ماهِرٍ نَدسٍ / إِن قِستَ قَساً بِهِ تَخالُهُ وَدَسا
بَل العُجابُ مُقامي بَينَ ذي وَحَرٍ / وَحاسِدٍ بِسِوى الأَعراضِ ما نَبَسا
قَومٌ إِذا غِبتُ قالوا ما يليقُ بِهم / وَإِن حَضَرتُ تَراهُم خُشَّعا نُكُسا
ذَنبي إِلَيهِم نُفُوذي حينَ تفجَؤُهُم / مُسَغَّباتٌ يُدَلِّهنَ الفَتى النَدُسا
وَإِنَّني مثلُ ماءِ المُزنِ لا رَنَقٌ / كَذاكَ بردي نَقيٌ ما رَأى دَنَسا
ما كانَ ضَرَّهُمُ لَو أَنصَفُوا رَجُلاً / ما نامَ وَهناً عَلى هَجرٍ وَلا هَجَسا
أَما دَرَوا أَنَّني لَو شِئتُ أَفضَحُهُم / بِمُفصِحاتٍ وَإِن أَبصَرتَها خُرُسا
مِن كُلِّ شارِدَةٍ عَذراءَ ناهِدَةٍ / يَكونُ إِهداؤُها لَهُم لَها عُرُسا
وَكُلِّ فاصِمَةٍ للظَهرِ قاصمةٍ / تَرُدُّ مَن كانَ جَذلانا حَليفَ أَسى
لَكن نَهانيَ عَنهُم أَنَّهُم نَجَسٌ / وَمقوَلي قَد أَبى أَن يذكُرَ النَجَسا
تَقييدُ نفسِكَ بِالأَغيارِ مَضيَعَةٌ
تَقييدُ نفسِكَ بِالأَغيارِ مَضيَعَةٌ / للعُمرِ فَاترُك أَخي التَقييدَ بِالناسِ
فَلَن تَرى غَيرَ خَتّالٍ أَخا خُدَعٍ / يُريك مَمضى الهَوى في غشِّ خَنّاسِ
أَمسِك دارِينَ أَم أَنفاسُ أَنقاسِ
أَمسِك دارِينَ أَم أَنفاسُ أَنقاسِ / وَوَشيُ صَنعاءَ أَم نَقشٌ بِقرطاسِ
أَم رَوضَةٌ جَمَعت أَشتاتَ زَهرتِها / أَشخاصُ نورٍ لأَنواعٍ وَأَجناسِ
نَظمٌ توَدُّ الغَواني لَو يَكونُ لَها / عِقداً عَلى النَحرِ أَو تاجاً عَلى الراسِ
محبَّرٌ بِسَوادِ الحِبرِ أَبيضُهُ / يا حُسنَهُ من دُجى في نورِ نِبراسِ
حَيّا فَأَحيا أبا حَيّان وافِدُهُ / وَآنس النَفسَ مِنهُ أَيَّ إِيناسِ
يا يَومَ سَعدٍ مُتاحٍ قَد غَدا مَلَكي / بِهِ قَريباً وَشَيطاني بِهِ خاسِ
أَطلَعتَ أَنجُمَ سَعدي إِذ أَفَلنَ كَما / شَبَبتَ بَعدَ خُبُوءٍ ضوءَ مِقباسِ
ما ظَنت النَفسُ أَن تَسخو الدُهورُ بِما / ضَنَّت بِهِ إِذ أَلانَت قَلبَها القاسي
عادَ المشيبُ شَباباً وَالأَسى فرحا / فَقَلبيَ الأُمَوي وَالرَأس عَباسِي
لَما اِنتَمَيتُ لِنَجمِ الدينِ أنجم عَن / قَلبي الأَسى وَغَدا لي مسقِمي آسي
وَمُذ تعرَّف مَنكورِي إِلَيهِ نَأت / مَآتِمي وَدَنَت في الوَقتِ أَعراسي
فَثغرُ دَهرِيَ بَسّامٌ وَجانِبُهُ / لَينٌ وَكانَ قَديماً عابِساً عاسِي
بِالنَجمِ أَهلُ النُهى هُم يَهتَدونَ وَهَل / يحارُ مَن يَهتَدي بِالنجمِ في الناسِ
رَبُّ المَعارف وَهّابُ العَوارِفِ مُه / دٍ للطائِفِ ذو الإِحسانِ وَالباسِ
يُولي الجَميلَ وَيَنساهُ وَيذكرُ ما / تُوليهِ شُكراً لَهُ مِن ذاكِرٍ ناسِ
أَحيا بِيَحيى رَخيَّ البالِ ذامِقَةٍ / وَمَن يُناويهِ في مَقتٍ وَإِفلاسِ
لأَشكُرَنَّ الَّذي أَسداهُ مِن نِعَمٍ / شُكرَ الغَمامِ رِياضَ الوردِ وَالآسِ
لا تَرجُوَنَّ دَوامَ الخَيرِ مِن أَحَدٍ
لا تَرجُوَنَّ دَوامَ الخَيرِ مِن أَحَدٍ / فَالشَرُّ طَبعٌ وَفيهِ الخَيرُ بِالعَرَضِ
وَلا تَظُنَّ امرأً أَسدى إِلَيكَ نَدىً / مِن أَجلِ ذاتِكَ بَل أَسداهُ لِلغرَضِ
ما لي أَراكَ إِلى الأَغيارِ مُفتَقِراً
ما لي أَراكَ إِلى الأَغيارِ مُفتَقِراً / وَأنتَ يا صاحِ سرُّ العالمينَ مَعا
نَزِّه وُجودَك أَن يَسمو إِلى أَحَدٍ / إِلا الَّذي أَوجدَ الأَشياءَ مُختَرِعا
ما شاءَ كانَ وَما لا فَهوَ ممتَنِعٌ / فَدَع جَهولاً يُعاني الحِرصَ وَالطَمَعا