القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو تمّام الكل
المجموع : 84
السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ
السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ / في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجَدِّ وَاللَعِبِ
بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في / مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ
وَالعِلمُ في شُهُبِ الأَرماحِ لامِعَةً / بَينَ الخَميسَينِ لا في السَبعَةِ الشُهُبِ
أَينَ الرِوايَةُ بَل أَينَ النُجومُ وَما / صاغوهُ مِن زُخرُفٍ فيها وَمِن كَذِبِ
تَخَرُّصاً وَأَحاديثاً مُلَفَّقَةً / لَيسَت بِنَبعٍ إِذا عُدَّت وَلا غَرَبِ
عَجائِباً زَعَموا الأَيّامَ مُجفِلَةً / عَنهُنَّ في صَفَرِ الأَصفارِ أَو رَجَبِ
وَخَوَّفوا الناسَ مِن دَهياءَ مُظلِمَةٍ / إِذا بَدا الكَوكَبُ الغَربِيُّ ذو الذَنَبِ
وَصَيَّروا الأَبرُجَ العُليا مُرَتَّبَةً / ما كانَ مُنقَلِباً أَو غَيرَ مُنقَلِبِ
يَقضونَ بِالأَمرِ عَنها وَهيَ غافِلَةٌ / ما دارَ في فُلُكٍ مِنها وَفي قُطُبِ
لَو بَيَّنَت قَطُّ أَمراً قَبلَ مَوقِعِهِ / لَم تُخفِ ما حَلَّ بِالأَوثانِ وَالصُلُبِ
فَتحُ الفُتوحِ تَعالى أَن يُحيطَ بِهِ / نَظمٌ مِنَ الشِعرِ أَو نَثرٌ مِنَ الخُطَبِ
فَتحٌ تَفَتَّحُ أَبوابُ السَماءِ لَهُ / وَتَبرُزُ الأَرضُ في أَثوابِها القُشُبِ
يا يَومَ وَقعَةِ عَمّورِيَّةَ اِنصَرَفَت / مِنكَ المُنى حُفَّلاً مَعسولَةَ الحَلَبِ
أَبقَيتَ جَدَّ بَني الإِسلامِ في صَعَدٍ / وَالمُشرِكينَ وَدارَ الشِركِ في صَبَبِ
أُمٌّ لَهُم لَو رَجَوا أَن تُفتَدى جَعَلوا / فِداءَها كُلَّ أُمٍّ مِنهُمُ وَأَبِ
وَبَرزَةِ الوَجهِ قَد أَعيَت رِياضَتُها / كِسرى وَصَدَّت صُدوداً عَن أَبي كَرِبِ
بِكرٌ فَما اِفتَرَعتَها كَفُّ حادِثَةٍ / وَلا تَرَقَّت إِلَيها هِمَّةُ النُوَبِ
مِن عَهدِ إِسكَندَرٍ أَو قَبلَ ذَلِكَ قَد / شابَت نَواصي اللَيالي وَهيَ لَم تَشِبِ
حَتّى إِذا مَخَّضَ اللَهُ السِنينَ لَها / مَخضَ البَخيلَةِ كانَت زُبدَةَ الحِقَبِ
أَتَتهُمُ الكُربَةُ السَوداءُ سادِرَةً / مِنها وَكانَ اِسمُها فَرّاجَةَ الكُرَبِ
جَرى لَها الفَألُ بَرحاً يَومَ أَنقَرَةٍ / إِذ غودِرَت وَحشَةَ الساحاتِ وَالرُحَبِ
لَمّا رَأَت أُختَها بِالأَمسِ قَد خَرِبَت / كانَ الخَرابُ لَها أَعدى مِنَ الجَرَبِ
كَم بَينَ حيطانِها مِن فارِسٍ بَطَلٍ / قاني الذَوائِبِ مِن آني دَمٍ سَرَبِ
بِسُنَّةِ السَيفِ وَالخَطِيِّ مِن دَمِهِ / لا سُنَّةِ الدينِ وَالإِسلامِ مُختَضِبِ
لَقَد تَرَكتَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِها / لِلنارِ يَوماً ذَليلَ الصَخرِ وَالخَشَبِ
غادَرتَ فيها بَهيمَ اللَيلِ وَهوَ ضُحىً / يَشُلُّهُ وَسطَها صُبحٌ مِنَ اللَهَبِ
حَتّى كَأَنَّ جَلابيبَ الدُجى رَغِبَت / عَن لَونِها وَكَأَنَّ الشَمسَ لَم تَغِبِ
ضَوءٌ مِنَ النارِ وَالظَلماءِ عاكِفَةٌ / وَظُلمَةٌ مِن دُخانٍ في ضُحىً شَحِبِ
فَالشَمسُ طالِعَةٌ مِن ذا وَقَد أَفَلَت / وَالشَمسُ واجِبَةٌ مِن ذا وَلَم تَجِبِ
تَصَرَّحَ الدَهرُ تَصريحَ الغَمامِ لَها / عَن يَومِ هَيجاءَ مِنها طاهِرٍ جُنُبِ
لَم تَطلُعِ الشَمسُ فيهِ يَومَ ذاكَ عَلى / بانٍ بِأَهلٍ وَلَم تَغرُب عَلى عَزَبِ
ما رَبعُ مَيَّةَ مَعموراً يُطيفُ بِهِ / غَيلانُ أَبهى رُبىً مِن رَبعِها الخَرِبِ
وَلا الخُدودُ وَقَد أُدمينَ مِن خَجَلٍ / أَشهى إِلى ناظِري مِن خَدِّها التَرِبِ
سَماجَةً غَنِيَت مِنّا العُيونُ بِها / عَن كُلِّ حُسنٍ بَدا أَو مَنظَرٍ عَجَبِ
وَحُسنُ مُنقَلَبٍ تَبقى عَواقِبُهُ / جاءَت بَشاشَتُهُ مِن سوءِ مُنقَلَبِ
لَو يَعلَمُ الكُفرُ كَم مِن أَعصُرٍ كَمَنَت / لَهُ العَواقِبُ بَينَ السُمرِ وَالقُضُبِ
تَدبيرُ مُعتَصِمٍ بِاللَهِ مُنتَقِمٍ / لِلَّهِ مُرتَقِبٍ في اللَهِ مُرتَغِبِ
وَمُطعَمِ النَصرِ لَم تَكهَم أَسِنَّتُهُ / يَوماً وَلا حُجِبَت عَن رَوحِ مُحتَجِبِ
لَم يَغزُ قَوماً وَلَم يَنهَض إِلى بَلَدٍ / إِلّا تَقَدَّمَهُ جَيشٌ مِنَ الرَعَبِ
لَو لَم يَقُد جَحفَلاً يَومَ الوَغى لَغَدا / مِن نَفسِهِ وَحدَها في جَحفَلٍ لَجِبِ
رَمى بِكَ اللَهُ بُرجَيها فَهَدَّمَها / وَلَو رَمى بِكَ غَيرُ اللَهِ لَم يُصِبِ
مِن بَعدِ ما أَشَّبوها واثِقينَ بِها / وَاللَهُ مِفتاحُ بابِ المَعقِلِ الأَشِبِ
وَقالَ ذو أَمرِهِم لا مَرتَعٌ صَدَدٌ / لِلسارِحينَ وَلَيسَ الوِردُ مِن كَثَبِ
أَمانِياً سَلَبَتهُم نُجحَ هاجِسِها / ظُبى السُيوفِ وَأَطرافُ القَنا السُلُبِ
إِنَّ الحِمامَينِ مِن بيضٍ وَمِن سُمُرٍ / دَلوا الحَياتَينِ مِن ماءٍ وَمِن عُشُبِ
لَبَّيتَ صَوتاً زِبَطرِيّاً هَرَقتَ لَهُ / كَأسَ الكَرى وَرُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
عَداكَ حَرُّ الثُغورِ المُستَضامَةِ عَن / بَردِ الثُغورِ وَعَن سَلسالِها الحَصِبِ
أَجَبتَهُ مُعلِناً بِالسَيفِ مُنصَلِتاً / وَلَو أَجَبتَ بِغَيرِ السَيفِ لَم تُجِبِ
حَتّى تَرَكتَ عَمودَ الشِركِ مُنعَفِراً / وَلَم تُعَرِّج عَلى الأَوتادِ وَالطُنُبِ
لَمّا رَأى الحَربَ رَأيَ العَينِ توفِلِسٌ / وَالحَربُ مُشتَقَّةُ المَعنى مِنَ الحَرَبِ
غَدا يُصَرِّفُ بِالأَموالِ جِريَتَها / فَعَزَّهُ البَحرُ ذو التَيّارِ وَالحَدَبِ
هَيهاتَ زُعزِعَتِ الأَرضُ الوَقورُ بِهِ / عَن غَزوِ مُحتَسِبٍ لا غَزوِ مُكتَسِبِ
لَم يُنفِقِ الذَهَبَ المُربي بِكَثرَتِهِ / عَلى الحَصى وَبِهِ فَقرٌ إِلى الذَهَبِ
إِنَّ الأُسودَ أُسودَ الغيلِ هِمَّتُها / يَومَ الكَريهَةِ في المَسلوبِ لا السَلَبِ
وَلّى وَقَد أَلجَمَ الخَطِّيُّ مَنطِقَهُ / بِسَكتَةٍ تَحتَها الأَحشاءُ في صَخَبِ
أَحذى قَرابينُهُ صَرفَ الرَدى وَمَضى / يَحتَثُّ أَنجى مَطاياهُ مِنَ الهَرَبِ
مُوَكِّلاً بِيَفاعِ الأَرضِ يُشرِفُهُ / مِن خِفَّةِ الخَوفِ لا مِن خِفَّةِ الطَرَبِ
إِن يَعدُ مِن حَرِّها عَدوَ الظَليمِ فَقَد / أَوسَعتَ جاحِمَها مِن كَثرَةِ الحَطَبِ
تِسعونَ أَلفاً كَآسادِ الشَرى نَضِجَت / جُلودُهُم قَبلَ نُضجِ التينِ وَالعِنَبِ
يا رُبَّ حَوباءَ حينَ اِجتُثَّ دابِرُهُم / طابَت وَلَو ضُمِّخَت بِالمِسكِ لَم تَطِبِ
وَمُغضَبٍ رَجَعَت بيضُ السُيوفِ بِهِ / حَيَّ الرِضا مِن رَداهُم مَيِّتَ الغَضَبِ
وَالحَربُ قائِمَةٌ في مَأزِقٍ لَجِجٍ / تَجثو القِيامُ بِهِ صُغراً عَلى الرُكَبِ
كَم نيلَ تَحتَ سَناها مِن سَنا قَمَرٍ / وَتَحتَ عارِضِها مِن عارِضٍ شَنِبِ
كَم كانَ في قَطعِ أَسبابِ الرِقابِ بِها / إِلى المُخَدَّرَةِ العَذراءِ مِن سَبَبِ
كَم أَحرَزَت قُضُبُ الهِندِيِّ مُصلَتَةً / تَهتَزُّ مِن قُضُبٍ تَهتَزُّ في كُثُبِ
بيضٌ إِذا اِنتُضِيَت مِن حُجبِها رَجَعَت / أَحَقَّ بِالبيضِ أَتراباً مِنَ الحُجُبِ
خَليفَةَ اللَهِ جازى اللَهُ سَعيَكَ عَن / جُرثومَةِ الدِينِ وَالإِسلامِ وَالحَسَبِ
بَصُرتَ بِالراحَةِ الكُبرى فَلَم تَرَها / تُنالُ إِلّا عَلى جِسرٍ مِنَ التَعَبِ
إِن كانَ بَينَ صُروفِ الدَهرِ مِن رَحِمٍ / مَوصولَةٍ أَو ذِمامٍ غَيرِ مُنقَضِبِ
فَبَينَ أَيّامِكَ اللاتي نُصِرتَ بِها / وَبَينَ أَيّامِ بَدرٍ أَقرَبُ النَسَبِ
أَبقَت بَني الأَصفَرِ المِمراضِ كَاِسمِهِمُ / صُفرَ الوُجوهِ وَجَلَّت أَوجُهَ العَرَبِ
أَبدَت أَسىً أَن رَأَتني مُخلِسَ القُصَبِ
أَبدَت أَسىً أَن رَأَتني مُخلِسَ القُصَبِ / وَآلَ ما كانَ مِن عُجبٍ إِلى عَجَبِ
سِتٌّ وَعِشرونَ تَدعوني فَأَتبَعُها / إِلى المَشيبِ وَلَم تَظلِم وَلَم تَحُبِ
يَومي مِنَ الدَهرِ مِثلُ الدَهرِ مُشتَهِرٌ / عَزماً وَحَزماً وَساعي مِنهُ كَالحِقَبِ
فَأَصغِري أَنَّ شَيباً لاحَ بي حَدَثاً / وَأَكبِري أَنَّني في المَهدِ لَم أَشِبِ
وَلا يُؤَرِّقكِ أَيماضُ القَتيرِ بِهِ / فَإِنَّ ذاكَ اِبتِسامُ الرَأيِ وَالأَدَبِ
رَأَت تَشَنُّنَهُ فَاِهتاجَ هائِجُها / وَقالَ لاعِجُها لِلعَبرَةِ اِنسَكِبي
لا تُنكِري مِنهُ تَخديداً تَجَلَّلَهُ / فَالسَيفُ لا يُزدَرى إِن كانَ ذا شُطَبِ
لا يَطرُدُ الهَمَّ إِلّا الهَمُّ مِن رَجُلٍ / مُقَلقِلٍ لِبَناتِ القَفرَةِ النُعُبِ
ماضٍ إِذا الكُرَبُ اِلتَفَّت رَأَيتَ لَهُ / بِوَخدِهِنَّ اِستِطالاتٍ عَلى النُوَبِ
سَتُصِبحُ العيسُ بي وَاللَيلُ عِندَ فَتىً / كَثيرِ ذِكرِ الرِضا في ساعَةِ الغَضَبِ
صَدَفتُ عَنهُ فَلَم تَصدِف مَوَدَّتُهُ / عَنّي وَعاوَدَهُ ظَنّي فَلَم يَخِبِ
كَالغَيثِ إِن جِئتَهُ وافاكَ رَيِّقُهُ / وَإِن تَحَمَّلتَ عَنهُ كانَ في الطَلَبِ
خَلائِقَ الحَسَنِ اِستَوفي البَقاءَ فَقَد / أَصبَحتِ قُرَّةَ عَينِ المَجدِ وَالحَسَبِ
كَأَنَّما هُوَ مِن أَخلاقِهِ أَبَداً / وَإِن ثَوى وَحدَهُ في جَحفَلٍ لَجِبِ
صيغَت لَهُ شَيمَةٌ غَرّاءُ مِن ذَهَبٍ / لَكِنَّها أَهلَكُ الأَشياءِ لِلذَهَبِ
لَمّا رَأى أَدَباً في غَيرِ ذي كَرَمٍ / قَد ضاعَ أَو كَرَماً في غَيرِ ذي أَدَبِ
سَما إِلى السورَةِ العَلياءِ فَاِجتَمَعا / في فِعلِهِ كَاِجتِماعِ النَورِ وَالعُشُبِ
بَلَوتُ مِنكَ وَأَيّامي مُذَمَّمَةٌ / مَوَدَّةً وُجِدَت أَحلى مِنَ النَشَبِ
مِن غَيرِ ما سَبَبٍ ماضٍ كَفى سَبَباً / لِلحُرِّ أَن يَعتَفي حُرّاً بِلا سَبَبِ
قُل لِلأَميرِ الَّذي قَد نالَ ما طَلَبا
قُل لِلأَميرِ الَّذي قَد نالَ ما طَلَبا / وَرَدَّ مِن سالِفِ المَعروفِ ما ذَهَبا
مَن نالَ مِن سُؤدُدٍ زاكٍ وَمِن حَسَبٍ / ما حَسبُ واصِفِهِ مِن وَصفِهِ حَسَبا
إِذا المَكارِمُ عُقَّت وَاِستُخِفَّ بِها / أَضحى النَدى وَالسَدى أُمّاً لَهُ وَأَبا
تَرضى السُيوفُ بِهِ في الرَوعِ مُنتَصِراً / وَيَغضَبُ الدينَ وَالدُنيا إِذا غَضِبا
في مُصعَبِيّينَ ما لاقَوا مُريدَ رَدىً / لِلمُلكِ إِلّا أَصاروا خَدَّهُ تَرِبا
كَأَنَّهُم وَقَلَنسى البيضِ فَوقَهُمُ / يَومَ الهِياجِ بُدورٌ قُلنِسَت شُهُبا
فِداءُ نَعلِكَ مُعطىً حَظَّ مُكرُمَةٍ / أَصغى إِلى المَطلِ حَتّى باعَ ما وَهَبا
إِنّي وَإِن كانَ قَومٌ ما لَهُم سَبَبٌ / إِلّا قَضاءٌ كَفاهُم دونِيَ السَبَبا
وَكُنتُ أَعلَمُ عِلماً لا كِفاءَ لَهُ / أَن لَيسَ كُلُّ قِطارٍ يُنبِتُ العُشُبا
وَرُبَّما عَدَلَت كَفُّ الكَريمِ عَنِ ال / قَومِ الحُضورِ وَنالَت مَعشَراً غَيَبا
لَمُضمِرٌ غُلَّةً تَخبو فَيُضرِمُها / أَنّي سَبَقتُ وَيُعطى غَيرِيَ القَصَبا
وَنادِبٌ رِفعَةً قَد كُنتُ آمُلُها / لَدَيكَ لا فِضَّةً أَبكي وَلا ذَهَبا
أَدعوكَ دَعوَةَ مَظلومٍ وَسيلَتُهُ / إِن لَم تَكُن بي رَحيماً فَاِرحَمِ الأَدَبا
اِحفَظ وَسائِلَ شِعرٍ فيكَ ما ذَهَبَت / خَواطِفُ البَرقِ إِلّا دونَ ما ذَهَبا
يَغدونَ مُغتَرِباتٍ في البِلادِ فَما / يَزَلنَ يُؤنِسنَ في الآفاقِ مُغتَرَبا
وَلا تُضِعها فَما في الأَرضِ أَحسَنُ مِن / نَظمِ القَوافي إِذا ما صادَفَت حَسَبا
قَد نابَتِ الجِزعَ مِن أُروِيَّةَ النُوَبُ
قَد نابَتِ الجِزعَ مِن أُروِيَّةَ النُوَبُ / وَاِستَحقَبَت جِدَّةً مِن رَبعِها الحِقَبُ
أَلوى بِصَبرِكَ إِخلاقُ اللِوى وَهَفا / بِلُبِّكَ الشَوقُ لَمّا أَقفَرَ اللَبَبُ
خَفَّت دُموعُكَ في إِثرِ الحَبيبِ لَدُن / خَفَّت مِنَ الكُثُبِ القُضبانُ وَالكُثُبُ
مِن كُلِّ مَمكورَةٍ ذابَ النَعيمُ لَها / ذَوبَ الغَمامِ فَمُنهَلٌّ وَمُنسَكِبُ
أَطاعَها الحُسنُ وَاِنحَطَّ الشَبابُ عَلى / فُؤادِها وَجَرَت في روحِها النِسَبُ
لَم أَنسَها وَصُروفُ البَينِ تَظلِمُها / وَلا مُعَوَّلَ إِلّا الواكِفُ السَرِبُ
أَدنَت نِقاباً عَلى الخَدَّينِ وَاِنتَسَبَت / لِلناظِرينَ بِقَدٍّ لَيسَ يَنتَسِبُ
وَلَو تَبَسَّمُ عُجنا الطَرفَ في بَرَدٍ / وَفي أَقاحٍ سَقَتها الخَمرُ وَالضَرَبُ
مِن شَكلِهِ الدُرُّ في رَصفِ النِظامِ وَمِن / صِفاتِهِ الفِتنَتانِ الظَلمُ وَالشَنَبُ
كانَت لَنا مَلعَباً نَلهو بِزُخرُفِهِ / وَقَد يُنَفِّسُ عَن جِدِّ الفَتى اللَعِبُ
لَمّا أَطالَ اِرتِجالَ العَذلِ قُلتُ لَهُ / الحَزمُ يَثني خُطوبَ الدَهرِ لا الخُطَبُ
لَم يَجتَمِع قَطُّ في مِصرٍ وَلا طَرَفٍ / مُحَمَّدُ بنُ أَبي مَروانَ وَالنُوَبُ
لي مِن أَبي جَعفَرٍ آخِيَّةٌ سَبَبٌ / إِن تَبقَ يُطلَب إِلى مَعروفِيَ السَبَبُ
صَحَّت فَما يَتَمارى مَن تَأَمَّلَها / مِن نَحوِ نائِلِهِ في أَنَّها نَسَبُ
أَمَّت نَداهُ بِيَ العيسُ الَّتي شَهِدَت / لَها السُرى وَالفَيافي أَنَّها نُجُبُ
هَمٌّ سَرى ثُمَّ أَضحى هِمَّةً أَمَماً / أَضحَت رَجاءً وَأَمسَت وَهيَ لي نَشَبُ
أَعطى وَنُطفَةُ وَجهي في قَرارَتِها / تَصونُها الوَجَناتُ الغَضَّةُ القُشُبُ
لَن يَكرُمَ الظَفَرُ المُعطى وَإِن أُخِذَت / بِهِ الرَغائِبُ حَتّى يَكرُمَ الطَلَبُ
إِذا تَباعَدَتِ الدُنيا فَمَطلَبُها / إِذا تَوَرَّدتَهُ مِن شِعبِهِ كَثَبُ
رِدءُ الخِلافَةِ في الجُلّى إِذا نَزَلَت / وَقَيِّمُ المُلكِ لا الواني وَلا النَصِبُ
جَفنٌ يَعافُ لَذيذَ النَومِ ناظِرُهُ / شُحّاً عَلَيها وَقَلبٌ حَولَها يَجِبُ
طَليعَةٌ رَأيُهُ مِن دونِ بَيضَتِها / كَما اِنتَمى رَابِئٌ في الغَزوِ مُنتَصِبُ
حَتّى إِذا ما اِنتَضى التَدبيرَ ثابَ لَهُ / جَيشٌ يُصارِعُ عَنهُ ما لَهُ لَجَبُ
شِعارُها اِسمُكَ إِن عُدَّت مَحاسِنُها / إِذِ اِسمُ حاسِدِكَ الأَدنى لَها لَقَبُ
وَزيرُ حَقٍّ وَوالي شُرطَةٍ وَرَحى / ديوانِ مُلكٍ وَشيعِيٌّ وَمُحتَسِبُ
كَالأَرحَبِيِّ المَذَكّى سَيرُهُ المَرَطى / وَالوَخدُ وَالمَلعُ وَالتَقريبُ وَالخَبَبُ
عَودٌ تُساجِلُهُ أَيّامُهُ فَبِها / مِن مَسِّهِ وَبِهِ مِن مَسِّها جُلَبُ
ثَبتُ الجَنانِ إِذا اِصطَكَّت بِمُظلِمَةٍ / في رَحلِهِ أَلسُنُ الأَقوامِ وَالرُكَبُ
لا المَنطِقُ اللَغوُ يَزكو في مَقاوِمِهِ / يَوماً وَلا حُجَّةُ المَلهوفِ تُستَلَبُ
كَأَنَّما هُوَ في نادي قَبيلَتِهِ / لا القَلبُ يَهفو وَلا الأَحشاءُ تَضطَرِبُ
وَتَحتَ ذاكَ قَضاءٌ حَزُّ شَفرَتِهِ / كَما يَعَضُّ بِأَعلى الغارِبِ القَتَبُ
لا سورَةٌ تُتَّقى مِنهُ وَلا بَلَهٌ / وَلا يَحيفُ رِضاً مِنهُ وَلا غَضَبُ
أَلقى إِلَيكَ عُرى الأَمرِ الإِمامُ فَقَد / شُدَّ العِناجُ مِنَ السُلطانِ وَالكَرَبُ
يَعشو إِلَيكَ وَضَوءُ الرَأيِ قائِدُهُ / خَليفَةٌ إِنَّما آراؤُهُ شُهُبُ
إِن تَمتَنِع مِنهُ في الأَوقاتِ رُؤيَتُهُ / فَكُلُّ لَيثٍ هَصورٍ غيلُهُ أَشِبُ
أَو تَلقَ مِن دونِهِ حُجبٌ مُكَرَّمَةٌ / يَوماً فَقَد أُلقِيَت مِن دونِكَ الحُجُبُ
وَالصُبحُ تَخلُفُ نورَ الشَمسِ غُرَّتُهُ / وَقَرنُها مِن وَراءِ الأُفقِ مُحتَجِبُ
أَما القَوافي فَقَد حَصَّنتَ عُذرَتَها / فَما يُصابُ دَمٌ مِنها وَلا سَلَبُ
مَنَعتَ إِلّا مِنَ الأَكفاءِ ناكِحَها / وَكانَ مِنكَ عَلَيها العَطفُ وَالحَدَبُ
وَلَو عَضَلتَ عَنِ الأَكفاءِ أَيِّمَها / وَلَم يَكُن لَكَ في أَطهارِها أَرَبُ
كانَت بَناتِ نُصَيبٍ حينَ ضَنَّ بِها / عَنِ المَوالي وَلَم تَحفَل بِها العَرَبُ
أَمّا وَحَوضُكَ مَملوءٌ فَلا سُقِيَت / خَوامِسي إِن كَفى أَرسالَها الغَرَبُ
لَو أَنَّ دِجلَةَ لَم تُحوِج وَصاحِبَها / أَرضَ العِراقَينِ لَم تُحفَر بِها القُلُبُ
لَم يَنتَدِب عُمَرٌ لِلإِبلِ يَجعَلُ مِن / جُلودِها النَقدَ حَتّى عَزَّهُ الذَهَبُ
لا شَربَ أَجهَلُ مِن شَربٍ إِذا وَجَدوا / هَذا اللُجَينِ فَدارَت فيهِمُ الغُلَبُ
إِنَّ الأَسِنَّةَ وَالماذِيَّ مُذ كَثُرا / فَلا الصَياصي لَها قَدرٌ وَلا اليَلَبُ
لا نَجمَ مِن مَعشَرٍ إِلّا وَهِمَّتُهُ / عَلَيكَ دائِرَةٌ يا أَيُّها القُطُبُ
وَما ضَميرِيَ في ذِكراكَ مُشتَرَكٌ / وَلا طَريقي إِلى جَدواكَ مُنشَعِبُ
لي حُرمَةٌ بِكَ لَولا ما رَعَيتَ وَما / أَوجَبتَ مِن حِفظِها ما خِلتُها تَجِبُ
بَلى لَقَد سَلَفَت في جاهِلِيَّتِهِم / لِلحَقِّ لَيسَ كَحَقّي نُصرَةٌ عَجَبُ
أَن تَعلَقَ الدَلوُ بِالدَلوِ الغَريبَةِ أَو / يُلابِسَ الطُنُبَ المُستَحصِدَ الطُنُبُ
إِنَّ الخَليفَةَ قَد عَزَّت بِدَولَتِهِ / دَعائِمُ الدينِ فَليَعزِز بِكَ الأَدَبُ
مالي أَرى جَلَباً فَعماً وَلَستُ أَرى / سوقاً وَمالي أَرى سوقاً وَلا جَلَبُ
أَرضٌ بِها عُشُبٌ جَرفٌ وَلَيسَ بِها / ماءٌ وَأُخرى بِها ماءٌ وَلا عُشُبُ
خُذها مُغَرِّبَةً في الأَرضِ آنِسَةً / بِكُلِّ فَهمٍ غَريبٍ حينَ تَغتَرِبُ
مِن كُلِّ قافِيَةٍ فيها إِذا اِجتُنِيَت / مِن كُلِّ ما يَجتَنيهِ المُدنَفُ الوَصِبُ
الجِدُّ وَالهَزلُ في تَوشيعِ لُحمَتِها / وَالنُبلُ وَالسُخفُ وَالأَشجانُ وَالطَرَبُ
لا يُستَقى مِن جَفيرِ الكُتبِ رَونَقُها / وَلَم تَزَل تَستَقي مِن بَحرِها الكُتُبُ
حَسيبَةٌ في صَميمِ المَدحِ مَنصِبُها / إِذ أَكثَرُ الشِعرِ مُلقىً مالَهُ حَسَبُ
لا عَيشَ أَو يَتَحامى جِسمَكَ الوَصَبُ
لا عَيشَ أَو يَتَحامى جِسمَكَ الوَصَبُ / فَتَنجَلي بِكَ عَن خُلصانِكَ الكُرَبُ
لَعاً أَبا جَعفَرٍ وَاِسلَم فَقَد سَلِمَت / بِكَ المروءَةُ واِستَعلى بِكَ الحَسَبُ
إِنّا جَهِلنا فَخِلناكَ اِعتَلَلتَ وَلا / وَاللَهِ ما اِعتَلَّ إِلاّ المُلكُ وَالأَدَبُ
صَرفُ النَوى لَيسَ بِالمَكيثِ
صَرفُ النَوى لَيسَ بِالمَكيثِ / يَنبِثُ ما لَيسَ بِالنَبيثِ
هَبَّت لِأَحبابِنا رِياحٌ / غَيرُ سَواهٍ وَلا رُيوثِ
بُدورُ لَيلِ التَمامِ حُسناً / عينُ حُقوفٍ ظِباءُ ميثِ
بَينَ الخَلاخيلِ وَالأَساوي / رِ وَالدَماليجِ وَالرُعوثِ
مِن كُلِّ رُعبوبَةٍ تَرَدّى / بِثَوبِ فَينانِها الأَثيثِ
كَالرَشَأِ العَوهَجِ اِطَّباهُ / رَوعٌ إِلى مُغزِلٍ رَغوثِ
رَعَت جَنابَي عُوَيرِضاتٍ / مِن خَزَماتٍ وَمِن شُثوثِ
وَلاحِبٍ مُشكِلِ النَواحي / مُنخَرِقِ السَهلِ وَالوُعوثِ
لَم تُزجَرِ العيسُ في قَراهُ / مُذ عَصرِ نوحٍ وَعَصرِ شيثِ
كَأَنَّ صَوتَ النَعامِ فيهِ / إِذا دَعا صَوتُ مُستَغيثِ
قَلَّصتُهُ بِالقِلاصِ تَهوي / بِالوَخدِ مِن سَيرِها الحَثيثِ
مِن كُلِّ صُلبِ القَرا مَعوجٍ / وَكُلِّ عَيرانَةٍ دَلوثِ
ذي مَيعَةٍ مَشيُهُ الدِفَقّى / وَذاتِ لَوثٍ بِها مَلوثِ
يَطلُبنَ مِن عَقدِ وَعدِ موسى / غَيرَ سَحيلٍ وَلا نَكيثِ
بَنانُ موسى إِذا اِستَهَلَّت / لِلناسِ نابَت عَنِ الغُيوثِ
حَيثُ النَدى وَالسَدى جَميعاً / وَمَلجَأُ الخائِفِ الكَريثِ
حَيثُ لَبونُ النَوالِ تَهمي / غَيرَ شَطورٍ وَلا ثَلوثِ
وَالمَجدُ مِن تالِدٍ قَديمٍ / ثَمَّ وَمِن طارِفٍ حَديثِ
إِن تَستَبِثهُ تَجِد عُراماً / مِن مُستَباثٍ لِمُستَبيثِ
وَحَيَّةً أُفعُوانَ لِصبٍ / يَعيثُ في مُهجَةِ العَيوثِ
تَغدو المَنايا مُسَخَّراتٍ / وَقفاً عَلى سَمِّهِ النَفيثِ
وَصارِمَ الشَفرَتَينِ عَضباً / غَيرَ دَدانٍ وَلا أَنيثِ
لَيثاً وَلَكِنَّهُ حِمامٌ / صُبَّ اِنتِقاماً عَلى اللُيوثِ
أَنكِد بِأَريِ النَوالِ ما لَم / يَحلُ مِنَ العُشبِ وَالجُثوثِ
ما الجودُ بِالجودِ أَو تَراهُ / لَيسَ بِنَزرٍ وَلا لَبيثِ
طالَ المَدى فَاِعتَراكَ عَتبٌ / مِن صادِقِ الوُدِّ مُستَريثِ
خُذها فَما نالَها بِنَقصٍ / مَوتُ جَريرٍ وَلا البَعيثِ
وَكُن كَريماً تَجِد كَريماً / في مَدحِهِ يا أَبا المُغيثِ
أَبى فَلا شَنَباً يَهوى وَلا فَلَجا
أَبى فَلا شَنَباً يَهوى وَلا فَلَجا / وَلا اِحوِراراً يُراعيهِ وَلا دَعَجا
كَفى فَقَد فَرَّجَت عَنهُ عَزيمَتُهُ / ذاكَ الوَلوعَ وَذاكَ الشَوقَ فَاِنفَرَجا
كانَت حَوادِثُ في موقانَ ما تَرَكَت / لِلخُرَّمِيَّةِ لا رَأساً وَلا ثَبَجا
تَهَضَّمَت كُلَّ قَرمٍ كانَ مُهتَضِماً / وَفَتَّحَت كُلَّ بابٍ كانَ مُرتَتِجا
أَبلِغ مُحَمَّداً المُلقي كَلاكِلَهُ / بِأَرضٍ خُشَّ أَمامَ القَومِ قَد لُبِجا
ما سَرَّ قَومَكَ أَن تَبقى لَهُم أَبَداً / وَأَنَّ غَيرَكَ كانَ اِستَنزَلَ الكَذَجا
لَمّا قَرا الناسُ ذاكَ الفَتحَ قُلتُ لَهُم / وَقائِعٌ حَدِّثوا عَنها وَلا حَرَجا
أَضاءَ سَيفُكَ لَمّا اِجتُثَّ أَصلُهُمُ / ما كانَ مِن جانِبَي تِلكَ البِلادِ دَجا
مِن بَعدِ ما غودِرَت أُسدُ العَرينِ بِهِ / يَتبَعنَ قَسراً رَعاعَ الفِتنَةِ الهَمَجا
لا تَعدَمَنَّ بَنو نَبهانَ قاطِبَةً / مَشاهِداً لَكَ أَمسَت في العُلى سُرُجا
إِن كانَ يَأرَجُ ذِكرٌ مِن بَراعَتِهِ / فَإِنَّ ذِكرَكَ في الآفاقِ قَد أَرِجا
وَيَومَ أَرشَقَ وَالآمالُ مُرشِقَةٌ / إِلَيكَ لا تَتَبَغّى عَنكَ مُنعَرَجا
أَرضَعتَهُم خِلفَ مَكروهٍ فَطَمتَ بِهِ / مَن كانَ بِالحَربِ مِنهُم قَبلَهُ لَهِجا
لِلَّهِ أَيّامُكَ اللاتي أَغَرتَ بِها / ضَفرَ الهُدى وَقَديماً كانَ قَد مَرَجا
كانَت عَلى الدينِ كَالساعاتِ مِن قِصَرٍ / وَعَدَّها بابَكٌ مِن طولِها حِجَجا
أَصبَحتَ تَدلِفُ بِالأَرضِ الفَضاءِ لَهُ / نَصباً وَأَصبَحَ في شِعبَيهِ قَد لَحِجا
عادَت كَتائِبُهُ لَمّا قَصَدتَ لَها / ضَحاضِحاً وَلَقَد كانَت تُرى لُجَجا
لَمّا أَبَوا حُجَجَ القُرآنِ واضِحَةً / كانَت سُيوفُكَ في هاماتِهِم حُجُجا
أَقبَلتَهُ فَخمَةً جَأواءَ لَستَ تَرى / في نَظمِ فُرسانِها أَمتاً وَلا عِوَجا
إِذا عَلا رَهَجٌ جَلَّت صَوارِمُها / وَالذُبَّلُ الزُرقُ مِنها ذَلِكَ الرَهَجا
بيضٌ وَسُمرٌ إِذا ما غَمرَةٌ زَخَرَت / لِلمَوتِ خُضتَ بِها الأَرواحَ وَالمُهَجا
نَزّالَةٌ نَفسَ مَن لاقَت وَلا سِيَما / إِن صادَفَت ثُغرَةً أَو صادَفَت وَدَجا
رَأيُ الحُمَيدَينِ أَلقَحتَ الأُمورَ بِهِ / مَن أَلقَحَ الرَأيَ في يَومِ الوَغى نَتَجا
لَو عايَناكَ لَقالا بَهجَةً جَذَلاً / أَبرَحتَ أَيسَرُ ما في العِرقِ أَن يَشِجا
أَحَطتَ بِالحَزمِ حَيزوماً أَخا هِمَمٍ / كَشّافَ طَخياءَ لا ضَيقاً وَلا حَرَجا
فَالثَغرُ وَالساكِنوهُ لا يَؤودُهُمُ / ما عِشتَ فيهِم أَطارَ الدَهرُ أَم دَرَجا
سَمَّوا حُسامَكَ وَالهَيجاءُ مُضرَمَةٌ / كَربَ العُداةِ وَسَمَّوا رَأيَكَ الفَرَجا
إِن يَنجُ مِنكَ أَبو نَصرٍ فَعَن قَدَرٍ / تَنجو الرِجالُ وَلَكِن سَلهُ كَيفَ نَجا
قَد حَلَّ في صَخرَةٍ صَمّاءَ مُعنِقَةٍ / فَاِنحِت بِرَأيِكَ في أَوعارِها دَرَجا
وَغادِهِ بِسُيوفٍ طالَما شُهِرَت / فَأَخلَفَت مُترَفاً ما كانَ قَبلُ رَجا
وَشُزَّبٍ مُضمَراتٍ طالَما خَرَقَت / مِنَ القَتامِ الَّذي كانَ الوَغى نَسَجا
وَيوسُفِيِّينَ يَومَ الرَوعِ تَحسِبُهُم / هوجاً وَما عَرَفوا أَفناً وَلا هَوَجا
مِن كُلِّ قَرمٍ يَرى الإِقدامَ مَأدُبَةً / إِذا خَدا مُعلِماً بِالسَيفِ أَو وَسَجا
تَنعى مُحَمَّداً الثاوي رِماحُهُمُ / وَيَسفَحونَ عَلَيهِ عَبرَةً نَشَجا
قَد كانَ يَعلَمُ إِذ لاقى الحِمامَ ضُحىً / لا طالِباً وَزَراً مِنهُ وَلا وَحَجا
أَن سَوفَ تُهدى إِلى آثارِهِ بُهُماً / يُمسي الرَدى مُسرِياً فيها وَمُدَّلِجا
لَو لَم يَكُن هَكَذا هَذا لَدَيهِ إِذاً / ما ماتَ مُستَبشِراً بِالمَوتِ مُبتَهِجا
لَو أَنَّ فِعلَكَ أَمسى صورَةً لَثَوى / بَدرُ الدُجى أَبَداً مِن حُسنِها سَمِجا
قُل لِلأَميرِ لَقَد قَلَّدتَني نِعَماً
قُل لِلأَميرِ لَقَد قَلَّدتَني نِعَماً / فُتَّ الثَناءُ بِها ما هَبَّتِ الريحُ
يا مانِحي الجاهَ إِذ ضَنَّ الجَوادُ بِهِ / شُكريكَ ما عِشتُ لِلأَسماعِ مَمنوحُ
لَم يُلبِسِ اللَهُ نوحاً فَضلَ نِعمَتِهِ / إِلّا لِما بَثَّهُ مِن شُكرِهِ نوحُ
ذَمَّت سَماحَتُهُ الدُنيا إِلَيهِ فَما / يُمسي وَيُصبِحُ إِلّا وَهوَ مَمدوحُ
وَلِلأُمورِ إِذا الآراءُ ضِقنَ بِها / يَومَ التَجادُلِ مِن آرائِهِ فيحُ
لَم يُغلِقِ اللَهُ بابَ العُرفِ عَن أَحَدٍ / بابُ الأَميرِ لَهُ المَألوفُ مَفتوحُ
لَن يَعدَمَ المَجدَ مَن كانَت أَوائِلُهُ / مِن آلِ كِسرى البَهاليلُ المَراجيحُ
مورى الفُؤادِ فَلَو كانَت بِعَزمَتِهِ / تُذكى المَصابيحُ لَم تَخبُ المَصابيحُ
كَأَنَّهُ لِاِجتِماعِ الروحِ فيهِ لَهُ / مِن كُلِّ جارِحَةٍ في جِسمِهِ روحُ
أَهدِ الدُموعَ إِلى دارٍ وَماصِحَها
أَهدِ الدُموعَ إِلى دارٍ وَماصِحَها / فَلِلمَنازِلِ سَهمٌ في سَوافِحِها
أَشلى الزَمانُ عَلَيها كُلَّ حادِثَةٍ / وَفُرقَةٍ تُظلِمُ الدُنيا لِنازِحِها
حَلَفتُ حَقّاً لَقَد قَلَّت مَلاحَتُها / بِمَن تُخُرِّمَ عَنها مِن مَلائِحِها
إِن تَبرَحا وَتَباريحي عَلى كَبِدٍ / ما تَستَقِرُّ فَدَمعي غَيرُ بارِحِها
دارٌ أُجِلُّ الهَوى عَن أَن أُلِمَّ بِها / في الرَكبِ إِلّا وَعَيني مِن مَنائِحِها
إِذا وَصَفتُ لِنَفسي هَجرَها جَمَحَت / وَدائِعُ الشَوقِ في أَقصى جَوانِحِها
وَإِن خَطَبتُ إِلَيها صَبرَها جَعَلَت / جِراحَةُ الوَجدِ تَدمى في جَوارِحِها
ما لِلفَيافي وَتِلكَ العيسُ قَد خُزِمَت / فَلَم تَظَلَّم إِلَيها مِن صَحاصِحِها
فُتلٌ إِذا اِبتَكَرَ الغادي عَلى أَمَلٍ / خَلَّفنَهُ يَزجُرُ الحَسرى بِرائِحِها
تُصغي إِلى الحَدوِ إِصغاءَ القِيانِ إِلى / نَغمٍ إِذا اِستَغرَبَتهُ مِن مَطارِحِها
حَتّى تؤوبَ كَأَنَّ الطَلحَ مُعتَرِضٌ / بِشَوكِهِ في المَآقي مِن طَلائِحِها
إِلى الأَكارِمِ أَفعالاً وَمُنتَسَباً / لَم يَرتَعِ الذَمُّ يَوماً في طَوائِحِها
آساسُ مَكَّةَ وَالدُنيا بِعُذرَتِها / لَم يَنزِلِ الشَيبُ في مَثنى مَسائِحِها
قَومٌ هُمُ أَمِنوا قَبلَ الحَمامِ بِها / مِن بَينِ ساجِعِها الباكي وَنائِحِها
كانوا الجِبالَ لَها قَبلَ الجِبالِ وَهُم / سالوا وَلَم يَكُ سَيلٌ في أَباطِحِها
وَالفَضلُ إِن شَمِلَ الإِظلامُ ساحَتَها / مِصباحُها المُتَجَلّي مِن مَصابِحِها
مِن خَيرِها مَغرِساً فيها وَأَوسَعِها / شِعباً تُحَطُّ إِلَيهِ عيرُ مادِحِها
لا تَفتَ تُزجي فَتِيَّ العيسِ سَاهِمِةً / إِلى فَتى سِنِّها مِنها وَقارِحِها
حَتّى تُناوِلَ تِلكَ القَوسَ بارِيَها / حَقّاً وَتُلقي زِناداً عِندَ قادِحِها
كَأَنَّ صاعِقَةً في جَوفِ بارِقَةٍ / زَئيرُهُ واغِلاً في أُذنِ نابِحِها
سِنانُ مَوتٍ ذُعافٍ مِن أَسِنَّتِها / صَفيحَةٌ تُتَحامى مِن صَفائِحِها
ذو تَدرَءٍ وَإِباءٍ في الأُمورِ وَهَل / جَواهِرُ الطَيرِ إِلّا في جَوارِحِها
هَشماً لِأَنفِ المُسامي حَينَهُ فَسَما / لِهاشِمٍ فَضلُها فيها اِبنُ صالِحِها
يا حاسِدَ الفَضلِ لا أَعرِفكَ مُحتَشِداً / لِغَمرَةٍ أَنتَ عِندي غَيرُ سابِحِها
لِكَوكَبٍ نازِحٍ مِن كَفِّ لامِسِهِ / وَصَخرَةٍ وَسمُها في قَرنِ ناطِحِها
وَلا تَقُل إِنَّنا مِن نَبعَةٍ فَلَقَد / بانَت نَجائِبُ إِبلٍ مِن نَواضِحِها
سَميدَعٌ يَتَغَطّى مِن صَنائِعِهِ / كَما تَغَطّى رِجالٌ مِن فَضائِحِها
وَفارَةُ المِسكِ لا يُخفي تَضَوُّعَها / طولُ الحِجابِ وَلا يُزرى بِفائِحِها
لِلَّهِ دَرُّكَ في الخَودِ الَّتي طَمَحَت / ما كانَ أَرقاكَ يا هَذا لِطامِحِها
نَقِيَّةُ الجَيبِ لا لَيلٌ بِمُدخِلِها / في بابِ عَيبٍ وَلا صُبحٌ بِفاضِحِها
أَخَذتَها لَبوَةَ العِرّيسِ مُلبِدَةً / في الغابِ وَالنَجمُ أَدنى مِن مَناكِحِها
لَو أَنَّ غَيرَ أَبي الأَشبالِ صافَحَها / شَكَّت بِمَخلَبِها كَفَّي مُصافِحِها
جاءَت بِصَقرَينِ غِطريفَينِ لَو وُزِنا / بِهَضبِ رَضوى إِذاً ما لا بِراجِحِها
بِهاشِمِيَّينِ بَدرِيَّينِ إِن لَحَجَت / مَغالِقُ الدَهرِ كانا مِن مَفاتِحِها
نَصلانِ قَد أُثبِتا في قَلبِ شانِئِها / نارَينِ أوقِدَتا في كَشحِ كاشِحِها
وَكَذَّبَ اللَهُ أَقوالاً قُرِفتَ بِها / بِحُجَّةٍ تُسرَجُ الدُنيا بِواضِحِها
مُضيئَةٍ نَطَقَت فينا كَما نَطَقَت / ذَبيحَةُ المُصطَفى موسى لِذابِحِها
لَئِن قَليبُكَ جاشَت بِالسَماحَةِ لي / لَقَد وَصَلتُ بِشُكري حَبلَ ماتِحِها
وَقَد رَأَتني قُرَيشٌ ساحِباً رَسَني / إِلَيكَ عَن طَلقِها وَجهاً وَكالِحِها
إِذا القَصائِدُ كانَت مِن مَدائِحِهِم / فَأَنتَ لا شَكَّ عِندي مِن مَدائِحِها
وَإِن غَرائِبُها أَجدَبنَ مِن بَلَدٍ / كانَت عَطاياكَ أَندى مِن مَسارِحِها
لَأَشكُرَنَّكَ إِن لَم أوتَ مِن أَجَلي
لَأَشكُرَنَّكَ إِن لَم أوتَ مِن أَجَلي / شُكراً يُوافيكَ عَنّي آخِرَ الأَبَدِ
وَإِن تَوَرَّدتُ مِن بَحرِ البُحورِ نَدىً / وَلَم أَنَل مِنهُ إِلّا غُرفَةً بِيَدي
يا بُعدَ غايَةِ دَمعِ العَينِ إِن بَعُدوا
يا بُعدَ غايَةِ دَمعِ العَينِ إِن بَعُدوا / هِيَ الصَبابَةُ طولَ الدَهرِ وَالسُهُدُ
قالوا الرَحيلُ غَداً لا شَكَّ قُلتُ لَهُم / اليَومَ أَيقَنتُ أَنَّ اِسمَ الحِمامِ غَدُ
كَم مِن دَمٍ يُعجِزُ الجَيشَ اللُهامَ إِذا / بانوا سَتَحكُمُ فيهِ العِرمِسُ الأُجُدُ
ما لِاِمرِئٍ خاضَ في بَحرِ الهَوى عُمُرٌ / إِلّا وَلِلبَينِ مِنهُ السَهلُ وَالجَلَدُ
كَأَنَّما البَينُ مِن إِلحاحِهِ أَبَداً / عَلى النُفوسِ أَخٌ لِلمَوتِ أَو وَلَدُ
تَداوَ مِن شَوقِكَ الأَعصى بِما فَعَلَت / خَيلُ اِبنِ يوسُفَ وَالأَبطالُ تَطَّرِدُ
ذاكَ السُرورُ الَّذي آلَت بَشاشَتُهُ / أَلّا يُجاوِرَها في مُهجَةٍ كَمَدُ
لَقيتَهُم وَالمَنايا غَيرُ دافِعَةٍ / لِما أَمَرتَ بِهِ وَالمُلتَقى كَبَدُ
في مَوقِفٍ وَقَفَ المَوتُ الزُعافُ بِهِ / فَالمَوتُ يوجَدُ وَالأَرواحُ تُفتَقَدُ
في حَيثُ لا مَرتَعُ البيضِ الرِقاقِ إِذا / أُصلِتنَ جَدبٌ وَلا وِرَدُ القَنا ثَمَدُ
مُستَصحِباً نِيَّةً قَد طالَ ما ضَمِنَت / لَكَ الخُطوبُ فَأَوفَت بِالَّذي تَعِدُ
وَرُحبَ صَدرٍ لَوَ أَنَّ الأَرضَ واسِعَةٌ / كَوُسعِهِ لَم يَضِق عَن أَهلِها بَلَدُ
صَدَعتَ جِريَتَهُم في عُصبَةٍ قُلُلٍ / قَد صَرَّحَ الماءُ عَنها وَاِنجَلى الزَبَدُ
مِن كُلِّ أَروَعَ تَرتاعُ المَنونُ لَهُ / إِذا تَجَرَّدَ لا نَكسٌ وَلا جَحِدُ
يَكادُ حينَ يُلاقي القِرنَ مِن حَنَقٍ / قَبلَ السِنانِ عَلى حَوبائِهِ يَرِدُ
قَلّوا وَلَكِنَّهُم طابوا فَأَنجَدَهُم / جَيشٌ مِنَ الصَبرِ لا يُحصى لَهُ عَدَدُ
إِذا رَأَوا لِلمَنايا عارِضاً لَبِسوا / مِنَ اليَقينِ دُروعاً ما لَها زَرَدُ
نَأَوا عَنِ المَصرَخِ الأَدنى فَلَيسَ لَهُم / إِلّا السُيوفَ عَلى أَعدائِهِم مَدَدُ
وَلّى مُعاوِيَةٌ عَنهُم وَقَد حَكَمَت / فيهِ القَنا فَأَبى المِقدارُ وَالأَمَدُ
نَجّاكَ في الرَوعِ ما نَجّى سَمِيَّكَ في / صِفّينَ وَالخَيلُ بِالفُرسانِ تَنجَرِدُ
إِن تَنفَلِت وَأُنوفُ المَوتِ راغِمَةٌ / فَاِذَهب فَأَنتَ طَليقُ الرَكضِ يا لُبَدُ
لا خَلقَ أَربَطُ جَأشاً مِنكَ يَومَ تَرى / أَبا سَعيدٍ وَلَم يَبطِش بِكَ الزُؤُدُ
أَما وَقَد عِشتَ يَوماً بَعدَ رُؤيَتِهِ / فَاِفخَر فَإِنَّكَ أَنتَ الفارِسُ النَجُدُ
لَو عايَنَ الأَسَدُ الضِرغامُ رُؤيَتَهُ / ما ليمَ أَن ظَنَّ رُعباً أَنَّهُ الأَسَدُ
شَتّانَ بَينَهُما في كُلِّ نازِلَةٍ / نَهجُ القَضاءِ مُبينٌ فيهِما جَدَدُ
هَذا عَلى كَتِفَيهِ كُلُّ نازِلَةٍ / تُخشى وَذاكَ عَلى أَكتافِهِ اللِبَدُ
أَعيا عَلَيَّ وَما أَعيا بِمُشكِلَةٍ / بِسَندَبايا وَيَومُ الرَوعِ مُحتَشِدُ
مَن كانَ أَنكَأَ حَدّاً في كَتائِبِهِم / أَأَنتَ أَم سَيفُكَ الماضي أَمِ الأَحَدُ
لا يَومَ أَكثَرُ مِنهُ مَنظَراً حَسَناً / وَالمَشرَفِيَّةُ في هاماتِهِم تَخِدُ
أَنهَبتَ أَرواحَهُ الأَرماحَ إِذ شُرِعَت / فَما تُرَدُّ لِرَيبِ الدَهرِ عَنهُ يَدُ
كَأَنَّها وَهيَ في الأَوداجِ والِغَةٌ / وَفي الكُلى تَجِدُ الغَيظَ الَّذي نَجِدُ
مِن كُلِّ أَزرَقَ نَظّارٍ بِلا نَظَرٍ / إِلى المَقاتِلِ ما في مَتنِهِ أَوَدُ
كَأَنَّهُ كانَ تِربَ الحُبِّ مُذ زَمَنٍ / فَلَيسَ يُعجِزُهُ قَلبٌ وَلا كَبِدُ
تَرَكتَ مِنهُم سَبيلَ النارِ سابِلَةً / في كُلِّ يَومٍ إِلَيها عُصبَةٌ تَفِدُ
كَأَنَّ بابَكَ بِالبَذَّينِ بَعدَهُمُ / نُؤيٌ أَقامَ خِلافَ الحَيِّ أَو وَتِدُ
بِكُلِّ مُنعَرَجٍ مِن فارِسٍ بَطَلٍ / جَناجِنٌ فِلَقٌ فيها قَناً قِصَدُ
لَمّا غَدا مُظلِمَ الأَحشاءِ مِن أَشَرٍ / أَسكَنتَ جانِحَتَيهِ كَوكَباً يَقِدُ
وَهارِبٍ وَدَخيلُ الرَوعِ يَجلُبُهُ / إِلى المَنونِ كَما يُستَجلَبُ النَقَدُ
كَأَنَّما نَفسُهُ مِن طولِ حَيرَتِها / مِنها عَلى نَفسِهِ يَومَ الوَغى رَصَدُ
تَاللَهِ نَدري أَالإِسلامُ يَشكُرُها / مِن وَقعَةٍ أَم بَنو العَبّاسِ أَم أُدَدُ
يَومٌ بِهِ أَخَذَ الإِسلامُ زينَتَهُ / بِأَسرِها وَاِكتَسى فَخراً بِهِ الأَبَدُ
يَومٌ يَجيءُ إِذا قامَ الحِسابُ وَلَم / يَذمُمهُ بَدرٌ وَلَم يُفضَح بِهِ أُحُدُ
وَأَهلُ موقانَ إِذ ماقوا فَلا وَزَرٌ / أَنجاهُمُ مِنكَ في الهَيجا وَلا سَنَدُ
لَم تَبقَ مُشرِكَةٌ إِلّا وَقَد عَلِمَت / إِن لَم تَتُب أَنَّهُ لِلسَيفِ ما تَلِدُ
وَالبَبرُ حينَ اِطلَخَمَّ الأَمرُ صَبَّحَهُم / قَطرٌ مِنَ الحَربِ لَمّا جاءَهُم خَمَدوا
كادَت تُحَلُّ طُلاهُم مِن جَماجِمِهِم / لَو لَم يَحُلّوا بِبَذلِ الحُكمِ ما عَقَدوا
لَكِن نَدَبتَ لَهُم رَأيَ اِبنِ مُحصَنَةٍ / يَخالُهُ السَيفُ سَيفاً حينَ يَجتَهِدُ
في كُلِّ يَومٍ فُتوحٌ مِنكَ وارِدَةٌ / تَكادُ تَفهَمُها مِن حُسنِها البُرُدُ
وَقائِعٌ عَذُبَت أَنباؤُها وَحَلَت / حَتّى لَقَد صارَ مَهجوراً لَها الشُهُدُ
إِنَّ اِبنَ يوسُفَ نَجّى الثَغرَ مِن سَنَةٍ / أَعوامُ يوسُفَ عَيشٌ عِندَها رَغَدُ
آثارُ أَموالِكَ الأَدثارِ قَد خَلُقَت / وَخَلَّفَت نِعَماً آثارُها جُدُدُ
فَاِفخَر فَما مِن سَماءٍ لِلنَدى رُفِعَت / إِلّا وَأَفعالُكَ الحُسنى لَها عَمَدُ
وَاِعذِر حَسودَكَ فيما قَد خُصِصتَ بِهِ / إِنَّ العُلى حَسَنٌ في مِثلِها الحَسَدُ
يا أَيُّها السائِلي عَن عَرصَةِ الجودِ
يا أَيُّها السائِلي عَن عَرصَةِ الجودِ / إِنَّ فَتى الباسِ داودَ بنُ داوودِ
فَتىً مَتى ما يُنِلكَ الدَهرَ صالِحَةً / يَقُل لِأَمثالِها مِن فِعلِهِ عودي
أَصبَحَ في الناسِ مَحموداً لِسُؤدُدِهِ / لا زالَ مُكتَسِياً سِربالَ مَحسودِ
يَقولُ في قومَسٍ صَحبي وَقَد أَخَذَت
يَقولُ في قومَسٍ صَحبي وَقَد أَخَذَت / مِنّا السُرى وَخُطا المَهرِيَّةِ القودِ
أَمَطلَعَ الشَمسِ تَنوي أَن تَؤُمَّ بِنا / فَقُلتُ كَلّا وَلَكِن مَطلِعَ الجودِ
يا هَذِهِ أَقصِري ما هَذِهِ بَشَرُ
يا هَذِهِ أَقصِري ما هَذِهِ بَشَرُ / وَلا الخَرائِدُ مِن أَترابِها الأُخَرُ
خَرَجنَ في خُضرَةٍ كَالرَوضِ لَيسَ لَها / إِلّا الحُلِيَّ عَلى أَعناقِها زَهَرُ
بِدُرَّةٍ حَفَّها مِن حَولِها دُرَرٌ / أَرضى غَرامِيَ فيها دَمعِيَ الدِرَرُ
رِيَمٌ أَبَت أَن يَريمَ الحُزنُ لي جَلَداً / وَالعَينُ عَينٌ بِماءِ الشَوقِ تَبتَدِرُ
صَبَّ الشَبابُ عَلَيها وَهوَ مُقتَبَلٌ / ماءً مِنَ الحُسنِ ما في صَفوِهِ كَدَرُ
لَولا العُيونُ وَتُفّاحُ الخُدودِ إِذاً / ما كانَ يَحسُدُ أَعمى مَن لَهُ بَصَرُ
حُيّيتَ مِن طَلَلٍ لَم تُبقِ لي طَلَلاً / إِلّا وَفيهِ أَسىً تَرشيحُهُ الذِكرُ
قالوا أَتَبكي عَلى رَسمٍ فَقُلتُ لَهُم / مَن فاتَهُ العَينُ هَدّى شَوقَهُ الأَثَرُ
إِنَّ الكِرامَ كَثيرٌ في البِلادِ وَإِن / قَلّوا كَما غَيرُهُم قُلٌّ وَإِن كَثَروا
لا يَدهَمَنَّكَ مِن دَهمائِهِم عَدَدٌ / فَإِنَّ جُلَّهُمُ بَل كُلَّهُم بَقَرُ
وَكُلَّما أَمسَتِ الأَخطارُ بَينَهُمُ / هَلكى تَبَيَّنَ مَن أَمسى لَهُ خَطَرُ
لَو لَم تُصادِف شِياتُ البُهمِ أَكثَرَ ما / في الخَيلِ لَم تُحمَدِ الأَوضاحُ وَالغُرَرُ
نِعمَ الفَتى عُمَرٌ في كُلِّ نائِبَةٍ / نابَت وَقَلَّت لَهُ نِعمَ الفَتى عُمَرُ
يُعطي وَيَحمَدُ مَن يَأتيهِ يَحمَدُهُ / فَشُكرُهُ عِوَضٌ وَمالُهُ هَدَرُ
مُجَرِّدٌ سَيفَ رَأيٍ مِن عَزيمَتِهِ / لِلدَهرِ صَيقَلُهُ الإِطراقُ وَالفِكَرُ
عَضباً إِذا سَلَّهُ في وَجهِ نائِبَةٍ / جاءَت إِلَيهِ بِناتُ الدَهرِ تَعتَذِرُ
وَسائِلٍ عَن أَبي حَفصٍ فَقُلتُ لَهُ / أَمسِك عِنانَكَ عَنهُ إِنَّهُ القَدَرُ
هُوَ الهُمامُ هُوَ الصابُ المُريحُ هُوَ ال / حَتفُ الوَحِيُّ هُوَ الصَمّامَةُ الذَكَرُ
فَتىً تَراهُ فَتَنفي العُسرَ غُرَّتُهُ / يُمناً وَيَنبُعُ مِن أَسرارِها اليُسُرُ
فِدىً لَهُ مُقشَعِرٌّ حينَ تَسأَلُهُ / خَوفَ السُؤالِ كَأَن في جِلدِهِ وَبَرُ
أَنّى تُرى عاطِلاً مِن حَليِ مُكرَمَةٍ / وَكُلَّ يَومٍ تُرى في مالِكَ الغِيَرُ
لِلَّهِ دَرُّ بَني عَبدِ العَزيزِ فَكَم / أَردوا عَزيزَ عِدىً في خَدِّهِ صَعَرُ
تُتلى وَصايا المَعالي بَينَ أَظهُرِهِم / حَتّى لَقَد ظَنَّ قَومٌ أَنَّها سُوَرُ
يا لَيتَ شِعرِيَ مَن هاتا مَآثِرُهُ / ماذا الَّذي بِبُلوغِ النَجمِ يَنتَظِرُ
بِالشِعرِ طولٌ إِذا اِصطَكَّت قَصائِدُهُ / في مَعشَرٍ وَبِهِ عَن مَعشَرٍ قِصَرُ
سافِر بِطَرفِكَ في أَقصى مَكارِمِنا / إِن لَم يَكُن لَكَ في تَأسيسِها سَفَرُ
هَل أَورَقَ المَجدَ إِلّا في بَني أُدَدٍ / أَوِ اِجتُنِيَ مِنهُ لَولا طَيِّىءٌ ثَمَرُ
لَولا أَحاديثُ بَقَّتها مَآثِرُنا / مِنَ النَدى وَالرَدى لَم يُعجِب السَمَرُ
يا وارِثَ المُلكِ إِنَّ المُلكَ مُحتَبَسُ
يا وارِثَ المُلكِ إِنَّ المُلكَ مُحتَبَسُ / وَقفٌ عَلَيكَ إِلى أَن تُنشَرَ الصُوَرُ
لَم يُذكَرِ الجودُ إِلّا خُضتَ وادِيَهُ / وَلا اِنتُضِيَ السَيفُ إِلّا خافَكَ القَدَرُ
ما ضَرَّ مَن أَصبَحَ المَأمونُ سائِسَهُ / أَن لَم يَسُسهُ أَبو بَكرٍ وَلا عُمَرُ
وَما عَلى الأَرضِ وَالمَأمونُ يَملِكُها / أَن لا تُضيءَ لَنا شَمسٌ وَلا قَمَرُ
أَحيا حُشاشَةَ قَلبٍ كانَ مَخلوسا
أَحيا حُشاشَةَ قَلبٍ كانَ مَخلوسا / وَرَمَّ بِالصَبرِ عَقلاً كانَ مَألوسا
سَرى رِداءَ الهَوى في حينَ جِدَّتِهِ / واهاً لَهُ مِنهُ مَسروراً وَمَلبوسا
لَو تَشهَدينَ أُقاسي الدَمعَ مُنهَمِراً / وَاللَيلَ مُرتَتِجَ الأَبوابِ مَطموسا
اِستَنبَتَ القَلبُ مِن لَوعاتِهِ شَجَراً / مِنَ الهُمومِ فَأَجنَتهُ الوَساويسا
أَهلَ الفَراديسِ لَم أُعدِد لِذِكرِكُمُ / إِلّا دَعى وَسَقى اللَهُ الفَراديسا
إِذ لا نُعَطِّلُ مِنها مَنظَراً أَنِقاً / وَمَربَعاً بِمَها اللَذاتِ مَأنوسا
قَد قُلتُ لَمّا اِطلَخَمَّ الأَمرُ وَاِنبَعَثَت / عَشواءُ تالِيَةً غُبساً دَهاريسا
لي حُرمَةٌ بِكَ أَمسى حَقُّ نازِلِها / وَقفاً عَلَيكَ فَدَتكَ النَفسُ مَحبوسا
كَم دَعوَةٍ لي إِذا مَكروهَةٌ نَزَلَت / وَاِستَفحَلَ الخَطبُ يا عَيّاشُ يا عيسى
لِلَّهِ أَفعالُ عَيّاشٍ وَشيمَتُهُ / يَزِدنَهُ كَرَماً إِن ساسَ أَو سيسا
ما شاهَدَ اللَبسَ إِلّا كانَ مُتَّضِحاً / وَلا نَأى الحَقَّ إِلّا كانَ مَلبوسا
فاضَت سَحائِبُ مِن نَعمائِهِ فَطَمَت / نُعماهُ بِالبُؤسِ حَتّى اِجتَثَّتِ البوسا
يَحرُسنَ بِالبَذلِ عَرضاً ما يَزالُ مِنَ ال / آفاتِ بِالنَفحاتِ الغُرِّ مَحروسا
فَرعٌ سَما في سَماءِ العِزِّ مُتَّخِذاً / أَصلاً ثَوى في قَرارِ المَجدِ مَغروسا
لَيثٌ تَرى كُلَّ يَومٍ تَحتَ كَلكَلِهِ / لَيثاً مِنَ الإِنسِ جَهمَ الوَجهِ مَفروسا
أَهيَسُ أَليَسُ مَشّاءٌ إِلى هِمَمٍ / تُغَرِّقُ العيسَ في آذِيِّها الليسا
نافَسَ أَهلَ العُلى فَاِحتازَ عَقلَهُمُ / مِنهُم فَأَصبَحَ مُعطى الحَقِّ مَنفوسا
تَجري السُعودُ لَهُ في كُلِّ نائِبَةٍ / نابَت وَإِن كانَ يَومُ البَأسِ مَنحوسا
لَهُ لِواءُ نَدىً ما هَزَّ عامِلَهُ / إِلّا أَراكَ لِواءَ البُخلِ مَنكوسا
مُقابَلٌ في بَني الأَذواءِ مَنصِبُهُ / عيصاً فَعيصاً وَقُدموساً فَقُدموسا
الوارِدينَ حِياضَ المَوتِ مُتأَقَةً / ثُباً ثُباً وَكَراديساً كَراديسا
وَالمانِعينَ حياضَ المَجدِ إِن دُهِمَت / مَنعَ الضَراغِمِ آجاماً وَعِرّيسا
نَمَوكَ قِنعاسَ دَهرٍ حينَ يَحزُبُهُ / أَمرٌ يُشابِهُ آباءً قَناعيسا
وَقَدَّموا مِنكَ إِن هُم خاطَبوا ذَرِباً / وَرادَسوا حَضرَمِيَّ الصَخرِ رِدّيسا
أَشَمُّ أَصيَدُ تَكوي الصيدَ غُرَّتُهُ / كَيّاً وَأَشوَسُ يُعشي الأَعيُنَ الشوسا
شامَت بُروقَكَ آمالي بِمِصرَ وَلَو / أَصبَحَت بِالطوسِ لَم اِستَبعِدِ الطوسا
أَقَرمَ بَكرٍ تُباهي أَيُّها الحَفَضُ
أَقَرمَ بَكرٍ تُباهي أَيُّها الحَفَضُ / وَنَجمَها أَيُّهَذا الهالِكُ الحَرَضُ
تُنحي عَلى صَخرَةٍ صَمّاءَ تَحسِبُها / عُضواً خَلَوتَ بِهِ تَبري وَتَنتَحِضُ
في شامَتَينَ هُوَ الشَريُ الجَنِيُّ لَهُم / وَالصابُ وَالشَرَقُ المَسمومُ وَالجَرَضُ
مُخامِري حَسَدٍ ما ضَرَّ غَيرَهُمُ / كَأَنَّما هُوَ في أَبدانِهِم مَرَضُ
لا يَهنِىءِ العُصبَةَ المُحَمَرَّ أَعيُنُها / بِثَغرِ أَرّانَ هَذا الحادِثُ العَرَضُ
ضَحى الشَجا مُستَطيلاً في حُلوقِهِم / مِن بَعدِ ما جاذَبوهُ وَهوَ مُعتَرِضُ
سَهمُ الخَليفَةِ في الهَيجا إِذا سُعِرَت / بِالبيضِ وَاِلتَفَّتِ الأَحقابُ وَالغُرُضُ
بِذَلِكَ السَهمِ ذي النَصلَينِ قَد حُفِزا / بِريشِ نَسرينَ يُرمى ذَلِكَ الغَرَضُ
ظِلٌّ مِنَ اللَهِ أَضحى أَمسِ مُنبَسِطاً / بِهِ عَلى الثَغرِ فَهوَ اليَومُ مُنقَبِضُ
لِخالِدٍ عِوَضٌ في كُلِّ ناحِيَةٍ / مِنهُ وَلَيسَ لَهُ مِن خالِدٍ عِوَضُ
لَم تَنتَقِض عُروَةٌ مِنهُ وَلا سَبَبٌ / لَكِنَّ أَمرَ بَني الآمالِ يَنتَقِضُ
أَما الرُسومُ فَقَد أَذكَرنَ ما سَلَفا
أَما الرُسومُ فَقَد أَذكَرنَ ما سَلَفا / فَلا تَكُفَّنَّ عَن شَأنَيكَ أَو يَكِفا
لا عُذرَ لِلصَبِّ أَن يَقنى الحَياءَ وَلا / لِلدَمعِ بَعدَ مُضِيِّ الحَيِّ أَن يَقِفا
حَتّى يَظَلَّ بِماءٍ سافِحٍ وَدَمٍ / في الرَبعِ يُحسَبُ مِن عَينَيهِ قَد رَعَفا
وَفي الخُدورِ مَهاً لَو أَنَّها شَعَرَت / إِذاً طَغَت فَرَحاً أَو أُبلِسَت أَسَفا
لَآلِئٌ كَالنُجومِ الزُهرِ قَد لَبِسَت / أَبشارُها صَدَفَ الإِحصانِ لا الصَدَفا
مِن كُلِّ خَودٍ دَعاها البَينُ فَاِبتَكَرَت / بِكراً وَلَكِن غَدا هِجرانُها نَصَفا
لا أَظلِمُ النَأيَ قَد كانَت خَلائِقُها / مِن قَبلِ وَشكِ النَوى عِندي نَوىً قَذَفا
غَيداءُ جادَ وَلِيُّ الحُسنِ سُنَّتَها / فَصاغَها بِيَدَيهِ رَوضَةً أُنُفا
مَصقولَةٌ سَتَرَت عَنّا تَرائِبُها / قَلباً بَريئاً يُناغي ناظِراً نَطِفا
يُضحي العَذولُ عَلى تَأنيبِهِ كَلِفاً / بِعُذرِ مَن كانَ مَشغوفاً بِها كَلِفا
وَدِّع فُؤادَكَ تَوديعَ الفِراقِ فَما / أَراهُ مِن سَفَرِ التَوديعِ مُنصَرِفا
يُجاهِدُ الشَوقَ طَوراً ثُمَّ يَجذِبُهُ / جِهادُهُ لِلقَوافي في أَبي دُلَفا
بِجودِهِ اِنصاتَتِ الأَيّامُ لابِسَةً / شَرخَ الشَبابِ وَكانَت جِلَّةً شُرُفا
حَتّى لَوَ اَنَّ اللَيالي صُوِّرَت لَغَدَت / أَفعالُهُ الغُرُّ في آذانِها شُنُفا
إِذا عَلا طَودَ مَجدٍ ظَلَّ في نَصَبٍ / أَو يَعتَلي مِن سِواهُ ذِروَةً شَعَفا
فَلَو تَكَلَّمَ خَلقٌ لا لِسانَ لَهُ / لَقَد دَعَتهُ المَعالي مِلَّةً طُرُفا
جَمُّ التَواضُعِ وَالدُنيا بِسُؤدُدِهِ / تَكادُ تَهتَزُّ مِن أَطرافِها صَلَفا
قَصدُ الخَلائِقِ إِلّا في وَغىً وَنَدىً / كِلاهُما سُبَّةٌ ما لَم يَكُن سَرَفا
تُدعى عَطاياهُ وَفراً وَهيَ إِن شُهِرَت / كانَت فَخاراً لِمَن يَعفوهُ مُؤتَنَفا
ما زِلتُ مُنتَظِراً أُعجوبَةً عَنَناً / حَتّى رَأَيتُ سُؤالاً يُجتَنى شَرَفا
يَقولُ قَولَ الَّذي لَيسَ الوَفاءُ لَهُ / عَزماً وَيُنجِزُ إِنجازَ الَّذي حَلَفا
رَأى الحِمامَ شَقيقَ الخُلفِ فَاِتَّفَقا / في ناظِرَيهِ وَإِن كانا قَدِ اِختَلَفا
كِلاهُما رائِحٌ غادٍ يَدُلُّ عَلى / مَعروفِهِ وَعَلى حَوبائِهِ اِئتَلَفا
وَلَو يُقالُ اِقرِ حَدَّ السَيفِ شَرَّهُما / ما شامَ حَدَّيهِ حَتّى يَقتُلَ الخُلُفا
إِنَّ الخَليفَةَ وَالأَفشينَ قَد عَلِما / مَنِ اِشتَفى لَهُما مِن بابَكٍ وَشَفى
في يَومِ أَرشَقَ وَالهَيجاءُ قَد رَشَقَت / مِنَ المَنِيَّةِ رَشقاً وابِلاً قَصِفا
فَكانَ شَخصُكَ في أَغفالِها عَلَماً / وَكانَ رَأيُكَ في ظَلمائِها سَدَفا
نَضَوتَهُ دُلَفِيّاً مِن كِنانَتِهِ / فَأَصبَحَت فَوزَةُ العُقبى لَهُ هَدَفا
بِهِ بَسَطتَ الخُطا فَاِسحَنفَرَت رَتَكاً / إِلى الجِلادِ وَكانَت قَبلَهُ قُطُفا
خَطواً تَرى الصارِمَ الهِندِيَّ مُنتَصِراً / بِهِ مِنَ المارِنِ الخَطِّيِّ مُنتَصِفا
ذَمَرتَ جَمعَ الهُدى فَاِنقَضَّ مُنصَلِتاً / وَكانَ في حَلَقاتِ الرُعبِ قَد رَسَفا
وَمَرَّ بابَكُ مُرَّ العَيشِ مُنجَذِماً / مُحلَولِياً دَمُهُ المَعسولُ لَو رُشِفا
حَيرانَ يَحسَبُ سَجفَ النَقعِ مِن دَهَشٍ / طَوداً يُحاذِرُ أَن يَنقَضَّ أَو جُرُفا
ظَلَّ القَنا يَستَقي مِن صَفِّهِ مُهَجاً / إِمّا ثِماداً وَإِمّا ثَرَّةً خُسُفا
مِن مُشرِقٍ دَمُهُ في وَجهِهِ بَطَلٍ / وَواهِلٍ دَمُهُ لِلرُعبِ قَد نُزِفا
فَذاكَ قَد سُقِيَت مِنهُ القَنا جُرَعاً / وَذاكَ قَد سُقِيَت مِنهُ القَنا نُطُفا
مُثَقَّفاتٍ سَلَبنَ الرومَ زُرقَتَها / وَالعُربَ سُمرَتَها وَالعاشِقَ القَضَفا
ما إِن رَأَيتُ سَواماً قَبلَها هَمَلاً / يُرعى فَيُهدي إِلَيهِ رَعيُهُ عَجَفا
وَرُبَّ يَومٍ كَأَيّامٍ تَرَكتَ بِهِ / مَتنَ القَناةِ وَمَتنَ القِرنِ مُنقَصِفا
أَزَرتَ أَبرَشتَويماً وَالقَنا قِصَدٌ / غَيابَةَ المَوتِ وَالمُقَوَرَّةَ الشُسُفا
لَمّا رَأَوكَ وَإِيّاها مُلَملَمَةً / يَظَلُّ مِنها جَبينُ الدَهرِ مُنكَسِفا
وَلَّوا وَأَغشَيتَهُم شُمّاً غَطارِفَةً / لِغَمرَةِ المَوتِ كَشّافينَ لا كُشُفا
قَد نَبَذوا الحَجَفَ المَحبوكَ مِن زُؤُدٍ / وَصَيَّروا هامَهُم بَل صُيِّرَت حَجَفا
أَغشَيتَ بارِقَةَ الأَغمادِ أَرؤُسَهُم / ضَرباً طِلَخفاً يُنَسّي الجانِفَ الجَنَفا
بَرقٌ إِذا بَرقُ غَيثٍ باتَ مُختَطِفاً / لِلطَرفِ أَصبَحَ لِلأَعناقِ مُختَطِفا
بِالبيضِ قَد أَنِفَت إِنَّ الحُسامَ إِذا / هَجيرَةٌ حَرَّضَتهُ ساعَةً أَنِفا
كَتَبتَ أَوجُهَهُم مَشقاً وَنَمنَمَةً / ضَرباً وَطَعناً يَقاتُ الهامَ وَالصُلُفا
كِتابَةً لا تَني مَقرؤَةً أَبَداً / وَما خَطَطتَ بِها لاماً وَلا أَلِفا
فَإِن أَلَظّوا بِإِنكارٍ فَقَد تُرِكَت / وُجوهُهُم بِالَّذي أَولَيتَها صُحُفا
وَغَيضَةَ المَوتِ أَعني البَذَّ قُدتَ لَها / عَرَمرَماً لِحُزونِ الأَرضِ مُعتَسِفا
كانَت هِيَ الوَسَطَ المَمنوعَ فَاِستَلَبَت / ما حَولَها الخَيلُ حَتّى أَصبَحَت طَرَفا
وَظَلَّ بِالظَفَرِ الأَفشينُ مُرتَدِياً / وَباتَ بابَكُها بِالذُلِّ مُلتَحِفا
أَعطى بِكِلتا يَدَيهِ حينَ قيلَ لَهُ / هَذا أَبو دُلَفَ العِجلِيُّ قَد دَلَفا
تَرَكتَ أَجفانَهُ مَغضوضَةً أَبَداً / ذُلّاً تَمَكَّنَ مِن عَينَيهِ لا وَطَفا
يا رُبَّ مَكرُمَةٍ تُجفى إِذا نَزَلَت / قَد عُرِّفَت في ذَراكَ البِرَّ وَاللَطَفا
لَو لَم تَفُتَّ مُسِنَّ المَجدِ مُذ زَمَنٍ / بِالجودِ وَالبَأسِ كانَ المَجدُ قَد خَرِفا
نامَت هُمومِيَ عَنّي حينَ قُلتُ لَها / حَسبي أَبو دُلَفٍ حَسبي بِهِ وَكَفى
أَغنَيتَ عَنّي غَناءَ الماءِ في الشَرقِ
أَغنَيتَ عَنّي غَناءَ الماءِ في الشَرقِ / وَكُنتَ مُنشِئَ وَبلِ العارِضِ الغَدِقِ
جَدَّدتَ لي أَمَلاً كانَت رَواتِعُهُ / عَواكِفاً قَبلَها في مَطلَبٍ خَلِقِ
لَو كانَ خيمُ أَبي يَعقوبَ في حَجَرٍ / صَلدٍ لَفاضَ بِماءٍ مِنهُ مُنبَعِقِ
ما مِن جَميلٍ مِنَ الدُنيا وَلا حَسَنٍ / إِلّا وَأَكثَرُهُ في ذَلِكَ الخُلُقِ
يا مِنَّةً لَكَ لَولا ما أُخَفِّفُها / بِهِ مِنَ الشُكرِ لَم تُحمَل وَلَم تُطَقِ
بِاللَهِ أَدفَعُ عَنّي حَقَّ فادِحِها / فَإِنَّني خائِفٌ مِنها عَلى عُنُقي
قَد شَرَّدَ الصُبحُ هَذا اللَيلَ عَن أُفُقِه
قَد شَرَّدَ الصُبحُ هَذا اللَيلَ عَن أُفُقِه / وَسَوَّغَ الدَهرُ ما قَد كانَ مِن شَرَقِه
سيقَت إِلى الخَلقِ في النَيروزِ عافِيَةٌ / بِها شَفاهُم جَديدُ الدَهرِ مِن خَلَقِه
يا رُبَّ مُصطَبِحٍ بِالبَثِّ مُغتَبِقٍ / ضُحىً وَمُشتَجِرٍ لَيلاً وَمُرتَفِقِه
لَمّا اِكتَسى القاسِمُ البُردَ الأَنيقَ عَدا / إِلى السُرورِ فَأَعداهُ عَلى خَرَقِه
اللَهُ عافاهُ مِن كَربٍ وَمِن وَصَبٍ / كادَ السَماحُ يَذوقُ المَوتَ مِن فَرَقِه
لَم يَبقَ ذو كَرَمٍ إِلّا وَجامِعَةٌ / ثَقيلَةٌ قَد حَناها الدَهرُ في عُنُقِه
أَجناكَ مِن ثَمَراتِ البِرِّ أَينَعَها / رَبٌّ كَساكَ الأَثيثَ النَضرَ مِن وَرَقِه
حَتّى يُقالَ لَقَد أَضحى أَبو دُلَفٍ / وَخَلقُهُ قَد طَغى حُسناً عَلى خُلُقِه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025