المجموع : 11
ما رَونَقُ الفَجر وَالظَلماءُ عاكِفَةٌ
ما رَونَقُ الفَجر وَالظَلماءُ عاكِفَةٌ / إِذا تَنَفّس نوراً في حَناياها
فَهَبَّت الطَير تَدعو الطَير مُرسلة / مِن الأَغاريد أَحلاها وَأَشجاها
وَلا الورود كَأمثال الخُدود وَقَد / تَفتَّحت في الرِياض الفيح تَغشاها
كلا وَلا قَطراتُ الطَلِّ كامِنَة / في الأقحوان وَأُمُّ الشَهد تَرعاها
يَوماً بِأَجمَلَ من ميٍّ إِذا اِبتَسمت / تَحتَ النِقاب وَلاحَت لي ثَناياها
غَداً تُفارقني ميّ وَفي كَبدي / شَوق أُكابده آهاً وَأَواها
لم ألْقَ بيْن لياليَّ التي سَلَفَتْ
لم ألْقَ بيْن لياليَّ التي سَلَفَتْ / كلَيْلةٍ بِتُّها في دْير قدِّيسِ
ضَمَمْتُ حسناءَ لم يُخْلَقْ لها مَثَلٌ / بيْن الحسان ولا حورِ الفراديسِ
ما عرشُ بلقيس في إبَّان دولتها / ولا سليمان مزفوفاً لبلقيسِ
يوْماً بأعظم منَّا في السَّرير وقد / دام العناقُ إلى قرع النوَّاقيسِ
باعوا البِلادَ إلى أعدائِهمْ طمَعاً
باعوا البِلادَ إلى أعدائِهمْ طمَعاً / بالمالِ لكِنَّما أوطانَهم باعوا
قد يُعذرونَ لو أنَّ الجوعَ أرغمهم / والله ما عطشوا يوماً ولا جاعوا
وبلغة العار عند الجوع تلفظها / نفس لها عن قبول العار رادع
تلك البلادُ إذا قلتَ اسمُها وطنٌ / لا يفهمون ودون الفَهْم أطماعُ
أعداؤنا منذُ كانوا صَيارفةٌ / ونحنُ منذ هبطنا الأَرضَ زُرَّاعُ
لَمْ تَعكسوا آيةَ الخلاَّقِ بل رجعت / إلى اليهودِ بكم قُربى وأطباعُ
يا بائعَ الأرضِ لم تحفِلْ بعاقبةٍ / ولا تعلَّمتَ أنَّ الخصم خدّاعُ
لقد جنيتَ على الأحفادِ وا لهفي / وهم عبيدٌ وخُدَّامٌ وأتباعُ
وغرك الذهبُ اللماعُ تُحْرزُهُ / إن السَّرابَ كما تدريه لمَّاعُ
فكَّرْ بموتكَ في أرضٍ نشأتَ بها / واتركْ لقبركَ أرضاً طولها باعُ
لهفي على نافعٍ لو كان ينفعه
لهفي على نافعٍ لو كان ينفعه / لهفي وهيهات ما في الموت نفّاع
قد شيّعوه إلى قبر يحفّ به / مِن المهابة اتباعٌ واشياعٌ
حوتْه أوطانُه في جوفها فغدا / كأنما هو قلب وهي أضلاعُ
يا موطناً في ثراه غاب سادته / لو كان يخجل من باعوك ما باعوا
تحية لَك يا مصر الفراعين
تحية لَك يا مصر الفراعين / ذَوي المآثر مِن حَيٍّ وَمَدفون
وَلَم تَزَل دَوحة الآداب وارفة / عَلى جِوارك خَضراء الأفانين
إِلَيك يا مصر إِيمائي وَملتَهفي / وَنور نَهضتك الغَراء يَهديني
وَلي أَواصر قُربى فيكَ ما بَرحت / لَما مَضى ذات تَوثيق وَتَمكين
شَقوا القَناة عَساها عَنكَ تبعدني / أَني وَمِن لَهفتي جسر سَيُدنيني
أُحب مصر وَلَكن مصرَ راغِبَة / عَني فتعرض مِن حين إِلى حين
وَإِن بَكَت لا بَكَت هَماً فَقَد عَلِمَت / وَأَيقَنَت أن ذاكَ الهَمّ يبكيني
وَما عَتبت عَلى هَجر تدلُّ بِهِ / إِن الد لال يمنيني وَيغريني
لَكن جَزعت عَلى وِد أَخاف إِذا / فَقَدتهُ لَم أَجِد خلّاً يواسيني
في أَصدِقائي أُغَزّى إِن هُمُ هَلَكوا / وَفي الصداقات ما لي مَن يُعزيني
قالوا شفاؤك في مصر وَقَد يَئسوا / مني وَأَعيي سقامي مَن يُداويني
خَلفتها بلدة يَعقوبُ خلفها / شَوقاً ليوسف قَبلي فَهُوَ يَحكيني
تقليني مِن بَنات النار زافِرَةٌ / تَكتَنُّني وَهَجير البيد يَصليني
تَمضي عَلى سنن الفولاذ جامِحَة / وَجذوة الشَوق تَزجيها وَتَرجيني
حَتّى سمت ليَ جنات النَخيل عَلى / ضفاف مطرد النَعماءِ مَيمون
هَبطت مصر وَظني أَنَّها رَقَدت / في ظلِّ أَجنِحَة مِن لَيلِها جون
كَأَنَّها وَكَأنَ اللَيل مُنصَدِعاً / بِنورها سرُّ صدر غَير مَكنون
وَالأَزبكيّةُ في الأَمساء راقِصة / لَها غَلائل مِن شَتى الرَياحين
وَالنور ذو لحظات في خَمائلها / كَأَنَّها لَحظات النَهدِ اللعين
ما لي وَللسقم أَخشاه وَأَسأل عَن / طَبيبهِ وَعِماد الدين يَشفيني
لَو أَنشب المَوت بي أَظفاره لكفى / بِأُم كَلثوم أَن تشدو فَتحييني
هَذا وَمَصر بَساتين منمقة / شبابها بَعض أَزهار البَساتين
خاضوا ميَادين مِن جدٍّ وَمِن لعب / فَأَحرَزوا السَبق في كُلِّ الميادين
أحرارنَا قد كشفتم عن بطولتكم
أحرارنَا قد كشفتم عن بطولتكم / غظاءَ ها يوم توقيع الكفالاتِ
أنتم رجال خطابات منمَّقةٍ / كما علمنا وأبطال احتجاجاتِ
وقد شبعتم ظهوراً في مظاهرةٍ / مشروعةٍ وسكرتم بالهتافاتِ
ولو أُصيب بجرحٍ بعضُكم خطاً / فيها إذاً لرتعتم بالحفاواتِ
بل حكمةُ اللهِ كانت في سلامتكم / لأَنكم غير أهل للشهاداتِ
أضحتْ فلسطينُ من غيظ تصيح بكم / خلوا الطريق فلستم من رجالاتي
ذاك السجين الذي أغلى كرامته / فداؤه كل طلاّب الزعاماتِ
من كان ينكر نوحاً أو سفينَتَه
من كان ينكر نوحاً أو سفينَتَه / فإن نوحاً بأمر الله قد عادا
حلَّ الوبالُ بعيبالٍ فمالَ به / يا هيبةَ الله إبراقاً وإرعادا
في جارفٍ كعجيج البحر ظاغيةَ / أمواجُهُ تحمل الأسواقَ امدادا
ولا تزالُ من الزلزال باقيةٌ / تذكارُها يوقد الأُكبادَ إيقادا
منذ احتللتم وشؤْمُ العيش يرهقنا / فقراً وجوْراَ وإتْعاساً وإفسادا
بفضلكم قد طغى طوفانُ هجرتهم / وكان وعداً تلقَّيناه إيعاداً
واليوم من شؤْمكم نُبلى بكارثةٍ / هذا هو الطَّينُ والماءُ الذي زادا
دار الزعامة والأَحزاب كان لنا
دار الزعامة والأَحزاب كان لنا / قضيةٌ فيك ضيَّعنا أمانيها
هل تذكرين وقد جاءتكِ ناشئةً / غنيةَ دونها الأَرواحُ تَفْديها
تَوَدُّ لو وَجَدَتْ يوماً أخا ثقةٍ / لديكِ يُوسعُها برّاً ويحميها
ما كان كفؤاً عفيفَ النفس كافلُها / ولا أبيّاً حميَّ الأَنف راعيها
ولا أفادتْ سوى الأحقاد تُضرمها / فوق البلاد زعاماتٌ وتذكيها
ولم تبالِ بما تلقي لها حطباً / ولا بأيّ كرام الناس ترميها
قضيةٌ نبذوها بعدما قُتِلَتْ / ما ضرَّ لو فتحوا قبراً يواريها
سَل جَنة الشعر ما أَلوى بدوحتها
سَل جَنة الشعر ما أَلوى بدوحتها / حَتّى خَلَت مِن ظلال الحُسن وَالطيبِ
وَمَن تَصَدّى يَردُّ السَيلَ مُزدَحِماً / لَما تَحَدَّر مِن شُمِّ الأَهاضيبِ
وَمَن أَغار عَلى تلكَ الخِيام ضُحىً / يبيح تَقويضها مِن بَعد تَطنيبِ
هِيَ المَنية ما تَنفكّ سالِبَةً / فَما تُغادر حَيّاً غَير مَسلوبِ
حَقُ العُروبة أَن تَأسى لِشاعرها / وَتُذرف الدَمع مَنهَلّاً بِمَسكوبِ
وَتُرسل الزَفرة الحَرّى مصدّعة / ضُلوع كُل عَميد القَلب مَكروبِ
مَن للقريض عَريقاً في عُروبته / يَأتي بسحرين مِن مَعنى وَتَركيبِ
وَمِن لغرّ القَوافي وَهِيَ مُشرِقَة / كَأَوجه البَدَويات الرَعابيب
أَبا المَكارم قُم في الحَفل مُرتَجِلاً / مُهذَّباتك لَم تصقل بِتَهذيبِ
وَأَضرِم النارَ إِن القَومَ هامِدة / قُلوبُهُم ذلَّ قَلبٌ غَير مَشبوبِ
وَاِنفخ إِباءَك في آنافهم غَضَباً / فَقَد تُحَرِّكُ أَصنامَ المَحاريبِ
تَمكن الذلّ مِن قَومي فَلا عَجَب / أَلّا يُبالوا بِتَقريع وَتَأنيبِ
ما أَشرَفَ العُذرَ لَو أَن الوَغى نثرت / أَشلاءَهم بَينَ مَطعون وَمَضروبِ
لَكن دَهتهم أَساليب العداة وَهُم / ساهون لاهون عَن تِلكَ الأَساليبِ
وَيَقنعون بِمبذولٍ يلوِّحُهُ / مُستعمِروهم بِتبعيد وَتَقريبِ
كَأَنَّهُم لَم يُشيَّد مَجد أَولهم / عَلى السُيوف وَأَطرافِ الأَنابيبِ
يا رائِداً كُلَّ أَرض أَهلها عربٌ / يَجتازها نِضو تَصعيد وَتَصويبِ
وَمُنشِداً عِندهم علماً وَمَعرِفَةً / بِحالهم بَينَ إِدلاج وَتَأويبِ
هَل جئتَ مِنهُم أُناساً عَيشَهُم رغدٌ / أَم هَل نَزَلَت بِقطر غَير مَنكوبِ
أَم أَيّ راعٍ بِلا ذئبٍ يُجاوره / إِن لَم تَجد راعياً شَراً مِن الذيبِ
تَبّوأَ الكاظِميُّ الخلدَ مَنزِلَةً / يَلقى مِن اللَه فيها خَيرَ تَرحيبِ
أَبا المَكارم أَشرِف مِن علاك وَقُل / أَرى فلسطين أَم دُنيا الأَعاجيبِ
وَاِنظُر إِلَينا وَسرِّح في الحمى بَصَراً / عَن الهُدى لَم يَكُن يَوماً بِمَحجوبِ
تَجد قَوياً وَفي وَعدَ الدَخيل وَلَم / يَكُن لَنا مِنهُ إِلّا وَعد عَرقوبِ
وَمَرَّ سَبع وَعشر في البِلاد لَهُ / وَحكمه مَزج تَرهيب وَتَرغيبِ
قَد تَنتَهي هَذِهِ الدُنيا وَفي يَدِهِ / مَصيرنا رَهن تَدريب وَتَجريبِ
حال أَرى شَرَّها في الناس مُنتَشِراً / وَخَيرَها لِلمَطايا وَالمَحاسيبِ
هَل في فَلسطين بَعدَ البُؤس مِن دعةٍ / أَم لِلزَمان اِبتِسام بَعدَ تَقطيبِ
كَم حَققَ العَزم والاعجال مِن أَمَلٍ / وَخابَ قَصد بِإمهالٍ وَتَقليبِ
مسهدون وَهُم حَيرى مَحاجرهم
مسهدون وَهُم حَيرى مَحاجرهم / تَنوطها بِنُجوم اللَيل أَسبابُ
أَن يَخبُ للحُب في أَكبادهم قَبس / سَقَتهُم مِن شَراب المهل أَكواب
وَكَيفَ يَبغون عَن نار الهَوى حَولاً / وَعِندَهُم قاصِرات الطَرف أَتراب
مَجدُ البِلاد
مَجدُ البِلاد / بِالشَباب العاملين
وَالاجتهاد / لِلعُلى نَهج مُبين
هِبّوا إِذن / وَاِجنوا الثَمَن عز الوَطَن
مَدى السِنين /
إِن العَمل / يُحيي الأَمل
سرُّ الوجود / فيهِ نَسود
في العالمين /
عَزم الشَباب / قُوةٌ لا تُغلَب
وَلا يَهاب / أَيّ هَولٍ يركب
لا يَنثَني أَو / يَجتَني لِلوَطن
ما يُطلَب /
إِن العَمل / يَحيي الأَمل
سرُّ الوجود / فِيه نَسود
في العالمين /