القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 96
من الجسوم إلى الأرواح إسراءُ
من الجسوم إلى الأرواح إسراءُ / فيه لمثلي إشارات وإيماءُ
فاسجد له سجدة في مسجد حرمت / جهاته منه للأملاك لألاء
واسجد له سجدة أخرى بمسجده ال / أقصى يزل عنك بالتقريب إقصاء
إن الوجود له ذات وأسماءُ
إن الوجود له ذات وأسماءُ / في الغيب عنا وعنه نحن أفياءُ
وهو الذي هو عين الظاهرين به / من الحوادث مما هن اقياء
مصور هو للأشياء من عدم / له ظهورٌ بها فيها وإخفاء
وإنما الحكم للأسماء تظهر ما / قد اقتضته فأنواعٌ وأنواء
فحققوا القول مني وافهموه ولا / تؤولوه ففي تأويله الداء
ولا تظنوا حلولاً في مقالتنا / ولا اتحاداً فمالأشياء أكفاء
هيهات ليس الوجود الحق يشبهها / فإنه باطل يمحوه اقتناء
لولا مشيئته قامت تخصصها / بالعلم ما كان إظهار وإبداء
الله نور السموات استمعه وعى / والأرض والنور يُمحى فيه ظلماء
والنور ذلك معناه الوجود كما / إلى الحوادث بالظلماء إيماء
وعادة النور في الظلماء يذهبها / هذا القياس الذي ما فيه إبطاء
لكن هنا في كلام الله جاء به / على الإضافة للأشياء إيحاء
حتى الإضافة فيه للسوى فتنت / حكم من الله عدل والسوى ساؤوا
كما يضل كثيراً قال خالقنا / به ويهدي كثيراً يا أخلاء
فافهم رموز كلام الله مهتدياً / به وخل تآويلاً بها جاؤوا
وجرد النور هذا عن إضافته / وانظر فهل لجميع الكون إبقاء
تدري الفنا والبقا في عرف سادتنا / أهل المعارف يا لامٌ ويا باء
وتعرف الله جل الله عنك وعن / سواك إذ لا سوى والنفس عمياء
قد قال مَنْ قال مِن جهل وإغواءِ
قد قال مَنْ قال مِن جهل وإغواءِ / عن حكم تكليف ربي عبده الثائي
ما حيلة العبد والأقدار جارية / عليه في كل حال أيها الرائي
ألقاه في البحر مكتوفا وقال له / إياك إياك أن تبتل بالماء
حتى عليه فتى من أهل ملتنا / قد قال في رده نظماً بإنشاء
إن حفَّه اللطف لم يمسسه من بللٍ / وما عليه بتكتيفٍ وإلقاء
وإن يكن قدَّر المولى له غرقاً / فهو الغريق وإن أُلقِي بصحراء
يَعني إذا كان في علم الإله له / سعادةٌ عُلمت من غير إشقاء
فهْو السعيد وإن كانت شقاوته / في العلم فهو شقيٌّ هكذا جائي
والعلم يتبع للمعلوم من أزل / مقالة الحق للقوم الأخصّاء
كذا الإرادة والتقدير يتبع ما / في العلم من غير تأخير وإبطاء
فالله قدر ما في العلم كاشفه / بما بإيجاده سمّى بأشياء
وإنما هي آثار ملازمة / أيدي صفات من المولى وأسماء
إذ لا مضل بلا إضلاله أحداً / ولا يسمى بهادٍ دون إهداء
ولا معز بلا شخص يعززه / ولا مذل بلا قوم أذلّاء
وهكذا سائر الأسماء منه لها / قوابل كظلالات وأفياء
قديمة وهي معلوماته أزلاً / معدومة العين في محق وإفناء
والله سمِّيَ علام الغيوب بها / ترتبت هكذا ترتيب إنهاء
وهي التي كشف العلم القديم بها / من قبل إيجادها فافطن لأنبائي
حتى أراد لها قدماً فقدرها / طبق الذي هي فيه ضمن أجزاء
فلم يقدر سوى ما العلم حققَّه / ولا أراد سواه دون أخطاء
وقل على كل شيء حكم قدرته / لكن بمعلومه خُصّت بإبداء
ولم يكن عبثاً تكليفه أبداً / والكتب حق مع الرسل الأدلاء
والأمر والنهي من رب العباد على / عباده لا لسراء وضراء
ولا لأجل امتثال الأمر أوغرض / له تعالى ولا منع وإعطاء
وإنما هو تمييز الخبيث هنا / من طيبٍ ومراضٍ من أصحاء
وفي القيامة عدل الله يظهره / والفضل أيضاً لأقوام أعزاء
فليس من شرعنا جبر ولا قدر / وإنه فعل مختار بإمضاء
وقولُ من قال والأقدارُ جاريةٌ / ما حيلة العبد تغليطٌ بشنعاء
ما حلية العبد في فعل يكون له / بالقصد منه بلا جبر وإلجاء
أحاط علما به ربي فقدره / قدماً عليه بعدل بعد إحصاء
من غير ظلم وحاشا الله يظلم من / عليه يحكم عن علم بإجلاء
ألقاه في البحر مكتوفاً مغالطةٌ / وكيف يكتفه مع قصد إجراء
والكل ما هو بالمجعول في عدم / بل إنه مقتضى الأسما الأجلاء
والجهل تعريفه الإنشاء من عدم / وليس يوصف معدوم بإنشاء
فافهم وحقق لنفس الأمر معتبراً / حكم الإله بعلم لا بجهلاء
هذا الذي قد أخذنا عن مشايخنا / أولى الهداية والتقوى الألبّاء
عناية الله أعلى الله طائفةً / بها على غيرهم من مفتر سائي
عبد الغني له الرحمن وفقه / فبثها للتلاميذ الأخلاء
لعل تأتيه منهم دعوة فيري / قرباً بها من عظيم الفضل معطاء
تفاخر الماء والهواءُ
تفاخر الماء والهواءُ / وقد بدا منهما ادِّعاءُ
لسان حال وليس نطق / ولا حروف ولا هجاء
فابتدأ الماء بافتخار / وقال إني بي ارتواء
وبي حياة لكل حي / أيضا وبي يحصل النماء
وكان عرش الإله قدماً / عليَّ يبدو له ارتقاء
وطهر ميتٍ أنا وحيٍّ / لولاي لم يطهر الوعاء
ولا وضوء ولا اغتسال / إلا وبي ما له خفاء
وبالهواء اشتعال نار / ضرت وللنار بي انطفاء
وأحمل الناس في بحار / كأنني الأرض والسماء
وعند فقدي ينوب عني / في الطهر ترب به اعتناء
وأهلك الله قوم نوح / لما طغوا بي لهم شقاء
وليس لي صورة ولون / لوني كما لُوِّن الأناء
وقال عني الإله رجس ال / شيطان بي ذاهب هباء
والخلق يرجونني إذا ما / مسكت عنهم لهم دعاء
والأرض تهتز بي وتربو / فيخرج النبت والدواء
فقام يعلو الهواء جهراً / وقال إني أنا الهواء
فإن أنفاس كل حي / تكون بي للحياة جاؤوا
وإنني حامل الأراضي / والماء فيها له استواء
وأهلك الله قوم عاد / بشدتي ما لهم بقاء
أُرَوِّح القلب بانتشاق / فيحصل الطيب والشقاء
وأدفع الخبث حيث هب ال / نسيم يصفو بي الفضاء
وما لحي من البرايا / عني مدى عمره غناء
والنطق بي لم يكن بغيري / والصوت في الخلق والنداء
وليس كل الكلام إلا / حروفه بي لها انتشاء
وبي كلام الإله يتلى / فيهتدي من له اهتداء
وسنة المصطفى روتها / رواتها بي أيان شاءوا
وكل معنى لكل لفظ / فانه بي له اقتضاء
لولاي ما بان علم حق / وعلم خلق والأنبياء
ولا يكون استماع أذن / إلا وبى النوح والغناء
وحاصل الأمر أن كلاً / من ذا وذا للردى اندراء
وما لهذا فضلٌ على ذا / ولا لذا بل هما سواء
وكل ماء له مزايا / يكون فيها لنا الهناء
ولا هواء إلا وفيه / نفع كما ربنا يشاء
ولكن الماء مع تراب / يصير طيناً هو ابتداء
وآدم كان أصله من / طين وأضحى له اصطفاء
والمارج النار مع هواء / سموم ريح وذاك داء
ومنه إبليس كان خلقاً / له افتخار وكبرياء
فكيف يعلو الهواء يوماً / والماء فينا له العلاء
به الطهارت والذي لم / يجده ترب به اكتفاء
والنار فيها العذاب حتى / لكل شيء بها فناء
وإنما نورها اشتعال ال / هواء فيها له ضياء
والترب فيه الجسوم تبلى / فيظهر الذم والثناء
وعز ربي وجل عما / تقول أن يلحق الخطاء
بخلقه ربنا عليم / والعلم عنا له انتفاء
والفضل منه يكون لا من / سواه حقا ولا امتراء
للذات ذات وللأسماء أسماءُ
للذات ذات وللأسماء أسماءُ / تدري حقيقته سعدى وأسماءُ
فاخرج عن اللفظ والمعنى لأنهما / رمزٌ إلى الذات والأسما وإيماءُ
هي الحقيقة في كل الأمور سرت / سراً و قامت بها في الجهر أشياء
تنزهت في فهوم العارفين بها / وإنما هم على الذكرى أدلاء
لا تسأل الكون عنها فهو يجهلها / وعنه سلها ففيها منه أنباء
كن طالباً علمها منها تجده بها / محققاً وعلى التحقيق لألاء
ما في الورى أحد إلا بقوتها / له مدى عمره منع وإعطاء
والناظرون بها والسامعون بها / وإن يكن عندهم للأمر إخفاء
وتسعد الناس أو تشقى بلا غرض / فهي الدواء كما تختار والداء
شمس وعن علمها كل الورى ظهروا / كأنما هم ظلالات وأفياء
قلبي لعلم الإله بابُ
قلبي لعلم الإله بابُ / وماله دونه حجابُ
وكل أحوالنا تناجي / وكل إداراكنا خطاب
وكل أرواحنا عمار / وكل أجسامنا خراب
وكل معقولنا كؤوس / وكل محسوسنا شراب
وكل أعدائنا سؤال / وكل أحبابنا جواب
وكل وقت لنا دنو / وكل حين لنا اقتراب
وكل شيء له إلينا / من حيث معروفنا انتساب
وكل لفظ لنا رسول / وكل معنى لنا كتاب
وروحنا للسوى حسام / يخفيه من جسمنا قراب
ورؤية الحق جل فينا / وليس فيها لنا ارتياب
والشمس في الأفق ذات نور / وإن بدا دونها السحاب
ونحن من ربنا كلام / لنا وألفاظه العذاب
ونحن قوم إذا أردنا / أرشدنا الدف والرباب
ونحن روح الجميع صرنا / وذهب الماء والتراب
ونحن حق ونحن خلق / ونحن قوس ونحن قاب
وكشفت وجهها سليمى / وانهتك الستر والنقاب
وراق خمر الوجود منها / ونحن من فوقه حباب
وحاصل الأمر كل شيء / غير إله الورى سراب
به انتفيت انتفاء الباب بالخشبِ
به انتفيت انتفاء الباب بالخشبِ / جمعاً وفي الفرق ما الخلخال بالذهبِ
لو لم يكن خشب ما الباب كان ولا / قد كان من ذهب خلخال منتقب
حقيقتان هما إحداهما عدم / وما سواها وجود ثابت السبب
والروح من جملة المعدوم سارية / كالجلد بالعظم ممسوك وبالعصب
وكلها صور يبدو مصورها / بها محيط كما قد جاء في الكتب
فافهم تقاديره واعرف حقيقتها / منها ومنه وخف واحذر من العطب
ولا تقل أنت هو ما أنت هو أبداً / لا شيء كيف يساوي الشيء واعجبي
وظاهر هو ذا لا غيره معه / وإنما غيره المعدوم فارتقب
وباطن هو في حال الظهور كما / عرفت في الذهب المصنوع والخشب
ولا تقل بانتفاء الغير تجهله / ولا تقل بوجود الغير تحتجب
ورتبة أنت فيها أنه أزلاً / في رتبة غيرها فاكشف عن الرتب
وافهم كلامي وحقق ما تراه هنا / وميز الفرق والزم ساحة الأدب
ولا تغالط فما الأحوال ملعبة / وليس قلبك هذا غير منقلب
هذا هو الخلق والحق المحيط به / لأنه عدم قل بالوجود حبي
فاسجد له دائما إن كنت تعرفه / مثلي كما قال في القرآن واقترب
ولا تصر كافراً إن قلت أنك هو / فأنت بالنفس عنه دائم الحجب
الله أكبر هذا عقد كل ولي / لا شك فيه لنا بل عقد كل نبي
فخذ به وتمسك لا تمل لسوى / هذا إذا رمت ترقى ذروة القرب
أو لا فسلمه للقوم الذين به / تحققوا واعتقد تنجو من التعب
وتدرك العز في دنيا وآخرة / بالقوم في حالة موصولة النسب
أو لا فلا تؤذهم بالسوء تنسبه / لهم وخف ربهم يرديك بالغضب
ولا تخض في أمور لست تعرفها / أني نصحتك هذا غاية اللعب
ولا تعاند بلا علم وكن رجلاً / له اهتمام بأعلى السبعة الشهب
واعلم بربك لا بالعقل منك تفز / بما تروم وكن في الرأس لا الذنب
فإن ربك خلاق لعقلك ما / فرقت بالذوق بين الضرب والضرب
يا نسبة أدخلت سلمان في النسب
يا نسبة أدخلت سلمان في النسب / يقول طه رسول الله خير نبي
سلمان منا بآل البيت ألحقه / مع أنه فارسي ليس بالعربي
وأخرجت عمه الأدنى إليه كما / أتاه تبت يدا وحياً أبي لهب
فابحث عن النسبة المرفوع جانبها / ما تلك واعمل عليها فيك وانتسب
ومجمل القول في معنى حقيقتها / بأنها ملة الإسلام فاحتسب
إسلام روح وعقل للإله معا / بلا شعور ولا قصد ولا أرب
هذا وتفصيله إن رمت تعرفه / فإنها حالة مجموعة الأدب
سر من الغيب سار في سريرة من / له يريد بلا سعي ولا سبب
فإن بدت لك من فيض الإله هنا / فاسجد لمولاك في دنياك واقترب
سجود قلب أنار الغيب طلعته / فلم يدع عنده ريباً من الريب
وأسلمت نفسه طوعاً لخالفها / وآمنت بالذي فيها من الرتب
وأصبحت سائر الأكوان تطلبه / لأنه سرها المخصوص بالقرب
تنزلات كلام لا حروف له / ولا عروض معاني جملة الكتب
حق تنزه عن روح وعن جسد / وعن ظهور وعما في البطون خبى
هذا حقيقة إسلام الذي سلمت / منها بها نفسه عن صدق مرتقب
وهو الذي لم تكن توصف به أبداً / غير النبيين في الماضي من الحقب
حتى الخليل لنا بالمسلمين لقد / سمى كما جاء في القرآن يا ابن أبي
فاقنع بمجمله واطلب مفصله / فربما فزت بعد الكشف للحجب
ونلت ما نلت بالفيض المقدس لا / بالكسب منك ودم في السعي واكتسب
كل أناس لهم لغاتُ
كل أناس لهم لغاتُ / وكل محو له ثباتُ
وكل وقت له كلام / وكل شغل له أداةُ
وكل سر له ظهور / وكل ليل له سراة
وكل أمر له سماء / وكل شخص له سمات
وكل حكم له مضاء / وكل ذات لها صفات
وكل خمر له مدير / وكل كأس له سقاة
وكل سهم له مصاب / وكل قوس له رماة
وكل طير له غذاء / وكل وحش له فلاة
وليس يدري ببعد أمري / إلا الذي جمعه شتات
وليله بالهدى نهار / وفي مساء له غداة
وقلبه الشمس بالتجلي / غروبها عنده الممات
وجسمه صور نفخ روح / بأمره تحشر الرفات
ميزانه العقل والصراط ال / شرع الذي قالت الهداة
يموت في ساعة ويحيى / فموته طاب والحياة
وحاصل الأمر فهو مثلي / ذاتان في الوصف وهي ذات
وما سواه حمار جهل / يقظته في الورى سنات
شيطانه راكب عليه / من يده ماله نجاة
يوقعه في جحود ما لا / يدريه مما درت ثقات
مكدر ما له صفاءٌ / والقلب من قسوة صفاة
وذاك ما لا اعتبار عندي / ولا إليه لنا التفات
والحرف ذو عجمة وأما / حروفه فهي مهملات
كلامنا غير ما تعطى العباراتُ
كلامنا غير ما تعطى العباراتُ / من المعاني لنا فيه اعتباراتُ
بنفسه قائم وهو المجرد عن / لفظ ومعنى معاً وهو الإشارات
هما الكثيفان والسر اللطيف له / علاقة بهما فيها التفاتات
كالروح يظهر من نفس ومن جسد / وليس يكشفه إلا العنايات
فلا تظن بأني إن وصفت حلى / شيء مرادي به تلك الإحالات
أو إن ذكرت نسيماً هب من جهة / أو نفحة هي قصدي والمرادات
كذاك البرق والأطلال أذكرها / في النظم ليست مرادي والحمامات
لا والذي جل عمّا للعقول بدا / وللحواس به الأحياء أموات
كلام أهل طريق الله سر هدى / لا دخل فيه لهم تبديه أبيات
عن المواد له التجريد مخطئة / منك التآويل فيه والقياسات
لم يدره ذو انتقاد في تعنته / لنفسه زعم علم واجتهادات
فيعرب اللفظ للمعنى فيفهمه / ولا يبين له إلا الضلالات
ومقصد القوم نور في القلوب سرى / من القلوب وما فيه التباسات
رموز أسرار قوم تستعدّ له / أرواح قوم لهم في الله راحات
روائح القوم شمتها بصائرهم / لهم إلى الحق همات ورغبات
لهم نظمنا المعاني يلمحون بها / غيب الغيوب وتخفيها العبارات
لكعبة الوصف ذات قبلها ذاتُ
لكعبة الوصف ذات قبلها ذاتُ / فهي الذوات ثلاث المستعزاتُ
كما الصفات ثلاث في مراتبها / غيب وغيب وغيب فهي غيباتُ
وبالوراثة يبدو ما أقول لكم / يا معشر القوم والورّاث أمواتُ
قامت قيامة أهلي في معارفهم / واللموازين بالأعمال وزنات
هي الستارة تخفي ما به ظهرت / وتظهر الأمر حيث النفي إثبات
لاح الصباح فبيت الله حضرته / والطائفون لهم بالبيت حضرات
وزمزم القرب منه القوم قد شربوا / وفيه دارت على الأكوان كاسات
مقالة ابن الرفاعي كان حاصلها
مقالة ابن الرفاعي كان حاصلها /
لحجرة المصطفى شوقا يخاللها /
قد جاء هائم ناداها يسائلها /
في حالة البعد روحي كنت أرسلها / تقبّل الأرض عني وهي نائبتي
لواعج الشوق في أحشائه استعرت /
والقلب يرعد والأجفان قد مطرت /
يا طالما عين قلبي وجهك انتظرت /
وهذه دولة الأشباح قد حضرت / فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
لا بد للضيق في الدنيا من الفرجِ
لا بد للضيق في الدنيا من الفرجِ / فافتح كفوف الرجا والحق بألف رجي
واعلم بأنك مفتون وممتحن / بما لديك من الإيساع والحرج
والكل يذهب إن حزناً وإن فرحاً / فكن إذا ضاق أمرٌ غير منزعج
ولا تبت من كدور الدهر منقبضاً / فإنما الدهر ميال إلى العوج
وأظهرِ البسطَ في كل الأمور وإن / ضاقت عليك فقل يا أزمة انفرجي
واشكر على كل حال أنت فيه فما / عن حكمة قد خلا أمر إليك يجي
واصبر وصابر لأحكام الإله ولا / تضجر وإياك في الدنيا من اللَّجَج
وأطلق النفس من سجن الهموم يفز / غريق قلبك يا هذا من اللُجَج
فربما رفعة من خفضة ظهرت / وسافل فرَّ في عال من الدرج
وظلمة الليل إن زادت فإن لها / نوراً أعدّ من الأقمار والسرج
والضدُّ للضد مجعول يزول به / وليس ماض مع الآتي بممتزج
يا حالة النقص ما عني الكمال نأى / ونفحة المسك في ضمن الدم اللزج
وكل شيء له وقت يكون به / فلا تكن في القضايا غير مبتهج
وحكم ربك فاصبر في الوجود له / فإن حجته تعلو على الحجج
وارفع وساوسك اللاتي تسوق إلى / أتعاب نفسك واترك سيرة الهمج
واذكر إلهَكَ في سرٍّ وفي علن / تنجو غداً من لهيب النار والوهج
وبالصلاة تَوَلَّعْ والسلام على / طه الرسول إلينا واضح النَّهَج
والآل والصحب والأتباع أجمعهم / بالخير ما هب ريح طيب الأرج
وما تكامل بنيان فزدت له / فرداً وأرخت رمها قاعة الفرج
إن الوجود بموجوداته امتزجا
إن الوجود بموجوداته امتزجا / وهماً بغير امتزاج فاعرف الدرجا
رفيعها درجات كلهن له / ذو العرش عرش محيط بالعوالم جا
هي المراتب فيها نازل أبداً / مراتبٌ عنه عنها كلها خرجا
وهي اعتباراته في نفسه ظهرت / به له فيه بالترتيب لا عوجا
وكلها عدم وهو الوجود لها / يضاف عند أولى عقل وأهل حجا
وإنما هي تحقيقاً تضاف له / عندي كما جاء في القرآن منبلجا
لله ما في السموات كذاك وما / في الأرض بل كل شيء هكذا لهجا
ولم يزل هو فيما فيه من نعم / من التنزه عنها فانشق الأرجا
فإن عرفت فقل ما شئت فيه وإن / جهلته فالزم التقييد والحرجا
جل الوجود الذي لا غير طلعته / في كل شيء كنور والجميع دُجا
كالبحر والكل كالأمواج منه له / منزه هو عنها فاحذر اللججا
وافهم كلامي كفهمي أو فدعه ولا / تتبع أولى الجهل فينا واترك الهمجا
إنا علمنا وكنا جاهلين به / فنعرف الجهل إذ منه الفؤاد نجا
والجاهلون به من قبل ما علموا / به فلا يعرفون العلم والنهجا
الله أكبر هذا وجه خالقنا / فينا بدا فرأينا الضيق والفرجا
ونحن منه تقادير تلوح به / فأهل يأس وإقناط وأهل رجا
مقدر نفسه أشياء ظاهرة / به له من أتاه أو إليه لجا
ركب الحجاز سرى الحادي بهم ودنا
ركب الحجاز سرى الحادي بهم ودنا /
وخلفوني أقاسي الشوق والحزنا /
ومذ رأوني بأرض الشام مرتهنا /
شدوا المطايا وقد نالوا المُنى بِمِنى / وكلهم بأليم الشوق قد باحا
تلك البلاد سرت فينا منائحها /
وقد تباشر غاديها ورائحها /
وحين لذَّ لهم في الأرض سائحها /
سارت ركائبهم تندى روائحها / طيباً بما طاب ذاك الوفد أشباحا
هم الرجال أجل الوافدين همُ /
لنحو أحبابهم قد أسرعت همم /
طابوا بطيبة طيباً وانجلت غمم /
نسيم قرب النبي المصطفى لهم / روح إذا شربوا من ذكره راحا
أواه لم أقض يوم البين من وطر /
والشوق ألقى فؤاد الصب في خطر /
فصحت للبدو لما كنت في حضر /
يا سائرين إلى المختار من مضر / سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا
كم ذا أسلي فؤادي قصد محضرة /
لهم وروحي عنه غير صابرة /
وكم نقول لهم من غير مقدرة /
إنا أقمنا على عجز ومعذرة / ومن أقام على عجز كمن راحا
قلوبنا بك أبلتها النوى كمدا
قلوبنا بك أبلتها النوى كمدا /
ونحن قوم ضعاف صبرنا نفدا /
وقد أتينا بذل نطلب المددا /
يا رب هيء لنا من أمرنا رشدا / واجعل معونتك الحسنى لنا مددا
والطف بنا واسقنا من خمر أكؤسنا /
صفاء صرف من التوحيد مؤنسنا /
ودبر الأمر واكشف ستر حندسنا /
ولا تكلنا إلى تدبير أنفسنا / فالنفس تعجز عن إصلاح ما فسدا
لي قلب صب على الأشواق مشتمل /
وقد بكيت بدمع فيك منهمل /
وما اعتمادي على علمي ولا عملي /
أنت الكريم وقد وجهت يا أملي / إلى جنابك قلباً سالماً ويدا
عودتنا الخير واستعبدت سائبة /
وكم رفعت بلاً عنّا ونائبة /
والنفس من ذنبها جاءتك تائبة /
فلا تردنها يا رب خائبة / فبحر جودك يروي كل من وردا
يا من يمد لأخلاق القلوب يدا
يا من يمد لأخلاق القلوب يدا / فيبدل الغيَّ من طغيانها رشدا
ويحفظ السوء منها كي يجانبه / ويغسل القلب منه فاسمع العددا
كفر وجهل وغدر والخيانة مع / كبر وعجب وإخلاف لما وعدا
وحب جاه وخوف الذم جربزة / سخط القضاء كذا في الحق إن مردا
والأمن واليأس حب المدح مع حسد / بخل رياءٌ نفاق والخمور بدا
وبدعة سفه حرص مداهنة / وسوء ظن وتسويف بطول مدى
غش وإنس بمخلوق كذا جزع / وخفة وعناد بغض أهل هدى
والجبن والذل والإسراف مع طمع / شماتة ومحاكاة لفعل عدا
والحزن والخوف في الدنيا وشهوتها / غباوة شره إصرار من فسدا
تهور صلف ثم اتباع هوى / وللبطالة أن تلقاه معتمدا
وحب دنيا وحب الظالمين وأن / يُعَلِّقَ القلب بالأسباب والكبدا
وحب مال وتقليد فظاظته / وقاحة فتنة مع كونه حقدا
تطيُّر وكذا استعجاله أمل / كفران نعمة من أولى إليه يدا
فهذه جملة الأخلاق قد جمعت / ستين كن في النقا منهن مجتهدا
إن الجميع حدود في العقول وفي
إن الجميع حدود في العقول وفي / مراتب الحسن قد زادت على العددِ
يبدو بها من بدا فيها تحكُّمُه / ذات من الغيب تدعى حضرة الأحدِ
بمقتضى ما لديها كان من صفة / قديمة هي في التأثير بالرصد
إياك والزهد في الأشياء إن ترها / بنفسها هي قامت غبت عن رشد
وإن تكن تَرَها قامت به ترها / تجليات له في كل معتقد
نعم تنزه أيضاً في الظهور بها / من قبل إظهارها بالمنزه الصمد
وهو المنزه أيضا في الظهور بها / عن والد يقتضَى منها وعن ولد
لأنها عدم وهو الوجود لها / وإن خلت عنه لم تبد ولم تُعِد
ما الزهد عندي مقام إذ يدل على / قطع العوالم لي عن صاحب المدد
وكيف أزهد في الأشياء وهي به / كانت وكان بها أيضا إلى الأبد
نهر القضاء بما يختار خالقنا
نهر القضاء بما يختار خالقنا / وما يريد هو الجاري إلى الأبد
عليه طاحونة الأفلاك دائرة / وقطبها قطبُ سرِّ الواحد الأحد
وما تولد فيما بين طابقها ال / أعلى وطابقها الأدنى على الرصد
من الجماد وأنواع النبات وحي / وان تراه وإنسان بلا عدد
مثل الحبوب بدت للطحن مفرغة / شيأً فشيأً بحكم النفس والجسد
فكلما حبة قد جاء موعدها / أصابها الطحن لم تبد ولم تعد
حتى تصير كما كانت مفرقة ال / أجزاء وهي لهذا الأمر طوع يد
عناصر كدقيق ميزته يد / بمنخل الرتب المكسوبة الجدد
حكم من الحاكم القهار في أزل / بمقتضى ما قضى فيها من الأمد
حتى يحول ذاك النهر عن جهة / يجري إلى جهة أخرى بذي المدد
فيفرغ الطحن والطاحون تخرب من / هنا ويفسد مرءى هذه البلد
ويظهر الأمر في دار الخلود بلا / نهاية عند ذي غيٍّ وذي رشد
هناك ينكشف السر الذي خفيت / أنواره اليوم عن ذي الغفلة العند
الفرق سكرٌ لأن العقل يستجدي
الفرق سكرٌ لأن العقل يستجدي / فيه سوى ربه من كثرة الفقدِ
مع علمه أنما الجدوى بأجمعها / لربه الحق من قبل ومن بعد
والعقل يقسم في الفرق الوجود إلى / قسمين قطعاً وجود الرب والعبد
كذلك الجمع سكر حيث لا أحدٌ / فيه سوى الأحد الحق الذي يجدي
والكل قانونُ في هذا الوجود به / مثل السراب تراه العين من بعد
وصاحب الفرق ظن الصحوَ حالته / وحالة الجمع سكرا رائد الحد
ولم يزل قلبه في غفلة أبداً / عن الشهود شهود الحق بالعمد
وصاحب الجمع أيضا ظن حالته / صحواً وحالةَ فرقٍ سكرَ ذي وجد
وقلبه لم يزل عن خلق خالقه / في غفلة ويساوي الغي بالرشد
وحاصل الأمر أن الأمر أكمله / ما بين جمع وفرق جامع الضد
مع أهل فرق له فرقٌ كحالتهم / ومع أولى الجمع ذو جمع بلا رد
وهو المسمى بجمع الجمع إرثُ هدىً / عن النبي وعن قطب وعن فرد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025