القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ قَلاقِس الكل
المجموع : 52
تَنَفَّسَ الرَّوْضُ عَنْ نُوَّارِهِ الأَرِجِ
تَنَفَّسَ الرَّوْضُ عَنْ نُوَّارِهِ الأَرِجِ / وَأَسْفَرَ الصُّبْحُ عَنْ لأْلاَئِهِ البَهجِ
بُشْرى بِأَيْمَنِ مَوْلُودٍ لِغُرَّتِهِ / هَزَّتْ يَدُ الدَّهْرِ مِنَّا عِطْفَ مُبْتَهج
وافَتْ به لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ مُخْبِرَةً / بِاثْنَيْنِ جاءَ كَرِيمٌ مِنْهُمَا وَيَجِي
لَمْ يَنْظُر المَجْدُ مِنْ عَلْيَاهُ عَنْ حَوَرٍ / حَتَّى تَبَسَّمَ مِنْ مَرْآهُ عَنْ فَلَج
هِلاَلٌ سَعْدٍ يُجَلِّي كُلَّ دَاجِيَةٍ / ظَلاَمُها لَيْسَ يُمْشَى فِيه بِالسُّرُج
ونُطْفَةٌ مِنْ صَمِيمِ الْفَخْرِ ما بَرَحَتْ / تَجُولُ مِنْ مَشَجٍ زَاكٍ إلَى مَشَجِ
تَفَرَّعَتْ بَيْنَ أَصْلَيْ سُؤْدُدٍ وَعُلاً / تَقَاسَمَا طَيِّبَ الأَثْمَارِ وَالأَرَج
أَبٌ وَخَالٌ أَبَانَا مِنْ رِئَاسَتِه / ما أَحْرَزا عَنْ خُلَيْفٍ أَوْ أَبِي الْفَرَجِ
مَنَاسِبٌ كَاطِّرَادِ الْمَاءِ ما انْبَعَثَتْ / إلاَّ رَأَيْتَ بِحَارَ الأَرْضِ كَالْخُلُج
تَرَفَّعَتْ بِبَنِي سَعْدٍ ذُرَى شَرَفٍ / كما سَمَتْ بِنَدِيٍّ غايَةَ الدَّرَجِ
مَفَاخِرٌ قَدْ خُصِصْتُمْ يا جُذَامُ بِِها / فَخَاصِمُوا وثِقُوا بِالفَلْجِ في الْحُجَجِ
ما زِلْتُمُ بِمَنَارِ اليُمْنِ مِنْ يَمَنٍ / حَتَّى تَقَوَّمَ من مَيْلٍ وَمِنْ عِوَجِ
كَمْ مَسْلَكٍ بِكُمُ قَدْ عادَ مُتَّسِعاً / وكانَ مِنْ قَبْلُ ذا ضِيقٍ وَذَا حَرَجِ
وقاصِدٍ قَدْ تَلَقَّى السَّيْرَ نَحْوَكُمُ / بِحَمْدِ مُبْتَكِرٍ مِنْهُ ومُدَّلِجِ
وَبَحْرِ حَرْبٍ قَطَعْتُمْ لُجَّ زاخِرِه / بأَنْصُلٍ لُجِّجَتْ في الخَوْضِ في اللُّجَجِ
بمَعْرَك لا تَرَى منه العيونُ سِوَى / شُهْبٍ مِنَ السَّيْرِ في ليلٍ منَ الرَّهَجِ
حيثُ الدِّماءُ عُقارٌ يُسْتَحَثُّ على / ما شِئْتَ من زَجَلٍ للخَيْلِ أَو هَزَجِ
والهامُ قد أَوْسَعَتْهَا البِيضُ عَرْبَدَةً / لمَّا أّدارَتْ عليها خَمْرَةَ المُهَج
من كُلِّ ذي جَوْهَرٍ ما زالَ مُنْتَظِماً / لِلْقِرْنِ في لَبَّةٍ منه وفي وَدَجِ
وكلِّ مُنْعَطِفٍ كالنَّهْرِ مُطَّرِداً / بَيْنَ الأَباطِحِ في أَثْنَاءِ مُنْعَرَج
في كَفِّ كُلِّ كَمِيٍّ ما بَصَرْتَ به / إلاَّ تَنَزَّهْتَ في عَقْلٍ وفي هَوَجَ
أَولئك الرّايةُ العَلْياءُ من يَمَنٍ / فاركنْ إلى ظِلِّها تَأْمَنْ مِنَ الوَهَجِ
وَرَدْتَ منها بِبَحْرٍ إنْ تَهُبَّ به / رِيحُ السؤالِ على عِلاَّتِها يَهجِ
جَمِّ العوارِفِ طامٍ غير مُحْتَبِسٍ / عَذْبِ المَشَارِبِ صافٍ غَيْرِ مُمْتَزِجِ
وساكنِ الجَأْشِ ما يَنْفَكُ عزمته / يلقي الخُطوبَ بلا طَيْشٍ ولا زَعَجِ
اِهْنَأْ أَبا الحَسَن السّامي بخير فَتًى / مُحَسَّنٍ لم يَدَعْ من مَنْظَرٍ بَهَجَ
يُكْنَى أَبا الفَضْلِ وَهْوَ الفَضْلُ أَجْمَعُهُ / وتِلْكَ بُشْرَى بها الأَيَّام في لَهَجِ
ما زلْتَ في المجدِ والعلياءِ منفَرِداً / حتى كُسيتَ به أَوصافَ مُزْدَوَجِ
فاسْحَبْ على النجمِ ذَيْلَ التِّيهِ مفتخراً / فَأَنتَ بالتِّيهِ والفخرِ القديمِ حَجِ
بَقِيتُما كوثَرَيْ عُرُفٍ ومَعْرِفَةٍ / وَجَنَّتَيْ فَرَحٍ للناس أَو فَرَجِ
أَقْبِلْ بوجهكَ إِنِّي عنكَ مُنْصَرِفُ
أَقْبِلْ بوجهكَ إِنِّي عنكَ مُنْصَرِفُ / فما أَقولُ لسُؤَّالي وما أَصِفُ
واسترْجِعِ الرشدَ من غيٍّ وَهَبْتَ لَهُ / فَضْلَ الدِّمامِ فَوَلَّى حيثُ لا يقِفُ
خُدِعْتَ فِيَّ وَغَرَّتْكَ الضَّراعةُ بي / ومالَ تِيهاً بك الإِعجابُ والصَّلَفُ
وكانَ مِنْ سَيِّئاتِي أَنني أَبداً / إِليك في سائِرِ الحالاتِ أَخْتَلِفُ
فهَلْ أَتيتُكَ إلاَّ قبلَ مَخْبرَتِي / بأَنَّني عنكَ بالأَشجانِ أَنْصَرِفُ
ولو عَلِمْتُ بهذَا ما عَلِمْتَ به / وكانَ لي دونَهُ في الأَرضِ مُصْطَرَفُ
لكنْ غُرِرْتُ بِبَرْقٍ باتَ خُلَّبُهُ / يَهْمِي لَهُ دُمُوعي عارِضٌ يَكِفُ
حَتَّى حَصَلْتُ وما حصَّلْتُ مِنْكَ سِوى / مَلْقَى عَبُوسٍ ولَفْظٍ دُونَهُ التَّلَفُ
فإِنْ عَتَبْتُ فَدَهْرٌ كُلُّهُ جَدَلٌ / وإِنْ غَفَلْتُ فَعَيْشٌ كُلُّهُ شَظَفُ
وإِنْ رَأَى حالَتِي غَيْرِي تَنَاشَدَها / مِنَ الخُسارَةِ سُوءُ الكَيْلِ والحَشَفُ
إِذا زَوَى عَنِّيَ الجُمَّارُ طَلْعَتَهُ / فلا يُصِبْني بِحَدَّيْ شَوْكِهِ السَّعَفُ
وكم صَبَرْتُ وقلتُ الحُرُّ يُرْجِعُهُ / لِينُ الكلامِ وإِنْ وَلَّى بِهِ الأَنَفُ
وبتُّ أَنْظِمُها عِقْدًا جواهِرُهُ / لولا العُقولُ لَغلَّتْ دُونَهَا الصَّدَفُ
مِنْ كُلِّ زاهرةِ الأَرجاءِ لو بَصَرَتْ / بها الغوادِي لقالَتْ رَوْضَةٌ أُنُفُ
فَكُنْتُ كالمُبْتَغِي شَرْخَ الشَّبابِ لِمَنْ / عَلاَ بهِ الشَّيْبُ واسْتَهْوَى به الخَرَفُ
يا عادلاً عن سبيلِ العَدْلِ عُدْ وَأَعِدْ / فالجَوْرُ يُتْلِفُ والمظلومُ يَنْتَصِفُ
أَنتَ الكريمُ وقد قالَ الأُلى مَثَلاً / إِنَّ الكِرَامَ إذا ما استُعْطِفُوا عَطَفوا
هل غَيْرُ صاحِبِِكَ المُوفِي إِذا غَدَروا / أَو غَيْرُ خَادِِمِكَ الباقِي إِذا انْحَرَفَوا
فإِنْ نَكِرْتَ فما الحالاتُ ناكِرَةٌ / كُلٌّ بتصدِيقِها لي فيك يَعْتَرِفُ
وهَبْكَ تنوي لإِخلاصِي مخالَفَةً / فالقولُ يَجمُلُ والنِّيَّاتُ تَخْتَلِفُ
أَجْحَفْتَ بي وبوُدِّي لو تُقَعْقُعُ لي / بالموتِ من دونِ هذا عِنْدَكَ الحَجَفُ
متى أَقولُ صباحٌ لاحَ شارِقُه / فضُمَّ رَحْلَكَ وارحَلْ أَيها السَّدَفُ
وأَجْتَلِي دَوْحَةً للوُدِّ ناضرةً / قد طالَ ما كنتُ منها قبلُ أَقتَطِفُ
وأُرْجِعُ الحاسدَ الباغِي وقد سَلَكَ الْ / أَضَلاَعَهُ والهَمُّ والأَسَفُ
أَحْسِنْ أَبا حَسَنٍ في الاسْتِماعِ فَقَدْ / طالَ العِتابُ فَهَلاَّ قَصَّرَ العُنُفُ
وقد مَضَيْتُ لِشَأْنِي فامْضِ في دَعَةٍ / اللُّه جارُكَ نِعْمَ الجارُ والكَنَفُ
أَرَى الإِقامَةَ أَضْحَتْ في يَدِ الظَّعَنِ
أَرَى الإِقامَةَ أَضْحَتْ في يَدِ الظَّعَنِ / أَبْدَيْتَ يا دَهْرُ ما تُخْفِي مِنَ الضَّعَن
هَبْهُمْ طوَوْا بينَ أَثناءِ الدُّنُوِّ نَوىً / أَلَمْ يَبِنْ لَكَ أَنَّ الودَّ لم يَبِنِ
وما يَضُرُّ ولِلأَرواحِ مُجْتَمَعٌ / تفريقُهُمْ بَدَناً في الحُبِّ عن بَدَنِ
أَشكو إِلى اللهِ شكوى تقتضي فَرَجاً / نَوًى تَرَدَّدُ بين العَيْن والأُذُنِ
سَكَّنْتُ فيه حِراكِي إِذ عَدِمْتُ قُوًى / وما سَكَنْتُ لأَنِّي فُزْتُ بالسَّكَنِ
في كلّ يومٍ يُرِيني صاحِبٌ مِحَناً / الحَمْدُ للِه لا أَخْلُو من المِحَنِ
هل عادَ قلبِيَ بِرْجاساً تُقَارِضُه / نَبْلُ النَّوائبِ عن إِنْبَاضَةِ الزَّمَنِ
أَمْ غَرَّ مِنَّي الليالِي أَنَّها جَذَبَتْ / بِمِقْوَدِي فَرَأَتْنِي طَيَّعَ الرَّسَنِ
هيهاتَ يمنعها عزمٌ تَعَوَّدَ أَنْ / يُمْطِي إِلى اللينِ ظهْرَ المَرْكَبِ الخَشِنِ
يهيمُ بالنَّجمِ لا السَّارِي على قَدَحٍ / ويَعْشَقُ البَدْرَ لا السَّارِي على غُصنِ
ويَجْتَنِي ثمراتِ العِزِّ يانِعَةً / في مَغْرِسِ الحَرْبِ من مُنْآدةِ اللُّدُنِ
طوراً تراهُ على هَوْجَاءَ ضارمَةٍ / طوراً وَيَعْدُو بأَعلَى سابِقٍ أَرِنِ
تحاولُ الحالُ منهُ ذُلُّ جانِبِهِ / والعِزُّ شَىْءٌ تَغَذَّاهُ مع اللَّبَنِ
إِنْ كانَ كالَّنبْعِ عُرْيَاناً بلا ثَمَرٍ / فمثلُهُ هُوَ طَلاَّعٌ عَلَى القُنَنِ
وقد أَساءَ إِلَيْهِ الدهرُ مجتهداً / حتى دَعَا فأَجِبْهُ يا أَبا الحَسَنِ
أَوْرِدْهُ عندَكَ عّذْبَ الماءِ سَلْسَلَهُ / واحْرُسْهُ بالوُدِّ عن تكديرِهِ الأَسنِ
وقد أَقامَكَ رَبًّا لا شريكَ لَهُ / وما أَظُنُّكَ تثنيهِ إِلى الوَثَنِ
يخونُه اللُّه في سَمْع وفي بَصَرٍ / إِنْ كانَ خانَكَ في سِرٍّ ولا عَلَنِ
يهواكَ للدِّينِ والدنيا فأَنْتَ له / نعم المُقَرِّبُ من عَدْنٍ ومن عَدَنِ
ملكْتَهُ بأَيادِيكَ التي سَلَفَتْ / فأَضْعَفَتْهُ بما أَضْعَفْتَ في الثَّمَنِ
فاجْذِبْ بكفِّكَ منه غير مُطَّرَحٍ / وانظُرْ بعينيكَ فيه غَيْرَ مُمْتَهَنِ
ولا تَظُنَّ به ما لَيْسَ يعرِفُه / فَظَنُّ رَبِّكَ مرفوعٌ عَنِ الظَّنَنِ
الناسُ في العَيْنِ أَشخاصٌ لها شَبَهٌ / والعَقْلُ يَفْرِقُ بين النَّفْخِ والسِّمَنِ
عُذْرِي لمجدِكَ أَني غَيْرُ مُتَّهَمٍ / فإِنْ شَكَكْتَ على الإِيمانِ فامْتَحِنِ
عاهَدْتُ فيكَ ضَمِيرِي عَهْدَ ذِي ثِقَةٍ / لو نازَعَتْهُ المَنَايَا فيهِ لم يَخُنِ
رَفَعْتُ كفِّيَ أَستجديكَ مغفرةً / فاسمَحْ بها يا شقيقَ العارِضِ الهَتنِ
وما هززتُكَ إلا بعد مخبرةٍ / بأَنَّ كفِّيَ هَزَّتْ نَبْعَةَ اليَمَنِ
وما أَظُنُّكَ تَنْسَى كّلَّ سائِرَةٍ / مُقِيمَةٍ غَرَّبَتْ لِلْحُسْنِ في الوطَنِ
حَبَّرْتُهَا فيكَ والأَلفَاظُ هاجِعَةٌ / فَنَابَ ذِكْرُكِ لِي فيها عن الْوَسَنِ
أَوْضَحْتَ مَنْهَجَها إِذْ كُنْتَ غايَتَهُ / فّضَلَّ مَنْ ضَلَّ واسْتَوْلَتْ عَلَى السُّنَنِ
وقارَنَتْ مِنْكَ معروفًا بمَعْرِفَةٍ / ولم تَزَلْ تقرِنُ الإِحْسانَ بالْحَسَنِ
من ماهر فاضلٍ علاَّمَةٍ لَسِنٍ / في ماهرٍ فاضلٍ علامةٍ لَسِنِ
يقولُ سامِعُهَا مِمَّا يُدَاخِلُهُ / مَنْ ذَا الَّذِي قالَها أَو حُبِّرَتْ لِمَنِ
تقلَّبَ الدهرُ من حالٍ إِلى حالِ
تقلَّبَ الدهرُ من حالٍ إِلى حالِ / فأُلبسَ النّسكَ فيه كُلُّ مُحْتَالِ
أَما نظرتَ إِلى النَّوروزِ كيف أَتَى / شَهْرَ الصِّيام وجَلَّى شَهْرَ شّوَّالِ
وعُطِّلَتْ من عقودِ اللَّهْوِ لَبَّتُهُ / فَازْدَادَ حَلْياً وكم من عاطِلٍ حالِ
رآكَ ملءَ ثيابِ الدّينِ واسعةً / فجاءَ منها لترعاهُ بِتِمْثَالِ
أَتاكَ يُظْهِرُ منه تَوْبةً حَسُنَتْ / يمحو بها ما لَهُ من قُبْحِ أَعمالِ
ففاز منك بأَفعالٍ تُزَيِّنُهُ / كما يُزَيِّنُ عِقْدٌ جِيدَ مِعْطَالِ
لمّا رَأَيْتَ أَكُفَّ القومِ باخِلَةً / بِصَيِّبِ الماءِ فيها جُدْتَ بالمالِ
وما أَتَيْتَ بِبِدْعٍ يُسْتَرابُ به / هي المكارِمُ عَنْ عمٍّ وعن خال
وللأَعاجِمِ فيه مّذْهَبٌ كَثُرَتْ / أَعلامُهُ فهو إِلاَّ ذِكْرَهُ بالِ
فإِنْ جَرَيْتَ على آثارِ مذهبِهِمْ / فاقْبَلْ هديَّةَ عبدٍ ضَيِّقِ الحالِ
بكْرٌ أَبوها جَنَانٌ طابَ عنصرُهُ / وربُّها منكَ مَوْلًى طَيِّبُ الآلِ
ولي نبابِكَ آمالٌ وقد عَلِمَتْ / نفسِي بأَنَّكَ تقضِي كُلَّ آمالي
فجُدْ عَليَّ بساجٍ قد فُتِنْتُ بِهِ / وما فُتِنْتُ بساجِي الطَّرْفِ قَتَّالِ
يا حافظَ الدِّينِ دُمْ في ظِلِّ نِعْمَتِه / مُرَفّعَ القَدْرِ فيه ناعِمَ البالِ
لا أَسأَلُ اللَّه إِلاَّ أَنْ تدومَ لنا / وقد أجابَ الدعاءَ الواحِدُ العالي
بقيتَ في الَّعْدِ موصولاً مدى الزَّمَنِ
بقيتَ في الَّعْدِ موصولاً مدى الزَّمَنِ / ودُمْتَ للمجدِ أَهلاً يا أَبا الحَسَنِ
ولا بَرِحْتَ سعيد الجَدِّ مُتَّصلاًّ / بما يَسُرُّ من الأَوطارِ في الوَطَنِ
ولْيَهْنِكَ الشمسُ يا بَدْرَ الكمالِ فَقَدْ / تَأَلَّقَ المجدُ من نُوَرَيْكُما الحَسَنِ
للّه يَوْمُ سرورٍ قد جَلَوْتَ بِهِ / على الورى غُرَّةً في أَوْجُهِ الزَّمَنِ
يومٌ تأَرَّجَ جَنْبَ الرْيحِ من طَرَبٍ / بِنَشْرِهِ وتَغَنَّى الطيرُ في الغُصُنِ
هل مثلُ خلقِكَ زَهْرُ الروضِ مبتسماً / أَو مثلُ جودِكَ جُودُ العارِضِ الهَتِنِ
أَصبَحْتَ يا بْنَ خُلَيْفٍ خَيْرَ من قَصَدَتْ / نوالَهُ الناسُ من قَيْسٍ ومن يَمَنِ
وَقَفْتُ منكَ على عَدْنٍ فزِدْتُ على / من راحَ يطلبُ فضلَ الطِّيبِ في عَدَنِ
وشمتُ منك نُجُومَ اليُمْنِ طالعةً / فلم أُعرَّجْ على ما قيل في اليَمَنِ
يا بْنَ الأَكارِمِ تَنْمِيهِمْ إِلى يَمَنٍ / فضائلٌ قُرِنَتْ بالعِزِّ واليُمُنِ
وعَزْمَةٍ قد جَرَتْ في أَصلِ مجدِهِمُ / على التعاقُبِ مَجْرَى الرّوحِ في البَدَنِ
وما جُذامٌ سوى أُسْدٍ براثِنُها / يفنى بهنَّ أَديمُ الهمِّ والحَزَنِ
هُمُ حماةُ عَدِيٍّ في شدائِدِها / وهم أُولُو الحِلْمِ وقتَ الحِلْمِ والضَّغَنِ
وحسبُهُمْ أَنَّ منهمْ حين تنسبُهُمْ / بني خُلَيْفٍ سَرَاةَ الأَمْنِ والمِنَنِ
قومٌ هُمُ البيتُ بيتُ الفضلِ مشتهراً / فطُفْ بِهِ واستَجِرْ إِنْ طُفْتَ بالرُّكُنِ
ومِنْ أَبِيهِمْ أَفادُوا كُلَّ مَكْرُمَةٍ / فهُمْ إِلى المجدِ قد ساروا على السَّنَنِ
يُرِيكَ من وَجْهِهِ الأَسْنَى ومنطِقِهِ / محاسِناً هي مِلْءُ العَيْنِ والأُذُنِ
ولابسٍ ثَوْبَ عِرْضٍ قد ضَفَا وَصَفَا / فليسَ تبصُر فيه العينُ من دَرَنِ
إِنْ لم يكُنْ هو أَهْلَ الفضلِ أَجْمَعِهِ / والمكرماتِ على أَجناسِها فَمَنِ
لا زالَ في عِيشةٍ خضراءَ ناضرةٍ / ما رجَّعَ الطيرُ تغريداً على فَنَنِ
أَحلى على الفمِ من شُهْدِ المُنَى وعلى / إِنسانِ عينِ أَخِي السَّلْوَى منَ الوًَسَنِ
زهرن فاعْجَبْ لروض ماله زَهَرُ
زهرن فاعْجَبْ لروض ماله زَهَرُ / إِلا المباسِمُ والأَلحاظُ والطُّرَرُ
ولا تَقُلْ لَهَبُ الوَجْنَاتِ يُحْرِقُها / فللعذارِ على أَرجائِها نَهَرُ
أَعْجِبْ بها غُرَراً مالَتْ محاسِنُها / بالنفس يَحْمَدُ في أَمْثَالِهَا الغَرَرُ
سَفَرْنَ والليلُ طِرْفٌ أّدْهَمٌ فَجَرَتْ / فيه الحجولُ من الأَنوارِ والغُرَر
وقمنَ يحمِلْنَ في الأَجفانِ مَرْهَفَةً / لو كانَتِ البيضَ قلنا إِنَّها البُتُر
وكان من فِعْلِها بالسحرِ أَن هَجَمَتْ / على العشاءِ بما يأْتي به السَّحَرُ
فما ارتَقَيْتُ الدَّرَارِي إِذْ سهِرْتُ لها / إِلا لأَصدافِ يَمٍّ كلُّها دُرَر
ولا اجتلَيْتُ بدورَ الأُفْقِ عن كَلَفٍ / إِلا لِمَنْ أُتْلِفَتْ في صَوْنِهِ البِدَرُ
وفي الحشا والحشايا صَبْوَةٌ كبِرَتْ / فزادَها عُنْفُواناً ذلِكَ الكِبَرُ
تورى زنادَ اشتياقٍ ما استطارَ به / لي من مَشِيبي ولكن أَدْمُعِي شَرَرُ
وفي فؤادِيَ لا فَوْدِي قَتِيرُ هوًى / لم يُخْفِهِ الشَّعْرُ إِذْ لم يُبْدِهِ الشَّعَرُ
خذ من غرامِيَ ما تتلُو به سُوَراً / مُحَذِّرَاتِكَ ما تَبْلو به الصُّوَرُ
أَما الخُدورُ فلم يَسْكُنْ بها قَلَقِي / يوماً ولم يَمْشِ في أَشواقِيَ الحّذَر
فإِنْ تَمَنَّعَ قلبي من تَقَلُّبِهِ / فما انْتَهَى بِي لَعَمْرِي في الهَوَى العُمُرُ
أَنا المُحِبُّ وما بي ما يُقالُ لَهُ / أَوْلَى لك العَذْلُ أَم أَولَى لك العُذُرُ
إِن قلتُ ماسَ فما قصدي به غُصُنٌ / أَو استنارَ فما قصدي به قَمَرُ
خُلِقْتُ كالنَّبْعِ إِلا أَنَّ لي ثَمَراً / والنبعُ عريانُ ما في فرعِهِ ثَمَرُ
المالُ عِنْدَ ذوي الإقْتَارِ مُحْتَقَبٌ / والمالُ عند ذوي الأَقدارِ مُحْتَقَرُ
فإِنْ عدمْتُ الذي صاروا له عُدُماً / فما افتقَرْتُ وعندي هذه الفِقَرُ
ولم أُقَلْقِلْ رِكابي إِنْ نَبَا وطَنٌ / ولا أَطَلْتُ اغترابي إِنْ نَأَى وَطَر
لكن بَنُو الْحَجَرِ اسْتَدْعَتْ مكارِمُهُمْ / عَزْمِي وقد كانَ يُسْتَدْعَى بِها الحَجَرُ
نادى لسانُ النَّدى منهم فأَسْمَعَنِي / فقمتُ أَعْبُرُ بحراً كلُّهُ عِبَرُ
ترى المواخِرَ تَجْرِي في زَوَاخِرِهِ / فترتَقِي في أَعالِيها وتَنْحَدِرُ
من كل سَوْدَاءَ مِثْلِ الخالِ يَحْمِلُها / بِوَجْنَةٍ منه فيها للضُّحى خَفَرُ
حتى وَرَدْت فأَروانِي وأَحْسَنَ بي / صَدْرٌ موارِدُهُ يَشْجَى بها الصَّدِرُ
كانَتْ مناقِبُ آمالي مُنَقَّبَةً / فالآن أَسْفَرَ عن جَبْهَاتِهِا السَّفَرُ
هذا أَبو القاسِمِ المقسومُ نائِلُه / ما السيلُ ما البَحْرُ ما الأَنهارُ ما المَطَر
محاسِنٌ إِنْ أَبو بكرٍ تَقَدَّمَها / فما تَأَخَّرَ عُثْمَانٌ ولا عُمَرُ
سمعتُ عنهُمْ وقد شاهَدْتُهُمْ نَظَراً / فأَحْسَنَ الخُبْرُ ما لَمْ يَجْلُهُ الخَبَرُ
كذاك جادُوا نَدًى فيه أَجَدْتُ ثَناً / فليس يُعْرَفُ لا حَصْرٌ ولا حَصَر
والشعرُ فيه قصيرٌ عُمْرُهُ زَهَرٌ / يَذْوَى ومنه طويلٌ عُمْرُهُ زُهُرُ
فكالمواعِظِ سَهْلٌ صَوْغُها زُبُرٌ / وكالحديدِ ثقيلٌ وَزْنُهُ زُبَر
أَو كالعيونِ فهذِي حَظُّها حَوَلٌ / يَغُضُّ منها وهذِي حَظُّها حوَرُ
يا قائداً قاد من وَصْفِي لِعِتْرَتِهِ / ما تَحْمِلُ المِسْكَ عن أّنْفِاسِهَا العِتَرُ
للهِ دّرُّ حَيَاءٍ حُزْتَهُ وَحياً / كأَنَّكَ العَضْبُ فيه الأّثْرُ والأَثَر
تثيرُ بالقولِ أَو تُثْرِي مُجَانَسَةً / فلفظُكَ الضَّرَبُ المعسولُ والضَّرَرُ
وفي يمينِكَ يَجْري كَيْفَ تَأْمُرُهُ / ما يحسُدُ الذِّكْرَ عَنْهُ الصارِمُ الذَّكَر
تلك اليراعةُ من تلك اليَرَاعَةِ إِنْ / تُقَصِّر السُّمْرُ عنها طَوَّلَ السَّمَرُ
وكم تشاجَرَ أَقوامٌ فقلتُ لهُمْ / إِن الأَصولَ عليها تنبتُ الشجَرُ
أَنالَني في اغترابِي كُلَّ مُغْرِبَةٍ / فما النفيرُ بمعدومٍ ولا النَّفَر
وشَدَّ أَزْرِي فلم أَحفِلْ بنائبةٍ / تقول أَنيابُها هيهاتَ لاَ وَزَرُ
من بعدِ ما قَرَّعَتْنِي كل قارِعَةٍ / أَيامُها الحُمْرُ من أَعْيَانِها الحُمُر
وبِتُّ أَضرِبُ بالأَشعارِ طائِفَةً / لو أَنَّهُمْ ضُرِبُوا بالسَّيْفِ ما شَعَرُوا
إِذَا نَحَتُّ القوافِي من مقاطِعِها / قالوا تَكَلَّفْ لنا أَنْ تَفْهَمَ البَقَرُ
إِليكَ جئتُ بها عذراءَ منشِدَةً / لا عُذْرَ عندَكَ إِنْ لَمْ تُفْضَض العُذَر
أَنْصَفْتُهَا بكَ نِصْفَ الشهرِ شَيِّقَةً / تكادُ لو أُخِّرَتْ للفِطْرِ تَنْفَطِر
وطابَقَتْكَ فمنها الدُّرُّ منتظِمٌ / كما رأَيتَ ومنكَ الدُّرُّ منتثِرُ
أَرَابَهُ البانُ إِذ لم يَقْضِ آرابا
أَرَابَهُ البانُ إِذ لم يَقْضِ آرابا / فارتدَّ ناظرُهُ المرتادُ مرتابا
وكان أَوطانَ أَوطارٍ محَاسِنُها / تَسْتَنْفِذُ اللَّفْظَ إِطراءً وإطرابا
حيثُ المغانِي غَوَانٍ ما اشْتَكَتْ يَدُها / يوماً من الخُرَّدِ الأَترابِ إِترابا
ولا أَلَمَّ بها مثلي بأَدْمُعِهِ / فاستَعْجَزَ الغَيْبَ إِرباءً وإِربابا
يا حبذا البانُ إِذ أَجني فَوَاكِهَهُ / على ذُرَى البانِ أَعناباً وعُنَّابا
وإِذْ أَبِيتُ وكأْسُ الراح مالئَةٌ / كَفِّي حَبَاباً وطَرْفِي فيه أَحْبَابا
سقاهُ كالدَّمْعِ إِلا ما يُؤَثِّرُهُ / فإِنه مَنَع الإِجْدَاءَ إجْدَابا
وجَرَّ فيه كأَنفاسِي غَلاَئِلَهُ / شَذاً تقولُ له الأَطْنَابُ إِطْنابا
قِفَا لأَعْتِبَ دَهْراً لانَ ثُمَّ عَسَى / عَسَاهُ يُعَقِبُ هذا العَتْبَ إِعْتَابا
واستنزِلاَ بلطيفٍ من حديثِكُمَا / قلباً طواهُ على الأَحقادِ أَحْقَابا
للهِ ما ضَمَّتِ الأَوزاعُ من قَمَرِ / أَرْخَى ذوائِبَ عنهُنَّ الدُّجَى ذَابا
أُغَمِّضُ اللحْظَ منه حينَ ينظُرُ عن / جفنٍ هُوَ النصلُ إِرهافاً وإِرهابا
وربما زارَني زَوْراً وشَقَّ إِلى / وَصْلِي حِجاباً يراعيهِ وحُجَّابا
ما كنتُ أُسْكِرُ طرْفِي من مُدامِ كَرًى / لو لَمْ يُحَرِّمْ على الإِصْحَاءِ أَصحابا
يا مَنْ إِذا ما وَفَى اسْتَوْفَى الحُشَاشَةَ لا / عَدِمْتُ حالَيْكَ إِعطاءً وإِعْطَابا
ومُغْرِياً جَفْنَ عَيْنِي بالمنامِ لقد / أَبدَعْتَ في ذلك الإِغراءِ إِغْرَابا
وفاضَ لي من أَبي الفَيَّاضِ بَحْرُ نّدًى / أَنشا سحاباً من المعروفِ سَحَّابا
المالكَ الموسعَ الأَملاكَ ما بَرَقَتْ / صوارِمُ الحَرْبِ إِجلاءً وإِجلابا
والمُقْطِعَ المعشرَ الراجينَ ما لقِحَتْ / سمائمُ الجدب إِنهالاً وإِنهابا
والبانِيَ المجدَ صَرْحاً من تِلاوَتِهِ / أَنا الَّذي أَبْلَغَ الأَسْبَابَ أَسْبابا
أَفناؤهُ الخُضْرُ تستَدْعِي بنَضْرَتِها / معاشِرَ الناسِ إِرْعاداً وإِرْعابا
هِيَ الحِمَى حَلَّ منهُ أَو نَأَى وكَذَا / كَ الليثُ إِنْ غابَ يَحْمِي بَأُسُهُ الغابا
شَهْمٌ هُوَ السَّهْمُ تسديداً لشاكِلَةٍ / مَهْمَا أَصابَ شَفَى للدينِ أَوْصابا
غَضَنْفَرٌ لا يزالُ الماضِيانِِ له / إِن حادِثُ الدَّهْر نابَ الظُّفْرَ والنابا
منْ كلِّ أبْيَضَ مهما التاجُ في وَهَجٍ / أَقامَ يُلْهِبُ نارَ الحربِ إِلهابا
وكُلَّ أَسْمَرَ مهما جالَ في حَرَجٍ / وانسابَ أَلْحَقَ بالحَيَّاتِ أَنْسابا
لفَّ الشجاعَةَ منه بالتُّقَى فغدا / يُريكَ من دِمْنَةِ المحرابِ مِحْرَابا
نَجْلُ الأَكابِرِ والأَمْلاكِ ما بَرِحُوا / للمُلْكِ مُنْذُ رُبُوا في الحِجْر أَرْبَابا
عَليه شَبُّوا ومن أَثْدَائِهِ رَضَعُوا / حتى لَصَارَتْ لَهُمْ آدابُه دَابا
طالوا وطابوا ومهما طالَ مكرُمَةً / فَرْعُ امرِىءٍ في العُلاَ فالأَصلُ قد طابا
نَهَّابُ أَعدائِهِ وَهَّابُ أَنْعُمِهِ / أَحْسِنْ بحالَيْهِ نهَّاباً وَوَهَّابَا
لِلْجُودِ والبَأْسِ أَحزابٌ بِرَاحَتِهِ / ساقَتْ إِليه جيوشُ الشُّكْرِ أَحْزَابا
أَتَتْ إِليه بناتُ الشِّعْرِ قاصِدَةً / وَكَمْ أَتَتْ قبلُ خَطَّاراً وخَطَّابا
من كُلِّ مُلْهَبَةِ الأَلفاظِ مُذْهَبَةٍ / تُشَعْشِعُ الطِّرْسَ إِلهاباً وإِذْهَابا
تَوَقَّدَتْ فَلَوَانَّ المَرْءَ يُنْشِدُها / في شهرِ كانُونَ ظنُّوا آبَ قَدْ آبَا
كم مِنْ حقائِبِ أَحْقابٍ قد امْتَلأَتْ / بشُكْرِ بِرِّكَ إِنجازاً وإِنْجابا
من كانَ مثلَكَ يُرْجَى خَيْرُهُ أَبّدًا / رَأَى جميعَ شهورِ العامِ أَرْجَابا
لو لَمْ يُحَرَّمْ على الأَيامِ إِنجادِي
لو لَمْ يُحَرَّمْ على الأَيامِ إِنجادِي / ما واصَلَتْ بَيْنَ إِتْهامي وإِنْجادِي
طوراً أَسيرُ مع الحيتانِ في لُجَجٍ / وتَارةً في الفيافي بَيْنَ آسادِ
إِمّا بِطامِرَةٍ في ذَا وَطارِمَةً / أو في قَتَادٍ على هذا وأَقْتادِ
والناسُ كُثْرٌ ولكنْ لا يقدَّرُ لي / إِلا مرافَقَةُ المَلاَّح والحادي
هذا ولَيْتَ طَرِيقَيْ ما رَمَيْتُ لَهُ / مَسْلُوكَتَانِ لِرُوَّادٍ ووُرّادِ
وما أَسيرُ الى رومٍ ولا عربٍ / لكنْ لريحٍ وإِبراقٍ وإِرعادِ
أَقلَعْتُ والبَحْرُ قد لانَتْ شكائِمُهُ / جِدًّا وأَقلَعَ عن مَوْجٍ وإِزْبادِ
فعادَ لا عاد ذا ريحٍ مُدَمِّرَةٍ / كأَنَّها أُخْتُ تلك الرّيحِ في عادِ
ولا أقولُ أَبَى لي أَن افارقَكُمْ / فحيثُ ما سِرْتُ يلقاني بمِرْصادِ
وقد رأيتُ به الأَشراطَ قائِمَةً / لأَنَّ أَمواجَهُ تجرِي بأَطْوادِ
تعلُو فلولا كتابُ اللِه صَحَّ لنا / أَنَّ السّموات منها ذاتُ أَعمادِ
ونحنُ في منزلٍ يُسْرَى بِسَاكِنِهِ / فاسْمَعْ حديثَ مُفيمٍ بَيْتُه غادِ
أَبِيتُ إِنْ بِتُّ منها في مُصَوَّرَةٍ / من ضيقِ لَحْدٍ ومن إِظلامِ أَلْحادِ
لا يَسْتَقِرُّ لنا جَنْبٌ بمضْجَعِهِ / كأَنَّ حالاتِنا حالاتُ عُبَّادِ
فكم يُصَعَّرُ خَدٌّ غيرُ مُنْعَفِرٍ / وكم يَخِرُّ جبينٌ غيرُ سَجَّادِ
حتى كأَنَّا وكَفُّ النَّوْءِ تُقْلِقُنا / دراهمٌ قَلَّبَتْها كفُّ نَقَّادِ
وإِنما نحن في أَحشاءِ جاريةٍ / كأَنما حَمَلَتْ مِنَّا بأَوْلادِ
فلا تعُدُّوا لنا يومَ السَّلامَةِ إنْ / حُزْنا السَّلامَةَ إِلاَّ يومَ مِيلادِ
يا إِخوتي ولنا من وُدِّنا نَسَبٌ / على تبايُنِ آباءٍ وآجدادِ
نقرا حُروفَ التَّهَجِّي عن أَواخِرِها / ونحنُ نَخْبِطُ منها في أبي جادِ
ولا تلاوةَ إِلاَّ ما نُكَرِّرُهُ / من مُبْتَدَى النَّحْلِ أو من مُنْتَهَى صادِ
متى تُنَوِّرُ آفاقُ المنَارَةِ لي / بكوكبٍ في ظلامِ الليل وَقَّادِ
وأَلحَظُ الشُّرفاتِ البِيضَ مُشْرِفَةً / كالبَيْضِ مُشْرِفَةً في هامِ أَنْجادِ
وأَستجِدُّ من الباب القديمِ هوًى / عنِ الكنيسةِ فيه جُلّ أَسْنَادي
بِحيثُ أَنْشِدُ آثاراً وأُنْشِدُهَا / فَيُبْلِغُ العُذْرَ نِشْدانِي وإِنشادي
القصرُ فالنخلُ فالجَمَّاءُ بينهما / فالأثلُ فالقَصَبَاتُ الخُضْرُ فالوادي
عَلِّي أَروحُ وأَغدو في معاهِدِها / كما عَهِدْتُ سَقَاها الرَّائحُ الغادي
متى تعودُ ديارُ الظَّاعنينَ بِهِمْ / والبينُ يطلُبُهمْ بالماءِ والزَّادِ
مُنْتَابُ مِصْرِكُمَا بالرِّفْدِ مَغْمورُ
مُنْتَابُ مِصْرِكُمَا بالرِّفْدِ مَغْمورُ / وبابُ مِصْرِكُمَا بالوَفْدِ مَعْمُورُ
وَأَنْتُمَا في أَيادِي المُلْكِ أَسْوِرَةٌ / تَزِينُهُ وعلى أَطرافِهِ سُور
وفي قلوبِ أُناسٍ من صَفاتِكُما / نارٌ وفي أَعْيُنٍ من مَعْشَرٍ نُورُ
رَقِيتُما أَيها البَدْرَانِ مَنْزِلةً / يُقَصِّرُ البَدْرُ عنها وَهْوَ مَعْذُورُ
الله أَكبرُ لَمْ أَنْطِقْ بمُبْدَعَةٍ / فشأْنُ مَنْ نَظَرَ الأَقمارَ تكبيرُ
لا عُذْرَ للشِّعْرِ فَليبلُغْ مبالِغَه / هيهاتَ ذا قِصَرٌ فيه وتقصيرُ
هذي مآثرُ من أَضْحَى لأَخْمَصِهِ / على الأَثيرِ من الأَفلاكِ تأْثيرُ
الحمدُ لله زالَتْ كُلُّ داجِيَةٍ / عَنَّا وبالصُّبحِ تنجابُ الدّياجيرُ
لِمَ لا أَخِرُّ وهذا الطُّولُ يأْمُرُنِي / بما تقدَّمَهُ من غيرِيَ الطُّورُ
أَمرُ الأَميرَيْنِ عندَ الدهرِ مُمْتَثَلٍ / فالدهرُ كالعبدِ منهيٌّ ومأْمورُ
الناظمَيْنِ رياضَ المَجْدِ فوق رُباً / نُوَّارُها بنسيم الحَمْدِ منثورُ
والمانعينَ سبيلاً عَزَّ مَسْلَكُها / وهل يغارُ لها إِلا المَغَاويرُ
والمطلقينَ الثَّناءَ الجَمَّ في شِيَمٍ / ببعضِهِنَّ الثَّناءُ الجَمُّ مأْسورُ
والمالكينَ بِيُمْنَى ياسِرٍ دُوَلاً / لولاهُ لَمْ يَتَّفِقْ فيهِنَّ تيسيرُ
هُوَ الَّذِي حَلَّ أَزرارَ الجماجِمِ عن / عُرَى الرّقابِ وجَيْبُ النَّقْعِ مَزرورُ
وباتَ ينصِبُ غَرْبَ السيفِ في يَدِهِ / فَيَنْثَنِي وبه مَنْ شاءَ مَجْرُورُ
أَدارَ فوقَ الحصونِ الشُمِّ كَأْسَ وغًى / بِخَمْرِها كُلُّ مَنْ فيهِنَّ مخمورُ
وظنَّ أَملاكُها منها لهم وَزَراً / فقال فَتْكُ ظُباهُ ظَنُّكُمْ زورُ
وكم أَخافَ وما الصَّمْصامُ مُنْثِلمٌ / في راحَتَيْهِ ولا الخَطِّيُّ مأْطورُ
أَذا سجا بَحْرُ ذاكَ الفَتْكِ من يدِهِ / فلا تقُلْ إِنه بالعفو مسجورُ
كم غُرَّ قومٌ إِلى أَن غَرَّروا سَفَهاً / وربما ركِبَ التَّغْريرَ مَغْرورُ
ومَعْرَكٍ لا حِمَى الإِسلامِ مُنْكَشِفٌ / منه ولا جانبُ المُرَّاقِ مَسْتُورُ
أَجالَ جَهْمَ المُحَيَّا من قساطِلِهِ / بمُرْهَفَاتٍ لها فيه أَساريرُ
وجاءَ بالأَمنِ حيثُ النجمُ ناظرُهُ / مُسَهَّدٌ وفؤادُ البرقِ مذعورُ
لِتَطْوِ من دونِهِ الأَخبارُ طائِفَةً / حديثُها دونَهُ في الكُتْبِ منشورُ
راموا مَدَاهُ وخانَتْهُمْ عزائِمُهُمْ / وهل ينالُ مَطَارَ النَّسْرِ غُصْفُورُ
آلُ الزُّرَيْعِ وما أَدراكَ مَنْ زَرَعُوا / ذا الروضُ من مثلِ ذاكَ الغيثِ ممطورُ
هُم الذين لهُمْ في كلِّ مَكْرُمةٍ / دِكْرٌ على أَلسُنِ الأَيامِ مذكورُ
هُم البدورُ ومن أَيْمانِهِمْ بِدَرٌ / ما شئتَ مِنْ ذَيْنِ قُلْ فيهِ دَنَانيرُ
المَدْحُ منهم بما أَبْدَتْ محاسِنُهُمْ / مُخَبِّرٌ ومُجيدُ المدح مخبورُ
تحيى أَساطيرَ ما أَملَى الوَرَى ولَهُمْ / مَجْدٌ على جِبْهَةِ التخليدِ مسطورُ
إِليكَ من مَلَكٍ سامٍ ومن مَلِكٍ
إِليكَ من مَلَكٍ سامٍ ومن مَلِكٍ / كانَتْ لنا الفُلْكُ مَرْقَاةً إِلى الفَلَكِ
فُزْنا بتقبيل أَرضٍ قد وطِئْتَ بها / باتَ السِّماكُ يراها أَرْفَعَ السُّمُكِ
واحْطُطْ سُرادِقَكَ المضروب عن قَمَرِ / فإِنَّما هو مَحْبُوكٌ منَ الحُبُكِ
واسحَبْ على السُّحْبِ إِنْ كَفَّتْ وإِنْ وَكَفَتْ / أَذيالَ منسكبٍ جارٍ بمُنْسَبِكِ
ضَرَبْتَ من سِكَّكِ الحربِ المُبَادِ بها / ما صَيَّرَ اسْمَكَ مضروباً على السِّكَكِ
ما دون بأْسِكَ بالٌ غيرُ مُنْكَسِفٍ / ولا دَمٌ من عدُوٍّ غيرُ مُنْسَفِكِ
يفديكَ مَنْ لَمْ يَزَلْ تعلُوهُ في دَرَجٍ / ولم يَزَلْ دُونَها ينحَطُّ في دَرَكِ
أَحَلَّكَ السَّعْدُ فوق البدرِ منزِلَةً / من أَجْلِهَا هُوَ لا يَنْفَكُّ في الحَلَكِ
وبات ذو التَّاجِ فيما أَنتَ تأْمُرُهُ / يا ذا الذُّؤابةِ مشفوعاً بذِي الحُبُكِ
دانَتْ لَكَ الصِّيدُ خوفاً أَن تَصَيَّدَهَا / لما قَذَفْتَ بأَهْلِ الشِّرْكِ في الشَّرَكِ
أَلْفَتْكَ والفَتْكُ حالٌ مُذْ شُغِفْتَ بها / لم يُنْسِكَ الدِّينُ فيها حُرْمَةَ النُّسُكِ
تركتَ بعد بلالٍ كُلَّ صالحةٍ / كانت له خَيْرَ ما أَبقى من التِّرَكِ
والمُلْكُ أَهَّلَكَ اللُّه اللطيفُ له / من بعدِ ما كادَ أَنْ يُشْفِي على الهَلَكِ
أَنْزَلْتَ دُونَ مطاهُ كُلَّ مرتكِبٍ / بناهضٍ من مُراعٍ غيرِ مُرْتَبِكِ
لك الحصونُ فإِنْ كانت مُمَنَّعَةً / ما بين مُنْتَهِكٍ بادٍ ومُنْتَهَكِ
أَلقَتْ إِليك مقاليدَ الأُمورِ بها / غاراتُ مُضْطلعٍ بالخطبِ مُحْتَنِكِ
رأَوْا حُسامَكَ ما أَضْحَكْتَ صَفْحَتَهُ / إِلا وأَبْكَيْتها من شِدَّةِ الضَّحِكِ
فَسَلَّمُوها وتَهْنيِهِمْ مُسَالَمَةٌ / رَمَتْ بِمُعْتَكَرٍ عنهم ومُعْتَرَكِ
ما أدركوا سَعْيَكَ العالي وما بَلَغُوا / فهَلْ عليهم إِذا خافوك من دَرَكِ
يهنى الأَميرَيْنِ أَنَّ الملكَ مُتَّصِلٌ / حتى تقومَ ملوكُ الأرْضِ للمَلِكِ
بدرانِ جاءَا منَ العَلْيَا بمُشْتَبِهٍ / منَ العوالي عليه كُلُّ مُشْتَبِكِ
فكُلَّما استركا فيما به انفردا / جِئْنَا بمنفردٍ منهم ومُشْتَرِكِ
يا من يُحَدِّثُ عن يامٍ بمُؤْتَنِفٍ / من مَجْدِها قُلْ وبالِغْ غَيْرَ مُؤْتَفِكِ
أَوصافُ آلِ زُرَيْعٍ رَفَّ مَنْبِتُها / فبات حاسِدُها الأَشقى على الحَسَكِ
والمُلْكُ شمسٌ ولولا ياسِرٌ أُخِذَتْ / كما أُدُلكت تلكَ الشمسُ في الدَّلَكِ
ذو الحِلْمِ يُرْمَى حِراكٌ بالسُّكونِ له / والكيدِ يُرْمَى سكونٌ منه بالحَرَكِ
في آلةِ البأْسِ والأَيامُ باسِمَةٌ / فإِنْ شَكَكْتَ فَسَلْ مَسْرُودَةَ الشِّكَكِ
وقُلْ لمَنْ ورِثَتْ أَعمارَهُمْ يَدُهُ / أَفناكُمُ السَّعْيُ في السَّمُّورِ والفَنَكِ
هذا هُوَ العُرْوَةُ الوُثْقَى لمُمْسِكِها / عزًّا فلا انفصَمَتْ في كفِّ مُمْتَسِكِ
هذا هُوَ البَحْرُ لم تُتْرَكْ مواهِبُهُ / والبحرُ من آخِذٍ منه ومُتَّركِ
لم يَحْكِ جُودَ يَدَيْهِ الغيثُ منهمِراً / ومثلَ ما حِكْتَ فيه الرَّوْضُ لَمْ يَحِكِ
شِعْرٌ هُوَ المِسْكُ مفتونًا لنا شِقِهِ / تَضُوعُ من رَبَّةِ الخَلْخَالِ والمَسَكِ
يَجْرِي بغيرِ حجابٍ في اللَّهَاةِ إِذا / ما غَيْرُهُ كان منشوباً على الحَنَكِ
لَمْ يَشْفِ طيفُكَ لما زارني أَلَمَا
لَمْ يَشْفِ طيفُكَ لما زارني أَلَمَا / وإِنما زادَني إِلْمَامُهُ لمَمَا
سَرَى إِلَيَّ وطَرْفُ الليلِ مَرْكَبُهُ / والبَدْرُ إِنْ رَكِبَ الظلماءَ ما ظَلَما
ولم يزل يَدَّعي زُوراً زيارَتَه / حتى تَمَلَّكَ مِنِّي الحِلْمَ والحُلُما
نادَمْتُه فَسَقَاني كأْسَ مُرْتشَفٍ / يُفنِي النديمُ عليها كَفَّهُ نَدَما
حتى إِذا شابَ فَوْدُ الليلِ وانْعَطَفتْ / قناتُه وتدانَى خَطْوُهُ هَرَما
وقمتُ أَعثُرُ والأَشواقُ تَنْهَضُ بِي / فما تقدَّمْتُ من سُكْرِي به قُدُما
قال السلامُ على مَنْ لو مَرَرْتُ به / أَهْدَي السَّلاَم له يَقْظَانَ ما سَلِمَا
واهْتَزَّ كالغُصُنِ المنآدِ فانْتَثَرَتْ / مدامِعِي حَوْلَهُ العُنَّابَ والعَنَمَا
ورُحْتُ أَعبدُ منه دُمْيَةً فَرَضَتْ / تقريبَ قَلْبِي في دِينِ الغرامَ دَمَا
وَجْدُ طَلَبْتُ له كَتْماً فأَردَفَنِي / شَيْباً ثَنَانِيَ أَيضاً أَطلُبُ الكَتمَا
ولِمَّةٌ مُذْ هَفَتْ منها مُلِمَّتُهُ / عادَتْ رماداً وكانِتْ قَبْلَهُ فَحَما
وقد تَلَفَّتُ أَثناءَ الشبابِ فَمَا / رأَيتُ إِلا هموماً حُوِّلَتْ هِمَمَا
فَالسَّيْرَ حتى تَقُولَ العِيسُ من خمر / صِرْنَا رُسُوماً وكُنَّا أَيْنُقاً رُسُما
من كُلِّ منهومَةِ ما غَرثَتْ / إِلاَّ الْتَقَمْتَ عليها المَهْيَعَ اللَّقَما
في عُصْبَةٍ كلَّما شامَتْ صوارمَهُمُ / يَدُ الحفيظةِ في جِنْحِ الدُّجَى انْصَرَما
عاطَيْتُهُمْ غَيْرَ بنتِ الكَرْمِ من سَمَرٍ / على تعاطيهِ رحنا نذكر الكَرَما
فكلما قِيلَ نجمُ الدينِ قَد وَضَحَتْ / أَنوارُه فَمَحَوْنَ الظُّلْمَ والظُّلَما
قلنا وعاد إِلى شَرْخ الشبابِ به / جودٌ مضى هَرِمٌ عنه وقد هَرِما
مَلْكٌ تَحرَّمت الدنيا بسطوتِهِ / فردَّها وهي حِلٌّ والنَّدَى حَرَما
هو الغَمامُ الذي ما حَلَّ في بَلَدٍ / إِلاَّ أَفاضَ دماءً منه أو دِيَمَا
وَهْوَ الحسامُ الذي قالت مضارِبُه / خيرُ الحسامَيْنِ في الأدواءِ مَنْ حَسَما
يطيع سامٌ وحامٌ ما يشير له / ولم يطع قَطُّ إِلاَّ من سَمَا وحَمَى
ذو الحَزْمِ شَدَّ على عِطءفَيْهِ لأْمَتَهُ / في سَلْمِهِ وعلى أفراسِهِ الحُزُما
وذو الرّياحِ التي إِن أَعْصَفَتْ قَصَفَتْ / عيدانَ نَجْدٍ وجدَّت بعدها الرَّتَما
كأَنما الدَّهْرُ أَفْشَيْنٌ نَخِرُّ لَهُ / وقد أَقامَ عليه سَيْفَهُ صَنَمَا
إِنْ قال آل مَصَالٍ منه من يَمَنٍ / قال الأَغالِبُ من مُرٍّ ولا سِيَما
أَمْلَى على العُرْبِ من تدبيرِهِ سِيَراً / في مِضْرَ هزَّتْ على فُسْطَاطِها الْعَجَمَا
فالآنَ أَضْبَحَتِ الآباءُ واحِدَةً / والشَّمْلُ مجتمعاً والشَّعْبُ مُلْتَئِما
رَأْيٌ له بَذَلَ الإِقْليمُ طاعَتَه / فلو يشاءُ كفاه السَّيْفَ والقلما
حَسْبُ البُحَيْرَةِ أَنَّ اللَّه صَيَّرها / بحراً به زاخِرَ الأَمواجِ ملتطما
كم خاضَ ضَحْضَاحَها من غارقٍ فَنَجَا / حتى أَفاضَ عليها سَيْبَهُ العَرما
بالخيلِ يحملُ من فرسانِها أَسداً / والأُسْدِ يحملُ من أَرماحِها أَجَمَا
لِلسَّيْفُ في كفِّهِ نارٌ على عَلَمٍ / إِن كنتَ يوماً سَمِعْتَ النارَ والعلما
يَجْلُو البهيمَ ويحمي البَهْمَ سارِحةً / ويستجيش لكَشْفِ المُبْهَمِ البُهَما
والأَرْضُ ما مَرَّ مجتازُ النسيمِ بها / إِلاَّ تغالَتْ فكادَتْ تُنْبِتُ النَّسَما
فالحمدُ للِّه سدَّ السيفُ ثُلْمَتَها / وعاوَدَ الغِمْدَ محموداً وما انْثَلمَا
فَلْيَبْتَسمْ بكَ ثغرٌ قد جعلْتَ له / ثغراً عن الحسن والإِحسان مبتسما
يجري النَّهارُ على أَنيابِه شنَباً / ويصبِغُ الليلُ منه في الشِّفاهِ لَمَى
حتى نقولَ وكُنَّا قبلَ معرفةٍ / سُبْحانَ عَدْلِكَ أَضحى يَنْقُلُ الشِّيَما
ألْحِقْ بَنَفْسِجَ فَجْرِي وَرْدَتَيْ شَفَقِي
ألْحِقْ بَنَفْسِجَ فَجْرِي وَرْدَتَيْ شَفَقِي / كافُورَةُ الصُّبْحِ فَتَّتْ مِسْكَةَ الغَسَقِ
قد عطَّلَ الأُفْقُ من أَسْمَاطِ أَنْجُمِهِ / فاعْقِدْ بخَمْرِكَ فينا حِلْيَةَ الأُفُقِ
قُمْ هاتِ جامَكَ شمساً عند مُصْطَبَحٍ / وخَلِّ كأْسَكَ نَجْماً عندَ مُغْتَبِقِ
واقسِمْ لكُلِّ زمانٍ ما يليقُ به / فإِنَّ للزَّنْدِ حَلْياً ليس لِلْعُنُقِ
هبَّ النسيمُ وهبَّ الرّيم فاشتركا / في نَكْهِةٍ من نسيمِ الرَّوْضَةِ العَبِقِ
واسْتَرْقَصَتْنِيَ كاسْتِرْقَاصِ حامِلِها / مُخْضَرَّةُ الوُرْقِ أَو مُخْضَرَّةِ الوَرَقِ
وبتُّ بالكأْسِ أَغنَى الناسِ كُلِّهِمُ / فالخمرُ من عسجدٍ والكأْسُ من وَرِقِ
كم ورَّدَتْ وجناتُ الصِّرْفِ في قدحٍ / فتحت بالمزج ما يعلوه من حذقِ
يَسْعَى بها رَشَأٌ عيناه مُذْ رَمَقَتْ / لم يُبْقِ فِيَّ ولا فيها سوى الرَّمَقِ
حَبَابُها وأَحادِيثي ومَبْسِمُهُ / ثلاثَةٌ كلُّها من لؤلؤٍ نَسَقِ
حتى إِذا أَخَذَتْ منا بسَوْرَتِها / ما أَخَذَ النَّوْمُ من أَجفانِ ذي أَرَقِ
ركبتُ فيه بحاراً من عجائِبها / أَنِّي سَلِمْتُ وما أَدرِي من الغَرَقِ
ولم أَزَلْ في ارْتِشافِي منه رِيقَ فم / أَطفأْتُ في بردِهِ مشبوبةَ الحُرَقِ
يا ساكنَ القلبِ عما قد رَمَيْتَ بِهِ / من ساكنِ القلبِ مُغْمًى فيه من قَلَقِ
لا تَعْجَبَنَّ لكل الجسمِ كيف مَضَى / وإِنَّما اعْجَبْ لبعضِ الجِسْمِ كيفَ بَقِي
لم أَستَرِقْ بمنامي وصلَ طيفِهِمُ / فما لهُ صارَ مقطوعًا على السَّرَقِ
ولا اجْتَلَى الطَّرْفُ برقًا من مباسِمٍهٍمْ / فما له مثلَ صوبِ العارِضِ الغَدِقِ
في الهندِ قد قيل أَسيافُ الحديدِ ولو / لا هندُ ما قيلَ أَسيافٌ من الحدقِ
نسيتُ ما تحت تفتيرِ الجفونِ أَمَا / خُلُوقَهُ الجَفْنِ أَثْرُ الصَّارِمِ الذَّلِق
وبِتُّ بالجِزْعِ في آثارهم جَزَعاً / إِن جرّد البَرْقُ إِيماضاً على البُرَقِ
في نار وجدِيَ مغْنًى من تَلَهُّبِهِ / وفي فؤادِيَ ما فيه من الوَلَقِ
خوفٌ أَبو القاسِمِ الأَرزاقَ قَسَّمَهُ / عني فقد صحَّ إِفْراقِي منَ الفَرَقِ
القائدُ الضِّدَّيْن في شِيَم / كالماءِ يجمع بينَ الرِّيِّ والشَّرَقِ
تهلَّلَ الوجهُ منه مثلَ شمسِ ضُحًى / وانهَلَّتِ اليدُ مثل العارضِ الغَدقِ
وجدَّد النِّعَمَ اللاتي نَثَرْتُ لها / أَزاهِرَ الرَّوْضِ باسْمِ المَلْبَسِ الخَلَقِ
وحازَ وَصْفِي رقيقٌ رائِقٌ فَلَهُ / تَشَابَهَ الحُسْنُ بيْنَ الخَلْقِ والخُلُقِ
وثقَّل المَنَّ حتى رُمْتُ أَحمِلُهُ / على عواتِقِ أَمْداحِي فَلَمْ أُطِق
فلَسْتُ أَعرِفُ عَمَّا ذا أَقولُ له / خَفِّفْ عُنق الأَشعارِ أَم عُنُقي
مُضَمَّرُ العَزْمِ لو جاراهُ في طَلَقٍ / من بَطْشَةِ البَرْقِ لم يُوجَدْ بمُنْطَلِقِ
رياسَةٌ تَطَأُ الأَعناقَ صاعِدَةً / فلا كَبَتْ وَهْيَ بَيْنَ النَّصِّ والعَنَقِ
خُصَّتْ بنِي الحَجَرِ الياقوتِ واعْتَزَلَتْ / قوماً همُ الحَجَرُ المَرْمِيُّ في الطُّرُقِ
تخالَفَ الناسُ إِلا في فضائِلِهِمْ / فليسَ تُبْصِرُ فيها غيرَ مُتَّفِقِ
مراتبٌ لأَبي بكرٍ بلها سَبَقٌ / كما أَبو بكرٍ المخصوصُ بالسَّبَقِ
مُهِمَّةُ عُمَرٌ فيها رأَى عُمَرًا / فضمَّها عنده الفاروقُ في فَرَق
وبَسْطَةٌ يرتقي عثمانُ هَضْبَتَها / رُقِيَّ عثمانَ إِلا ساعة الزَّلَقِ
فضلٌ أَبو القاسِمِ المشهورُ قَسَّمَهُ / فيهم فهُمْ في بهيمِ الدّهرِ كالبَلقِ
ولم تَزَلْ لعليٍّ فيه أَوْ حَسَنٍ / فَألٌ عُلُوٌّ وحُسْنٌ غير مُعْتَلَقِ
وطاهِرٌ طاهِرٌ الأَعراضِ من دَنَسٍ / يدنو وخيرونُ ضَيْرُ الرَّاهِنِ الغَلَقِ
وللفتوحِ من الخيراتِ أَجْمَعُها / أَبو الفتوحِ الذي صُفِّي من الرَّنَقِ
تباركَ اللُّه بارِي المجدِ من حَمَإِ / وخالِقُ الكَرم الفيَّاضِ من عَلَقِ
فشِدْ وسُدْ واستزدْ واسعَدْ وجُدْ وأَجِدْ / وسُق وأَرْق وفُقْ واسْمُق وشِقْ ورُقِ
وإِنْ يَكُنْ فِيَّ جسمٌ عن ذَراكَ مَضَى / فإِنَّ عندكَ قلبًا في ذراك يَقِي
للِّه دَرُّ مِجَنٍّ قد جُنِنْتُ بِهِ
للِّه دَرُّ مِجَنٍّ قد جُنِنْتُ بِهِ / صِيغَتْ كوابجه منه على قَدَرِ
لم يُخْطِ تشبيهَهُ مَنْ قالَ حينَ بَدَا / إِنَّ الثُّريَّا بَدَتْ في صَفْحَةِ القَمَرِ
هذي المَحاسِنُ قد أُوتيتَها هَذِي
هذي المَحاسِنُ قد أُوتيتَها هَذِي / فكلُّ شخصٍ تعاطى شَأْوَها هاذِي
أَقْسَمْتُ بالنَّحْلِ إِنَّ النحلَ قائلةٌ / مَاذِي الحلاوَةُ مِمَّا تُحْسِنُ الماذِي
أَنْفَذِتَ شِعراً فَأَنْفَذْتَ القُوَى فَجَرى / شَكْوَى وشُكْرٌ لإِنفاذٍ وإِنْفَاذِ
وقُمْتَ لي في جفاءٍ من صِقِلِّيَةٍ / بلُطْفِ مِصْرَ عليه ظَرْفُ بغْداذِ
إِنْ كان طبْعُكَ من ماءٍ ورقَّتِهِ / فإِنَّ ذاكَ فِرِنْدٌ بَيْنَ فولاذِ
وما وَهَمْتُ ففي التلميذِ مَعْرِفَتي / حقًّا لأَنَّكَ معروفٌ بأُسْتَاذي
الله يَعْلَمُ لولا أَنتَ ما جُعِلَتْ / يَدِي على كَبِدٍ للبَيْنِ أَفْلاذِ
شمسُ المحاسِنِ قد أَطلَعْتَها فَلكَا
شمسُ المحاسِنِ قد أَطلَعْتَها فَلكَا / وكل فضلٍ وإِفْضَالٍ يُرَى فلَكَا
أَطاعَكَ الشعرُ فاحكُمْ فيه يا مَلِكا / وعِفَّةُ النفسِ قالَتْ فِيك يا مَلَكا
ولو تَمُرُّ على رَقٍّ أَنامِلُكا / أَرَقَّ بِالرِّقِّ كُتَّاب الأَنامِ لَكَا
إِذَا بَقِيتَ وَكان الله أَمْهَلَكا / فما تُبالِي بِمَنْ قد عاشَ أَمْ هَلَكا
وغادَةٍ عادَتِ الدنيا ببهجَتِها
وغادَةٍ عادَتِ الدنيا ببهجَتِها / ما شِئْتَ من ذاتِ أَنوارِ ونُوَّارِ
سَعْدٌ لِمَنْ رَقَدَتْ في طَيِّ ساعِدِه / قريسَةً لا بأَنياب وأَظفارِ
تَفْتَرُّ عن مَبْسِمٍ كالأُقْحُوانِ غَدَا / من ريقِهِ فَوْقَها طَلُّ النَّدى جاري
ويستعيرُ نسيمَ الريحِ رائحةً / من طِيبِ أَنفاسِها في عَرْفِهِ السَّاري
زَجَرْتُ في شأْنِها الأَطيارَ ساجِعَةً / ولم يَخِبْ قَطُّ عندي زَجْرُ أَطيارِ
هذا شِعارُكَ تكُسونِي دقائِقَهُ / وهذِه هذِهِ لا شَكَّ أَشعاري
لِذي الظُّلامة عُدَّ الظّلمُ والشّنَبُ
لِذي الظُّلامة عُدَّ الظّلمُ والشّنَبُ / وهي الى رَفعِها لولاهما سبَبُ
هيهاتَ مطفِئُ ذاكَ الوجدِ مُوقدُهُ / قد ينضِجُ الجمرُ أحياناً فيلتهبُ
وكيفَ يخمُدُ عن صبٍّ ضِرامُ جوًى / الى ضرامٍ على الخَدّين ينتسبُ
بل كيفَ لا يجبُ القلبُ الذي فعلَتْ / يدُ الصّبابةِ منه فوقَ ما يجبُ
ما هذه القُضُبُ اللُّدْنُ التي اعترضتْ / فعارضَتْ دونها الأرماحُ والقُضُبُ
عقدنَ فوق وجوه كالبدورِ لنا / أكِلّةٌ ما شككنا أنها سُحُبُ
ولو رفعْنَ سُتورَ الحُجْب لانْسدَلَتْ / من العفافِ على عاداتِها الحُجُبُ
وما النّقابُ بمُغنٍ دونَ عاقِدِه / وللجمالِ محيّا ليس ينتقِبُ
للحسن روضٌ رأيتُ اللحظَ يقطِفُه / منه الغصونُ التي يحكونَ والكُثُبُ
وللشفاهِ كؤوسٌ غيرُ دائرةٍ / لها الثغورُ وما شاهَدْتُها حَبَبُ
لا تنكِرنّ فما ذاكَ الرّضابُ سوى / من دونِه حُجُراتٌ أنه ضَرَبُ
وإن تقُلْ أُقحوانٌ فيه طلُّ ندًى / فعنْهُ حين تهبّ الريحُ ما يهَبُ
هذي العيافةُ فاحسُبْها عليّ وقُلْ / للقائدِ العفّةُ الزهراءُ والحسبُ
ورُبّ يومٍ دخانُ النّدّ صيّرهُ / ليلاً وأقداحُنا في جنْحِهِ شُهُبُ
كرَعْتُ في فضّةٍ منه وفي ذهَبٍ / لم تحْتَجِبْ فضةٌ عنها ولا ذهَبُ
خَمْراً إذا الماءُ أورى زَنْدَها بعثَتْ / عنه شَراراً على حافاتِها يثِبُ
شدّتْ لتسلبَني لُبّي فقال لها / مديرُها بلحاظي ذاك مُستَلَبُ
يا قومُ حتى بأرضِ الروم لي كبِدٌ / حرّى تُغيرُ على أفلاذها العرَبُ
فيا أبا القاسِم الشّهْمِ الذي أبداً / حُبّاً به من صُروفِ الدّهرِ مُجتَنَبُ
هلاّ كتائبُ غيرِ الحُسنِ ثائرةٌ / كيما أقولَ بها يُمناك والكُتُبُ
ما طالَ خطبي مع خَطْبٍ يحاولُني / إلا استثارَتْكَ لي الأشعارُ والخُطَبُ
أقولُ فيك فتحميني وأنتَ بما / أقولُ فيك بدَسْتِ العزّ مُنتهَبُ
عجائبٌ في المعالي ما برِحْتَ لها / مُكرَّرَ الفعل حتى لم يُقَلْ عجَبُ
واسمٌ من الفضل لم يُخْصَصْ سواكَ به / إلا كما يَستبينُ النّعْتُ واللّقَبُ
شورِكْتَ فيه فكان العودَ مشترَكٌ / في لفظِه المندَلُ الفوّاحُ والحَطَبُ
وعلَّهُ في رماح الخطّ يمنعُها / من أنْ تُقاسَ بها أشكالُها القصَبُ
جرى أبوكَ لشأوٍ ما اقتنعْتَ به / فالمجدُ عندَك موروثٌ ومُكتَسَبُ
ونلْتَ من رُتَب العَليا وغايتِها / ثمّ استوَتْ في انحطاطٍ بعدَها الرُّتَبُ
كم ملتقى طرفَيْ عُرْفٍ ومعرفةٍ / إليك جاذب وصْفَيْهِ أبٌ وأبُ
مناسِبٌ رقّ فيها وصفُ مادحِها / فليس يُدْرى نَسيبٌ ذاك أم نسَبُ
إن ينتسبْ لقريشٍ فهي طائفةٌ / إليك بعد رسولِ اللهِ تنتسِبُ
يُنْمى لها وكذا يُنمى إليكَ فهلْ / من يَحسُبُ البدرَ إذ ما فاتَه الحسبُ
وكم ثبتّ بحيث الأمن مضطرب / وما لغيرك في الآراءِ مضطربُ
فقمتَ لا العِطْفُ عمّا سامَ منعطفٌ / وقُلتَ لا القلبُ عما سامَ منقلِبُ
وفلّ ما نصَبوا من زُورِ كيدِهِمُ / ربُّ به رُدَّ عنك النّصْبُ والنصَبُ
وهل يضرّك في مالٍ محاسبةٌ / وكلُّ مالِكَ عندَ الله محتسَبُ
يا قائداً دارتِ العَليا بمنصِبه / حتى كأنّهما الأفلاكُ والقُطُبُ
شهَرْتَ ذا الشهرَ بالبرّ الذي ملأتْ / به حقائبَها من قبلِه الحِقَبُ
وهل يُخَصُّ به ذا الشّهرُ منفرداً / وكلُّ شهرٍ بما أولَيْتَه رجَبُ
لا زلْتَ عذبَ مياهِ الفضل خافقةً / عليك فوقَ رماح السّؤدُدِ العذَبُ
لا يُقتضى جودُك الأزكى لمكرمةٍ / إلا ونائلُه الفيّاضُ ينتصِبُ
وشَى بسرّكَ عَرْفُ الريح حين سَرى
وشَى بسرّكَ عَرْفُ الريح حين سَرى / وهل تأرّجَ إلا يُخبِرُ الخَبَرا
ونمّ عنك الدُجى لما استَتَرْتَ به / وعادةُ الليل ألا يَستُرَ القمرا
في مهبَطِ الوَحْي تعلو مرتَقى الأملِ
في مهبَطِ الوَحْي تعلو مرتَقى الأملِ / فافسَحْ رجاءَك واطلُبْ فُسحةَ الأجَلِ
لا تنتجِعْ للأماني بعدَهُ دُوَلاً / فقد تأمّلْتَ منه راهِبَ الدّوَلِ
وانظُرْ الى صفوةِ الخَلْقِ التي ظَهَرَتْ / للناس آياتُه عن صفوةِ الرُسُلِ
الى الإمام الذي أبدت أسرّتُه / سيما الأئمّةِ من آبائِهِ الأوَلِ
لو قامَ ينطحُ ذو القرنينِ صخرتَهُ / لعادَ واهي قرونِ الرّأسِ كالوعَلِ
طوبى لمن ترك اللذاتِ وازدجَرا
طوبى لمن ترك اللذاتِ وازدجَرا / وكان لم يقضِ من جهل الصِّبا وطَرا
يا أيها المُذْنبُ العاصي ازدَجِرْ ودَعِ ال / لّهوَ المضرَّ وكنْ بالدهرِ معتبِرا
طوبى لعبدٍ أطاعَ الله خالقَهُ / وحجّ حجّاً زكيّاً ثُمّتَ اعْتَمَرا
يا أيها الناسُ ضجّوا بالدُعاءِ لمَنْ / إذا دعاهُ مُسيءٌ مذنبٌ غفَرا
ومن زمانِكُم كونوا على حذَرٍ / فطالما بسواكُمْ ويحَكُم غدَرا
طوبى لعبدٍ أراهُ الله جنّتَهُ / وويْحَ عبدٍ أراهُ ربُّه سقَرا
ما العيشُ إلا لمَنْ ما زالَ ليلتَهُ / جنْحَ الدُجى قائماً عن ذاك ما فتَرا
كالحافظِ العالِمِ الحَبْرِ الإمامِ ومَنْ / ما مثلُه الآن في هذا الزمان يُرى
سبْطُ البنانِ لراجيه الزّمانَ فلوْ / أرادَ قبضاً على الأموالِ ما قدِرا
لما رأى الصالحُ الملْكُ السّنيُّ إذا / علاّمةُ الدهرِ أعلى الناسِ إذ نظَرا
أعطاهُ منه على رغمِ العِدى لِبِنا / مدارسٍ حبّذاها هكذا بِدَرا
من في الملوكِ كمثلِ الصّالحِ الملِكِ ال / ذي يفوحُ نَثاهُ عنبَراً ذَفِرا
كالليثِ لكن ترى يومَ الكفاح له / في هامِ الاعْداءِ طُرّاً صارِماً ذكَرا
كالغيثِ لكنْ حَيا هذا لُهًى أبدا / فمِنْ هنا هوَ حقّاً فارقَ المَطَرا
كالبحرِ لكنه تصفو مواهبُه / والبحرُ لا بدّ أن يبدو لنا كدِرا
كالشمسِ بل لو بدا للشمس أخجلها / كالبدر بل هو حقاً يُخجِلُ القمرا
إذا ارتقى في أعالي الرأيِ لاح له / ما في العيونِ إذاً عن غيره استترا
من غابَ يشهدُ أنّ الله بجّلَهُ / وأنه أوحدُ الدنيا وإن حضَرا
يا أيها الحافظ الحبر الإمام ومن / إذا بدا للورى فالفضل قد ظهرا
أنت الذي فقت أهلَ الأرضِ قاطبةً / منا فدم فبِكَ الآن العُلى افتخرا
واسلَمْ متى طلعت شمس الضُحاءِ وما / لناظرٍ لاح في جِنْحِ الدجى قمرا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025