المجموع : 117
كانوا معاني المغاني حينَ ينشدُهُمْ
كانوا معاني المغاني حينَ ينشدُهُمْ / شادٍ يجاوبُهُ حُسْنٌ وإحسانُ
ما أنتَ حينَ تُغنِّي في منازلهم / إلا نسيم الصبا والقومُ أغصانُ
يا صاحِ حقَّ لكَ التخوفْ
يا صاحِ حقَّ لكَ التخوفْ / وقلةُ السعيِ والتطوفْ
لا تقربَنْ بعدها رباطاً / قَدْ حُرِّقتْ خرقةُ التصوفْ
كَمْ مِنْ صديقٍ صدوقِ الودِّ تحسبُهُ
كَمْ مِنْ صديقٍ صدوقِ الودِّ تحسبُهُ / في راحةٍ ولديهِ الهمُّ والنَّكَدُ
لا تغبطنَّ بني الدنيا بنعمتهم / فراحةُ القلبِ لم يظفَر بها أحدُ
علَّمتَ ليثَ الشرى وثوباً
علَّمتَ ليثَ الشرى وثوباً / والسحبَ علَّمتهنَّ هطْلا
حاشاكَ ذمٌّ وكلُّ ضدٍّ / فصحَّ قولي حاشا وكلاَّ
بي أغيدٌ لو بَذَلْتُ نفسي
بي أغيدٌ لو بَذَلْتُ نفسي / في قبلةٍ منهُ لمْ أنلْها
قلتُ لهُ بينَ عاشقيه / أتاجرٌ أنتَ قال بالْها
دَعْهُ ونتفَ العذارِ إذْ ما
دَعْهُ ونتفَ العذارِ إذْ ما / يسَّرَ وصلي حتى تَعذَّرْ
بالنتفِ ثم النبات يبقى / عذارُهُ السكرَ المكررْ
طولُ المقامِ بدارِ الحرثِ برَّحَ بي
طولُ المقامِ بدارِ الحرثِ برَّحَ بي / فالحزمُ رجعايَ عن قصدي وعن طلبي
أفنيتُ عمري بلا علمٍ علمتُ ولا / خيرٍ عملتُ ولا مالٍ ولا أدبِ
إنَّ الضياعَ ضياعٌ للزمانِ وَمَنْ / يلِ المناصبَ لا ينفكَ ذا نَصَبِ
والعجزُ أوجبَ لي سلبَ الخمول ولو / شلْتُ الحمول مع الركبانِ لم أجبِ
رضيتُ راحةَ روحي فاحتُقِرْتُ ولو / تعبتُ نلتُ رخيمَ العيش في التعبِ
ومذْ صحبْتُ سوى جنسي ضنيتُ به / والشَّمعُ لولا جوارُ النارِ لم يذبِ
أَمِرْيَةٌ بعدَ تجريبي فلستُ وإنْ / رامتْ مطامعٌ تجري بي بمنقلبِ
أمْ هلْ أشكُّ وقدْ جربتهم زمناً / وعفْتُ أكرمَهم رمياً فلا وأبي
كمْ ذا أصاحبُ ذا جهلٍ أُساءُ بهِ / ترى السلامةَ منهُ خيرُ مكتسَبِ
ممَّنْ أراهُ صديقاً في اليسارِ وَلَوْ / مالَ الزمانُ تولى مسعدَ النوَبِ
فسمعُهُ عنْ مقالِ الصدقِ في صممٍ / وقلبُهُ عن فعالِ الجدِّ في لعبِ
إنْ أبكِ يضحكْ وإنْ أعقلْ يجنَّ وإنْ / أقرَّ يعبثْ وإنْ أحضرْ لهُ يغبِ
وليس يكشفُ عني ما أكابدُهُ / وما أقاسيهِ مِنْ هَمٍّ ومنْ وصبِ
إلا إمامُ الهدى قاضي القضاة وَمَنْ / أحيا العلومَ وأعلى رتبةَ الأدبِ
شيخُ الأنامِ وحيدُ العصرِ جامعُ أش / تاتِ الفنونِ بلا مَيْن ولا كذبِ
لو لم تكمِّلْ به العليا مراتبَها / ما قيلَ عنهُ كمالُ الدينِ ذو الرتبِ
ابن الأفاضلِ والغرِّ الأماثلِ وال / شهبِ الكواملِ ردءُ الناسِ في الشَغَبِ
زينُ المدارسِ جلابُ النفائسِ غ / لاَّبُ المنافس معطي القاصدِ الجدبِ
محيي الثغور ندىً مجني الكفور ردىً / مولي الشكورِ هدىً كفَّاهُ كالسُّحُبِ
يا كاملَ الفضلِ جمَّ البذلِ وافرَه / جوداً مديدَ القوافي غيرَ مقتضبِ
إني أحبُّ مقامي في حماكَ وَمَنْ / يكنْ ببابِكَ يا ذا الفضلِ لم يَخِبِ
فليتني مثلُ بعضِ الخاملينَ ولا / تكونُ توليةُ الأحكامِ مِنْ سببي
فالحكمُ مَتْعَبَةٌ للقلبِ مَغْضَبَةٌ / للربِّ مَجْلَبَةٌ للذنبِ فاجتنبِ
وإن تكنْ رتبتي في البرِّ عاليةٌ / فالكونُ عندَكَ لي أعلى من الرتَبِ
فانظرْ إليَّ وجُدْ عطفاً عليَّ عسى / رزقٌ يعين على سكنايَ في حلبِ
والبرُّ أوسعُ رزقاً غيرَ أنِّيَ في / قلبي منَ العلمِ والتحصيلِ والطلبِ
وفي المدارسِ لي حقٌّ فما بُنِيَتْ / إلا لمثليَ في حجرِ العلومِ رُبي
أهلُ الإفادةِ والفتوى أنا ومعي / خطُّ الشيوخِ بهذا فامتحنْ كتبي
وإنَّ في عمرٍ عدلاً ومعرفةً / فكيفَ يُصْرَفُ عن هذا بلا سببِ
قالوا فلمْ تطلبِ العزلَ الذي هربَتْ / منهُ القضاةُ قديماً غايةَ الهربِ
فقلتُ نحنُ قضاةَ البرِّ مهملةُ / أقدارُنا فَهْيَ كالأوقاصِ في النصبِ
مَنْ كان منَّا جريَّاً أكرموه وول / وه المناصبَ بالخطْباتِ والخطبِ
ومتقي اللهِ منَّا مهملٌ حرجٌ / مروَّعُ القلبِ محمولٌ على الكربِ
لا يعرفونَ لهُ قدراً وعفتُهُ / يخشَونَ إعداءها للناسِ كالجربِ
إنْ دامَ هذا وحاشاهُ يدومُ بنا / فارقْتُ زيي إلى ما ليسَ يجملُ بي
وقلتُ يا فقهُ فقتُ المثْلَ فيكَ فلِمْ / خصصتني بمكانٍ ما ارتضاهُ غبي
وكيفَ يا نحوُ نحوَ الخفضِ تعطفني / وَقَدْ نصبْتَ قسيَ الجزمِ في نصَبي
ترى بقولي زيدٌ ضاربٌ مثلاً / عمراً أردتَ تجازيني على كذبي
ويا أُصولُ إلى كم ذا أصولُ ومِنْ / غيرِ الدعاوى ومني الصدقُ في طلبي
ويا بديعَ المعاني والبيان خذي / غيري فقدْ أخذَتْني حرفةُ الأدبِ
يا سيدي يا كمال الدينِ خذْ بيدي / من القضاءِ فما لي فيهِ مِنْ أربِ
البرُّ يصلحُ للشيخِ الكبيرِ ومن / رمى سهاماً إلى العليا فلم يُصبِ
أما الذي عُرفَتْ بالفهمِ فطرتُهُ / فإنَّهُ في مقامِ البرِّ لم يطبِ
لا زلتَ عوناً لأهلِ العلمِ تكنفهم / ما لاحَ برقٌ وناحَ الورقُ في القضبِ
يا عالماً عاملاً قدْ جلَّ تشبيهاً
يا عالماً عاملاً قدْ جلَّ تشبيهاً / عنِ البدورِ وفي العلياءِ يحكيها
وفاضلاً فاضلاً تحوي بدايتُهُ / مِنَ النهايةِ تهذيباً وتنبيها
لا ما حججتَ بل الآدابُ أجمعُها / وما قدِمْتَ بل الدنيا وما فيها
رأى المعرةَ عيناً زانَها حَوَرٌ
رأى المعرةَ عيناً زانَها حَوَرٌ / لكنَّ حاجبَها بالجوْرِ مقرونُ
ماذا الذي يصنعُ الطاعونُ في بلدٍ / في كلِّ يومٍ لهُ بالظلمِ طاعونُ
قالوا فسادُ الهواءِ يُردي
قالوا فسادُ الهواءِ يُردي / فقلتُ يردي هوى الفسادِ
كم سيئاتٍ وكم خطايا / نادى عليكم بها المنادي
شوقٌ وتَوْقٌ إلى منْ فيضُ نائلِهِ
شوقٌ وتَوْقٌ إلى منْ فيضُ نائلِهِ / في منزلي وفؤادي في منازِلِه
ما كانَ أقربَ وقتاً كانَ بينهما
ما كانَ أقربَ وقتاً كانَ بينهما / كأنه الوقتُ بينَ الوِرْدِ والغَرَبِ
ديارُ مصرَ هي الدنيا وساكنُها
ديارُ مصرَ هي الدنيا وساكنُها / همُ الأنامُ فقابلْها بتقبيلِ
يا مِنْ يباهي ببغدادَ ودِجْلَتها / مصرُ مقدمةٌ والشرحُ للنيلِ
مَن انتهى طيشُهُ في المخزيات إلى
مَن انتهى طيشُهُ في المخزيات إلى / هذا المقامِ عليهِ لعنةُ الباري
ولستُ عن مالكٍ أرضى بنائبةٍ / عن خازِنِ العلمِ أو عن خازن النارِ
اللهَ اللّهَ لا تبقوهُ في حلب
اللهَ اللّهَ لا تبقوهُ في حلب / يا أهلَ مصرَ وفينا راقبوا اللَّهَ
دأباً يذمُّ فنونَ العلم محتقراً / بها ومَنْ جَهِلَ الأشياءَ عاداها
قاضٍ عن الناسِ غيرُ راضٍ
قاضٍ عن الناسِ غيرُ راضٍ / مباهتٌ خالطٌ مغالِطْ
يكذبُ عن مالكٍ كثيراً / ويسقطُ العدلَ وهو ساقطْ
وقاضياً ماضياً في الشر مجتنياً
وقاضياً ماضياً في الشر مجتنياً / للخير من سيئاتِ الدهرِ محسوبا
يرى إباحةَ أعراضٍ محرَّمةٍ / متى نرى شكلَهُ المكروهَ مندوبا
واللهِ لو أن حَماماتِكم وقعتْ
واللهِ لو أن حَماماتِكم وقعتْ / على الرجالِ لما ولّيتمُ هذا
ضاري الطباعِ سرورُ الناسِ يُحزِنُهُ / ولا انشراحٌ لهُ إلاّ إذا آذى
مَنْ كانَ في علمه دخيلا
مَنْ كانَ في علمه دخيلا / فللولاياتِ لا يليقُ
لا سيَّما منصبٌ جديدٌ / فكفؤُهُ عالمٌ عتيقُ
باللهِ يا أولياءَ مصر
باللهِ يا أولياءَ مصر / خذوهُ من عندِنا بسترِ
متى رأيتُمْ وهلْ سمعتم / بأن قاضي القضاةِ حَمْري