المجموع : 13
يا عصر قد حسدتك اليوم أعصارُ
يا عصر قد حسدتك اليوم أعصارُ / الأمر شورى وكل الناس أحرارُ
تنوّع الخير مرئياً ومستمعاً / فلتجتل الخير أسماع وأبصار
حسب الليالي من الإحسان ما وهبت / وربما أعقب الإقلال إكثار
ولو على قدر ما نرضى تجود لنا / لم يبق من سيبها للغير مقدار
في ذمة الله آباء لنا سلفوا / لم يبلغوا الدرب إلا أنهم ساروا
إن لم يكن لهمُ من بعدهم أثرٌ / الحمد لله إنا نحن آثار
الدار تبكي على ايامهم حزناً / ونحن تضحك في أيامنا الدار
إن الجدود التي قد أقصرت معهم / جدّت فليس لها من بعد اقصار
وربما تبلغ الهمات منزلة / ليست تؤمل لولا السيف والنار
الناس تحت قيود الأسر قد وقعوا / دهراً ومذ أدركوا حرية طاروا
أهلاً بفاتنة الأطيار داعية / لله ماذا دعت في الروض أطيار
استنشيها على أفنانها سحراً / فإنما تبعث الأشجان أسحار
إذا تهادى بريّاك النسيم ضحى / في الروض تعتنق الأشجار أشجار
هل ثامر الغصن يستصبي وزاهرهُ / إن لم تعش بك أثمار وأزهار
هذي الأغاني التي تلقين ساحرة / وذي المعاني التي توحين أسحار
تجري السجايا بها في النفس سانحة / وتغتدي وهي في الأفواه أشعار
تزين تيجان أقوام إذا عدلوا / تشين تيجان أقوام إذا جاروا
تظل من بلد تخطو إلى بلد / مستطردات لها في الكون أسفار
تطوى الفجاج لها طياً إذا طردت / كأن أميالها في الطول أشبار
مضى زمان الهجان البزل منقرضاً / وللبخار كما للبزل أدوار
عاش الرجال الذي قد كنت أثمرهُ / وللرجاء بطول الصبر أثمار
هوى من الأفق نجم لم ينر أبداً / لما أهابت به صيحات من ثاروا
لم ينظرالقدر المحتوم حين دها / وكان في كل جزء منه منظارُ
واستطلع الشرق أقماراً به احتجبت / دهراً فكم في سماهُ اليوم أقمارُ
إخواني الصيد لا فُلّت لكم همم / هذا الثناء الذي تبغون مختارُ
يبقى تراثاً لقوم يفخرون به / إذا توالت على الأعقاب أعصارُ
إن المعالي لم تنفد عرائسها / بل لا يزال لها كالغيد أبكارُ
تبدي صدوداً فإن لانت عرائكها / جادت وعاقبة الإعسار إيسارُ
كنا نمرّ بأقطار فنغبطها / وكم أثارت شجون الناس أقطارُ
حتى إذا رجعت للمُلك نضرتهُ / أبدت لنا مصرُ ما أبدتهُ أمصارُ
هذا الإخاءُ بنا شُدّت أواصرهُ / تقسّمتهُ قلوب فهو أشطارُ
يسير من مهج منا إلى مهج / فينا فتمضي الليالي وهو سيّارُ
كالكهرباء إذا الأيدي بها اتصلت / ينساب منها إلى الأجسام تيّارُ
إن كان للمُلك أنصار تؤيدهُ / بالشرع أنا لهُ بالعقل أنصارُ
نسعى ويسعون والآمال واحدة / وإن تناءت عن الأفكار أفكارُ
إيهٍ بني الشرق ن الشرق ينظركم / هذي النجوم التي في الأفق أنظارُ
وكلما جاء تموز بموكبه / فذاك من قبل الأيام إنذارُ
تفتر عنهُ الليالي وهي مشرقة / كأن ظلماءها للناس أنوارُ
فكم يكتّم من سرّ تطالعه / وتحتهُ من خفايا الدهر أسرارُ
السحر لا تدرك الألباب معجزهُ / كذاك تموز للألباب سحارُ
هنّئتموا بإخاء كان مختفياً / بين القلوب فحان اليوم إظهارُ
لم يستجدّ ولكنّا نكررهُ / وهكذا يستديم الود تكرارُ
لا تذكريني فإن الذكر يرجع لي
لا تذكريني فإن الذكر يرجع لي / عادات وجدي في أيامي الأول
وعالجيني بيأس منك ينفعني / البرء باليأس ينسي السقم بالأمل
طاب التجافي فلا تأساك قسمته / إذا مللت فما يشكيك من مللي
لسائم الود أما ينصرم بدل / منه وليس لراعي الود من بدل
دعي ليالي أوطاني تطالبني / بها فلا تشغلي نفسي بلا شغل
وكفكفي الدمع هذا الدمع يفتنني / أشجى الشكايات عندي أدمع المقل
هي اللآلئ تطفو في المحاجر لا / تختار للسبح إلا موضع الكحل
لو لم أكن شاعراً أصبحت حاسداً / فلؤلؤ الدمع منه لؤلؤ الغزل
خلافة قد مضى عنها خلائفها
خلافة قد مضى عنها خلائفها / من آل عثمان من سادوا ومن شادوا
أبقوا بها المجد للأخلاف بعدهمو / والمجد يبقيه للأخلاف أمجاد
حتى انتهت لأمير في تسلطه / يخشى مظالمه عاد وشداد
يا ويلنا إنما نبكي لنا وطناً / يبكيه في الترب آباءٌ وأجداد
لو يعلم المهد ما يكون
لو يعلم المهد ما يكون / من بعده ذخره الثمين
لبات حرصاً به ضنيناً / وذو الغوالي بها ضنين
يظل يهفو به حنين / إذا شجا ربه حنين
يصر في ميله صريراً / كأنه تحته أنين
يا حبذا الوجه حين يبدو / من فوقه ذلك الجبين
حسن تشك العقول فيه / وينتهي عنده اليقين
لما تجلى بها صباها / وجاولت عينها العيون
وأقبلت تنثني دلالاً / كما انثنت قبلها الغصون
أطاعها الحب في البرايا / فكيف كانت لهم يكون
تحاجزت دونها الأماني / وأوقفت عندها الظنون
امست وعشاقها ملوك / أضحت وأخوانها قيون
فوجهها للعلا وفي / وقلبها للهوى خؤون
وجسمها في الورى عزيز / وقدرها عندهم مهين
وكم قصور بها حسان / أحب منها لها السجون
ملت سهول الحياة رغماً / وأعجبتها بها الحزون
في أوج تلك السماء شمس / تغضي لاشراقها الجفون
لم يستقر الفؤاد منها / بينا خفوق إذا سكون
وما خلا من جوى فاءما / مضت شجون أتت شجون
أستسلمت للزمان طوعاً / إذا قسا صرفه تلين
تشتاق في عزها ذويها / وحصنها دونهم حصين
حتى م هذي القيود تبقى / يا رب قد كلت المتون
نويت تقبيلها بالوهم من كلف
نويت تقبيلها بالوهم من كلف / بها فأثر في الخدين تقبيلي
ولاح من خجل في وجهها عرق / كأنه أدمعي في طرف منديلي
يا فتنة جعل الله القلوب لها
يا فتنة جعل الله القلوب لها / مسخرات تعالى الله باريك
لقد تنزهت عن شبه وعن مثل / فليس غيرك بين الناس يحكيك
إني لأرضى بموتي لو رضيت به / لكن أخاف فموتي سوف يبكيك
تنأى فديتك آمال مكذبة
تنأى فديتك آمال مكذبة / لم تبق ذكراً ولا هيأت سلوانا
قد كان ما كان من قلبي ومن نظري / يا ليت ما كان قبل اليوم ما كانا
مالي وللشعر أبقيه لطالبه
مالي وللشعر أبقيه لطالبه / وصيري حصتي في مرسل الشعر
إني أحبك حباً لا اتصال له / بعلة أنت في قلبي وفي فكري
سعى بحبك لي في أصله قدر / فأنت في قدري والحب في قدري
يعلو بها الحسن ما يعلو وأتضع
يعلو بها الحسن ما يعلو وأتضع / قد ذل اهل الهوى يا رب ما صنعوا
اسعى لأرضيها والسعي يغضبها / فشرعة الهجر في الحالين لي شرع
حب سأتضي له بالدمع واجبه / هيهات لو كنت عيناً فيه أدمع
يا نازعين ووجدي غير منتزع / بالله عودوا فقد جار الألى نزعوا
لا تستذلوا عزيزاً من بني يكن / آباؤه أخضعوا الدنيا وما خضعوا
لم ينقطع في الهوى عني البكاء لكم / ليس البكاء عن الولهان ينقطع
أظل أنشد للأفلاك مظلمتي / والدهر يرثى لها والله يستمع
إني اخترعت المعاني في محاسنكم / كذاك أهل الهوى من قبلي اخترعوا
فلا سكت على عجز كمن سكتوا / ولا سجعت بمطروق كمن سجعوا
وهذه من بقايا الفكر واحدة / أظل أتبعها نوحي فيتبع
ما زلت أتبع قلبي في رضائكم / حتى استحال وقد أودى به الطمع
كذاك يصدع قلباً يأيه أسفاً / إن القلوب بطول اليأس تنصدع
بين فروق وبين مصر
بين فروق وبين مصر / نهجان في البحر والسماء
فمن يشأ في العباب يجر / ومن يُرد يسمُ في الجواء
الناس ملوا من المطايا / فجاء في بعدها البخارُ
وملّه أكثر البرايا / ثم اعتلوا في السما فطاروا
السحب نابت عن الأرائك / لمعشر قد رقوا إليها
وضجت الطير والملائك / في إثرهم حسرة عليها
وقفت بالدار أبكي رسمها العافي
وقفت بالدار أبكي رسمها العافي / ما كل ذي شجن مثلي بوقاف
سفى عليها الصبا المختال تربتها / لاكنت يا ذا الصبا لاكنت من ساف
قد ابعدتني عن الألاف أزمنة / عدت علينا فوا شوقي لألافي
ماذا أحمل قلبي من بعادهم / تأتي المصائب آلافاً بآلاف
ليست لواعج أشواقي بخافية / كلا ولا لاعج في العشق بالخافي
ما ضر من اسعفته في مطالبه / لحاظه لو سعى يوماً لإسعافي
لو كنت أدعو على الجافي خشيت على / قلب هنالك ادرى أنه الجافي
أليس يكفيه ما لاقيت من حزن / بلى وربك مالاقيته كاف
أهوى رضاه وأهوى أن يعذبني / سان في حبه ظلمي وانصافي
كأنها من شعاع النفس قد خلقت
كأنها من شعاع النفس قد خلقت / فليس يدركها نقص ولا دنس
تزكو شمائلها في روح عاشقها / كما زكا بأريج الوردة النفس
لا الصبر يرجى ولا السلوان ينتظر
لا الصبر يرجى ولا السلوان ينتظر / قد جل يومك في الأيام يا عمر
ويح القلوب التي أسكنتها أزلاً / ماذا عليك من الاحزان تدخر
أن تفن منها فما ذكراك فانية / تبقى الهيولى وتفنى وحدها الصور
خط الوجود لنا في بعضه خططاً / هي الكنوز ولكن أسمها حفر
أن يخل ريع الصبا ينزل مرابعها / أو يندثر أثر يظهر بها أثر
تجاورت عندها الأحساب فالتحمت / أن الورى أسرة في الارض لا أسر
أن تذو يا غصن مصر في حديقتها / فحسبها منك أن قد أينع الثمر
تنبو الحوادث عن أهرامها قعساً / وليس يأبى على أهرامها الكبر
الناطقات لمصر وهي صامتة / والشاهدات لمصر وهي تفتخر
بك النواظر والأفواه في شغل / كلا الفريقين فيه جمت الدرر
تسابقت فيك لا تألو عزائمها / وقصرت فاتتك اليوم تعتذر
يثني عليك رجال الفضل ما ذكروا / وتستطيب المعالي كل ما ذكروا
تبقى مساعيك فيهم سلوة لهم / يجري الصغار عليها إن هم كبروا
ما بعد مجدك للآمال مطرح / وليس بعدك في الأمجاد منتظر
لا زال قبرك بالريحان مزدهراً / فكل قلب به أسكنت مزدهر